السنة الثالثة والعشرون – العدد 6573
هذا العدد:
■ تجربة فاجنر في فهم القطرية والمركزانية القطرية، عادل سماره
■ إحتلال بالأنجزة والحكومات غير الحكومية (حلقة 1)، د. عادل سماره
- سويسرا نموذجا
■ العودة للزمن الفدائي، رشاد أبوشاور
✺ ✺ ✺
تجربة فاجنر في فهم القطرية والمركزانية القطرية
عادل سماره
قد يكون مصطلحا غريباً “المركزانية القطرية” وخاصة لأن المركزانية منسوبة دائماً للغرب الأوروبي على ضخامته وقوته وبالتالي إصراره على اعتبار نفسه الأفضل في كل شيء وعلى الآخرين تقليده ومن خلال هذا يُبرر دوره في الاستعمار وقتل البشر كالذباب ونهب الثروات وحتى اليوم. والمفارقة أن هذا الغرب وهو يدعو الناس لتقليده يؤكد أنهم لن يصلوا إلى مستواه بمعنى أن الآخرين سيعيشون أبداً في رفع صخرة سيزيف إلى الجبل وسقوطها دوما إلى الوادي.
( أنظرعادل سماره BEYOND DELINKING: DEVELOPMENT BY POPULAR PROTECTION VS DEVELOPMENT BY STATE , PP 61-81, 2005.
وهكذا تقضي أمم كثيرة عقودا في محاولة اللحاق بالغرب ويقضي الغرب نفس العقود في احتجاز تطورها وخاصة لأنها تستجديه وتقلده بدل ان تعيد إعادة ترتيب بناها الداخلية الذاتية.
من دروس تمرد فاجنر:
كشف هذا التمرد عن حقيقة معولمة في هذه الفترة من عدم الاستقرارالسياسي الاجتماعي الداخلي الدولي. فتمرد أتباع ترامب وهجومهم على البيت الأبيض لا يقل خطورة كدرس عن تمرد شركة فاجنر لأن تمرد جماعة ترامب هو تمرد من داخل “قصر من كان رئيسا وسيترشح ” بينما فاجنر ضد قصر الرئيس أي من خارجه. لكن المهم أن هذا وذاك: ينمان عن عدم استقرار وعن احتمال ما هو أكثر.
ولكن هذا وذاك كانا في بلدين كبيرين بوسع معدة كل منهما هضمه رغم عسر هضمه أي لو يقودا إلى فوضى أوسقوط النظام.
لقد راهن كثيرون على أن روسيا ستفشل في ابتلاع ذلك أو حرَّضوا بشكل ينم عن موقف سياسي خفيف كما فعلت بريطانيا التي قادها التوتر والحقد السياسي ضد روسيا. وربما شجعتهم على هذا سلسلة التحولات في روسيا منذ اربعين عاماً، ولكن تمرير الأزمة أوضحت ما اشرنا إليه في المقال أمس بأن التوجه الحرياتي للسلطة الروسية أثبت نفسه بمعنى القدرة على استيعاب معارضة وحتى مسلحة وهذا درس للغرب وضد أكاذيبه.
ومع أن الإعلام الغربي كان سعيدا بما يجري إلا أنه تريث في القفز إلى استنتاجات نهائية و “حاسمة” وهذا ليس لخبرته في الصدق بل لخبرته في تقنين الكذب.
وبالمقابل سقط الكثير من الإعلام العربي في ورطة الكذب التي انكشفت خلال ساعات. وهذا ينم عن عدم وجود احترام للذات وبأن هكذا إعلام هو أداة تخريب وإرهاب في خدمة الإمبريالية وبرضى الأنظمة الحاكمة في بلدانه. هو إذن إعلام متخارج وبالتالي يفتقر للقاعدة الوطنية والمهنية والأخلاقية.
في القطرية والمركزاية القطرية:
الدولة القطرية ، وبغض النظر عن توليدها سفاحا غربياً، سواء 1916 في المشرق و 1956 في المغارب العربية و 1970 في الجزيرة والخليج هي دولة ضعيفة بمختلف المعايير لأنها مجتزئة ، إذا توفر شرط غابت شروطا لتكون دولة حقيقية.
لذا، كان سهلاً أن يتمكن ضابط طموح للزعامه الفردية أن يرتب الأمر مع مجموعة من الضباط وخاصة من سلاح المدرعات وربما الطيران ويقوم بانقلاب “ناجح” وذلك لأن الدولة القطرية هشة البنيان فهي:
· ولاءات عشائرية
· ولاءات جهوية
· ولاءات طائفية
· ولاءات حزبية
· وفي اوسع الأحوال التنسيق مع محور رسمي عربي ضدآخر
· مصالح شرائح طبقية سواء لدعم الانقلاب أو فك الوحدة
هي بنية التناقض فيها أدنى من طبقي، والطموحات السياسية اقل من قومية. ولا شك أن لهذا علاقة أو هو متاثر بالبنية الاقتصادية أو مستوى التطور الاقتصادي الاجتماعي حيث لا طبقة عاملة حقيقية بينما الفلاحين مبعثرين وبلا بنى تنظيمية لهم لا قطاعيا ولا طبقياً.
ومن يتذكر تلك المرحلة كيف كانت برقيات التأييد تتدفق من العشائر على الانقلابيين. ولم تنحصر الانقلابات في الجمهوريات بل في الممالك ايضاً سواء مصر انقلاب/ثورة عبد الناصر، انقلاب عارف قاسم في العراق انقلابات أبو نوار والحياري والروسان في الأردن، محمد المدبوح و أوفقير في المغرب ، السلال في اليمن، بن سعيد ضد ابيه في عمان…الخ.
ما أردت تثيبته هنا هو أن هشاشة الدولة القطرية يجعلها عاجزة عن التماسك ضد الانقلابات مما يُبقي على الدولة في حالة عدم استقرار ويدفع السلطة للتركيز على الأجهزة الأمنية للدفاع عن السلطة وذلك على حساب التطور. ويترتب على هذا بالطبع :
· تجويف الوعي الجمعي بالقمع
· وتوظيف تجويف الوعي في تسهيل تجريف الثروة نتيجة لذلك.
وهذا بدوره يقود إلى تقاطع سياسات الدولة القطرية مع مشروع المركز الراسمالي الإمبريالي في احتجاز تطور هذه البلدان . وهذا يصب في مصلحة الدولة القطرية على المدى الطويل لأنها ضمن النظام العربي حيث الدولة عدو الأمة اي :
· إرتباط كل دولة قطرية عربية فرديا بعلاقات إقليمية غير عربية
· وارتباط كل دولة قطرية عربية فردياً بعلاقات بالسوق العالمي.
· توازياً مع ضعف العلاقات العربية البينية.
وهذا يخدم النظام القطري في عدم بناء اي تكامل اقتصادي عربي وبالتالي عدم خلق قاعدة إقتصادية إنتاجية للتبادل بين الأقطار وخلق سوق عربية وهذا يعني تبلور مصالح طبقية لشرائح وطبقات إجتماعية لها مصلحة مادية حياتية في الوحدة.
من هنا نصل إلى فهم دوافع وخطورة الأنظمة والقوى القطرية في البلدان العربية حيث تصر على ما يسمى هذا القطر اولاً. وفي حقيقة الأمر لا هو أولا ولا أخيراً بل تركيز الهشاشة والفكاك عن اي مشترك عربي.
وحين تصل القطرية لتصبح إيديولوجيا قطاعات شعبية وخاصة ثقافية يقع هؤلاء في أُحبولة الأنظمة فيحصرون العالم في القطر الذي يعيشون فيه.
ولعل أخطرحالة هي الحالة الفلسطينية فأهمية القضية وتكتل كل العالم الرسمي ضد الفلسطينيين في القرن الماضي وها هو يتجدد في القرن الحالي وكمون القضية في الوعي الجمعي الشعبي العربي أوصل فلسطينيين كثيرين إلى رؤية العالم فقط من خلال هذا القطر، وهذا نموذج على المركزانية القطرية أو القطر خاصتي أولاً.
لذا، لا يقلق هولاء مثلا على مذابح ليبيا، العراق سوريا… ولا يعترضون على الأنظمة في هذا البلد أو ذاك حيث يريدون جهد كل الناس لفلسطين!
وهنا تظهر النظرة القاصرة التي تفتقر إلى أمرين:
· البعد العروبي
· والبعد العالمي
لا يدرك هؤلاء بأن القضية عربية أولا وأخيراً وبأن فصلها عن الواقع العربي وعدم حتى تعاطفهم مع ماساة قطر أو آخر ولو على صفحات الفيس بوك هو خطير على فلسطين نفسها لأن الفلسطينيين لن يحرووا وطنهم لوحدهم ولأن الاستهداف ضد كل الوطن الكبير لن التحرير قومي بلا شك، ولينتظر هذه الحقيقة قصار النفس.
إذن، فإن القطرية والمركزانية القطرية أو التحلُّق القطري على الذات هو ضد القضية.
وكل تحلق قطري عربي يُبقي البلد هشا، ولذا إسقاط النظام ببضع دبابات يبقى ممكنا.
وهذا الفارق بين دولة كبرى متماسكة وبين قطريات هشة.
بقي أن نقارن بين قوات الدعم السريع في السودان وبين فاجنر حيث قائد كلتي القوتين ليس عسكريا بالمعنى النظامي وليس من كادر الجيش. لكن الفارق الأساس هو أن ظاهرة حميدتي بقيت على مدار عشر سنوات ولم تتمكن السلطة من ضمها للجيش وقاد الاستعصاء إلى تغولها حتى حاولت إسقاط السلطة بيدها وقد يؤدي ذلك إلى تقسيم مجدد للسودان وبالطبع دُعمت من اعداء للسودان عربا وغير عرب بينما نفس الظاهرة تمت عملية احتوائها في ساعات في روسيا.
ملاحظة: هذا المقال موجه بشكل خاص لمن لا يدركون أهمية بلد عربي موحد وكبير وقوي مقارنة مع كيانات مع وجوب التنبه إلى أن ارتباط اي قطر عربي مغ عير عربي هو طعنة للقضية العروبية.
✺ ✺ ✺
إحتلال بالأنجزة والحكومات غير الحكومية
سويسرا نموذجا
د. عادل سماره
(حلقة 1)
كتبنا عديد المرات أن من أخطر التحديات على شعبنا كونه بلا وطن لذا يقف الفلسطيني على أرض زلِقة مما يدفعه في اتجاهات متعددة ومنها النقيضين بالمطلق:
· العمل الفدائي الأكثر شرفاً.
· أو الارتزاق ومنه الأنجزة وما تؤول إليه من مخاطر.
على هذه الأرضية يُطرح السؤال عن موقع المنظمات غير الحكومية في مجتمع المحتل الفلسطيني 1967 هل هي من معسكر العدو وهل هي درجة او كتيبة من كتائب الاحتلال؟
على الصعيد الدولي هي هكذا، في البرازيل، في الفلبين، في مصر، في روسيا في لبنان…الخ
لا سيما وأنها اساساً غربية جرى ترتيبها لتخترق العالم الثالث بوجه يخفي الوجه الاستعماري المعروف والمكروه.
وضمن هذه المنظمات جناح لدول اسميتها الحكومات غير الحكومية اي التي تبدو كما لو انها محايدة لكن تشغلها امريكا كحكومات في العالم الثالث اي ان الحكومة هي منظمة أنجزة بذاتها ومنها سويسرا السويد النرويج والدنمارك في خدمة السياسة الأمريكية.
طبعا ليس لهذه الدول تاريخ استعماري ضد الوطن العربي باستثناء سويسرا ولذا يسهل تسللها واستخدامها لاختراق المجتمع!
وقد يستغرب القارىء هذا التصنيف لسويسرا. ولكن ماعليك عزيزي القارىء سوى ان تقوم بتذخير عقلك ببعض الاقتصاد السياسي الذي يكشف أن الثروات العربية المنهوبة بالفساد اي فساد الحكام والبرجوازية متراكمة في المصارف السويسرية ومحمية من ان تعرف الأمة العربية مقاديرها وبأسماء من؟ لكن امريكا تعرف!
سويسرا هي الإمبريالية المالية وهل أخطر من ذلك؟ بل هي التي تعيش على قيام الديكتاتورات والفاسدين/ات بتقشيط شعوبهم وإفقارها ليدخروا ترليونات الدولارات والذهب في سويسرا التي تتلقى ذلك بلا اي جهد عسكري او حتى سياسي، فهي إذن بنك معولم لغسيل اموال الشعوب.
والمثير للسخرية أن التعليم في العالم الثالث والوطن العربي ينعت سويسرا ب الدولة المحايدة.
وهي في الحقيقة عدو للأمم بدرجة عداءالولايات المتحدة. فأمريكاعدو بالقوة العمياء وخاصة بالجيوش أما سويسرا فعدو ضد كل فقراء العالم لأنها تعيش على دمائهم.
تتخصص منظمات الأنجزة في مجالات وباتجاه قطاعات شعبية تسمي كل واحدة منها القطاع الذي تشتغل عليه اي ضده ولكن تحت غطاء “خدمته” المجموعة المستهدفة The Target Group.
خطورة سويسرا أنها تستهدف النساء فتمول منظمات أنجزة تزعم أنها تخدم المرأة، وبهذا فإن سويسرا حينما تركز على تخريب النساءإنما تخرب المجتمع بلا مواربة وتخلق إمبراطورات من النساء المحليات هن في الجوهر مريضات بشكل مزدوج:
• نسذكوريات أي نساء في خدمة النظام والمجتمع الذكوري وهو راسمالي سواء رأسمالية مركزية غربية أو محيطية.
• وأدوات للموِّل الغربي وخاصة السويسري.
وعليه، فاقتلاع منظمات الأنجزة هو خطوة نحو تحرير الوطن. من هنا كان لنا كتابة عديدة في هذاالأمر، أحدها كراس “منظمات غير حكومية أم قواعد للآخر”.
✺ ✺ ✺
العودة للزمن الفدائي
رشاد أبوشاور
أتابع تغوّل الاحتلال الذي يسارع لالتهام ما تبقّى من الأرض التي بقيت تحت أقدام الفلسطينيين، والتي يتّم يوميّا تمزيقها، والنهم والجشع الصهيوني لم يبق ما يكفي لمحافظة فلسطينية واحدة متواصلة مع قراها، مع تصاعد وحشية الاحتلال في ممارسة القتل اليومي بالترافق مع مصادرة الأرض، وتتجلّى مخططات الصهاينة التي تستهدف الفلسطينيين: مصادرة أكبر مساحة، وقتل أكبر عدد من الفلسطينيين، وذلك لبث اليأس في نفوس وعقول عرب فلسطين وإحباطهم.
أسأل نفسي في كل وقت، مع تواصل مصادرة الأرض، وسقوط الشهداء، وتفرّج أنظمة التبعية وأكاذيب بياناتها الشاجبة لعدوانات الاحتلال على الأقصى والمصلين، وهدم البيوت: ما العمل؟ ماذا ينتظر(بعض) الفلسطينيين من المتلمظين على المناصب، الذين ما زالوا يراهنون على إمكانية دولة فلسطينية مستقلة؟! و..ماذا ينتظر من يتوهمون أنهم سيرثون السلطة ليوسعوا سلطتهم؟!
وأتساءل حتى لا يتفشى اليأس، وينقطع الأمل، ويضيع الرجاء: ما العمل –بالإذن من الرفيق لينين- وأنا غير يائس، ولكنني غاضب ومقهور، وأعرف أنه يوجد بيننا وحولنا من يتربصون وكل همهم أن تدوم لهم نعم الوضع الراهن غير معنيين بضياع الأرض ونزف الدم، فهم مهجوسون بطموحاتهم، أو بضيق أفقهم، وفي جوهر الأمر لا يريدون أن يعرفوا جوهر القضيّة الفلسطينية وأنها لن تحّل بالمفاوضات، والرهانات، والصفقات، واسترضاء هذا النظام وذاك بالمجاملات وكأن شعبنا وجماهير أمتنا تجهل تلك الأنظمة وتاريخها وارتباطاتها.
في هذا الوضع البائس، والأجواء التي تبدو مُحبطة تلتمع في سماء فلسطين بروق ورعود، فإذا ما يطمئن ويبث التفاؤل، ويصعق العدو..يجدد العهد بالزمن الفدائي، فنثق بأن شعبنا العظيم لديه من هم أوفياء لروح الفدائي، ووعيه، ومضاء عزيمته، ويقينه بأن فلسطين ستتحرر مهما امتد ليل الاحتلال، وبطشه، وظلمه، ومهما تزايدت التضحيات.
هذا ما حدث من جديد يوم الإثنين 19حزيران 2023، واحفظوا التاريخ جيدا، وثبّتوه ففيه حدثت مأثرة فدائية عظيمة في مخيم جنين: مفاجأة العدو الصهيوني بتدمير آليات مدرعة هي من فخر صناعته العسكريّة، ومفاجأة مستعربيه وجنوده، ومحاصرتهم بكمين محكم، وتدفيعهم خسائر عسكرية، واضطراره أن يستعين بالأباتشي واعترافه بأنها أصيبت..واحتياجه لتسع ساعات لسحب آلياته المعطوبة وجرحاه..كم القتلى بينهم؟!
من يخوضون معارك جنين هم فدائيون يجددون الزمن الفدائي، ويدفعون الدم على طريق التحرير، ولا هم لهم سوى مواصلة( الجهاد)، فلا تشغلهم سلطة، ولا صراع على مناصب، ولا استئثار بوهم الحكم، فهم اختاروا أن يسيروا على طريق فلسطين، هم ومن يترافق معهم، فهم لا يحتكرون الطريق، ولا يدّعون أنهم وحدهم سيحررون فلسطين، لكنهم يواصلون ويطورون ما بين أيديهم، ورهانهم أن الأمة ستستيقظ من غفلتها، ولن تراهن على نزاهة ضمير أمريكية أو غربية، فقد كفانا رهانات ساذجة اتكالية، فجوهر صراعنا مع عدونا أن فلسطين لنا، وأننا لن نتنازل عن حبة تراب من ترابها، وعدونا لن يكتفي باحتلال فلسطين، ولكنه يريد أن يحتل قدراتنا وثرواتنا وموقعنا كأمة، وأن يستتبع كيانات هزيلة يجعلها تنفذ أطماعه على حساب خراب أمتنا بحيث لا تتمكن من النهوض والفعل.
خيار جنين، ومخيم جنين، وخيار الفدائيين الفلسطينيين المؤمنين بأن الاحتلال لا يؤمن بالسلام، وأن مسيرة أوسلو أكبر برهان من 13 أيلول 1993 وحتى اليوم تكفي لكل صاحب عقل وضمير، معني بشعبه ووطنه و..أمته ونهوضها، وقوتها وعزتها.
و..بعد ساعات من معركة جنين البطولية صُعق العدو الصهيوني في مستوطنة عيلي، عندما اقتحمها فدائيان وقتلا الحارس، وأطلقا الرصاص على عدد من المستوطنين عن قرب فقتلا ثلاثة آخرين، وجرحا عددا منهم بعضهم حالته خطيرة، وهكذا صُدم الكيان الصهيوني وقياداته العسكرية والسياسية بهذا الهجوم في وضح النهار، ورغم استنفار كل أجهزته بعد عملية يوم الإثنين التي استخدم فيها المقاتلون عبوة تزن قرابة 20 كيلوغراما من المتفجرات نسفت مصفحة النمر، وأعطبت غيرها…
معركة مخيم جنين، واقتحام مستوطنة عيلي في يومين متتالين تبرهنان على درجة عالية من الحرفية والشجاعة والتعلّم من أخطاء سابقة استفادت منها أجهزة العدو، وراكمت خبرات ستستخدمها في معرك قادمة رغم كل ما يملكه العدو من تقنيات، وأجهزة مراقبة ومتابعة وتجسس على الفلسطينيين.
اعترف العدو بأن الإصابات في قتلاه كلها في الرأس، وذلك يعني أنها نفذّت من مسافة صفر، وفيها رسائل للعدو ومستوطنيه الذين يبنون بيوتهم على حساب خراب بيوت الفلسطينيين وسرقة أرضهم.
إن كنس الاحتلال ممكن بالمقاومة المسلحة، فقد تم تضييع ثلاثة عقود منذ أوسلو في المفاوضات والرهانات على الوساطات، والرضى بالوعود الأمريكية، بينما الأرض تضيع، والزمن يضيع، والاحتلال يقتل ويصادر و يطبّع معه!
وصف العدو أحد الشهيدين اللذين نفذا الاقتحام الشجاع لمستوطنة عيلي بأنه جامعي..فهل هناك غرابة في أن يكون المقاوم جامعي؟! وأذاع بأن أحدهما سجين سابق!..فهل يلغي السجن الصهيوني انتماء المقاوم وصلابته، ويخرجه وقد تخلّى عن قضيته؟!
هذه المعارك ليست ردود فعل، ولكنها فعل يتراكم على طريق تحرير فلسطين، كل فلسطين من نهرها لبحرها، ومن سيواصلون هم مؤمنون بهذا الخيار للتحرير، فلا حلول وسط في الصراع مع هذا العدو، ولا استسلام له ولأمريكا من خلفه، ولكن مقاومة حتى النصر والتحرير.
رحم الله الشهداء الأبطال، وعلى طريقهم سيمضي مئات وألوف، فهذا طريق تحرير فلسطين ولا طريق سواه.
*الميادين نت24حزيرن2023
________
تابعونا على:
- على موقعنا:
- توتير:
- فيس بوك:
- ملاحظة من “كنعان”:
“كنعان” غير مسؤولة عن الآراء الواردة في المقالات، بل هي تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو محرري نشرة “كنعان” الإلكترونية أو تبنيهم لهذه الآراء والمواقف.
ومن أجل تنوير الناس، وكي يقرر القارئ بنفسه رأيه في الأحداث، ونساهم في بناء وعيً شعبي وجمعي، نحرص على اطلاع القراء على وجهات النظر المختلفة حيال التطورات في العالم. ومن هنا، نحرص على نشر المواد حتى تلك التي تأتي من معسكر الأعداء والثورة المضادة، بما فيها العدو الصهيوني والإمبريالي، وتلك المترجمة من اللغات الأجنبية، دون أن يعبر ذلك بالضرورة عن رأي أو موقف “كنعان”.
- عند الاقتباس أو إعادة النشر، يرجى الاشارة الى نشرة “كنعان” الإلكترونية.
- يرجى ارسال كافة المراسلات والمقالات الى عنوان نشرة “كنعان” الإلكترونية: mail@kanaanonline.org