السنة الثالثة والعشرون – العدد 6543
في هذا العدد:
■ الأفق ملبّد بتطورات … فكيف المواجهة؟ عادل سماره
■ المقاومة الفلسطينية وسؤال لحماس يُدمي القلب؟ ولماذا التراخي مع جيش العملاء.. ولماذا الجامعة العربية؟ فؤاد البطاينة
■ نافذة على الصحافة الروسية: الانتخابات التركية
- انتخابات تركيا 2023: ما الذي يجب الاستعداد له؟
- المثير بالنسبة لروسيا بخصوص الانتخابات في تركيا: سيناريوهات ونتائج
✺ ✺ ✺
الأفق ملبّد بتطورات … فكيف المواجهة؟
عادل سماره
اعتدنا من العدو على رؤية مسبقة لما يهدف لأن وجوده عدوان مفتوح، لذا لا تكون الفجأة إلا في التوقيت فتوقع العدوان لا يحتاج زرقاء اليمامة. يبدو من تطورات الأيام الأخيرة أن عدواناً ما على الطريق وصولا إلى التنفيذ وهذا امتحان للجميع.
كتب الصحفي الصهيوني الكهل يونا بن مناحيم بأن على الكيان شن حملة عدوان شاملة ضد الضفة الغربية. وكما يبدو هذا على ضوء تصاعد النضال الفلسطيني في العامين الأخيرين بشكل ابتكاري وفعال.
وهنا تتزاحم ملاحظتان:
الأولى: أن العدوان الموسع لن يجدي لأنه لا يتجه إلى أهداف واضحة مواقع أو معسكرات فقد يقتصر على قوائم لمقاتلين أو تصفيات لم تتم لسبب أو آخر. فظاهرة العمليات الفردية تقلقه أكثر لكنها تُعميه أكثر. إنما قد يتم الارتكاز على الاجتياح لتنفيذ هدف آخر.
والثانية: إن هذا الصحفي خبير في الأرض المحتلة والصراع مع الكيان وقريب من ما تفكر فيه اية سلطة في الكيان كما أنه ربما الأقدم في معرفة الخريطة السياسية للشخصيات الفلسطينية في الأرض المحتلة. فقد مضى وقت كان هو الذي يُبرز هذا في الإعلام ويطمس ذاك، كان صانع الشخصيات بناء على تعليمات المخابرات. وهذا يعزز ان لديه معلومات ما.
قد يكون الهدف ما الذي اشرت إليه هو انتهاز نتنياهو وحكومته فرصة مؤاتيه برأيهم أي إعلان الضم “القانوني” للضفة الغربية وبهذا يحقق رصيدا ضخماً لحكومته وتيارها الذي يمثل نصف الكيان وتركيبته، فهو تيار قيادته أشكنازية رأسمالية مالية نيولبرالية سياسيا واقتصاديا، وتوراتية إيديولوجياً أي جعل الكيان دولة دينية بموجب التوراة، وقاعدته يهودية شرقية في معظمها. والرصيد هو خلخلة معسكر المحتجين وتأكيد ما أُجادل انا به منذ زمن بأن فلسطين كاملة هي تحت اغتصاب دولة لكل مستوطنيها منذ 5 حزيران 1967. وكافة المشاريع أو السناريوهات الأخرى هي تقطيع وقت وجيشان شعري لمن لا يطيق الابتعاد عن الأضواء.
ولا أعتقد أنه غائب عن سلطة الكيان وجوب استغلال الزمن القصير الحالي والذي بانت ملامحه بمعنى تراجع هيمنة الغرب مما يحفزه على ضم بقية الوطن لأن ما هو قادم من قطبيات لن يحتضنه كما تفعل الإمبريالية الغربية حتى اللحظة وإن كانت القطبيات الجديدة لن تقف ضده من جهة، كما سيكون دعمها للعرب حتى أقل من الدعم السوفييتي من جهة ثانية. آمل ألا يُزعج هذا من لا يطيقون عدم مدح الصين.
وهذا يعيد إلى الأذهان ما نادى به شمعون بيرس منذ عام 1985 بأن على الكيان أن يمتلك القوة الذاتية التي تغنيه حتى عن الغرب. وهذا مُتخيَّل أكثر مما هو واقعي، ولكن حظوظه ليست في قوة العدو بل في الوضع العربي. ذلك لأن الصراع الحقيقي هو عربي في مواجهة معسكر صهيوني غربي. وطالما أن العروبة مضروبة بعشرين دولة ودويلة وكيان، فهذا هو التفسير الحقيقي لمفهوم بيرس لأن لا تحرير بدون المشروع القومي العربي اي :
· توفر الدولة العربية المركزية
· وإنجاز القضية العربية المركزية اي التحرير.
وفي تقاطع مع التهديد باجتياح الضفة الغربية لضمها وتبرير موجة قتل موسعة ومتعددة، فقد يتواصل العدوان ضد سوريا سواء بحصول الاجتياح أو لا وفي هذا أختلف مع الذين كتبوا أو قالوا بأن العدو بعد كذا وبعد كذا لن يجرؤ على شن اي عدوان ضد سوريا. والمشكلة مع هؤلاء أنهم لا يأبهون بما تقوله الناس وهي ترى زيف ما توقعوه. بينما أرى في الموقف السوري عين الصواب بأن سوريا على ما بها ليست مهيئة للتصدي ولا خجل في الصدق.
وسواء حصل الاجتياح أو تكرار العدوان ضد سوريا، فإن ذلك تحدٍ للمحور وحدود وحدة الجبهات.
وهنا، أورد أمرين يتهرب منهما كثيرون تزلفاً لا إخلاصاً وصدقاً.
الأول: تصريح للسيد موسى أبو مرزوق بأن حماس ليست ضمن أي محور. ورغم أن هذا ليس شرطاً ألا تشارك حماس في الاشتباك، لكنه في المقلب الآخر توضيح مقصود بأن لحماس حساباتها الخاصة سواء وحدها أو لعلاقتها بأطراف أخرى.
والثاني: حديث صحفي لرئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني الذي قال أيضاً بأن العراق ليس في اي محور وبأن علاقاته مع أمريكا إستراتيجية وهو الرجل الذي رحب به وامتدحه الجميع حين تولي منصبه!
لا يستطيع المرء القطع بأن هذه التصريحات مقصود بها نصُّها أم أنها تغطية ما، إنما نحلل ما عُرض. وعليه، كيف يمكن صرف الأقوال المتكررة عن وحدة الساحات والجبهات لدى المواطن العربي اينما كان؟
وهذا يفتح على ثلاث احتمالات:
الأول: هل سيقول المحور بأننا سنرد في الوقت المناسب ونحن نحدد التوقيت، وفي هذا إحراج للحديث عن قوة المحور وتماسكه.
والثاني: المواجهة ولجم الكيان وإيقاع خسائر به من مستوى لا يُحتمل.
والثالث: الرد التكتيكي بحرب محدودة.
ولكن، إذا حصلت هذه جميعاً أو اي منها، فإن ما سيكون على الأرض هو التهام الضفة الغربية وبالتالي مواصلة النضال الوطني كما بدأ منذ قرن أي استمرار الوضع الحالي.
وربما لاحظ البعض ما كتبته قبل ايام عن “الصلع الاقتصادي” ومن ضمنه أن الكيان يضم فعلاً معظم مناطق (ج) وهي 60 في المئة من الضفة الغربية حيث يمنع استغلال الأرض في هذا الجزء من الضفة سوى باليد أو على الحمير.
ملاحظة: فيما يخص بن مناحيم وهو يتكلم العربية تماما، أقام اتحاد الكتاب يوم 17 آب 1990 ندوة في القدس إثر تحرير الكويت من قبل العراق يوم 2 آب 1990 دعى لها متوكل طه رئيس الاتحاد حينها على ان يتحدث الراحل صائب عريقات وغسان الخطيب وأنا. طلب صائب أن ننسق الأقوال قبل الحديث فقال: ضروري ان ينسجم موقفنا مع موقف القيادة. ومعروف أن قيادة المنظمة وقفت في الأيام الأولى للتحرير مع العراق ثم تغير موقفها إثر وقوف معظم العالم مع أمير الكويت. فقلت له: أنا لم انسجم مع موقف المنظمة إطلاقا سوى في بضعة الأيام تلك، لذا لكل حقه. قال بطريقته المتسرعة: الله أكبر هو إنت قومي لهالدرجة! المهم حين جلسنا على خشبة مسرح الحكواتي في سينما النزهة بالقدس دخل يونا بن مناحيم ومعه طاقم تلفزيون الكيان ونصب معداته ليصور الندوة. فهو معتاد على ذلك.
قلت له: انت ممنوع تحضر وتصوّر؟
قال: يعني أخرج!
قلت: نعم لأنكم لا توردون الحقائق.
حمل اغراضه وخرج، فقال لي صديق والله ليتكسر راسك.
✺ ✺ ✺
المقاومة الفلسطينية وسؤال لحماس يُدمي القلب؟ ولماذا التراخي مع جيش العملاء.. ولماذا الجامعة العربية؟
فؤاد البطاينة
المقاومه، وحرب التحريرالشعبيه، وحرب العصابات مصطلحات لمفهوم حصري لتحرير وطن محتل أو مستعمر. هذا المفهوم يقوم على حرية الحركة ابتداء والتي لا تتمتع بها المقاومة الفلسطينية وخاصة الغزية. فهي مشيطنة دولياً ومحاصرة عربياً ومن كل الجهات من جيش الإحتلال والشقيقة مصر منفذها الوحيد على العالم، مما بفرض على المقاومة التعاون معها والإستماع اليها كوسيط دائم ومباشر بينها وبين الكيان . ولذلك أرى أن الدور الأساسي للمقاومة الغزية ضمن ظروفها هو تعزيز قدراتها الذاتية من ناحية واستنساخ نفسها في الضفة الغربية وسائر أنحاء فلسطين لتأخذ المقاومة في الأراضي الفلسطينية شكل ثورة شعب برعاية وحماية المقاومة الغزية وصمودها.
فسلامة المقاومة الغزية أولوية، ولعل مؤسسة العملاء على الأرض هم الأخطر عليها وعلى جبهات فلسطين. ولا غرابة بوجود العملاء فغزة أكبر تجمع بشري تحت الحصار بموارد شحيحة أدى لفقر مدقع وخلل اجتماعي ولصراع مع الحياة شكل بيئة لتجنيد عملاء متعاونين على الأرض، ولكن الغرابة بتناميهم بدلا من انحسارهم. فلولاهم لما تمكن الكيان من تصفية ألاف القادة الفلسطينيين وخبرائهم العلميين والعسكريين، إنهم مسؤولون عن معظم نجاحات الكيان في اصابة أهدافه وكذا في الضفة، ومن العجب أن تقابَل هذه المسألة بالتراخي من قيادات المقاومة وهم يعلمون بأن الحس الأمني وتنظيف البيت هو البنية الأساسية للمقاومة وحماية نفسها. ولا أفهم المنطق في اضطرار المقاومة للطلب من عدوها بوقف الاغتيالات بينما هي المسؤولة والقادرة على سحب هذه الورقة من عدوها بمجرد التعامل بجدية مع مسألة العملاء. إنها مسألة كارثية تخضع في غزة لقرار حماس بصفتها الحاكم الإداري للقطاع.
نحن أبناء الساعة، فالمقاومة الغزية في ضوء وضعها المحاصر اعتادت أن تأسر نفسها لمعادلة ثابتة تبادر فيها لقذف صواريخها على الكيان في إطار الرد دفاعا عن النفس أو الثأر وتشل بها حركة الحياة في الكيان لأيام مقابل تعرضها لتدمير ولضرر بالغ وإصابات بشرية مؤلمة، وتتوقف اللعبة.، وهنا بين هلالين أتساءل لا سيما في ظل تطور اللعبة للأسوأ بخروج حماس منها وترك الجهاد فيها للتصفية من أعلى لأدنى. إذا كان هدف المقاومة الانتقام لشهدائها وردع العدو، أليس من الأقل كلفة والأكثر تأثير في الكيان ومستوطنيه والطريق لتحقيق هدفها هو تنفيذ عملية أو عمليات نوعية في داخل الكيان تكافئ بنتائجها حجم الجريمة المرتكبة ؟، فهل المقاومة تفتقد القدرة على ذلك، أم أنها عجولة؟
ألم ندرك بعد أن الكيان في محصلة اللعبة استطاع أن يُطورها لصالحه وينخرط في عمل استراتيجي من خلال ما يُقرأ بأنه تفاهم لاحتواء حماس بشكل من قواعد الإشتباك بمساعدة الدول العربية، يراهن فيه على شق صف المقاومة الغزية وبتحويلها لفصيل سياسي ،وعزل وإنهاء مقاومة الضفة ؟. بينما تراهن المقاومة على الزمن في إحداث تغييرات إقليمية أو عربية. هذا أمر مطروح أمام حماس للتاريخ، فتبريراتها ليست مقنعة بكل قوالبها، ولا سلوكها ( للمرة الثانية) الذي يضرب في عمق وحدة المقاومة الغزية ووحدة الدم الفلسطيني والساحات، ويُهيء الفرصة للبطش في مقاومتي الضفة وحركة الجهاد. والسؤال الذي يدمي القلب ويؤكد زيف الأعذار هو، هل لو استَهدف الكيان في عدوانه القائم قادة من حماس ستبقى صامتة دون رد، لا أعتقد ذلك البتة فماذا يعني ذلك؟
ومع أن المراهنة الحاسمة هي على وحدة الصف الفلسطيني لصنع موقف واحد بمشروع مقاومة موحدة تحظى بردع حزب الله للصهيوني. إلّا أني أتناول تالياً العامل العربي من خلال الجامعة العربية ودورها الذي لا يحتمل الخلط بين الإيجابية والسلبية على المقاومة وسلامة الوضع العربي والفلسطيني.
نعم الجامعة مؤسسة لدول شعوبها تجمعها كل خصائص القومية الواحدة من وحد المنشأ الجغرافي والثقافة واللغة وطريقة التفكير وحتى المعتقد وبالتالي المصير المشترك. ولكنها دول ولدت ضمن حالة استعمارية تستهدف العرب وجغرافيتهم . فكان إنشاء هذه الجامعة بدفع غربي لتشكل آلية اختراق مبكر للجسم العربي وطموحاته الطبيعية تحت هاجس الخوف من وحدتهم ونهوضهم وطمعا باستعمار وطنهم الحيوي للمشروع الغربي. فلا هي كينونة سياسية مستقة بقرارها، ولا فنية قادرة على بلورة أي مبادرة اقتصادية، إنها فارغة المحتوى الإيجابي. قراراتها إما للإستهلاك الشعبي العربي فلا تطبق، أو للتعبير عن إرادة أجنبية تطبق.
واستطاعت بمنتوجها المفضوح خلال عقود أن تفكك مشاعر القومية العربية وتستأصل حلم الوحدة والرسالة من مخيلة شعوبنا وتكرس الإقليمية فيها وتعزلها عن قضاياها المصيرية وعن قضيتها المركزية فلسطين، وجعلت من قممها في مرحلة مبكرة مركز تجسس للعدو. وجرت أقطارها واحدة تلو الأخرى للإعتراف بكيان الاحتلال أو مهادنته وإسقاط جيوشها، وجعلت من نفسها دولا وظيفية تدور بفلك الغرب أسيرة لمحوره تسخر نفسها وطاقاتها له ولمؤامراته وتصبح أغلبها قاعاً صفصفا وأنظمتها بمستوى كلب الحراسة تارة والصيد تارة أخرى.
وتمكنت الجامعة بالمحصلة من بلورة نظام عربي رسمي مستسلم، بشعوب منهكة ومستكينة بكل ضغوطات الحياة المادية والنفسية ومسلوبة الهوية والأنفة والمبادئ والثوابت. فماذا عسى هذا النظام العربي الرسمي فعله لنفسه أو للقضية الفلسطينية، وهل ينضح الإناء بغير ما فيه؟ وهل نحن نحتاج للمزيد من ما فيه؟
السؤال المطروح أمام أعضاء الجامعة، انتم اليوم قد استكملتم تقبلكم لبعضكم واستوفيتم شروط التئامكم وانسجامكم في إطار الجامعة كنظام عربي رسمي متعاون وذيل للغرب ولدولة الكيان. تقوده بالوكالة بعض دول الخليج التي فتكت بفلسطين والعراق وبسوريه وليبيا واليمن والسودان وأخضعت مصر والأردن، فكيف لأحدكم (دون تخصيص) اليوم أن يقف بوجه فعل الأخر ما دام منخرطاً في السيستم، وما جدوى وجوده في هذه الجامعة، وبغير ذلك فما طبيعة المعارضة إن وجدت في هذه الجامعة وعلى ماذا تروم. وهل سيبقى نظام الجامعة قائماً بصورية مبادئه أم سيتعدل. وعلى أي أساس؟
كاتب وباحث عربي اردني
:::::
‘راي اليوم’
✺ ✺ ✺
نافذة على الصحافة الروسية: الانتخابات التركية
نطل منها على أهم الأحداث في العالم الروسي والوطن العربي والعالم أجمع
- انتخابات تركيا 2023: ما الذي يجب الاستعداد له؟
- المثير بالنسبة لروسيا بخصوص الانتخابات في تركيا: سيناريوهات ونتائج
✺ ✺ ✺
انتخابات تركيا 2023: ما الذي يجب الاستعداد له؟
إيجور شوبانيان، باحث وكاتب صحفي روسي
تعريب د. زياد الزبيدي بتصرف
12 مايو 2023
من المقرر إجراء الانتخابات العامة في تركيا 14 مايو 2023، حيث يتعين على الشعب انتخاب رئيس وبرلمان للسنوات الخمس المقبلة. ستحدد نتائج هذه الانتخابات ليس فقط اتجاهات تطور تركيا في السنوات المقبلة، ولكنها ستؤثر أيضًا بشكل مباشر على الوضع في المنطقة. إن الدور النشط والمتنامي لتركيا في الشؤون الدولية، فضلاً عن المواجهة السياسية الداخلية العاصفة، يدفعان المراقبين إلى مراقبة الانتخابات المقبلة ونتائجها المحتملة عن كثب.
تركيا عند مفترق طرق
تشكلت الائتلافات والتحالفات السياسية في تركيا كنتيجة لألعاب ومفاوضات غالبًا ما تكون وراء الكواليس حسب أفضل تقاليد الدبلوماسية الشرقية الرفيعة. وهكذا، في الانتخابات البرلمانية في 14 مايو 2023، تحالف ‘تحالف الشعب” مع “حزب العدالة والتنمية الحاكم بزعامة أردوغان”، وحزب الحركة القومية بزعامة دولت بهجلي، وحزب الرفاه بزعامة الفاتح أربكان وحزب الوحدة الكبرى (BBP) بزعامة مصطفى دستيتشي سيواجه المعارضة الموحدة لـ “التحالف الوطني” المكون من ستة أحزاب: حزب الشعب الجمهوري (CHP) بزعامة كمال كيليجدار أوغلو، والحزب الصالح (إيي بارتاي) بزعامة ميرال أكشنر، حزب الديمقراطية والاختراق (DEVA) بزعامة علي باباجان، وحزب المستقبل (GP) بزعامة أحمد داوود أوغلو، وحزب السعادة (SAADET) بزعامة تيميل كارامولا أوغلو، والحزب الديمقراطي (DP) بزعامة أويسال جولتكين. يمثل التحالف الثالث اليساري المكون من “تحالف العمل والحرية”، الذي ينادي بمصالح الأقليات القومية في تركيا، وحزب اليسار الأخضر (YSP) أوفوك أوراس، وحزب الشعوب الديمقراطي (HDP) برفين بولدان وميثات سنجار.، حزب العمال (TİP) إركان باشا وآخرون. هذا التحالف، وكذلك حزب الوطن الأم (مملكت) بزعامة محرم إنجه، ليسوا في المعارضة الموحدة، لكنهم يعارضون أيضًا الائتلاف الحاكم بزعامة أردوغان.
المنافس الرئيسي للزعيم الحالي في الانتخابات المقبلة هو مرشح المعارضة الموحدة، زعيم حزب الشعب الجمهوري، كمال كيليجدار أوغلو، الذي يدعمه أيضًا اثنان من السياسيين المعارضين الأكثر شعبية في تركيا – عمدة اسطنبول وعمدة أنقرة، أكرم إمام أوغلو ومنصور يافاس (إذا تم انتخاب كيليجدار أوغلو رئيسًا، فسيحصلون على مناصب نواب الرئيس). كما سيتنافس على الرئاسة سنان أوغان، مرشح تحالف أتاتورك، ومحرم إنجه، رئيس حزب Memleket. ومع ذلك، صرح الأخير بالفعل أنه إذا رأى أنه أدنى من مرشح معارض، فقبل أيام قليلة من الانتخابات سيترك السباق لصالح كيليجدار أوغلو [بالفعل انسحب من سباق الرئاسة-المترجم]. المرشحون الرئيسيون للانتخابات الرئاسية هم الرئيس الحالي لتركيا أردوغان والمرشح من المعارضة الموحدة كيليجدار أوغلو.
التنبؤ بنتائج الانتخابات ليس بالأمر السهل، على اعتبار أن نتائج الاستطلاعات متباينة.
ووفقًا لدراسة رئيسية حديثة بعنوان “Türkiye raporu”، إذا كان كيليجدار أوغلو وأردوغان سيصلان إلى الجولة الثانية من الانتخابات التي يتوقعها كثيرون، فإن مرشح المعارضة سيفوز في التصويت، في حين يحصل الائتلاف الحاكم على الأغلبية في البرلمان. في الوقت نفسه، لم تكن هناك سابقة في تاريخ تركيا لإجراء جولة ثانية من التصويت.
في الوقت المناسب – القائد المناسب؟
الرئيس الحالي، أردوغان، مخضرم في السياسة التركية. منذ انتخابه رئيسًا لبلدية اسطنبول في عام 1994، خسر أمام منافسيه مرتين فقط – خلال أول حملتين في الثمانينيات. لقد وصل إلى السلطة على خلفية التحولات الجادة في المجتمع التركي، وخيبة الأمل في لعب دور الشريك الأصغر لحلف الناتو، والمحاولات المستمرة لتجاوز عتبات الاتحاد الأوروبي.
أدى البحث عن مكان جديد على المسرح الدولي يمكن أن يواكب طموحات تركيا وقدراتها المتزايدة إلى البحث عن زعيم قوي. اتضح أنه كان أردوغان، الذي بدأ في تطوير أفكار حول “تركيا الجديدة” (“Yeni Türkiye”). ظهر “مفهوم” تركيا الجديدة “مع وصول حزب العدالة والتنمية إلى السلطة وارتبط بتغيير في النظام الذي أنشأه أتاتورك في عام 1923 إلى نظام جديد، والذي يجب تنفيذه أخيرًا بحلول عام 2023.
هذه التغييرات هي في الأساس أيديولوجية الطابع. هذا نوع من الانتقال من أيديولوجية علمانية إلى أيديولوجية دينية “، كما يقول جمال ديندار، مؤلف كتاب” متلازمة تركيا الجديدة – من التشخيص إلى العلاج “.
على خلفية التغييرات في أيديولوجية المجتمع التركي في السنوات الأخيرة، تغيرت السياسة الداخلية والخارجية للبلاد بشكل خطير.
على العكس من ذلك، يدعو كمال كيليجدار أوغلو إلى عودة البلاد إلى أصول الجمهورية التركية التي وضعها مصطفى كمال أتاتورك في النصف الأول من القرن العشرين – مسار نحو التغريب (اي التوجه نحو الغرب – المترجم) ومحاربة فلول المجتمع التقليدي والالتزام بالحكم الجمهوري والقومية والشعبوية واقتصاد السوق الموجه من الدولة والعلمانية.
“غاندي التركي”، كما يُدعى كيليجدار أوغلو أحيانًا في تركيا، مع حذره في التصريحات وعدم إثارة المشاكل، اتضح أنه خيار مقبول ومحايد للمعارضة الموحدة. يناسب ترشيحه كلا من الجزء الليبرالي من البلاد والقوميين والأكراد ومجموعات أخرى من المجتمع التركي. لم يتم رفع أي قضايا جنائية ضده، وهو ما لا يمكن قوله عن سياسي آخر أكثر شهرة، أكرم إمام أوغلو. كان أحد الأسباب القليلة للانتقاد هو أصله من المجتمع الديني والثقافي للعلويين (تركيا لا تعترف بهم رسميًا، وكانوا في الماضي ضحايا للتمييز والمجازر). بالنسبة لبعض الأتراك والقوميين السنة المتدينين، هذه الحقيقة مثيرة للاشمئزاز.
سلام في الداخل، سلام في العالم!!
لفترة طويلة، تمكن الحزب الحاكم من الاحتفاظ بالسلطة في يديه، ولكن في السنوات الأخيرة كان هناك اتجاه عكسي. على خلفية الاستياء المتزايد من سياسة أردوغان، أصبح السياسيون المعارضون من الحزب الكمالي (CHP) رؤساء بلديات أكبر مدن البلاد في الانتخابات البلدية لعام 2019 – اسطنبول وأنقرة وإزمير.
حتى الآن، تراكم عدد كبير من المشاكل الاجتماعية والاقتصادية في البلاد: انخفاض قيمة العملة الوطنية بأكثر من أربع مرات على مدى السنوات الخمس الماضية (من 3.8 إلى 18.97 ليرة تركية لكل دولار)، وهو مستوى تضخم مرتفع باستمرار (على الرغم من انخفاضه من 85٪ في أكتوبر 2022 إلى 55٪ اليوم)، زيادة في المستوى العام للفساد (في قائمة البلدان وفقًا لمؤشر الفساد، تراجعت تركيا من المركز 77 في عام 2003 إلى المرتبة 101 في عام 2022). ستجرى الانتخابات بعد شهرين من الزلزال المدمر في جنوب شرق تركيا والذي أودى بحياة أكثر من 45 ألف شخص. تعالت موجة من الانتقادات للإهمال، والتي ترتب عليها هذه العواقب الوخيمة، شملت أولاً الحكومة وشخصياً أردوغان حيث من المتوقع أيضا أن تؤثر على قرار الناخبين.
بشكل عام، لتقييم نجاح أردوغان يمكن الاعتماد على نتائج تنفيذ برنامجه الواسع لأهداف تركيا “رؤية 2023” (“2023 vizyonu”)، والذي تم تقديمه في عام 2011. كان من المفترض أن تمثل هذه الخطة الطموحة علامة على الانتقال “من الأقوال إلى الأفعال” وتحويل تركيا إلى قوة رائدة. من بين الأشياء الرئيسية في الاقتصاد، لم تكن الدولة قادرة على دخول أكبر عشرة اقتصادات في العالم من حيث الناتج المحلي الإجمالي، وبلغت الصادرات نصف المخطط البالغ 500 مليار دولار فقط، ولم يصل الناتج المحلي الإجمالي حتى إلى نصف المطلوب 2 تريليون دولار. وكان معدل البطالة أعلى بمرتين من نسبة الـ 5٪ الموعودة. في المجال الاجتماعي، وعد الحزب الحاكم بزيادة نسبة تشغيل النساء إلى 38٪. ومع ذلك، وفقًا لدراسة أجريت عام 2020 من قبل معهد الإحصاء التركي (TurkStat)، تم توظيف 26.3٪ فقط من النساء فوق سن 15 عامًا، مقارنة بـ 59.8٪ من الرجال. وقد اعترف أردوغان نفسه بعدم إحراز تقدم في هذه القضية. وأشار أردوغان إلى أن تركيا ما زالت ليست “على المستوى المطلوب” من حيث توظيف المرأة ومشاركتها في آليات صنع القرار.
كان تحقيق أهداف “رؤية 2023” في المجال الاجتماعي هو بناء المساكن الاجتماعية للفقراء على نطاق واسع. لذلك، في تركيا، فقط خلال الفترة 2019 – 2022 تم بناء 213 ألف مرفق “إسكان اجتماعي” (حسب الخطة – 100 ألف). لكن هذا النجاح قابله إلى حد ما الزلزال المدمر في عام 2023.
أما بالنسبة للمجال السياسي، فشلت السلطات في اعتماد دستور جديد بحلول عام 2023، والذي تحدث عنه أردوغان كثيرا. كان هذا بسبب حقيقة أنه عشية الانتخابات، كانت المشكلة الرئيسية للمواطنين الأتراك هي الوضع الاقتصادي، وليس التغييرات السياسية اللاحقة في البلاد. ومن المتوقع اعتماد الدستور الجديد بعد انتخابات مايو في حالة فوز الرئيس الحالي وحزبه.
أهداف السياسة الخارجية لتركيا أعلنها أحمد داود أوغلو في عام 2010:
أولاً، تهدف تركيا إلى تلبية جميع الشروط لعضوية الاتحاد الأوروبي وتصبح دولة مؤثرة في الاتحاد الأوروبي بحلول عام 2023.
ثانيًا، ستواصل تركيا السعي لتحقيق التكامل الإقليمي في مجالات الأمن والتعاون الاقتصادي.
ثالثًا، ستسعى جاهدة للعب دور مهم في تسوية النزاعات الإقليمية.
رابعا، ستشارك بنشاط في جميع المحافل العالمية.
خامسًا، ستلعب دورًا حاسمًا في المنظمات الدولية وتدخل أكبر 10 اقتصادات في العالم.
لتحقيق ذلك، يجب على تركيا إحراز تقدم في جميع الاتجاهات وفي كل مجال، وإبداء الاهتمام بكل قضية تتعلق بالاستقرار العالمي، وتقديم مساهمة مناسبة “.
وبالتالي، فإن نتائج الخطة الطموحة للسلطات لتحويل تركيا إلى دولة متقدمة بحلول عام 2023 كانت بعيدة كل البعد عن النجاح. وتجدر الإشارة أيضًا إلى أن الخطط المتعلقة بالمجال الاجتماعي والاقتصادي بدت أشبه بشعارات شعبوية لاستهلاك الجمهور في الداخل.
ما يمكن أن تفخر به حقًا حكومة أردوغان هو تعزيزها للمكانة الدولية للبلاد. على مدار العشرين عامًا الماضية، أصبحت تركيا أكثر احترامًا في المنطقة والعالم. من المعقل المعتاد للجناح الجنوبي الشرقي لحلف الناتو خلال الحرب الباردة، أصبحت البلاد الآن قوة مستقلة. أظهرت سياسة أنقرة نفسها بكل مجدها بعد بدء حرب أوكرانيا في فبراير 2022. على خلفية فرض عقوبات غربية واسعة النطاق ضد موسكو، تبين أن تركيا هي الدولة الوحيدة في الناتو التي لم تفعل ذلك. الرئيس أردوغان صرح بشكل علني أن سلطات البلاد لن تنضم إلى العقوبات ضد روسيا لأنها لا تستطيع السماح لمواطنيها بالتجمد بدون الغاز الروسي، وكذلك بالنظر إلى أهمية بعض المشاريع الثنائية.
“لا يمكننا تنحية علاقتنا مع روسيا جانبًا”. “نحصل على حوالي نصف الغاز الطبيعي الذي نستهلكه من روسيا. بالإضافة إلى ذلك، نقوم اليوم ببناء محطتنا للطاقة النووية Akkuyu مع روسيا. لا يمكننا ترك كل هذا جانبًا”، – صرح أردوغان.
ومع ذلك، فإن الطموحات التوسعية لأردوغان والسياسة الخارجية المكلفة لا تروق للجميع في تركيا. تشعر المعارضة التركية الموحدة أن العديد من الناخبين في البلاد يهتمون أكثر بالقضايا الاجتماعية والاقتصادية وتحسين نوعية حياة المواطنين العاديين، بدلاً من مشاركة تركيا في صراع دولي آخر، وبالتالي، فإن تركيز برنامج المعارضة بأكمله موجه بدقة نحو السياسة الداخلية.
تُركت السياسة الخارجية دون صياغة واضحة وتم اختصارها إلى فكرة عامة – “من المرجح أن تظل جميع الاتفاقيات الدولية سارية”.
كما تم الإعلان عن بعض الخطط بشأن بعض القضايا الهامة. وهكذا، بالنسبة لسوريا، وعدت المعارضة بالفعل بإعادة جميع اللاجئين السوريين البالغ عددهم 3.7 مليون لاجئ، وتحسين العلاقات مع الرئيس بشار الأسد، وتعديل سياستها في الحرب الأهلية. لكن ما الذي ستفعله المعارضة التركية بإدلب لم يُعرف بعد.
تجدر الإشارة إلى أنه نظرًا للعدد الكبير من الالتزامات المختلفة التي كان على كيليجدار أوغلو ان يأخذها على نفسه كي يصبح مرشحا وحيدا للمعارضة يجعل من الصعب مطالبته بتعابير اكثر دقة عدا بعض الكلام عن ” عدم التدخل في الشؤون الداخلية للجيران، وسياسة خارجية نزيهة والامتثال للمعايير الدولية “.
في الوقت نفسه، بالطبع، لا ينبغي لأحد أن ينسى أن الحزب الكمالي كان تقليديًا ملتزمًا بالتوجه الغربي للسياسة الخارجية. كيليجدار أوغلو وعد بالفعل باستعادة العلاقات مع الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو، وكذلك منح المواطنين الأتراك الفرصة لدخول دول شينغن بدون تأشيرة لمدة تصل إلى ثلاثة أشهر.
لطالما عمل الأمريكيون بنشاط واستمروا في العمل مع المعارضة التركية، وهو ما لا يمكن قوله عن روسيا، التي أقامت في الغالب علاقات مع أردوغان دون غيره.
إلى أين تسرع “العربة” التركية؟
الرئيس أردوغان كان قد أدلى مؤخرًا بتصريحاته الأكثر مناهضة للغرب، قائلاً إن الانتخابات المقبلة يجب أن تكون “درساً” للولايات المتحدة. لذلك انتقد أردوغان لقاء السفير الأمريكي جيف فليك مع كمال كيليجدار أوغلو، مضيفًا أن أبوابه مغلقة الآن أمام السفير الأمريكي. طالب وزير الداخلية التركي سليمان صويلو بإخراج “الأيدي القذرة” للولايات المتحدة من تركيا، مضيفًا أن “الجميع يكره أمريكا” وأن انتخابات 14 مايو – هي محاولة انقلاب، لكن سينتصر أردوغان وفي الجولة الأولى.
لدى المرء انطباع بأن فوز الرئيس الحالي يمكن أن يعزز الخلاف في العلاقات الأمريكية التركية، بل ويؤدي إلى انسحاب أنقرة من الناتو. ومع ذلك، فإن تطور العلاقات العسكرية والتقنية، وافتقار أنقرة إلى بدائل حقيقية لحلف الناتو، والموقع الجيو – سياسي لتركيا، واستخدام أراضي البلاد لتموضع القوات الأمريكية، ودور الولايات المتحدة في المنطقة والعالم، إلخ. لا تزال تبقي كلا البلدين “تحت سقف واحد”. وبينما تستمر مزايا التحالف التركي الأمريكي في التفوق على كل عيوبه، فلا داعي للحديث عن الطلاق النهائي، على الرغم من تصريحات أردوغان وممثلي حزبه اثناء الحملة الانتخابية الراهنة.
وفي حالة فوز كيليجدار أوغلو، لن يتمكن المسار السياسي العام للبلاد من اتخاذ طابع جديد تمامًا بين عشية وضحاها. لقد حصل تحول أردوغان وحزبه حزب العدالة والتنمية بشكل جذري خلال سنوات، ولن يختفي هذا الإرث بعد 14 مايو.
إن كمال كيليجدار أوغلو، إذا تم انتخابه، سيتعين عليه الاستمرار في حل المشكلات القائمة مع روسيا فيما يتعلق بتشغيل محطة أكويو للطاقة النووية، والمفاوضات بشأن سوريا، وأوكرانيا، وناغورنو كاراباخ وليبيا، وخطوط أنابيب الغاز، ومكافحة الإرهاب، إلخ. وكما أشار الباحث السياسي هاكان أكساي، المقرب من المعارضة التركية: “نعم، ستحاول أنقرة تقويم العلاقات مع الغرب، التي أفسدتها في عهد أردوغان، لكن هذا لا يعني فتورًا في العلاقات مع روسيا. يفكر كيليجدار أوغلو في هذا الأمر كثيرًا، وكان هذا واضحًا من رسالته التي تم تسليمها إلى مجتمع الخبراء الروس في نهاية أبريل (المائدة المستديرة للانتخابات التي نظمها معهد موسكو للعلاقات الدولية – ملاحظة المؤلف). “
وهكذا، أعلن كيليجدار أوغلو الأولويات التالية في السياسة الخارجية لتركيا وفي العلاقات الروسية التركية :
أولاً، إنهاء الصراع الأوكراني وضمان استمرار آمن لمبادرة القمح في البحر الأسود (ممر الحبوب) مع دور الوساطة التركي الحاسم في “حل الخلافات بين جارتينا”.
ثانيًا، الدفاع عن مصالح تركيا مع الحفاظ على العلاقات التركية الروسية السليمة والقيمة، نظرًا لأهمية هذه العلاقات للاستقرار الإقليمي.
ثالثًا، امتثال تركيا المستمر لاتفاقية مونترو بشأن وضع مضيق البوسفور والدردنيل. بالإضافة إلى ذلك، الحفاظ على سياسة البلاد المناهضة للعقوبات تجاه روسيا. كما أشار إلى عدم الموافقة على المشاعر المعادية لروسيا في العالم. وأخيرا، يرى أنه من المهم تعزيز وتطوير التعاون الثنائي القائم في العديد من المجالات، بما في ذلك في مجال مكافحة الإرهاب. وفقًا لكيليجدار أوغلو، فإن العلاقات بين أنقرة وموسكو تخضع لأزمات في المقام الأول بسبب سياسة اردوغان “الذي يهتدي بمصالحه الشخصية متجاهلا المبادئ والمؤسسات”.
وبالتالي، بغض النظر عمن هو في السلطة في تركيا بعد 14 مايو، سيضطر هذا السياسي إلى حكم البلاد في ظل تلك الاتجاهات المحلية والعالمية المهملة التي تطورت في السنوات الأخيرة. لن يكون من الممكن إيقافها أو عكسها بعد الآن: فالولايات المتحدة مستمرة في فقدان مكانتها الرائدة في العالم تدريجياً، ويتبع العديد من حلفائها سياسة مستقلة دون اعتبار لواشنطن على خلفية تعزيز دور الصين، الهند والبرازيل وغيرها.
تركيا، بطموحاتها وقدراتها المتزايدة في المنطقة، لم تعد الشريك الأصغر للغرب، الذي حاول بكل الوسائل الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي وإرضاء الولايات المتحدة، لكنها ستواصل البحث عن مكانها في النظام العالمي الجديد الناشئ.
✺ ✺ ✺
المثير بالنسبة لروسيا بخصوص الانتخابات في تركيا: سيناريوهات ونتائج
إيليا غيراسكين، باحث ومحلل سياسي روسي
تعريب د. زياد الزبيدي بتصرف
12 مايو 2023
لم يبق سوى أيام قليلة قبل المعركة الحاسمة على الرئاسة في تركيا. الاهتمام المتزايد بها مرتبط بالدور الجيو- سياسي الحصري لأنقرة في الظروف الحالية. تصبح تركيا ورقة “جوكر” واضحة في لعبة ورق أخرى بين روسيا والغرب.
يوجد حاليًا ثلاثة سيناريوهات محتملة لنتائج الحملة الانتخابية:
- • فوز أردوغان المؤكد في الجولة الأولى سيعني الحفاظ على لاعب يمكننا فهمه، و يعرف بوتين كيف يتفاوض معه حول أكثر القضايا حساسية. من المهم بالنسبة لروسيا الحفاظ على توازن القوى الحالي في الشرق الأوسط والحفاظ على تركيا المحايدة في سياق الأزمة الأوكرانية. من وجهة نظر الاستقرار السياسي والمزايا الاقتصادية، يبدو أردوغان الأفضل بالنسبة للكرملين.
- • ربما لن يؤدي فوز مرشح المعارضة في الجولة الأولى إلى تغيير جذري في المسار الخارجي، بما في ذلك العلاقات مع روسيا. ولكن مع مثل هذه النتيجة، هناك فرصة لتغيير تدريجي في الخطاب وإعادة توجيه النخب الوطنية نحو مجموعات الضغط البديلة. يصبح مثل هذا السيناريو ممكنًا بسبب رغبة كيليجدار أوغلو في تجنب أي مقارنات مع أردوغان من حيث التعاطف مع روسيا والتفاوض على شروط مواتية للتعاون مع الغرب. وسيترتب على ذلك مخاطر كبيرة لإعادة بناء النظام في تركيا نفسها.
- • قد يؤدي فوز أي مرشح في الجولة الثانية بفارق ضئيل إلى إثارة احتجاجات وخلق أزمة في البلاد.
من يستطيع الاستفادة من انعدام الاستقرار السياسي في تركيا والمنطقة ككل؟ من الواضح أن الولايات المتحدة هي المستفيد الأول، والتي من أجلها سيفتح هذا الاصطفاف إمكانية الابتزاز والضغط الإضافي. علاوة على ذلك، فإن محاولة تنظيم “ثورة ملونة” عبر المحيط لا تزال حية في ذاكرة أردوغان. في المقابل، يخسر الكرملين شريكا شخصيًا في أنقرة في عدد من المشاريع السياسية والاقتصادية الرئيسية.
يكمن جمال الأوضاع الهجينة في أن أيًا من السيناريوهات الثلاثة التي تمت ملاحظتها لديه فرصة للنجاح العملي على الارض. تم تحديد تعاطف اللاعبين الخارجيين ونواياهم، ويتم وضع الرهانات.
لا يعتبر التلاعب في الاستفتاءات ذات أهمية حاسمة هنا، حيث يتم حل مشكلة الاختلاف بنسبة 5-8٪ عن طريق التعبئة الانتخابية المختصة. سنكتشف من سيكون قادرًا على التعامل مع المهمة بشكل أكثر فاعلية وحشد مؤيديه نحو مراكز الاقتراع يوم الأحد.
________
تابعونا على:
- على موقعنا:
- توتير:
- فيس بوك:
- ملاحظة من “كنعان”:
“كنعان” غير مسؤولة عن الآراء الواردة في المقالات، بل هي تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو محرري نشرة “كنعان” الإلكترونية أو تبنيهم لهذه الآراء والمواقف.
ومن أجل تنوير الناس، وكي يقرر القارئ بنفسه رأيه في الأحداث، ونساهم في بناء وعيً شعبي وجمعي، نحرص على اطلاع القراء على وجهات النظر المختلفة حيال التطورات في العالم. ومن هنا، نحرص على نشر المواد حتى تلك التي تأتي من معسكر الأعداء والثورة المضادة، بما فيها العدو الصهيوني والإمبريالي، وتلك المترجمة من اللغات الأجنبية، دون أن يعبر ذلك بالضرورة عن رأي أو موقف “كنعان”.
- عند الاقتباس أو إعادة النشر، يرجى الاشارة الى نشرة “كنعان” الإلكترونية.
- يرجى ارسال كافة المراسلات والمقالات الى عنوان نشرة “كنعان” الإلكترونية: mail@kanaanonline.org