العدوان: من أمريكا وشبه العلماني إلى امريكا والحاخام، عادل سماره

لا يتغير التحالف الأمريكي الصهيوني ولكن يتخذ عناوين متغيرة للجوهر نفسه. وكما أن اغتصاب فلسطين لم يكن لولا أوروبا، فإن عدوانه منذ 1967 لم يكن لولا امريكا وفي ذيلها أوروبا.

قبل ايام أشرنا إلى مقال يونا بن مناحم الداعي لغزوة جديدة للضفة الغربية، فإذا بها تبدأ بعدوان على غزة.

لكن لهذا العدوان سمات تختلف إلى حد ما عما قبله.

لذهاب جندي صهيوني لعدوان كجندي أو كعضو في فرقة اغتيال كان الجندي يسأل الحاخام، كما كتب عديد المرات “إسرائيل شاحاك”. كان ذلك في فترات حكم اليمين اللبرالي نصف الدين سياسي في الكيان. أما اليوم فيصل أمر العدوان من الحاخام مباشرة حيث أصبح في القيادة. فالسلطة الحاكمة الآن هي التي تتبنى تحويل الكيان من نصف سلطة دين/ سياسية إلى دولة دينية دولة توراتية، فالدولة الدينية هي النمط الأخطر تاريخيا، لكن عُتاتها لا يعرفون أن التاريخ ضدها.

هنا نحن أمام مزيج من الحقد، واستعادة دور العدوان المفتوح أو ما يسمى الردع، والقتل والحشو الدين/سياسي الأعمى. لذا كان العدوان على أسر شهداء ال.ج.ه.ا.د الإسلامي مباشرة. كان الاغتيال سابقاً يستهدف المناضلين في طريقهم إلى مكان ما، أو في ثكنات أو في الميدان. أما هذه المرة فأربعين طائرة تقصف منازل الشهداء فتقتل النساء والأطفال أيضاً. هذا معنى دولة الدين السياسي/التوراة أي قتل النسل ايضاً.

كما تزامن هذا أيضاً مع غزوة ضد أمين عام ال.ج.ب.ه.ة ال.ش.ع.ب.ي.ة ورفاقه في المعتقلات بحجة أن الكيان اكتشف شبكة من عناصرها تجهز لعمليات وقامت بأخرى.

والسؤال: ما معنى التحقيق مع سعدات ورفاقه والذين جرى اعتقالهم منذ ستة عشر عاماً؟ هل يُعقل أن عملاً سرياً ينسق أو يتلقى تخطيط وأوامر من المعتقلين أم أن الأمر إعادة انتقام بأثر رجعي وخاصة بعد قانون الإعدام. هل يعقل أن خبرة عقود من العمل المسلح يمكن أن تعمل بمثل هذه العلنية أي التنسيق مع من هم داخل السجن!

من يتذكر من المناضلين أقوال المحققين لهم: “لو كنت أنا قاضيا لحكمتك بالإعدام”!  فهل هذا ما يتم التحضير له؟ فقد ذكرت في مقالتي السابقة بأن “أن العدوان الموسع على الضفة لن يجدي لأنه لا يتجه إلى أهداف واضحة مواقع أو معسكرات فقد يقتصر على قوائم لمقاتلين أو تصفيات لم تتم لسبب أو آخر “. من هنا فإن ما يحصل لسعدات ورفاقه هو: “اعتقال على الاعتقال وتصفية حساب سابق”.

وماذا عن أمريكا:

وإذا كان الكيان بصدد إعادة الاعتبار للعدوان المفتوح أو الردع فإن أمريكا معنية أكثر بهذا العدوان لأنها بصدد تحقيق أمرين:

الأول: الإثبات بأنها ليست ضعيفة كما يثرثر كثير من محللي مراقص وكبريهات الإعلام في الوطن العربي.

والثاني: الإثبات أنها لم ولن تخرج من الوطن العربي قطعياً إلا بالقوة.

وهذا فيه رسالة للأنظمة العربية التي ربما تحاول الإفلات ولو النسبي من علاقتها مع امريكا، بمعنى نحن هنا وها نحن نعطي الكيان الأمر بالقتل المفتوح وهذا يمكن أن نكرره في غير مكان.

يبقى السؤال الأجوف: اين الرد ولماذا لم يحصل ومتى سيحصل؟

قد يكون رأيي مزعجا للكثيرين كالعادة:

ما يحصل في صراعنا مع الكيان والغرب ليس حرب دول. بل هو عدوان النظام الرأسمالي الإمبريالي وراس حربته دولة الكيان ضد قوى غِوارية/حرب عصابات ليس من مصلحتها الدخول في حرب جبهية على نمط دولة ضد دولة، بل تختار متى يمكنها الضرب سواء كرد مباشر على عدوان أو حتى بدون عدوان مباشر لأن دورها هو القتال الدائم لأن التناقض تناحري ولكن باختيار الوقت الأنسب تلافياً للدخول في مغامرة انفعالية من أجل تبريد شوق عاطفي للرد. ويبقى الصبر المُر هو الأفضل في صراع بدأ منذ قرن ولم ينتهي بعد لأن جوهره أن الوطن لنا فقط. 

_________

ملاحظة من “كنعان”: “كنعان” غير مسؤولة عن الآراء الواردة في المقالات، بل هي تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم … تابع القراءة ….https://kanaanonline.org/2022/10/27/%d9%85%d9%84%d8%a7%d8%ad%d8%b8%d8%a9-%d9%85%d9%86-%d9%83%d9%86%d8%b9%d8%a7%d9%86-3/