نافذة على الصحافة الروسية: مقالات في استراتيجية الحرب، إعداد وتعريب د. زياد الزبيدي

  • لقد حان الوقت لبدء الحرب في أوكرانيا
  • روسيا – يجب تغيير الاستراتيجية وليس بائعات الهوى
  • المطلوب رد روسي حاسم
  • الاستيلاء على كييف – الحل الوحيد لمنع انضمام أوكرانيا إلى الناتو
  • قمة الناتو – استراتيجية جديدة ضد روسيا

✺ ✺ ✺

(1)

لقد حان الوقت لبدء الحرب في أوكرانيا

يفغيني ساتانوفسكي، دكتوراه في الاقتصاد، بروفيسور مستشرق، رئيس معهد الشرق الأوسط

تعريب د. زياد الزبيدي بتصرف

 17 يوليو 2023

ضربة أخرى على جسر القرم.  مات الناس مرة أخرى. مرة أخرى، يتحدث أحدهم هنا عن هراء عن “الخطوط الحمراء”، شخص ما يثرثر باكتئاب أن “كل الحروب تنتهي بعقد السلام”، وهؤلاء الناس لا يريدون الاعتقاد أن الحرب يمكن أن تنتهي بالنصر على العدو، وهم لا يمكنهم ذلك، ف”المفاوضات مع العدو مطلوبة”.  ليس مع كييف، ولكن مع واشنطن.  إذا لم يكن اليوم، فغدًا أو بعد غد، أو “عندما نحرك حدودنا إلى مسافة آمنة”. أتذكر أن ديمتري ميدفيديف، مع الطابع الوحشي المعتاد الذي يبديه منذ بداية الحرب، حتى أنه حدد بالضبط المسافة، التي يتخيلها بشكل متواضع جدًا، لكن بذوق وأهم من ذلك – بنبرة قاسية جدًا. لسبب ما، يعتبر هذا بشكل عام صحيحًا جدًا بالنسبة لنا: التعليق على ما يحدث بتعبير قاتم على الوجه، وقول “المواء” (أي اصدار صوت كالقط – المترجم) مرة أخرى بأكبر قدر ممكن من التهديد.

لسبب ما، فإن تدمير الجسور في كييف أو مرافق الموانئ على البحر الأسود في أوكرانيا يُطلق عليه مرارًا وتكرارًا “رد لائق وشجاع”.  يتساءل البعض – لماذا تدميرها، لأننا نحن أنفسنا سنضطر إلى إعادة بنائها، إذا كنا نتحدث حقًا عن اجتثاث النازية في أوكرانيا وعودة الأراضي الروسية التاريخية إلى روسيا، لذلك فالامر لا يستحق ذلك.؟!

 أي أن الأهداف منفصلة، والمهام منفصلة، لكن الوضع الحقيقي على الجبهات وحول خط المواجهة، الذي يخترق أحاسيسنا، منفصل.

حان الوقت لاستدعاء د. يولي غوسمان وهو طبيب نفسي بالإضافة إلى تقديمه برنامج تلفزيوني فكاهي شهير لاستخلاص المعلومات ووضع الأدمغة في مكانها في عدد من رؤوس  قادتنا : بدون شعور كبير من الفكاهة للنظر إلى الفوضى الحالية التي أصبحت مقززة لدرجة أنك قد تصاب بالجنون. 

لذا فإن السؤال الذي يطرح نفسه: متى سنبدأ في فعل ما هو ضروري عندما يكون ضروريًا، فيما يتعلق بأولئك الذين نتعامل معهم؟  أبداً؟!

ماذا قال بوتين عن حقيقة أننا “لم نبدأ القتال بعد”؟  إذن، ألم يحن الوقت للبدء؟  يجب تدمير طرق توريد الوقود والمعدات الثقيلة والذخيرة إلى أوكرانيا عن طريق البحر والبر، ولنبدأ بالقضاء على الطرق السريعة والسكك الحديدية التي تربط اوكرانيا بأوروبا ومطاراتها. ونتوقف عن ممارسة الفاحشة مع “المواء” بشأن موضوع التفاوض على أي شيء مع أي شخص في أوكرانيا، باستثناء موضوع واحد: تبادل الأسرى.

والمباشرة بسياسة القضاء على القيادة العسكرية والسياسية الأوكرانية بأكملها دون استثناء.

كييف – أما بالنسبة إلى كييف فقد حان الوقت أخيرًا لقصف سفارات الدول الموجودة هناك والتي تزود أوكرانيا بالسلاح والأفراد الذين يقاتلون ضد روسيا إلى جانب الجيش الأوكراني، بدءًا من الأمريكية والبريطانية والبولندية، موضحين ذلك بنفس الطريقة التي اتبعها الأمريكيون ذات مرة في تبرير قصف وتدمير السفارة الصينية في بلغراد: لقد كانت لدينا خرائط سوفياتية قديمة – لا توجد سفارات مدرجة عليها.؟!

 أما الجسور – فهي في واشنطن ولندن ونيويورك ولوس أنجلوس وباريس وبرلين وبروكسل ووارسو.  إذا كنتم تريدون إجابة رمزية، فلم لا، و”صحتين”.

 هناك كابلات وخطوط أنابيب بحرية تربط أمريكا وبريطانيا بأوروبا.  إنها أيضًا هدف جدير بالاهتمام ومشروع.  ويجب على كل من لا يرغب في القيام بذلك أو غير قادر على القيام بذلك أن يتوقف عن الاحتفاظ بالمنصب الذي يشغله ويذهب إلى زراعة الملفوف في مزرعته.  أو التقاعد وشرب الفودكا مع مازا جيدة.  أو الذهاب إلى الجحيم أينما كان هؤلاء الشياطين موجودين.

 وكل من هو غير جاهز في المناصب العليا التي يشغلونها أن يفعل كل ما في وسعه من أجل ذلك، وتطوير البلد، وعدم العمل كالملاعين من اجل الحفاظ على وضعها كمستعمرة ومحمية للغرب، بدءًا من قيادة البنك المركزي والكتلة المالية والاقتصادية في الحكومة، الذين اقترح ان يرافقوهم في هذه المسيرة المثيرة.

(2)

روسيا – يجب تغيير الاستراتيجية وليس بائعات الهوى

يلينا بانينا، سياسية روسية، عضو البرلمان الاتحادي، مديرة معهد الدراسات الاستراتيجية في السياسة والاقتصاد

تعريب د. زياد الزبيدي بتصرف

 17 يوليو 2023

تسببت ضربة أخرى على جسر القرم في رد فعل نمطي في المجتمع ودوائر الخبراء، والذي يتلخص في نصيحة بسيطة – “عليكم أن تكونوا أكثر صرامة”.  عليكم ان تقوموا بالرد بجدية أكبر، وأخذ زمام المبادرة بجرأة أكثر، والتوقف عن كونكم طيبي القلب ومترددين في حسم امركم، وكل شيء آخر من هذا القبيل.

 ▪️ إن رد الفعل النمطي للمجتمع، مقرونًا بردود الفعل النمطية لأفراد القيادة والإدارة، هو أكثر نقاط ضعفنا.  ردود أفعالنا محسوبة ويسهل التنبؤ بها.  يبدو أننا مثل سمكة يتم اصطيادها على سنارة ويتم توجيهنا كَطُعْمٍ للصيد.  في النخب والمجتمع والجيش، هذا يسبب انزعاج وذهول.  وهكذا، تحشر السلطة في ممر ضيق من الإجراءات المحتملة، وهذه هي الطريقة التي يتم بها نشر الأخبار الاستفزازية، عندما تكون جميع ردود الفعل متوقعة وحتمية.

 هناك شعور زائف بضعف روسيا، وهذا الضعف، من خلال جهود المحرضين، يرتبط بشكل متزايد بمجموعة ضيقة من الأشخاص في السلطة الذين يتخذون قرارات رئيسية بشأن الحرب.  يتم دفعهم إلى الفخ وتشويه سمعتهم، ولا يتركون لهم أي طريقة للهروب والخروج.  هذا يؤدي إلى انخفاض في شعبية السلطة الحاكمة.

ومع ذلك، فإن الحجة القائلة بأنه ليس لدينا ما يكفي من الموارد التقنية والبشرية والتعبوية لرد فعل أكثر صرامة هي حجة خاطئة.  نحن نفتقر إلى “تقوية مركز السياسة واتخاذ القرار”، وهذا هو السبب في صعوبة إظهار الصلابة والمبادرة لاستخدام قوتنا بشكل استباقي.  مجموعات النخبة المتصارعة عندنا تمسك أيدي بعضها البعض لمنع اتباع هذه السياسة أو تلك، والمركز مجبر على التردد، واختيار الحلول الوسط التي ترقى إلى مستوى أنصاف الحلول.

 في الرياضة، يتطلب نقل الجهد البنية الصحيحة لأجزاء الجسم، والتي تُفهم على أنها بنية عضلية هيكلية معينة تتدفق من خلالها القوة.  إذا لم يكن هناك هيكل، فإن القوة ستكسر جسم الرياضي.  في السياسة، يتطلب إظهار القوة بنية سياسية حيث تدعم الاجزاء بعضها البعض وتعزز بعضها البعض.  إذا لم يكن هناك مثل هذا الهيكل، فلا يمكن نقل الجهد وأزهار القوة.

تحتاج روسيا إلى إرادة سياسية صارمة

 ▪️ متوفر الآن في روسيا، ما يسمى ب “إجماع النخبة” يدمر في الواقع الهيكل السياسي، مما يجعل إظهار القوة مستحيلاً.  يتم تعويض الجهد بجهود مضادة، أو تبديده دون إعطاء نتيجة.  تحت ضغط الظروف، سيضطر المركز إلى التحول في هذا الاتجاه أو ذاك.  إذا لم يتم ذلك بشكل مسبق، فإن تراكم الضربات الضائعة سيؤدي إلى تدمير قدرة المركز على إدارة وتنسيق إجراءاته وردود أفعاله.

نحن لسنا بحاجة إلى مزيد من عناصر القوة التكنولوجية بقدر ما نحتاج إلى عنصر عقلي ونفسي وإرادي.  إذا واصلنا فقط الرد على الضربات، واستعمال قوتنا بمعيار  حساس، فقد نفقد كل شيء.  إن تزايد الدمار أمر خطير يسبب انهيار السيطرة.  هناك نكتة قديمة حول حقيقة أنه إذا كانت مؤسسة مشهورة (القصد بيت دعارة – المترجم) لا تعمل بشكل جيد، فإنهم يغيرون “ليس الْأَسِرِّةُ، ولكن الفتيات”.  يمكننا هنا ان نضيف: نحتاج إلى تغيير استراتيجية ونهج العمل.  تعتبر قرارات الأفراد ثانوية بالفعل وتسمح بتنفيذ الاستراتيجية أو تعيقها.

لن تكون روسيا قادرة على إبراز قوتها وأن تكون أكثر صرامة سواء في الخارج أو في الداخل، طالما أن مركزها غير متماسك ويمثل نوعًا من “الحكومة المؤقتة” مع أحزاب مختلفة.  تقلبات المركز من أجل وَهْمِ “إجماع النخب” عمليا تؤدي إلى استياء وسخط في المجتمع ونقص المبادرة في مسرح العمليات.  ائتلاف النخب يشل السياسة ويجعل احتمال التمرد مثل فاغنر ممكنا.

▪️ روسيا لم تنسحب من صفقة القمح، لكنها علقت مشاركتها فيها، وهي مستعدة للعودة إلى هناك في حال وجود تنازلات من الغرب وهو أمر مستحيل.  هذا هو إظهار الإجماع غير المستقر.  لا شك أن الغرب سيواصل الضغط في هذا الاتجاه، مما يعمق الانقسام الناشئ.  لقد وضعوا يدهم على الحلقة الضعيفة.

من المحتمل أن تحل انتهازية النخب مشاكلهم – لكن لفترة مؤقتة.  على المدى الطويل، لن يؤدي تراكم السلبية وتخفيف عواقبها إلى نتيجة.  إن اعتماد المركز في الغالب على الجناح الليبرالي – هو ممارسة خطيرة.  بدلاً من التوازن المستقر، سيظل عدم الاستقرار مستقرًا.  بعد كل شيء، اتضح أن جميع إجاباتنا معروفة مسبقًا.

(3)

المطلوب رد روسي حاسم

كونستانتين مالوفيف، ناشط سياسي واجتماعي وإعلامي، رجل اعمال وملياردير روسي، داعم قوي لحركة اوراسيا

تعريب د. زياد الزبيدي بتصرف

 14 يوليو 2023

بدأت سلسلة من الاتفاقات الكاذبة في عهد غورباتشوف.  حينها، لمجرد وعد شفهي بعدم اقتراب الناتو من حدود روسيا، سحبنا القوات السوفياتية من أوروبا الشرقية.  والآن ترابط مكانها دبابات تابعة لحلف الناتو.

ثم تمت دعوتنا إلى منظمة التجارة العالمية، مع وعد بسلع استهلاكية غربية بدون رسوم.  نتيجة لذلك، عانى حتى القلة الماكرة من الأوليغارشيين – ثم كانت العقوبات التي انتهكت مبادئ منظمة التجارة العالمية.

أسفرت اتفاقيات مينسك عن خسارة ماريوبول وسيفيرودونيتسك اللتين كانتا محررتين تقريبًا (عام 2014)، والتي كان لا بد من تحريرها ثانية بعد سنوات (عام 2022) على حساب الكثير من الدماء والدمار.  لمدة ثماني سنوات، كانت القوات المدافعة عن دونباس أهدافًا في “ميدان الرماية” الأوكراني، حيث تم حظر إطلاق النار على مواقع الجيش الأوكراني كرد على اعتداءاته.  أثتاء ذلك، قام الناتو بتسليح وتدريب النازيين الأوكرانيين الجدد وانهى ذلك بحلول عام 2022.

بينما كان مقاتلونا يموتون على خط المواجهة، وقعنا اتفاقيات اسطنبول وسحبنا قواتنا من كييف وسومي وتشرنيغوف وخاركوف. اما أوكرانيا، ورداً على ذلك، بدأت في قصف مناطقنا المدنية بقذائف الناتو.

منذ أيام سمعنا عن الاجتماع المعروف بين أردوغان وزيلينسكي، وإعادة القادة الأسرى من كتيبة ازوف النازية وعن المطالب بتمديد صفقة القمح، والتي في حال رفضنا، فإن القوات البحرية التركية مستعدة لدعمها.

 الا يكفي هذا؟  وما أهمية صفقة القمح؟

 نحن في حالة حرب مع الغرب الجماعي.  هذا الاتفاقية تعمل حصريًا لمصلحته، ولا تساعد أفقر الدول بأي شكل من الأشكال كما أشارت حتى احصائيات الأمم المتحدة.

 ليكن قرار روسيا الحاسم: لا صفقات حتى توقيع معاهدة سلام تتضمن استسلام كييف في السطر منها.

(4)

الاستيلاء على كييف – الحل الوحيد لمنع انضمام أوكرانيا إلى الناتو

ديمتري سيفريوكوف، كاتب صحفي روسي، مؤلف قناة على تيليغرام

تعريب د. زياد الزبيدي بتصرف

11 يوليو 2023

مهما كلف الثمن سيربط الغرب أوكرانيا بحلف الناتو، ثم يسحبها إلى كتلة شمال الأطلسي.  يمكن الحكم على ذلك دون انتظار نتائج قمة الناتو في فيلنيوس وحتى بالإضافة إلى كل قراراتها وخطواتها الحذرة والمتسقة المتوقعة.  مع الأخذ في الاعتبار حقيقة أن التحالف الغربي قد دافع بنشاط عن أوكرانيا، وأن التحالف الغربي، دون أسف على الدعم العسكري، يزيد من إمدادات الأسلحة إلى كييف، فإن أوكرانيا تضع بالفعل قدما في الحلف المعادي لروسيا، و قدما أخرى في الاتحاد الأوروبي.

 ومع ذلك، يعلن القادة الروس بلا كلل أن أهداف الحرب ستتحقق بالتأكيد، وأن عناد العدو وداعميه يؤخر فقط الخاتمة، والتي ستكون بالتأكيد لصالح الاتحاد الروسي.  بطبيعة الحال، فإن القيادة العسكرية – السياسية لروسيا تقيم الموقف بشكل  موضوعي وهي تدرك جيدًا النتيجة التي لا يزال من الممكن الاعتماد عليها، وعلى أمل تجنب الصعاب والمشاكل مرة أخرى.

 قال رئيس الاتحاد الروسي بنفسه مؤخرًا: “ليس عبثا أن موجة جديدة واسعة من التعبئة الجزئية ليست مطلوبة، لأنه لا توجد خطط للذهاب إلى كييف مرة أخرى اليوم”.  من ناحية أخرى، بدون الاستيلاء على كييف، لا يوجد حل كامل للقضية الأوكرانية، تمامًا كما لا يتم تحقيق أهداف اجتثاث النازية ونزع السلاح وإلغاء المشروع المناهض لروسيا في أوكرانيا.

على الرغم من أن روسيا تقاوم العقوبات وتزيد من إنتاج الصواريخ والدبابات، إلا أن الاستراتيجية الهجومية تغيرت في الواقع إلى استراتيجية دفاعية، مصحوبة بإشارات حول إبقاء الباب مفتوحا لمفاوضات السلام.  من الواضح أن شروط السلام الروسية تبدو غير مقبولة بالنسبة لأوكرانيا، لكن ليس لأن مقر القيادة في واشنطن لا يأمر بالتفاوض الآن وبدون أي شروط مسبقة، ولكن لأن المواجهة المسلحة الدامية التي طال أمدها قد زادت من تصلب كلا الجانبين إلى درجة الاستحالة الكاملة لأي قرارات جزئية وهدنات.  التصلب يحدث ليس فقط في روسيا، ولكن أيضًا في معسكر العدو، الذي يرص صفوفه بشكل وثيق مع كل صاروخ يضرب بنيته التحتية ويزيد من تصميمه مع تزايد خسائره.

 ولكن بالطريقة نفسها، فإن الصيغة الأوكرانية للسلام ليست مناسبة ابدا للسلطات الروسية، لأن الأمور سارت أبعد من اللازم للتراجع من جانب واحد وإلغاء جميع الجهود التي بذلت في وقت سابق.

 يدرك العديد من الأفارقة والصينيين والإندونيسيين والأتراك والفاتيكان وغيرهم من دعاة السلام أنه لا يمكنهم فعل الكثير، لكنهم يواصلون تقديم مشاريعهم لوقف الصراع، على أمل، إن لم يكن غدًا، فإنه بعد غد، سيستسلم أحد الأطراف، وسيؤدي ذلك إلى تهيئة بعض الشروط على الأقل لبدء الحديث.  في غضون ذلك، أصبحت الجبهة الروسية- الأوكرانية اليوم – أشبه بفيروس الكورونا في ذروة الوباء، عندما لم يعرف أحد أين ستميل الكفة الشهر المقبل وكيف ستنتهي المعركة ضد الوباء. من الواضح أن سباق التسلح وحشد الإمكانات الاقتصادية يجري على قدم وساق، والمنجل لا يحرك الحجر، والحجر لا يسمح للمنجل بالحركة.  تعثرت الطبيعة الراديكالية للأهداف والغايات الروسية في هذه المواجهة على العناد والتعنت من الجانب الآخر، والعزاء الوحيد هو أنهم في موسكو وكييف وواشنطن وبروكسل يفكرون في الأحداث الساخنة الجارية من خلال منظور المستقبل، الذي يعتمد عليه الجميع بدون استثناء، ولن يضغط أحد على الأزرار الحمراء ل”يوم القيامة”.

 إن الموقف العام من عدم مقبولية نهاية العالم هو بداية موحدة ورابط قوي – والتي ستفتح في النهاية خيارات شتى للتغلب على المأزق.  تظهر الخطوط العريضة لهذا الخروج بالفعل من اليوم وتستند إلى حقيقة أن النظام الروسي سيكون لديه ممر صعب آخر بين خيارين احلاهما مر، لأنه سيتعين عليه تحقيق الأهداف المعلنة وفي نفس الوقت التعايش مع ذهاب أوكرانيا إلى الغرب بشكل نهائي. وكما تظهر تجربة التغلب على الأزمة مع تمرد بريغوجين الأخير، فإن السلطات الروسية قادرة على مثل هذه المناورة، على الرغم من أن ساعة المناورة لم تحن بعد.

(5)

قمة الناتو – استراتيجية جديدة ضد روسيا

فلاديسلاف شوريغين، ضابط سوفيتي سابق، كاتب، مراسل حربي

تعريب د. زياد الزبيدي بتصرف

يوليو 2023

العقدة الرئيسية في قمة الناتو هي كيف يتجنب المجتمعون مناقشة فشل هجوم الناتو الكبير المضاد في أوكرانيا، والذي حاولوا تنفيذه من قبل الجيش الأوكراني؟

 في الواقع، كانت هذه القمة بأكملها تستعد للاحتفال بالنصر، حيث كان من المفترض أن يتجلى التفوق غير المشروط لاستراتيجية الناتو العسكرية والمدرسة العسكرية الغربية والأسلحة الغربية على الآلة العسكرية الروسية.  أعد هذا الهجوم أفضل العقول العسكرية للناتو والولايات المتحدة، بمشاركة مراكز التحليل والحاسوب في البنتاغون وحلف الناتو. في غضون ستة أشهر، تم “ضخ” الجيش الأوكراني إلى مستوى أقوى جيش في أوروبا، حيث تلقى أكثر من 350 دبابة و400 مدفع و 1200 عربة مدرعة وعربات قتال مشاة وناقلات جنود مدرعة و 60 طائرة وطائرة هليكوبتر وأكثر من 2 مليون قذيفة.  لكن بدلاً من “الهجوم” لتحقيق النصر، حدثت “خيانة” كاملة!  الهجوم فشل.  لمدة 37 يومًا، لم يتمكن الجيش الأوكراني حتى من التغلب على خط دفاعنا الأول. انه إنهيار كامل للجيش الأوكراني!  والآن من المهم للغاية بالنسبة للأمريكيين أن يغيروا جدول أعمال القمة إلى قمة تسمح لهم بالتوصل إلى أي شيء تفوح منه رائحة نجاح.  كانت أول علامة على مثل هذا التغيير في جدول الأعمال هي الأخبار التي تفيد بأن تركيا مستعدة لدعم انضمام السويد إلى الناتو!  بنغو !!!  اليوم الأول لقمة الناتو تم انهاؤه بنصر باهت! ولم يتذكر أحد أن البرلمان التركي سيتخذ مثل هذا القرار فقط في الخريف…ستكون هناك أسباب أخرى أيضًا – وعود جميلة أمام أنف خنزير كييف الذي ينزف!.

 ولكن وراء كواليس القمة، هناك عمل محموم لتطوير استراتيجية جديدة لحلف الناتو في أوكرانيا.  من الواضح أن رهان الغرب على هزيمة روسيا عسكريا وبشكل حاسم قد فشل.  تتزايد القوة العسكرية لروسيا، ويزداد تعداد الجيش، وتصل الصناعة العسكرية إلى أقصى سرعتها.  في ظل هذه الظروف، فإن الأمل في هزيمة سريعة لروسيا أمر غبي بكل بساطة.  ومن الواضح أن الناتو يستعد لتوديع آمال “الحرب الخاطفة” وقبول مفهوم تجسد في الحرب العالمية الأولى – “حرب الاستنزاف”، التي قادت ذات مرة الإمبراطورية الروسية إلى الأزمة العسكرية-الاقتصادية، ثم إلى أزمة سياسية وانتهت بانهيار الإمبراطورية الروسية.  الآن سيبدأ الغرب الجماعي في الاستعداد لسباق المسافات الطويلة.  يجب وضع خطط لبناء حشد هائل من جيوش الناتو، وبرامج أسلحة طويلة الأجل يجب أن تتجاوز الصناعة العسكرية الروسية، وتأمين مساعدة عسكرية ديناميكية مستمرة لأوكرانيا، والتي ينبغي أن توفر لها إمكانية طويلة وفعالة للدفاع.

 السؤال الوحيد هو أن الموارد البشرية لأوكرانيا لا تتوافق مع مفهوم الحرب “التي لا تتوقف” non stop war.  من الواضح أن الرجال الأوكرانيين لن يبقى منهم أحد في القريب العاجل.

_________

ملاحظة من “كنعان”: “كنعان” غير مسؤولة عن الآراء الواردة في المقالات، بل هي تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم … تابع القراءة ….