- لماذا تختلف الإمبريالية في الوطن العربي؟
- هل أنظمة عربية إمبرياليات تابعة SUB-IMPERIALISMS أم مختلفة؟
يدور نقاش عديد ومديد هذه الأيام عن العلاقات البينية العربية أو ما يُسمَّى تجاوزاً وتفاؤلاً ب النظام العربي، ونقاش حول دور السعودية في الخليج وتجاه بقية الوطن العربي بمعنى هل هذه العلاقات صحية أم إمبريالية؟ عالجت هذا تجاه البلدان العربية في كتابي بالإنجليزية لكن قررت أخذ فصله الأول كمقدمة لنقاش هذه الأمور الشائكة.
تم إستخدام إمبريالية رثة منذ عقود أو إمبريالية ثانوية…الخ. ولكن الظاهرة التي نرى في الوطن العربي ليست مجرد إمبرياليات تابعة، وحتى إن صح تعبير أنها إمبرياليات، فهي مختلفة عن الإمبرياليات التابعة لأنها :
- من جهةتابعة
- ومن جهة ثانية هي إمبريالية ضد الأمة العربية نفسها ضد الذات، تذويت الإمبريالية.
وهذا غير مألوف قط. فسواء الإمبرياليات الأم أو التوابع جميعها متعدية خارج حدودها ولصالح أمتها، بينما الظاهرة العربية هي تابعة من جهة وضد أمتها وفي خدمة الإمبرياليات الأم وربما حتى الإمبرياليات التوابع الإقليمية.
وهذا أمر ينطلي على كثيرين من جهة، كما أنه يقوم على تكريس التجزئة في مشروع ضد العروبة يعمل على تصوير وكأن كل دولة عربية هي أمة قائمة بذاتها وبالتالي طبيعي ان تقوم هذه أل “دولة/أمة” بلعب دور إمبريالي ضد “دولة/امة/عربية” أخرى!
يتعاطى هذا الجدال بشكل أساسي مع الوطن العربي من مصطلح الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لأنني أعتقد أنه مصطلح فضفاض للغاية من ناحية ، وقد صاغ الاستعمار العسكري البريطاني الجزء الأول منه في بداية القرن العشرين ثم صاغته الإمبريالية الأمريكية لاحقًا باختصار MENA أي الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بقصد عدم ذكر وطن عربي بمشرقه ومغربه.
واليوم يردد أعداء العروبة مصطلح “غرب آسيا وسمال إفريقيا” هروباً من حقيقة والقول الوطن العربي والشرق الأوسط، وهذا ، وللغرابة،يُستخدم كثيراً من إيران وتيارها!
لعل ما يشمل ويجمع ويكتنف، بشكل أساسي، ما يسمى ببلدان الشرق الأوسط وشمال إفريقيا هو إخضاعها للعدوان الغربي المستمر في مراحل العدوان الرأسمالي العالمي ، أي الاستعمار والإمبريالية والعولمة الحالية. لا تزال بعض دول الشرق الأوسط والوطن العربي تخضع للقهر خاصةً معظم الوطن العربي على الرغم من التظاهر بأنها وغيرها من المستعمرات السابقة تدخل ما يسمى عصر ما بعد الاستعمار، وهذا وهم وتوهيم.
صُمم اسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بشكل أساسي لتجاهل الأمة العربية والقومية العربية ، والتعامل مع كل دولة عربية على أنها “أمة” منفصلة وبقصد تجنُّب حقيقة أن الأمة العربية تعاني من عدوان الغرب الأخير والمتواصل منذ ما يقرب من ثلاثة قرون.
في خضوعه للإمبريالية أولجت وتوجد في الوطن العربي اصلاً العديد من الخصائص التي تبرر لي دراسته بشكل منفصل عن الشرق الأوسط.
يعاني الوطن العربي في ظل الإمبريالية ووكيلاتها حاليا من الكثير، ولعل أحدها
تنمية التطور اللامتكافىء بين الدول العربية التي تتبناها وفرضتها الطبقات الحاكمة العربية لتعميق التفكك الداخلي في القطر الواحد بحيث لا تتجه الطبقات الشعبية إلى الصراع الطبقي إضافة إلى التشرذم العربي بمعنى التحلُّق القطري على الذات. . (أنظر مقالنا “تطوير اللاتكافؤ في الوطن العربي، في المستقبل العربي، العدد 197 رقم 7 لعام 1995)
وفي المستويين القطري والقومي وفيما يخص التنمية تحديداً، يتم، كما ذكرنا كثيراً، تجويف الوعي لتسهيلومواصلة تجريف الثروة. وترجمة هذا في الحقيقة هي تصريف ونزح الفائض إلىالخارج وبالطبع فقدان القدرة على التراكم مما يقود إلى تكرار الدوران في حلقة مفرغة تنازلية الاتجاه أي تخلف وفقر وعدم استثمار…الخ.
فالعروبة مستهدفة من قبل:
أ. غزو قاسي إرهابي عسكري كحال العراق وليبيا وسوريا، وإرهابي رسمي عربي كالحرب السعوديةالإماراتية ضد اليمن..
ب. الغزو الاقتصادي من خلال التبادل اللامتكافئ
ج. الغزو الناعم والغزو الثقافي والمنظمات غير الحكومية ،
د. الغزو الفكري من خلال الطابور السادس الثقافي.
ه. جيش من الاستشراق الإرهابي من نفس الأمة وبشكل أساسي ضدها.
و.أنظمة / طبقات حاكمة عربية قوية بما يكفي للقمع والحكم من أجل التدخل الإمبريالي المباشر وممارسة الحروب الداخلية/البينية بين الدول العربية بهدف إنهاء واجتثاث كل المظاهر القومية العربية المشتركة.
لقد أخطر ما تمر به العروبة هو دور الكيانات العربية التي تم إنشاؤها على غرار الكيان الصهيوني الأشكنازي من حيث الدور وحتى الهيكل ، مثلاً دويلات مثل قطر والإمارات العربية المتحدة معظم سكانها مستجلبين والتي تغزو عدة دول عربية.
وعلى العموم، هناك بعض أوجه الشبه من حيث دور الإمبريالية في هذا الإقليم، مع دول أخرى في المنطقة ، لكن الفروق أكثر إلى الحد الذي يبرر التركيز وتحديد الحالة أو حتى تفرد الوطن العربي.
باختصار ، تركز هذه المساهمة بشكل أكبر على أنظمة وطبقات العملاء العرب التي تقوم بدور “إمبريالية ضد أمتها دول أمتها كعامل رئيسي في خدمة الإمبريالية الغربية. هذا لا يتجاهل أبدًا أن الإمبريالية الغربية تستعمر الوطن العربي وتخلق تلك الأنظمة التابعة التي تحمي المصالح العدوانية للإمبريالية وتقوم بإمبريالية بلدانها من أجل الإمبريالية السيدة لدرجة أن الأخيرة لا تحتاج أبدًا إلى نشر دبابة واحدة أو جندي واحد في تلك البلدان.
وهكذا، فإن إن معالجة قضية الإمبريالية من خلال التركيز أكثر على العوامل الداخلية لكل بلد هي معالجة مختلفة عن غيرها، لأن الحالة مختلفة إلى حد كبير.
على أن هذا الأمر يحتاج أيضاً لقراءة مجددة في مسألة الإمبريالية نفسها من حيث سماتها الأساسية، وهل بقيت تلك السمات كما طرحها لينين قبل أكثر من قرن، أم هناك تغيرات طرأت عليها!
_________
ملاحظة من “كنعان”: “كنعان” غير مسؤولة عن الآراء الواردة في المقالات، بل هي تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم … تابع القراءة ….