السنة الثالثة والعشرون – العدد 6562
في هذا العدد:
■ ما أصغر مجزرة سبايكر! بل أنتم صغار، عادل سماره
■ محمد التميمي … بأي ذنب قُتل؟! رشاد أبوشاور
■ الملف الأوكراني يفرض نفسه على رحلة سوناك إلى واشنطن، سعيد محمّد
✺ ✺ ✺
بل أنتم صغار
عادل سماره
“إما كنس الطائفية أو لا يبقى في الكوكب سوى قابيل “
بعد ثمانٍ عجاف يفتح قاتلو العراق، وما اكثرهم/ن ملف شهداء مجزرة “سبايكر”. وما كان لهم أن يجرؤوا على مجرد تذكرها حتى في رؤوسهم العجفاء لولا أن العراق قتيل. لقد كتبت ذات يوم “ويظل غناء العراق حزيناً” لكن اليوم لا عراق ليحزن فكيف ليفرح.
بالمفهوم الإنساني العام، وبالمفهوم الوطني القومي وبالمفهوم الطبقي الأدق وبالمفهوم الفردي، كل شهيد من هؤلاء الشباب هو قضية للتاريخ لكن ليس لمجرد التسجيل بل للمحاسبة.
لا أعتقد أنه حصل في التاريخ أن جرى تجنيد شباب للدفاع عن الوطن ليتم حشرهم في قاعدة من قبل وزير الدفاع وضباط القاعدة وتجريدهم من اسلحتهم وخداعهم بأن “عليهم الأمان” ودفعهم للخروج بلا سلاح ليتم قتلهم فردا فردا حتى تتعب ايدي القتلة. ولا يمكن لهذا أن يحصل إلا لأن الوزير وضباطه هدفوا دفع الفتنة إلى أقصاها كي لا تخبو نارها وهم من ذلك الكاسبين، وها هم كشريحة من طائفة دين سياسي ما زالوا يتبادلون السلطة:
· أي القشرة الشيعية غير العروبية
· تتقاسم السلطة والمال مع القشرة السنية غير العروبية
· والقشرة الكردية
· وتدعمهم للأسف سلطة الدين السياسي في إيران حيث يقول المرشد خامنئي أن رئيس الوزراء الحالي هو الأفضل لعراق والسوداني امتدادا للمالكي والعبادي وعبد المهدي…الخ.
فالأمر إذن لم يكن سوى خطة محكمة منسجمة مع تطييف العراق ليبقى في حرب داخلية عمياء.
ويبدو أن هؤلاء في تحالفهم الخطير قد استفادوا من ديكتاتورية ثماني عشرة طائفة في لبنان لم تقتلعها الحرب الأهلية ولا احتلال حتى بيروت ولا الحريرية السياسية، ولا تجويع البلد حتى اللحظة. كل قشرة طائفية في العراق تتغذى وتتلمذ على نظيرتها في لبنان!
حتى حينما يُحصار جيش من عدوه تجري مفاوضات الاستسلام المشرِّف مما يعني ضمان الأرواح.
لذا، كيف يتفاوض وزير دفاع وضباطه مع عصابات تُعلن بالمطلق أنه لا تؤمن إلا بالقتل وبلا اي مبرر!
هذا مركز الجريمة وجوهرها. ولكن الجريمة الأكبر أن يجرؤ نوري المالكي، هو نفسه على فتح الموضوع! فهو إما مصاب بالخبل أو أنه على اتفاق تام مع السلطة الحاكمة لإثارة الموضوع مجدداً كي يجري إشعال فتنة قد تُطيح بالشعب بأجمعه وهذا هدف أو حَدٌ حتى العدو الأمريكي لم يصل بتخريب البلد إليه!
ما أكثر من يستحقون اللطم بالمقصلة الشعبية ومنهم:
· أولئك الذين يقولون امريكا خسرت في العراق!
· العراق من محور المقاومة
· العراق مستقل
جريمة سبايكر داعشية بامتلاء. نعم.
ولكن بمناسبة الحديث في الجريمة المجزرة لماذا الصمت عن:
· جريمة استجداء أمريكا لتُعيد احتلال الكويت وتقتل أضعاف ضحايا سبايكر؟
· وتدمر العراق تماماً كما كررت بي.بي .سي صباح 17 كانون ثانيً 1991 إنهم يفرشون بغداد بالقنابل They are carpeting Baghdad by bombs. بينما مُستدعو التدمير يقهقهون! ولم يسألم أحد حتى غدٍ.
· وماذا عن حصار وتجويع العراق ثلاثة عشر عاما (هناك حصار وتجويع خاصَّين ضد العرب) لا فرق بين سني وشيعي وأزيدي وآشوري.
· وماذا عن احتلال العراق 2003 وتذويب الجيش العراقي في المطار، ناهيك عن كل شيء آخر!
· وماذا عن كل من حكم العراق حتى اليوم بدستور وأوامر بريمر؟
· وماذا عن قتلة متظاهري وغاببي الجوع منذ 2019 حتى حينه؟
أكاد أرى أن في العراق من يفتخرون بتعدد وعمق وحشية مذابح العراق ضد العراق ومذابح المحتل ضد العراق! أليس هذا أمراً عجيباً؟
بصراحة:اي بلد يحصل فيه كل هذا ولا يخاف من فعلوا ذلك بل يفتحون ملفات ويمشون في الأسواق ويحكمون الناس ويسرقون وينهبون ! هل يُعقل هذا؟ ثم يكتب محلل تافه: امريكا هُزمت في العراق! نعم هُزمت بعد ان تركته جثة، فهل الجثمان نصراً؟
تقولون أنتم يا عراقيين: الدوري كان ينسق مع الأمريكي في سبايكر وغيرها. ولنقل تنسيق سري.
وأنتم يا أهل الطائفية الأخرى نسقت قيادتكم مع الأمريكي علانية! وأعادته إلى العراق بزعم أنه يحميها من داعش نفسه!
فهل يُعقل كل هذا؟
لنترك كل ما هو أعلاه وهو أضعاف سبايكر بملايين المرات، ولكن:
كيف يمكن لجندي أن يخرج بلا سلاحه وهو يعلم أن داعش لا أمان ولا عهداً لها؟
من الذي أمره برمي سلاحه ولماذا لم يخرج أمامه؟ أليس هذا دور القائد.
ولأن القائد لم يخرج، فلماذا خرج الجندي!
الجنود لم يخرجوا متمردين على الضباط، فلو خرجوا متمردين لحملوا السلاح وقاتلوا حتى الشهادة. ولا شك أن عددهم كان يفوق عدد الدواعش؟
لا حاجة لحدٍّ وضيع من الذكاء لنعرف أن هناك مؤامرة من وزير الدفاع نوري المالكي ومن الضباط الذين أمروا الجنود بترك كل شيء!
فلماذا سكت كل العراق عن هذا؟
هل يُعقل أن يُحكم الضباط المتآمرون بإحالتهم على التقاعد؟ أساسا هم تقاعدوا لأنهم ذبحوا جنودهم وأصبحوا بلا جيش!
هل يُعقل أن القاتل الأول نوري المالكي هو الذي ينبش الجريمة؟ ما الفارق بينه وبين الدوري إذن؟
لقد حصل في التاريخ تقاسم الأموال والأسلحة وحتى الأرض وتنازع السلطة وصراع الطبقات واحتجاز التطور…الخ، لكن في طائفية العراق يجري تقاسم الدم بين القشرة السياسية من السنة والشيعة والكرد والأمريكي؟ فهل يُعقل هذا!
إذا كان ضباط ستة دفعوا آلاف الأبرياء البسطاء لتسليم أعناقهم، فكم عدد الضباط الذين سلَّموا عنق مدينة الموصل وحقنوا الجيش بالهروب والتبرع بأسلحتهم للدواعش!
يقول البعض الجيش ليس عقائدياً!
أي هراء هذا؟ حين يكون السكين على حنجرة الوطن والمنزل والزوجة والأطفال، هل يحتاج المرء إلى عقيدة!
أين النجيفي؟ واين الأرض التي يدنسها الترك في العراق.
هل يقدم الحشد الشعبي لهم وللأمريكي الشاي والحلوى باعتبار ذلك م.ق.ا.و.م.ة.
العراق مجرد ملفات تحتاج أن تُفتح امام محكمة بمقصلة بعرض الخليج العربي! مقصلة عروبية لا سنية ولا شيعية ولا كردية بل مقصلة للقشرة المجرمة من الجميع وضمنها ما تسمى المرجعيات في كل طائفة والتي باركت كل ما حصل.
إن قيام المالكي بفتح الموضوع اليوم هو احتقار للشعب، وصمت السلطة التابعة لأمريكا سياسيا وأمنياً ولإيران اقتصادياً وطائفياً هو تجديد للمذابح.
أيها الناس، إذا كنتم تفقهون لغة الضاد، فالطائفية تعني أن يقتل كل فريق كل فريق يخالفه لو شكلياً فيكون ذبح الفرق، ثم ذبح فروع من الفرقة لفروع أخرى، ثم ذبح مجموعة لمجموعات أخرى ثم يقتتل البقية كأفراد حتى ينتهي الأمر إلى بقاء فرد واحد هو قابيل الآخر.
أخيراً، يؤسفنا يا شرفاء وبسطاء العراق ان نقول: لولا ن المالكي وأمثاله من مختلف الطوائف على يقين بأنه لن يُمس بل سيحظى ويُرفع على الأكتاف لما فغر فاه.
شاهد الفيديو: رئيس الوزراء العراقي الأسبق يضع إكليل غار على قبور قتلى الجيش الأمريكي! فهل من شك أنه خطط لمجزرة سبايكر؟ لعل البسطاء في العراق من كل الشعب بتنبه لهذا.
✺ ✺ ✺
محمد التميمي
بأي ذنب قُتل؟!
رشاد أبوشاور
عندما يموت المسلم يقف رجل دين عند رأسه في القبر، ويشرع في تقلينه، ويوصيه، ويعلّمه، ثمّ يدعو له وخلفه يردد المشيعون سائلين الله الرحمة له، وأن يغسله بالثلج والبرد، وأن يجعل قبره روضة من رياض الجنّة..وخلفه يؤمّن المُشيعون بخشوع: آمين.
أمّا الأطفال وهم لم يقترفوا ذنوبا في حياتهم القصيرة، والذين يفقدون حياتهم بسبب المرض، أو الحوادث العابرة كحوادث السير، فهم جميعا ينضمون لطيور الجنّة، وللتخفيف على ذويهم يبّشرون بأنهم سيحملون لهم أباريق الماء، عند موتهم، ليسقوهم وهم يرفرفون فوق رؤوسهم بأجنحتهم الرشيقة، فتقّر النفوس ويتخفف المنكوبون بفقدان أطفالهم، فلموتهم حكمة إلهية…
ولكن: ماذا عن أطفال الفلسطينيين، ذكورا وأناثا، الذين يصطادهم جنود ومستوطنو الاحتلال، ويسرقون أعمارهم؟!
خذوا مثلاً آخر طفل اصطاده جنود الاحتلال في قرية النبي صالح، محمد التميمي، والذي يدوبك بلغ سنته الثانية، وهو بالكاد تعرّف على وجه أمه وأبيه، و..قُتل وهو لم يتعرّف على شئ في الحياة، حتى إنه لم يعرف ما هو الدم الذي يجري في العروق، وكيف تنتهي الحياة إذا فقد الجسد دما كثيرا!
ومحمد ربما نقز من صوت الرصاصة التي اخترقت جسده، لكنه مات ولم يعرف ما هي الرصاصة..ولماذا مات؟!
أمه وأبوه أنجباه واستقبلاه بفرح كبر مع كل يوم يكبر فيه محمد، وابتسامة الأم له ومناغاتها له أينعت فرحا وطمأنينة في نفسه الشفافة، والبيت في قرية النبي صالح انتشر فيه الفرح والطمأنينة..ولكن شيئا صغيرا حادا اخترق جسد محمد فأسكت الحياة، وحوّل مناغاة الأم إلى نواح، ووجه الأب المتهلل بالفرح إلى حزن وغضب وألم…
رااااح محمد، و..نُقل جسده المدمى إلى بيت جده كي لا يحضر جنود الاحتلال ويختطفوا جسد الطفل الشهيد..ويضموه إلى أجساد الشهداء المصادرة عند الاحتلال..
لماذا سيصادرون جثمان محمد؟!
لأنه جسد فلسطيني، وتهمتهالتي تنتظره وهو في رحم أمه أنه فلسطيني، ولذا قتل قبل أن يحيا وتكبر قامته شبرا، وتنمو معرفته بأنه قادم إلى الحياة في بيت مهدد، وفي قرية قدمّت عشرات الشهداء، وأنه أمام خيار أن يحمل حجرا يرشق به الجنود الاحتلال، وعندما يكبر يحمل شيئا غير الحجر للدفاع عن أم وأبيه وبيتهم وأشجارهم و..عن جيرانه، وأصحابه في المدرسة، و..كل فلسطين، فالذين يريدون قتله سيدّعون أن أجدادهم كانوا يعيشون هنا قبل الفي سنة! و..أنهم يعودون ومعهم كل أنواع الأسلحة، أمّا محمد فيعرف أن جده زرع الحاكورة واعتنى بالتينات والزيتونات ودوالي العنب، وأنه ورث كل شيء عن جده وجد جده حتى أول السلالة في الزمن الكنعاني الذي كانت فيه الربّة عناة تحمي الأطفال والشجر والعشّاق، فترّد الأعداء ببسالة، وتشجّع الفلاحين على زراعة حقولهم…
راح محمد برصاصة مسلّح ينفّذ أمرا بقتل الفلسطينيين الصغار قبل ان يكبروا، ويصرون على أن لا ينسوا بعد أن مات أجدادهم وآباؤهم وأمهاتهم برصاص مثل الرصاص الذي قتل الطفل الفلسطيني مُحمدا…
محمد التميمي ضحية ذنبها أنها ولدت لأبوين فلسطينيين، وأن من اخترم رصاصه بدنها يسرق كل شيء، وحكمه المبرم: الموت للعرب..الموت للفلسطينيين!
يا رب اجعل محمد التميمي ابن السنتين طيرا من طيور الجنة، واجعله يسقي الجندي العربي المصري الشجاع محمد صلاح من إبريق من تراب فلسطين، و..أن يبشره بالجنة، وأن يرفرف فوق رأسه ليجلب له النسمات من قرية النبي صالح معطرّة بعطر زهور وورد أرض فلسطين…
أمّا أنتم يا أطفال قرية النبي صالح يا من حملتهم نعش جسد حبيبكم الصغير جدا كعصفور محمد التميمي، فليس لكم، ولكل أطفال فلسطين، والوطن العربي الكبير، إن شئتم أن تعيشوا بأمن وسلام وكرامة سوى أن تهزموا جيش الشر والخرافات الذي يحتل فلسطين، ويهدد كل الوطن العربي الكبير..لتكبروا بأمن وسلام..ولا يحرمكم رصاص الاحتلال من الحياة الآمنة المطمئنة كما فعل بمحمد التميمي..آمين.
✺ ✺ ✺
الملف الأوكراني يفرض نفسه على رحلة سوناك إلى واشنطن
سعيد محمّد
توجه ريشي سوناك، رئيس الوزراء البريطاني (الثلاثاء) في زيارة رسميّة إلى العاصمة الأمريكية واشنطن دي سي تستمر يومين التقى خلالها الرئيس الأمريكي جوزيف بايدن وعدداً من كبار المسؤولين. ويسعى الزعيم البريطاني إلى تصحيح الصورة حول بلاده في ذهن الإدارة الأمريكيّة بعد خروج لندنه من عضوية الاتحاد الأوروبيّ وفي أعقاب سلسلة من الاضطرابات السياسية والاقتصادية الأخيرة التي كشفت عن تراجع مكانة وأهميّة المملكة المتحدة في المنظومة الغربيّة والعالم على حد سواء. على أنّ المصادر الأمريكيّة بيّنت أن تحديّات اللحظة الأوكرانيّة طغت على المناقشات.
سعيد محمّد – لندن
يحاول ريشي سوناك، رئيس الوزراء البريطانيّ جاهداً العمل على اقناع الحلفاء قبل الخصوم بأن المملكة المتحدة رغم سلسلة من الاضطرابات السياسيّة على قمة هرم السلطة التنفيذيّة وسلّة الأزمات الاجتماعيّة والاقتصاديّة المتلاحقة التي تعاني منها لا تزال لاعباً مهماً ومؤثراً على مسرح السياسة الدّولية. وفي هذا الإطار طار سوناك (الثلاثاء) إلى الولايات المتحدة في زيارة رسميّة التقى فيها الرئيس جوزيف بايدن وعدداً من كبار المسؤولين الفيدراليين.
وتقول لندن بأن رئيس الوزراء سيحاول إقناع الجانب الأمريكيّ بأنّ لبريطانيا دور أساسيّ لتلعبه في إدارة أمن النظام العالميّ – الذي يتعرّض لأكبر تهديد له منذ الحرب العالميّة الثانيّة بسبب الصراع المفتوح في أوكرانيا -، وحثّ الإدارة في واشنطن على إشراك المملكة في صياغة إطار تنظيمي للذكاء الاصطناعي، والحصول على استثناءات تفضيليّة للشركات البريطانيّة فيما يتعلّق بالسياسات الحمائيّة والدّعم الذي تقدمه حكومة الولايات المتحدة لصناعاتها الخضراء، وكذلك دعم ترشيح وزير الدّفاع البريطاني بين والاس لمنصب الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو).
وتعمل واشنطن بالفعل مع بروكسيل (مقر الاتحاد الأوروبي) – الكتلة الأهم في المجموعة الغربيّة بعد الولايات المتحدة – على تنظيم استخدامات الذكاء الاصطناعي ومحاولة فرض قيود على وصولها إلى الآخرين، فيما لم تُشرك لندن إلى الآن. ويقول الخبراء بأن تلك علامة إضافيّة على أن العلاقة التاريخيّة المميزة بين الجانبين الأمريكي والبريطاني أصبحت بالفعل في حيّز التاريخ، وأن أهميّة لندن بالنسبة للأمريكيين، لم تعد أبداً كما كانت لأسباب موضوعيّة بحتة.
وظلّت بريطانيا تاريخياً بوابة الأمريكيين لأوروبا وصوتهم داخل الاتحاد الأوروبيّ، لكّن موجة من العنجهيّة الانعزالية التي أطلقها اليمين البريطاني انتهت إلى إخراج المملكة من عضوية الاتحاد الأوروبي (2020)، ما نقل الثقل الاستراتيجي – في نظر الأمريكيين على الأقل – إلى برلين وباريس. وتتمتع واشنطن بهيمنة شبه تامة على الشأن الألماني، ونجح الرئيس الفرنسي عمانويل ماكرون في استعادة الدفء للعلاقات الفرنسيّة الامريكيّة بعد مرورها ببعض المطبات.
وأثار بايدن في أكتوبر الماضي سخريّة المعارضة البريطانية عندما أشاد بمن دعاه “رشيد سانوك” – وكان قصده بالطبع ريشي سوناك – كثالث رئيس وزراء لبريطانيا خلال شهرين، ما اعتبره كثيرون أصدق تعبير عن تراجع مكانة لندن دوليّاً. وسافر الرئيس الأمريكي لاحقاً إلى بلفاست في زيارة شخصيّة، قالت الصحافة أنّها هدفت أيضاً إلى التيقن من أن الخلل السياسي في السلطة التنفيذية في لندن لا ينعكس سلباً على اتفاقيّة الجمعة العظيمة التي أنهت عقوداً من الصراع المسلّح في الإقليم الإيرلندي الشمالي – تحتله لندن وتمنع توحده مع الجمهوريّة الإيرلنديّة -. ورفضت مصادر أمريكيّة في حينها تكهنات صحافيّة بأن سياسة إدارة بايدن “معادية لبريطانيا” و”منحازة للإيرلنديين”، وأصرت على علاقات التحالف الوثيقة بين البلدين “في كافة المجالات”.
وكانت إيرلندا الشماليّة أيضاً موضع جدل كبير في إطار المفاوضات بين لندن وبروكسيل بشأن تفاصيل الطلاق بينهما. لكن سوناك دفع باتجاه حلول وسط لإطفاء المسألة وقدّم تنازلات.
وانضمت لندن لعدة عواصم أوروبيّة انتقدت سياسة الرئيس بايدن في دعم الصناعات الخضراء الصديقة للبيئة في بلاده، واعتبرتها “حمائيّة” وتضر بالصناعة على الجانب الآخر من الأطلسي. ويطمح سوناك إلى استغلال زيارته إلى واشنطن للحصول على معاملة تفضيليّة للشركات البريطانيّة بحيث تبقى السوق الأمريكيّة متاحة أمامها.
لقاء سوناك – بايدن في واشنطن سيكون عمليّاً المرة الخامسة التي يلتقيان فيها الزعيمان منذ تولي الأول منصب رئيس الوزراء قبل ثمانية أشهر، لكن الملف الأوكرانيّ طغى دائماً على المناقشات بشكل أو آخر.
وتشير المصادر المطلعة على لقاءات سوناك في واشنطن بأن الموضوع الأساسي الذي يشغل الأمريكيين هو مواجهتهم مع روسيا في أوكرانيا، لا سيّما مع اقتراب الحملات الانتخابيّة واقتراح الرئيس (الجمهوريّ) السابق دونالد ترامب بأنه يمكن أن يتوسط بسرعة في اتفاق بين كييف وموسكو لإنهاء الأعمال العسكريّة.
وتفضّل إدارة الرئيس بايدن أن يتولى الحلفاء الأوروبيّون تسليح الجيش الأوكراني خلال الأشهر التي تسبق الانتخابات الرئاسيّة – أقله في العلن – تجنباً لاستفادة الجمهوريين من ضعف الاهتمام المحليّ بالحرب. ويحاول البريطانيّون تقديم أنفسهم كأكثر حلفاء واشنطن حماسة للقيام بهذه المهمّة عن الأمريكيين. وتطوّع سوناك للقول بأنّه “ليس هناك شيء مستبعد” عندما يتعلق الأمر بتقديم مساعدات عسكرية لأوكرانيا، لكن الحقيقة أن لدى بريطانيا القليل مما يمكن أن تعمله بشكل إضافي.
وتدرّب بريطانيا منذ سنوات جنود الجيش الأوكراني، وتقدّم لنظام كييف دعماً استخباراتياً ومادياً، وأرسلت صواريخ طويلة المدى ومعدات عسكريّة متنوعة، وسمحت بمشاركة مرتزقة ومتطوعين بريطانيين في القتال، وأعلنت عن استعدادها لتدريب طياريين على قيادة طائرات إف-16 الأمريكيّة الصنع، لكن الأوكرانيين يعتمدون بشكل أكبر على الدّعم الألماني والفرنسي. وعرضت بريطانيا إرسال دبابات تشالنجر الثقيلة، على أن كييف والحلفاء كانوا متفقين على أن ليوبارد الألمانيّة هي الأنسب للحرب الحاليّة.
وتمر الحرب الأوكرانيّة بنقطة محوريّة حيث يريد الحلفاء من كييف الانتقال من وضع الدّفاع إلى شن هجوم مضاد. ويحتاج الحلفاء بشكل يائس إلى نجاح هذا الهجوم. ويقول الأمريكيّون أن “إدارة الرئيس بايدن واثقة من أن الولايات المتحدة فعلت كل ما في وسعها خلال الأشهر الستة أو الثمانية الماضية أو أكثر للتأكد من أن لدى كييف جميع المعدات والتدريب والقدرات”، ما فهم على أنّه ضغط على بقية الحلفاء لعمل الباقي من أجل إنجاح الهجوم.
ويعتقد أن سوناك سيحاول خلال اجتماعاته مع بايدن إظهار بلاده كمرشح طبيعي لتولي القيادة في هذا الاتجاه. وهو سيدفع لذلك بترشيحه لوزير دفاعه لخلافة النرويجي ينس ستولتنبرغ في منصب الأمين العام للناتو خلال قمّة الحلف في فيلينوس (ليتوانيا) الشهر المقبل. ووصف سوناك وزيره والاس بأنه “يحظى باحترام واسع بين زملائه في جميع أنحاء العالم، خاصة للدور الذي لعبه في أوكرانيا”.
على أن الأمريكيين لا يبدون حماساً لهذا الترشيح فيما يبدو. والتقى الرئيس بايدن برئيسة وزراء الدنمارك ميتي فريدريكسن قبل لقائه سوناك، وهي مرشحة قويّة للمنصب. وتميل أكثريّة الحلفاء إلى تفضيل تصعيد مرشحة أنثى من إحدى دول أوروبا الشرقية بعد عقود من سيطرة الذكور من غربي وشمال أوروبا على المنصب. ولا يمتلك والاس فرصة حقيقيّة إذا لم تدعمه واشنطن وباريس تحديداً، والأخيرة أبدت فتوراً تجاه ترشيحه.
ومن المتوقع أن يزور بايدن المملكة المتحدة في وقت لاحق من العام الحالي بعد قبوله دعوة من الملك تشارلز الثالث له. على أن الخبراء يقولون بأنّ تلك الرحلة ستكون ضمن برنامج الدّعاية الانتخابيّة للتجديد لبايدن أكثر من أن تكون منصة لتغيير السياسة البراغماتية التي يتعامل بها الأمريكيون تجاه تضاؤل أهمية بريطانيا استراتيجياً.
:::::
“الأخبار”
________
تابعونا على:
- على موقعنا:
- توتير:
- فيس بوك:
- ملاحظة من “كنعان”:
“كنعان” غير مسؤولة عن الآراء الواردة في المقالات، بل هي تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو محرري نشرة “كنعان” الإلكترونية أو تبنيهم لهذه الآراء والمواقف.
ومن أجل تنوير الناس، وكي يقرر القارئ بنفسه رأيه في الأحداث، ونساهم في بناء وعيً شعبي وجمعي، نحرص على اطلاع القراء على وجهات النظر المختلفة حيال التطورات في العالم. ومن هنا، نحرص على نشر المواد حتى تلك التي تأتي من معسكر الأعداء والثورة المضادة، بما فيها العدو الصهيوني والإمبريالي، وتلك المترجمة من اللغات الأجنبية، دون أن يعبر ذلك بالضرورة عن رأي أو موقف “كنعان”.
- عند الاقتباس أو إعادة النشر، يرجى الاشارة الى نشرة “كنعان” الإلكترونية.
- يرجى ارسال كافة المراسلات والمقالات الى عنوان نشرة “كنعان” الإلكترونية: mail@kanaanonline.org