عادل سماره: 

  • احذروا صين ما بعد ماو
  • بين النائب العدوان وخدم العدوان
  • الصلع الاقتصادي…والمجد للحمير!

■ ■ ■

احذروا صين ما بعد ماو

موسكو- قالت وكالة “بلومبيرغ” إن وزير الخارجية الصيني تشين غانغ أطلق هذا الأسبوع جهودا لتشجيع استئناف المحادثات الإسرائيلية الفلسطينية”.
لا أهلا ولا سهلاً. أن تبيع الصين تراث ماو تسي تونغ، فهذه رِدة رأسمالية منوط الرد عليها بالشعب هناك. أما ان تأتينا صين غير ماوية لتكون طبعة أخرى من موقف السوفييت من فلسطين، فهذه كارثة بل محاولة وراثة الغرب في تثبيت الكيان الصهيوني على حساب شعبنا وأمتنا.
هذا خطر محدق حقاً. فليس على الكيان أن يغضب أو يحزن من تفوق الصين على الإمبريالية الغربية لأن الصين آتية بنفس الوصفة، وصفة إعلاء التوراة على التاريخ أي منح فلسطين للاستيطان. وهكذا بعد مئة سنة غربية تأتينا مئة سنة صينية في خدمة الكيان.
ومن يدري، فإذا كان كاليجدار أوغلو علويا من آل البيت فربما يكون شي بينغ من آل البيت ايضاً ولكن أُجب في الإيغور!.
لست أدري إن كان راقصو تحليلات كباريهات الرقص لل/م/ق/ا//و/م/ة قد انتبهوا للبند السري في هدنة السعودية وإيران عن فلسطين والذي ينص على التمسك ب “المبادرة العربية” التي وقع عليها 22 رئيس بلدية، وهو البند الوارد في موقع إيراني في بيروت هو The Cradle ، أو أن اصحاب الكبريهات يعرفون وابتلعوا ألسنتهم، فإن هذا يعني أن مما نوقش واُقرَّ وجرى التوقيع عليه في بكين في هدنة أنظمة الطائفتين السنية والشيعية هو خدمة الصهيونية والمطبعين العرب بالتخلص من العبء الفلسطيني!
علينا أن نرى اليوم ماذا تقول الفصائل الفلسطينية بتعددها؟ فهذا التصريح يجب مواجهته فوراً بالرفض؟ وسنرى أن من يصمت يكون:
*إما موافق على مفاوضات سحق القضية
*او ضغط عليه مموله.
*او ضغط عليه قوميساره الإيديولوجي
وسنرى كذلك ماذا يقول مثقفو ولاية الفقيه من الفلسطينيين والعرب!
آمل أن لا يقولوا: لا شيء إلا الصمت اروع ما يُقال.

■ ■ ■

نعم للحذر من الصين

إحتج كثيرون على تحذيري من الصين الحالية ومن إيران كذلك. وهؤلاء اسميهم في أفضل تفسير جماعة “يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا” لأنهم سعداء في نومهم على قناعات مطلقة جوهرها كسول واستسلامي واتكالي ولا تاريخي.

هؤلاء يقفون في فهم هذه الدول عند مرحلة الثورة مرتعبين من خطوة إلى الأمام لقراءة هذه الدول في مرحلة تغلبت فيها الدولة على الثورة.  

الآن، دعك من إيران، ولننظر الصين والسوفييت.

بدأ ماوتسي تونغ حياته ثوريا وبقي حتى رحيله. لذا لم تعترف الصين في عهده بالكيان. أما صين ما بعد ماو فلم تحكمها مواقف ثورية بل براجماتية ورأسمالية ولذا اعترفت بالكيان وأقامت معه علاقات اقتصادية واسعة. ولذا، ستكون وساطتها في الصراع العربي الصهيوني وساطة دولة عظمى لا ثورة، أي وساطة من يعترف بالكيان على حدود الخامس من حزيران 1967 وربما إضافة جزء منها للكيان.

حينما كان الاتحاد السوفييتي ثورة بقيادة لينين وجزئ من حياة ستالين حتى الحرب الإمبريالية الثانية كان لا يعتبر اليهود أمة وكان ضد الاعتراف لهم بدولة في فلسطين.

وحينما أصبح السوفييت دولة عظمى كانوا أول من اعترف بالكيان وسلحوه ورفضوا حق العودة لشعبنا الفلسطيني. وبعد تفكك السوفييت اتخذت روسيا نفس الموقف.

وهنا لا نطالب بعداء مع أي من الدولتين بل علينا الأخذ بالاعتبار بأن مصالح الدول هي مع الأقوياء وسيطرة الدول هي على الضعفاء.

نحن اليوم لسنا كعرب أفضل حالاً مما كنا في فترة لينين أو فترة ماو، لذا علينا الحذر من أية دولة عظمى رغم صداقتنا معها، وهذا لا يخدم الدول العظمى العدوة بل يؤكد موقفنا ضدها.

أين ستقف إيران من هذا؟ إسألوا الجانب الدين سياسي في مواقفها.

■ ■ ■

بين النائب العدوان وخدم العدوان

كل ما يخدم القضية ويوجَّه ضد الكيان مباح حتى الإطلاق، وحين يأتي من عربي يرقى إلى أعلى المراتب تضحية وفداءً.

وبالمقابل، قراءة التاريخ والخريطة وتحديد الهدف واختيار الشخص أمور حاسمة في أي نضال. ولا أود المبالغة لأن الإنسان هو الأهم، ولكن من أجل نجاح المهام.

إذا صحت رواية الكيان، فذلك من حق السيد العدوان بل من واجبه، وإذا كان أحد وضع في سيارته ما وضع، فليس على الرجل لوم؟ ولكن، طالما للنائب مواقفه الواضحة، ألم يخطر بباله أن مجرد زيارته للأرض المحتلة هو:

• من جهة تطبيع

• ومن جهة ثانية تقديم نفسه للعدو كي ينتقم منه كيف لا وهو الذي كان يعلن وقوفه ضد الكيان.

لذا، سواء كان يعلم أو لا يعلم أنه معروف لدى الكيان، فمن الذي أكد له أنه سيمر بأمان؟ وكيف اقتنع بذلك؟

وإذا جاء الرجل وسيارته فارغة من كل ما يوجع الكيان، فهو لا يزال قيد الخطأ سواء بالتطبيع أو لأن الكيان يراقب كل عربي وخاصة من هو في موقع ذي قيمة ودور، وفي حالة كهذه يكفيه ذل الوقوف في الصف وذل الجسور.

إذا صحت رواية الكيان، يكون السؤال:

، إن صحت رواية الكيان، هل فكَّر أصدقاء الرجل في تجربة الراحل إيلاريون كبوتشي وكيف تم كشف دوره رغم مقامه الديني ورغم مبالغات الكيان المقصودة في احترام رجال الدين العرب المسيحيين خاصة بقصد الفساد والإيقاع. في الحد الأدنى، فإن ما يقود الكيان هو العقل الاستشراقي.

يجب ويمكن مخادعة الكيان ولكن ليس بلا حسابات دقيقة. ربما خُدع الشباب بمزاعم عزمي بشاره بأنه غادر الوطن ولم “يراه” الإحتلال!!!

ليس لدى الكيان فائض شعور بالأمن بما هو قاتل عصري ومعولم.

وقف نفر ضد السيد العدوان، وبصراحة كلنا نستحق ما يقوله هذا النفر، لأننا جميعاً لم نصد لا كامب ديفيد ولا أوسلو ولا وادي عربه. ولأننا قبلنا إعادة مصر السادات إلى الجامعة العربية رغم تهافتها فأصبح التطبيع عادياً. لذا، كل نظام عربي جالس نظام السادات هو تطبيعي، وكل حزب أو مواطن عربي لم يقاوم اتفاقات التطبيع هو تطبيعي. لذا يفتخر هذا البعض بالعلاقة مع الكيان. وأعتقد أنه يعلم تماماً ومطلقاً أن الكيان يحتقر كل عربي لا يحمل في وجهه السلاح. لا تقل لي تاجر أو مثقف أو سفير او ملك، كل هؤلاء حينما يركعون للتطبيع يندفع الكيان فيهم إلى النهاية القصوى. نحن هنا نعلم ذلك جيدا ومطلقاً ونعلم أنه إما يحترم الشرفاء أو يقتلهم. أسوق لكم وثيقة: كتب الصحفي من الكيان مناحيم بن عن مؤتمر تطبيعي في رودس شارك فيه فلسطينيون واردنيون ومصريون “واسرائيليين” طبعاً، وذكر إمرأة فلسطينية وباسمها الأول كيف كانت هناك، وكتب” في رودس كان السلام مثل ثدي مدور وطري ومدلل” كنعان العدد 92 ايلول 1998 ص .ص 46-51.

■ ■ ■

الصلع الاقتصادي…والمجد للحمير!

ليس هذا شعراً ولا مجازاً. هذا عن شكل آخر من نهب الأرض من تحت اقدامنا. ألم يقل الشاعر الشيوعي ناظم حكمت “وحين تنزلق الأرض من تحت قدميك، فإنك تصبح ذئبا” في مسرحيته شجرة الجوز.

نعم نحن نبتكر أساليب مقاومة وخاصة العمليات الفردية التي لا تمويل لها ولا حتى تسليحا، قلما يذكرها محللو بهرجات الفضائيات وثرثرات رجال الدين السياسي، لكنها موجعة للعدو حقاً وعمقاً. رائدها مهند الحلبي ومثقفها باسل الأعرج.

لكن كي لا نخدع أنفسنا ونخدع العرب والمسلمين بأن يُلقوا على كاهلنا العبء كله بينما هم يتغنون ويصدرون الفتاوى وتغريدات سخيفة مسحوتة باسم الدين، فإن العدو يبتكر آليات في منتهى الخبث.

تباً للتعمية عنها.

في هذا المجال فقط اسوق سياستين للكيان:

الأولى: الصلع التشغيلي بامتصاص قوة العمل المحلية في قطاعات اقتصاده بأجور مغرية جدا. لذا قلما تجد عاملاً لهذه الورشة أو تلك وإن وُجد فذلك مكلف وقد يصل إلى تقاسم النتيجة مع المنتج الصغير. معادلة طريفة تقترب من المفهوم الماركسي بأن الإنتاج هو للعامل، لكن طبعاً ليس هذا هدف المالك ولا الكيان بل الهدف مواصلة شل قوى العمل.

هي سياسة انتهجها الكيان باكراً منذ 1967 بتشغيل قوة العمل لديه كي لا تنتقل للنضال الوطني.

والثانية: الصلع /في إصلاح الأراضي. الدارج أن اتفاقات أوسلو لم تشمل 60% من أراضي الضفة الغربية المسماة (ج) بل أبقتها بيد العدو. وهذه المساحة التي هي مصدر الإنتاج الزراعي سواء الري أو البعل. أما بقية ال 40% إن كانت حقا بهذه النسبة فهي مسطحات المدن والقرى المسماة (أ و ب) .

قبيل أوسلو عملت في يو أن دي بي UNDP في مركز التطوير الاقتصادي/القدس وكان المحرَّم هي مشاريع استصلاح الأراضي، وهذا أحد اسباب استقالتي والكتابة ضد المؤسسة اثناء عملي فيها. 99% من الناس قالو لي:” شو عقلك خشن، حامل السلم بالعرض، اي هو مين سائلك”. والشيء بالشيء يُذكر زارني قبيل الاستقالة بروفيسور اقتصاد هـ.ج من قوى الدين السياسي وقلت له سوف استقيل. نزل من مكتبي إلى الأمريكي وقدم طلب للوظيفة!!!وصعد الأمريكي يعايرني.

وقبيل أوسلو زعم الاتحاد الأوروبي أنه سوف يُسهِّل تصدير منتجات المحتل 1967 إلى أوروبا وتمت عمليات شحن تحكم بها الكيان بوقف تشغيل برادات البواخر لتتلف الفواكه والخضار. وابتلع الاتحاد الأوروبي لسانه. وقبيل أوسلو وبعد اتفاق وداي عربه كانت تُرسل منتجات إلى الأردن لكنها احتكار لفئة معينة.

ومنذ بضع سنوات استل الاتحاد الأوروبي سيفه وزعم أنه سوف يرغم العدو على تسهيل استغلال الفلسطينيين لمنطقة (ج). فماذا حصل؟

لم يخجل العدو بل كشف أكاذيب او خِدع الاتحاد الأوروبي فمنع استخدام الجرافات إطلاقاً في أي شبر خارج منطقتي (ب و ج).

هذا يعني أن لا سبيل لاستغلال الأرض سوى بالحمير!

قد يسأل البعض: ولماذا هذا الاستخفاف؟ أليس بوسع الناس استعمال البغال للحراثة والنقل!

نعم بوسعهم، ولكن ثمن البغل يعادل ثمن سيارة صغيرة جديدة. بينما الحمير أقل لا سيما ان الفلاحين فقراء في معظمهم وقطع الأرض الموروثة صغيرة ناهيك أنها وعرة. فالقطعة الصغيرة يصعب حرثها على البغل لأنه أضخم واطول.

المهم أن نتيجة هذا المنع إضافة إلى امتصاص قوة العمل قادت إلى الصلع التشغيلي والإنتاجي.

ويبقى السؤال: ما العمل؟

وهذا يفتح على تدفق الأموال في قنوات شراء الولاءات والذمم بمعنى هل يمكن بلورة لجان لإعمار الأرض ولو الإعمار البسيط لتشجيرها وتوفير قروض مسهلة؟ لا اقول كافة الأموال المتدفقة، بل نسبة منها حتى لو بقدر نسبة الزكاة من المال!

لكن هذا يحتاج أمرين غائبين:

الأول: تبني برنامج التنمية بالحماية الشعبية بما يمثله من تنظير في الاقتصاد السياسي الماركسي (طبعا هذا حرام)

والثاني: وجود تيار اجتماعي سياسي يطبقي يتبنى هذا المفهوم أو البرنامج.

بغير هذا تتحول قوة العمل في الضفة الغربية خاصة إلى ثلاث فئات:

1)  فئة تشتغل في اجهزة وإدارات السلطة التي تتورَّم باستمرار

2) فئة تعمل في مشاريع العدو

3) وفئة ترحل أنَّى سنحت الفرص.

وهذا يعني تحول الضفة الغربية إلى مهاجع لنوم فئات الأعمار ومنها فئة العمال التي تعمل لدى العدو.

ا.ل.م.ق.ا.و.م.ة استراتيجية متكاملة متنوعة، إلى أن يأتي يوم صادق للتحرير بخلاف “فشخرة” ايام المحللين ومن ورائهم.

لذا، فالمجد لمن لديه حماراً!

ملاحظة: صدر الكتاب عام 1989.

________

ملاحظة من “كنعان”: “كنعان” غير مسؤولة عن الآراء الواردة في المقالات، بل هي تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم … تابع القراءة ….