“بناشر ” في يوم العمال، عادل سماره

اعتدت في مراجعتي “سراً” لأطروحات ماجستير ودكتوراة اصدقاء وصديقات على لفت نظرهم إلى طريقة في النقد والتقييم اسميها “إبحثوا عن البناشر”. كانوا في البداية يضحكون كأنها هزاراً.
اليوم، عطلة ربما في مختلف بلدان العالم. لا أدرى هل غيرت بريطانيا موقفها الذي ثبَّتته تاتشر بأن أسمت ذلك اليوم Monday Day بدل يوم العمال وربما دول أخرى لا تعتبره عطلة، لن أذكرها كي لا تتلوى أمعاء ادواتها..
وبعيدا عن سبب تسمية هذا اليوم وهي مذبحة في شيكاغو ضد العمال، لكن فكرته الإيديولوجية والطبقية مأخوذة من شعار ماركس” يا عمال العالم اتحدوا”.
إن جوهر هذا الشعار هو حرب طبقية معولمة ضد راس المال.
قد يقول البعض: بل ضد مختلف الأنظمة بغض النظر إن كانت رأسمالية مكتملة أم رأسمالية محيطية، أو شبه رأسمالية أم ماقبل رأسمالية…الخ.
لكن، لا. ما قصده ماركس هم العمال أو الطبقة العاملة الصناعية في الدول الرأسمالية الصناعية لأنه يعتبرهم القوة الحقيقية لهزيمة راس المال وإقامة الاشتراكية مكانه، هكذا بوضوح وخاصة بل وبشرط أن تكون الطبقة العاملة هنا أو هناك قد انتقلت من “موجوده في ذاتها/اي لم تدرك بعد مصلحتها/حقها الطبقية السياسية” إلى “الموجودة لذاتها/أي التي تعي واقعها الطبقي وتناضل لاستعادة السلطة بيدها” لأنها هي التي تُنتج، والبرجوازية تغتصب معظم إنتاجها.
هنا وصلنا إلى بناشر الموقف.
فليس كل من يعمل هو ممن ينطبق عليهم هذا الشعار الثوري بلا مواربة ولا مهادنة ولا مداهنة ولا تصالح ولا تكاذب؟
أقصد أن ما حصل ويحصل اليوم أن البرجوازية، وبقايا الإقطاع/كثقافة او واقع، والأنظمة الريعية والعسكرية والتابعة والكمبرادورية والفاسدة …الخ قفزت على عنق هذا اليوم وحولته إلى يوم باهت خليط طقوسي ومرتشي بكونه “عطلة مدفوعة الأجر”!
فلننظر من الذين يُعطلون اليوم قياساً على الهدف من “يا عمال العالم اتحدوا” :
ما علاقة العامل العادي الذي ليس حتى نقابيا بهذا اليوم؟
ما علاقة الجندي والشرطي الذي يحمي نظاماً قمعيا فاشيا؟
ما علاقة معلم المدرسة الذي يعلق في غرفة الإدارة صورة ملك او رئيس لم تنتخبه حتى زوجته؟
ما علاقة عنصر مخابرات يحقق مع العمال إذا اضربوا ساعة؟
ما علاقة مندوب مخابرات شغله التلصص على العمال والعاملات؟
ما علاقة سيدة نس/ذكورية تخدم النظام الذكوري على حساب النساء؟
ما علاقة كل الطبقة/ات العاملة في الوطن الكبير/العروبي بهذا اليوم ليس فقط لأنهم في أغلبهم ليسوا بروليتاريا/عمال صناعة، بل لأن معظم وعيهم وولائهم إما للبرجوازية القُطرية الحاكمة أو بلا وعي نقابي اصلاً.
ما علاقة رجال ونساء “الأنجزة” وهم يعملون بأجر لصالح مشغليهم الغربيين؟

ما علاقة أحزاب تسمي نفسها شيوعية وهي مسحوبة الدسم الثوري حيث تجعل هذا اليوم يوم مبايعة لزعمائها؟ ما علاقة أنظمة نصفها أحمر ونصفها أبيض بهذا اليوم؟

ما علاقة أنظمة عربية تقودها “مرجعيات مستحاثة” بهذا اليوم؟
بهذا الفيض جرى طمس جوهر يوم العمال العالمي حيث انتزعت أحشائه وأصبح “يا كل العالم احتفلوا”!
أن يحتفل الكوبيون والكوريون الشماليون بهذا اليوم نعم.
أما العمال الحقيقيون، فليكن هذا يوم تعميق الوعي وهذا بالحد الأدنى.

_________

ملاحظة من “كنعان”: “كنعان” غير مسؤولة عن الآراء الواردة في المقالات، بل هي تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم … تابع القراءة ….