نشرة “كنعان”، 23 يونيو 2023

السنة الثالثة والعشرون – العدد 6572

في هذا العدد:

قراءات في الراهن العربي من النظري إلى التطبيقي حلقة (7)، عادل سماره

  • لماذا تختلف الإمبريالية في الوطن العربي؟
  • هل أنظمة عربية إمبرياليات تابعة SUB-IMPERIALISMS أم مختلفة؟

في معركة الوجود نتشبث بكل الحلفاء حتى لو لم يكونوا معنا ١٠٠٪، يوسف أبو دية

الانتخابات الأميركية: أزمة الخيارات بين بايدن ودونالد ترامب، د. منذر سليمان وجعفر الجعفري

الحركة التقدمية الكويتية تنعي المناضل التقدمي البحريني الكبير أحمد الشملان

✺ ✺ ✺

قراءات في الراهن العربي من النظري إلى التطبيقي

حلقة (7)

عادل سماره

  • لماذا تختلف الإمبريالية في الوطن العربي؟
  • هل أنظمة عربية إمبرياليات تابعة SUB-IMPERIALISMS أم مختلفة؟

يدور نقاش عديد ومديد هذه الأيام عن العلاقات البينية العربية أو ما يُسمَّى تجاوزاً وتفاؤلاً ب النظام العربي،  ونقاش حول دور السعودية في الخليج وتجاه بقية الوطن العربي بمعنى هل هذه العلاقات صحية أم إمبريالية؟ عالجت هذا تجاه البلدان العربية في كتابي بالإنجليزية لكن قررت أخذ فصله الأول كمقدمة لنقاش هذه الأمور الشائكة.

تم إستخدام إمبريالية رثة منذ عقود أو إمبريالية ثانوية…الخ. ولكن الظاهرة التي نرى في الوطن العربي ليست مجرد إمبرياليات تابعة، وحتى  إن صح تعبير أنها إمبرياليات، فهي مختلفة عن الإمبرياليات التابعة لأنها :

  • من جهةتابعة
  • ومن جهة ثانية هي إمبريالية ضد الأمة العربية نفسها ضد الذات، تذويت الإمبريالية.

وهذا غير مألوف قط. فسواء الإمبرياليات الأم أو التوابع جميعها متعدية خارج حدودها ولصالح أمتها، بينما الظاهرة العربية هي تابعة من جهة وضد أمتها وفي خدمة الإمبرياليات الأم وربما حتى الإمبرياليات التوابع الإقليمية.

وهذا أمر ينطلي على كثيرين من جهة، كما أنه يقوم على تكريس التجزئة في مشروع ضد العروبة يعمل على تصوير وكأن كل دولة عربية هي أمة قائمة بذاتها وبالتالي طبيعي ان تقوم هذه أل “دولة/أمة” بلعب دور إمبريالي ضد “دولة/امة/عربية” أخرى!

يتعاطى هذا الجدال بشكل أساسي مع الوطن العربي من مصطلح الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لأنني أعتقد أنه مصطلح فضفاض للغاية من ناحية ، وقد صاغ الاستعمار العسكري البريطاني الجزء الأول منه في بداية القرن العشرين ثم صاغته الإمبريالية الأمريكية لاحقًا باختصار MENA أي الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بقصد عدم ذكر وطن عربي بمشرقه ومغربه.

واليوم يردد أعداء العروبة مصطلح “غرب آسيا وسمال إفريقيا” هروباً من حقيقة والقول  الوطن العربي والشرق الأوسط، وهذا ، وللغرابة،يُستخدم كثيراً من إيران وتيارها!

 لعل ما يشمل ويجمع ويكتنف، بشكل أساسي، ما يسمى ببلدان الشرق الأوسط وشمال إفريقيا هو إخضاعها للعدوان الغربي المستمر في مراحل العدوان الرأسمالي العالمي ، أي الاستعمار والإمبريالية والعولمة الحالية. لا تزال بعض دول الشرق الأوسط والوطن العربي تخضع للقهر خاصةً معظم الوطن العربي على الرغم من التظاهر بأنها وغيرها من المستعمرات السابقة تدخل ما يسمى عصر ما بعد الاستعمار، وهذا وهم وتوهيم.

صُمم اسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بشكل أساسي لتجاهل الأمة العربية والقومية العربية ، والتعامل مع كل دولة عربية على أنها “أمة” منفصلة وبقصد تجنُّب حقيقة أن الأمة العربية تعاني من عدوان الغرب الأخير والمتواصل منذ ما يقرب من ثلاثة قرون.

في خضوعه للإمبريالية أولجت وتوجد في الوطن العربي  اصلاً العديد من الخصائص التي تبرر لي دراسته بشكل منفصل عن الشرق الأوسط.

يعاني الوطن العربي في ظل الإمبريالية ووكيلاتها حاليا من الكثير، ولعل أحدها

 تنمية التطور اللامتكافىء بين الدول العربية التي تتبناها وفرضتها الطبقات الحاكمة العربية لتعميق التفكك الداخلي في القطر الواحد  بحيث لا تتجه الطبقات الشعبية إلى الصراع الطبقي إضافة إلى التشرذم العربي بمعنى التحلُّق القطري على الذات. . (أنظر مقالنا “تطوير اللاتكافؤ في الوطن العربي،  في المستقبل العربي، العدد 197 رقم 7 لعام 1995)

وفي المستويين القطري والقومي وفيما يخص التنمية تحديداً، يتم، كما ذكرنا كثيراً، تجويف الوعي لتسهيلومواصلة تجريف الثروة. وترجمة هذا في الحقيقة هي تصريف  ونزح الفائض إلىالخارج وبالطبع فقدان القدرة على التراكم مما يقود إلى تكرار الدوران في حلقة مفرغة تنازلية الاتجاه أي تخلف وفقر وعدم استثمار…الخ.

فالعروبة مستهدفة من قبل:

أ. غزو ​​قاسي إرهابي عسكري كحال العراق وليبيا وسوريا، وإرهابي رسمي عربي كالحرب السعوديةالإماراتية ضد اليمن..

ب. الغزو الاقتصادي من خلال التبادل اللامتكافئ

ج. الغزو الناعم والغزو الثقافي والمنظمات غير الحكومية ،

د. الغزو الفكري من خلال الطابور السادس الثقافي.

ه. جيش من الاستشراق الإرهابي من نفس الأمة وبشكل أساسي ضدها.

و.أنظمة / طبقات حاكمة عربية قوية بما يكفي للقمع والحكم من أجل التدخل الإمبريالي المباشر وممارسة الحروب الداخلية/البينية  بين الدول العربية بهدف إنهاء واجتثاث كل المظاهر القومية العربية المشتركة.

لقد أخطر ما تمر به العروبة هو دور  الكيانات العربية التي تم إنشاؤها على غرار الكيان الصهيوني  الأشكنازي من حيث الدور وحتى الهيكل ، مثلاً دويلات مثل قطر والإمارات العربية المتحدة معظم سكانها مستجلبين والتي تغزو عدة دول عربية.

وعلى العموم، هناك بعض أوجه الشبه من حيث دور الإمبريالية في هذا الإقليم، مع دول أخرى في المنطقة ، لكن الفروق أكثر إلى الحد الذي يبرر التركيز وتحديد الحالة أو حتى تفرد الوطن العربي.

باختصار ، تركز هذه المساهمة بشكل أكبر على أنظمة وطبقات العملاء العرب التي تقوم بدور “إمبريالية ضد أمتها دول أمتها كعامل رئيسي في خدمة الإمبريالية الغربية. هذا لا يتجاهل أبدًا أن الإمبريالية الغربية تستعمر الوطن العربي وتخلق تلك الأنظمة التابعة التي تحمي المصالح العدوانية للإمبريالية وتقوم بإمبريالية بلدانها من أجل الإمبريالية السيدة لدرجة أن الأخيرة لا تحتاج أبدًا إلى نشر دبابة واحدة أو جندي واحد في تلك البلدان.

وهكذا، فإن إن معالجة قضية الإمبريالية من خلال التركيز أكثر على العوامل الداخلية لكل بلد هي معالجة مختلفة عن غيرها، لأن الحالة مختلفة إلى حد كبير.

على أن هذا الأمر يحتاج أيضاً لقراءة مجددة في مسألة الإمبريالية نفسها من حيث سماتها الأساسية، وهل بقيت تلك السمات كما طرحها لينين قبل أكثر من قرن، أم هناك تغيرات طرأت عليها!

✺ ✺ ✺

في معركة الوجود نتشبث بكل الحلفاء حتى لو لم يكونوا معنا ١٠٠٪

يوسف أبو دية

    أقرأ وأسمع دوماً وبتمعن ما يصدر من الرفيق الصديق د. عادل سماره  من كتابات غزيره وأراء ثمينة ومثيره صادرة من مناضل مجرب وصلب خاض ولا زال معارك الحفاظ على الوجود  والهويه حتى الا خلص التام من السرطان الصهيوني الاحلالي وحاضنته واتباعه، ذاك السرطان الذي غزا جسمنا العربي وأدمى دمنا الفلسطيني ولا زال ينخر فينا رغم قناعتنا وقناعته وقناعه من يدعمنا ويغذيه، انه زائل وأننا لمنتصرون. ومن لا يعرف د. عادل أو يقرأ له وعنه عليه ان يفعل ذلك عاجلاً  وليس آجلاً، فهو يمثل بحق محيطاً مليئا بالتجارب والخبره والفهم والعلم الهام والاساس في عمليه تحرير فلسطين وإحقاق  العدل والديمقراطيه فيها وحولها وتثبيت مكانتها في الجسم العربي المكلوم. ولهذا نرى ان ما يميز إنتاجه في كثير من الاحيان، هو المثاليه في أخذ  المواقف، والنظر الى الأمور المحوريه فيقضيتنا الوطنيه كأنها “أبيض او اسود” لا مجال للرمادي أن يؤخذ فيها أي حجم حتى لو كان الهدف من ذلك ليس محاوله فهم كيف تسير الأمور بل ايضاً استيعاب أهمية ان يكون الانسان واقعياً لكي يتمكن من خلال  ذلك تقيم الامور على ارض الواقع، وفهم وإخراج حلاً وتصوراً يمكن ان يساعد في تحقيق هدفنا الاساسي المنشود. فقضيه فلسطين مع وضوح معالم  الفاشيه والاجرام الصهيوني الانجلوسكسوني التي واجهتها منذ اكثر من قرن ولا زالت، لا يمكن النظر اليها من منظار “الأبيض والاسود” ولا من منطق “اذا لم تكن معنا وتفعل ما نأمرك به فأنت ضدنا”.  لن نتقدم خطوه واحده ولن يتحرر من تراب ارضنا سنتمتر واحد اذا كان هذا موقفنا وهذه نظرتنا.  قلائل من يظن ان قضيتنا ليست عادله وان حقنا في التحرير والعوده ليس ثابتاً وحق فحسب لا بل ان من يعرف ويؤمن بهذا ويدعمنا في رحله النضال الطويله لتحقيق التحرير والعوده كثيرون وكثيرون جداً، ليس في الوطن العربي فحسب، بل في كل ارجاء المعموره وان هذه المعرفه وهذا الدعم لم يحصل بالصدفه بل كان نتاج نضالات ملحمية قادتها بنات وابناء شعبنا ومناصرينا ولعقود طويله بدأت قبل ان ولدنا ولن تهدء الى بعد الانتصار الحتمي آلاتي. قضيتنا أشرف قضيه عرفها العالم من اوائل القرن الماضي. عدونا من  أسفل ما خلقته البشريه وقياداتنا منذ البدايات، باستثناءات معدوده، ان لم تكن جبانه وعميله، كانت ولا زالت، ضعيفه قبليه فاشله ليست أهلاً لتقود نضال معقد وطويل مثل ما هو مطلوب في قضيتنا. هذا ما أضعفنا  وأربك من اراد ان يكون حليفاً لنا.  ولكن اصرار شعبنا عبر العصور على الاستمرار في النضال ورسم  أروع صور وآيات التضحيات بدماء بناته وأبناءه وفضح الفاشيين الغزاه الصهاينه وتوضيح ماهيتهم فتح عيون بعض العرب وغير العرب على أهمية وقوفهم معنا لهزم الكيان وحلفائه، ليس لانه الموقف الحق والانساني البسيط الذي يجب أن يأخذوه، بل لانه اوضح لهم ايضاً ان “استقلالهم وكرامتهم ورفاهيه شعوبهم تحتم عليهم القضاء على  الكيان الصهيوني الدخيل. وهذا ما يبسط ويعقد الصوره العامه في نفس الوقت. هم يصبحون حلفاء لنا في مشروع الصراع ضد الكيان ولهذا ترى ايران مثلاً تدعمنا بالسلاح والتكنلوجيا والمال وغيرها وتدخل معنا في محور مقاومه وهم ايضاً يحاربوا الكيان وأسياده وعبيده بوسائل ربما تتجنب المواجهة مرحلياً مع معرفتهم التامه انها آتية لا محاله. هم يعملون حسب تخطيطاتهم ومصالحهم التي ربما لا ترضي طموحاتنا الآنية مع انها يجب ان تكون مفهومه من قبلنا. وكذلك الامر لباقي مكونات محور المقاومه، فسوريا وحزب الله واليمن وغيرهم لهم ظروفهم الموضوعيه التي يجب علينا استيعاب أهميتها ليس فقط لصمودهم وبقاءهم، بل ايضاً لصمودنا وبقاؤنا وانتصارنا.  ما هو هام ويجب الا يغيب عن فكرنا للحظه واحده هو صلابة الموقف المبدئي لمكونات محور المقاومة من موضوعه هزيمه الكيان وسحقه وتخليص وطننا منه ومن قذارته وسمومه وإجرامه. غير ذلك يبقى تفصيلات تتطلبها الظروف التي تمر بها مكونات هذا المحور. ما يهمنا ايضاً أن نؤمن بما صدر ويصدر عن سيد المقاومة حسن نصرالله الذي قالها مراراً وتكراراً ان هناك تأكيد واتفاق معمد بالدم يؤكد انه لا تراجع عن خوض المعركه الحاسمه التي يعمل المحور ان يكون هو من يطلق الرصاصه الاولى فيها، ولكنه مستعد لها في اي وقت يفرض الكيان علينا خوضها.  لا سبب لدينا ابداً ان نقلل من أهمية تصريحات السيد ولا من ما يصدر  من سوريا واليمن وفلسطين وايران بهذا الخصوص.  كل طرف في هذا المحور اثبت ولا زال انه يعيش في خضم معركة متعدده الأشكال ويقاومها بثبات وعناد واصرار على اجتياحها والانتصار بها حتى يأتي الوقت لخوض المعركه الحاسمه.  أفهم ان د. عادل سماره مثله مثل الكثيرين منا، سأم سماع التصريحات الواعده بالرد الجماعي في حال حدوث جرم صهيوني فاشي ما ولهذا تراه يكتب  عنها دوماً خصوصاً أن جرائم الحرب تزداد يومًا بعد يوم وذلك نتيجه  تطور المقاومه الفلسطينيه، تلك المقاومه التي لم تكن لتتطور بهذا الشكل لولا الدعم الهائل وعلى كافه المستويات والاتيه بلا ادنى شك من اركان محور المقاومه. ان الهجوم التي قام به  ابطال عمليه غيلي الاخيره لم تكن لتحدث لولا الدعم اللامتناهي لمحور المقاومه لحركه حماس مثلاً. الردود المدوية التي ستحدث رداً على استعمال الكيان الصهيوني الفاشي للمسيرات في اغتيال مناضلينا ستكون بلا ادنى شك  بسبب الدعم وعلى كل المستويات لفصائل المقاومة الفلسطينية من قبل باقي اقطاب محور المقاومة.  هذا ليس كلاماً انشائيا ولا محاوله تمويه او ما غير ذلك، بل هو الواقع  بام عينه ود. عادل سماره يعرف ذلك اكثر مني ومن غيري.  نحن بلا شك نتألم على حجم التضحيات التي تلم بشعبنا ووطنا يوماً بعد يوم وطبعاً نتمنى ان تحدث المعركة  الحاسمة مع الكيان لاذلاله وهزيمته اليوم قبل الغد، ولكن علينا ان نعي  ايضاً حجم الظروف التي يوجهها اركان محور المقاومه على مستوى جغرافيتهم ولهذا لا يجب علينا ان نشكك للحظه او ان لا نصدق بالمطلق اصرار هذه الاركان وإيمانها بضروره التخلص من الكيان الصهيوني الفاشي ان لم يكن لتحرير فلسطين فانه سيكون من اجل إحقاق الاستقلال والحريه لهم.

✺ ✺ ✺

الانتخابات الأميركية: أزمة الخيارات

بين بايدن ودونالد ترامب

د. منذر سليمان وجعفر الجعفري

            ثمة حدثان مترابطان بقوة في الشكل والمضمون والسياق السياسي الأميركي العام، ويشكلان مقدمات معاكسة لموسم الانتخابات الرئاسية المقبل والذي بدأت حملاته الأولية للحزبين، الديموقراطي والجمهوري، على قدم وساق.

            الحدث الأول هو إقرار نجل الرئيس الأميركي هنتر بايدن بارتكابه “مخالفات ضريبية” في سياق تسوية قضائية تمت بينه وبين المدّعي العام الفيدرالي ووزارة العدل الأميركية، والآخر هو وقوف الرئيس السابق دونالد ترامب في مواجهة مباشرة مع لوائح اتهام أصدرتها وزارة العدل، مصرّاً على براءته من كل التهم الموجّهة اليه تباعاً.

            من المفيد أن نذكر أن التطور الأول يدخل في سياق محدّد عنوانه “التضحية بنجل الرئيس أمام القضاء لإنقاذ الرئيس جو بايدن” وحملته الانتخابية من انحراف مسار التحقيقات الجارية للتأثير في مستقبله السياسي المهتز. ويُعتقد أنه كان حلاً “وسطياً” مرغوباً من بعض قيادات الحزب الديموقراطي لتفويت الفرصة على منتقديه، وتفادي الإحراج الإعلامي والمساءلة لشخص الرئيس خلال جولاته الانتخابية.

            وفيما يخص الرئيس السابق دونالد ترامب، ينبغي النظر إلى لوائح الاتهام المتجددة في سياق إصرار المؤسّسة الحاكمة، بقطبيها الحزبين الديموقراطي والجمهوري، على إقصائه من الترشح للانتخابات المقبلة، وتسديد ضربة معنوية موجعة تنال مصداقيته، في أدنى الاحتمالات، أمام جمهور ناخبيه الذين “لم يبتعدوا عنه، بل تعززت مكانته لديهم” أمام المرشحين الآخرين من الحزب الجمهوري.

            للدلالة على “أهلية” الرئيس السابق، أصدر الخبير في استطلاعات الرأي الأميركية فرانك لانتز Frank Luntz، بياناً يتراجع فيه عن تقديراته السابقة بتهميشه دونالد ترامب عام 2021، قائلاً “عليّ الإقرار بأن هناك فرصة حقيقية لانتخاب دونالد ترامب رئيساً. لم أتوقع ذلك العام الماضي”. وأضاف “تكهّني بنتائج الانتخابات آنذاك كان خاطئاً. ترامب يصعد بقوّة الآن، ويستطيع الفوز على (الرئيس) بايدن” (محاضرة ألقاها في مؤتمر عقده “مركز الدراسات السياسية” في لندن بتاريخ 13 حزيران/يونيو 2023).

            وتطرّق لانتز إلى حظوظ الرئيس جو بايدن قائلاً: “لم أتصوّر منافساَ (ترامب) بهذا القدر من تدنّي الكفاءة ليسهم في بتعزيز موقعه بالفعل”، وتنبأ أيضاً بمصير قاتم لحلف الناتو الذي يمر بمرحلة “حرجة واضحة”، وقال إن “أوكرانيا لن تحظى بدعم أميركي بعد الآن”.

            أما تقديرات مراكز القرار في الحزب الديموقراطي بشأن ترامب، فقد أوجزها المدّعي العام ووزير العدل السابق إريك هولدر، مؤكداً “استمرار ترامب في حملته الانتخابية لعام 2024، على الرغم من مواجهته لائحتي اتهام”، الوثائق السرّية ودفع أموال لممثلة إباحية. وفي حال فوزه، بحسب تقديرات هولدر، فسيواجه “إجراءات عزله وإقالته من منصبه (مقابلة متلفزة مع شبكة “أم أس أن بي سي” الأميركية، 9 حزيران/يونيو 2023).

            وقطع هولدر الشك باليقين من مساعي المؤسّسة الحاكمة والحزب الديموقراطي لاستهداف الرئيس السابق وإقصائه عن المشهد السياسي، قائلاً: “في مرحلة ما، سيتأثر البعض الآخر سلبًا بجميع هذه القضايا المرفوعة ضده. أعتقد أن ذلك سيكون له تأثير في تصويتهم في الانتخابات.، ولذلك، فإن احتمال أن يكون قادراً على النجاة من هذا الأمر والفوز في الانتخابات ضئيل جدًا”.

            أشارت بيانات استطلاعات الرأي، التي أجريت بعد توجيه لائحة التهم الأخيرة، بوضوح إلى تمدّد شعبية الرئيس السابق دونالد ترامب، واستمرار منسوب تأييده بين “الناخبين المستقلّين وقطاع المرأة في الحزب الجمهوري”، بما ينافي توقّعات قيادات الحزبين ومعظم وسائل الإعلام الرئيسية.

وأفادت البيانات بفوز الرئيس السابق على منافسه الرئيس جو بايدنن بنسبة ضئيلة، لكنها مهمة عند الأخذ بعين الاعتبار أن المنافس الجمهوري الأوفر حظاً، رون دي سانتيس، حصل على نسبة 34% في مقابل 54% لترامب.

            وبناء عليه، تنتفي رغبات الحزب الديموقراطي وتمنياته بخسارة المرشح ترامب أمام أحد منافسيه في جولة الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري، الذين لم يتجاوزوا نسبة أعلى من 10% من تأييد ناخبي الحزب.

            دفاع الرئيس ترامب والتشديد على براءته من التهم المنسوبة إليه يعيد إلى الأذهان “ازدواجية معايير العدالة” وآليات تصرفها “المخفّف” مع المرشحة الرئاسية السابقة هيلاري كلينتون، والدور المحوري الذي قام به “مكتب التحقيقات الفيدرالي – أف بي آي” في طي ملفها خلال جولة الانتخابات السابقة.

وكان جهاز الأف بي آي يحقق في المسألة لتوفّر “52 سلسة مراسلات الكترونية تتضمن معلومات سرّية، ونحو 33 ألف رسالة الكترونية خاصة بها أثناء شغلها منصب وزير الخارجية”. وقد حرصت على عدم الامتثال لقرار الكونغرس بتوفيرها للجان التحقيق، الأمر الذي مهّد الأرضية لمواصلة حملتها الانتخابية مع إفراط مؤيديها في توقع فوزها.

            إحدى التهم الموجهة إلى ترامب تدور حول “عرقلته جهود التحقيق”، فيما أقرّ مكتب التحقيقات بعقده جلسة استجواب للمرشحة كلينتون استغرقت 3 ساعات ونصف ساعة، خرج على أثرها مدير مكتب الأف بي آي، جيمس كومي، بتصريح مثير مفاده: “لا يوجد مدعٍ عامّ عاقل كان سيوجّه تهمة إلى كلينتون بارتكابها جريمة”.

            في السياق عينه، حيازة وثائق رسمية دون وجه حق، يشار إلى نصوص الدستور الأميركي التي تجيز للرئيس، أي رئيس، التصرف بمدى “سرّية” الوثائق خلال ولايته، وحقه في رفع تصنيف “السرّية” عن أي وثيقة تقتضيها الظروف. وبناء عليه، يتسلح الرئيس السابق بصلاحياته الدستورية وحقه في حيازة وثائق، مهما كانت درجة تصنيفها، استناداً إلى القسم الرئاسي في بدء ولايته الرسمية.

            نستطيع القول أن البت في المرحلة اللاحقة لتوجيه لائحة الاتهام المطولة إلى الرئيس ترامب هو من اختصاص القضاء حصراً. وقد ترفع القضية إلى المحكمة العليا الفيدرالية للبت النهائي بها، مع علم الطرفين بموازين القوى المختلة داخلها لمصلحة التيار المحافظ والمقرّب من الحزب الجمهوري.

            ولكن الحقائق الدامغة والسائدة في المرحلة الحالية تشير إلى عمق المأزق السياسي لكلا الحزبين؛ فالحزب الديموقراطي يدعم على مضض الرئيس بايدن الذي تنامت هفواته الجسدية والعقلية مع تقدمه في السن، ويُعتقد أن البحث عن بديل معتبر له يجري تداوله خلف الأبواب المغلقة. ومن أبرز المرشحين حاكم ولاية كاليفورنيا، غافين نوسم، مما يقتضي أيضاً البت بمصير نائبة الرئيس كمالا هاريس في ظل تواضع مديات تأييدها داخل مراكز القوى.

            أيضاً، لا يبدو المرشح المنافس روبرت كنيدي الإبن ينعم بدعم كبير داخل الحزب الديموقراطي نفسه، لطبيعة أجندته التي ينتقد فيها بشدة أداء المؤسّسة ونفوذ الشركات الكبرى على صنّاع القرار في الكونغرس والدوائر الرسمية الأخرى، كما أنه لم يتجاوز نسبة 20% من تأييد الناخبين له، بحسب البيانات المتداولة.

            أما حال الحزب الجمهوري فلا تبشّر بالخير أيضاً، إذ يستمر الصراع بوتيرة عالية بين تياري قيادة الحزب التقليدي والتيار الشعبوي الذي يتصدره الرئيس ترامب، الذي استطاع فرض نفسه على السجال العام بعد فشل محاولات إقصائه بكل الوسائل، وخصوصاً بعد تصريح زعيم الجمهوريين في مجلس الشيوخ، ميتش ماكونيل، مطالباً القاعدة الانتخابية بتجاوز الرئيس ترامب وفسح المجال أمام مرشحين آخرين لدخول الجولة الانتخابية.

لكن البيانات المتداولة جاءت مخيّبة لتلك الرغبات، إذ أشارت استطلاعات الرأي بشأن الانتخابات الرئاسية، في حال غياب الرئيس ترامب، بفوز الرئيس جو بايدن على المنافس الجمهوري الأوفر حظاً رون دي سانتيس بنسبة 41% للأول في مقابل 36% للثاني.

            ما يقلق المؤسّسة الحاكمة حقاً هو تدني معدلات ثقة العامة بمكتب التحقيقات الفيدرالي، أف بي آي، ومعارضة تدخله في الانتخابات بنسبة 70%، إضافة إلى النفوذ الطاغي للأجهزة الأمنية الأخرى في الحياة العامة. وقد تترجم تلك النسبة ببراءة الرئيس ترامب من التهم الموجهة إليه، عقب انعقاد المحكمة الفيدرالية، أو أن يسفر قرار هيئة المحلفين على انقسام داخلها، وهو أمر محتمل أيضاً في ظل المعطيات الحالية.

وهناك إشارة رسمية إلى العقبات التي ستعترض سير المحاكمة استناداً إلى “قانون التجسّس” الذي يحاكم بشأنه الرئيس ترامب. وأوضح ويل شارف، المدّعي الفيدرالي السابق، أن القضاء الأميركي لم يواجه حالة مشابهة قبل الآن، إذ “لم يتم الاستناد إلى قانون التجسّس لمحاكمة” مسؤول أميركي رسمي، ليمضي بالقول إن من المرجّح أن ترفض المحكمة العليا البت بالقرار عند صدوره.

:::::

مركز الدراسات الأميركية والعربية، واشنطن

الموقع الإلكتروني:

http://thinktankmonitor.org/

✺ ✺ ✺

الحركة التقدمية الكويتية تنعي المناضل التقدمي البحريني الكبير أحمد الشملان

تنعي الحركة التقدمية الكويتية المناضل التقدمي البحريني الكبير أحمد الشملان، الذي أمضي حياته منذ صباه في النضال الوطني والديمقراطي، وتعرض للاعتقال والسجن مرات عديدة ولسنوات طويلة.

وكان للفقيد أحمد الشملان دوره المشهود في قيادة انتفاضة مارس ١٩٦٥ في البحرين بمواجهة السلطات الاستعمارية البريطانية، حيث اعتقل بعدها لمدة عامين، وتم نفيه للخارج، وعاش فترات من حياته في الكويت ودرس فيها ونشط ضمن صفوف الحركة الوطنية الكويتية في “حركة القوميين العرب” و”الحركة الثورية الشعبية”.

كما شارك في ثورة ظفار في نهاية الستينيات وبداية السبعينيات من موقعه القيادي في “الحركة الثورية الشعبية في عمان والخليج العربي” التنظيم السياسي اليساري، الذي كان يقود “الجبهة الشعبية لتحرير الخليج العربي المحتل”، واعتقل في العام ١٩٧٢ بعد عودته إلى البحرين لمدة عامين، وانتقل بعدها إلى صفوف “جبهة التحرير الوطني”، وتلقى دراسته في “جامعة باتريس لومومبا للصداقة بين الشعوب” وتخرج فيها بحصوله على درجة الماجستير قي القانون الدولي، وعند عودته اعتقل لمدة خمس سنوات، وتم الإفراج عنه في العام ١٩٨٦.

وكان الفقيد أحمد الشملان عضواً مؤسساً ومناضلاً بارزاً  في لجنتي العريضتين النخبوية والشعبية المطالبة بعودة العمل بالدستور في ١٩٩٢ و١٩٩٤، وتعرض للاعتقال مرة أخرى ١٩٩٦، إلى أن أصيب بجلطات قلبية ودماغية في العام ١٩٩٧ تسببت في إعاقته، لكنه مع ذلك كان مواصلاً لحضوره الفعاليات السياسية والعامة.

وتقديراً لدوره النضالي جرى اختياره في العام ٢٠٠٢ رئيساً فخرياً للمنبر التقدمي البحريني.

كما كان الفقيد شاعراً مبدعاً، وهو الذي استكمل نظم نشيد “طريقنا” عندما كان في المعتقل.

وقد وثّقت رفيقته وشريكة حياته الأستاذة فوزية مطر مسيرته النضالية في كتابها “أحمد الشملان: سيرة مناضل وتاريخ وطن”.

إنّ الحركة التقدمية الكويتية وقد آلمها رحيل الفقيد الكبير فإنها تتقدم بخالص العزاء لأرملته الأستاذة فوزية مطر “أم خالد” ولأسرته وأصدقائه ورفاقه في “المنبر التقدمي” والحركة الوطنية البحرينية والحركة الوطنية الكويتية والجماعات والعناصر الوطنية في بلدان الخليج والجزيرة العربية.

٢٣ يونيو/ حزيران 2023

________

تابعونا على:

  • على موقعنا:
  • توتير:
  • فيس بوك:
  • ملاحظة من “كنعان”:

“كنعان” غير مسؤولة عن الآراء الواردة في المقالات، بل هي تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو محرري نشرة “كنعان” الإلكترونية أو تبنيهم لهذه الآراء والمواقف.

ومن أجل تنوير الناس، وكي يقرر القارئ بنفسه رأيه في الأحداث، ونساهم في بناء وعيً شعبي وجمعي، نحرص على اطلاع القراء على وجهات النظر المختلفة حيال التطورات في العالم. ومن هنا، نحرص على نشر المواد حتى تلك التي تأتي من معسكر الأعداء والثورة المضادة، بما فيها العدو الصهيوني والإمبريالي، وتلك المترجمة من اللغات الأجنبية، دون أن يعبر ذلك بالضرورة عن رأي أو موقف “كنعان”.

  • عند الاقتباس أو إعادة النشر، يرجى الاشارة الى نشرة “كنعان” الإلكترونية.
  • يرجى ارسال كافة المراسلات والمقالات الى عنوان نشرة “كنعان” الإلكترونية: mail@kanaanonline.org