المقاومة الفلسطينية وسؤال لحماس يُدمي القلب؟ ولماذا التراخي مع جيش العملاء.. ولماذا الجامعة العربية؟ فؤاد البطاينة

المقاومه، وحرب التحريرالشعبيه، وحرب العصابات مصطلحات لمفهوم حصري لتحرير وطن محتل أو مستعمر. هذا المفهوم يقوم على حرية الحركة ابتداء والتي لا تتمتع بها المقاومة الفلسطينية وخاصة الغزية. فهي مشيطنة دولياً ومحاصرة عربياً ومن كل الجهات من جيش الإحتلال والشقيقة مصر منفذها الوحيد على العالم، مما بفرض على المقاومة التعاون معها والإستماع اليها  كوسيط دائم ومباشر بينها وبين الكيان . ولذلك أرى أن الدور الأساسي للمقاومة الغزية  ضمن ظروفها هو تعزيز قدراتها الذاتية من ناحية واستنساخ نفسها في الضفة الغربية وسائر أنحاء فلسطين لتأخذ المقاومة في الأراضي الفلسطينية  شكل ثورة شعب برعاية وحماية المقاومة الغزية وصمودها.

فسلامة المقاومة الغزية أولوية، ولعل مؤسسة العملاء على الأرض هم الأخطر عليها وعلى جبهات فلسطين.  ولا غرابة بوجود العملاء فغزة أكبر تجمع بشري تحت الحصار بموارد شحيحة أدى لفقر مدقع وخلل اجتماعي ولصراع مع الحياة شكل بيئة لتجنيد عملاء متعاونين على الأرض، ولكن الغرابة بتناميهم بدلا من انحسارهم. فلولاهم لما تمكن الكيان من تصفية ألاف القادة الفلسطينيين وخبرائهم  العلميين والعسكريين، إنهم مسؤولون عن معظم نجاحات الكيان في اصابة أهدافه وكذا في الضفة، ومن العجب أن تقابَل هذه المسألة  بالتراخي من قيادات المقاومة  وهم يعلمون  بأن الحس الأمني وتنظيف البيت هو البنية الأساسية للمقاومة وحماية نفسها.  ولا أفهم المنطق في اضطرار  المقاومة  للطلب من عدوها بوقف الاغتيالات بينما هي المسؤولة والقادرة على سحب هذه الورقة من عدوها بمجرد التعامل بجدية مع  مسألة العملاء. إنها  مسألة  كارثية تخضع في غزة لقرار حماس بصفتها الحاكم الإداري للقطاع.

نحن أبناء الساعة، فالمقاومة الغزية في ضوء وضعها المحاصر اعتادت أن  تأسر نفسها  لمعادلة ثابتة تبادر فيها لقذف صواريخها  على الكيان في إطار الرد دفاعا عن النفس أو الثأر وتشل بها  حركة الحياة في الكيان لأيام  مقابل تعرضها لتدمير ولضرر بالغ وإصابات بشرية مؤلمة، وتتوقف اللعبة.، وهنا بين هلالين أتساءل لا سيما في ظل تطور اللعبة  للأسوأ بخروج حماس منها وترك الجهاد فيها للتصفية من أعلى لأدنى. إذا كان هدف المقاومة الانتقام لشهدائها وردع العدو، أليس من الأقل كلفة والأكثر تأثير في الكيان ومستوطنيه  والطريق لتحقيق هدفها  هو تنفيذ عملية أو عمليات نوعية  في داخل الكيان تكافئ بنتائجها  حجم الجريمة المرتكبة ؟، فهل المقاومة تفتقد القدرة على ذلك، أم أنها عجولة؟

ألم ندرك بعد أن الكيان  في محصلة اللعبة  استطاع أن يُطورها لصالحه  وينخرط  في عمل استراتيجي من خلال ما يُقرأ بأنه تفاهم لاحتواء حماس بشكل من قواعد الإشتباك بمساعدة الدول العربية، يراهن فيه  على  شق صف المقاومة الغزية وبتحويلها لفصيل سياسي ،وعزل وإنهاء مقاومة الضفة ؟. بينما تراهن المقاومة على الزمن  في إحداث تغييرات  إقليمية أو عربية. هذا أمر مطروح أمام حماس للتاريخ، فتبريراتها ليست مقنعة بكل قوالبها، ولا سلوكها ( للمرة الثانية) الذي يضرب في عمق وحدة المقاومة الغزية ووحدة الدم الفلسطيني والساحات، ويُهيء الفرصة للبطش في مقاومتي الضفة وحركة الجهاد. والسؤال الذي يدمي القلب ويؤكد زيف الأعذار هو،  هل لو استَهدف الكيان في عدوانه القائم قادة من حماس ستبقى صامتة  دون رد، لا أعتقد ذلك البتة فماذا يعني ذلك؟

ومع أن المراهنة الحاسمة  هي على وحدة الصف الفلسطيني لصنع موقف واحد  بمشروع مقاومة موحدة تحظى بردع حزب الله للصهيوني. إلّا أني أتناول تالياً  العامل العربي من خلال الجامعة العربية ودورها الذي لا يحتمل الخلط بين الإيجابية والسلبية على المقاومة وسلامة الوضع العربي والفلسطيني.

نعم الجامعة مؤسسة لدول شعوبها تجمعها  كل خصائص القومية الواحدة  من وحد المنشأ الجغرافي والثقافة  واللغة وطريقة التفكير وحتى المعتقد وبالتالي المصير المشترك. ولكنها دول ولدت  ضمن حالة استعمارية  تستهدف  العرب وجغرافيتهم . فكان إنشاء هذه الجامعة بدفع غربي لتشكل آلية اختراق مبكر للجسم العربي وطموحاته الطبيعية تحت هاجس الخوف من وحدتهم ونهوضهم  وطمعا باستعمار وطنهم  الحيوي للمشروع الغربي. فلا هي كينونة سياسية مستقة بقرارها، ولا فنية  قادرة على بلورة أي مبادرة اقتصادية، إنها  فارغة المحتوى الإيجابي. قراراتها  إما للإستهلاك الشعبي العربي فلا تطبق، أو للتعبير عن إرادة أجنبية تطبق.

واستطاعت  بمنتوجها المفضوح خلال عقود أن تفكك مشاعر القومية العربية  وتستأصل حلم الوحدة والرسالة من مخيلة شعوبنا وتكرس الإقليمية فيها وتعزلها عن قضاياها المصيرية وعن قضيتها المركزية فلسطين، وجعلت من قممها في مرحلة مبكرة مركز تجسس للعدو. وجرت أقطارها واحدة تلو الأخرى للإعتراف بكيان الاحتلال أو مهادنته وإسقاط جيوشها، وجعلت من نفسها دولا وظيفية  تدور بفلك الغرب أسيرة لمحوره  تسخر نفسها وطاقاتها  له ولمؤامراته وتصبح أغلبها قاعاً صفصفا  وأنظمتها  بمستوى كلب الحراسة تارة والصيد تارة أخرى.

 وتمكنت الجامعة بالمحصلة من بلورة نظام عربي رسمي مستسلم، بشعوب منهكة  ومستكينة بكل ضغوطات الحياة المادية والنفسية  ومسلوبة الهوية والأنفة والمبادئ والثوابت. فماذا عسى هذا النظام العربي الرسمي فعله لنفسه أو للقضية الفلسطينية، وهل  ينضح الإناء بغير ما فيه؟ وهل نحن نحتاج للمزيد من ما فيه؟

السؤال المطروح أمام أعضاء الجامعة، انتم اليوم قد استكملتم تقبلكم لبعضكم واستوفيتم شروط التئامكم وانسجامكم في إطار الجامعة كنظام عربي رسمي متعاون وذيل للغرب ولدولة الكيان. تقوده بالوكالة بعض دول الخليج التي فتكت بفلسطين والعراق وبسوريه وليبيا واليمن والسودان  وأخضعت مصر والأردن، فكيف لأحدكم (دون تخصيص)  اليوم أن يقف بوجه فعل الأخر ما دام  منخرطاً في السيستم، وما جدوى وجوده في هذه الجامعة، وبغير ذلك فما طبيعة المعارضة إن وجدت في هذه الجامعة وعلى ماذا تروم. وهل سيبقى نظام الجامعة  قائماً بصورية مبادئه أم سيتعدل. وعلى أي أساس؟

كاتب وباحث عربي اردني

:::::

‘راي اليوم’

 _________

ملاحظة من “كنعان”: “كنعان” غير مسؤولة عن الآراء الواردة في المقالات، بل هي تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم … تابع القراءة ….https://kanaanonline.org/2022/10/27/%d9%85%d9%84%d8%a7%d8%ad%d8%b8%d8%a9-%d9%85%d9%86-%d9%83%d9%86%d8%b9%d8%a7%d9%86-3/