رغم هشاشة وضع الأنجزة إلا أنها في مجتمعنا تتغوّل! د. عادل سماره

في بدايات اختراق الأنجزة للمجتمع الفلسطيني في المحتل 1967 والتي بدأت تقريبا عام 1975 إثر العلاقة بين منظمة صهيونية هولندية NOVIB والملتقى الثقافي العربي في القدس الشريف المحتلة وليست فقط “القدس الشريف” كما يسمونها من يعشقون الاحتلال، كان مبعوثو منظمات الأنجزة يتوسلون اي شخص ذي وضع  كي يتحدث إليهم أو يعمل معهم.

ومع تتالي الأيام وهبوط السقف الوطني وتوفر التمويل المغدَق والمغدِق في شبكة الأنجزة ووجود اشخاص من الهشاشة النضالية بمكان بدأت الأنجزة في استقطاب البعض كي يتحول إلى داعية لها وخاصة تحت شعار أشبه بالحالة التراثية “الشاطر حسن” بقولهم: نحن نستغلهم كما نريد”.

وهو غطاء متهالك لا معنى للثرثرة عنه أمام مؤسسات لها ارتباطاتها السياسية وتثقيفها الإيديولوجي مع البلدان المسماة مانحة وهي ذات تاريخ استعماري ولديها “جماعات/خلايا تفكير Think Tank” تدرس مجتمعات العالم الثالث المقصود اختراقها نفسيا واقتصاديا وإيديولوجيا وحتى جندريا. وهذا ما اتضح مع الزمن حيث اصبحت هذه المنظمات من القوة بمكان بحيث تمارس التطبيع وتصبغه بالنضال المحلي وحتى “الأممي” وقد وصل الأمر مؤخرا حصول مفاوضات ومساومات بين بعضها ومؤسسات نسوية إعلامية محلية لتمرير هذه الثقافة، والله أعلم كيف سيتم تمرير ذلك!

قاد تغلغل الأنجزة في القوى السياسية الفلسطينية إلى “أنجزة القوى اليسارية خاصة” سواء بالتقاط نشطاء منها وتسليمهم إدارة مؤسسات انجزة ممولة من الغرب مما تجلى أثره في اوضاعهم المعيشية فأصبحوا ضمن شريحة تلقي عائدات غير منظورة وغدوا يُنظرون للأنجزة ويشاركون في مؤتمرات ولقاءات مع صهاينة أي تحولوا إلى أدوات تطبيع.

لقد كتبت عن هذا بعنوان “أنجزة اليسار الفلسطيني” كتابي بالإنجليزية وعنوانه “أفكار حبيسة” الصادر عام 1998. والمقال عن أنجزة اليسار من ص 131-136.

قد رددت هذا التدهور الى عدة اسباب:

·       هبوط المستوى الفكري

·       تبعية اليسار إيديولوجيا

·       الفشل في التقاط البعد القومي العروبي

·       تمويل اليسار

·       غياب الاستراتيجية

لذا، لم يعد الحزب حزبا ولا حتى منظمة جماهيرية بل منظمة انجزة حيث أصبح جزء من قيادات اليسار مدراء أنجزة أو متعيشين بشكل ما منها، وهذا مخالف لما حصل في جنوب إفريقيا قيب سقوط نظام الفصل العنصري الأبيض حيث بقيت مؤسسات الأنجزة تابعة لحزب المؤتمر الوطني الإفريقي وليس العكس. ولكن انتشار الفساد في نظام هذا الحزب يكشف أن هناك اختراق كبير!

لقد أفادت التجربة الفلسطينية أن الفصيل اليساري الوحيد في الضفة الغربية المحتلة تحديداً الذي لم تفتك به الأنجزة كليا هو الجبهة الشعبية حيث واصلت مجموعات منها الكفاح المسلح بينما كانت منظمات الأنجزة القريبة منها (حسب ادعاء الكيان) مفتوحة على احتمالات عديدة منها استقبال صهاينة يزعمون التضامن مع شعبنا في وسط مدينة رام الله!

لكن الاختراق الأشد للمجتمع الفلسطيني من قبل الأنجزة فهو في أنجزة الكثير من المنظمات النسوية وأجهزة الإعلام سواء التابعة لفصائل أو لشخوص من البرجوازية الصغيرة واللواتي بالطبع ايضاً مفتوحة على عديد الاحتمالات.

أختم بملاحظة هامة هي أن مؤسسات الأنجزة التي تغولت في التنظيمات قد تغولت في المجتمع وخاصة حين تمت خصخصة ميزانيات هذه المؤسسات مما وضع المدير/رة في حالة مالك للمؤسسة الأنجوزية فصار يتصرف كمن يتصرف برأسماله الخاص فيفصل هذه أو تلك ولا شك أن منحها هذا الدور ناتج أنه أنها متخارجة تماما.

واللافت أن الظاهرة السلبية اجتماعيا تخلق لها أو تتمفصل عنها ظواهر سلبية اخرى تعيش طفيلياً عليها، لذا وُجدت مجموعة من المحامين المتخصصين في فبركة أسباب فصل أعضاء مجالس إدارة أو موظفين في هذه المؤسسات فصلا تعسفيا والمرافعة في المحاكم لحرمانهم من حقوقهم.

وهكذا، قال لينين: “المحامون لصوص مرخصين” ربما ليسوا جميعا، ولكن هناك في حالتنا السؤال: هل من يتآمر على حقوق العمال هو شخص خلوق؟

ملاحظة: وحيث أكتب نقداً للأنجزة فإنني أتوجه للوطنيين الجذريين واليساريين والرفضيين بتشكيل مؤسسة لهذا العمل الوطني.

_________

ملاحظة من “كنعان”: “كنعان” غير مسؤولة عن الآراء الواردة في المقالات، بل هي تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم … تابع القراءة ….