عبرة صمود جنين (الحلقة 4): وحدة جبهات الثورة المضادة في الحرب والنهب والشذوذ … فماذا عن وحدة ساحات المحور! د. عادل سماره

منذ أكثر من ستة أشهر والكيان يتحدث عن إعادة اجتياح الضفة الغربية وكان رأيي ان الكيان سوف يقوم بحالات اجتياح محدودة، مدينة مدينة أو حي بعد آخر. وهكذا كان العدوان مجموعة فدائيين مكشوفة اسمائهم وموقعهم في نابلس القديمة حيث هدم عليهم البيوت. وهو ما حاوله في عدوانه على مخيم جنين.

 ورغم اقوال الضابط الصهيوني الذي قاد العدوان على مخيم جنين والذي نُشر يوم 8 تموز 2023 وزعمه أن قوات العدو لم تكن لديها معلومات كافية، لكن عدم التوغل كان ايضاً حذرا من تمترس المقاومين ونظراً لأن خسائر المتقدم أعلى من خسائر المتمترس.

والسؤال الآن اين يمكن تصنيف القتال في مخيم جنين؟ هل كان بؤرياً أم كان حرب الدفاع الذاتي المسلح؟ أم لا هذا ولا ذاك؟ أترك هذا لمن كانوا في الميدان إن كانوا سوف يتكلمون في اي مستوى وخاصة إن كان كما قال البعض بأن معظم المقاتلين انسحبوا قبيل وصول العدو وهذا يعني خبرة حقيقية سواء لتجنيب المواطنين عسف العدو أو كي لا يفقدوا ضحايا في معركة جبهية مع عدو مدجج سلاحا وتقنية ففي صراع كهذا لا معنى للحماسة وخاصة من الشيوخ. أما ثرثرة العدو بأن الفدائيين فروا، فهي تافهة بلا مواربة.

لكنني اعود إلى ما قبل عام حيث كان الاستعراض المسلح في شوارع نابلس وجنين أي كان نشاطا مكشوفا للمخبرين وللتصوير من قبل العدو. وهذا قاد إلى انكشاف الكثير من هؤلاء الشباب. وبغض النظر إن كان الاستعراض مجرد حماسة شبابية أو بموافقة قياداتهم، ففي الحالتين هذا قاد إلى تصيُّد العدو للكثير من هؤلاء الشباب دون خسائر بالمقابل لديه، وهذا عكس نظرية أن يقتل الغواري عشرة قبل أن يُستشهد.

إن العمل العلني هو نتاج تراث فوضوي متحمس أرساه لنا مناحيم بيجن منذ 1977 في فتح المجال للعلنية التي تكشف المناضلين.

وهذا يفتح على الأسلوب الآخر وهو العمل السري من جهة والعمليات الفردية من جهة ثانية سواء كانت من فرد أو إثنين إثنين من فصيل ما أو من اشخاص غير منظمين. وهنا يجدر الانتباه إلى تقاطع وتطابق حماسة الشباب الذي لا يؤمن بالعمل السري مع حماسة قدامى مناضلين يعيشون في الخارج، وهو تقاطع غريب وخاصة من القدماء.

كتب أحدهم ما يلي دفاعاً عن العلنية:

“وقد وصل بالبعض إلى القول بأن العودة إلى العمل السري المطارد أفضل من الحالة الجديدة، وقد نسوا نقاط الضعف والسلبيات في مرحلة العمل السري، حيث زمام المبادرة شبه مطلقة بيد جيش العدو والأجهزة الأمنية، علماً أن العمل السري استمر متكاملا مع المرحلة الجديدة.”

غريب، فالعمل السري المطارَد لم يعد سرياً اصلاً! نحن نتكلم عن عمل سرِّي لا يعرفه العدو وبالتالي لا يُطارده. أما إذا ما طورد فلم يعد سرياً وحينها تكون المبادرة بيد العدو. حين يُكشف شخص يلجأ إلى الاختفاء وهذا ليس العمل السري من حيث المبدأ.

وليس صحيحاً زعم الكاتب أن العمل السري استمر متكاملاً مع ما يسميه المرحلة الجديدة دون أن يحددها، بل كان وسيبقى العمل السري نقيضاً للعلنية.

ثم يضيف:

“…طبعا الذي يحسم الجدال هنا، كما هو الحال في كل جدال حول أشكال النضال، إنما هي النتائج العملية. فقد أثبتت التجربة أن الخروج بالسلاح علنا في مخيم جنين، وفي نابلس، كان مبادرة من قبل الشباب المقاوم، وذلك للانتقال إلى مرحلة أعلى في قواعد الاشتباك، وهو ما أكدت صحته حالة المقاومة في القدس والضفة الغربية، كما أكدت صحته معركة مخيم جنين الأخيرة.

يجب أن يسجل هنا بأن المقاومة في مخيم جنين، ورثت تقليدها السابق في الحرب التي خيضت في عام 2002، وقد تضافرت في المواجهة حركة الجهاد وحماس وكتائب الأقصى. فالوحدة القتالية في ميدان المعركة، كما تجلت في معركة مخيم جنين، شكلت عاملا مهما في الانتصار، كما شكلت نموذجا بأن أعظم الوحدات القتالية، أو الجماهيرية، في الساحة الفلسطينية، كانت تحدث في أتون المعركة ضد العدو.”

وهل كان مستحيلا على المناطق الثانية أن تشارك في النضال لولا الاستعراضات العلنية! وهل لم يكن هناك نضالا فلسطينيا منذ 1917!

وهذا للأسف يتطابق مع مزاعم أحد أنظمة الدين السياسي الذي يعتبر النضال الفلسطيني الحقيقي بدأ بعد توجهات إسلامية! هذا وكأن النضال الفلسطيني من 1917 وحتى 2022 كان من الكفرة!

 لا أدري كيف يرى الرجل أن الاستعراض العلني بالسلاح هو مرحلة وليس هفوة! وكان من نتيجته تصيد قرابة السبعين من الشباب مجاناً! وهل الاستعراض العلني هو الذي قاد إلى قواعد اشتباك أعلى؟ وحتى لو حصل، فالسؤال ألم يكن ذلك مكلفاً دون نتائج تذكر ضد العدو وخاصة في نابلس القديمة؟ أم أن الكاتب من مدرسة المزيد من الشهداء والمعتقلين ليُقال: هذا أكبر تنظيم!

 (انظر كيف يهاجم زعيم حزب العمال البريطاني السابق كوربن عسف الكيان ضد المدنيين بينما كثيرون منا يعتبرون دم المدنيين ذا أهمية متواضعة 

وفيما يخص الاشتباك كما أكد السيد جمال حويل فإن “المقاتلين من الجهاد وحماس وفتح والشعبية وفصائل أخرى” خاضوا معركة حقيقية، وهذا طبيعي طالما حصلت المواجهة.

ولعل المضحك أن الكاتب القديم ووسائل الإعلام:

·       ذكرت فدائيي الجهاد وحماس تزلفاً لإيران التي تقدم مشكورة المال مع انها تربحه من العراق والسلاح من سوريا، وانسجاما مع الطائفية والدين السياسي.

·       وذكرت فدائيي فتح تزلفاً للسلطة أو لفكهم عن السلطة

ولكن لم يذكروا فدائيي الشعبية! لولا جمال حويل الذي كان في الميدان بل حتى إن شهداء الشعبية لا يُذكرون ولا شهداء غيرها مما أسموها الفصائل الأخرى! يذكرني هذا بمتحمسي الطائفية الشيعية من الفلسطينيين والعرب الذين يعتبرون حزب العمامة وإيران هم الذين حموا سوريا وليس الجيش العربي السوري ولا دور روسيا! أو متحمسي السنَّة وتركيا الذين يتمترسون حتى اليوم وراء إرهاب الدين السياسي والاستشراق الإرهابي. ليس سهلاً البناء على هكذا تعدد وتخارج الولاءات! أو كما سخر أحد قياديي حركة الجهاد على الميادين من الجيوش العربية مراراً يوم 19 حزيران 2023! وقد اشرت إليه ثانيةً.

إن السؤال في حرب الغوار هو ما الصح:

·       اختيار الحرب الجبهية العلنية.

·       أم اضرب واهرب؟

إن اختيار الحرب الجبهية سواء من الفدائيين أو منهم ومعهم المواطنين هو من ضمن أسلوب “حرب الدفاع الذاتي المسلح” التي تُلحق ضحايا بين المدنيين بل أكثر الضحايا مدنيين، وهذا يجب تلافيه. وقد أوضحه مثال بوليفيا في صفحات سابقة.

فليس مفخرة مسيل الدم ابداً إلا إن كان لا بد من ذلك.

إن سلوك تحويل المخيم إلى قاعدة ثابتة ومكشوفة وهو ما يبرره الكاتب هو تقديم عناوين واضحة للعدو عبر قواعد لا تتوافق مع تكتيك حرب الغوار وكلفتها عالية لا سيما وأن الحرب مع هذا العدو مديدة.

إن الافتخار بجاهزية الشعب لتحمل الخسائر وموقف نظيف من الشعب وموقف استخفاف بالأرواح من قياديين قدامى كالكاتب وغيره لأن هدف الغواري في النهاية حماية الناس والوطن طبعاً.

والسؤال: ترى هل سيقوم العدو بعدوان آخر، بغض النظر عن الأسلوب:

·       الاغتيال الفردي

·       ضرب مجموعات في بيت او حي محدد

·       غزو حي أو مخيم

·       أو حتى اللجوء لضخ غازات لتدويخ الفدائيين والمواطنين في حي او حارة صغيرة ؟

وعليه، إذا كان الكاتب وغيره لم يأخذوا عبرة سوى الافتخار بالعمل العلني فهذا أمر خطير. لأنها حرب ضروس ممتدة. وهذا يحتِّم علينا أخذ الجغرافيا دائماً بالاعتبار وخاصة ما يتعلق بقاعدة للغواريين وشروط إقامتها، وهي شروط لا تنطبق على الأرض المحتلة إلا جزئياً كما اشرنا أعلاه في مسألة قواعد الغواريين. فضيق مساحة الأرض المحتلة 1967 هي لعنة جغرافية للعمل الفدائي وبنفس المعيار فإن ضيق مساحة فلسطين هي لعنة جغرافيا ضد الكيان في حالة حرب التحرير الشاملة بوحدة الساحات والجبهات.

أشرت سابقاً وأكرر هنا أن كل نضال له خصوصياته الزمنية والجغرافية والفكرية والعقائدية، ولكن هذا لا يعني:

·       أن لا يستفيد اي نموذج من الأخريات

·       أو أن لا يستفيد ويتعاون ثوريون مع بعضهم بغض النظر عن اختلاف العقيدة.

في هذا السياق، أوردت بعضاً من تجارب كوبا وأمريكا اللاتينية والصين دون القول بان يتم أخذ هذا حرفيا، وهنا أورد رابط قراءة لي عن حرب 2006 واستفادة حزب صاحب العمامة السوداء من التجربة الفيتنامية والتجربة الكورية الشمالية  في حفر الأنفاق.

https://kanaanonline.org/ar/2017/09/03/%d9%82%d8%b1%d8%a7%d8%a1%d8%a9-%d9%81%d9%8a-%d9%83%d8%aa%d8%a7%d8%a8-%d8%ad%d8%b1%d8%a8-2006-%d8%a8%d9%8a%d9%86-%d8%ad%d8%b2%d8%a8-%d8%a7%d9%84%d9%84%d9%87-%d9%88%d8%a5%d8%b3%d8%b1%d8%a7%d8%a6/

(أنظر ماثيو ص 29) عن.

 
North Koreans Assis…H.i.z.b.u.l.l.a.h  with Tunnel Construction” Terrorism Focus, vol, 3, issue 30 (1 August 2006) p1.

واضاف: “إن هذا النموذج الجديد ل.ح.ز.ب. .ا.ل.ل.ه … من نواح عدة نسخة عن المنهجية التي اتبعها الفيتناميون الشماليون والفيتكونغ”(ماثيو  ص 31 ) عن


 
Captin Daniel Helmer, “Not Quite Counterinsurgency: A Cautionary Tale for the USForces Based on Israel’s Operatio Change of Direction” Armor Ianuary-February 2007 , p, 8

_________

ملاحظة من “كنعان”: “كنعان” غير مسؤولة عن الآراء الواردة في المقالات، بل هي تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم … تابع القراءة ….