الحليف والصديق والسيد والتابع، د. عادل سماره

لربما هذا أكثر ما يجري تداوله بين العرب وخاصة الفلسطينيين. يجري تداوله بشكل مختلط كلما دخلتَ وتداخلتَ فيه أصابك الدوران وضعت أكثر وخرجت أقل توازنا مما دخلت.

نعم، انا د. عادل سماره، قلما أذكر وصفي العلمي لكن أحيانا يجب، ليس تكبراً ولكن لأن هناك عبيدا وجهلة يهابون الوصف العلمي والأكاديمي ولا يفهمون المعنى، فإخافتهم مهمة للأسف.

شاهدُ هذا الحديث ولولوة وتفجعات فلسطينيين وعرباً على بعض النقد الذي كتبته لُماماً عن الجمهورية الإيرانية. وبصراحة، رغم عمري في الثمانين وخبرتي لم أتوقع أن التبعية وصلت حالة بنيوية وحالة عمى عند كثير من المثقفين واشباه المثقفين وظلال المناضلين وتهتكات المرتدين…وطبعا المنشبكين.

وقبل أن أكتب حقائق عن الحليف الإيراني، ليس حليفي أنا، فانا مواطن عروبي وبعد ذلك فلسطيني فلا أنا فصيلا ولا حزبا ولا حاكما بل أنا يُطاردني كل أوغاد المرحلة وكل ذئابها. وأقولها بوضوح: اي تحالف بين مثقف ونظام فالمثقف تابع وأقل.

نعم أنا “صيد طراد مقدس لهؤلاء بتنوعاتهم” ولكن أيضا لست عدوا لإيران وطبعاً لست عبدا لأي شيء. كل ما في الأمر أنني:

لم اقبض

ولذا

لم أكذب.

ولكن، كيف تختلط الأمور؟

التطابق: إذا كان البشر فرادى لا يتطابقون، فكيف يمكن أن تتطابق مواقف الأنظمة والأحزاب والأمم؟ هذا مستحيل. وإذا حصل تطابق بين طرفين فهما ليسا حليفين بل إن أحدهما قد ركع للآخر وبالتعبير الإنساني الذي ينعت به إنساناً ارتبط أو تذيّل إنساناً آخر يُقال “نخَّ” وهي سمة حيوانية.

التحالف: يحصل التحالف بين قوى و/أو أنظمة بينها ما هو مشترك وما هو على خلاف، ويكون المشترك أعلى وأكبر وذو أولوية. لكنهما ليسا متطابقين حتى في المشترك لأنهما طرفين، كتلتين، كيانين.

وهذا يعني أن شرط التحالف الأساسي الذي يجب توفره في كلا الطرفين هو السيادة والاستقلال وخاصة الآخر المسمى في حالات معينة حليفاً. وعليه، إذا حصل ما يسمى تحالفاً بين طرف سيد ومستقل وآخر لا سيدا ولا مستقلاً، فهذا ليس تحالفاً، هذا تبعية.وهذا ينطبق على جميع/أغلب الأنظمة العربية فما بالك بالقوى!

ومن شاء أن يتفهم هذا الأمر عليه قراءة الواقع كوحدة واحدة وليس قراءة الواقع قطعة قطعة.

فالفلسطيني القطري أو الإقليمي لا يرى العالم إلا من خلال فلسطين، ويعمى عن رؤية ودور وسياسات حليفه مع قطر عربي آخر. ولذا، تراه يُسبح بحمد حليف، إن كان حليفا حقاً وليس سيدا عليه، ولا يحاول حتى فهم كيف يفكر حليفه إستراتيجياً.

ومن قصور هذا الفلسطيني أنه يصل حالة تراكم الحكمة Accumulation of Wisdom التوهم أن الحكمة متراكمة في راسه ومن يخالفه فهو عدوه هذا اشبه برؤية الصوفي بأن الله تجلى له وحده. ربما تجلى!

يمكننا مشابهة أو مقارنة التحالف بين سيادي وتابع أو من هو بلا سيادة في نظريات في التنمية وخاصة نظرية: “تمفصل أنماط الإنتاج” Articulation of Modes of Production تعني هذه النظرية أنه في المجتمع الواحد تعمل في اقتصاده معاً عدة أنماط إنتاج تتواصل وتترابط مع بعضها وتنفصل أو /وتتمفصل عن بعضها، ولكن يكون أحدها مهميناً ولذا تتمفصل وتنفصل وتتواصل الأنماط الأخرى معه. صحيح أنها لا تموت، ولكنها لا تسيطر بل يبقى النمط المهيمن هو الأقوى ويمتصها تدريجيا إلى أن تصل الأمور مرحلة ذوبانها أو اندماجها التابع في شروطه او شروط علاقاته الاجتماعية والتي قد تغيره هو نفسه إلى نمط جديد آخر.

التحالف تبادلي:

في علاقة حليفين سيدين، تكون هناك مصالح وعلاقات متبادلة خدمات ودعم مقابل خدمات ودعم.

وفي حالة قيام طرف بدعم آخر لا يقدم له بنفس الوزن والقيمة يكون الثاني تابعا لا شك.

هنا يعمل القانون الفيزيائي:” لكل فعل رد فعل مثله…”.

وهنا اسوق مسألة التمويل.

لقد كتبت منذ عقود (الصورة المرفقة لكراس 1993) نقدا لمنظمة التحرير في قبضها من أنظمة عربية لا قومية مما ادى إلى تحولها إلى أغنى حركة م.ق.ا.و.م.ة ووصلت ما وصلت، وواصلت نقد هذا. وهنا أسجل لكل من يقبض من اي مكان:

أنت تابع وهو سيدك مهما تم تغليف ذلك بأية إيديولوجيا او لحاف دين سياسي. وهو يستثمر في هذا بلا شك وهذا حقه، وأنت تكذب على نفسك حين تقول او هو يقول ان ذلك لوجه الله!!!

وذات يوم سيهجرك أو تهجره كما فعلتم مع ليبيا والعراق. ناهيك من مال النفط الذي يحرق الأحشاء.

ولنا حديث.

_________

ملاحظة من “كنعان”: “كنعان” غير مسؤولة عن الآراء الواردة في المقالات، بل هي تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم … تابع القراءة ….