لا تمر لحظة إلا ونقرأ أو نسمع ذلك الهجوم المفجوع من كل الغرب الرأسمالي الإمبريالي ضد الصين. ولعل أخطر ما فيه أنه من أجل تنفير/تطفيش بلدان المحيط من النموذج الصيني سواء بالحديث عن الشيوعية (لمهووسي الدين السياسي) أو عن الديمقراطية للمخدوعين بديمقراطية الغرب…الخ.
او حتى انتقاء فشل معين في التبادل بين دولة والصين والتركيز عليه وتضخيمه على طريقة “هوليوود” من بين مآت التجارب الناجحة لإخافة شعوب وأنظمة المحيط من الصين.
لكن الوجع الغربي منبته غربي/راسمالي اصلا، وهذا لا يحتاج لخطاب لغوي أو ثرثرة في الديمقراطية والحريات…الخ بل يكشفه مبضع الاقتصاد السياسي.
فمنذ قرابة نصف قرن ذهبت أو مالت بل تركزت استثمارات المركز الغربي في ما تم اختصاره ب: Finance, Insurance and Real Estate FIRE أي التمويل، التامين، العقار بتبني السياسات الاقتصادية الاجتماعية المسماة النيولبرالية، والتي تورطت فيها بلدان عربية تحت اسم اقل فجاجة أي “سياسات السوق الاجتماعي”. وجوهر هذه السياسات وتلك هو الابتعاد عن الاستثمار في قطاعات الانتاج.
لذا ادت في الغرب الرأسمالي مختلف المضاربات في الموجودات المالية والعقارات الى تحقيق ارباح مالية عالية. لكن هذا يعني ان اي انهيار في قطاع البناء وفي اسواق الاسهم سيكشف، بل كشف الطابع المزيف/الهش لهذا التعافي حينما حصل الانهيار العقاري وخاصة 2007-8.
صحيح أن هذه الأموال تراكمت في الملاذات الآمنة لمالكي الشركات الكبرى والمصارف …الخ، لكن المهم أنها لم تعد متداولة في البلد وتحديداً لم يتم استثمارها في قطاعات الإنتاج، لذا يمكننا تسميتها “الأموال الكسولة”
ونظراً لحلم هذا الغرب بأنه يُدير الكوكب حسب مشيئته وسياساته، لم يخطر له، أو تجاهل، أو يزعم أنه لم يعرف، بأن هناك آخرين يعملون اقتصاديا بشكل مغاير.
فالصين هي البلد الرئيسي الذي:
1- ركز على الإنتاج فأصبح المنتج الرئيس على الصعيد العالمي
2- وضع بيد الدولة القرار الاقتصادي والمالي.
3- إنتزع 800 مليون مواطن من الفقر
4-فتح باب الاستثمار للخارج واشترط أخذ التكنولوجيا
5- سمح للقطاع الخاص بالعمل والإثراء إلى جانب قطاع الدولة
وحينما حصلت أزمة 2007-8 في المركز الرأسمالي والعالم توقع الغرب أن تُطال الصين بنفس النسبة، كما حصل عام 1929، لكن ذلك لم يحصل بل اصابت الصين بشكل طفيف.
لكن ما زاد اضطراب المواقف السياسية للغرب هو اضطراره لشراء منتجات الصين التي لم يعد ينتجها وإن حاول فبأسعار عالية لأن شروط الأجور عالية هناك ناهيك عن أن اي توجه استثمار اقتصادي يحتاج إلى إعادة توجيه العمل والتكنولوجيا للنشاط الجديد وهذا يحتاج للتعديل وقتاً. وتفاقمت أزمة الغرب، وتحديدا حاجته للصين إلى جانب عدائه للصين، إثر حدثين هامين عالمياً:
أزمة كورونا/كوفيد 19 و
حرب الدفاع الروسية ضد اوكرانيا
من هنا وقع الغرب في مأزق جوهره بما العمل؟: بعد أن فشل في احتواء تطور الصين: فذهب إلى كيف يقاتل الصين؟
هكذا عزيزي/تي القراء، فإن الخبر اليقين في سحر الاقتصاد السياسي. وإن أقنعك هذا، تذكر ما قالت العرب:
يُسائل عن جُهينة كلَّ ركبٍ…وعند جُهينة الخبر اليقينُ
_________
ملاحظة من “كنعان”: “كنعان” غير مسؤولة عن الآراء الواردة في المقالات، بل هي تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم … تابع القراءة ….https://kanaanonline.org/2022/10/27/%d9%85%d9%84%d8%a7%d8%ad%d8%b8%d8%a9-%d9%85%d9%86-%d9%83%d9%86%d8%b9%d8%a7%d9%86-3/