من الأمور اللافتة تاريخياً وبشكل صارخ ولا يمكن ألا يلحظه المرء. كل هذا الإنكار والطمس للعروبة وتعميتها سواء تحذيرات مثل: وثيقة كامبل بنرمان (1906) من نهوض هذه العروبة أو من استهداف الغرب لها منذ ثلاثة قرون ناهيك عن الاستعمار العثماني/التركي الذي يجدد نفسه وخلق تياراً متأسلماً يصر على ان الخلافة والمرجعية في إستانبول وبأنه (طز على الوطن/مهدي عاكف مرشد إخوان مصر في تمسكه فقط بالدين)، وكل هذا خصيصاً لطمس الهوية العربية. واليوم، دعونا بحسن نية وبشكل صريح نقول بأن إيران الحليف تقع في الخطيئة نفسها.
الدين وأي دين ومهما كان فهو ليس وطناً وبالتالي ليس أمة ولا قومية بالطبع. الدين ثقافة يمكن أن يكون محصوراً كاليهودية أو عالمياً كما الإسلام والمسيحية. وحده الدين اليهودي الذي حصر نفسه في أُناس ليحصر الوطن المحتل لهم باسم الدين.
الدين في السماء والوطن والأمة في الأرض.
نلاحظ ميولاً واضحة لتجريد فلسطين من كونها عربية لتسميتها إسلامية وفقط! بينما مثلا تركيا تعتبر نفسها أولاً تركيّة طورانية وإيران تعتبر نفسها إيرانية او فارسية. وليس لنا عليهم لومٌ أبداً في هذا فذلك حقهم تماماً كما هي فرنسا فرنسية وألمانيا المانية رغم انهما مسيحيتان..
والسؤال:
لماذا تُنزع العروبة عن وطنها وأهلها وحتى عن دينها ليُقال فلسطين الإسلامية ويوم القدس الإسلامية؟!
لماذا ليستا عربيتين إسلاميتين وهذه حقيقتهما فعلاً؟
ثم ماذا تصنعون بالمسيحيين العرب؟
هل هم احتلال، هل هم طارئون وعابرون في زمان عابر؟
ألا تعلمون أن أخطر ما اشتغل عليه الاستعمار والصهيونية هو تهجير العرب المسيحيين إلى أوروبا؟!
يوم القدس..
شاهدت يوم أمس نشاط قنوات المنار والميادين والعالم وهي قنوات إيرانية الهوى والخطاب. حتى الآن لا بأس ولا مشكلة.
سخَّرت النهار للبث عن يوم القدس. لم اشاهد هكذا تسخيراً لصالح يوم الأرض!!
غريب!
أليست القدس أرضاً؟ أم هي شيء افتراضي ميتافيزيقي لغوي لاهوتي؟!
أليس الأقصى مكاناً. أليست القدس والأقصى جزء من فلسطين الأرض؟
لماذا التركيز على مكان العبادة وعلى حساب كل الأرض؟ وما معنى تركيز البعض على أن الأقصى خط أحمر وماذا بشأن قتل البشر في كل فلسطين؟
وما معنى أن الضفة فقط (وهي جزء فقط) ودون غيرها هي درع القدس؟!
وماذا بشأن حيفا والناصرة؟
ما هو السر في الاحتفال الشكلي بيوم الأرض وهو الأساس والأشمل بينما الاحتفاء والاحتفال والتعظيم بيوم القدس؟
يوم الأرض جرى خلقه بنضال فدائيي 1948 ميدانياً على الأرض وكان الدم والقتل والقمع.
يوم القدس طرحه الإمام الخميني في فترة حماسته لتصدير الثورة. تصديرها إلى المسلمين في العراق وسورية وهذه ليست اتهاما ولكنها توصيف لما حصل وليس فيه اي إنكار لما قدمته إيران لفلسطين.
ومع ذلك لا بأس، ليتم الاحتفال والاحتفاء بما طرحه السيد الخميني، ولكن لماذا لا تُذكر عروبة القدس وعروبة الإسلام؟
من كان هواه دينياً فمن الطبيعي أن يذكر عروبة القدس لأن القدس عربية كنعانية قبل كل الأديان.
الخوف هو إن التركيز على إسلامية القدس دون عروبتها يعني ان من حق اليهود أن يزعموا أن القدس يهودية، ومن حق الفرنجة أن يقولوا القدس إفرنجية.
لماذا لا يستطيع البعض حتى نطق كلمة عرب؟
لا يحمي إسلامية القدس سوى عروبتها. لأنها عربية.
أكرر استمعت لحديث كثيرين يوم أمس عن القدس.
لم يجرؤ أي عربي ممن تحدثوا لا طلال ناجي ولا الخزعلي ولا الأخ زياد نخالة ولا سيد المقاومة ولا مزهر على ذكر صلاح الدين الأيوبي الذي حرر القدس، وإلا لكانت اليوم تابعة لأسقف كنتربري في لندن! أليس وراء هذا خوف طائفي؟ أم إغراء ما أم أمر ما!
لم يذكر اي شخص كلمة العرب، وكأن القدس في طهران!
وحده من خطب من جنين ذكر العرب ويا للسخرية ذكرهم كمطبعين!
ألا يكشف هذا أن هناك غسيل دماغ ضد العروبة؟
كلما ذكرنا العروبة يخرج البعض ليهاجمنا و يحدثنا عن (جرائم صدام) !!
لا أود الإطالة، ولكن أية مقاومة يسيطر عليها المال سوف تلحق بالمقاومة التي دفنت أبطالها وأبقت هياكل فارغة وها نحن نلملم الوطن بعد ما فعلت ذلك.
_________
ملاحظة من “كنعان”: “كنعان” غير مسؤولة عن الآراء الواردة في المقالات، بل هي تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم … تابع القراءة ….