هل تفقد الجهاد نكهتها الأصلية؟ عادل سماره

منذ بدايتها باعدت الجهاد بينها وبين الأنظمة السياسية وحتى بينها وبين التسوية في الأرض المحتلة اي اتفاقات أوسلو، ولم تشارك في الانتخابات لا لمجلس الحكم الذاتي ولا لرئاسة السلطة، ونحن العروبيين ايضاً لم نشارك ولن نشارك وإن كنا لسنا تنظيماً.
كان هذا التعفف جميلاً ومقبولاً.
وقد يكون موقف الجهاد في عدم الدفاع عن سوريا التي تحتضنها هي وغيرها ضمن توجهها أعلاه أي الابتعاد عن الصراعات الداخلية في اي بلد، وهو موقف اتخذته مختلف الفصائل الفلسطينية وهي على أرض سوريا باستثناء القيادة العامة في حياة الراحل أحمد جبريل وكذلك فتح الانتفاضة.
ولنقل بأن واجب سوريا استضافة أي فصيل يناضل من أجل فلسطين، لكن حين تصبح سوريا نفسها مهددة بالتقويض يُفترض أن تدافع هذه الفصائل عن سوريا لأن ذلك دفاع عنها نفسها. هذا ما أوضحه حزب ذي العمامة بأن دفاعه عن سوريا كان على الأقل كي لا يصل الإرهاب إلى لبنان. طبعاً أُتهم أنه يدافع عن ضريح السيدة زينب، وهذا اتهام بائس ووضيع، وحتى لو دافع عن الضريح أو المقام، اين المشكلة!
صحيح أن موقف الجهاد اختلف عن حماس التي شاركت في الإرهاب ضد سوريا، وهي في سوريا! ولم يكن ذلك عن جهل أو صدفة بل كان بالارتباط مع مشروع إرهاب الدين السياسي المرتبط بالإمبريالية وأنظمة الخليج وغيرها من الأنظمة العربية في ما اسميته “الاستشراق الإرهابي”. كان الوهم أن سوريا ساقطة في اسابيع، أشهر لا أكثر.
صمدت سوريا طبعاً بعد جراح قاربت الموت، وجرى دعمها من إيران ومن حزب ذي العمامة وأحزاب القومي السوري ومتطوعين عرباً…الخ ولاحقاً عام 2015 من روسيا.
ولكن هناك ما يجب قوله هنا بأن صمود سوريا هو الذي أعطى الداعمين والمشاركين دفعة المشاركة. نقول هذا لأن كثيرين من إيران ولبنان والروس يروجون بأنهم هم الذين ثبَّتوا سوريا.
ولكن، لولا أن سوريا كانت هناك وجيشها كان صامداً أمام حرب عالمية لما غامر أحد بالتورط في ميدان مجافي له تماما، بمعنى أنه في مناخ سوري متهالك يكون الحليف قد دخل للانتحار.  
إن تقييم الأمور كما يطرحها الحلفاء ، ولو سراً في تثقيف أحزابهم أو نظامهم…الخ هكذا، هو في الحقيقة:
أولاً: تبخيس لتضحيات الجيش العربي السوري والإيقاع في العقول المرتجة وهم أن الحلفاء هم الذين حققوا النصر، وهذه عقول استدخلت الهزيمة بل مهزومة تكويناً.
وثانياً: تقليل حجم العدوان وهو مئات آلاف الإرهابيين المُفعمين بالرغبة في الانتحار وحتى المثليين المفعمين بالشبق الجنسي ومجاهدات النكاح (أنظر كتابي جهاد النكاح 2013،  ص ص 87-126  وخاصة عن المثليين المتطوعين ضد سوريا)، أي لم يبق اي صنف إلا وشارك ، وإنفاق 2 ترليون من الدولارات على ذلك، ودعمهم من اكثر من ثمانين دولة، ويكفي أن نعرف أن الإرهابيين كانت في خدمتهم الأقمار الصناعية وخبراء إرهاب في حرب العصابات/الغوار من الغرب وكانت لديهم كافة الأسلحة بما فيها وحدات الدبابات ومضادات الطيران. وقد تكون هذه أول حرب عصابات مزدوجة بمعنى أنها من يومها الأول مكونة من :

·       غواريين

·       وجيش نظامي معاً! لم تعوزه سوى الطائرات المقاتلة والتي استعاض عنها بالعدوان الصهيوني المتكرر ضد سوريا.

نعود إلى عدم مشاركة معظم الفصائل الفلسطينية في الدفاع عن سوريا كمستضيفة لها، ولا نقول كقطر عربي وأيضا عروبي أكثر من اي قطر آخر ربما لأنه في عاصمة الأمويين، لأن هذه الفصائل لو كانت عروبية لما ترددت في المشاركة في الدفاع. وعدم المشاركة هو تطبيق لقاعدة فاشلة في م.ت.ف اي عدم التدخل في الشؤون العربية بينما كل نظام عربي تدخل في كل امورها.

والسؤال: هل كانت الفصائل في سريرتها متأكدة أن سوريا منتهية وبالتالي لتحفظ خط الرجعة فيقبل بها النظام المتوقع!
أميل إلى القول نعم.
ولكن، كيف كان سيكون دورهم بما هم فصائل لتحرير فلسطين حين يكون في سوريا نظام دين سياسي أمريكي تركي اي صهيوني!
وهذا يعيدنا إلى الجهاد الإسلامي.
يمكن للمرء أن يفهم علاقة الجهاد بإيران التي لا شك توفر لهم السلاح والمال ولا توفره لغيرهم إلا بمعيار ديني، كما توفر قطر لحماس. وهذا ما قاله الراحل أحمد جبريل بالفم الملآن على فضائية “الميادين”: “إيران قالت لي حوِّل اسم منظمتك إلى الإسلامية وخذ ما تريد”. وقال ايضاً: “إذا كانت إيران مع النضال للتحرير فلتأتي وتشارك قتالياً”.
الشرط الإيراني على جبريل طبيعي بما هي نظام دين سياسي من جهة وقومي من جهة ثانية وهذا شأنهم أن يُساعدوا من منظور ديني، لا باس ولا عيب.

أذكر هذه الأمور لأصل إلى أمر آخر هو الأهم، وهو زيارة السيد زياد النخالة إلى العراق!

فالزيارة بهذه العلنية ذكرتني بشهيدين: وديع حداد وقاسم سليماني.

فلو كان تحرك وديع حداد بهذه العلنية لما عاش سوى شهوراً. ولأن سليماني كان علنياً كان اغتياله سهلاً ولا أدري، ربما هناك من تآمر عليه ولكن جرى طوي الفضيحة. طبعاً للسيد نخاله تصرفه كما يرى، ولكن:

كيف لمجاهد فلسطيني أن يزور نظام طائفي صهيوني امريكي وفاسد علانية؟

والزيارة متى؟  في ذكرى سقوط بغداد العربية؟

يمكن أن يقول لي شخص: “يا عمي إحنا دين سياسي لا نؤمن بالقومية ولا بالأمة العربية”؟

تمام، معه حق.

ولكن أنت فلسطيني وهذا النظام أمريكي منذ 2003، بل قبل ذلك بعقود وحتى اليوم والسلطة بأيدي تلاميذ تم توليدهم سفاحاً وتوطينهم في مستوطنة المنطقة الخضراء التي أقامتها أمريكا. وهل يجرؤ تلميذ أو أداة أمريكا أن يقف مع مجاهد فلسطيني يجاهد ضد الكيان الذي هو جوهرياً أمريكا!

كيف يمكن لك يا سيد زياد نخاله أن تصافح هؤلاء؟

هل اقنعك تركيز وتكرار صاحب العمامة المتواصل بأن العراق في المحور! والعراق تحتله أمريكا؟ فمطار بغداد بيد امريكا وقواعد الجيش العربي العراقي بأيدي جيش أمريكا، وسفارة أمريكا في العراق بمساحة قطاع غزة فهل هذه السفارة “تكية” لإطعام الفقراء!

لو قلت لك أن زيارتك أتت خدمة لشطف وجه هذا النظام الطائفي وتسويقه ولا أدري من اجل ماذا بعد. وللدقة، هذا النظام ليس شيعياً، لا يمثل الشيعة العرب بل قشرة شيعية لا عروبية، هل اكون متجنياً؟

هل سمعت مثلا نوري المالكي الذي قال وهو رئيس وزراء بأن تسعين في المئة من عمليات الإرهابيين ضد الشعب العربي العراقي هي من فلسطينيين! (طبعا هو لا يقول العربي) . لا شك أنك صافحته، ولا فرق هو أو غيره في المنطقة الخضراء كلهم مالكي عبادي علاوي ربيعي كاظمي سوداني…الخ.

دعني أنبيك بنصف صراحة: هذه الزيارة ليست من بنات قناعاتك، لذا الله في عونك.

ملاحظة: أرسل لي هذه الصورة الرفيق سوكانت شندان وهي في صفحته الخاصة به. والحقيقة أن ما دفعني للكتابة وبصراحة ليس الزيارة بل:

كيف يمكن لرفيق غير عربي وغير مسلم أن يكون عروبياً أكثر من ملايين العرب وحتى العرب الفلسطينيين!

_________

ملاحظة من “كنعان”: “كنعان” غير مسؤولة عن الآراء الواردة في المقالات، بل هي تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم … تابع القراءة ….