- بوتين يواجه الاختيار بين ثورة من الأعلى والحرب الأهلية
- لا يَفُلّ الحديد إلّا الحديد
- اجتماع بوتين – فاغنر في الكرملين
- دعونا نستدعي اباءنا
✺ ✺ ✺
(1)
بوتين يواجه الاختيار بين ثورة من الأعلى والحرب الأهلية
ألكسندر دوغين، فيلسوف روسي معاصر
تعريب د. زياد الزبيدي بتصرف
17 يوليو 2023
لاحظوا عناد العدو المسعور. هذه هي السمة المميزة للأوكران. لكن الآن يبدو الأمر رهيبا أكثر. بدأوا قصف دونيتسك في عام 2014 ولا يتوقفون ليوم واحد. هاجموا أراضي المناطق الروسية القديمة – بيلغورود، كورسك، بريانسك – واستمروا. بدأوا في قتل الروس بهجمات إرهابية، وهم يفعلون ذلك مرارًا وتكرارًا. هاجموا محطات الطاقة الذرية، وهذا يتكرر مرارًا وتكرارًا. الشيء نفسه ينطبق على جسر القرم، طالما أن أوكرانيا يعيش فيها شعب مجنون ونظام مجنون، فمن الغباء وانعدام المسؤولية افتراض أن شيئًا ما في سلوكها سيتغير.
في رأيي، من الضروري التوقف عن التظاهر بالحياة السلمية في روسيا، وتأجيل الانتخابات (لقد انتخبنا بوتين بالفعل، ولكن بالتأكيد ليس لدينا أي شخص آخر) والانتقال إلى التعبئة الكاملة. التغييرات في الكوادر أمر لا مفر منه، وتأخيرها تصبح عملية انتحارية. نحن نتعامل مع عدو مجنون تمامًا وعدواني للغاية ولا يسيطر على تصرفاته. وخلفه الغرب. لا يوجد علاج لداء الكلب.
وبالطبع، يجب أن نشير مرارًا وتكرارًا إلى الأسباب. من الذي أعد ونفذ انهيار الاتحاد(السوفياتي)؟ من صفق له واستغله؟ كلهم مسؤولون عن الكارثة التي نعيش فيها بالفعل والتي، في الواقع، بدأت للتو. تشكلت النخبة الروسية الحالية في التسعينيات. وهي تتألف من مجرمين تاريخيين. الليبرالية – جريمة ضد روسيا. بدأ بوتين في تغيير هذا الوضع، ولكن على مدار 23 عامًا، بما في ذلك العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا، فر 5 من الليبراليين، وعوقب 0.000001٪ أو تم ترحيلهم قسرًا، و15 غيروا وجهات نظرهم إلى وطنية (بصدق أو بدافع الضرورة، ليس مهما) وبقية المتواطئين (الليبراليين) كل في مكانه. وهم الآن يعرقلون بكل قوتهم عملية انتقال البلاد إلى اقتصاد الحرب والقيام بإصلاحات وطنية والبعث الحضاري. غورباتشوف ويلتسين، اللذان لطالما لعنهما الشعب والتاريخ الروسي، فإن النخبة لا تفعل ذلك. البيريسترويكا والإصلاحات في التسعينيات، والتي تعتبر بالنسبة للشعب والتاريخ خيانة وكارثة، بما في ذلك جميع قادة الخطة الأولى في ذلك الوقت، للنخبة تعتبر “العصر الذهبي” و “بداية تاريخ النجاح الشخصي”.
نحن الآن في حالة حرب ضروس منذ عام 1991، مع غورباتشوف، مع يلتسين، مع أولئك المناهضين لروسيا، والذين تعززت مواقعهم بشكل أساسي في روسيا نفسها. لولا هؤلاء الروس المناهضين لروسيا، ما كان لهم أن يظهروا في أوكرانيا وغيرها من دول ما بعد الاتحاد السوفياتي، لما كان هناك فنانين مناهضين لروسيا مثل بوغاتشوفا وغالكين، ولما كان هناك مهاجر مناهض لروسيا سلخ فروة رأس سكان موسكو. من المستحيل هزيمة العواقب دون إزالة الأسباب التي أدت إلى الكارثة.
لكن أليس ما يحدث في روسيا “حرب أهلية كامنة”؟ من ناحية، الشعب والجيش اللذان يعتبران نفس الشيء بعد التعبئة. على الجانب الآخر توجد الأبراج الليبرالية العنيدة في معارضتها لخطوات أخرى في الاتجاه الوطني. وفقط بوتين شخصياً يمنع الموقف من التصعيد من مرحلة كامنة إلى مرحلة مفتوحة. أليس هذا ما كان عليه تمرد واغنر؟ لم يكن ممكنا إخماده إلا من قبل بوتين – صمام الأمان من الحرب الأهلية. إنه شرعي ليس فقط من جانب الشعب، ولكن أيضًا من جانب إرادة السماء، من جانب العناية الإلهية. لكن حتى الآن النخب ليبرالية لم تصنف أنها غير شرعية من أي جهة.
كانت بداية الحرب تشكل انعكاسا للمبدأ الأعلى في تاريخنا، حيث خلق الشعب الروسي في الأصل للمستقبل – للمعركة النهائية ضد المسيح الدجال.
ولكن هذه المعركة تبدأ الآن. بوتين، الذي يقود القتال، لا يمكنه التضحية بالشعب والجبهة. لا يريد التضحية بالنخبة. لكن من الناحية النظرية، يمكن إنشاء نخبة جديدة، بل وبسرعة، ولكن من المستحيل تكوين شعب جديد، على الرغم من أن الليبراليين في التسعينيات فكروا بجدية في هذا الأمر، وقاموا ببطء بإبادة وإفساد النخبة القديمة.
للحروب الأهلية منطقها الذي لا يرحم. ثورة من فوق يمكن أن تمنع ثورة من أسفل. علاوة على ذلك، يمكن أن تكون الثورة من الأعلى خلاقة، بينما الثورة من الأسفل ستدمر كل شيء تمامًا. لكن المتطلبات الأساسية لذلك يتم إيجادها على وجه التحديد من قبل القمة – ابتعادهم عن المجتمع، وسياسة الكومبرادور، والاستغلال، وغياب المسؤولية، وقصر النظر.
أصبح الوضع أكثر حدة: إما ثورة من فوق، أو حرب أهلية.
إن التصرف بحزم لا يعني القيام بضربة نووية على الفور. من الضروري تجربة تدابير أخرى، لم يتم تطبيقها بعد:
عزل عملاء العدو بسرعة من المناصب الرئيسية في الدولة،
إجراء تغييرات في كوادر الدولة،
بدء تعبئة كاملة للمجتمع،
التوقف عن القول “لقد تم خداعنا”، فقط عدم تكرار هذه الحجة، لأنه يمكن خداع المؤمنين فقط، لكن الإيمان بالغرب هو بالفعل مجرد جريمة
إلغاء حالة او جو السلام في البلاد
إعلان الحرب رسميا.
ماذا تعني حالة الطوارئ (إرنستفال)؟ هو الوقت الذي ينتهي فيه وقت السلم وقوانينه ويبدأ الوقت غير السلمي. هذا ينطبق على الجميع – ليس فقط لسكان المناطق الجديدة أو منطقة بيلغورود. في أوقات عدم السلم، تطبق قواعد الطوارئ: الخطر يهدد البلد، المجتمع كله، الدولة كلها، مما يعني أن كل الوسائل جيدة لصده.
وفقط إذا تبين أن كل هذا (ونحن لم نبدأ بعد) غير كافٍ، فعلينا أن ننتقل إلى التفكير في إمكانية مهاجمة العدو بمساعدة الأسلحة النووية.
يخشى نظام كييف من هذا بالضبط: أننا سنتوقف عن الأوهام ونبدأ في محاربته بالوسائل التقليدية. عندها يسقط هذا النظام. لذلك، يماطل الغرب بكل الطرق الممكنة من خلال عملائه – ومن هم الليبراليون الروس إن لم يكونوا عملاء للغرب؟ – لتأجيل بداية التعبئة الكاملة (في روسيا) في ظل ظروف حالة طوارئ واعية، ويحثنا على الفور (!) على التحول (أو بالأحرى، خوفا من العواقب وفي اللحظة الأخيرة، لم نفعل ذلك أبدًا) إلى نوع من سيناريو متطرف.
فقط في ظل ظروف حالة الطوارئ يتم تحديد من له السيادة الحقيقية. إنه صاحب السيادة الذي يعلن حالة الطوارئ ويتخذ القرارات وفقًا لشروطها، لا يعتمد كثيرًا على القانون، بل على الإرادة والعقل.
يولد القائد فقط في ظروف حالة الطوارئ. في الحالات الأخرى، يكون هذا قائدا نسبياً (احياناً يكون قائدا وأخرى كائنًا ينفذ الأوامر)، وحالة الطوارئ فقط هي التي تضع كل شيء في مكانه.
(2)
لا يَفُلّ الحديد إلّا الحديد
ألكسندر دوغين، فيلسوف روسي معاصر
تعريب د. زياد الزبيدي بتصرف
يوليو 2023
خواطر عن قناته في تيليغرام
1….
هذه المرة، لم يتم قبول نظام كييف في الناتو، وتم إرسال القنابل العنقودية إلى الروس. هناك قطب في الغرب يهدف بلا هوادة إلى التصعيد. لقد كتبت وناقشت هذا مرات عديدة على القناة الأولى مع “ديمتري سايمز” وعلى برنامج سولوفيوف لايف مع “رومان جولوفانوف”. من جانبنا، حتى وقت قريب، لعب فاغنر دور الصوت المتطرف في التيار الروسي الذي ينادي بضرورة تحقيق نصر سريع وحاسم في أوكرانيا والاستيلاء عليها بشكل كامل.
من الواضح أن “روح الحرب” (اغنية روسية حول الثوار وأبطال الحرب الأهلية قبل 100 عام-المترجم) ليست من نفس فئة الوزن مثل القنابل العنقودية أو فاغنر.
من المستحيل تعرية هذا الجانب من هيكلنا السيادي لمراكز اتخاذ القرار: فليكن هناك شيء وسط (نحن، كما يقولون، لسنا هم ولن ننزل إلى مستواهم أبدًا)، ولكن يجب أن يكون لدينا صقور حقيقيون – وليس بالكلمات بل الأفعال. أنا هنا أتوقف، لكنني لا أعني سلاحًا نوويًا، بل أعني الكثير من الأشياء الأخرى التي لم نستخدمها بعد. ثم تبين بعد ذلك أن بوتين هو الحكم السيادي على كل المراكز في خضم المعركة، – كلاهما داخل “تيار النصر”.
لم يتم قبولهم في الناتو – هذا فعل مهم، لديهم قطب معتدل. لكنهم ألقوا الذخائر العنقودية، هذا أيضًا فعل مهم. هنا أظهروا أنفسهم متطرفين من جانبهم. ويجب أن يكونوا متطرفين، صقور، أناس أكثر صرامة من أي شخص آخر. وأيضا قادرون على التحدث بلغة البزنيس – لمن تتبع باخموت؟
2….
أنت ترون وتسمعون إيماءات وكلمات ونغمات قائد الجيش الأوكراني “زالوجني” ورئيس الاستخبارات العسكرية “بودانوف” وغيرهما من النازيين الجدد بشكل عام. الكراهية بالنسبة لنا غير طبيعية – يجب قتل كل الروس، تمامًا، حتى آخر واحد، جميعهم – الأطفال، النساء، الرجال، المواليد الجدد، الأذكياء، الأغبياء، المشهورين، غير المعروفين – الجميع، الجميع.
حجتهم اليوم – هذا بسبب الحرب في أوكرانيا. لكن نفس الأشخاص طالبوا بنفس الشيء قبل الحرب وكانوا يدعون لقتل جميع الروس، الجميع. حينها أيضا كان هناك تبرير – هذا بسبب شبه جزيرة القرم ودونباس. لكن… حتى قبل شبه جزيرة القرم، عندما كان الثورة الملونة في كييف، تجمعت حشود شيطانية تصرخ هناك – اقتلوا الروس، جميعهم. ولوح النازي الأوكراني “سانيا بيلي” ببندقيته الرشاشة فوق رأسه – برشاشه، خطط لقتل كل الروس. في حينها ماذا كان السبب؟ بسبب كل شيء او اي شيء! أجاب الممسوسون وقفزوا – ببنادق آلية وبدونها. وحتى في وقت سابق كانت هناك الحركات النازية الجديدة وحول هذا الموضوع وقبل ذلك بعقود شوخيفيتش وبانديرا. وعندهم كان نفس الشعار: قتل كل الروس. هذه عقيدة بعض الأوكران. وقد تكاثر هذا الاتجاه. وبما أن أولئك الذين كانوا حريصين على قتل الروس قد قاموا بفعل قتل الروس بالفعل، فقد تكونت السوابق التي تبرر بأثر رجعي لماذا يجب قتلهم. هذه حلقة مغلقة، متكررة، مألوفة للأطباء النفسيين في سلوك عدد من المرضى المصابين بأمراض خطيرة. وهكذا زاد عدد الأشخاص المستعدين لقتل الروس. ونمى ليصبح بحجم بلد بأكمله. هذه جائحة، فيروس، مرض معد. الآن ظهر سبب، لكن الأهم أن العطش لقتل الروس ولد عندما لم يكن هناك سبب على الإطلاق. فيه شيء من وباء الكراهية لا أساس له. والشيء الأسوأ هو أن الغرب قد أصيب بهذا المرض النفسي المنتشر، والذي قرر استخدام المرضى العنيفين لأغراضهم الجيوسياسية. تم استخدام المرضى العنيفين بقسوة وألقوهم علينا. وبدأوا في قتل جميع الروس بالفعل بمساعدة صواريخ “هيمارس” وعربات “برادلي” ودبابات “ليوبارد”وقذائف” “جافلين” وكل شيء آخر. وعلى أعلى مستوى من التكنولوجيا.
يمكنك محاولة معالجة هؤلاء المرضى، ولكن عليك أولاً نزع سلاح المجانين وربطهم بالسرير. لا داعي للجدال حول ذلك.
3….
نعم، وقد حان الوقت للهجوم في كل مكان – خاصةً حيث لا ينتظروننا. وإلى هناك بالفعل حيث يختبئون في الخنادق. الآن هو الوقت المناسب. بعد فشله في قمة الناتو، سيكون العدو على استعداد لبدء التقاتل الداخلي. لقد حان الوقت لفتح جبهة جديدة في عقر دارهم. وسيكون من الجيد أن يفقد العدو بعضًا من أسوأ مجرمي الحرب. من شأن ذلك أن يرفع معنوياتنا.
انظروا: الداعمون للنازيين الأوكران من الغرب الجماعي، وخاصة “النشطاء”، الذين لديهم منازلهم الخاصة، حيث تستمتع عائلاتهم بحياة هادئة ومريحة، والتي، كما يعتقدون هم أنفسهم، ليست في خطر. هناك أماكن مألوفة يزورونها بانتظام. نحن وعائلاتنا مهددون بالموت في كل منعطف وفي كل مكان من العالم، لكنهم ليسوا كذلك. طائرات بدون طيار تهاجم مدننا وتصل إلى الكرملين. الأوكرانيون يموتون، والروس يموتون، وأولئك الذين بدأوا كل هذا واستمروا في صب الزيت على النار يعيشون في سعادة دائمة.
بعد كل شيء، من الواضح الآن من في الغرب أعطى الأوامر بشن هجمات إرهابية ضدنا. ألم يحن الوقت لهم ليشعروا بضربة انتقامية التي لا هوادة فيها على جلدهم الذي يذكرني بضبع يضع جلد كلب أنجلو ساكسوني….
4…..
لن تصبح روسيا دولة مستقلة فعلياً إلا إذا هزمنا الغرب في أوكرانيا. هذه هي ضمانة وجودنا. في الوقت نفسه، سيبقى الغرب، حتى بعد خسارته لأوكرانيا بالكامل، هو نفسه وسيحتفظ بقوته في العديد من النواحي – سيظل لديه العديد من الخيارات وحتى نقاط انطلاق للانتقام. بالنسبة إلى روسيا، كل شيء أكثر حدة. لذلك، نحن نكافح من أجل أن نكون، والغرب يقاتل من أجل المزيد والمزيد للحصول على ما لم يكن لديه من قبل.
هذا هو الفارق: من خلال خسارة أوكرانيا، سيكون الغرب قد خسر الأرباح. وهذا قد يكون الأمر مزعجًا، لكنه ليس قاتلًا. بالنسبة لنا، هذه مسألة حياة أو موت.
(3)
اجتماع بوتين – فاغنر في الكرملين
ألكسندر دوغين، فيلسوف روسي معاصر
تعريب د. زياد الزبيدي بتصرف
10 يوليو 2023
إن لقاء بوتين مع بريغوجين وقادة فاغنر، في واقع الأمر، يضع العديد من النقاط على الحروف في تاريخ هذا التمرد العسكري
1. كان من الصواب دعم بوتين في موقف حرج والوقوف إلى جانبه كالجبل.
2. كان من الصواب إدانة التمرد.
3. كان من الصواب أخذ مواقف بريغوجين على محمل الجد والإشارة إلى صحة عدد من مطالبه وأحكامه.
4. كان من الخطأ التسرع في تمزيق فاغنر إلى أشلاء، خاصة من قبل أولئك الذين دعموه قبل ذلك بقليل بكل قلوبهم.
5. كان من الصواب الرغبة في تعزيز الاتجاه الوطني.
6. كان من الخطأ الاستنتاج أن “السلطات طردت الوطنيين” ويجب أن ننهي ذلك.
7.من الصواب أن نكون دائمًا إلى جانب الشعب الروسي والدولة الروسية، في محاولة لحشد كل القوى معًا باسم النصر العظيم.
8. من الخطأ التحدث إلى بوتين بصيغة إنذار.
9. من الخطأ أن تكون ليبراليًا عندما تكون البلاد في حالة حرب مع حضارة ليبرالية معادية.
10. من الصواب الرغبة في مزيد من العدل والصدق والإخلاص في المجتمع والدولة.
11. من الصواب إدانة الخيانة عندما تكون هناك أسباب لذلك.
12. من الصواب التصفيق لرئيس بيلاروس لوكاشينكو وقوفا.
13. من الخطأ شرح كل شيء بسبب المال، وصراع العشائر والمؤامرات. كل هذا موجود، لكن مثل هذه التفسيرات تتحدث فقط عن تفاهة وعدم أهمية الشرح نفسه – فالقصة أعمق وأكثر تعقيدًا.
14. من الخطأ أن تكون مراقبًا سلبيًا في لحظة حرجة من حياة الناس.
15. من الصواب أن نشارك بنشاط في صنع مصيرنا المشترك.
16. من الصحيح أن نفهم أنه حتى لا نخطئ أكثر، من الضروري أحيانًا ارتكاب خطأ ما. الروس أيضا يخطئون.
17. كل شيء بدأ للتو من جديد.
(4)
دعونا نستدعي اباءنا
ألكسندر دوغين، فيلسوف روسي معاصر
تعريب د. زياد الزبيدي بتصرف
11 يوليو 2023
هناك شعور بأن الفجوة تزداد اتساعا أكثر من أي وقت مضى بين فهمنا للحرب وفهم الغرب الجماعي لها.
لقد تمردت روسيا على الغرب مثل طفل على والديه. في الواقع حتى النهاية، وعلى جميع مستويات السلطة، قيل إن روسيا جزء من الحضارة الغربية، وهي دولة أوروبية. وإذا كان الأمر كذلك، فهي إذن ابن الغرب، لأنه من الواضح أن الغرب فيما يتعلق بحضارته هو أقدم وأكثر مركزية وأكثر مسؤولية، أي أن الغرب هو الأب والوالدين. وبما أنه تم الاعتراف بهذه الأقدمية (وهذا يتبع من صيغة ان روسيا = دولة أوروبية بشكل مباشر)، فإن الغرب علم روسيا ما يجب فعله وما لا تفعله. نعم، كان الطفل ضخمًا ومخيفا، لكن من وجهة نظر الغرب، متوحش وغبي وربما مريض.
وهكذا قررت روسيا أن تتمرد. لكن هذا التمرد لا يزال طفوليًا إلى حد ما. على الرغم من كل الطبيعة الراديكالية للانفصال، موسكو لا-لا، وها هي تبدي نظرة خوف ورجاء في اتجاه الكبار! على الرغم من أنها تكرر القول “انتهى كل شيء، لقد خدعتموني، وأنا سأترك البيت…” لذلك يحاول صبي يبلغ من العمر خمس سنوات مغادرة المنزل، ولكن طوال الوقت ينظر حوله ليرى ما إذا كان والديه سيركضان خلفه. على أمل أن يركضوا وسيتم تسوية كل شيء بعدئذ.
ومن هنا جاءت الآمال الساذجة الموضوعة على الخطوط الحمراء، وصفقات القمح والأمونيا، لحقيقة أن أوكرانيا لن يتم قبولها في الناتو وأنهم سيبدؤون أخيرًا في التفاوض مع موسكو. مركز الفكر، الشخص الذي يدرك أو يفكر أو يتصرف على الرغم من الحرب لا يزال في مكان ما في الخارج، أو بالأحرى في الغرب. هناك التكنولوجيا، التقدم، المال، والقواعد… هناك مراكز صنع القرار. هذه القرارات تثير استياءنا، لكن كيف يمكن لطفل متمرد، وليبرالية طفولية حتى النخاع، أي النخبة المعتمدة على الغرب – كيف يمكنها الاعتماد على نفسها؟
ينظر الغرب بأبوية إلى سلوك الطفل الغاضب ولا يعرف ماذا يفعل به. ولكن بما أن كل الحدود في سياق الحضارة الغربية وقواعدها قد تم تجاوزها – ليس من قبل الغرب – ولكن من قبلنا، الذين قررنا تحدي العولمة وإثبات أننا بالفعل مستقلون تمامًا وكبار من أجل البدء في تقسيم الملكية، إذن، في نظر الغرب، ما يحدث الآن في أوكرانيا، هو عملية عقاب لنا لا أكثر ولا أقل.
هذا هو الوقت المناسب للاتصال بكبار السن الروس وبآبائنا. ليس الأطفال من الاتحاد الروسي، الذي تم إنشاؤه عام 1991 ولم يكتمل حتى النهاية، ولكن الآباء من روما الثالثة والإمبراطورية الروسية والاتحاد السوفياتي. ها هم، البالغون الروس، الذين لم يعتبروا روسيا أبدًا جزءًا من الغرب، وأدركوا بشكل طبيعي أنهم رعايا حضارة خاصة منفصلة عن الغرب – إمبراطورية أرثوذكسية أو سوفياتية. ويتصرفون وفقًا لذلك.
لكن هذا الوعي لا يعني فقط تغييرًا جذريًا في النظرة العالمية السائدة، ولكن أيضًا الاستبدال السريع للنخب. نحن في حالة حرب مع عدو بالغ. بالغ حضاريا، رغم أنه أطلق جيشًا من الزومبي علينا. هؤلاء المجانين هم مجرد “أفاتار” يتم التحكم فيها من قبل مشغلين أذكياء ورصينين. العملية العسكرية الخاصة ليست لعبة، لكنها حرب. والحرب هي عمل الكبار. ذهب الأولاد إلى الجبهة، والآن ليس لديهم أي احتمال آخر سوى أن يكبروا بسرعة، وليصبحوا أكبر سناً بشكل واضح. لقد مر بعض الناس بهذا بالفعل. ولكن على العموم، فإن الطفولة الموالية للغرب هي التي لم يمسها النظام. ومن هنا جاءت إخفاقاتنا وكذلك المسيرات وأعمال التمرد.
إن الوعي الذاتي لدى النخبة الحاكمة الحديثة في روسيا غير متناسب تمامًا وغير ملائم لمدى خطورة الوضع التاريخي. بعد كل شيء، كل من الفساد وازدهاره المرضي هما نتيجة – ليس فقط – الجشع، ولكن أيضًا لعدم المسؤولية الكاملة – فالطفل السيئ يتعامل مع الأشياء والطعام بلا حدود وبشكل تعسفي، ويدس في فمه كل ما يقع في متناول اليد.
لذلك لا يوجد سوى مخرج واحد: الاتصال بالآباء الروس والنضوج بسرعة. إذا أعلنا أنفسنا دولة- حضارة، فإما أن نبدأ في الامتثال لهذا الخيار (ولدينا خبرة تاريخية)، أو سيمزقوننا إلى أشلاء.
_________
ملاحظة من “كنعان”: “كنعان” غير مسؤولة عن الآراء الواردة في المقالات، بل هي تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم … تابع القراءة ….https://kanaanonline.org/2022/10/27/%d9%85%d9%84%d8%a7%d8%ad%d8%b8%d8%a9-%d9%85%d9%86-%d9%83%d9%86%d8%b9%d8%a7%d9%86-3/