نشرة “كنعان”، 5 يونيو 2023

السنة الثالثة والعشرون – العدد 6559

في هذا العدد:

■ ​طمس الحقائق والأفق الضيِّق…عدو في البنية، عادل سماره

  • بمناسبة بطولة وعبقرية الجندي المصري يوم 3 حزيران 2023

نافذة على الصحافة الروسية، إعداد وتعريب د. زياد الزبيدي بتصرف

  • صوت الصمت المقلق… مرة أخرى حول الهجوم الأوكراني المضاد
  • الخلفية السرية لـحرب أوكرانيا: لماذا لم تنضم روسيا إلى الغرب الجماعي؟

✺ ✺ ✺

طمس الحقائق والأفق الضيِّق…عدو في البنية

هكذا عن 5 حزيران

بمناسبة بطولة وعبقرية الجندي المصري يوم 3 حزيران 2023

عادل سماره

أتسائل دوماً، تُرى: هل سمات التأريخ العربي كما هي الكتابة في وعن القرن العشرين والقرن الحالي؟

وأصل السؤال أو سببه ذلك التناقض في سرد “الحقائق” كما هي وليس الموقف منها وتحليلها.

في التحليل والموقف والتقييم نحن أحرار، ولكن في السرد أو إيراد النص، على المرء أن يكون خلوقا حتى قبل أن يكون علمياً. لأن تحريف الحقيقة أو خلق صورة لها من عنديات المرء هو دَوْس على عقل المتلقي!

لست ممن عاصروا هزيمة 1948 بوعي لأنني أكبرها بأربع سنوات فقط، بينما أكبُر حرب 5 حزيران بثلاث وعشرين سنة. لذا، وفي حدود ما عرفت أزعم انني اعرف عنها شيئا ما. ​​

هذا من جهة، ومن جهة ثانية، حاولت، ولا أدري إن كنت نجحت، أن أجعل ما اكتب دقيقاً في سرد الحقيقة على أن اضع موقفي مهما كان حادَّاً إلى حد يستفز كثيرين. لا بأس، ولكن التحليل واتخاذ الموقف هو حق للمرء.

لقد كتبت أكثر من مرة بأن ” أي قطعة من الأرض العربية تُحتل تُقتطع من قطر عربي لا يمكن استرجاعها بغير الوحدة أو بعض الوحدة على الأقل”. وأقصد تحديداً بأن القطرية تقود فيما تقود حتى إلى ضياع الأرض. وهذا ليس مجرد تحليل بل تثبيت حقيقة من لواء إسكندرون إلى سبتة ومليلية إلى فلسطين إلى الأهواز…الخ.

هذا أمر واحد… هزيمة حزيران 1967:

ليس هذا تأريخ للحدث وإنما تذكير بالمناخ الذي حصلت فيه تلكم الحرب، بل العدوان. لماذا العدوان؟ لأن البلد العربي الأكثر قدرة على الحرب كان ضد الحرب حينها لأنه ليس جاهزا لها. هذا ما قاله الرئيس جمال عبد الناصر لأنه كان على يقين من حقيقتين:

الأولى: إن الحرب مع الإمبريالية وليست فقط مع الكيان

والثانية: أن الوضع العربي كان “خداجا” أي غير ناضج وصلب لهذه المواجهة.

لذا، فإن مختلف القوى والأنظمة التي كانت تدفع باتجاه الحرب كانت إما مراهقة أو غير مسؤولة أو ليست قادرة على التحليل من مدخل ترابط الأمور ما يوجب التحليل من مستوى النظام العالمي وصولاً إلى منطقة الصراع.

ويبدو ان عبد الناصر كان يدرك أن بنية مصر نفسها غير جاهزة لكسب حرب فما بالك بتحرير فلسطين.

لذا، لم تكن الهزيمة أمراً خارج القدرة على فهم الإمكانية العالية لحصولها.

إن الأمر الواحد الذي أكتب بصدده هذا اليوم هو: ذلك الهجوم التهكمي والمتشفي والمتواصل ضد الجيوش العربية التي دخلت تلك الحرب!

بدل البحث في:

·        الخلل في بنى الأنظمة العربية التي هدفها التحرير

·       وعدم ردف الجيش بالشعب لأن هذه الأنظمة كانت مدعومة من الطبقات الشعبية لكن انتماءها للطبقة البرجوازية سواء الصغيرة أو التي كبرت.

·       والأنظمة العربية التي كانت في صف الأعداء.

·        وتماسك معسكر العدو من واشنطن لأوروبا إلى الكيان.

بهذا المعنى، لم يكن التقصير من الجندي العربي حتى في الأنظمة القُطرية التي قاتلت شكلياً، بل في النقاط أعلاه.

أذكر بعد نكبة 1948 أن الشارع العربي كان في نقده متجهاً ضد الأنظمة، وهو الموقف الصحيح. وربما تعود صحته إلى أن الأنظمة لم تكن على تلك القدرة لأدلجة الناس لصالحها أو لتعميتهم عن حقيقتها، وهذا بعكس ما بعد هزيمة 1967 حيث تراجعت حركة التحرر العربية قومية وشيوعية سواء بالاستتباع للأنظمة أو بالتراخي والانحصار قُطرياً. وبالمقابل تغولت الأنظمة رغم أنها خرجت من هزيمة فغطت نفسها بالقمع وتراجع حركة التحرر وتسخير الإعلام لصالحها…الخ أي باختار سيطرت الأنظمة وأدلجت الناس ضد الجيوش التي وإن قصَّرت فذلك بسبب الأنظمة نفسها!

كان مما ردده الناس إثر نكبة 1948:

“فلتحيا موسى شرتوك (رئيس وزراء الكيان حينها موشيه شاريت)

خوزق السبعة ملوك

أولهم ال ج…عبد الله

وآخرهم أع …فاروق”

و:

“صهيوني دبر حالك نفدوا الثوار…قائدهم فوزي باشا اسد كرار”

في تلك الحرب قاتل احمد عبد العزيز القائد المصري وحوصر معه عبد الناصر في الفالوجة ولم يستسلما، وقاتل عبد الله التل دفاعا عن القدس وحماها رغم خيانة قائد الجيش الأردني الجنرال الإنجليزي جلوب باشا. بل اذكر أن الجيش العراقي الذي قاتل في جنين والمثلث بتضحية هائلة وكان جنوده يرددون” ماكو أوامر”.

والأهم أن الدراسات الحديثة أكدت أن جيش الكيان كان متفوقاً عدة وعديداً على مختلف الجيوش العربية التي شاركت في الحرب.

ولكن بعد هزيمة 1967 وحتى اليوم تركز الهجوم على الجيوش! وهذا أمر ليس دقيقاً،

فهل يُعقل أن الجندي العربي الذي شارك بطولة عام 1948 كان جباناً في حرب 1967؟ وخاصة بان تسليحه كان أفضل؟

يعيدنا هذا إلى نقاط ثلاث أود الاختتام بها:

الأولى: أن الأنظمة العربية التقدمية لم تكن جاهزة لمواجهة العدو الممتد، كما اشرت، من واشنطن إلى الكيان.

والثانية: إن تبخيس الجيوش العربية التي أثبتت نفسها في حرب الاستنزاف وحرب أكتوبر لا معنى له غير الشماتة، وبأن حرب أكتوبر كان يمكن أن تلحق بالعدو ابعد من الهزيمة مما دفع أمريكا لدخول الحرب بالجسر الجوي ودفع جولدا مائير لتجهيز استخدام النووي إضافة لهذا دور السادات في تسهيل ثغرة الدفرسوار لصالح الكيان مما قلب الميزان في غير صالح الجيش المصري بقصدٍ لا يخرج عن الخيانة.

والثالثة: بأن تبخيس الجيوش لصالح ال.م.ق.ا.و.م.ة يقوم على خبث ضد العروبة.

تجاهل هذه الحقائق واللجوء إلى تبخيس دور الجيوش العربية ليس سوى ترويج وتعميق استدخال الهزيمة.

هامش: يوم الإثنين 3حزيران 1967 غادرت الجامعة اللبنانية إلى رام الله للقيام بدورنا في “ابطال العودة” حيث تأكد ان الحرب واقعة.

_________

ملاحظة من “كنعان”: “كنعان” غير مسؤولة عن الآراء الواردة في المقالات، بل هي تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم … تابع القراءة ….

✺ ✺ ✺

نافذة على الصحافة الروسية

نطل منها على أهم الأحداث في روسيا والوطن العربي والعالم

(1)

صوت الصمت المقلق… مرة أخرى حول الهجوم الأوكراني المضاد

ألكسندر ستافير، خبير عسكري روسي

تعريب د. زياد الزبيدي بتصرف

2 يونيو 2023

في كثير من الأحيان تثير الصحافة السؤال عن سبب عدم قيام سلاحنا الجوي بقصف مواقع الجيش الأوكراني في مختلف قطاعات الجبهة.  بالنسبة لي شخصيًا، يبدو تمامًا أن أولئك الذين يطرحون السؤال بهذه الطريقة هم في أغلب الأحيان من “المنتصرين”، أي أولئك الذين هزموا بالفعل الجيش الأوكراني، ومنعوا الهجوم المضاد والآن يقررون أي مدينة سندخلها أولا!!!

وكل شيء “مغلف” بشكل جميل. إليكم بعض الترهات: لا يضرب سلاح الجو الروسي وحدات الجيش الأوكراني في خط المواجهة لمجرد أن الجنود الأوكرانيين يختبئون في المدن.  ونحن، لأسباب إنسانية، مضطرون إلى استخدام القنابل والصواريخ عالية الدقة، مما يقلل بشكل كبير من تأثير الغارات. ونفس الوحدات التابعة للجيش الأوكراني الموجودة في خط المواجهة، تبقيها مدفعيتنا تحت السيطرة بالنيران.  هذا هو بالضبط ما يفسر حقيقة أنه، بشكل عام، لا توجد تغييرات جادة على خط المواجهة. تنفذ الأطراف موضعيا عمليات تكتيكية، غالبًا ما تهدف إلى الاستيلاء على نقطة دعم أو موقع معين.

 للأسف، من نواحٍ عديدة، تستند هذه الآراء إلى مشاعر وخبرات المعارك السابقة.  هذا واضح.

يعلم الجميع ما حدث في ماريوبول أو باخموت.  من هناك منبع هذا الآراء.  لا توجد حدود أخلاقية للأوكران، مما يعني أنهم سيتصرفون بنفس الطريقة في مناطق أخرى.  هنا فقط مثل هذا الرأي لا يتوافق مع المنطق. نحن نتحدث عن الهجوم الأوكراني المضاد، لكننا نعني الدفاع.

لكن تلك الألوية التي كانت مستعدة للهجوم لا زالت مكانها.  إنهم هناك ومستعدون للهجوم.  وهم لا يجلسون في “شقق” دافئة ومريحة، ولكن خلف خط الجبهة مباشرة.  حرفيا على مرمى عصا من خط المواجهة.

 وهم موجودون وفقًا لجميع قواعد العلوم العسكرية.  إنهم موزعون ولا يتركزون في مكان محدد. نعم، تقع بعض الوحدات في مناطق مأهولة بالسكان، لكن هذا جزء فقط من القوات الرئيسية.

 لماذا لا نقوم بقصف “القوات المستعدة” للهجوم المضاد؟

 يعرف أي “مدفعي” أو طيار أن هناك أنواعًا مختلفة من الأهداف.  وفقًا لذلك، يتم استخدام ذخيرة مختلفة لتدمير كل منها.  إذا قرأتم بعناية بيانات وزارة الدفاع الروسية، فستلاحظون عبارة شبه تقليدية – “لقد وجهنا ضربة بأسلحة دقيقة”.

اليوم، نحن نعلم جيدًا أين وعدد القوات الأوكرانية.  على سبيل المثال، يبلغ حجم القوات في اتجاه باخموت حوالي 80 ألف شخص.  في الوقت نفسه، كان هناك 40 ألف شخص فقط في زابوروجي.

لدينا معلومات أيضًا عن الاتجاهات والمواقع الأخرى المرتبطة بنا مبدئيا.  مرة أخرى، على سبيل المثال، في بريدنستروفيا.  لذا فالأهداف، إذا كانت هناك حاجة وفرصة لقصفها، أكثر من كافية.  لكن هناك قضية واحدة في غاية الأهمية.

 أولئك الذين قرأوا ما كتبنا في المرحلة الأولى من الهجوم الاستراتيجي يعرفون أن المهمة الرئيسية لهذه المرحلة هي تحديد نقاط الضعف في دفاع العدو وتحقيق الاختراق في هذا المكان بالذات.  للأسف، بالنسبة للجيش الأوكراني، لم تكتمل هذه المهمة.  علاوة على ذلك، “استبدل” العدو المنطقة المحصنة في مدينة باخموت بعدة كيلومترات من الحقول المكشوفة.  في أماكن أخرى، أُجبرت القوات الأوكرانية على الزحف إلى مواقعها السابقة.

 لذلك، من المشكوك فيه اليوم أن تكون هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الأوكرانية قد اتخذت القرار النهائي بشأن المكان الذي سيبدأ فيه الهجوم، على الرغم من تصريح زيلينسكي.  من المفهوم حقيقة أن الأوكرانيين في ربيع هذا العام كانوا يعتزمون تكرار الخيار الذي استخدم بالفعل في الخريف الماضي.

عماده كان توجيه عدة ضربات من اتجاهات مختلفة، مما أحدث انتقال غير منظم للوحدات الروسية إلى “الاتجاه الرئيسي” المزعوم، وعندها وجه الأوكران ضربة في مكان آخر.

هذه المرة لم تنجح الخطة.  كانت أعصاب جنرالاتنا قوية.

 دعونا نعود إلى الأهداف المرسومة

 تستخدم الأسلحة الدقيقة في الآونة الأخيرة لتدمير أهداف محددة.  هذه الأهداف هي المستودعات ومواقع الوحدات العسكرية والمصانع العسكرية وورش الإصلاح والجسور وتقاطعات السكك الحديدية وما إلى ذلك. وهو ما نفعله كل يوم – كل ذلك بهدف تقليص احتمالات الدعم اللوجستي وزيادة حشد القوات الاوكرانية في بعض المناطق والاتجاهات.

 في الوقت نفسه، لاحظ أولئك الذين قرأوا بعناية ما كتبه المراسلون العسكريون من الجبهة أن رسائل أخرى تتسلل من هناك في بعض الأحيان.  شيء من هذا القبيل: “الوحدات الأوكرانية المعدة للهجوم رصدتها مخابراتنا في الوقت المناسب ودمرتها المدفعية والغارات الجوية”..

 أولئك الذين “يستطيعون القراءة” يدركون جيدًا أن هذه هي الضربات نفسها ضد نوع مختلف من الأهداف.  حسب المناطق، حسب أهداف المنطقة، وهي تجمعات من القوى البشرية والمعدات للعدو.

 هذه ليست “إنسانية”، على الرغم من أنه يمكنك التحدث عنها، فهذا هو قانون الحرب المعتاد.  يتطلب تدمير العدو “في الميدان” جهدًا وموارد أقل بكثير من التدمير في المناطق المأهولة… هذا الخيار أيضًا لم يتم اختراعه حديثًا.  لقد نسي الكثيرون هذا بالفعل.

 “بالأمس” تصرفت قواتنا بنفس الطريقة أثناء الانسحاب من خيرسون.  لا يتصرف الجيش الأوكراني بنفس الطريقة عند انسحابه من خطوط القتال في منطقتي دونيتسك ولوغانسك.  الطرق يتم تلغيمها مسبقا وتصبح هدفا للقصف الوحشي الأعمى حيث تعمل المدفعية بشكل فعال للغاية.؟!

ماذا بعد؟

 مرة أخرى أكتب نفس الشيء.  يكاد يكون من المستحيل إيقاف آلة الحرب بمجرد تشغيلها.  سيكون هناك هجوم أوكراني.  والصمت الذي يشتكي منه الكثيرون هو في الواقع بعيد عن الصمت.  هذا هو الوقت الذي تدور فيه أشرس المعارك في قطاعات مختلفة من خط المواجهة.  أكرر القتال الشرس!

 استطلاع كلا الجانبين يعمل بشكل كامل. “المخربين” أيضا.  تقوم وحدات المشاة والدبابات بالاستطلاع عن طريق النيران الحية باستمرار.  في نفس اتجاه خيرسون، يتركز عدد كبير من القوارب الاوكرانية لتساهم في عبور المركبات المدرعة إلى الضفة اليسرى بشكل سريع.  من الناحية المجازية، كما يكتبون في مقدمة الأفلام – “أصوات موسيقى مرعبة”.

 مرة أخرى، أكرر، أعتقد أن الضربة الرئيسية ستوجه على وجه التحديد في الجنوب. وهو ليس المكان الذي يوجد فيه التجمع الرئيسي للجيش الأوكراني الآن، ولكن حيث تكون المسافات أقصر وتكون إمكانيات الدعم اللوجستي السريع للقوى البشرية والأسلحة المتقدمة أفضل.  يوفر الساحل مثل هذه الفرصة. على الرغم من أن أسطول البحر الأسود الروسي سيحاول سد هذا الطريق اللوجستي حيث تمتلك أوكرانيا منذ فترة طويلة صواريخ فعالة إلى حد ما مضادة للسفن.

 السؤال الذي يطرح نفسه هو إلى أي مدى سيكون الجيش الأوكراني قادرا على التقدم؟

 ليس لدي إجابة دقيقة.  هناك العديد من العوامل التي لا تساعد، بل تتداخل مع التحليل الموضوعي.  نعم، لا يهم ذلك حقًا في النظرة الواسعة للأشياء.

  في أي حرب، خط المواجهة ليس ثابتا ولكنه قيمة متغيرة باستمرار.  هذه التغييرات هي سمة من سمات الحرب بشكل عام.  مرة أخرى، بفضل ماريوبول وباخموت.  مائة متر هنا، مائة متر هناك…

يغمرني شعور جديد تماما. بالمناسبة، أشعر بنفس المشاعر في المقابلات مع المقاتلين على الجبهة.  على الرغم من أن العديد منهم لا يستطيعون صياغته بعد.  هذه هي نفس الرغبة في المضي قدمًا التي تظهر قبل الهجوم.  عندما تشعر بالحكة في الساقين، تنظر العيون إلى الأفق عندما يريد الجسد القتال.

شعارنا الاستعداد للدفاع، والتخطيط للهجوم!  علاوة على ذلك، للهجوم بطريقة تمكننا من تحرير معظم الضفة اليسرى بحلول نهاية حملة الصيف.  هناك شروط مسبقة لذلك.  يجب الحفاظ على إمكانات جيشنا والحفاظ على الأفراد والأسلحة أثناء المعارك الدفاعية.

 إن تصرفات الموسيقيين (اي قوات فاغنر-المترجم) والوحدات الأخرى، التي اشتهرت على وجه التحديد في الهجوم، تدفعني إلى نفس الفكرة.  استخدام المهاجمين للدفاع هو إهدار كبير للموارد، دعهم يرتاحون و”يلعقون جراحهم”.

 الناس أقوى من المعدن، لكن إمكانياتهم ما زالت محدودة.  وبالرغم من ذلك، عندما يحين الوقت للمضي للأمام، سيكون هؤلاء الأشخاص مفيدين للغاية.  ستكون هناك حاجة إلى أولئك الذين يعرفون كيفية الاستيلاء على المدن…

(2)

الخلفية السرية لـحرب أوكرانيا: لماذا لم تنضم روسيا إلى الغرب الجماعي؟

 ديمتري ترينين، باحث قطاع عدم الانتشار والحد من التسلح لمعهد البحوث القومي للاقتصاد العالمي والعلاقات الدولية التابع لأكاديمية العلوم الروسية، عضو المجلس الروسي للشؤون الدولية

تعريب د. زياد الزبيدي بتصرف

 17 مايو 2023

 “روسيا والولايات المتحدة ليستا خصمين، ولا يهدد أحدهما الآخر، ولكن ربما يكونا حليفين” – إذا نظرت اليوم، تبدو كلمات فلاديمير بوتين هذه خلال أول لقاء له مع الرئيس الأمريكي آنذاك جورج دبليو بوش في يونيو 2001 كشيء من كوكب آخر.  لكن إذا قمت بقياس كل شيء حسب مقاييس تاريخية، فهذا يعني أنه حدث ليس منذ وقت طويل – لقد كان وتلاشى.

 حقيقة أنه في السنوات الأولى لبوتين في السلطة، حاولت روسيا بصدق أن تصبح جزءًا لا يتجزأ من الغرب الجماعي، لكنها واجهت رفضه السري، ولكن القاسي للغاية، معروفة جيدًا.  لكن أسباب هذا الرفض ما زالت إلى حد كبير “مخفية خلف الضباب”.

 نظرًا لكون الغرب في حالة من النشوة بعد انتصاره في الحرب الباردة، فقد أظهر الغطرسة وأهدر فرصة تاريخية – هذه الأطروحة عادة ما تنهي تحليل ما يبدو، على خلفية الحقائق الحديثة، خطأ لا يغتفر من قبل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.

 لكن هل هي مجرد “غطرسة”؟  أم أن الحسابات البراغماتية كانت مخبأة وراء “الغطرسة”؟  الخبير الروسي المعروف ديمتري ترينين متأكد من أنهم كانوا يختبئون، بل إنه يعرف تفاصيل أكثر.

 من بين نجوم تحليل السياسة الخارجية الروسية، هناك العديد من أصحاب السير الذاتية الغنية.  ومع ذلك، فإن سيرة ديمتري ترينين هي واحدة من أعمقها وأغناها.  1978-1983 – ضابط ارتباط في قسم العلاقات الخارجية لمجموعة القوات السوفياتية في ألمانيا.  1985-1991 – عضو وفد الاتحاد السوفياتي في المحادثات السوفياتية الأمريكية حول الأسلحة النووية والفضائية في جنيف.

  1994-2022 – رئيس المجلس العلمي، كبير الباحثين، مدير مركز كارنيجي في موسكو، المصنف الآن كوكيل أجنبي.

  في 24 شباط (فبراير) من العام الماضي، اعترف ديمتري ترينين بانهيار جميع محاولاته لإقامة تفاهم متبادل بين روسيا والغرب خلال سنوات طويلة من العمل وانتقل إلى موقف مناهض للغرب بحدة.

  وهذه هي الطريقة التي يرى بها الآن الأسباب الكامنة وراء هذا الانهيار وما ينتظرنا في المستقبل.

 عالم على حافة الهاوية

سؤال – الصحفي البريطاني تيلور داونينج يؤكد في كتابه “1983: العالم على وشك”: قبل 40 عامًا، اقترب الاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة من شفا حرب نووية.  متى تعتقد أن خطر نشوب صراع نووي كان أعلى: انئذ أم الآن عام 2023؟

جواب – “هاتان حالتان خطرتان مختلفتان.  في عام 1983، توقعت القيادة السوفياتية – سواء كانت سياسية في شخص يوري أندروبوف، أو عسكرية في شخص المارشالات نيكولاي أوجاركوف وسيرجي أخروميف – ضربة نووية مفاجئة ضخمة من قبل الولايات المتحدة، تهدف إلى القضاء على القيادة العسكرية-السياسية للاتحاد السوفياتي.  في موسكو، كان يُنظر إلى نشر الصواريخ النووية الأمريكية متوسطة المدى في أوروبا على أنه خطير للغاية.

 لا يوجد دليل على أن الولايات المتحدة كانت مستعدة في ذلك الوقت لارتكاب مثل هذا الانتحار الفعلي.  عرف الأمريكيون أن الاتحاد السوفياتي قد طور نظام “بيريمتر” (أو كما أطلق عليه الأمريكيون “اليد الميتة”)، والذي سيدمر أمريكا حتى بعد تدمير القيادة السوفياتية.  ومع ذلك، فإن اقتناع قيادة الاتحاد السوفياتي بأهمية مثل هذا التهديد كان في حد ذاته عامل خطر.  إذا نظر اي طرف بثقة إلى حتمية تلقيه ضربة من العدو فهذا سبب كاف لاتخاذ إجراءات وقائية.

 الآن الوضع مختلف.  استمرت أزمة الصواريخ الكوبية عام 1962 لمدة 13 يومًا.  ما نمر به الآن منذ أكثر من 13 شهرًا، ومن الناحية النظرية، يمكن أن يستمر 13 شهرًا أو حتى 13 عامًا.  بسبب طبيعة اطالة أمد هذه الأزمة من ناحية الوقت، فإن خطورتها لا تقل، بل تزداد وتتفاقم.  في مرحلة ما، قد ننزلق إلى مسار يؤدي إلى تصادم فوري.  ولكن، على عكس الوضع في عام 1962 أو 1983، فإن الحرب التي أعتبرها أكثر احتمالًا هي ليست حربًا بين روسيا والولايات المتحدة، بل حرب بين روسيا وحلف الناتو.

سؤال – “معذرة، ما الفرق؟”

جواب – الاختلاف هو أن أراضي الولايات المتحدة وأراضي الاتحاد الروسي في هذه الحالة لن تتعرض لضربات نووية.  وبدلاً من ذلك، لن يتم تنفيذ الضربات النووية إلا داخل مسرح العمليات المباشر. يمكن الآن الرجوع إلى مواد مناورات الناتو خلال الحرب الباردة فهي أصبحت مفتوحة.

 في مطلع الستينيات، طور الأمريكيون نظرية الحروب النووية المحدودة، التي كان من المفترض أن تشن على أراضي أوروبا أو آسيا.  في سياق مثل هذه الحروب، ستتعرض القوات الأمريكية في المناطق المماثلة من العالم، بالطبع، لهجوم من العدو.  لكن في الوقت نفسه، اقتصرت الحرب النووية على أراضي الدول الأعضاء في حلف الناتو وحلف وارسو فقط – بدون الدول الرائدة في كلا الكتلتين (أي بعيداً عن أراضي الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي – المترجم).

 في السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي، أجريت محادثات صريحة مع زملائي في ألمانيا الغربية.  وكانت لديهم شكوك عميقة في أن الولايات المتحدة تريد الدفاع عن هامبورغ على حساب خسارة شيكاغو.  لا أعتقد أن أي شيء قد تغير في هذا الصدد.

سؤال – وماذا عن المادة الخامسة سيئة السمعة من ميثاق الناتو بشأن الدفاع الجماعي المتبادل عن النفس؟

جواب – هذا مجرد سؤال مثير للاهتمام.  من المؤكد أن الولايات المتحدة سترد على أي هجوم على أراضيها.  لكن المادة 5 من معاهدة واشنطن، كما يتم تفسيرها عادة، هي إلى حد كبير أساطير سياسية.

 تنص هذه المادة على ما يلي: “تتفق الاطراف المتعاقدة على أن هجومًا مسلحًا ضد واحد منهم أو أكثر  في أوروبا أو أمريكا الشمالية يعتبر هجومًا ضدهم جميعاً، وبالتالي يتفقون على أنه في حالة حدوث مثل هذا الهجوم المسلح، فإن كل منهم، في ممارسة حق الدفاع عن النفس الفردي أو الجماعي المعترف به في المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة، سيساعد الطرف المتعاقد المتضرر، أو الأطراف المتعاقدة المعرضة لمثل هذا الهجوم، عن طريق أخذ الإجراء الفردي أو العمل الجماعي الذي تراه ضروريًا، بما في ذلك استخدام القوة المسلحة لغرض استعادة الأمن في منطقة شمال الأطلسي والحفاظ عليه لاحقًا “.

 لذا، فإن استخدام القوة العسكرية مسموح به – لكن هذا لا يتم تلقائيًا، وعلاوة على ذلك، لا يؤدي إلى ضربة نووية تلقائية.

سؤال – لنفترض أن أمريكا لا ترد بضربة نووية لروسيا في حالة نشوب حرب نووية محلية في أوروبا.  فكيف ستجيب؟

جواب – بالطبع لن يترك الأمريكيون ضربات على دول الناتو دون رد.  لكن لن يكون هناك استجابة نووية.  قد يستنتج الأوروبيون، الذين يعتقد الكثير منهم أنهم محميون تمامًا بالمظلة النووية الأمريكية، أنهم غير محميين تمامًا بالمظلة النووية.  وذلك لان “الأخ الأكبر” لن يضحي بنفسه.  يمكنه إرسال أسلحة، لكنه لن يجعل نفسه عرضة للهجوم.  قد يكون لذلك عواقب على الرأي العام في بعض البلدان، وعلى الحكومات في هذه البلدان، وربما على حلف شمال الأطلسي ككل.

 سؤال – هل المواجهة العسكرية المباشرة بين روسيا والناتو ممكنة بدون استخدام السلاح النووي؟

جواب – هذا يعتمد على ما نعنيه بالمواجهة المباشرة.  إذا كانت هناك مواجهة مع طائرة حلقت في مكان ما في المكان الخطأ وتم إسقاطها نتيجة لذلك، فهل هذه هي الحرب؟  لا، هذه لا تزال حادثة.  إذا ظهرت سرية أو كتيبة من القوات البولندية على خط المواجهة في أوكرانيا، فهل هذه حرب مع بولندا أم أنها ليست حربًا؟

 إذا كانت هناك حادثة تقتصر على حدث واحد، فهي ليست حربًا بعد.  بالطبع، هذا لا يستبعد سقوط ضحايا من الجانبين.  خلال الحرب الكورية في بداية الخمسينيات من القرن الماضي، قام طيارونا بإسقاط الطيارين الأمريكيين.  خلال حرب فيتنام في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي، أسقطت مدافعنا المضادة للطائرات الطائرات الأمريكية.  لكن هذا لم يصبح حربًا بين الاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة.

 الضربات الصاروخية – ربما تكون حربًا بالفعل.  إن توريد الطائرات التي ستتمركز في المطارات في بولندا أو في دولة أخرى من دول الناتو، بحيث تقلع من هذه المطارات، لتوجيه ضربات – ليس بالضرورة في أعماق الأراضي الروسية، ولكن حتى ضد القوات الروسية في أوكرانيا – هذه هي بالفعل حرب.  وإذا كانت هذه حربًا، فإن مسألة حدود رد الفعل قد تم تحديدها بالفعل من خلال صلاحيات القائد الأعلى.

 من الواضح أن دول الناتو تتفوق عدة مرات على روسيا من حيث القوة العسكرية التقليدية.

 لروسيا ميزتان:

 الأولى – هي الأسلحة النووية التي هي قادرة وجاهزة للاستخدام.  ويعرف العدو أن الضربة على روسيا ستؤدي إلى توجيه ضربة إلى البلد الذي ستنطلق منه الضربة.

 والثانية – هي حقيقة أن المخاطر بالنسبة لروسيا في هذا الصراع أكبر بعدة مرات من مخاطر دول الناتو.  لقد فقدنا بالفعل أرواح الآلاف من الجنود.  ويتم بالفعل شن ضربات ضد أراضينا – حتى لو لم تكن ضخمة – بما في ذلك باستخدام “الحيل” الغربية.

 في الوقت الحالي، موسكو مستعدة لتحمل “لدغات البعوض” في جميع أنحاء البلاد.  موسكو مستعدة للمزيد.  من حيث المبدأ، دخلت روسيا الحرب مع الغرب في أوكرانيا بالفعل إلى منطقة حيث كل شيء ممكن على الإطلاق.  يجب أن نكون مستعدين داخليًا لذلك.  هذا لا يعني أن كل ما هو ممكن سيحدث بالتأكيد.  لكن يجب أن نكون مستعدين لحقيقة أن هذا يمكن أن يحدث.

سؤال – دعنا نتحدث عما يمكن أن يحدث.  كيف تقيمون الوضع الحالي في ميادين الحرب الأوكرانية؟

جواب – كل أولئك الموجودين في روسيا ممن لهم علاقة بعملية صنع القرار هم بخيلون بالتصريحات، وربما يكون هذا مبررًا.  رأيي الشخصي عن الاستراتيجية الروسية هي أنها استراتيجية لإضعاف العدو، وطحن الجيش الأوكراني، وتدمير أكبر قدر ممكن من القوى البشرية للعدو.

 ليس من الضروري على الإطلاق الاستيلاء على الأراضي، مع خسارة عدد كبير من أرواح الجنود والضباط.  الهدف المنشود، كما أراه، – هو إيصال العدو إلى حالة ينضب فيها الدم لدرجة أنه لن يساعده بجدية اي ضخ للأسلحة والمعدات.  الغرب قادر على إمداد كييف بكمية غير محدودة من المعدات.  ما لا يستطيع الغرب توفيره – هو “الجندي”.  الغرب خائف من المسار الذي قد يتخذه الصراع العسكري في هذه الحالة.  هذا تصعيد أفقي (جغرافي) – على أراضي تلك الدول التي سترسل قواتها إلى المعركة، – وعمودي، أي، التصعيد من حيث حدة الصراع العسكري وصولا إلى استخدام السلاح النووي.

يبدو لي أن الرئيس بوتين مستعد لنزاع عسكري طويل الأمد.  في الآونة الأخيرة كان هناك مقال مثير للاهتمام في المجلة البريطانية الإيكونوميست.  تقول إن روسيا تكيفت تمامًا مع الصراع العسكري الجاري الآن، ويمكنها الاستمرار في شن مثل هذا الصراع إلى أجل غير مسمى.

 يحاول بوتين خلق وضع يستمر فيه معظم الناس في روسيا في العيش في بيئتهم المعتادة التي يسودها السلام والراحة والازدهار إلى حد ما.  أعتقد أن هذا الاستنتاج بالذات صحيح.  لا يريد بوتين السماح لأي شيء من شأنه زعزعة استقرار الهدوء السياسي الداخلي في البلاد.

سؤال – بوتين حسب منطقك مستعد لصراع عسكري طويل.  ولماذا يستعد الغرب؟

جواب – في الغرب، خلال الحرب الباردة، وصفوا السياسة الخارجية للاتحاد السوفياتي على هذا النحو: تكتيكات “السلامي”.  حيث، تقطع موسكو النقانق إلى قطع صغيرة رفيعة حتى تأكلها كلها.  الولايات المتحدة تفعل ذلك بالضبط الآن.

 موسكو سوف تأخذ الغرب وأوكرانيا عن طريق تجويعهم.  العدو يحاول أن يفعل الشيء نفسه فيما يتعلق بالاتحاد الروسي.  تكمن قوة الغرب في أنه منظم للغاية ومنسق.  واليوم، ما كان يتحدث عنه الأمريكيون خلال الحرب الباردة ولم يكن ذلك واضحًا في ذلك الوقت، بدأ في الظهور: أعظم ميزة لأمريكا على الساحة الدولية هي أن الولايات المتحدة لديها العديد من الحلفاء.  والآن نحن نفهم بالضبط ما يعنيه هذا “الحلفاء العديدون”.

 معظم حلفاء الولايات المتحدة – هم اقتصادات متطورة للغاية ويتصرفون معا.  روسيا الآن ليس لديها الفرصة التي كانت لديها في معظم تاريخها: أن تجد “نوافذ”، ثغرات في المعسكر الغربي، لاستخدامها وتوسيعها.  سيستمر الغرب في استخدام هذه الميزة وتطويرها.

سؤال – وكيف تنوي القيادة البولندية “تطوير تفوقها”؟  برأيك هل حافظوا، في عقلهم الباطن، على مراكز التحكم بتهورهم؟

جواب – لا تزال القيادة البولندية الحالية، بكل خطابها الراديكالي، تتصرف بحذر.  موقفهم، بالطبع، له لحظات مثيرة للاهتمام عندما تعارض بولندا وألمانيا روسيا وفي نفس الوقت تطالب ألمانيا بدفع تعويضات جديدة عن الحرب العالمية الثانية.

لكن في وارسو، أعتقد أنهم يدركون أن الصدام المباشر مع روسيا محفوف بمخاطر كبيرة للغاية.  سيحاول البولنديون الاختباء وراء الولايات المتحدة.  يمكن أن يثيروا الكثير – وأحيانًا يكونون ناجحين تمامًا.  لكن حتى الآن، لا أرى رغبة البولنديين في “الاستثمار” الكامل في الصراع في أوكرانيا والمشاركة بشكل مباشر في الصراع المسلح.  أي تدخل من هذا القبيل مستحيل إذا عارضته الولايات المتحدة.  تسعى إدارة بايدن – على الأقل في عقلها – إلى التصرف بحكمة وحذر.

 سؤال – هل تتطلب “وجهات نظر إدارة بايدن الحذر” إنهاء سريع للصراع في أوكرانيا؟

جواب – بالنسبة للسياسة الأمريكية، لا يوجد شيء أكثر أهمية من “الشؤون المنزلية”.  كل هذه “الصين وأوكرانيا وروسيا” تتضاءل مقارنة بالمشاكل الأمريكية الداخلية ومهمة الفوز بالانتخابات.  وإذا استمرت الأزمة في أوكرانيا واضطر الأمريكيون إلى الانجرار إلى صراع عسكري قد يؤدي نظريًا إلى موت أمريكا كدولة، فان هذا سيكون قادرًا على التأثير على الحملة الانتخابية.

 في رأيي، يود الرئيس بايدن أن تنتهي هذه الحرب في عام 2023، أو على الأقل إلى حل وسط.  سيسعده أن يقول إنه في ظل قيادة الرئيس الأمريكي الحكيم والقيادة العالمية للولايات المتحدة، كان من الممكن “إيقاف بوتين الشرير” والحفاظ على سيادة أوكرانيا وما إلى ذلك.  نعم، ستفقد أوكرانيا بعض الأراضي.  لكن الحل النهائي لهذه المشكلة هو أمر يتعلق بالمستقبل.  والشيء الرئيسي الآن هو أن الصراع العسكري قد توقف، وكييف صامدة، ولم يتمكن الروس من التقدم بقدر ما يريدون.  لكني أعتقد أنه من غير المرجح أن يلعب الرئيس بوتين هذه اللعبة.

 الخريطة الصينية

سؤال – نقاط تلاقي مصالح روسيا والصين واضحة.  وما هي نقاط عدم تطابق هذه المصالح؟

جواب – لقد تم إخراج روسيا من النظام العالمي المعاصر من قبل الغرب، الذي يسيطر عليه.  ليس أمام موسكو طريقة أخرى سوى البدء في تشكيل عناصر نظام عالمي جديد.  لا تزال الصين مرتبطة ارتباطًا وثيقًا، اقتصاديًا وغير ذلك، بالنظام العالمي الذي يسيطر عليه الغرب.  تهدف بكين إلى إصلاح هذا النظام العالمي بحيث تتمتع الصين والدول الأخرى بمزيد من الحقوق والفرص للحد من الهيمنة الأمريكية.  السياسة الروسية تتلخص في وضع حد لهذه الهيمنة.  لكن هذا الاختلاف في المواقف لا ولن يتعارض في المستقبل المنظور مع تعاون أوثق بين موسكو وبكين.

سؤال – يأمل الكثيرون في روسيا أن تتخلى بكين عن حيادها وأن تدعم موسكو بشكل مباشر في الصراع الأوكراني.  هل هذا واقعي؟

 جواب – كل شيء ممكن في ظل ظروف معينة.  على سبيل المثال، إذا أثارت الولايات المتحدة صراعًا في مضيق تايوان، فقد تدخل الصين في صراع مباشر مع أمريكا.  وهذا يعني مواجهة عسكرية على جبهتين.  ستدعم الصين روسيا في القضية الأوكرانية، وستدعم روسيا الصين في قضية تايوان.

 ولكن إذا لم يحدث هذا وتطور الموقف تقريبًا كما هو يتطور الآن، فستتصرف الصين بطريقة تؤدي الى تأثر مصالحها بالحد الأدنى.  بالنسبة للصين، لا تعتبر مهمة فقط للولايات المتحدة، ولكن أيضًا لأوروبا.  أوروبا شريك تجاري كبير جدًا لجمهورية الصين الشعبية، ولا يرغب الصينيون في خسارة مراكزهم في أوروبا.  لا تريد بكين أن تلعب لمصلحة أمريكا، التي تسعى لضمان قطع الأوروبيين العلاقات مع الصين، كما قطعوا علاقاتهم مع روسيا.

 تتصرف الصين بحذر شديد، لكنها تتبنى موقفًا مواتيا بشكل متزايد تجاه موسكو، ويرجع ذلك أساسًا إلى اعتبارات براغماتية بحتة.  أعتقد أن القيادة الصينية – بما في ذلك الجيش – أصبحت مقتنعة أكثر فأكثر بأن الصراع المباشر مع الولايات المتحدة أمر لا مفر منه.  وإذا كان الأمر كذلك، فمن الضروري التصرف وفقًا لذلك: لا ينبغي بأي حال من الأحوال تسريع هذا الصراع أو حتى السعي لتجنبه، ولكن في نفس الوقت منع الأمريكيين من تحقيق النتائج التي يسعون إلى تحقيقها بأيدي الأوكرانيين في أوروبا..

سؤال – لذا، من وجهة نظر بكين الرسمية، فإن صدامها المباشر مع الولايات المتحدة أمر لا مفر منه على الأرجح.  لكن هل المواجهة الحالية بين روسيا والغرب حتمية؟

جواب – أعتقد أنه، باستثناء الموت، يمكن تجنب كل شيء في هذه الحياة – حتى الضرائب، كما يفعل (أو فعل) بعض المواطنين بنجاح.  المرة الأخيرة التي كنا فيها في مرحلة كان من الممكن أن تسير فيها الأمور في اتجاه مختلف تمامًا كانت حوالي 2011-2012.  تذكر كيف أنه في مارس 2012، في قمة الأمن النووي في سيول، ناقش دميتري ميدفيديف، الذي كان يغادر منصب رئيس الاتحاد الروسي، وباراك أوباما، الذي كان يستعد لإعادة انتخابه كرئيس للولايات المتحدة، قاموا بمناقشة الصعوبات في العلاقات بين البلدين مع تشغيل الميكروفون.

 حينها قال أوباما: “كل هذه القضايا، وخاصة الدفاع الصاروخي، يمكن حلها، لكن من المهم أن يمنحني (أي بوتين) مساحة أكبر”.  كما وعد الرئيس الأمريكي الكرملين في ذلك الوقت، بعد انتخاب رئيس الولايات المتحدة في الخريف المقبل، سيكون أمامه “المزيد من الفرص” لحل مشكلة الدفاع الصاروخي.

ومع ذلك، كانت هذه مناورة تكتيكية من جانب الرئيس الأمريكي.  في نظر أوباما، لم تعد روسيا منذ فترة طويلة لاعباً هاماً.  لقد احتاج إلى روسيا لحل مشاكل أفغانستان وإيران، لكن ليس لأي أمور خطيرة حقًا.

 يمكن قول الشيء نفسه عن العلاقات السابقة بين روسيا وأوروبا.  لقد أدركنا سياسة “الشراكة من أجل التحديث” التي أبرمت مع الاتحاد الأوروبي في عام 2010 بروح نوايا بطرس الأول: أردنا الحصول على تقنيات متقدمة.  والأوروبيون يقصدون ب “التحديث” بالدرجة الأولى “التحديث السياسي” داخل روسيا.  كان الألمان متحمسين بشكل خاص في هذا الصدد.

 عندما يتحدث الناس الآن عن “منعطف حاد” في العلاقات بين روسيا وألمانيا، فإن هذا ليس صحيحًا تمامًا.  بدأ هذا “التحول الحاد” في العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين، بعد رحيل غيرهارد شرودر من منصب مستشار جمهورية ألمانيا الاتحادية.  من الجانب الألماني، بدأ الحديث عن “القيم”، حول حقيقة أن روسيا وأوروبا “ليس لديهما انسجام في القيم”… لكن دعني أعود إلى سؤالك.  نعم، كان بالإمكان تجنب المواجهة.  لكن بالنسبة للغرب، تبين أن التضحية التي كانت روسيا تدفعه إلى القيام بها لا تطاق.

سؤال – أي نوع من “التضحية المقدسة” طلبتها موسكو من الغرب؟

جواب – تذكر ما هي المواقع التي انطلق منها فلاديمير بوتين في السنوات الأولى من حكمه.  سعى بوتين لإيجاد خيار تكون فيه العلاقات بين روسيا والغرب منزوعة السلاح.  تحدث عن انضمام روسيا إلى الناتو – ليس على مستوى التلميحات، ولكن على مستوى المحادثات الحقيقية على مستوى عالٍ جدًا.  سعى بوتين إلى تجميع موارد أوروبا وروسيا، لدمج اقتصاداتهما، للسماح للأوروبيين بالوصول إلى مواردنا مقابل قبول الشركات الروسية في السوق الأوروبية.

 لم تكن عبارة “أوروبا من لشبونة إلى فلاديفوستوك” مجرد عبارة جميلة.  كانت هناك خطة كاملة وراء ذلك.  لكن روسيا حُرمت من كل هذا – للأسباب التالية.  بالحديث عن انضمام روسيا إلى الناتو، فإن موسكو تعني مشاركتها الكاملة في صنع القرار في الحلف.  وهذا بدوره يعني أنه يجب تخفيف الهيمنة الأمريكية بسبب الحاجة إلى التشاور والتفاوض مع روسيا.  لم يذهب الأمريكيون في هذا الاتجاه.

 قد يعني اندماجنا الاقتصادي مع أوروبا ظهور تعايش قوي – التعايش الذي كان يخشى منه الأمريكيون والبريطانيون تاريخياً: التحالف الروسي الألماني، وخاصة التحالف الروسي الألماني الفرنسي الإيطالي.  هذه الكتلة الجيوسياسية، إذا ظهرت، يمكن أن تصبح منافسا حقيقيًا لأمريكا داخل الغرب الموسع.  إذا أصبحت روسيا جزءًا من الغرب، فبفضل ذلك سيتحول الغرب الأوروبي إلى منافس جاد لأمريكا الشمالية.  ظنوا أنه سعر مرتفع للغاية.  وها نحن حيث نحن الآن.

سؤال – وأكثر ما لا أفهمه عن الوضع الحالي: لماذا قررت أمريكا ممارسة الضغط على كل من روسيا والصين في نفس الوقت؟  هل هذا منطقي؟

جواب – إنه غير منطقي.  لكن المشكلة الرئيسية في تشكيل استراتيجية السياسة الخارجية الأمريكية هي الغطرسة التي تتعامل بها النخبة السياسية الأمريكية مع العالم الخارجي.  كانت دائمًا متغطرسة، لكن هذه الغطرسة كما حدث بعد 1991 المشروطة لم تُلاحظ أبدًا في واشنطن.  أخبرني خبير عميق ودقيق في السياسة الخارجية الأمريكية من الداخل – هو نفسه، بالمناسبة، أمريكي – الأمر التالي: إذا كنا، الولايات المتحدة، أكثر حكمة، فسنحتاج إلى إنشاء عالم متعدد الأقطاب من حولنا والعمل فيه ليس كقوة مهيمنة، ولكن كمنسق.  إلى حد ما، كانت هذه بالضبط فكرة فرانكلين روزفلت، التي تم دمجها في مشروع إنشاء مجلس أمن للأمم المتحدة من خمسة أعضاء دائمين – “رجال شرطة العالم”.

 ومع ذلك، فإن الجيل الحالي من القادة الأمريكيين لا يرى في بلاده سوى قوة مهيمنة.  حتى بعض الوقت بدا لهم أن روسيا لم تعد قوة سياسية جادة.  وقال الأمريكيون مازحين: روسيا ستكون أقوى غدا من بعد غد.

 لقد اتبعت مسارًا موجهًا، كما يقولون، نحو “الجنوب” – أي، إلى الأسفل.  لذلك، لم يهتم الأمريكيون بروسيا كثيرًا.  في ذلك اليوم، أعدت قراءة التقرير المفتوح للمخابرات الأمريكية “Global Trends 2040” والذي نُشر في عام 2021.  كانت روسيا تعتبر هناك كواحدة من قوى الصف الثاني.  الصف الأول هو الولايات المتحدة والصين.  والثاني هو أوروبا وروسيا والهند.   في هذا الصف الثاني، تعتبر روسيا لاعبًا رئيسيًا، خاصة في منطقة ما بعد الاتحاد السوفياتي.  لكنها استمرت في الانزلاق نحو الأسفل.

سؤال – لنفترض أن موسكو نفسها أعطت مبررا إلى مثل هذا الموقف من خلال الاستسلام في الحرب الباردة الأولى، والموافقة على تدمير الاتحاد السوفياتي والدخول في مرحلة الاضطرابات الداخلية في التسعينيات.  لكن كيف يمكن للأمريكيين التغاضي عن تحول الصين إلى منافس عالمي؟

جواب – من وجهة النظر الأمريكية، تواجه الصين عددًا من المشكلات التي سيتعين عليها مواجهتها عاجلاً أم آجلاً، والتي ستحد من تطورها وقوتها.  وحتى إلى نقطة معينة، قبل حوالي 10 سنوات، اعتقد الأمريكيون أن الصين يمكن أن تقبل دور قوة ثانية بعد الولايات المتحدة، و”تلطيف” طموحاتها الجيوسياسية والتركيز بشكل أساسي على الاقتصاد.  والاقتصاد، على حد تعبير ماركس، الذي قال عن هذا، هو “الخلد (او القنفذ في بعض اللهجات-المترجم) الذي يؤدي وظيفته”.  اعتقدت الولايات المتحدة أن الاقتصاد من شأنه أن يؤدي إلى تآكل النظام الشيوعي الصيني من الداخل وأن الصين سيكون عليها خوض إعادة هيكلتها وتحولها.

كيف ماتت الأوهام

سؤال – حتى شباط (فبراير) من العام الماضي، كنت رئيس فرع موسكو لمؤسسة كارنيجي الأمريكية، (المصنف الآن كعميل أجنبي)، ولكن بعد بدء حرب اوكرانيا، اتخذت موقفًا حازمًا مناهضًا لأمريكا.  منذ متى وأنت تعاني من التناقض الداخلي قبل هذه اللحظة؟

جواب – لم يكن لدي تناقض على الإطلاق.  لقد رأيت مهمتي في تعزيز العلاقات بين الاتحاد الروسي والولايات المتحدة – لصالح روسيا ولا تتعارض مع مصلحة أمريكا.  لقد اعتمدت على حقيقة أن أمريكا ستبني سياستها الخارجية مع الأخذ في الاعتبار أن هناك عددًا من الدول التي لن تسير في أعقاب أمريكا: روسيا والصين وإيران وعدة دول أخرى.  ومن المستحيل كسرها.  بطريقة أو بأخرى، عليك أن تتعايش معهم.  وبما أنه يتعين عليك العيش معهم، فأنت بحاجة إلى بناء علاقات معهم حتى يكون الجميع سعداء.

 من أجل بناء مثل هذه العلاقات، عليك أن تعرف نظرائك جيدًا بما يكفي، دعنا نسميها كذلك.  لقد رأيت مهمتي على أنها مواجهة تلك الكليشيهات الموجودة والتي يتم تكرارها في الولايات المتحدة فيما يتعلق بالسياسة الخارجية الروسية وروسيا ككل والتحدث حول ما يهم روسيا حقًا.  اعتقدت أن هذه المصالح لا تهدد المصالح القومية الأمريكية بأي شكل من الأشكال.  عندما يتصادمون، هناك فرصة لإيجاد طريقة بناءة للتفاعل أو على الأقل الحد من التنافس.

سؤال – ومتى كانت لديك شكوك جدية حول وجود مثل هذه الفرصة؟

جواب – لم تكن نقطة الاختيار 2022 بل 2014.  في نهاية فبراير 2014، كتبت مقالًا في صحيفة الأوبزرفر البريطانية، قلت فيه إن الحرب الباردة الجديدة قد بدأت بالفعل.

 في نفس الوقت تقريبًا، كتبت مقالًا آخر لكارنيجي أختتم بشيء كهذا: العقوبات تأتي وتذهب، لكن سيفاستوبول – في روسيا – ستبقى. (سيفاستوبل هي مقر اسطول البحر الاسود الروسي في القرم-المترجم).  بدأ الكثير من الناس في طرح الأسئلة علي بعد ذلك.  لكنني واصلت التمسك بهذا الموقف.

 ما حدث في 24 فبراير 2022 بالنسبة لي، من ناحية، كان غير متوقع.  من بين السيناريوهين اللذين رأيتهما، كان السيناريو الذي بدا لي أقل احتمالًا هو السيناريو الرئيسي.  لكن هذا لم يؤد إلى شكوك حول ما يجب أن يكون عليه موقفي.

 في نفس اليوم، 24 فبراير، أجريت محادثات صريحة مع زملائي الأمريكيين.  ذكرتهم أنني خدمت في الجيشين السوفياتي والروسي لأكثر من 20 عامًا.  وإذا دخلت بلدي في صراع عسكري، فعندئذ يكون مكاني كضابط في بلدي – بجانب جيشي.  كان هذا مفهوما.

لسنوات عديدة، هنأني زملائي الأمريكيون بيوم الجيش السوفياتي في 23 فبراير من كل عام.  وهكذا لم أقدم أي مفاجآت جدية لزملائي.  ولم اعطها لنفسي ولأسرتي أيضًا.  هناك تعبير إنجليزي: يجب أن يزداد الأمر سوءًا قبل أن يتحسن.  في عام 2017 أو 2018، بالتفكير في آفاق العلاقات الروسية الأمريكية، قمت بإعادة صياغتها مازحا (أو ليس مازحا) بهذه الطريقة: سوف تزداد الأمور سوءا قبل أن تزداد سوءا.  رأيت الاتجاه الذي كان يتطور فيه الوضع.

سؤال – هل يمكنك عمل بعض التوقعات العامة: في أي اتجاه سيتطور الوضع أكثر؟

جواب – يجب أن تكون نتيجة الأزمة التي تتطور بسرعة في علاقاتنا مع الغرب اليوم تحمل طابعا جديدا في هذه العلاقات.  ربما لن يحدث هذا قريبًا جدًا.

 آمل أن نكون قادرين على تجنب استخدام الأسلحة النووية، والأكثر من ذلك، الحرب النووية – هذه أشياء مختلفة.  أعتقد أن روسيا ستخرج من هذا الصراع الصعب والتحول الداخلي العميق للغاية أقوى بكثير وأكثر تفكيرًا تقدميًا مما كانت عليه حتى الآن.  في رأيي، نفذت “النسخة الأولى” من روسيا ما بعد الاتحاد السوفياتي بحلول نهاية العقد الثاني من القرن العشرين.  استخدمنا جميع الموارد التي كانت لدينا ووجدنا طريقًا مسدودًا.  لم نعد قادرين على النمو والتطور.  الآن، على طول هذا المسار الدموي المعقد والصعب، ربما نصل إلى مسار مناسب أكثر لتطورنا.

_________

ملاحظة من “كنعان”: “كنعان” غير مسؤولة عن الآراء الواردة في المقالات، بل هي تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم … تابع القراءة ….

________

تابعونا على:

  • على موقعنا:
  • توتير:
  • فيس بوك:
  • ملاحظة من “كنعان”:

“كنعان” غير مسؤولة عن الآراء الواردة في المقالات، بل هي تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو محرري نشرة “كنعان” الإلكترونية أو تبنيهم لهذه الآراء والمواقف.

ومن أجل تنوير الناس، وكي يقرر القارئ بنفسه رأيه في الأحداث، ونساهم في بناء وعيً شعبي وجمعي، نحرص على اطلاع القراء على وجهات النظر المختلفة حيال التطورات في العالم. ومن هنا، نحرص على نشر المواد حتى تلك التي تأتي من معسكر الأعداء والثورة المضادة، بما فيها العدو الصهيوني والإمبريالي، وتلك المترجمة من اللغات الأجنبية، دون أن يعبر ذلك بالضرورة عن رأي أو موقف “كنعان”.

  • عند الاقتباس أو إعادة النشر، يرجى الاشارة الى نشرة “كنعان” الإلكترونية.
  • يرجى ارسال كافة المراسلات والمقالات الى عنوان نشرة “كنعان” الإلكترونية: mail@kanaanonline.org