نشرة “كنعان”، 17 ابريل 2023

السنة الثالثة والعشرون – العدد 6522

في هذا العدد:

هل تفقد الجهاد نكهتها الأصلية؟ عادل سماره

تطورات الكيان الصهيوني (حلقة 5):

  • تقديرات صحافيين صهاينة بزوال الكيان
  • آرييه شبيط من عنجهية المستعمِر…إلى الاستسلام

بكائية بغداد، أحمد حسين

شو جاب بغداد عبالك! عادل سماره

✺ ✺ ✺

هل تفقد الجهاد نكهتها الأصلية؟

عادل سماره

منذ بدايتها باعدت الجهاد بينها وبين الأنظمة السياسية وحتى بينها وبين التسوية في الأرض المحتلة اي اتفاقات أوسلو، ولم تشارك في الانتخابات لا لمجلس الحكم الذاتي ولا لرئاسة السلطة، ونحن العروبيين ايضاً لم نشارك ولن نشارك وإن كنا لسنا تنظيماً.
كان هذا التعفف جميلاً ومقبولاً.
وقد يكون موقف الجهاد في عدم الدفاع عن سوريا التي تحتضنها هي وغيرها ضمن توجهها أعلاه أي الابتعاد عن الصراعات الداخلية في اي بلد، وهو موقف اتخذته مختلف الفصائل الفلسطينية وهي على أرض سوريا باستثناء القيادة العامة في حياة الراحل أحمد جبريل وكذلك فتح الانتفاضة.
ولنقل بأن واجب سوريا استضافة أي فصيل يناضل من أجل فلسطين، لكن حين تصبح سوريا نفسها مهددة بالتقويض يُفترض أن تدافع هذه الفصائل عن سوريا لأن ذلك دفاع عنها نفسها. هذا ما أوضحه حزب ذي العمامة بأن دفاعه عن سوريا كان على الأقل كي لا يصل الإرهاب إلى لبنان. طبعاً أُتهم أنه يدافع عن ضريح السيدة زينب، وهذا اتهام بائس ووضيع، وحتى لو دافع عن الضريح أو المقام، اين المشكلة!
صحيح أن موقف الجهاد اختلف عن حماس التي شاركت في الإرهاب ضد سوريا، وهي في سوريا! ولم يكن ذلك عن جهل أو صدفة بل كان بالارتباط مع مشروع إرهاب الدين السياسي المرتبط بالإمبريالية وأنظمة الخليج وغيرها من الأنظمة العربية في ما اسميته “الاستشراق الإرهابي”. كان الوهم أن سوريا ساقطة في اسابيع، أشهر لا أكثر.
صمدت سوريا طبعاً بعد جراح قاربت الموت، وجرى دعمها من إيران ومن حزب ذي العمامة وأحزاب القومي السوري ومتطوعين عرباً…الخ ولاحقاً عام 2015 من روسيا.
ولكن هناك ما يجب قوله هنا بأن صمود سوريا هو الذي أعطى الداعمين والمشاركين دفعة المشاركة. نقول هذا لأن كثيرين من إيران ولبنان والروس يروجون بأنهم هم الذين ثبَّتوا سوريا.
ولكن، لولا أن سوريا كانت هناك وجيشها كان صامداً أمام حرب عالمية لما غامر أحد بالتورط في ميدان مجافي له تماما، بمعنى أنه في مناخ سوري متهالك يكون الحليف قد دخل للانتحار.  
إن تقييم الأمور كما يطرحها الحلفاء ، ولو سراً في تثقيف أحزابهم أو نظامهم…الخ هكذا، هو في الحقيقة:
أولاً: تبخيس لتضحيات الجيش العربي السوري والإيقاع في العقول المرتجة وهم أن الحلفاء هم الذين حققوا النصر، وهذه عقول استدخلت الهزيمة بل مهزومة تكويناً.
وثانياً: تقليل حجم العدوان وهو مئات آلاف الإرهابيين المُفعمين بالرغبة في الانتحار وحتى المثليين المفعمين بالشبق الجنسي ومجاهدات النكاح (أنظر كتابي جهاد النكاح 2013،  ص ص 87-126  وخاصة عن المثليين المتطوعين ضد سوريا)، أي لم يبق اي صنف إلا وشارك ، وإنفاق 2 ترليون من الدولارات على ذلك، ودعمهم من اكثر من ثمانين دولة، ويكفي أن نعرف أن الإرهابيين كانت في خدمتهم الأقمار الصناعية وخبراء إرهاب في حرب العصابات/الغوار من الغرب وكانت لديهم كافة الأسلحة بما فيها وحدات الدبابات ومضادات الطيران. وقد تكون هذه أول حرب عصابات مزدوجة بمعنى أنها من يومها الأول مكونة من :

·       غواريين

·       وجيش نظامي معاً! لم تعوزه سوى الطائرات المقاتلة والتي استعاض عنها بالعدوان الصهيوني المتكرر ضد سوريا.

نعود إلى عدم مشاركة معظم الفصائل الفلسطينية في الدفاع عن سوريا كمستضيفة لها، ولا نقول كقطر عربي وأيضا عروبي أكثر من اي قطر آخر ربما لأنه في عاصمة الأمويين، لأن هذه الفصائل لو كانت عروبية لما ترددت في المشاركة في الدفاع. وعدم المشاركة هو تطبيق لقاعدة فاشلة في م.ت.ف اي عدم التدخل في الشؤون العربية بينما كل نظام عربي تدخل في كل امورها.

والسؤال: هل كانت الفصائل في سريرتها متأكدة أن سوريا منتهية وبالتالي لتحفظ خط الرجعة فيقبل بها النظام المتوقع!
أميل إلى القول نعم.
ولكن، كيف كان سيكون دورهم بما هم فصائل لتحرير فلسطين حين يكون في سوريا نظام دين سياسي أمريكي تركي اي صهيوني!
وهذا يعيدنا إلى الجهاد الإسلامي.
يمكن للمرء أن يفهم علاقة الجهاد بإيران التي لا شك توفر لهم السلاح والمال ولا توفره لغيرهم إلا بمعيار ديني، كما توفر قطر لحماس. وهذا ما قاله الراحل أحمد جبريل بالفم الملآن على فضائية “الميادين”: “إيران قالت لي حوِّل اسم منظمتك إلى الإسلامية وخذ ما تريد”. وقال ايضاً: “إذا كانت إيران مع النضال للتحرير فلتأتي وتشارك قتالياً”.
الشرط الإيراني على جبريل طبيعي بما هي نظام دين سياسي من جهة وقومي من جهة ثانية وهذا شأنهم أن يُساعدوا من منظور ديني، لا باس ولا عيب.

أذكر هذه الأمور لأصل إلى أمر آخر هو الأهم، وهو زيارة السيد زياد النخالة إلى العراق!

فالزيارة بهذه العلنية ذكرتني بشهيدين: وديع حداد وقاسم سليماني.

فلو كان تحرك وديع حداد بهذه العلنية لما عاش سوى شهوراً. ولأن سليماني كان علنياً كان اغتياله سهلاً ولا أدري، ربما هناك من تآمر عليه ولكن جرى طوي الفضيحة. طبعاً للسيد نخاله تصرفه كما يرى، ولكن:

كيف لمجاهد فلسطيني أن يزور نظام طائفي صهيوني امريكي وفاسد علانية؟

والزيارة متى؟  في ذكرى سقوط بغداد العربية؟

يمكن أن يقول لي شخص: “يا عمي إحنا دين سياسي لا نؤمن بالقومية ولا بالأمة العربية”؟

تمام، معه حق.

ولكن أنت فلسطيني وهذا النظام أمريكي منذ 2003، بل قبل ذلك بعقود وحتى اليوم والسلطة بأيدي تلاميذ تم توليدهم سفاحاً وتوطينهم في مستوطنة المنطقة الخضراء التي أقامتها أمريكا. وهل يجرؤ تلميذ أو أداة أمريكا أن يقف مع مجاهد فلسطيني يجاهد ضد الكيان الذي هو جوهرياً أمريكا!

كيف يمكن لك يا سيد زياد نخاله أن تصافح هؤلاء؟

هل اقنعك تركيز وتكرار صاحب العمامة المتواصل بأن العراق في المحور! والعراق تحتله أمريكا؟ فمطار بغداد بيد امريكا وقواعد الجيش العربي العراقي بأيدي جيش أمريكا، وسفارة أمريكا في العراق بمساحة قطاع غزة فهل هذه السفارة “تكية” لإطعام الفقراء!

لو قلت لك أن زيارتك أتت خدمة لشطف وجه هذا النظام الطائفي وتسويقه ولا أدري من اجل ماذا بعد. وللدقة، هذا النظام ليس شيعياً، لا يمثل الشيعة العرب بل قشرة شيعية لا عروبية، هل اكون متجنياً؟

هل سمعت مثلا نوري المالكي الذي قال وهو رئيس وزراء بأن تسعين في المئة من عمليات الإرهابيين ضد الشعب العربي العراقي هي من فلسطينيين! (طبعا هو لا يقول العربي) . لا شك أنك صافحته، ولا فرق هو أو غيره في المنطقة الخضراء كلهم مالكي عبادي علاوي ربيعي كاظمي سوداني…الخ.

دعني أنبيك بنصف صراحة: هذه الزيارة ليست من بنات قناعاتك، لذا الله في عونك.

ملاحظة: أرسل لي هذه الصورة الرفيق سوكانت شندان وهي في صفحته الخاصة به. والحقيقة أن ما دفعني للكتابة وبصراحة ليس الزيارة بل:

كيف يمكن لرفيق غير عربي وغير مسلم أن يكون عروبياً أكثر من ملايين العرب وحتى العرب الفلسطينيين!

✺ ✺ ✺

تطورات الكيان الصهيوني (حلقة 5)

  • تقديرات صحافيين صهاينة بزوال الكيان
  • آرييه شبيط من عنجهية المستعمِر…إلى الاستسلام

كنعان

إنه هو نفسه أرييه شافيت/شبيط، لا فرق. آرييه شبيط الذي في مقابلة مطولة مع إداورد سعيد (18 آب عام 2000) مارس صهيونيته وعنصريته وفوقيته على سعيد المهذب الذي ساوى بين حقنا في العودة وبين “عودة” يهودي من كندا إلى وطننا! وبدل ان يوافق سعيد على تفكيك الكيان بل تحرير فلسطين طالب بإصلاحه، إلى أن قال له شافيت:

تبدو يهوديا جداً

فرد سعيد: ” طبعاً، آخر مثقف يهودي…انا الحواري الحقيقي لأدورنو، أنا يهودي فلسطيني”

لا أريد الإطالة، كل هذا في مجلة كنعان، العدد 103، تشرين أول عام 2000، ص ص 5-24. مقالة عادل سمارة: مرفوض وهو مفرط بحق العودة: المكانة الحقيقة لإدوارد سعيد و…لدى الصهيونية)

لكنه شافيت/شبيط الذي بعد عنجهيته عام 2000 يستسلم اليوم.

✺ ✺ ✺

حيان نيوف يلخص كتابات صحافيين من الكيان

#اقرأ_عدوّك :

يقول الكاتب اليهودي الاسرائيلي آري شبيط في مقاله: ” يمكن أن يكون كل شيء ضائعاً، ويمكن أننا اجتزنا نقطة اللا عودة، ويمكن أنه لم يعد من الممكن إنهاء الاحتلال ووقف الاستيطان وتحقيق السلام، ويمكن أنه لم يعد بالإمكان إعادة إصلاح الصهيونية وإنقاذ الديمقراطية وتقسيم البلاد.

إذا كان الوضع كذلك، فإنه لا طعم للعيش في البلاد، وليس هناك طعم للكتابة في هآرتس، ولا طعم لقراءة هآرتس. يجب فعل ما اقترحه روغل ألفر قبل عامين، وهو مغادرة البلاد. إذا كانت الإسرائيلية واليهودية ليستا عاملاً حيوياً في الهوية، وإذا كان هناك جواز سفر أجنبي، ليس فقط بالمعنى التقني، بل بالمعنى النفسي أيضاً، فقد انتهى الأمر. يجب توديع الأصدقاء والانتقال إلى سان فرانسيسكو أو برلين.

من هناك، من بلاد القومية المتطرفة الألمانية الجديدة، أو بلاد القومية المتطرفة الأميركية الجديدة، يجب النظر بهدوء ومشاهدة دولة إسرائيل وهي تلفظ أنفاسها الأخيرة. يجب أن نخطو ثلاث خطوات إلى الوراء، لنشاهد الدولة اليهودية الديمقراطية وهي تغرق. يمكن أن تكون المسألة لم توضع بعد.

ويمكن أننا لم نجتز نقطة اللا عودة بعد. ويمكن أنه ما زال يمكن إنهاء الاحتلال ووقف الاستيطان وإعادة إصلاح الصهيونية وإنقاذ الديمقراطية وتقسيم البلاد.

يضع شبيط إصبعه على الجرح، بل في عين نتنياهو وليبرمان والنازيين الجدد، ليوقظهم من هذيانهم الصهيوني، بقوله أن باراك أوباما وهيلاري كلينتون ليسا هما اللذان سينهيان الاحتلال.

وليست الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي هما اللذان سيوقفان الاستيطان. القوة الوحيدة في العالم القادرة على إنقاذ إسرائيل من نفسها، هم الإسرائيليون أنفسهم، وذلك بابتداع لغة سياسية جديدة، تعترف بالواقع، وبأن الفلسطينيين متجذرون في هذه الأرض. ويحث على البحث عن الطريق الثالث من أجل البقاء على قيد الحياة هنا وعدم الموت.

الإسرائيليون منذ أن جاؤوا إلى فلسطين، يدركون أنهم حصيلة كذبة ابتدعتها الحركة الصهيونية، استخدمت خلالها كل المكر في الشخصية اليهودية عبر التاريخ.

ومن خلال استغلال ما سمي المحرقة على يد هتلر «الهولوكوست» وتضخيمها، استطاعت الحركة أن تقنع العالم بأن فلسطين هي أرض الميعاد، وأن الهيكل المزعوم موجود تحت المسجد الأقصى، وهكذا تحول الذئب إلى حمَل يرضع من أموال دافعي الضرائب الأميركيين والأوروبيين، حتى بات وحشاً نووياً.

فقد أكد علماء آثار غربيون ويهود، من أشهرهم «إسرائيل فلنتشتاين» من جامعة تل أبيب، أن الهيكل أيضاً كذبة وقصة خرافية ليس لها وجود، وأثبتت جميع الحفريات أنه اندثر تماماً منذ آلاف السنين، وورد ذلك صراحة في عدد كبير من المراجع اليهودية، وكثير من علماء الآثار الغربيين أكدوا ذلك.

وكان آخرهم عام 1968 م، عالمة الآثار البريطانية الدكتورة «كاتلين كابينوس»، حين كانت مديرة للحفائر في المدرسة البريطانية للآثار بالقدس، فقد قامت بأعمال حفريات بالقدس، وطردت من فلسطين بسبب فضحها للأساطير الإسرائيلية، حول وجود آثار لهيكل سليمان أسفل المسجد الأقصى.

حيث قررت عدم وجود أي آثار أبداً لهيكل سليمان، واكتشفت أن ما يسميه «الإسرائيليون» مبنى إسطبلات سليمان، ليس له علاقة بسليمان ولا إسطبلات أصلاً، بل هو نموذج معماري لقصر شائع البناء في عدة مناطق بفلسطين، وهذا رغم أن «كاثلين كينيون» جاءت من قبل جمعية صندوق استكشاف فلسطين، لغرض توضيح ما جاء في الروايات التوراتية، لأنها أظهرت نشاطاً كبيراً في بريطانيا في منتصف القرن 19 حول تاريخ «الشرق الأدنى».

لعنة الكذب هي التي تلاحق الإسرائيليين، ويوماً بعد يوم، تصفعهم على وجوههم بشكل سكين بيد مقدسي وخليلي ونابلسي، أو بحجر جمّاعيني أو سائق حافلة من يافا وحيفا وعكا.

يدرك الإسرائيليون أن لا مستقبل لهم في فلسطين، فهي ليست أرضاً بلا شعب كما كذبوا. ها هو كاتب آخر يعترف، ليس بوجود الشعب الفلسطيني، بل وبتفوقه على الإسرائيليين، هو جدعون ليفي الصهيوني اليساري، إذ يقول:

يبدو أن الفلسطينيين طينتهم تختلف عن باقي البشر، فقد احتللنا أرضهم، وأطلقنا عليهم الغانيات وبنات الهوى، وقلنا ستمر بضع سنوات، وسينسون وطنهم وأرضهم، وإذا بجيلهم الشاب يفجر انتفاضة الـ 87.. أدخلناهم السجون وقلنا سنربيهم في السجون.

وبعد سنوات، وبعد أن ظننا أنهم استوعبوا الدرس، إذا بهم يعودون إلينا بانتفاضة مسلحة عام 2000، أكلت الأخضر واليابس، فقلنا نهدم بيوتهم ونحاصرهم سنين طويلة، وإذا بهم يستخرجون من المستحيل صواريخ يضربوننا بها، رغم الحصار والدمار، فأخذنا نخطط لهم بالجدران والأسلاك الشائكة..

وإذا بهم يأتوننا من تحت الأرض وبالأنفاق، حتى أثخنوا فينا قتلاً في الحرب الماضية، حاربناهم بالعقول، فإذا بهم يستولون على القمر الصناعي عاموس ويدخلون الرعب إلى كل بيت في إسرائيل، عبر بث التهديد والوعيد، كما حدث حينما استطاع شبابهم الاستيلاء على القناة الثانية.. خلاصة القول، يبدو أننا نواجه أصعب شعب عرفه التاريخ، ولا حل معهم سوى الاعتراف بحقوقهم وإنهاء الاحتلال.

✺ ✺ ✺

بكائية بغداد

أحمد حسين

إلى العروبيين في ذكرى سقط بغداد

(ضمن كتابنا “أحمد حسين: الرفض المشتبك”، 2023)

إن قلتَ شعراً فأكملْه على عَجَلِ

قبل انصرافِ يدِ الرَّاوي عن الوَتَرِ

فِردَوْسُ ملحمةٍ غَنّى الوجودُ بها

وحان أن تُسدلَ الذكرى على الخبرِ

رحلتَ فيها إلى عشقٍ فلم ترَها

إلا التفاتةَ صوفيٍّ إلى قمرِ

تسري ملامحُها في خاطرى شغفاً

غِيدُ الظنون إلى غِيدٍ من الصّوَرِ

أم المدائن أم آثارُ عابرةٍ

على الطريقِ محاها الغيم بالمطر

بغداد دارٌ على المعنى ومنزلةٌ

بين الحلول ومشي الناس في الأزرِ

بغدادُ من فَرَحِ الدنيا على زمنٍ

لولاه لم ينتقل بدو إلى حضرِ

ولا استفاقت خطىً في رَدْهةٍ عَبرَتْ

فيها من الزمن الأعمى إلى البصرِ

لو كُنتَ تُشبهني موتاَ شربتَ معي

خمر الفجيعة في كأسٍ من العِبَرِ

باب على الوحي خانته السماء إذا

مد الدعاء رماه النجم بالشرر

بغداد ما كان من ناس على شجر

بين الحقول ومن نخل على نهر

بغداد ما كان من نجوى ومن سهرٍ

على الحروفِ وسُمّارٍ على السَّمرِ

واليوم بغداد أيام على جدث

لو تستطيع سقته العين بالحَوَرِ

بغداد من وجع الدنيا … معلقةٌ

مثل الطّريدة بين الخوف والحذرِ

لا يستقر بها موت على جسد

أو يستقر بها هدم على أثرِ

يستعجل الحزنُ عينِي عن تَلفُّتها

لا شيء مما يُرى, كُفّي عن النظرِ

اواه بغداد ما أقساك ميتةً

أعطت من الموت ما استعصى على الخبرِ

كم كنتِ داراً لشيبي بعد أن صرفوا

عني الحكاية واستولَوا على عُمُري

لم أمشِ يوما إلى بحر تعوّدني

ولا نصبتُ أراجيحاً على شجرِ

ولا تبعتُ ابتسامات الصِّبا أرَقاً

على سفوح تلاها الحُسن كالسُّورِ

ولا بكيت على حيفا وقد جعلتْ

من البكاء مواعيدي مع السَّهَرِ

والآن أبكيكِ في حيفا فكم جمعتْ

يد النزوح فراقين على قَدَرِ

✺ ✺ ✺


شو جاب بغداد عبالك!
عادل سماره

بعد أن نشرت قصيدة أحمد حسين “بكائية بغداد” سألني مستنكراً “شو جاب العراق عبالك”. يا للهول! حتى الروس يكتبون دراسات عن سقوط بغداد واحتلالها وتدميرها حتى الإبادة، وأنت لا تتذكر وطن بأكمله! لا أدري فيمً تفكر؟ ما هذا التشنُّج الدينسياسي والطائفي”!
أقول لمن لا يفهم فقدان وطن ما يلي:
كتب الفيلسوف الكبير جورج ولهلم فريدريك هيجل:”هناك أمم بلا تاريخ”. لم يعجبني قوله لأنه يحتقر أمماً ما. لكننا نعاني نحن من أن”بعض الأمة يُنكر تاريخها ويمحوه، بل يمحو يومها الحاضر “. هؤلاء من المتخارجين، المرتبطين المنشبكين في اتجاهات عدة. من ينسى العراق من المؤكد أنه ينسى فلسطين ولا شك نسي الإسكندرون والأهواز وسبتة ومليلية…الخ. حتى لو حمل يوماً لأجل أيٍ منها السلاح لأنه حمله بدافع من أحد وبدفع من أحد، وهذا الأحد كما قال المثل: “أحصد وأدرس لبطرس”.
أقول له، بل قلت له: “سقوط بغداد كسقوط غرناطه”.
انا كنت في الأندلس عام 2000 بدعوة من جامعة مدريد المستقلة والتي بها تيار عروبي مُدهش. بالتأكيد تكرهه أنظمة التبعية لأنه يذكِّرها بعروبتها. التقيت شباب وصبايا يقولون: “‘إحنا دمنا عربي”. دُهشت. قالوا لي، كان العرب بعد هزيمتهم يُخفون المصاحف في حيطان الأبنية كي لا يعثر عليها الإسبان فيكتشفوا أن هؤلاء العرب لم يتحولوا عن الإسلام.
ثم يأتيك اليوم من يقول الحضارة الإسلامية في الأندلس، ينكرون أنها اصلا عربية وأن القرآن عربي وليس فقط باللغة العربية. غريب، وهل دخل الأندلس اي مسلم غير عربي سوى من الجزيرة أو من البربر الذين هم عرب ايضاً. يعني مثلاً هل دخل شبة جزيرة إيبريا مسلم تركي، نيجيري إيراني، أذرين باكستاني أفغاني…الخ. يا لله ما أوقحكم/ن.
كنت أنا وعناية.
واليوم أجد من يقول شو جاب العراق على بالك؟؟؟؟
في زيارتنا لإشبيليا يسمونها المستعمرون الإسبان “سيفيا” كان مرشدنا مهندس البلدية وهو من الحزب الشيوعي الأندلسي، دعوني لإلقاء محاضرة في مركز الحزب، ربما كانت أمتع محاضرة في حياتي. وخلال الشرح قال:
“حينما احتل الإسبان سيفيا”. تخيلت أنني لم أفهم.
قلت: ماذا؟
قال: ” نعم حينما احتل الإسبان سيفيا لأن هذه عربية وليست إسبانية”.
وأنا اقول العراق عربية لا طائفية واكيد ليست “بريمرية”.

________

تابعونا على:

  • على موقعنا:

https://kanaanonline.org/

  • توتير:
  • فيس بوك:

https://www.facebook.com/kanaanonline/

  • ملاحظة من “كنعان”:

“كنعان” غير مسؤولة عن الآراء الواردة في المقالات، بل هي تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو محرري نشرة “كنعان” الإلكترونية أو تبنيهم لهذه الآراء والمواقف.

ومن أجل تنوير الناس، وكي يقرر القارئ بنفسه رأيه في الأحداث، ونساهم في بناء وعيً شعبي وجمعي، نحرص على اطلاع القراء على وجهات النظر المختلفة حيال التطورات في العالم. ومن هنا، نحرص على نشر المواد حتى تلك التي تأتي من معسكر الأعداء والثورة المضادة، بما فيها العدو الصهيوني والإمبريالي، وتلك المترجمة من اللغات الأجنبية، دون أن يعبر ذلك بالضرورة عن رأي أو موقف “كنعان”.

  • عند الاقتباس أو إعادة النشر، يرجى الاشارة الى نشرة “كنعان” الإلكترونية.
  • يرجى ارسال كافة المراسلات والمقالات الى عنوان نشرة “كنعان” الإلكترونية: mail@kanaanonline.org