نشرة “كنعان”، 27 يوليو 2023

السنة الثالثة والعشرون – العدد 6598

في هذا العدد:

هل حانت عرقنة سوريا بانتزاعها من العمق العربي!  د. عادل سماره

شيخ و”عالم” وقاضي وخبير اقتصادي ويعرف عذاب القبر! عادل سماره
سيدنا المطران عطاالله حنّا الفلسطيني العربي المقاوم، رشاد أبوشاور

التعقيدات الانتخابية في المشهد السياسي الأميركي، د. منذر سليمان وجعفر الجعفري

✺ ✺ ✺

 هل حانت عرقنة سوريا بانتزاعها من العمق العربي!

 د. عادل سماره

منذ هزيمة 1967 دارت عجلة التطبيع عبر خروج أنظمة وقوى من الصراع العربي الصهيوني وهو في جوهره خروجها من المشروع العروبي وانضمامها إلى المحور الضد عروبي في الخليج سواء أُعلن ذلك أم لا.

وفي الحقيقة دارت معركة من طرف واحد هو طرف الهجوم على المشروع العروبي في غياب قوى حقيقية تواجه هذا المشروع وذلك إثر خروج كثير من القوى القومية والشيوعية عن المشروعين:

·       العروبي الوحدوي

·       والتقدمي أو الاشتراكي.

وكان التطبيق السياسي والإيديولوجي العلني لهذا المشروع المضاد هو عقد النظام المصري اتفاق كامب ديفيد مع الكيان الصهيوني بهندسة وإشراف ومصلحة الإمبريالية الأمريكية خاصة.

أما خطر هذا الدور الرسمي المصري فتجلى لاحقاً في إعادة هذا النظام إلى راس النظام الرسمي العربي بأمرين تقويضيين:

·       . لقد عاد النظام المصري هابطاً على المستوى المصري الداخلي اي انفتاحياً وتابعاً ويتحرك بموجب التوجيه الأمريكي حتى على مستوى قيادة الجيش المصري، وهذا أقتضى

·       إعادته إلى النظام الرسمي العربي الذي بهذه الإعادة مارس تمرير التطبيع وإن غلَّف ذلك بخطاب مختلف فكانت لاحقاُ ولادة “المبادرة العربية” التي وقَّع عليها جميع الحكام العرب والتي تعترف صراحة بالكيان!

أما الثمار العملية لهذا المشروع فكانت الانتقال من إنتزاع القضية الفلسطينية من النظام الرسمي العربي وبعض الحزبي إلى محاولة تقويض المفهوم والمضمون والمشترك القومي العربي حيث تم ذلك باشتراك أنظمة عربية في عدوان معولم ضد العراق بعد استعادته المتسرعة والمخطئة توقيتا لا حقاً لمقاطعة الكويت.

صحيح أن حجم وفعالية الجيوش العربية التي شاركت العدوان   كان تافهاً كمواقف الأنظمة، لكن الخطورة في “مبدأ” الركوع التابع والعدواني من نظام عربي ضد دولة عربية.

كانت هذه الحرب والمشاركة الرسمية والعسكرية العربية فيها إعلان مشروع محو العراق كبلد عربي جرى استكماله بجريمتين:

·       الحصار الشامل ضد العراق لثلاثة عشرة سنة من جميع بلدان العالم من العرب والجوار وما وراء البحار

·       واحتلال العراق عام 2003 وتنصيب نظام أمريكي فيه وعلى يده اُقر التقسيم كما مارس الفساد وجذَر الطائفية ومالىء الاحتلالات.

إضافة إلى مشاركة انظمة عربية العدوان والحصار ضد العراق، تتسابق أنظمة الخليج وخاصة السعودي على تقوية ودعم “وشرعنة” الانفصاليين الكرد في شمال العراق.

طبقاً لهذه الصورة، ليس من باب التجني القول بأن عراق آشور وبابل والرشيد وعراق ما قبل 2003 لم يعد عراقاً.

عرقنة سوريا:

أعلم، وأستغرب من عربٍ لا يطيقون مجرد وضع كلمة عراق إلى جانب سوريا، وهؤلاء في الحقيقة لا يخدمون سوريا قط بل يُجذِّرون التفكيك العربي والعداء البَيْني.

هتف كثير من المثقفين العرب لتدمير وتجويع واحتلال العراق متذرعين برؤيتهم أو شحنهم ضد النظام لبعثي العراقي.

والغريب أنهم لا يربطون أو يقارنون اسباب تدمير العراق بأسباب اجتثاث سوريا. فسوريا على سبيل حتمية المقارنة: لم تقم بحرب على قطر عربي ولم تُتهم بأنها ترعى الإرهاب أو تمتلك النووي، ولكن الحروب عليها أتت حاملة خبرة الوحشية ضد العراق واضافت عليها.

ترى، ألا يفكر هؤلاء المثقفون في هذا؟ أم هم في الحقيقة طابور سادس ثقافي؟

ما جرى ويجري ضد سوريا هو حتى ابعد من “العرقنة”.

فالحرب المسلحة لم تتوقف حقا في سوريا بل الأعداء يحشدون وتدعمهم أمريكا سواء الكرصهاينة أو بعض العشائر التي يبدو أن “مشايخها” ما بين ضيق أفق سياسي أو ارتباط عمالة تاريخي لا يمكنهم فضَّه، أو الطائفيين بما هم كالعشائريين في جيناتهم التبعية للأجنبي.

وحرب الاقتصاد حيث اغتصاب مواقع الثروة السورية لتجويع الناس حتى الفناء.

وحرب الاقتلاع أي دفع أكبر عدد ممكن من الشعب للرحيل، وهذا لم يحصل ضد العراق بل ولم يحصل في التاريخ. صحيح أن عراقيين هاجروا ولكن ليس ضمن مشروع عدواني ممنهج سواء من تركيا أو الغرب.

وبالمناسبة، فإن الخليج الفارغ من الكثافة السكانية والمتخم بالثروة لم يستقبل اي لاجىء سوري، بل صدَّر لسوريا مآت آلاف الإرهابيين.

إن الاقتلاع السكاني/الديمغرافي هو:

·       تقويض القدرة الإنتاجية ومن ثم المعيشية للبلد

·       تحويل سوريا إلى فضاء فارغ يمكن لأي عدو اقتحامه

·       تقويض قدرة الدولة على بسط سيطرتها على الوطن مما يجعل الانفصال والتجزئة واقعا وحتى سهلاً.

·       ثم منع اللاجئين من العودة إلى بلدهم رغم تعرضهم للقمع والتمييز

مؤامرة عودة أو أعادة سوريا:

رغم أكثر من عقد من العدوان الرسمي من أنظمة عربية ضد سوريا وأنظمة إسلامية وإشراف غربي، إلا أن الإعلام المنشبك أي المأجور اثار ضجة هائلة عن عودة سوريا إلى الحضن العربي أو إعادتها. وبهذا فإن هذا الإعلام تجاهل أن في الحضن أفعى فهو لم يخدم سوريا بل شطف اسطبلات أوجياس التي راكمتها أنظمة عربية وإسلامية ودولية.

تمت المتاجرة بالسماح الأمريكي بدخول طائرات عربية تحمل أدوات الإسعاف وبعض الغذاء، ثم ما لبثت أمريكا أن هزت الحبل فأقعى هؤلاء جميعاً.

نعم لأن الانفتاح على سوريا في حده الأدني وجوب غسل الجريمة الارهابية التي مارسوها ضد سوريا وذلك بقتال الإرهابيين.

إن ما حصل بعد الزلزال هو “همروجة” إعلامية لا أكثر. قاتل الله ممولي ومدراء وحتى مذيعي هذه الفضائيات الذين كانوا في انتخابات العدو التركي يستحثون الموتى لانتخاب الأفعى أردوغان وقاتل الله كل نظام دعم أردوغان أو غير أردوغان سواء بالضخ المالي من ثلاثي الخليج السعودية والإمارات وقطر، وأنظمة قومية باسم الإسلام دعمت أردوغان وهو يحتل ارضا في سوريا وفي العراق وفي ليبيا ويحتل أدمغة ملايين العرب البسطاء حيث يتخيلون أن “الخليفة ” الطوراني سيُعيد مجد الرسول. 

باختصار لا العرب ولا المسلمين ترفعوا عن خدمة التركي ولكنهم تراجعوا عن خدمة سوريا، بل واصلوا حصار سوريا. فكل نظام لا ينفتح بقوة على سوريا هو مع الحصار. وحبذا لو يعرف كل هؤلاء إذا كانوا صادقين بأن الخسارة من عدوان أمريكي ضدهم إذا وقفوا حقاً مع سوريا هي أقل خسارة من صمتهم حتى تُذبح سوريا ثم يأتي دورهم هذا إذا كان لديهم تناقض حقيقي مع امريكا والغرب.

قد يقفز البعض من مقعده حين نقول بأن القذافي كان على حق حين قرر دفع مليار دولار لإنقاذ الرئيس صدام من الأسر، على الأقل لأن القذافي كان يعلم ما يُجهَّز له ولسوريا بما هما في تناقض مع الغرب العدو المتعدد. فليقفز هؤلاء من مقاعدهم وذلك أفضل لهم فإن تحتهم ما تحتهم.

هذه الأنظمة دفعت ترليونات لتخريب سوريا ولم ولن تتوقف.

تسعير الحرب ضد سوريا:

شهدت الأيام الماضية حشودات أمريكية تم اجتلابها من مواقعها الرئيسية في العراق وأُدخلت الأراضي السورية لدعم قسد والعشائر المعادية للدولة السورية. ومن جهتها غضت تركيا الطرف عن ذلك لأن تركيا وإن كانت تُعلن أنها تحتل أراضٍ سورية بسبب وجود قسد وحزب العمال الكردستاني خلفها وهو المتمركز في العراق، إلا أن تركيا ترى سوريا العدو الرئيسي بمعنى أن سقوط سوريا لا يعني مكاسب للكرد التابعين ولا يعني خطرا على تركيا.

بل إن سقوط سوريا قد يساعد على تقوية تركيا وبالتالي عدم تفككها بما هي دولة غير متجانسة مجنسيها قوميا، فهم كرد وعرب وطورانيين وغيرهم.

إن موقف الأنظمة العربية من سوريا هو الخطر الحقيقي ليس فقط لما قامت به هذه الأنظمة حتى حينه، بل ايضاً لأن الصراع التاريخي مع التركي هو عروبي.

والآن، سيقفز الموالون لغير العرب من مقاعدهم، وسيقولون: اين العروبة. ونقول لهم ثانية إقفزوا عن الخوازيق.

وليتذكر العروبيون أن الدافع المباشر للوحدة الفورية بين مصر وسوريا 22 شباط 1958 كان حماية لسوريا من التهديد التركي باحتلالها حيث تركيا كانت ولا تزال مدعومة من الغرب والكيان الصهيوني.

وبالمناسبة، فإن كل الذين نقدوا تلك الوحدة من باب أنها فورية وغير مدروسة، لم يأخذوا بالاعتبار انها كانت ضرورة وحبذا لو يفهموا اليوم ما معنى غياب العمق العربي بل حتى تآمر الأنظمة الرسمية العربية ضد سوريا دعما لتقسيمها اي تدميرها.

خلاصة القول، فإن من لا يصطف حقا مع سوريا هو حقاً مع عرقنتها واقتلاعها من العمق العربي كما جرى لفلسطين والعراق وليبيا.

✺ ✺ ✺

شيخ و”عالم” وقاضي وخبير اقتصادي ويعرف عذاب القبر!
أيُّ تغوُّل على الوعي في القرن الواحد والعشرين!

عادل سماره

أحياناً أتلهى بمشاهدة هذيان رجال دين من الطائفيين أراحنا الله من تعصبهما.
شاهدت فيديو للشيخ القاضي محمد كنعان. عن العالم قبل ظهور المهدي.
لست بصدد مناقشة مسألة المهدي والمسيح المخلص…الخ فهذه اعتقادات للناس كما يرون.

كيف سيكون العالم قبل ظهور الامام المهدي ( عليه السلام ) ؟! | الشيخ القاضي محمد كنعان – YouTube

لكن ما لفتني هذا التغوُّل من القاضي، لاحظوا قاضي وليس جنرال انقلابات او رجل مخابرات!!! على الأقل في أمرين:
الأول: مخيف حيث وصل الشيخ بشبه تأكيد أن العالم في الدرجة الرابعة من الفتنة والتي يصورها هو ومن روى عنهم بشكل إرهابي هائل. وينسبون وصفها للنبي! طبعا على ألسنة اشخاص فما ليس في القرآن قابل للنفي.
والثاني: وهو طريف حقاً وافتآتي قطعاً وذلك بوصفه لعالم الاقتصاد الشهير جون مينارد كينز بأنه من أقطاب الفتنة ودرجتها الرابعة! الله يسامحك يا شيخ!!!
طبعا كينز ، وطبقاً لمزاعم القاضي هو ممن أنقذوا عالم راس المال من الأزمة الاقتصادية الدورية التي اشتعلت عام 1929 أي هو نقيض تهمة القاضي بمعنى أنه قاوم الفتنة. والأهم، يا شيخ، طالما تفهم في الاقتصاد الرأسمالي لهذه الدرجة وأكثر من المسكين كينز فما الذي منعك من نُصح لبنان والجنوب وصاحب العمامة منذ عام 1991 بأن يتوجهوا للزراعة والإنتاج وبأن لا يعيش لبنان على الريع والمضاربات ثم تاتي لحظة وقف ماكينة التنفس “الوسخة” فيجوع لبنان جميعه؟ نعم تباً ل كينز وفريدمان ووو ولكن تباً لمن تمتع برشوات الحريري والسعودية فكان مصيره مصير أبو زيد.
أبو زيد: نوع من الصراصير في المخيال الشعبي يغني طوال الصيف.
وحينما جاء الشتاء جاع فذهب يستجدي بعض الحب من النملة فسألته:
قالت: شو كنت تساوي في الصيف؟
قال: كنت أغني قصايد للحصايد.
قالت: له، مع السلامة.
طبعا لا الشيخ ولا كثير من شيوخ واقتصاديي لبنان نادوا ضد التطبيع سوى منذ بضع سنوات، وكنت كتبت كتبا عن ذلك منذ اربعة عقود. لكن كانت الناس غارقة في حب عزمي بشارة وتحويلات الريع النفطي!  فكيف تسمع من فلسطيني لا مركز له؟

✺ ✺ ✺

سيدنا المطران عطاالله حنّا

الفلسطيني العربي المقاوم

رشاد أبوشاور

هو رجل دين، وهو عربي فلسطيني، ولذا ففلسطين قضيته، وشعب فلسطين شعبه، دمه ولحمه وتاريخه، ماضيه منذ مشى السيّد المسيح على ترابها مبشرا وداعيا حوارييه: إذهبوا وبشّروا الأمم، كاسرا الحواجز بين الأمم، وجاعلا الإيمان موحدا وجامعا لكل البشر، و..دفع تكلفة رسالة حملها ومضى بها: صلبا وإكليلاً من الشوك، وفداء للبشر أجمعين، وليس انعزالاً وضيق افق، وتفريقا بين أبناء الله، وتفضيلاً لإنسان على إنسان…

هو رجل دين، ولرعيته عليه حق،وهو عرف دائما حقوق رعيته التي أوصاه بها الله، والتي استلهمها من سيرة الفادي المخلّص، فأخلص للمصلوب وفلسطين المصلوبة، وشعبها المظلوم..والمقاوم للظلم، والدين الحق لا يقبل بالظلم، وقد (جاء) بقيم ترفض القهر والطغيان، ودعا لمقاومة إهانة البشر واستعبادهم وقهرهم وسلب حقوقهم والتمييز بينهم…

المطران عاطا الله حنا العربي الفلسطيني المقدسي الروح والإنتماء يرى بعينيه عذابات شعبه، أخوته في الوطن الممتهنين المقهورين المعتدى عليهم، ولذا ما كان له أن يسكت، وأن يشغل نفسه بالطقوس الكنسية وكأنه لا يرى ولا يسمع..فلا يفعل!.

دائما ارتبط اسمه وحضوره بالقدس، بكل القدس، بكل ما تمثله القدس للمسيحيين وللمسلمين، فرأيناه يندفع إلى مواقع المواجهة والخطر مجابها العدوان على قدسه، القدس الواحدة، قدس العرب مسيحيين ومسلمين، بكل مقدساتها، بأقصاها المستهدف وكنائسها وفي المقدمة قيامتها، معرضا جسده وحياته كأي فلسطيني للخطر في مواجهة جيش الاحتلال، فاضحا بمقاومته وانحيازه عنصرية وعدوانية الاحتلال التي تستهدف كل الفلسطينيين مسيحيين ومسلمين.

المطران عطاالله حنا ينافح عن فلسطين وشعبها وقدسها بحضوره الدائم الذي لا يكل ولا يمل، في كل ساحات وميادين القدس، في القرى والبلدات، مع الناشطين المواجهين للاحتلال، مواسياً أمهات وأخوات وعوائل الأسرى، مباركا لكل فلسطيني وفلسطينية تضحيته وشهادته، حاثا على الصبر والصمود والثبات والتحدي..فلذا فاز بمحبة الفلسطينيين والفلسطينيّات، ودخل حبه قلوبهم جميعا.

السيّد المطران عطا الله حنا يجدد حضور المطران إيلاريون كبوتشي الحلبي الفلسطيني العربي الذي قاوم وسجن، وتحمّل ظلام الزنزانة، وخرج بعد سنوات مرفوع الرأس، ورغم إبعاده بقي على عهد القدس وكل فلسطين.

المطران عطا الله حنا كما المطران كبوتشي، أخلصا لفلسطين أرضا وشعبا وتاريخا وعروبة وناسا، ولذا خاطبتهم الفلسطينيات أبونا..وهذه مرتبة وطنية، وهم اعتزا بها، وكما عرفت القدس المطران إيلاريون كبوتسي فقد عرفت أبونا الياس زحلاوي صديقه ورفيقه،الكاتب المسرحي صاحب مسرحية (المدينة المصلوبة) عن القدس،المترجم المثقف الكبير الذي قضى في القدس خمسة أعوام، والذي حمل القدس في قلبه كل أعوام عمره أمدّ الله بعمره، وهو صديق للمطران عطا الله حنا، ومعا يواصلان مقاومة الاحتلال، والتبشير بحريّة شعب فلسطين، وحتمية نزول فلسطين عن الصليب.

(نُقل) السيد المطران عطا الله حنا من موقعه في سبسطية، أي من الضفة، أي من موقعه الجار للقدس..إلى عكاء، ليس مجرد نقل لخدمة الرعية هناك ولكنه إبعاد للمطران عطا الله حنا من حالة المجابهة اليومية التي يخوضها مع رعيته الفلسطينية في الضفة الفلسطينية، وفي العاصمة الفلسطينية القدس، وهو الخطيب المؤثّر، والمتحدث البليغ الحاضر أمام وسائل الإعلام العربية والعالمية، والمُلهم لشعبه…

المطران عطا الله حنا هو قائد وطني فلسطيني كبير مؤثر أبلغ الأثر في العقول والنفوس، وهو يقدم النموذج الذي يحتذى لرجل الدين العربي الفلسطيني الحاضر مع شعبه في كل مكان وآن،رجل الدين المقاوم برؤيته الوطنية والقومية والإنسانية، وهو يرسخ قيم التآخي والتسامح وهو ما يفوّت على الاحتلال فتنه وألاعيبه وكل محاولاته لغرس الخلافات والتباينات والتناقضات في صفوف أبناء الشعب الواحد، والقضية الواحدة…

المطران عطا الله حنا يتعرض للتآمر على دوره وحضوره لكل ما يمثله كرجل دين عربي فلسطيني مقدسي، ولذا يجب الوقوف معه، والتصدي لمحاولة نقله من موقعه الراهن إلى عكاء…

عكاء عزيزة على شعبنا بتاريخها المجيد، وشعبها الصامد، ولكن القدس تحتاجه قريبا منها.

سيدنا المطران عطا الله حنا أعرفك منذ أكثر من عشرين عاما، وأحسب أنني أرتبط بك بصداقة أتشرف بها، وأقول بملء الفم: أنت قائد عربي فلسطيني، وأنت تمثل رجل الدين المقاوم للاحتلال، وأنا أعتز بك..وأحسب أن ملايين العرب في كل بلاد العرب يعتزون بك.

سيدنا المطران عطا الله حنا: القدس بحاجتك..ولذا فكل من يستطيع دعم بقائك في قيامتها وأقصاها يفترض به أن يدعمك ويقف معك، ويفضح من يتآمر على دورك.

✺ ✺ ✺

التعقيدات الانتخابية

في المشهد السياسي الأميركي

 د. منذر سليمان وجعفر الجعفري

            من خصائص دورة الانتخابات الرئاسية المقبلة أنها ستشهد انتخاب كل أعضاء مجلس النواب البالغ عددهم 435، إضافة إلى 34 مقعداً في مجلس الشيوخ من مجموع 100 مقعد، ما يؤشر على دورة انتخابية حامية بين مرشحي الحزبين في ظل أوضاعهما الداخلية التي لا تبعث على الارتياح لكليهما.

            تدل المؤشرات الأولية على عزم الرئيس جو بايدن خوض الجولة المقبلة لولاية رئاسية ثانية، متغاضياً عن جملة عوامل وتحذيرات من أقرانه بأن قراره يمثل مغامرة في مستقبل الحزب الديموقراطي، وربما يكلفه خسارة المنصب. أما الحزب الجمهوري، فلا يزال الرئيس السابق دونالد ترامب يتبوأ المرتبة الأولى بين عددٍ من الراغبين في خوض الانتخابات.

            لم يعد خافياً على أحد تكوّن شبه إجماع بين الناخب العادي والنخب المختصة، مفاده عزم الحزب الديموقراطي على إثارة جملة عقبات “قانونية” الطابع تهدف إلى تنحية الرئيس السابق ترامب وحرمانه من أداء أي دور سياسي في المستقبل، وتستند إلى تعديل دستوري بالغ القدم يعرف بالفصل 3 من المادة الرابعة عشرة من التعديلات الدستورية، التي تنص على أن”المسؤول رسمي لا يجوز له، بعد أدائه القسم، الانخراط في حالة عصيان أو تمرّد” ضد النظام السياسي.

            لكن المادة نفسها تتيح لمجلسي الكونغرس التصويت بنسبة ثلثي الأعضاء، بصورة منفصلة، على إلغاء العمل بذلك الفصل، كما أنها لا تنصّ على مرتبة “المسؤول الرسمي” وهناك ضبابية في تطبيقها على رئيس البلاد. لا ريب في أن الجدل المرافق لتلك الصيغة الفضفاضة سيُطرح على أختصاصيي القانون، وسيستغرق فترة زمنية غير محددة، نظراً لطبيعة المرحلة وخصوصيتها.

وفي حال افتراض نجاح جهود تنحية الرئيس ترامب بفترة زمنية قصيرة بعد فوزه بترشيح مؤتمر الحزب الجمهوري العام المقرر انعقاده في 15 تموز/يوليو 2024، فستشهد البلاد تحديات غير مسبوقة في تاريخ كيانها السياسي.

            والجدير بالذكر ثبات الرئيس ترامب في المرتبة الأولى بين منافسيه من الحزب الجمهوري. أحدث استطلاعات الرأي، أجرته جامعة هارفارد العريقة، وبعد توجيه إدانة رسمية أخرى له في نيويورك، أفاد بأن ترامب يحظى بتأييد 52% من مجموع أصوات الناخبين، في حال عُقدت الانتخابات الرئاسية حالياً، وسيفوز ويتفوّق على منافسه الرئيس جو بايدن بنسبة 45% في مقابل 40%.

            أما الرئيس جو بايدن، فقد نال معارضة 68% من مجموع الناخبين القلقين من تدهور حالته الصحية، وأحياناً الذهنية. وتشكل تلك النسبة العالية ضعف معدّل النسبة التي سجّلها عام 2020، بحسب الاستطلاع. وقد أشار إلى تدنِّ ملحوظ بين الناخبين في نظرتهم إلى المؤسسات الرسمية والثقة بها، وخصوصاً وزارة العدل ومكتب التحقيقات الفيدرالي التابع لها (شبكة “أن بي سي”، 27 حزيران/يونيو 2024)

            ما يقلق النخب السياسية الحاكمة في الحزبين هو “تردّد” منافسي الرئيس ترامب من مرشحي الحزب الجمهوري وانصياعهم إلى مشيئته، وهم الذين “لا يتحلّون بالشجاعة لمواجهته مباشرة وتوعية الجمهور بأنه يشكّل خطراً محدقاً ثابتاً على النظام الديموقراطي الأميركي”، (يومية “ذي هيل”، 24 تموز/يوليو 2024).

جولة الانتخابات الرئاسية الراهنة تُنذر بتكريس حالة الانقسام الشديدة بين مختلف أطياف المجتمع الأميركي، ويجد المرء سيلاً لا بأس به من تحذيرات متواصلة من قبل النخب السياسية والفكرية بهذا الشأن، مع إقرار ملتوِ أحياناً بتفاقم الأوضاع الاقتصادية للمواطنين، والتي تشكل الركن الأساسي لتوجهات كل الناخبين.

العامل المتجدد في الصراع السياسي الحالي يسلط الضوء على “ضلوع” الرئيس بايدن بما ينسب تلقيه أموالاً من “دولة أجنبية” خلال توليه منصب نائب الرئيس الأميركي، وكذلك تفاقم قضية نجله هنتر وما يساق بأن وزارة العدل ضمن تركيبتها الحالية “منحته طوق نجاة” لا يستطيع المرء العادي المتهم بأقل من ذلك التمتع به.

كما أن قطب اليمين المتشدد في الحزب الجمهوري لا يفوّت فرصة لمطالبة رئيس مجلس النواب كيفين مكارثي بالشروع في ترتيبات محاكمة الرئيس بايدن، وهو الذي بدأ يتساوق مع التوجه من دون الحسم.

أما بشأن وضع الحزب الديموقراطي قبيل بدء الجولة الانتخابية رسمياً، فهو يشهد جملة صراعات داخلية، أبرزها عدم تنحي الرئيس بايدن قبل الانتخابات التمهيدية ووجود مرشحيْن عن الحزب لا يحظيان بدعم المؤسسة الرسمية نظراً إلى مواقفهما “المتقدمة” عنها، هما نجل السيناتور السابق وحامل الإسم نفسه روبرت كنيدي، والمؤلفة ماريان ويليامسون المعارضة بشدة لهيمنة شركات النفط الأميركية، لعدم امتثالها لتدابير الحفاظ على البيئة ودور الوقود الأحفوري في أزمة المناخ.

وضع نائبة الرئيس كمالا هاريس الراهن لا يبعث على ارتياح أقطاب الحزب الديموقراطي، هم يحبّذون غيابها عن المشهد لسوء أدائها وما تسببت به من أضرار ألحقتها مبكراً بالحزب الديموقراطي، فضلاً عن معارضة شديدة لها من بقية الناخبين، لكن دورها الرسمي كرئيس لمجلس الشيوخ، بحسب الدستور، له أهمية بالغة في حسابات التوازنات السياسية، إلى حين.

أحداث جولة الانتخابات الرئاسية التي جرت عام 1968 تعود بقوة إلى الواجهة الآن، إذ أسفرت عن اغتيال المرشح الأقوى للحزب الديموقراطي، روبرت كنيدي، وتمسّك قيادة الحزب بنائب الرئيس آنذاك هيوبرت همفري، على الرغم من تمتع منافسه يوجين مكارثي بدعم عريض من القوى الناشئة التي رأت أنه مرشّح ضد استمرار الحرب الأميركية على فيتنام، وعلى الرغم من الانقسام الحاد في قواعد الحزب أثناء انعقاد مؤتمره العام في شيكاغو داخله وخارجه. وفي النهاية، أدت تلك الحسابات “الضيقة” إلى خسارة الحزب الرئاسة وفوز الجمهوري ريتشارد نيكسون.

الانقسامات السياسية ليست حصراً على مرشّح بعينه، لكن تردي الأوضاع الاقتصادية الراهنة، داخلياً وعالمياً، أعادت تساؤلاً “مكروهاً من المؤسسة الحاكمة”: لماذا يجري ضخ مليارات الدولارات في أوكرانيا، فيما تعاني المرافق الاقتصادية نقصاً شديداً في الموارد فاقم فعالية البنى التحتية وترديها؟

لكن التاريخ لا “يكرر نفسه”، بل تتشابه الأحداث، وليس بالضرورة النتائج، وخصوصاً إغفال القوى النافذة للاستجابة للدروس المطلوبة من تجاربها السابقة. بعبارة أخرى، المؤسسة الأميركية الحاكمة بقطبيها، الديموقراطي والجمهوري، ماضية بقوة إلى تعزيز هيمنتها العالمية، وقرار الصدام مع القوى الصاعدة والمنافسة تم اتخاذه على أعلى المستويات، ولم يعد سراً.

المرشّح الأوفر حظاً سيواصل اتباع الأولويات السياسية الراهنة، المتمثّلة بالحفاظ على رقعة انتشار عسكري عريضة عبر العالم، وتوتير الأجواء وتقريبها من حافة الصدام مع المنافسين الكبار.

وفي حال استطاع الرئيس ترامب المضي إلى النهاية والفوز بالمنصب الرئاسي، فالأولويات الأميركية المرسومة في الاستراتيجية الكونية لن تشهد تغييراً جوهرياً، بل “إعادة انتشار” ربما، وتوزيع أدوار الأطراف المؤيدة، وخصوصاً دول “حلف الناتو”.

:::::

مركز الدراسات الأميركية والعربية، واشنطن

الموقع الإلكتروني:

http://thinktankmonitor.org/

________

تابعونا على:

  • على موقعنا:

https://kanaanonline.org/

  • توتير:
  • فيس بوك:
  • ملاحظة من “كنعان”:

“كنعان” غير مسؤولة عن الآراء الواردة في المقالات، بل هي تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو محرري نشرة “كنعان” الإلكترونية أو تبنيهم لهذه الآراء والمواقف.

ومن أجل تنوير الناس، وكي يقرر القارئ بنفسه رأيه في الأحداث، ونساهم في بناء وعيً شعبي وجمعي، نحرص على اطلاع القراء على وجهات النظر المختلفة حيال التطورات في العالم. ومن هنا، نحرص على نشر المواد حتى تلك التي تأتي من معسكر الأعداء والثورة المضادة، بما فيها العدو الصهيوني والإمبريالي، وتلك المترجمة من اللغات الأجنبية، دون أن يعبر ذلك بالضرورة عن رأي أو موقف “كنعان”.

  • عند الاقتباس أو إعادة النشر، يرجى الاشارة الى نشرة “كنعان” الإلكترونية.
  • يرجى ارسال كافة المراسلات والمقالات الى عنوان نشرة “كنعان” الإلكترونية: mail@kanaanonline.org