نشرة “كنعان”، 22 يونيو 2023

السنة الثالثة والعشرون – العدد 6571

في هذا العدد:

بقي النووي التكتيكي، عادل سماره

  • جنين بين الفداء ونفخ التكاذب

عن الدم الفلسطيني المستباح، اسيا العتروس

إشكالية ضعف القراءة في الزمن الرقمي، جمال المحافظ

✺ ✺ ✺

بقي النووي التكتيكي

  • جنين بين الفداء ونفخ التكاذب

عادل سماره

” أنا الذي أتت لاعتقالي 17 دبابة و200 جندي ههههههه”

هذا ما افتخر به يافع من قرية أُم صَفا شمال رام الله عام 1968 في سجن رام الله. لا زلت أذكر ذلك كأنما اليوم. والحقيقة أن الكيان لم يقم باي هجوم ولا حتى تفتيش إلا بعدد هائل من الجنود والسلاح حتى لاعتقال كاتب او شاعر لم يحمل في حياته سكين مطبخ.

واليوم تُقصف جنين بالدرونز والمروحيات من نفس الكيان، فلا تغيرنا ولا تغيروا، لكن ماذا عنكم!

تعج الفضائيات ومواقع التواصل الاجتماعي في الوطن العربي بالصراخ والتباكي على الفلسطينيين، ويتنافسون في صياغة عبارات التشكي للأمم المتحدة. حفل تكاذب هائل.

أما الحكام العرب فلم يتفوه أحد بكلمة ولا حتى جامعة الدول العربية وكأن الأمر في ألاسكا.

أما قادة الفصائل الفلسطينية فيصبون جام غضبهم على سلطة رام الله.

ولا اعتقد أن متكاذباً يجرؤ على اتهامي بالدفاع عن هذه السلطة، فهي تقمع المناضلين وحتى السياسيين، ولكن!

أخبروني أي فصيل منكم لم يجلس ويحاور ويترجى ويتمول من هذه السلطة؟ ولم يشارك في مفاوضات أوسلو ولم يحصل على وزاره ولم يطالب ويقبل بحصة في الوظائف. لذا أبو مازن عينه قوية عليكم.

حتى كم شخص ً منكم لم يهتف لأوسلو حين حصلت، بينما نبذتمونا نحن القلة الرافضة لأوسلو من يومها الأول؟ وللأبد.

من منكم لم يشارك في انتخابات مجلس الحكم الذاتي للسلطة وهو ليس تشريعي بمفهوم التشريع والسيادة على الأرض؟ من منكم لم يشارك ويتنافس على انتخابات الرئاسة في هذه السلطة؟

وطبعاً هل جرأتم على نقد اي نظام عربي اقام علاقات واعتراف بهذه السلطة؟ حتى وصل كثير من الإعلام العربي اللاعروبي حد الزعم أن الفلسطينيين يحتلون أرض اليهود! وخاصة إعلام النفط الذي يخلط بين النعل والكوفية.

شاهدوا، وزير إعلام كويتي سابق يعتبر الحاج أمين الحسيني وعرفات خونة! ليصل إلى أنه ما من حق للفلسطينيين حتى في الاعتراض على الكيان. في هذا الفيديو يتفاخر “الوزير” بأن اليهود حصلوا من وعد بلفور فقط على ما يفهمه هو “وطن قومي” وبمقدار 10% من فلسطين! أي لولا اعتراض الفلسطينيين لما طردهم اليهود؟ ويزعم أنه قرأ ارشيف ومذكرات ووثائق…الخ ربما. ولكن ألم يقرأ إصرار دُعاة اغتصاب فلسطين واستهداف الوطن العربي باستيطان يهودي فيه منذ مارتن لوثر؟ وطبعا على الأقل منذ مؤتمر الحركة الصهيونية في بازل 1897! على ارضنا من النيل إلى الفرات اي منذ ما قبل وعد بلفور 1917 بقرون!

هذا الهجوم المحصور ضد السلطة هو موقف خطير لأنه يقتلع القضية من عمقها العربي ويحصرها فلسطينية فقط.

وإلا، لماذا لا تنقدون الأنظمة العربية في صمتها وعجزها وهي لديها اسلحة وجيوش بالملايين!

لماذا لا تنقدوا ما تٌسمى “الأمة” الإسلامية …يا للهول !

أين هي!

اليوم مناورات إندونيسية أمريكية بمشاركة حاملة طائرات أمريكية! ​​

والخليفة السلجوقي “يمغِّط” رجليه ليقبل مجرد الحديث عن سحب جنوده المحتلين لأراضي سورية، وطبعاً نظام بريمر في العراق “مش سائل” عن الاحتلال التركي لأرضه، فما بالك بالأمريكي، وهو كما يكرر ذو العمامة السوداء “العراق من محور المقاومة” والله يا سيد بلدة حوارة في الضفة الغربية أقوى من عراق بريمر.

الرئيس التونسي يقاوم العدو ب: “أعرب ما تحته خط” ويترجى صندوق النقد الدولي ليُقرض بلده السموم بينما تعرض الصين ما هو افضل بكثير!.

الرئيس المصري يتصرف في هذه المواقف كثعلب صغير يندس بين الحشائش كي لا يراه الذئب الصهيوني، ويزعم إعلامه أن البطل محمد صلاح كان يطارد مهربين. ماشي، لماذا لم يُقتل اي مهرب لا من صلاح ولا من الجندي والجندية الصهاينة؟ أم كانا في مضاجعة!

هذا الإعلام المصري والعربي عامة تنطبق عليه المقولة التالية:

” تم تأكيد هذه الفكرة من خلال كلمات الأكاديمي “سيرغي كابيتسا” (عالم فيزياء روسي حاصل على جائزة نوبل1928-2012)، التي قالها قبل وفاته بوقت قصير.

قال إن التلفزيون الروسي اليوم “منظمة إجرامية”. لو كان لدينا مثل هذا التلفزيون قبل الحرب الوطنية العظمى (يقصد الحرب العالمية الثانية)، لكنا خسرنا الحرب”.

إعلام العرب مجرد مراقص على الفضاء، وعنتريات من طراز ” سلام القدس عليكم”! بلاش من سلامكم! والله بلاش.

إعلام يقول، فلسطين المحتلة، أو رام الله المحتلة ثم يقول “القدس الشريف” ههههه أليست محتلة؟ ثم “القدس خط أحمر”

وهل جنين خط أخضر!.

بعد عقود من التطنيش عن تقصير الأنظمة العربية تجاه فلسطين بسبب الترميش المالي بل في الحقيقة الملاييني إن لم نقل أكثر إنتقل الإعلام وقادة الفصائل إلى التطنيش عن إيران لأنها تقدم مساعدات مالية.

والسؤال، كل هذا المحور ماذا ينتظر بعد القصف بالطائرات! هل ينتظر حتى يتم القصف ب النووي التكتيكي؟

هذا الصمت هو في الحقيقة متعة لأنظمة العرب والمحور بانتظار أن يُنهي الكيان كل من لديه سكيناً!

وأخيرا يطلع علينا المرشد الإيراني ليقول

يتوجّب على جميع المسلمين خوض الميدان من أجل تحرير #فلسطين، وهذا #واجب_شرعي.

متى بالله عليك؟ هل ننتظركم مع النووي التكتيكي، وكل يوم نقرأ: صاروخ إيراني من طراز كذا وبعضلات كذا!.

لا لا لا، اليوم سيقوم جيش سوهارتو الذي ذبح 600 ألف شيوعي إندونيسي بدعم امريكا باختطاف حاملة الطائرات الأمريكية والشروع بتحرير فلسطين من ميناء حيفا.

مسكين هالإسلام الذي اغتصبتموه من عروبته فأصبح إرهابا وبردا وسلاما على الكيان.

ما اكثر طبعات داعش والقاعدة.

وختامها تطبيع، تلفزيون عزمي بشاره يُدلي بدلوه في التكاذب ليقول: “جنين غيرت قاعد ة الاشتباك”

https://l.facebook.com/l.php?u=https%3A%2F%2Fedgs.co%2F3z74q%3FFACEBOOK_ADS%26fbclid%3DIwAR3RJLXWEQa57zKsUUuFk_sN40neD-oKpMahn-hpSIKUMXYfLmIayIRl_TY&h=AT27aLF2iU5BgjqrQ2m6k5yzGx32ajNNNl6N3PO-di7Mg_2kXG8vTqC_UE-qsC7EPTm_-aarYNwpIT7GEp2dqLrg_NaPp4nXL0LJEpoSg3SGKt63z1NqCEY7DrlU_PjKUuxFUw&__tn__=*I&c[0]=AT1wvacw5I3_isaaUM043R-p3-O9LwTR-1vCNWj6099hs9MxevHXsD7yvdxFeah_OKYxdzoglUruWMaff-EnNpyVAlIN0iVvx1C9cdcOt2DYfTyzqg9sDmLXVTI2_7HmFMCztIAtWfzbiRWydRfwTso-DRK7SwhoNtMFkovL3hGFVW6Wf7uTUdp4tx87Od7kzX3Ms9ZXiUm3LOQ-TGZoDuHzNA

كلمة حق أريد بها التغطية على الأنظمة العربية والإسلامية التي تشتبك مع جمهورها وبتجديد المبادرة العربية قررت أن لا تشتبك مع الكيان قطعاً.

جنين تغيّر قواعد الاشتباك: تحول من الدفاع إلى الهجوم وتكتيكات مفاجئة

ALARABY.CO.UK

جنين تغيّر قواعد الاشتباك: تحول من الدفاع إلى الهجوم وتكتيكات مفاجئة

غيّر مخيم جنين في الضفة الغربية، قواعد الاشتباك مع قوات الاحتلال الإسرائيلي، متحولاً من حالة الدفاع إلى الهجوم، حيث لم ينجح الجنود باقتحام المخيم، وبقيت المعركة عل…

✺ ✺ ✺

عن الدم الفلسطيني المستباح

اسيا العتروس

 إذا لم يكن ما تعرضت له أمس الضفة الغربية المحتلة من قصف جوي بالأباتشي واغتيالات بالرصاص استهدف مخيم جنين، جريمة حرب وجريمة تصفية بطيئة فبماذا يمكن تصنيف ما حدث؟…

الدم الفلسطيني الذي يراق على عتبات المخيمات والمدن الفلسطينية لا يمكن أن يتحول إلى ماء ولا يمكن أيضا أن يستمر إلى ما لا نهاية، تماما كما أنه لا يمكن لسياسة صمت المقابر أن تبقى سائدة فيما يتواصل انتقام الآلة العسكرية الإسرائيلية الهمجية..

ليس في هذه المقدمة ما يمكن أن يستهوي أغلب المنابر الإعلامية التي غيبت القضية الفلسطينية وغرقت في الأزمات اليومية المحلية وكل المآسي التي حولت أنظار مختلف الشعوب العربية المنكوبة التي بات اهتمامها معلقا على ملاحقة رغيف مطعم بالمرارة لم يعد متوفرا، وبيت مهدد لم يعد آمنا، وتأشيرة سفر بلا عودة إلى أوروبا ترفض أن تأتي هربا من الجوع أو الفقر أو الصراعات أو الحروب الأهلية أو الظلم أو الاستبداد أو غيرها من الأسباب التي منحت سلطات الاحتلال ما تحتاجه من الأقنعة للتستر على انتهاكاتها وجرائمها ضد الإنسانية وما تقترفه  يوميا في حق الفلسطينيين..

فجر أمس استفاق أهالي مدينة جنين عنوان كل الملاحم البطولية مجددا على وقع قصف الأباتشي وطائرات الـ أف 16 والرصاص الحي بدعوى ملاحقة النشطاء الفلسطينيين..، وعادت إلى الأذهان كل المجازر السابقة التي شهدها مخيم جنين الذي بات يعرف بجنين غراد وقوافل الشهداء التي لم تحرك ساكنا لدعاة العدالة والإنسانية في عالم تقوده المعايير المزدوجة والقيم الخاضعة للتصنيفات الجاهزة للتسويق لفائدة الأقوى على حساب المستضعفين..

طبعا، حتى هذه المرحلة تبقى كل السيناريوهات قائمة ولا أحد بإمكانه التكهن بما يمكن أن يذهب إليه جنون الاحتلال وجبروته أو ما إذا يمكن أن يشن عملية عسكرية مفتوحة ويقدم على إعادة احتلال الضفة ذلك أن سيف الاستيطان يظل مسلطا على الرقاب والمشاريع التوسعية تتمدد كالسرطان والتهويد وتدنيس المقدسات بزعامة قطعان المستوطنين يفاقم معاناة الفلسطينيين الذين نسيهم العالم في ظل الانصراف إلى توفير الدعم المطلوب وتوفير المساعدات العسكرية لأوكرانيا في حربها المستمرة مع روسيا وما تسجله من سخاء الغرب والعرب لضمان تفوق كييف..

والأكيد أنه لولا الصمت الدولي المريب ولولا المهانة التي لحقت العرب ولولا خطيئة الانقسام الفلسطيني المدمر وتناحر الإخوة الأعداء لما أقدمت سلطات الاحتلال على ما تقوم به من تطاول يومي على هيبة العدالة الدولية المتداعية واستخفاف بالقوى الإقليمية والدولية التي يبدو أنها أصيبت بعمى الألوان واستكانت للمخططات الإسرائيلية..

 ندرك جيدا أن القلوب الرهيفة لأصحاب القرار في العالم العربي والإسلامي كما في ما يوصف بالعالم الحر لا تحتمل وقع التفاصيل الدقيقة لإرهاب الدولة الذي يمارسه الجيش النظامي الإسرائيلي…، نعم لسنا نكشف سرا إذا اعتبرنا أن أقصى ما يمكن للمجتمع الدولي القيام به في مواجهة هذا الانحراف والتعنت الإسرائيلي لا يتجاوز في أفضل الحالات بعض بيانات الإدانة الخجولة للامتناع عن العنف والمساواة المفضوحة بين الضحية والجلاد..

…لسنا نكشف سرا إذا اعتبرنا أن الصمت المريب إزاء ما يحدث يرقى إلى المشاركة في الجريمة..، المصيبة فعلا أنه عندما يتحول كيان الاحتلال إلى صاحب أفضال على من اختاروا التطبيع ويوفر لهم احتياجاتهم من السلاح الذي لن يحتاجوه في شيء لكنه سيضخم أرصدة إسرائيل من المال، فان الكيد أن كل ما سبق يصبح بلا معنى في ظل مشهد عربي لامس الحضيض واستعصى على أمهر الخبراء والمحللين للخروج من دائرة السقوط والانهيار والرهانات الخاسرة.. لا خلاف أن الرسالة التي يتعين على الفلسطينيين التقاطها على وقع ما يواجهونه من تنكر وخذلان من الأقربين قبل غيرهم أن إعادة ترتيب البيت الفلسطيني وتوحيد الصفوف فعلا لا قولا، وإضفاء دماء جديدة على قيادات الصفوف الأمامية وحده سيمنح الفلسطينيين قوة الإرادة ويدفع الاحتلال لإعادة حساباته وأولوياته..

كاتبة تونسية

:::::

“رأي اليوم”

✺ ✺ ✺

إشكالية ضعف القراءة في الزمن الرقمي

جمال المحافظ

17 يونيو 2023

    تضاعفت في الآونة الأخيرة، التساؤلات حول مستقبل التكنولوجيا في العصر الرقمي خاصة على مستوى استخدامها في ميدان التربية والتعليم والمعرفة، وتجدد الجدل حولها على ضوء قرار السويد أخيرا العودة إلى الاعتماد الكتب والدفاتر الورقية في التدريس بالمؤسسات التعليمية، بدلاً من الشاشات والألواح والحواسب.

   وجاءت المبادرة غير المتوقعة، بعدما سجل ضعف ملحوظ في مهارات التلاميذ في مجال الكتابة والقراءة، بعد الاعتماد على الأجهزة الإلكترونية، كأداة أساسية في التعليم، بدلاً من الكتب والدفاتر، حسب ما جاء على لسان لوتا إيدهولم وزيرة التربية السويدية، وزميلتها باريسا ليليستراند، وزيرة الثقافة اللتين كشفتا أن المعطيات، أظهرت تراجعا في مهارات التلاميذ في القراءة، وهو ما يشكل خطورة ليس فقط على مستقبلهم ولكن على مستقبل البلاد برمتها.

    وفي معرض رصدها لوضعية التعليم بالسويد، لاحظت لوتا إيدهولم، “إن قدرة الأطفال على القراءة ساءت، كما ضعفت مهارات الكتابة لديهم”. وعزت الوزيرة ذلك لعدة أسباب منها زيادة الاعتماد على الأجهزة اللوحية وقضاء وقت طويل أمام الشاشات، وهو ما يعد مشكلة وطنية يتطلب معالجتها، لما لها من مخاطر على مستقبل البلاد، خاصة وأن الضعف في القراءة والكتابة، يعني أن التلاميذ عاجزين عن الوصول إلى المعلومات أو التواصل مع الآخرين.

العودة للورق والأقلام

   ونتيجة ذلك، قررت السويد التي تعد من بين أولى البلدان اسوة بنظيراتها الاسكندنافية الواقعة شمال أوروبا التي ربطت المؤسسات التعليمية بالإنترنيت، اعداد خطة حكومية للعودة لوسائل التعليم التقليدية للتلقين في مدارسها، بتكلفة مالية  بأكثر من  60 مليون دولار.

   ويلاحظ أن الأبحاث والدراسات التي اهتمت بالعلاقة بين المدرسة والإعلام في ظل الثورة الرقمية ما زالت محدودة جدا، مقارنة بتواتر الدعوات إلى تجسير العلاقة بين المؤسسات التعليمية والتربوية والتكنولوجيا والتفكير في السبل الكفيلة بتفاعل المدرسة مع ثورة الإعلام والاتصال، وذلك اعتبارا لدور الإعلام التربوي والمدرسي كوسيلة تواصل اجتماعي في اكساب المتعلمين المهارات لتطبيق أجناس الإعلام بوسائطه المختلفة.
   لكن لم تقتصر إشكالية التكنولوجيا الحديثة والذكاء الاصطناعي، على مجال التربية والتعليم، بل لها تأثير على العديد من القطاعات والمهن في مقدمتها قطاع الصحافة والاعلام والاتصال، الذي لوحظ في الآونة الأخيرة لجوء متزايد ممن يطلق عليهم ” المؤثرون” بالفضاء الأزرق في مجال الحصول على المعلومات في الوقت الذي  يفقد فيه الصحافيون تدريجيا التحكم في نشر الإخبار والمعلومات .

   وكشف دراسة حديثة أن الأجيال الأكثر شبابا التي تربت على الشبكات الاجتماعية، غالبا ما تولي المؤثرين أو المشاهير اهتماما أكبر مما توليه للصحافيين، حتى في ما يتعلق بالأخبار.

المؤثرون مصدر للمعلومات

   وفي استطلاع للرأي عبر الإنترنت أجرته شركة “يوغوف” للأبحاث وتحليل المعطيات، لفائدة ” معهد رويترز لدراسة الصحافة”، فإن غالبية مستخدمي “تيك توك” و”سناب تشات” و” إنستغرام” صرحوا بأن اهتمامهم  الأكبر ينصب على”  المؤثرين والمشاهير”، كمصدر للمعلومات موضحا أن كلمة “أخبار” بالنسبة لجيل “تيك توك” لها معنى أوسع بكثير من مفهومها التقليدي المرتبط بالسياسة والعلاقات الدولية.

   كما أن الاستطلاع الذي شمل 94 ألف فرد ب 46 بلدا، كشف كذلك أن الأخبار بنظر الشبان ” تعني أي جديد في أي قطاع كان، كالرياضة والترفيه، وأخبار المشاهير وأحداث الساعة، والثقافة والفنون والتكنولوجيا وسواها”. وأشار معهد رويترز إلى أن طغيان المؤثرين، يعد ” أبرز نتيجة لانقلاب ترتيب الأهمية بين شبكات التواصل الاجتماعي، حيث باتت ” المواقع التقليدية، مثل فيسبوك تبدو متقادمة وفي تراجع أمام التطبيقات والشبكات القائمة على الفيديو مثل تيك توك ويوتيوب” المملوكة لمجموعة ألفابيت، الشركة الأم للعملاق الأمريكي “غوغل”، و”إنستغرام” و”سناب تشات”.

هل تهدد التكنولوجيا الديمقراطية؟

   وعلى صعيد آخر تطرح عدة أسئلة من بينها ” كيف تهدد تكنولوجيا المعلومات الديمقراطية؟” كما انتبه الى ذلك كوفي عنان الأمين العام للأمم الأمم المتحدة السابق، في عنوان ورقة نشرها عام 2018، سجل فيها، أن شبكة الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، كانت محل إشادة، لأنها تخلق فرصا جديدة لنشر الديمقراطية والحرية، وقامت وسائل التواصل الاجتماعي، منها “تويتر” و”فيس بوك” بدور أساسي في الحركات الاحتجاجية، بعدد من البلدان، وكانت تغريدة على ” تويتر”، “أمضى من حد السيف” حسب عنان الذي لاحظ أن الأنظمة الاستبدادية سرعان ما بدأت تشن حملة صارمة ضد حرية الإنترنت، وتوجسا من العصر الرقمي الجديد.

   لكن غالبية الانتفاضات الشعبية التي استخدمت وسائل التواصل الاجتماعي، ” فشلت بسبب الافتقار إلى قيادة فعّالة”، وحافظت التنظيمات السياسية والعسكرية على موقعها بوصفها صاحبة اليد العليا، وبدأت هذه الأنظمة فيما بعد تمارس السيطرة على وسائل التواصل الاجتماعي وتوظفها لتحقيق أهدافها الخاصة يقول كوفي عنان الذي استدرك بالقول: لكن هذه الوسائل ليست أول ثورة اتصالات تتحدى الأنظمة السياسية، بل كان” الاعلام التقليدي” من صحافة مكتوبة وإذاعة وتلفزيون وسينما ” وسائل ثورية”  وقت ظهورها. معتبر ” لا يجوز لنا أن نبقى خاملين؛ فهناك قِلة من اللاعبين الأساسيين، في وادي السيلكون وأماكن أخرى- يتحكمون في مصائرنا. ولكن إذا تمكنا من إشراكهم، فسيصبح بوسعنا معالجة أوجه القصور التي تعيب النظام الحالي”.

التكنولوجيا والسراب

   وفي “زمن اللايقين” والذكاء الاصطناعي، من المؤكد أن لقرار السويد إيجابيات وسلبيات منها  أن الألواح والشاشات الالكترونية قد ” لا يعزز مهارة القراءة.. ويضيع الانتباه والتركيز” خاصة بالنسبة للفئات الناشئة. بيد أن من يظن أن الشركات التكنولوجية ” بريئة من اللعبة، وأنها لا تروج لمنتجاتها وكأنها الخلاص الأكبر، يكون مخطئاً” مما يجعل المراجعة السريعة واجبة، وأن المبالغة في تعليق الآمال على الآلات والذكاء الصناعي، وعبقرية التطبيقات لتغيير وجه الحياة، لا تعدو أن تكون ” مجرد سراب وأضغاث أحلام”، كما ترى الصحافية اللبنانية سوسن الأبطح في مقال بعنوان ” الرعب من التخلف” نشرته إحدى الصحف العربية الصادرة في لندن، لاحظت فيه كذلك بأن “غالبية تلامذتنا، يقرأون بتعثر ويكتبون، كما لو أنهم لم يغادروا الصفوف الابتدائية، حتى وهم يستعدون للحصول على الثانوية، وتلك كارثة تنبهت لها السويد، فيما نرفض نحن كعرب الإقرار بأن من يتعثر بلغته كتابة وقراءة، هو أمي رسمياً، حتى وإن أجاد كتابة الخوارزميات وتشغيل التطبيقات”.

بيد أن مجمل هذه المتغيرات المتسارعة، تجري في ظل “زمن اللايقين” أو الارتياب، الذي أصبح مفهوما أكثر تداولا وتحول إلى نموذج تفسيري وبراديغم ارشادي جديد. وانتقل بعد تشكله في دائرة الفيزياء، الى الحياة السياسية والإعلامية والاجتماعية والاقتصادية.

تقنية للهيمنة

   وجعلت التحولات التكنولوجية، الحدود تنهار، ما بين وسائل الاعلام ووسائط التواصل التي أضحت موجها لطريقة تمثلنا للعالم،  وأصبحت العلاقات، لا تتم وفق التجربة المباشرة للأفراد والجماعات، بل تتم وفق ما تقدمه وسائل الإعلام والاتصال لنا جاهزة. وإذا كانت التكنولوجيا، أتاحت فرص الحصول على المعلومات ومضاعفة التبادل والتفاعل، فإنها أدت بالمقابل الى تغيير جذري في البيئة الإعلامية، ومهنة الصحافة.

   وتجسد شركات التكنولوجيا الواسعة الانتشار (..غوغل وأمازون وآبل وفيسبوك ومايكروسوفت.. )، العلاقة القائمة ما بين عالم المال والصحافة عبر جسرِ التقنية التي وظيفتها لبناء تقنية للهيمنة للتأثير على استهلاك الصحافة ، كما جاء في  كتاب جايسون واتاكر بعنوان ” عمالقة التقنية والذكاء الاصطناعي ومستقبل الصحافة” الصادر سنة 2019. ويثير صاحب الكتاب الانتباه الى تحديات رقمنة الصحافة، وهيمنة الخوارزميات عليها، وهو ما يتطلب وعيا أكبر، وتأهيلا للعنصر البشري، للتفاعل مع التحديات التي يفرضها تغول التقنية، مع جعل البرمجة، وسيلة لمساعدة الذكاء البشري في فهم العالم وتحويله لما يمكنُ أن ينفع البشرية بدلا من تركه، يتحول إلى أداة لن تكون ضد الصحافة فقط، ولكن ضد البشرية كذلك.

   غير أن التكنولوجيات الرقمية، لا تعدو،  إلا أن تكون انعكاسا للاستعمال الذي يقوم به المرء، فهي لم تضع حدا لعدم المساواة في الاستخدام، ولم تخفف من سوء التفاهم بين البشر، ولم تقلص كذلك من النزاعات والحروب، لكنها بالمقابل وفرت ولوجا غير محدود للمعرفة، ورفعت من القدرة على التبادل والمشاركة، وأصبح الفضاء الرمزي -كالقراءة – لا يخضع للرقابة. لكن يظل السؤال مطروحا حول مدى إيجابية وسلبية الذكاء الاصطناعي وهل هو نعمة أم نقمة وتلك قصة أخرى؟

________

تابعونا على:

  • على موقعنا:
  • توتير:
  • فيس بوك:
  • ملاحظة من “كنعان”:

“كنعان” غير مسؤولة عن الآراء الواردة في المقالات، بل هي تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو محرري نشرة “كنعان” الإلكترونية أو تبنيهم لهذه الآراء والمواقف.

ومن أجل تنوير الناس، وكي يقرر القارئ بنفسه رأيه في الأحداث، ونساهم في بناء وعيً شعبي وجمعي، نحرص على اطلاع القراء على وجهات النظر المختلفة حيال التطورات في العالم. ومن هنا، نحرص على نشر المواد حتى تلك التي تأتي من معسكر الأعداء والثورة المضادة، بما فيها العدو الصهيوني والإمبريالي، وتلك المترجمة من اللغات الأجنبية، دون أن يعبر ذلك بالضرورة عن رأي أو موقف “كنعان”.

  • عند الاقتباس أو إعادة النشر، يرجى الاشارة الى نشرة “كنعان” الإلكترونية.
  • يرجى ارسال كافة المراسلات والمقالات الى عنوان نشرة “كنعان” الإلكترونية: mail@kanaanonline.org