الأفق ملبّد بتطورات … فكيف المواجهة؟ عادل سماره

اعتدنا من العدو على رؤية مسبقة لما يهدف لأن وجوده عدوان مفتوح، لذا لا تكون الفجأة إلا في التوقيت فتوقع العدوان لا يحتاج زرقاء اليمامة. يبدو من تطورات الأيام الأخيرة أن عدواناً ما على الطريق وصولا إلى التنفيذ وهذا امتحان للجميع.

كتب الصحفي الصهيوني الكهل يونا بن مناحيم بأن على الكيان شن حملة عدوان شاملة ضد الضفة الغربية. وكما يبدو هذا على ضوء تصاعد النضال الفلسطيني في العامين الأخيرين بشكل ابتكاري وفعال.

وهنا تتزاحم ملاحظتان:

الأولى: أن العدوان الموسع لن يجدي لأنه لا يتجه إلى أهداف واضحة مواقع أو معسكرات فقد يقتصر على قوائم لمقاتلين أو تصفيات لم تتم لسبب أو آخر. فظاهرة العمليات الفردية تقلقه أكثر لكنها تُعميه أكثر. إنما قد يتم الارتكاز على الاجتياح لتنفيذ هدف آخر.

والثانية: إن هذا الصحفي خبير في الأرض المحتلة والصراع مع الكيان وقريب من ما تفكر فيه اية سلطة في الكيان كما أنه ربما الأقدم في معرفة الخريطة السياسية للشخصيات الفلسطينية في الأرض المحتلة. فقد مضى وقت كان هو الذي يُبرز هذا في الإعلام ويطمس ذاك، كان صانع الشخصيات بناء على تعليمات المخابرات. وهذا يعزز ان لديه معلومات ما.

قد يكون الهدف ما الذي اشرت إليه هو انتهاز نتنياهو وحكومته فرصة مؤاتيه برأيهم أي إعلان الضم “القانوني” للضفة الغربية وبهذا يحقق رصيدا ضخماً لحكومته وتيارها الذي يمثل نصف الكيان وتركيبته، فهو تيار قيادته أشكنازية رأسمالية مالية نيولبرالية سياسيا واقتصاديا، وتوراتية إيديولوجياً أي جعل الكيان دولة دينية بموجب التوراة، وقاعدته يهودية شرقية في معظمها.  والرصيد هو خلخلة معسكر المحتجين وتأكيد ما أُجادل انا به منذ زمن بأن فلسطين كاملة هي تحت اغتصاب دولة لكل مستوطنيها منذ 5 حزيران 1967. وكافة المشاريع أو السناريوهات الأخرى هي تقطيع وقت وجيشان شعري لمن لا يطيق الابتعاد عن الأضواء.

ولا أعتقد أنه غائب عن سلطة الكيان وجوب استغلال الزمن القصير الحالي والذي بانت ملامحه بمعنى تراجع هيمنة الغرب مما يحفزه على ضم بقية الوطن لأن ما هو قادم من قطبيات لن يحتضنه كما تفعل الإمبريالية الغربية حتى اللحظة وإن كانت القطبيات الجديدة لن تقف ضده من جهة، كما سيكون دعمها للعرب حتى أقل من الدعم السوفييتي من جهة ثانية. آمل ألا يُزعج هذا من لا يطيقون عدم مدح الصين.

وهذا يعيد إلى الأذهان ما نادى به شمعون بيرس منذ عام 1985 بأن على الكيان أن يمتلك القوة الذاتية التي تغنيه حتى عن الغرب. وهذا مُتخيَّل أكثر مما هو واقعي، ولكن حظوظه ليست في قوة العدو بل في الوضع العربي. ذلك لأن الصراع الحقيقي هو عربي في مواجهة معسكر صهيوني غربي. وطالما أن العروبة مضروبة بعشرين دولة ودويلة وكيان، فهذا هو التفسير الحقيقي لمفهوم بيرس لأن لا تحرير بدون المشروع القومي العربي اي :

·        توفر الدولة العربية المركزية

·        وإنجاز القضية العربية المركزية اي التحرير.

وفي تقاطع مع التهديد باجتياح الضفة الغربية لضمها وتبرير موجة قتل موسعة ومتعددة، فقد يتواصل العدوان ضد سوريا سواء بحصول الاجتياح أو لا وفي هذا أختلف مع الذين كتبوا أو قالوا بأن العدو بعد كذا وبعد كذا لن يجرؤ على شن اي عدوان ضد سوريا. والمشكلة مع هؤلاء أنهم لا يأبهون بما تقوله الناس وهي ترى زيف ما توقعوه. بينما أرى في الموقف السوري عين الصواب بأن سوريا على ما بها ليست مهيئة للتصدي ولا خجل في الصدق.

وسواء حصل الاجتياح أو تكرار العدوان ضد سوريا، فإن ذلك تحدٍ للمحور وحدود وحدة الجبهات.

وهنا، أورد أمرين يتهرب منهما كثيرون تزلفاً لا إخلاصاً وصدقاً.

الأول: تصريح للسيد موسى أبو مرزوق بأن حماس ليست ضمن أي محور. ورغم أن هذا ليس شرطاً ألا تشارك حماس في الاشتباك، لكنه في المقلب الآخر توضيح مقصود بأن لحماس حساباتها الخاصة سواء وحدها أو لعلاقتها بأطراف أخرى.

والثاني: حديث صحفي لرئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني الذي قال أيضاً بأن العراق ليس في اي محور وبأن علاقاته مع أمريكا إستراتيجية وهو الرجل الذي رحب به وامتدحه الجميع حين تولي منصبه!

لا يستطيع المرء القطع بأن هذه التصريحات مقصود بها نصُّها أم أنها تغطية ما، إنما نحلل ما عُرض. وعليه، كيف يمكن صرف الأقوال المتكررة عن وحدة الساحات والجبهات لدى المواطن العربي اينما كان؟

وهذا يفتح على ثلاث احتمالات:

الأول: هل سيقول المحور بأننا سنرد في الوقت المناسب ونحن نحدد التوقيت، وفي هذا إحراج للحديث عن قوة المحور وتماسكه.

والثاني: المواجهة ولجم الكيان وإيقاع خسائر به من مستوى لا يُحتمل.

والثالث: الرد التكتيكي بحرب محدودة.

ولكن، إذا حصلت هذه جميعاً أو اي منها، فإن ما سيكون على الأرض هو التهام الضفة الغربية وبالتالي مواصلة النضال الوطني كما بدأ منذ قرن أي استمرار الوضع الحالي.

وربما لاحظ البعض ما كتبته قبل ايام عن “الصلع الاقتصادي” ومن ضمنه أن الكيان يضم فعلاً معظم مناطق (ج) وهي 60 في المئة من الضفة الغربية حيث يمنع استغلال الأرض في هذا الجزء من الضفة سوى باليد أو على الحمير.

ملاحظة: فيما يخص بن مناحيم وهو يتكلم العربية تماما، أقام اتحاد الكتاب يوم 17 آب 1990 ندوة في القدس إثر تحرير الكويت من قبل العراق يوم 2 آب 1990 دعى لها متوكل طه رئيس الاتحاد حينها على ان يتحدث الراحل صائب عريقات وغسان الخطيب وأنا. طلب صائب أن ننسق الأقوال قبل الحديث فقال: ضروري ان ينسجم موقفنا مع موقف القيادة. ومعروف أن قيادة المنظمة وقفت في الأيام الأولى للتحرير مع العراق ثم تغير موقفها إثر وقوف معظم العالم مع أمير الكويت. فقلت له: أنا لم انسجم مع موقف المنظمة إطلاقا سوى في بضعة الأيام تلك، لذا لكل حقه. قال بطريقته المتسرعة: الله أكبر هو إنت قومي لهالدرجة! المهم حين جلسنا على خشبة مسرح الحكواتي في سينما النزهة بالقدس دخل يونا بن مناحيم ومعه طاقم تلفزيون الكيان ونصب معداته ليصور الندوة. فهو معتاد على ذلك.

قلت له: انت ممنوع تحضر وتصوّر؟

قال: يعني أخرج!

قلت: نعم لأنكم لا توردون الحقائق.

حمل اغراضه وخرج، فقال لي صديق والله ليتكسر راسك.

_________

ملاحظة من “كنعان”: “كنعان” غير مسؤولة عن الآراء الواردة في المقالات، بل هي تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم … تابع القراءة ….https://kanaanonline.org/2022/10/27/%d9%85%d9%84%d8%a7%d8%ad%d8%b8%d8%a9-%d9%85%d9%86-%d9%83%d9%86%d8%b9%d8%a7%d9%86-3/