السنة الثالثة والعشرون – العدد 6564
في هذا العدد:
■ قراءات في الراهن العربي من النظري إلى التطبيقي، (حلقة 6)، عادل سماره
- رأسمالية كمبرادورية ريعية كمب/ريعية وقطاع عام راسمالي معولم
■ نافذة على الصحافة الروسية، إعداد وتعريب د. زياد الزبيدي
- الهدف الجديد لـلحرب – هدم النظام النازي في كييف
- متى تنتهي الحرب في أوكرانيا؟
✺ ✺ ✺
قراءات في الراهن العربي من النظري إلى التطبيقي
(حلقة 6)
رأسمالية كمبرادورية ريعية كمب/ريعية
وقطاع عام راسمالي معولم
عادل سماره
نقصد هنا حكم أو سلطة طبقة رأسمالية مُركَّبة مزدوجة من الرأسمالية الكمبرادوريّة ومن الرأسمالية الريعية وهي حالة سائدة إلى حد كبير في بلدان المحيط وخاصة الوطن العربي إثر تلاشي قطب عدم الإنحياز . هذا من جهة ومن جهة ثانية، أين العرب في وضعية كون اقتصاد العالم مثابة قطاع عام راسمالي معولم؟
كلمة الكمبرادور هي كلمة في الأصل من اللغة البرتغالية ولكن الثورة الصينية في حقبة ماو تسي تونغ طورتها كمفهوم وتعريف ودور لطبقة رأسمالية في المجتمع قد تكون في السلطة وقد لا تكون قد وصلت السلطة ولكنها حين تصل السلطة تصبح اشد خطرًا على المجتمع.
فالرأسمالية الكمبرادورية طبقة تعيش أساسا على وكالاتها لاستيراد المنتوجات الأجنبية لترويجها في مجتمع بلادها مما يقود إلى احتجاز تطور الصناعات والزراعة المحلية في بلدان المحيط التي هي غالبًا في مرحلة الطفولة مما يقضي على الصناعة والزراعة المحلية أو يحتجز تطورها أو يرغمها على التكيُّف مع منطق مصلحة اقتصادات الدول التي تستورد منها هذه الطبقة الكمبرادورية. (منطق هي في لغة فلسفة الإقتصاد السياسي يكتبونها Logic وآمل أن استخدامي لها دقيقاً)
ولعل ما يوضح هذا هو التغير السالب الذي حصل في بنية التجارة في السوق العالمية، فبعد أن كانت بلدان المحيط، غالبًا حتى خمسينات القرن العشرين تُصدِّر لبلدان المركز منتجات زراعية وتستورد منتجات صناعية، أصبحت بلدان المركز هي التي تصدر كلتي المنتجات إلى بلدان المحيط. فرنسا من كبار مصدري القمح ومصر من كبار بل أكبر مستورديه!
وقد لاحظنا خلال أزمة جائحة كورونا ولاحقا الحرب الدفاعية الروسية في أوكرانيا ضد الناتو درجة انكشاف بلدان المحيط غذائيًا لأن بلدان إنتاج القمح وتصديره هي روسيا، أوكرانيا، ألمانيا، أمريكا، فرنسا…الخ.
أما الحليف المباشر والحميم لطبقة الرأسمالية الكمبرادورية خاصة والأخيرة في الحكم فهي الرأسمالية الريعية متلقية المال المتأتي من خارج العملية الإنتاجية أو من خارجٍ ما أي دول معنية بسيطرة أو هيمنة ما على بلد/بلدان أخرى، خاصة من المحيط وذلك عبر التمويل الأجنبي بما يسمى المساعدات أو تمويل الأنجزة…الخ.
في هذه الحالة تكون الرأسمالية الريعية هي متلقية سيولة مالية من خارج قطاعات الإنتاج أو من خارج البلد وتكون الرأسمالية الكمبرادورية ماسورة تصريفه إلى الخارج مجدداً! تعيش هذه الطبقة المزدوجة على غير إنتاجها وإنتاج البلد.
بهذا المعنى، فإن الأنظمة العربية والطبقة/ات الرأسمالية الكمبرادورية هي حقاً عدوة تنمية هذا الوطن. فهي أنظمة تُنفق على الواردات وليس على الإنتاج، بل حتى على الواردات المظهرية.
والسؤال: هل السبب هو توفر السيولة المالية في ايدي عدد من الأنظمة العربية أم أن هذه الأنظمة ضد تصنيع البلاد؟
هل من السذاجة طرح كلا السؤالين؟
كلا. تفيد تجارب الأمم أن توفر الفائض هو عامل اساسي في النمو والتنمية بل إن عدم احتفاظ أمة بالفائض هو خلل خطير في بنيةالاقتصاد وعامل فقر وتخلف وتبعية. فالدول أو الأمم التي تحكمت بالفائض هي التي تطورت. وهذا يعني أن الأساس كيف تتصرف هذه الأمة أو تلك بالفائض؟ هل بمنطق السوق الراسمالي العالمي أم بمنطق التنمية المحلية.
هنا تبرز أهمية الثقافة والانتماء القوميين بمعنى أن سلطة قومية الاتجاه تركز على الاحتفاظ بالفائض واستثماره محلياً.
ولأن الأنظمة العربية ضد التصنيع والتطور، لذا تركز على الاستيراد.
ولكن لماذا؟ ليس الأمر غباء بل الأمر طبقي يرتد إلى ما شرحناه سابقا عن دور القومية الحاكمة التي هي ضد الوحدة وضد التصنيع وبالتالي ترتعد من خلق طبقة عاملة لها مصلحة في الوحدة وقد تدفعها هذه المصلحة لصراع طبقي ضد البرجوازية.
القطاع العام الراسمالي المعولم:
إن ما أسميناه القطاع العام الرأسمالي المعولم هو المكوَّن من شِقَّيْن:
- الشق الأول هي الطبقة الرأسمالية /الإمبريالية الاحتكارية في المركز
- والشق الثاني هي الطبقة الرأسمالية الكمبرادورية الريعية في أو من المحيط.
وهذا يكشف خطورة هذه الطبقة في المحيط على مجتمعها حيث تلعب دور تخليد تبعيته
قد تحمل التسمية بعض التناقض، أي قطاع عام! ولكنه رأسمالي، أي لطبقة بعكس تسمية قطاع عام بالمعنى السائد، وكذلك معولم! لكن الأمر ليس هكذا. بدايةً هذا تكثيف للفصل الأول من كتابي “Epidemic of Globalization “.”وباء العولمة” الصادر عام 2001.
إنه قيام الرأسمالية ك “طبقة” مزدوجة التكوين أي من رأسمالية المركز المهيمنة ورأسمالية المحيط التابعة بتحويل العالم إلى قطاع عام لها بجزأيها وطبقا لمراتبيتها. إنه “ثمرة” تحرير التجارة الدولية التي حُررت لصالح هذه الطبقة المزدوجة و”ثمرة” ما يسمى القرية العالمية التي هي أيضًا أوتوستراد الحراك الحر لرأس المال وليس العمل والخدمات.
هذا المصطلح محاولة لصياغة رؤية للتطورات الجارية، وليس الأخيرة، للنظام الرأسمالي العالمي ودراسة أربعة تطورات مترابطة على المستوى العالمي، التطورات التي تعيد تشكيل هذا النظام: تبلور التسلسل الهرمي الطبقي على مستوى الطبقات الحاكمة على نطاق عالمي وتبلور تلك المصالح الاقتصادية في خلق قطاع عام رأسمالي للدولة/السلطة معولم تسيطر عليه و/أو تملكه و/أو تديره الطبقات الرأسمالية الحاكمة في المركز، وتتم خدمته وتنفيذه بطريقة متدنية من قبل الطبقات الرأسمالية الكمبرادورية الحاكمة في الأطراف. وكُرِّست هذه التطورات للمساعدة في تشكيل أيديولوجية، ولاحقًا نظام فاشي على المستوى العالمي ليحل محل ديمقراطية البرجوازية في المركز والمجالس العسكرية والرأسماليين الكمبرادوريين في المحيط. وأخيرًا، هذا المصطلح هو محاولة إثبات أن استراتيجية التنمية لا يمكن أن تنجح نظرًا لتدهور الدولة القومية المحيطية إلى دولة كومبرادورية، والتي لا تستطيع أن تلعب الدور البسيط للدولة القومية الفاشلة في الخمسينيات والستينيات. لذلك، فإن المطلوب من الأطراف هو استراتيجية التنمية من خلال الحماية الشعبية (DbPP Development by Popular Protection )، على المستويين الوطني والإقليمي. يجب أن يكون هذا متناغمًا مع رؤية لكيفية تحدي العمال لرأس المال – بقيام الطبقات الشعبية المستغَلة بتحدي الطبقات الرأسمالية الكومبرادورية الحاكمة على نطاق عالمي ولا يتم هذا بدون حزب ثوري بالطبع مهما تغنينا بثورية الطبقات الشعبية.
يعني هذا المصطلح تشكُّل دور جديد للدولة في المحيط “الوطنية” بعد عقود من فرض السياسات الاقتصادية الليبرالية الجديدة حيث حدثت العديد من التطورات الجديدة في البلدان المحيطية. وتشمل هذه التطورات إخضاع معظم دول المحيط لإيديولوجية السوق. اعتماد “تحرير التجارة الدولية” وتطبيق العالم الثالث للسياسات الاقتصادية الليبرالية الجديدة للبنك الدولي (WB) وصندوق النقد الدولي (IMF) والمؤسسات المالية الدولية الأخرى. بعد ذلك، اكتشف المزيد والمزيد من الطبقات الشعبية في العالم الثالث أن دولها قد فقدت سيادتها. أدركت هذه الطبقات الشعبية أن اقتصاداتها المحلية “الوطنية” لم تعد محمية من قبل الدولة القومية. لم تعد البرجوازية المحلية ” الوطنية” تحمي السوق المحلية “الوطنية” التي من المفترض أنها تحتكرها بعكس ما أشار التحليل الاقتصادي الكلاسيكي إليه كثيرًا بأن البرجوازية الوطنية تصر على السيطرة على سوقها المحلي “القومي الوطني” تحت ستار حماية اقتصادها الوطني ومن أجل مصالحها. لقد انهارت أسوار ودفاعات هذه البرجوازية الوطنية. هذا هو المعنى الحقيقي لـ “تحرير التجارة الدولية” وسياسة “الباب المفتوح”.
تعني السيادة المصممة حديثًا أن العالم أصبح قرية عالمية واحدة. لم يعد دور الليبرالية الجديدة محصورًا بالمستوى الاقتصادي والسياسي. لقد امتد إلى الثقافة كذلك. من خلال تعاقبها في التكيف مع التطورات الجديدة وتجديد نفسها، استوعبت الرأسمالية في المركز التهديد الذي تشكله موجة جديدة من التحرر الوطني والاجتماعي في بلدان المحيط. كرست الأنظمة الرأسمالية للمركز جهودًا كبيرة لاحتواء التهديد من المثقفين الراديكاليين من خلال دعم المنظمات غير الحكومية/الأنجزة، والتي هي جزء من “مشاة البحرية للثقافة الإمبريالية الأمريكية”.
إنه تحالف طبقي يتم تشكيله بين جميع الطبقات الرأسمالية الحاكمة، كلٌّ حسب قدرته الاقتصادية والسياسية والثقافية وكذلك موقعه في التقسيم الطبقي الرأسمالي العالمي. هذا يتضمن زيادة حادة في الفقر والبطالة حتى في المركز نفسه.
من سمات هذا القطاع السماح لرأس المال الأجنبي بشراء الأصول المحلية بتكلفة منخفضة. من المهم أن نلاحظ أن الملكية المشتركة الجديدة تقتصر على أصول العالم الثالث، ولكن ليس على أصول المركز، وإن حصل فبشروطٍ وتحت طائلة المصادرة بما يسمى عقوبات. في أسفل هذا الهرم من البنية الاجتماعية للتراكم توجد برجوازية العالم الثالث/المحيط التي يتمثل دورها في قمع جماهيرها. تضمن هذه الآلية دورها كوكيل مسؤول عن تسهيل وحماية انتقال الثروة إلى المركز. في مقابل أداء هذا الدور، تتلقى برجوازية العالم الثالث/المحيط المساعدة في شكل تدريب عسكري ومالي وشرطي. واختزال صندوق النقد الدولي إلى مجرد “دركي لرأس المال المالي”.
دفعت هذه الأحداث برأس المال المالي المعولم إلى موقع الصدارة، ولكن بينما يكون رأس المال المالي دوليًا، إلا أن جذوره المحلية “الوطنية” تتلاشى في حالة حصة العالم الثالث، وتصبح أقوى في حالة حصة المركز. وبعبارة أخرى، هي دولية في حركتها الحرة، لكنها محلية “وطنية” في إدارتها في المركز. وهذا يؤكد أنه قطاع رأسمالي معولم، ولكن مزدوج ومتفارق الملكية. وفقًا لذلك، لم يفقد رأس المال المالي في الأطراف جذوره فحسب، بل فقد الرأسماليون في المحيط جذورهم الوطنية وهويتهم. هذا، بالطبع، يعكس المصالح الطبقية.
على يد هذا القطاع جرى تفكيك القطاع العام الدولاني/الدولتي في بلدان المحيط وفي الكتلة الاشتراكية السابقة ودمجه في القطاع العام الرأسمالي المعولم.
من جهة، هو جزء من خلق قطاع رأسمالي عام معولم، وهو جزء من حملة أنظمة المحيط ضد شعوبها من جهة أخرى. بفقدانها للقطاع العام المحلي الدولاني، تفقد دول الأطراف مصدرًا حيويًا رئيسيًا للدخل وتصبح معتمدة كليًا على فرض الضرائب على مواطنيها وفرض وتنفيذ وصفات المصرف والصندوق الدوليين.
أحد مظاهر هذا القطاع هو نقل المركز لجزء من صناعاته إلى المحيط، فإن هذا لا يعني بأي حال من الأحوال أنه ينوي تطوير المحيط وفقًا للمركز نفسه (كما جادل ماركس ذات مرة).
أهم مكونات/مظاهر القطاع الرأسمالي العام المعولم هي الشركات متعددة الجنسيات في الخارج، والتي تدعمها الدولة، أو هي غالبًا توظف الدولة في خدمتها وانتشارها على الكوكب. لكنه كقطاع معولم يقتصر على الدول الأساسية التي لها مصالح في جميع أنحاء العالم ولها القدرة على الحفاظ على هذه المصالح بالقوة إن لزم الأمر.
ترافقًا مع اعتماد السياسات اللبرالية الجديدة، غدا هذا القطاع مضاربًا غير منتج. إن خضوع دول المحيط الحالي للسياسات النيوليبرالية التي فرضتها الدول الإمبريالية الأساسية قد فتح جميع الأسواق العالمية أمام الصادرات الإمبريالية وسهّل هروب الفائض العالمي إلى البلدان الأساسية، وخاصة الولايات المتحدة، وحتى للملاذات الآمنة التي هي أساسا لرأس المال من المركز.
أدى ذلك إلى تفكك الاقتصاد الوطني وتحدي أي تماسك للصناعات المحلية.
وترافق مع هيمنة هذا القطاع انتقال المركز إلى ما بعد الديموقراطية، أي التحضير النظري والعادي للفاشية. هناك بالطبع عدة شروط ضرورية لاستكمال الدولة الفاشية العالمية، بصرف النظر عن اللامركزية في المركز والمركزية المتزايدة في المحيط. أحد الشروط الرئيسية لهذا الشكل من الدولة، هو تقليص سيادة الدولة المحيطية إلى الحد الذي يتم فيه تقليصها إلى مستوى مستعمرة. يجب أن يكون لهذه المستعمرة جهاز قمعي قوي يعارض الطبقات العمالية والشعبية. هذه هي العوامل السياسية والاقتصادية اللازمة لوجود هذه الدولة الفاشية العالمية. ومع ذلك، فهي بحاجة إلى العوامل الفكرية والنظرية أيضًا. يتم تحقيق ذلك من خلال قدر كبير من الثناء الزائف على الديمقراطية وحقوق الإنسان. هذا هو السبب في أن بعض المثقفين يتظاهرون بأن هناك تحسنًا ديمقراطيًا جوهريًا يتطور في دول الأطراف.
ولكن من الناحية العملية، فإن النظام الاقتصادي/ السياسي العالمي يدمر الديمقراطية، في كل من المركز والمحيط. في المركز، تتركز الثروة في أيدي قلة، والأجور متخلفة باستمرار عن الأسعار، والحاجة المتزايدة للوظائف الثانية والثالثة للتعويض عن الأجور المنخفضة للأولى، ومن المفترض أن تعود المرأة إلى المنزل لتصبح “مسيحية طيبة دورها هو توفير التكاثر البيولوجي”. أما في المحيط، حيث الظروف تتدهور بشدة، هناك زيادة في الفقر وارتفاع في معدلات المواليد والبطالة. ترافقًا مع هذا، تشن الطبقات الحاكمة في كل من المركز والأطراف حملات استباقية ضد المثقفين اليساريين والقوميين من خلال تجنيدهم واستدراجهم إلى وظائف ذات رواتب عالية في المنظمات غير الحكومية/الأنجزة بهدف إبعادهم عن السياسة والثورة. هل هذا القطاع منسجم في داخله؟ الجواب كلا، لأن رأس المال، بل الرأسماليين، في تناقض وتنافس وحتى -اقتتال في ما بينهم، أي قلما “يتآخى اللصوص –ماركس”.
كانت سنوات عز هذا القطاع حينما تم التهام الكتلة الاشتراكية في السوق الرأسمالية العالمية، باستثناء بعض البؤر المتبقية (كوبا، كوريا الشمالية، ربما فقط).
اتضح أن انتقال الرأسمالية إلى الإمبريالية في طورها الاحتكاري (كما كتب لينين) وحتى المعمم (كما يصف سمير أمين) لا يعني نهاية المنافسة بل اتخاذها دورا وأطوارًا أعلى توحشا وضخامة بين الضواري؛ إنه تنافس في مستوى القضاء من أحدها على الآخر حتى وهو يحبو أو ينمو.
اتضح هذا في حدثين تاريخيين في القرن الحالي:
أزمة كوفيد 19، التي كشفت مدى جشع رأسمالية المركز، جشع كل دولة تجاه الأخرى وتجاه الأمم الأخرى، وحتى استغلالها لشعوبها كي تستحلبهم لجني الأرباح ومن ثم تحقيق التراكم من خلال شراء منتجات شركات الطبابة حيث تحول الاستهلاك من الرفاه والعلم والغذاء إلى الطبابة فبقي تدفق رأس المال إلى نفس الطبقة.
وأزمة الحرب الدفاعية الروسية ضد الإمبريالية بداية من أوكرانيا حيث يتضح يوما بعد آخر أن المركز الإمبريالي الغربي يهدف إلى تدمير روسيا والصين الرأسماليتين! فالاحتكار لا ينفي المنافسة لكنه يرفعها إلى أخطر منزلة عشرية. وهذا يعني الصراع داخل الجزء الرأسمالي المتقدم في القطاع العام الرأسمالي المعولم، أي أن حقيقة رأس المال لا تُكذَب نفسها، فهي في التحليل الأخير مذبحة ذاتية داخلية. وعليه، يغدو السؤال هل يدفع هذا روسيا والصين إلى خيار غير رأسمالي؟ ليس هذا مكان الإجابة، إن كان ذلك ممكنًا.
اتضح خلال هذه الحرب كيف أخذ هذا القطاع بالتفكك ضاربا بعضه البعض، تعطلت أو انقطعت شبكات التوريد التي كانت شبكة شرايين على صعيد معولم سواء للمواد الخام، وخاصة الريعي منها النفط والغاز وأشباه الموصلات…الخ، مما يعني انكسارات كبيرة في سلاسل التصنيع.
وعليه، فإن العدوان الاقتصادي ضد روسيا (ما يسمى بالعقوبات) يعني قيام روسيا بوقف صادرات المواد الخام الروسية وهذا يهدد بإحداث انقطاع في سلاسل التوريد للمواد الرئيسية، بما في ذلك الكوبالت والبلاديوم والنيكل والألمنيوم، ولنقل عموما الرقائق وأشباه الموصلات. هذا التشابك هو ما أسماه مايكل هدسون “صُنع في العالم” بدل أن كان “صنع في فرنسا” مثلاً.
وهذا ما أسميته عام 2001 في كتابي (Epidemic of Globalization Chapter One, p.p. 1-19, 2001)
تحوُّل العالم إلى قطاع عام رأسمالي معولم (GCPS- Globalized Capitalist Public Sector) لصالح تحالف طبقة/طبقات رأسمالية من مختلف البلدان لكن بدرجات. وهذا يعني أن محاولة خروج بلد من هذه الشبكة أمر صعب. وهذه الصعوبة هي المقتل لاستراتيجية فك الارتباط.
ربما هذا التشابك وغيره يغرينا بالقول: ولماذا بل وكيف يمكن توظيف هذا التشابك العالمي الذي خلقته الرأسمالية ليكون شيطانَ قتلها بمعنى توظيفه لصالح عالم اشتراكي؟ لهذا قول آخر.
إن مضمون القطاع العام الرأسمالي المعولم، أو آلية عمله، هي توسيع وعولمة اقتصاد التساقط (Trickle-down Economy) ليتسع من علاقة دولة استعمارية مع مستعمرتها، بل الطبقة الحاكمة التابعة في المستعمرة ليصبح اقتصاد التساقط المعولم Globalized Trickle-down Economy حيث تصبح أممٌ قليلة العدد تأكل على الطاولة وتملك القطاع العام الرأسمالي المعولم وأممٌ كثيرة العدد تجلس على الأرض ترمُّ الفتات. لكن أزمتي كوفيد 19 والحرب الأوكرانية تشيان بما هو أخطر.
لذا، كتبت سابقا أنه في هذه الظروف فإن الخروج من شباك النظام الرأسمالي العالمي، بل السوق الرأسمالية العالمية، يتطلب ثلاثة مقومات أو درجات:
- الانسحاب إلى الداخل استهلاكًا وإنتاجًا لتقوية السوق المحلية، بمعنى مقاطعة منتجات الأعداء والمنتجات التي لها بدائل محلية أو يمكن سريعا توفير تلك البدائل.
- التنمية بالحماية الشعبية، بمعنى وجود قوى شعبية طبقية تقوم بالمقاطعة وتطوير تبادل أو سوق محلية بقانون قيمة محلي تقطع مع السوق العالمية قدر الإمكان وتشكل بهذا ضغطا على السلطة كي تخرج من السوق الدولية. وبالطبع يكون الأمر أسهل إذا تبنت السلطة استراتيجية التنمية بالحماية الشعبية، ولكن غالبا تكون الدولة بيد طبقة انخراطية في السوق العالمية مما يجعلها ضد التنمية بالحماية الشعبية إلا إذا أجبرت على ذلك من تحت.
- فك الارتباط وهي اللحظة التي تتمكن الطبقات الشعبية بالحماية الشعبية حينها من فرض استراتيجيتها على السلطة أو قرار السلطة في الخضوع وإرغامها على تبني البديل، أي الحماية الشعبية، فتتبنى فك الارتباط.
والسؤال، هل هذه المقومات متوفرة في الوطن الكبير؟ هذا ما تضمنته الحلقات السابقة والتي ستأتي.
_________
ملاحظة من “كنعان”: “كنعان” غير مسؤولة عن الآراء الواردة في المقالات، بل هي تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم… تابع القراءة….
✺ ✺ ✺
نافذة على الصحافة الروسية
نطل منها على أهم الأحداث في روسيا والوطن العربي والعالم
إعداد وتعريب د. زياد الزبيدي بتصرف
- الهدف الجديد لـلحرب – هدم النظام النازي في كييف
- متى تنتهي الحرب في أوكرانيا ؟
✺ ✺ ✺
(1)
الهدف الجديد لـلحرب – هدم النظام النازي في كييف
يلينا بانينا، سياسية روسية، عضو البرلمان الإتحادي، مديرة معهد الدراسات الاستراتيجية في السياسة والاقتصاد
تعريب د. زياد الزبيدي بتصرف
7 يونيو 2023
يبدو أنه قد تمت إضافة تفاصيل جديدة إلى نزع السلاح واجتثاث النازية في أوكرانيا كأهداف للحرب الحالية في أوكرانيا.
قال سكرتير مجلس الأمن القومي الروسي نيكولاي باتروشيف في مقابلة مع أمين مجلس الأمن البيلاروسي ألكسندر فولفوفيتش: “أنشأت واشنطن ولندن نظام كييف النازي، والذي يجب تغييره، ومنح أوكرانيا وضع دولة محايدة عمليًا”.
في الوقت نفسه، شدد باتروشيف على أن استمرار الأزمة حول أوكرانيا ليس مفيدًا لأي احد باستثناء الولايات المتحدة.
▪️ على مدى الأيام القليلة الماضية، تم التعبير عن الأطروحة القائلة بأن أوكرانيا بحاجة إلى تغيير النظام من قبل كبار السياسيين الروس الآخرين، الذين عادة ما تتضمن تصريحاتهم، من بين أمور أخرى، طبيعة “الرسائل” للجمهور الخارجي. قبل عام، لم يتم إعلان شيء مثل هذا، بل كان العكس.
التوضيح الجديد حول تغيير النظام في كييف جيد بالفعل لأنه يقدم مزيداً من التفاصيل حول الأهداف الغامضة إلى حد ما للحرب في أوكرانيا – نظام زيلينسكي لا يناسب روسيا بشكل قاطع و نحن نرفض أي نوع من العلاقة معه، بما في ذلك، من الواضح، المفاوضات. في أوكرانيا، نحتاج إلى شيء مختلف تمامًا.
▪️ لكن ماذا بالضبط؟ دولة محايدة؟ للأسف، كانت أوكرانيا تتمتع بالفعل بوضع دولة محايدة – حتى فبراير 2019، عندما تم إدخال بند حول السعي من أجل الإنضمام إلى الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو في دستور البلاد. ومع ذلك، فإن هذا الوضع لم يخفف من وتيرة الإرهاب الذي مارسه الجيش الأوكراني في دونباس، أو سياسة كييف الرسمية المعادية للروس، والتي تتفاقم بشكل علني منذ عام 1991.
هل من الممكن في أوكرانيا اليوم قيام نظام محايد وغير نازي وسلمي؟
نعم ولكن فقط إذا وافق الملاك الحاليون لأوكرانيا الذين تمثلهم الولايات المتحدة على ذلك. هل هناك فرصة عملية لهذا؟ لا.
▪️ بدلاً من ذلك، يمكن للمرء أن يتخيل أنه لبعض الأسباب الجيوسياسية المذهلة، بعد انتهاء الحرب في أوكرانيا، قررت روسيا لسبب ما إنشاء دولة عازلة جديدة على أراضي أوكرانيا – بنفس الاسم وبوضع محايد معين. لكن هذا سيكون قرارًا مؤسفًا للغاية، والذي سيحول أوكرانيا عاجلاً أم آجلاً مرة أخرى إلى دولة “مناهضة لروسيا” – وإلا فليس من الواضح سبب فصل هذا الجزء من العالم الروسي عن الاتحاد الروسي على الإطلاق.
اتضح أن الخطة الواعدة الوحيدة لأوكرانيا المحايدة هي – إعلان أوكرانيا مقاطعة فيدرالية تابعة للاتحاد الروسي.
(2)
متى تنتهي الحرب في أوكرانيا ؟
بيتر أكوبوف، محلل سياسي، وكاتب صحفي في ريا نوفوستي
تعريب د. زياد الزبيدي بتصرف
- يونيو 2023
كيف وصلنا إلى ما نحن عليه اليوم؟ كيف وصلنا إلى النقطة التي أصبح فيها الصراع الساخن بين روسيا وأوكرانيا ليس فقط مألوفًا، ولكنه يمثل مستقبلنا المشترك في السنوات القادمة؟
لم يكن انهيار الاتحاد السوفياتي يعني التفتت الكامل للعالم الروسي وخسارة أوكرانيا. اعتقد كل من بوريس يلتسين وفلاديمير بوتين أن أوكرانيا ستبقى في مدار روسيا. لم يُنظر إلى محاولات الغرب لتحويل الإنفصال القانوني لدولتين إلى طلاق تاريخي وجيوسياسي، أي أخذ أوكرانيا بالفعل بعيدًا نحو الغرب، على أنها خطيرة للغاية. بالإضافة إلى ذلك، في السنوات الأولى لحكمه، لم يكن بوتين ببساطة منتبها لأوكرانيا، كان من الضروري استعادة النظام الأولي في السلطة والبلاد.
لم تكن الأزمة الأوكرانية عقب الثورة الملونة في الفترة 2003-2004، مع النصر النهائي لفيكتور يوشينكو الموالي للغرب، لا رجعة فيها. علاوة على ذلك، أصبح فيكتور يانوكوفيتش فيما بعد رئيسًا بعد كل شيء. خُطَط إنشاء الاتحاد الأوراسي، التي تبناها بوتين في نهاية العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، ضمنت في البداية المشاركة التي لا غنى عنها لأوكرانيا.
ولكن عندما بدأت روسيا، في بداية العقد الثاني من هذا القرن، في دفع كييف إلى اتحاد جديد، لم يعد الأنجلو ساكسون مستعدين للاستسلام دون قتال، وراهنوا بجدية على التكامل الأوروبي وضم أوكرانيا للناتو.
في عام 2013، قلب بوتين الوضع بإقناع يانوكوفيتش بإبطاء التكامل الأوروبي والتحول إلى الاتحاد الأوراسي. بعد ذلك، بدأ كل شيء بطريقة جادة – الميدان، الإطاحة بالرئيس…
في تلك اللحظة، لم يستعيد بوتين شبه جزيرة القرم لأنه رضي بخسارة أوكرانيا. لقد أراد فقط أن يلعبها بأمان وعلى الفور، قبل بدء القتال، أخرج شبه الجزيرة من المعادلة.
لكنه لم يكن مستعدًا لمزيد من الصراع على السلطة، ولم يكن يريد إراقة الدماء في صراع أهلي محتوم وراهن على حقيقة أن أوكرانيا يمكن تغييرها من الداخل – تغيير الحكومة أو قلبها. لم ينجح هذا الرهان، فقد تُرك دونباس بمفرده (بمعنى الانتفاضات ثم الإنفصال عن أوكرانيا)، ومنذ عام 2015، عندما انتهت الأعمال الحربية النشطة هناك، بدأت الاستعدادات لمعركة كبيرة.
على أرض الواقع تم تنفيذ هذا الإستعداد من قبل أوكرانيا. في روسيا، كان فقط في رأس وفي عقل بوتين. لأن الحكومة الأوكرانية، مثل “الهارب”، أدركت أنهم “سيأتون إليها” عاجلاً أم آجلاً. بينما كان بوتين يعتقد بصدق أنه سيكون قادرًا على تغيير الوضع سلميًا. وهذا يعني دفع النخب الأوكرانية (بما في ذلك اللعب على التناقضات) إلى الحاجة إلى تغيير المسار من التكامل الأوروبي إلى الحياد المشروط بين روسيا والغرب.
لكن لا في كييف ولا في أوروبا، التي اتضح أن الأنجلو ساكسون يقودونها أكثر فأكثر في القضية الأوكرانية، لن يرفضوا استكمال عملية الانفصال الكامل لأوكرانيا عن روسيا. والحربة، ك”السكين في الساق”، والتي كانت تمثلها دونباس، أضحت تتدخل بشكل أقل في قدرة كييف في هرولتها إلى الغرب. كانوا على استعداد لقطع ساقهم والركض بدونها.
يبدو أن الإدراك الكامل لهذا الأمر قد وصل إلى بوتين بحلول عام 2020. وهكذا، تلاشت الآمال التي كانت ضئيلة على فلاديمير زيلينسكي (ليس كثيرًا عليه، ولكن على الانقسام في الحكومة الأوكرانية)، وبدأت فرص دونالد ترامب في الاحتفاظ بالبيت الأبيض في التراجع. أظهرت “محاولة العزل” الفاشلة أن مستنقع واشنطن لن يتوقف عند أي شيء لإزالته.
على ما يبدو، اتخذ بوتين القرار النهائي بشأن حتمية حل “بالقوة” للقضية الأوكرانية في نهاية عام 2020. لم تكن خسارة ترامب بهذا المعنى حاسمة، لكنها كانت القشة الأخيرة التي قسمت ظهر البعير!
استمرت الاستعدادات للعملية الخاصة في أوكرانيا لأكثر من عام، وكان من المستحيل إخفاءها عن الأمريكيين. وليس بسبب “العملاء الأسطوريين في الكرملين”، ولكن بسبب الحشد الكبير جدًا للقوات. لذلك، في نوفمبر 2021، قدم بوتين إنذاره النهائي – انسحاب الناتو إلى مواقع التسعينيات وهو الإنذار الذي أدى إلى بدء الحرب.
تم التخطيط لعملية متكاملة سريعة. على ما يبدو، في غضون شهرين، كان كل شيء يجب ان يكون قد إنتهى. كانت أوكرانيا ستهزم، وكان من الممكن استبدال الحكومة في كييف بحكومة موالية لروسيا.
للأسف، لم يتم حساب قوة الضربة لأنهم قللوا من قوة السلطة والجيش في أوكرانيا، وفي نفس الوقت بالغوا في تقدير قوة جيشنا. جعلت المشاكل واسعة النطاق التي ظهرت مع الإدارة، سواء رأسيا أو أفقيًا، مع القيادة والاتصالات والخدمات اللوجستية، خطة غيراسيموف (والأرجح أنه هو من كان مؤلفها) غير مجدية.
الآن من غير المجدي تخمين السبب الرئيسي لذلك. فجوة كبيرة بين التوقعات حول كيفية عمل القوات والواقع؟ أو تقييم غير صحيح لأعداد القوات (لو كان لدينا قوات أكثر بمرة ونصف، لكان كل شيء على ما يرام)؟ لكن بعد أسابيع قليلة، أصبح من الواضح أن الخطة الأصلية قد فشلت. بدأوا في تغييرها في سياق العملية الخاصة، واستغرق الصيف كله لمحاولة الاختراق بالقوات المتاحة.
وبحلول الخريف، أصبح من الواضح أنه كان من الضروري تغيير التكتيكات تمامًا – لتقصير خط المواجهة، ومضاعفة القوات على الأقل والمضي قدمًا في الدفاع. أثبتت التعبئة الجزئية وانسحاب القوات من منطقة خاركوف والتخلي عن خيرسون وتوحيد أربع مناطق مع روسيا – للجميع – أن بوتين سيذهب حتى النهاية.
لم يكن ضم مناطق جديدة يعني التخلي عن بقية أوكرانيا. كما هو الحال في شبه جزيرة القرم في عام 2014، سجلت خطوة وسيطة، “ربح”، وأظهرت جدية النوايا لتفكيك أوكرانيا تدريجياً.
بدأ الجانبان في الاستعداد لهجوم حاسم، مع انطلاق بوتين من حقيقة أن الوقت بشكل عام في صالحنا. إنه يريد انتظار ضربات كييف الأولى من أجل التحول إلى لعبة “الجودو” المفضلة لديه، أي لاستخدام طاقة وقوة ضربة الخصم ضده.
هكذا مر الشتاء والربيع – نصف عام، تم خلاله اختزال جميع الإجراءات تقريبًا في الهجوم على باخموت، والتي تم تحريرها في النهاية من قبل “قوات فاغنر”، وإن كان ذلك بثمن باهظ. هل كانت فكرة يفغيني بريغوجين (قائد فاغنر) مبررة لترتيب “فردان” للأوكرانيين، أي لطحن المزيد والمزيد من الوحدات الأوكرانية، مع تركيز انتباه كييف على باخموت؟ كان له ما يبرره جزئياً، خصوصاً أنه في النهاية تم تحرير باخموت.(معركة او معارك فردان عام 1916 بين ألمانيا وفرنسا تسمى “مفرمة لحم فردان” لكثرة ضحاياها كانت مقدمة لهزيمة ألمانيا في الحرب العالمية الاولى – المترجم).
لكن خلال الأشهر الستة الماضية، عززت أوكرانيا قواتها، وازداد حجم المساعدة العسكرية الغربية. وحتى الفعالية المتزايدة لهجماتنا على المستودعات والأهداف في كل من المؤخرة وقرب خط المواجهة لم تستطع أن تبطئ هذه العملية بشكل كبير.
أصبحت القوات المسلحة لأوكرانيا الآن أقوى مما كانت عليه في الخريف، على الرغم من أنه من الواضح أننا لم نضيع الوقت أيضًا. ومع ذلك، فإن الهجوم الأوكراني الموعود لم يبدأ حتى الأيام الأخيرة. وبدلاً من ذلك، رأينا بوضوح محاولات تشتيت إنتباهنا باختراق مجموعات “تخريب صغيرة” إلى منطقة بيلغورود والترهيب النفسي على شكل قصف بلدة شيبكينو.
وفقط في الأيام الأخيرة أصبح من الواضح أن الهجوم سيبدأ. ولكن ليس إلى بيلغورود، ولكن إلى الجنوب والجنوب الشرقي، أي نحو شبه جزيرة القرم. حتى الآن، كانت الضربات الأولى فقط هي بإطلاق النار والقصف المدفعي والصاروخي. ولكن عندما يبدأ الهجوم بكامل قوته، سيتغير الوضع بسرعة كبيرة.
وبغض النظر عن كيفية تطور الهجوم في المرحلة الأولى (حتى لو كان ذلك سيئًا بالنسبة لنا)، يجب عمل كل شيء من أجل استخدامه لتغيير “المد”. نعم، ليس بطريقة حاسمة بعد، ولكن لاحداث تحول في الحملة، والانتقال إلى الهجوم حيث ستنشأ الظروف الأكثر ملاءمة لذلك.
لكن هجومنا المضاد هذا لن يكون حاسمًا. لن تنتهي العملية الخاصة هذا العام أو العام المقبل. لن يكون النصر هو الاستيلاء على أوديسا وخاركوف، ولكن انهيار أوكرانيا كدولة، وبعد ذلك سنأخذ كل ما نعتبره ضروريًا (ونجعل الباقي “دولة” تابعة لنا).
يجب أن يُسَرِّع العمل العسكري الناجح هذه اللحظة. لكنه لا ينفي حقيقة أننا، أولاً وقبل كل شيء، ننهك أوكرانيا، نحن نراهن على تحقيق انهيارها. وهذه النهاية مرتبطة بشكل مباشر ليس فقط بالعمليات الأوكرانية الداخلية والوضع على خط المواجهة، ولكن أيضًا بالحالة في الغرب (بشكل أساسي في البلدان الأنجلو سكسونية). وأيضًا مع قدرة نخب العولمة لدعم وحدة الغرب في حشد الموارد اللازمة لأوكرانيا، والتي بدونها لن تستمر طويلاً.
من الواضح أن المخططات الناجحة بالنسبة لنا تُقَرِّب لحظة انهيار الغرب. لكن علينا أن نكون مستعدين لإيصال الأمور إلى نقطة تَحَوِّل وجعل الغرب “يرمش” أولا حتى بدون تحقيق انتصارات حاسمة في ساحة المعركة. يستغرق الأمر المزيد من الوقت والجهد. وسيتطلب الأمر صبراً كبيراً، حتى عناداً وتحملاً – تلك الصفات الوطنية لدى الشعب الروسي التي نسيها الأعداء.
_________
ملاحظة من “كنعان”: “كنعان” غير مسؤولة عن الآراء الواردة في المقالات، بل هي تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم… تابع القراءة….
________
تابعونا على:
- على موقعنا:
- توتير:
- فيس بوك:
- ملاحظة من “كنعان”:
“كنعان” غير مسؤولة عن الآراء الواردة في المقالات، بل هي تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو محرري نشرة “كنعان” الإلكترونية أو تبنيهم لهذه الآراء والمواقف.
ومن أجل تنوير الناس، وكي يقرر القارئ بنفسه رأيه في الأحداث، ونساهم في بناء وعيً شعبي وجمعي، نحرص على اطلاع القراء على وجهات النظر المختلفة حيال التطورات في العالم. ومن هنا، نحرص على نشر المواد حتى تلك التي تأتي من معسكر الأعداء والثورة المضادة، بما فيها العدو الصهيوني والإمبريالي، وتلك المترجمة من اللغات الأجنبية، دون أن يعبر ذلك بالضرورة عن رأي أو موقف “كنعان”.
- عند الاقتباس أو إعادة النشر، يرجى الاشارة الى نشرة “كنعان” الإلكترونية.
- يرجى ارسال كافة المراسلات والمقالات الى عنوان نشرة “كنعان” الإلكترونية: mail@kanaanonline.org