بعد يوم من حرب الخمسة أيام، عادل سماره

كانت هذه الحرب بين امريكا والكيان من جهة، وبين غزة ممثلة في ا.ل.ج.ه.ا.د الإسلامي التي قدمت أكثر من ثُلَّةً من كوادرها بشكل خاص ومختلف الفصائل وخاصة ال.ج.ب.ه.ة. ا.ل.ش.ع.ب.ي.ة التي قدمت اربعة من مقاتليها وفصائل أخرى فتح والديمقراطية، وإلى جانب هؤلاء كانت تضحيات المواطنين وخاصة النساء والأطفال.

ولأن الصراع والتناقض تناحري، فإن التضحيات أمر طبيعي وواجب لا جدال في هذا.

ولأن القتال طال كل هؤلاء، يسعنا القول بأنها حرب وإن قصُرت الأيام.

لم يكن بالوسع تغطية كل ما يجب أن يُقال في هذه التغطية لفضائية فلسطين اليوم، إما لضيق الوقت أو لحساسية بعض الأمور التي قد تُحرج الفضائية نفسها أو حتى لأن أموراً أُخرى لا يسهُل ذكرها في الآن.

لن أذكر هنا سوى ما يمكن ذكره، هناك أقوال كثيرة فيما يخص مشاركة حركة ح.م.ا.س بشكل فعلي، وبالطبع تمت تغطية ذلك بالحديث عن غرفة العمليات المشتركة إلى جانب عدم مشاركة أي طرف آخر من خارج فلسطين المحتلة. أذكر هذه النقطة وأتركها للناس!

هذا مع أنني قارنت بين درجة المشاركة الفلسطينية وبين مشاركة ال ناتو NATO الذي قدم للكيان كل ما يحتاجه من السلاح سلفاً، وأعطاه أمر العدوان. وهذه مسألة يجب ذكرها من قبيل وجوب الإحاطة على الأقل.

لم يُغطي الإعلام منذ البداية بشكل عادل مشاركة الفصائل الأخرى وخاصة ا.ل.ش.ع.ب.ي.ة، وهذا ينسجم مع ما أعلنه الاحتلال بأنه يستهدف ا.ل.ج.ه.ا.د وحدها، نعم كان الاستهداف اساساً ضد ا.ل.ج.ه.ا.د ولكن إهمال ألاخرين أمر غير صحيح من جهة ويُظهر الاحتلال وكأنه يسيطر بشكل دقيق على كل مجربات الاشتباك مما يُقوي سمعته من جهة ثانية! ورغم أن مجريات العدوان تحدثت عن الصواريخ السورية إلا أن السيد ن.خ.ا.ل.ه والسيد ه.ن.ي.ة لم يذكرا سوريا قطعاً!. وقد يكون هذا مقبولاً لو لم يُوجه الشكر منهما لسلطات مصر قطب التطبيع العلني وسلطات قطر قطب التطبيع المخفي! قد يكون ل.ل.ج.ه.اد مبرراتها في شكر مصر وقطر لكن لا أعتقد أن ح.م.ا.س كانت موفقة في هذا الغمط.

ذكرت الميادين كثيرا منذ اليوم الأول للحرب بأن الكيان غدر بالشهداء الثلاثة حيث اطمئنوا بأنهم سيذهبون إلى مصر للتهدئة فانتهز الكيان الفرصة لاغتيالهم وأُسَرهم! ولكن السيد محمد الهندي قال ايضا على الميادين بأن الشهداء الثلاثة لم يكونوا ممن سيذهبون إلى مصر. وهذا يطرح عدة تساؤلات مثل: لماذا الشعور بالأمان وذهاب الثلاثة في نفس الليلة وإلى نفس بيوتهم! فهل كان هناك رصداً لهم؟ ولماذا تصرفوا بشكل علني لهذه الدرجة؟ وإذا ليسوا ممن كانوا سيذهبون إلى مصر، فهذا يعني أن الاختراق ليس من الجانب المصري بل اختراق داخلي. وينطبق هذا على الشهيدين الآخرين في خان يونس وهما من حاملي مهمة واحدة معاً!.

صحيح أن التهدئة بشرط تجنب الاعتداء على الميادين هو أمر غاية في الأهمية، ولكن كما قال الجميع بأن الكيان لن يتقيد في ذلك. أما الشروط الثلاثة الأخرى للتهدئة فلم تكن ممكنة ولذا، جرى تجاهلها.

من قبيل الأدب لا يُفضل لمن يتحدث أن يناكف زميله، وأقصد هنا النضال في الضفة الغربية، فليس حصرا في ا.ل.ج.ه.ا.د، والأهم من ذلك هناك أمر يخفى على الأكثرية، وهو أن العمليات الفردية التي قام بها رجال سرِّيون تماماً فاقت وتفوق العمليات المفارزية والتي كثيراً ما تطلق النار من بعيد وعرضت نفسها للانكشاف منذ أشهر مما جعل اغتيالها سهلاً، إضافة إلى ان معظم العمليات الفردية ليست من هذا الفصيل او ذاك والأهم أنها أعلى فاعلية أعلى بكثير وأقل كلفة من حيث الأرواح. فعملية فردية واحدة كانت تقتل من 1-4 أو 6. اذكر هذه المسألة لإبراز الحق وأخذ العبرة.

أختم بمسألة هامة ذكرتها في حديثي وهي المشروع الإعلامي الأنظماتي العربي سواء إعلام ا.ل.م.ق.ا.و.م.ة أو الآخر فهو قد لعب ومنذ عامين تقريبا وحتى حينه دوراً خبيثاً في تصوير النضال الفلسطيني أنه قادر على التحرير ولا يحتاج أحدا إلى جانبه. وهذا مقصود به فك فلسطين عن العمق العروبي الشعبي خاصة وإعادة تثقيف الطبقات الشعبية العربية بأن كل قطر هو أمة منفصلة عن اخرى التي هي مجرد جار وُجد بحكم الجغرافيا لا أكثر وبالتالي ليس مطلوباً منه دعم الفلسطينيين ولو حتى بالطعام. وهذا بالطبع ضرب الهدف الأساس وهو الدولة العربية المركزية من أجل عدم القدرة على إنجاز المهمة المركزية وهي تحرير فلسطين. إن تركيز هذا التثقيف الخبيث هو خدمة قصوى للأنظمة التابعة والتي تقزمت إلى دور الوسيط الذي لا يفرض رأيه ولا يمكنه محاسبة الكيان على النكث بتعهداته! وهي خدمة للكيان سواء بوعي أو بلا وعي! لأن التحرير مهمة عروبية من جهة ولأن العدو طالما استهدف الوطن الكبير بأجمعه.

وللتذكير وخاصة الذين ينتقدون شعار “القرار الفلسطيني المستقل” وأنا من بينهم، فإن فك القضية عن عمقها العربي هو استمرار في القرار المستقل وستكون نتائجه أخطر.

https://fb.watch/kxB1JqEOis/?mibextid=dp3N4g

_________

ملاحظة من “كنعان”: “كنعان” غير مسؤولة عن الآراء الواردة في المقالات، بل هي تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم … تابع القراءة ….