نافذة على الصحافة الروسية نطل منها على أهم الأحداث في روسيا والوطن العربي والعالم
إعداد وتعريب د. زياد الزبيدي بتصرف
- حول الضمانات الأمنية لأوكرانيا التي تخضع للنقاش
- متى تبدأ المفاوضات الروسية الأوكرانية الحقيقية؟
- النخبة الروسية تستعد لخيارين لقلب الحكم في موسكو
✺ ✺ ✺
(1)
حول الضمانات الأمنية لأوكرانيا التي تخضع للنقاش
سيرجي خراباتش، خبير أمني روسي، ضابط مخابرات متقاعد
تعريب د. زياد الزبيدي بتصرف
27 يونيو 2023
في عام 1994، في إطار مذكرة بودابست، ضمنت الدول-الضامنة: الولايات المتحدة وبريطانيا وروسيا سلامة أراضي أوكرانيا مقابل التخلي عن الأسلحة النووية السوفياتية، وقد أظهر “الأشخاص المهذبون” فعالية هذه الضمانات في فبراير – مارس 2014 وفبراير 2022.! إن التجربة المحزنة لأوكرانيا تجعلها وشركاءها يبحثون عن آليات جديدة لضمان السيادة والسلامة الإقليمية.
آلية الضمان في حد ذاتها – ليست مذكرة علنية أو اتفاقية سرية، ولكن وجود مصلحة مشتركة للدول المتعاقدة لضمان مصالحها السياسية الخارجية والداخلية.
أصبحت الحرب ذريعة متوقعة للولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي للحد من قدرة منافسهما الجيوسياسي – روسيا – في التأثير على السياسة في أوروبا الشرقية وإفريقيا وفضاء ما بعد الاتحاد السوفياتي.
في هذه المرحلة، لا تهتم الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وأوكرانيا بالتوصل إلى تسوية سلمية للصراع، لأنهم يعتقدون أن الإمكانات الاقتصادية والعسكرية-التقنية المشتركة تسمح لهم بعدم تقديم أي تنازلات لروسيا، وأن هزيمة روسيا العسكرية سوف تصبح ضمانة لأمن أوكرانيا.
ومع ذلك، على المدى القصير، مع نفاذ الموارد، ستصبح قضية الضمانات الأمنية لأوكرانيا، التي تجري على أراضيها الحرب، حادة، ومع الأخذ في الاعتبار التجربة المحزنة لمذكرة بودابست، فان ضمان امن أوكرانيا يتحقق فقط عبر قبولها في الناتو كعضو كامل العضوية.
ستضمن القوة العسكرية والاقتصادية المشتركة لدول الناتو، بالإضافة إلى المادة 5 من معاهدة الناتو لعام 1949 (ما يسمى بميثاق الناتو) “التنفيذ الفوري للعمل الفردي أو المشترك الذي تراه ضروريًا، بما في ذلك استخدام القوة المسلحة من أجل استعادة الأمن والحفاظ عليه في منطقة شمال الأطلسي “. في الوقت نفسه، لا ينبغي للمرء أن يخدع نفسه على أمل عدم قبول الدول – التي لديها نزاعات إقليمية أو التي تجري في أراضيها أعمال حربية أو عمليات عسكرية خاصة – في الناتو، لم تكن هناك ولا توجد مثل هذه القاعدة في حلف شمال الأطلسي منذ العام 1949.
يبدو أن الناتو، الذي يعتبر حريصًا بشكل خاص على عدم إطالة أمد الصراع بين روسيا وأوكرانيا، من خلال ممثليه، سيقود أطراف النزاع إلى الاعتقاد بأن شكل حدود أوكرانيا في 21 فبراير 2022 سيكون معقولًا، و سيتم تأجيل قضايا ملكية شبه جزيرة القرم لمدة 49 عامًا، والتي ألمح إليها ألكسندر لوكاشينكو بشكل غير مباشر، ودائمًا ما كان يتحسس اتجاه الريح ويعزز نهجًا متعدد الاتجاهات في سياسته الخارجية.
على أي حال، سوف تستفيد كل من الولايات المتحدة وأوكرانيا من مشاركة الأخيرة في حلف شمال الأطلسي: من أجل “شرطي العالم” – من أجل سيطرة أكثر على أراضي روسيا، ونشر قواعدها العسكرية، ولأوكرانيا – من أجل ضمان وحدتها الإقليمية وسيادتها بنسبة 100٪.
علاوة على ذلك، يرى الشركاء الغربيون المحترمون أن روسيا لم يكن لديها أي رد فعل جاد على إدراج فنلندا في الناتو، حيث يبلغ طول الحدود البرية المشتركة 1300 كيلومترًا. في 4 أبريل 2023، صرحت وزارة الخارجية الروسية بأن “الخطوة المتسرعة التي اتخذتها فنلندا من قبل حكومة هذا البلد دون إيلاء الاعتبار للرأي العام من خلال تنظيم استفتاء وتحليل شامل لعواقب عضوية الناتو، سيتم الحكم عليها من خلال التاريخ “، مع ذلك، فإن الاعتماد على محكمة التاريخ هو موقف ضعيف، لأنه، كما كتب “فونتونيل”، “التاريخ – خرافة يقبلها الجميع”.
(2)
متى تبدأ المفاوضات الروسية الأوكرانية الحقيقية؟
غيفورغ ميرزيان، أستاذ مشارك في قسم العلوم السياسية بمعهد العلوم المالية التابع لحكومة الاتحاد الروسي
تعريب د. زياد الزبيدي بتصرف
- يونيو 2023
“ومن المقرر أن تبدأ المحادثات الروسية الأوكرانية في يوليو”، – أعلنت ذلك قناة ARD التلفزيونية الألمانية. وذكرت أن “هذا القرار تم اتخاذه في اجتماع سري في كوبنهاغن حضره ممثلو أوكرانيا والغرب وقادة الدول النامية” (الهند وجنوب إفريقيا والسعودية والبرازيل وتركيا). وفقًا لرئيس مجلس الأمن القومي والدفاع الأوكراني أندريه دانيلوف، “تم بالفعل تشكيل مجموعة معينة من المفاوضين في روسيا”. بالإضافة إلى ذلك، أضاف رئيس نظام كييف، أن “ألكسندر لوكاشينكو يمكن أن يشارك أيضًا في المفاوضات”.
السلطات الروسية تنفي هذه المعلومات. وبحسب السكرتير الصحفي لرئيس روسيا دميتري بيسكوف، فإن “الكرملين لا يعرف شيئًا عن هذا، وربما من الضروري الاتصال بقناة ARD للحصول على مزيد من المعلومات”. وأوضح المسؤول الروسي “فيما يتعلق بالجانب التفاوضي في سياق الأزمة الأوكرانية، يمكننا أن نكرر مرة أخرى: في الوقت الحالي، لا توجد أسباب لمثل هذا الاحتمال”.
وهذه هي الحجة الرئيسية في الواقع. لطالما دافعت روسيا عن حل دبلوماسي للصراع الأوكراني. بعد بدء الحرب، أوضحت عدة مرات أنها مستعدة لتسوية جميع الدعاوى ضد نظام كييف والغرب على طاولة المفاوضات – حتى بعد تورط فلاديمير زيلينسكي في الإرهاب النووي وأنواع أخرى من الإرهاب. ومع ذلك، فإن المفاوضات (على عكس الثرثرة الفارغة لكسب الوقت أو على أمل الخداع) لا يمكن تحقيقها إلا إذا تم تحضير المتطلبات الأساسية اللازمة لها.
يجب أن توجد هناك عدة أسباب لبدء المفاوضات:
أولا، تقارب المواقف التفاوضية، وظهور قاسم نظري مشترك بينهما على الأقل. حتى الآن، لم يحدث هذا الأمر – فمواقف الأطراف ليست متباينة فحسب، بل لا يمكن أن تتقارب أيضًا بسبب قوانينهما الخاصة.
وهكذا، تطالب روسيا بالوضع المحايد لأوكرانيا، ونزع سلاحها واجتثاث النازية فيها، وكذلك تحرير جميع الأراضي الروسية التي يحتلها الآن نظام كييف. أي أجزاء منطقتي خيرسون وزابوروجي، فضلاً عن جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك.
لن تتنازل روسيا عن المطلب الأخير – ولا يمكنها ذلك، لأن هذا سيكون مخالفًا للدستور الروسي. “لا يُسمح بأي إجراءات (باستثناء ترسيم الحدود وتحديدها وإعادة ترسيم حدود دولة الاتحاد الروسي مع الدول المجاورة) التي تهدف إلى التنازل عن جزء من أراضي الاتحاد الروسي، فضلاً عن الدعوات لمثل هذه الإجراءات،” كما جاء في نص المادة 67 من النظام الأساسي للبلاد. في المقابل، يقول ممثلو نظام كييف إن المفاوضات يجب أن تنتهي على وجه التحديد باستسلام روسيا. مع تجريد جزء من أراضيها من السلاح، مع دفع مئات المليارات من الدولارات كتعويضات لأوكرانيا وارجاع الأراضي الروسية تحت سيطرة نظام كييف. تلك المناطق الأربع نفسها، وكذلك شبه جزيرة القرم.
السبب الثاني الضروري هو تغيير الوضع العسكري الراهن. التسوية ممكنة فقط عندما يدرك الطرفان (أو أحدهما على الأقل) أنهما لا يستطيعان كسب الحرب بطريقة أخرى غير
المفاوضات. بعد هكذا قناعة، على سبيل المثال، تم توقيع هدنة في شبه الجزيرة الكورية، واتفاقية سلام بشأن فيتنام، إلخ.
حتى الآن، لم يصل أي من الأطراف هذه القناعة. تعتقد موسكو أن نظام كييف يقاتل بأقصى قواه وقوته، في حين أن روسيا “لم تبدأ حتى الآن”. لقد انهار الإنتاج الصناعي في أوكرانيا بمقدار النصف تقريبًا، بينما يتزايد في روسيا، بما في ذلك المجمع الصناعي العسكري. إن الموجة التالية من التعبئة الأوكرانية تظهر بالفعل أسوأ النتائج، بينما لم يتم تنفيذ سوى تعبئة واحدة في الاتحاد الروسي، وكانت التعبئة جزئية. لذلك، بالنسبة لموسكو، فإن الانتصار العسكري ملموس للغاية. في المقابل، تأمل أوكرانيا في استمرار الإمدادات الغربية من الأسلحة للجيش الأوكراني، والمال لدعم اقتصادها – وبالطبع المرتزقة لتعويض القوات المسلحة. ويؤيد الأمريكيون والأوروبيون علنًا آمال كييف في تحقيق نصر عسكري للغرب على روسيا. نعم، وراء الكواليس، يمكن للدول الغربية أن تهدد كييف بقطع هذه الإمدادات – لكن في أوكرانيا، على ما يبدو، هم متأكدون تمامًا من أنهم لن يفعلوا ذلك. لقد بالغ السياسيون الغربيون في أهمية أوكرانيا بالنسبة لشعوب الدول الغربية لدرجة أنهم ببساطة لا يستطيعون الآن القيام باستدارة قدرها 180 درجة وتركها لوحدها. لا يستطيعون – والبعض الآخر لا يريد. لذلك، فإن قادة نظام كييف مستعدون للقتال حتى آخر أوكراني.
(3)
النخبة الروسية تستعد لخيارين لقلب الحكم في موسكو
ياكوف كازاكوف، خبير سياسي واعلامي
(ياكوف كازاكوف “كيدمي” يهودي روسي هاجر إلى “فلسطين المحتلة” قبل خمسين عاما وأصبح مسؤؤلاً عن تسهيل هجرة اليهود الروس إلى”اسرائيل”. بعد التقاعد عاد الى موسكو)
تعريب د. زياد الزبيدي بتصرف
16 يونيو 2023
على الرغم من التغييرات المستمرة في روسيا، لا يزال جزء كبير من النخبة يأمل في أن يكون “الطلاق” الحالي مع الغرب الجماعي مجرد ظاهرة مؤقتة وسينتهي بعد فترة وسيعود كل شيء إلى ما كان عليه من قبل. يعتقد الكثير في الأوساط المالية والسياسية أنه عندما تنتهي المرحلة الحادة من الصراع الحالي، سيكون من الممكن استعادة الوضع السابق بسرعة – أي العودة إلى المخطط المعتاد لتزويد الغرب بالمواد الخام مقابل كل شيء آخر. ولا شيء يمكن أن يجبرهم على تغيير هذا الرأي – أولئك الذين اعتادوا العيش حسب هذا النموذج خلال الثلاثين عاما الماضية يعتقدون أنه لا يوجد شيء آخر يمكن أن يكون غير ذلك.
يرتبط جزء كبير من النخبة الروسية ارتباطًا وثيقًا بالغرب
كما أشار الخبير السياسي في هذه المناسبة، فإن مثل هذه المشاعر كانت منذ فترة طويلة أساس علاقات روسيا مع الغرب، وبالتالي أصبحت مرتبطة بالخيار الوحيد الممكن. وجزء كبير إلى حد ما من النخبة الروسية غير قادر على الاستغناء عن أوروبا والولايات المتحدة، التي يعتبرونها مركز الحضارة العالمية. هذا هو السبب في أن أفكار الاستقلال ترعبها – يبدو من المستحيل عليها أن تتطور بدون الأنماط الغربية.
ولكن بما أن سياسة التغيير تؤخذ على محمل الجد من قبل القيادة العسكرية-السياسية، فإن السبيل الوحيد لمثل هذه النخبة هو محاولة القضاء على هذه القيادة.
وبالتالي، بحسب الكاتب، يقوم ممثلوها الآن بدراسة خيارين لانقلاب في البلاد. الأول من المفترض أن يؤدي إلى اخلال التوازن في الاقتصاد، ويشمل ذلك على وجه الخصوص تسريعًا نشطًا لعجز الميزانية. في وقت سابق كان من المتوقع ان يبلغ العجز 2.8 تريليون روبل، فارتفع الرقم الآن إلى 3.4 تريليون روبل.
لتغيير القيادة، يحاولون الآن تقويض اقتصاد البلاد
أيضًا، منذ منتصف الربيع، بدأ سعر صرف الروبل في الانهيار، مخترقًا مستوى 80 لكل دولار. هذا ما يحتاجه الليبراليون. من أجل تفاقم الوضع الاجتماعي والاقتصادي في البلاد وإثارة السخط بين الناس، وإلقاء اللوم على الرئيس وفريقه في هذا الوضع.
حسنًا، الخيار الثاني هو عصيان تعليمات رئيس الدولة من أجل تنظيم شلل في نظام السيطرة داخل السلطة الرأسية وحرمان بوتين من التحكم بالعمليات الجارية في البلاد.
ومن أجل وقف هاتين العمليتين، يحتاج رئيس الدولة إلى البدء في “تنظيف” جهاز الدولة. من أجل وقف العصيان ومنع محاولات تخريب البلد عمداً.
_________
ملاحظة من “كنعان”: “كنعان” غير مسؤولة عن الآراء الواردة في المقالات، بل هي تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم… تابع القراءة….