(في تقرير لهذه المنظمة قبل ايام بأنها سوف تقلل مساعداتها الغذائية لفقراء في 33 دولة من بين أكثر من ثمانين دولة يحصل أناس فيها على مساعدات غذائية ومن بين المحرومين الجدد الأرض المحتلة وسوريا واليمن وذلك لأن ميزانية هذه المنظمة يجب ان تصل 20 مليار دولار ولم تحصل سوى على 14 مليار دولار.)
جميع الدول التي تتلقى تلك المساعدات الغذائية هي من بلدان المحيط/العالم الثالث.
هذه البلدان حينما استقلت سياسياً بقيت تابعة اقتصاديا. تولت السلطة فيها أنظمة من طبقة رأسمالية كمبرادورية حولتها إلى مستوردة لكل شيىء.
فالعجيب أن بلدان المحيط كانت حتى ستينات القرن الماضي تصدر للغرب أغذية، فإذا بها تصبح بلدان مجاعات.
الغرب الاستعماري لم يحرق الزراعة في تلك البلدان، بل الأنظمة الحاكمة تحولت من مناضلة إلى كمبرادور أهملت التنمية ومارست القمع وحتى أهملت النمو أي أعادت الاستعمار لبلدانها بيدها وبقصد وقمعت ليس فقط المعارضين بل حتى المنتجين! أما الغرب فواصل تطوير نفسه حتى أصبح يُصدر لهذه البلدان أغذيتها وينهب ثرواتها وموادها الخام!
من أفظع النماذج لبنان الذي حتى بداية التسعينات اي قبل مجيئ رفيق الحريري كان ينتج زراعيا وفيه تصنيع زراعي جيد، تحول نحو الريع اي تحويلات من الخارج لم تقم على اسس إنتاج محلي بل على المضاربات. وفي هذا “النعيم”” غطس الجميع من جعجع إلى صاحب العمامة.
لم يتحدث أحد عن العودة للإنتاج وطبعا لم يتحدثوا عن مناهضة التطبيع وعن المقاطعة، وها هو لبنان “يلوب” جوعاً.
منظمة الأغذية العالمية وقحة مع سوريا وتضغط على سوريا بحجة قلة الإمكانيات. لكن لم يقل أي وغد من هذه المنظمة أن سبب تجويع سوريا ليس فقط الإرهاب بل الاحتلال الأمريكي للنفط والقمح السوري وحماية أمريكا للكر/صهاينة الذي ينهبون ثروات البلد. سوريا كانت تتبرع لغيرها، ففي الثمانينات عندما جاعت تونس فقط سوريا التي وهبتها القمح. كما كان العراق يهب النفط للأردن قبل وقوعه تحت الاحتلال الأمريكي 2003.
الفلسطينيون من بين الذين سيتم تقليص حصصهم بنسبة عشرين في المئة.
لكن الفلسطينيين وحدهم من بين كل الشعوب التي تتلقى مساعدات ليس لهم ذنب في حاجتهم لأن نفس هذه الأمم المتحدة هي التي اعترفت بالكيان الغاصب وتعهدت بمساعدة الفلسطينيين إلى حين عودتهم. اي ليست مِنَّة من أحد علينا.
الأمم المتحدة خاصة الغرب هو الذي يحتضن السعودية والإمارات في عدوانهما ضد اليمن ويغدق عليهما الأسلحة ويطبق الحصار المفروض ضد اليمن.
وهناك جانب آخر، فإن هذه المنظمة بما هي أداة للغرب كعدو لكل من ليس غربا أو غربياً فإنها تثير مسألة الغذاء هذه الأيام للضغط والتحريض ضد روسيا حيث أوقفت روسيا تمرير القمح إلى الأسواق العالمية لسببين:
الأول: لأن القمح الذي جرى تمريره ذهب للدول الغربية المتخمة!
والثاني: لأن روسيا ترفض تغذية العالم على حسابها أو من خلالها بينما تتعرض هي لحرب اقتصادية من الغرب خاصة.
وعليه، فتحرك منظمة الأغذية الدولية هو تحريك غربي لإحدى أدواته الخبيثة ضد روسيا ولا سيما في هذه الفترة. أليست هذه معادلة عجيبة؟
________
ملاحظة من “كنعان”: “كنعان” غير مسؤولة عن الآراء الواردة في المقالات، بل هي تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم … تابع القراءة ….