نافذة على الصحافة الروسية
نطل منها على أهم الأحداث في روسيا والوطن العربي والعالم
إعداد وتعريب د. زياد الزبيدي بتصرف
- الهدف الجديد لـلحرب – هدم النظام النازي في كييف
- متى تنتهي الحرب في أوكرانيا ؟
✺ ✺ ✺
(1)
الهدف الجديد لـلحرب – هدم النظام النازي في كييف
يلينا بانينا، سياسية روسية، عضو البرلمان الإتحادي، مديرة معهد الدراسات الاستراتيجية في السياسة والاقتصاد
تعريب د. زياد الزبيدي بتصرف
7 يونيو 2023
يبدو أنه قد تمت إضافة تفاصيل جديدة إلى نزع السلاح واجتثاث النازية في أوكرانيا كأهداف للحرب الحالية في أوكرانيا.
قال سكرتير مجلس الأمن القومي الروسي نيكولاي باتروشيف في مقابلة مع أمين مجلس الأمن البيلاروسي ألكسندر فولفوفيتش: “أنشأت واشنطن ولندن نظام كييف النازي، والذي يجب تغييره، ومنح أوكرانيا وضع دولة محايدة عمليًا”.
في الوقت نفسه، شدد باتروشيف على أن استمرار الأزمة حول أوكرانيا ليس مفيدًا لأي احد باستثناء الولايات المتحدة.
▪️ على مدى الأيام القليلة الماضية، تم التعبير عن الأطروحة القائلة بأن أوكرانيا بحاجة إلى تغيير النظام من قبل كبار السياسيين الروس الآخرين، الذين عادة ما تتضمن تصريحاتهم، من بين أمور أخرى، طبيعة “الرسائل” للجمهور الخارجي. قبل عام، لم يتم إعلان شيء مثل هذا، بل كان العكس.
التوضيح الجديد حول تغيير النظام في كييف جيد بالفعل لأنه يقدم مزيداً من التفاصيل حول الأهداف الغامضة إلى حد ما للحرب في أوكرانيا – نظام زيلينسكي لا يناسب روسيا بشكل قاطع و نحن نرفض أي نوع من العلاقة معه، بما في ذلك، من الواضح، المفاوضات. في أوكرانيا، نحتاج إلى شيء مختلف تمامًا.
▪️ لكن ماذا بالضبط؟ دولة محايدة؟ للأسف، كانت أوكرانيا تتمتع بالفعل بوضع دولة محايدة – حتى فبراير 2019، عندما تم إدخال بند حول السعي من أجل الإنضمام إلى الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو في دستور البلاد. ومع ذلك، فإن هذا الوضع لم يخفف من وتيرة الإرهاب الذي مارسه الجيش الأوكراني في دونباس، أو سياسة كييف الرسمية المعادية للروس، والتي تتفاقم بشكل علني منذ عام 1991.
هل من الممكن في أوكرانيا اليوم قيام نظام محايد وغير نازي وسلمي؟
نعم ولكن فقط إذا وافق الملاك الحاليون لأوكرانيا الذين تمثلهم الولايات المتحدة على ذلك. هل هناك فرصة عملية لهذا؟ لا.
▪️ بدلاً من ذلك، يمكن للمرء أن يتخيل أنه لبعض الأسباب الجيوسياسية المذهلة، بعد انتهاء الحرب في أوكرانيا، قررت روسيا لسبب ما إنشاء دولة عازلة جديدة على أراضي أوكرانيا – بنفس الاسم وبوضع محايد معين. لكن هذا سيكون قرارًا مؤسفًا للغاية، والذي سيحول أوكرانيا عاجلاً أم آجلاً مرة أخرى إلى دولة “مناهضة لروسيا” – وإلا فليس من الواضح سبب فصل هذا الجزء من العالم الروسي عن الاتحاد الروسي على الإطلاق.
اتضح أن الخطة الواعدة الوحيدة لأوكرانيا المحايدة هي – إعلان أوكرانيا مقاطعة فيدرالية تابعة للاتحاد الروسي.
(2)
متى تنتهي الحرب في أوكرانيا ؟
بيتر أكوبوف، محلل سياسي، وكاتب صحفي في ريا نوفوستي
تعريب د. زياد الزبيدي بتصرف
- يونيو 2023
كيف وصلنا إلى ما نحن عليه اليوم؟ كيف وصلنا إلى النقطة التي أصبح فيها الصراع الساخن بين روسيا وأوكرانيا ليس فقط مألوفًا، ولكنه يمثل مستقبلنا المشترك في السنوات القادمة؟
لم يكن انهيار الاتحاد السوفياتي يعني التفتت الكامل للعالم الروسي وخسارة أوكرانيا. اعتقد كل من بوريس يلتسين وفلاديمير بوتين أن أوكرانيا ستبقى في مدار روسيا. لم يُنظر إلى محاولات الغرب لتحويل الإنفصال القانوني لدولتين إلى طلاق تاريخي وجيوسياسي، أي أخذ أوكرانيا بالفعل بعيدًا نحو الغرب، على أنها خطيرة للغاية. بالإضافة إلى ذلك، في السنوات الأولى لحكمه، لم يكن بوتين ببساطة منتبها لأوكرانيا، كان من الضروري استعادة النظام الأولي في السلطة والبلاد.
لم تكن الأزمة الأوكرانية عقب الثورة الملونة في الفترة 2003-2004، مع النصر النهائي لفيكتور يوشينكو الموالي للغرب، لا رجعة فيها. علاوة على ذلك، أصبح فيكتور يانوكوفيتش فيما بعد رئيسًا بعد كل شيء. خُطَط إنشاء الاتحاد الأوراسي، التي تبناها بوتين في نهاية العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، ضمنت في البداية المشاركة التي لا غنى عنها لأوكرانيا.
ولكن عندما بدأت روسيا، في بداية العقد الثاني من هذا القرن، في دفع كييف إلى اتحاد جديد، لم يعد الأنجلو ساكسون مستعدين للاستسلام دون قتال، وراهنوا بجدية على التكامل الأوروبي وضم أوكرانيا للناتو.
في عام 2013، قلب بوتين الوضع بإقناع يانوكوفيتش بإبطاء التكامل الأوروبي والتحول إلى الاتحاد الأوراسي. بعد ذلك، بدأ كل شيء بطريقة جادة – الميدان، الإطاحة بالرئيس…
في تلك اللحظة، لم يستعيد بوتين شبه جزيرة القرم لأنه رضي بخسارة أوكرانيا. لقد أراد فقط أن يلعبها بأمان وعلى الفور، قبل بدء القتال، أخرج شبه الجزيرة من المعادلة.
لكنه لم يكن مستعدًا لمزيد من الصراع على السلطة، ولم يكن يريد إراقة الدماء في صراع أهلي محتوم وراهن على حقيقة أن أوكرانيا يمكن تغييرها من الداخل – تغيير الحكومة أو قلبها. لم ينجح هذا الرهان، فقد تُرك دونباس بمفرده (بمعنى الانتفاضات ثم الإنفصال عن أوكرانيا)، ومنذ عام 2015، عندما انتهت الأعمال الحربية النشطة هناك، بدأت الاستعدادات لمعركة كبيرة.
على أرض الواقع تم تنفيذ هذا الإستعداد من قبل أوكرانيا. في روسيا، كان فقط في رأس وفي عقل بوتين. لأن الحكومة الأوكرانية، مثل “الهارب”، أدركت أنهم “سيأتون إليها” عاجلاً أم آجلاً. بينما كان بوتين يعتقد بصدق أنه سيكون قادرًا على تغيير الوضع سلميًا. وهذا يعني دفع النخب الأوكرانية (بما في ذلك اللعب على التناقضات) إلى الحاجة إلى تغيير المسار من التكامل الأوروبي إلى الحياد المشروط بين روسيا والغرب.
لكن لا في كييف ولا في أوروبا، التي اتضح أن الأنجلو ساكسون يقودونها أكثر فأكثر في القضية الأوكرانية، لن يرفضوا استكمال عملية الانفصال الكامل لأوكرانيا عن روسيا. والحربة، ك”السكين في الساق”، والتي كانت تمثلها دونباس، أضحت تتدخل بشكل أقل في قدرة كييف في هرولتها إلى الغرب. كانوا على استعداد لقطع ساقهم والركض بدونها.
يبدو أن الإدراك الكامل لهذا الأمر قد وصل إلى بوتين بحلول عام 2020. وهكذا، تلاشت الآمال التي كانت ضئيلة على فلاديمير زيلينسكي (ليس كثيرًا عليه، ولكن على الانقسام في الحكومة الأوكرانية)، وبدأت فرص دونالد ترامب في الاحتفاظ بالبيت الأبيض في التراجع. أظهرت “محاولة العزل” الفاشلة أن مستنقع واشنطن لن يتوقف عند أي شيء لإزالته.
على ما يبدو، اتخذ بوتين القرار النهائي بشأن حتمية حل “بالقوة” للقضية الأوكرانية في نهاية عام 2020. لم تكن خسارة ترامب بهذا المعنى حاسمة، لكنها كانت القشة الأخيرة التي قسمت ظهر البعير!
استمرت الاستعدادات للعملية الخاصة في أوكرانيا لأكثر من عام، وكان من المستحيل إخفاءها عن الأمريكيين. وليس بسبب “العملاء الأسطوريين في الكرملين”، ولكن بسبب الحشد الكبير جدًا للقوات. لذلك، في نوفمبر 2021، قدم بوتين إنذاره النهائي – انسحاب الناتو إلى مواقع التسعينيات وهو الإنذار الذي أدى إلى بدء الحرب.
تم التخطيط لعملية متكاملة سريعة. على ما يبدو، في غضون شهرين، كان كل شيء يجب ان يكون قد إنتهى. كانت أوكرانيا ستهزم، وكان من الممكن استبدال الحكومة في كييف بحكومة موالية لروسيا.
للأسف، لم يتم حساب قوة الضربة لأنهم قللوا من قوة السلطة والجيش في أوكرانيا، وفي نفس الوقت بالغوا في تقدير قوة جيشنا. جعلت المشاكل واسعة النطاق التي ظهرت مع الإدارة، سواء رأسيا أو أفقيًا، مع القيادة والاتصالات والخدمات اللوجستية، خطة غيراسيموف (والأرجح أنه هو من كان مؤلفها) غير مجدية.
الآن من غير المجدي تخمين السبب الرئيسي لذلك. فجوة كبيرة بين التوقعات حول كيفية عمل القوات والواقع؟ أو تقييم غير صحيح لأعداد القوات (لو كان لدينا قوات أكثر بمرة ونصف، لكان كل شيء على ما يرام)؟ لكن بعد أسابيع قليلة، أصبح من الواضح أن الخطة الأصلية قد فشلت. بدأوا في تغييرها في سياق العملية الخاصة، واستغرق الصيف كله لمحاولة الاختراق بالقوات المتاحة.
وبحلول الخريف، أصبح من الواضح أنه كان من الضروري تغيير التكتيكات تمامًا – لتقصير خط المواجهة، ومضاعفة القوات على الأقل والمضي قدمًا في الدفاع. أثبتت التعبئة الجزئية وانسحاب القوات من منطقة خاركوف والتخلي عن خيرسون وتوحيد أربع مناطق مع روسيا – للجميع – أن بوتين سيذهب حتى النهاية.
لم يكن ضم مناطق جديدة يعني التخلي عن بقية أوكرانيا. كما هو الحال في شبه جزيرة القرم في عام 2014، سجلت خطوة وسيطة، “ربح”، وأظهرت جدية النوايا لتفكيك أوكرانيا تدريجياً.
بدأ الجانبان في الاستعداد لهجوم حاسم، مع انطلاق بوتين من حقيقة أن الوقت بشكل عام في صالحنا. إنه يريد انتظار ضربات كييف الأولى من أجل التحول إلى لعبة “الجودو” المفضلة لديه، أي لاستخدام طاقة وقوة ضربة الخصم ضده.
هكذا مر الشتاء والربيع – نصف عام، تم خلاله اختزال جميع الإجراءات تقريبًا في الهجوم على باخموت، والتي تم تحريرها في النهاية من قبل “قوات فاغنر”، وإن كان ذلك بثمن باهظ. هل كانت فكرة يفغيني بريغوجين (قائد فاغنر) مبررة لترتيب “فردان” للأوكرانيين، أي لطحن المزيد والمزيد من الوحدات الأوكرانية، مع تركيز انتباه كييف على باخموت؟ كان له ما يبرره جزئياً، خصوصاً أنه في النهاية تم تحرير باخموت.(معركة او معارك فردان عام 1916 بين ألمانيا وفرنسا تسمى “مفرمة لحم فردان” لكثرة ضحاياها كانت مقدمة لهزيمة ألمانيا في الحرب العالمية الاولى – المترجم).
لكن خلال الأشهر الستة الماضية، عززت أوكرانيا قواتها، وازداد حجم المساعدة العسكرية الغربية. وحتى الفعالية المتزايدة لهجماتنا على المستودعات والأهداف في كل من المؤخرة وقرب خط المواجهة لم تستطع أن تبطئ هذه العملية بشكل كبير.
أصبحت القوات المسلحة لأوكرانيا الآن أقوى مما كانت عليه في الخريف، على الرغم من أنه من الواضح أننا لم نضيع الوقت أيضًا. ومع ذلك، فإن الهجوم الأوكراني الموعود لم يبدأ حتى الأيام الأخيرة. وبدلاً من ذلك، رأينا بوضوح محاولات تشتيت إنتباهنا باختراق مجموعات “تخريب صغيرة” إلى منطقة بيلغورود والترهيب النفسي على شكل قصف بلدة شيبكينو.
وفقط في الأيام الأخيرة أصبح من الواضح أن الهجوم سيبدأ. ولكن ليس إلى بيلغورود، ولكن إلى الجنوب والجنوب الشرقي، أي نحو شبه جزيرة القرم. حتى الآن، كانت الضربات الأولى فقط هي بإطلاق النار والقصف المدفعي والصاروخي. ولكن عندما يبدأ الهجوم بكامل قوته، سيتغير الوضع بسرعة كبيرة.
وبغض النظر عن كيفية تطور الهجوم في المرحلة الأولى (حتى لو كان ذلك سيئًا بالنسبة لنا)، يجب عمل كل شيء من أجل استخدامه لتغيير “المد”. نعم، ليس بطريقة حاسمة بعد، ولكن لاحداث تحول في الحملة، والانتقال إلى الهجوم حيث ستنشأ الظروف الأكثر ملاءمة لذلك.
لكن هجومنا المضاد هذا لن يكون حاسمًا. لن تنتهي العملية الخاصة هذا العام أو العام المقبل. لن يكون النصر هو الاستيلاء على أوديسا وخاركوف، ولكن انهيار أوكرانيا كدولة، وبعد ذلك سنأخذ كل ما نعتبره ضروريًا (ونجعل الباقي “دولة” تابعة لنا).
يجب أن يُسَرِّع العمل العسكري الناجح هذه اللحظة. لكنه لا ينفي حقيقة أننا، أولاً وقبل كل شيء، ننهك أوكرانيا، نحن نراهن على تحقيق انهيارها. وهذه النهاية مرتبطة بشكل مباشر ليس فقط بالعمليات الأوكرانية الداخلية والوضع على خط المواجهة، ولكن أيضًا بالحالة في الغرب (بشكل أساسي في البلدان الأنجلو سكسونية). وأيضًا مع قدرة نخب العولمة لدعم وحدة الغرب في حشد الموارد اللازمة لأوكرانيا، والتي بدونها لن تستمر طويلاً.
من الواضح أن المخططات الناجحة بالنسبة لنا تُقَرِّب لحظة انهيار الغرب. لكن علينا أن نكون مستعدين لإيصال الأمور إلى نقطة تَحَوِّل وجعل الغرب “يرمش” أولا حتى بدون تحقيق انتصارات حاسمة في ساحة المعركة. يستغرق الأمر المزيد من الوقت والجهد. وسيتطلب الأمر صبراً كبيراً، حتى عناداً وتحملاً – تلك الصفات الوطنية لدى الشعب الروسي التي نسيها الأعداء.
_________
ملاحظة من “كنعان”: “كنعان” غير مسؤولة عن الآراء الواردة في المقالات، بل هي تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم… تابع القراءة….