السنة الثالثة والعشرون – العدد 6603
■ الثورة العالمية في تفاعل ثلاثيَتَيْ: الأنظمة والثوريين: المحيط يُطوِق المركز، د. عادل سماره
■ أميركا وكوريا الشمالية: أزمة مرشّحة للتصعيد، د. منذر سليمان وجعفر الجعفري
■ مثلث مصالح مصري – إيراني – سوري، موفق محادين
✺ ✺ ✺
الثورة العالمية في تفاعل ثلاثيَتَيْ: الأنظمة والثوريين
المحيط يُطوِق المركز
د. عادل سماره
أخذت الراسمالية العالم قبل قرن في صراعهاعلى مصالحها المادية/الاقتصادية خاصة إلى مذبحة حرب شاملة أعادت بموجبها تقاسم العالم فيما بين ضواريها ولكنها أتاحت بالضرورة مناخ انبلاج نقيضها فكانت الثورة البلشفية التي انتصرت رغم الغزو الغربي الراسمالي من معظم أنظمة الحكم في أوروبا حينها ضد الدولة الجديدة بمليون ونصف المليون جندي ناهيك عن جيوش القيصربقيادة الجنرالات البيض وصولاً إلى مقاطعة الدولة الإشتراكية بإقامة ما أُسمي حولها “الستار الحديدي”.
أما الوطن العربي فكان نتيجة ذلك أن أُستُعمر من لم يُستعمر منه من الغرب الإمبريالي بهزيمة الاستعمار العثماني وأُخضِع للتقاسم الإمبريالي الذي خدمه محلياً حكام وقبائليين ورجعيات وتجار…الخ عيَّنها الاستعمار.وجرى التأسيس لاغتصاب فلسطين لصالح الحركة الصهيونية.
نتائج الحرب الإمبريالية الأولى وأزمة 1929 الدورية دفعت باتجاه اقتتال الرأسماليات مجدداً في العقد الرابع من القرن العشرين وأعادت تقاسم العالم وهذا أفرز نقيضه سواء في توسع المعسكر الاشتراكي أو انتصار الثورة الصينية وثورات عديدة في بلدان المحيط. ولكنه خلع التاج البريطاني وجلَّس مكانه دولة الدولار.
أما الوطن العربي فانقسم إلى:
· منحى تقدمي وحدوي تنموي بجمهوريات قادتها انقلابات أو ثورات انقلابية.
· ومنحى تكريس التبعية للغرب الإمبريالي من ملكيات وإمارات ومشيخات… الخ، وخلال هذه الفترة كان تطبيع سايكس-بيكو في المغرب الكبير واستكمال طبعته المشرقية بخلق كيانات النفط.
· وجرى إنضاج اغتصاب فلسطين بخلق الكيان الصهيوني على أرض فلسطين وتشريد معظم شعبها.
مع منتصف الستينات إنتهى الازدهار الاقتصادي في المركز/الغرب واقترن ببدء تدهور الاتحاد السوفييتي وتراجع الثورة العالمية إلى أن تفككت الكتلة الاشتراكية أو لنقل عالمياً انتصر راس المال على العمل ولكن المنتصر حمل جراحا عميقة نظراً لخلله البنيوي.
لكن الغرب/المركز عوض الكثير بفضل تحالف جديد بين:
· راسماليات المركز
· وكمبرادور المحيط
حيث حوَّل الكوكب بعد انهيار السوفييت إلى قطاع عام راسمالي معولم يتقاسمه طرفا التحالف على قاعدة إقتصاد التساقط.
وفي هذه الفترة المديدة جرى تكريس الوطن العربي كأداة وإمكانات لصالح الثورة المضادة وخاصة في تخديم النفط للدولار. وترافق مع هذا انحطاط منحى الثورة العربية وعودة أنظمتة إلى الكمبرادور وهيمنة انظمة وقوى الدين السياسي وصولا إلى استخدام جيوش عربية ضد أقطار عربية في خدمة الإمبريالية فكان أنهاء العراق ولاحقا ليبيا وحرب لم تنته على سوريا وتهبيط مصر وحرب على اليمن واحتلال البحرين…الخ.
لكن التناقض لا يتوقف عن خلق نقيضه أو نصف نقيضه إن شئت، فكان تجسيد الملامح أو السمات الثلاثة للتغير في العالم:
الأولى: صعود أنظمة في بلدان المحيط نقيضاً مصلحياً ميدانياً إنتاجياً للمركز وإن كانت أنظمتها بين رأسمالية أو هجينة وإيديولوجياتها بين شبه اشتراكية وراسمالية ولكن دون مضمون إمبريالي، حتى حينه على الأقل، وهي الصين، والهند وروسيا بعد يلتسين وجنوب إفريقيا والبرازيل.
لقد ساهمت رأسماليات المركز في تطور هذه الكتلة وخاصة الصين حيث غزت شركاتها قوة العمل الصيني وغيرها لنهبها عبر القانون الراسمالي الذي اسماه ماركس “راسمالية الأجر الأدنى” ، فكان أن خلق النهب بل الاستغلال نقيضه لصالح اقتصاد كتلة غدت الأولى عالمياً .
وهنا صار على المركز لجم الصين وحتى البريكس ولو عبر حرب عسكرية إن أمكنه ذلك لا سيما وأن إنتاج هذه الكتلة 35 في المئة من الناتج العالمي الإجمالي بينما إنتاج المركز 31 في المئة.
هذا التطور هو نقض موضوعي للنظام العالمي القائم لأنه منافس وبقوة رغم أنه في غالبه راسمالي.
والثانية: التطورات التي حصلت في أمريكا اللاتينية. فبعد أن فشلت في ستينات وسبعينات القرن العشرين،باستثناء كوبا، تجربة الثورات الغوارية ضد حزام الزمر العسكرية الحاكمة هناك وخدمتها للإمبريالية، كانت موجة ثورات شعبية بل شعبوية في عديد تلكم البلدان ، فنزويلا، البرازيل، ارجنتين، هندوراس، نيكاراغوا إكوادور، تشيلي بوليفيا…الخ حيث وصل ممثلوا هذه الثورات أو الحركات إلى السلطة عبر الانتخابات، اي عبر طريق وسط أقل من ثورة وأعلى من بقاء الوضع القائم.
والذي يبدو فإن تفاعل موضوعي، تفاعل الضرورة، يقوم بين بريكس والأنظمة اليسارية في امريكا اللاتينية سيقود إلى درجة أعلى من تجذير الطرفين باتجاه عالم جديد لا يقوده الغرب/المركز بل يقاتله.
والثالثة: هي الحراك الذي بدأ وأخذ يتسع في إفريقيا سواء في الجزائر ومالي أو بوركينا فاسو واليوم في النيجر. إنه بداية محاولات ضبط نزيف الثروات من مخزنها الإفريقي. نحن لا نعرف بعد حدود جذرية النظام الجديد في النيجر ولكنه يصطف ومعه عدة دول أخرى في جانب التوجه شرقاً بالخروج من دائرة المركز/الغربي الذي يستجمع قواه أو/و قوى توابعه لشن حرب موسعة في إفريقيا لتثبيت موقعه ومواجهة الدور الجديد لروسيا والصين هناك.
صحيح أن معظم إفريقيا حصل على الاستقلال السياسي منذ تسينات القرن الماضي ولكنها لم تحصل على الاستقلال الحقيقي أي التحكم بالسيادة ، بالموارد بالاقتصاد وهو ما نبه له باكراً الراحل فرانز فانون الذي هو المنظِّر المبكر والحقيقي ضد أكذوبة “ما بعد الاستعمار” حيث توقع انحراف الأنظمة المحلية الجديدة باتجاه أنظمة حكم الراسمالية الكمبرادورية حيث عاشت معظم البلدان الإفريقية كتوابع خاضعة للاستعمار الجديد الذي حذر منه كوامي نكروما الرئيس الأسبق ل غانا.
وحينما ظهرت حركات الدين السياسي الإرهابية تذرعت الإمبريالية أنها تحاربها فأكثرت من قواتها في العديد من الدول افريقية بحجة محاربة الإرهاب.
هذا الإرهاب الذي نسميه ظاهرة “الاستشراق الإرهابي” وهي مخطط وتنظير إمبريالي بينما مادته البشرية وكلفته المالية من الأنظمة والحركات السياسية العربية والإسلامية حركات الدين السياسي. ولأن الإمبريالية هي خالقة هذه الظاهرة، صار من المستحيل اجتثاثها على يد الإمبريالية نفسها. وبالطبع، لم يكن الوجود العسكري الغربي في إفريقيا لقتال الإرهابيين بل لحماية مصالح الإمبريالية.
ولهذه الأسباب والمخططات بقيت إفريقيا الزاخرة بالثروات، قارة فقيرة، تعاني المرض والجوع والأمية بينما يتحول الفائض والثروات نفسها إلى المركز.
وهنا يصح قول الشاعر:
“كالعيس في البيداء يقتلها الظما…. والماء فوق ظهورها محمولُ”
هذه التطورات تفتح على ما نريد أن نختم به هذه المقالة العُجالة.
موقع هذه التطورات الثلاثة في مدرسة النظام العالمي
لقد اشرت سابقاً في عُجالة بأن الانقلاب في النيجر بتوجهه شرقاً وإعلانه وقف تصدير اليورانيوم والذهب إلى فرنسا وأوروبا عامة وتأييد وحتى دعم انظمة الجزائر ومالي وبوركينا فاسو وإفريقيا الوسطى، وربما غيرها لنظام النيجر الجديد ، إنما يقوم بدرجة ملموسة من فك الارتباط بالمركز الإمبريالي الغربي. وهذا يتقاطع مع تحولات في بلدان إفريقية أخرى مثل بوركينا فاسو التي كان رئيس وزرائها تامبيلا حليفاً للراحل سنكارا والذي في خطابه في مؤتمر روسيا/إفريقيا لشهر تموز من هذا العام إقتطف تشي جيفارا وكان قد شارك في احتفال نيكاراغوا بعيد ثورتها الساندينية الأربعين.
يمكننا قراءة هذه المؤشرات على أنها حتى لو كانت أحداثاً إنقلابية عسكرية، فليس صحيحاً أنها لن تتحول إلى ثورات، ولا أدل على ذلك من تجربة مصر الناصرية أو تجربة سنكارا.
وهذا يدفعنا لقراءة التطورات الثلاثة وخاصة التطورات في إفريقيا على ضوء :
أين يقع مركز الثورة العالمية.
منذ سبعينات القرن العشرين طورت مدرسة “النظام العالمي” نظريتها في الثورة العالمية لانتقال العالم إلى الاشتراكية، أو كما يرى البعض إلى ما بعد الراسمالية.وهي المدرسة التي تاسست بأدبيات سمير أمين، وإيمانويل وولرشتاين، وأندريه جوندر فرانك، وجيوفاني أريغي.
لقد رأت هذه المدرسة أن مركز الثورة العالمية يكمن في بلدان المحيط حينما تقوم فيها ثورات وانتفاضات تفك الارتباط بالسوق الراسمالية العالمية الأمر الذي يعني توقف نزيف الثروة/والفائض من المحيط إلى المركز، وتوقف العمل بمنطق النظام الراسمالي العالمي وتجاوز قانون القيمة الرأسمالي والعمل على تركيز قانون قيمة محلي أو مناطقي.
وبتوقف هذا التدفق تضطر الأنظمة الراسمالية في المركز إلى:
· دفع أثمان أعلى لما تبقى من متاجرة مع المحيط
· تضاؤل الثروات التي ترشي بها أنظمة المركز الطبقات الشعبية والوسطى .
· إضطرار راس المال في تلكم البدان لتعويض ما تم توقف المحيط من توفيره من ثروات ليتم التعويض على حساب الراسماليين، الشركات الكبرى، مما يقلل معدل الربح.
· إضطرار الأنظمة التي تبنت النيولبرالية بما في ذلك تقليص الضرائب على راس مال وزيادتها على الطبقات الشعبية وتقليص خدمات الدولة…الخ، لإعادة فرض ضرائب أعلى على الرأسمالية للتخفيف عن كاهل الطبقات الشعبية العاملة طبعاً، لامتصاص تحركها أو الاصطدام معها.
· هنا يتزايد التفارق الطبقي ليغدو تناقضاً طبقياً ومن ثم صراع طبقي بين راس المال والعمل.
وفي هذا الحال يكون شعار يا عمال العالم اتحدوا قد وجد تطبيقه العملي موضوعياً.
بل إن تحالف موضوعي ومصلحي يتمظهر بين أنظمة الأحداث الثلاثة أي:
· مجموعة بريكس
· الأنظمة اليسارية في أمريكا اللاتينية
· الأنظمة الجديدة في إفريقيا
وفي حين ستعلن بريكس عملتها الجديدة في هذا الشهر بعد أن قامت بتنفيذ تبادلات بينها بعملاتها، فقد أعلنت أرجنتين انها ستعتمد عملة البريكس في مبادلاتها وهذه خطوة جريئة من بلد خارج بريكس لكنه ينتمي جغرافيا وموضوعيا لأمريكا اللاتينية.
إن خطوة أرجنتين حساسة جداً وهامة في مضمونها وربما ليس لضخامة اقتصاد البلد وتجارته الخارجية بل لأنها تشكل بداية خروج دولٍ أخرى من دائرة الدولار الذي كان التبادل التجاري العالمي به 90% وهبك إلى أقل من60%. تذكرنا خطوة أرجنتين بخطوة العراق قبل احتلاله عام 2003 بقرار بيع النفط بغير الدولار وقرار ليبيا قبيل احتلالها بإنشاء عملة إفريقية وصندوق نقد إفريقي الأمرين أو الحدثين اللذين لهما الدور الأساس في تحطيم البلدين.
لسنا بصدد الحديث عن تفاعل روسيا والصين مع ما يحدث في إفريقيا سواء تقديم مساعات أفضل وإقامة مشاريع بنية تحتية وتنموية وبشروط أفضل من المركز ودون تدخل في النظام السياسي لهذه الدول.
وربما نكتفي بما ورد في حديث الرئيس الروسي بوتين في مؤتمر روسيا/إفريقيا في نهاية تموز لعام 2023 الجاري حيث أكد استعداد روسيا لتقديم القمح كمنحة لكثير من الدول التي تعاني عدم وصول شحنات القمح أو عجزها عن دفع ثمنه
لأن هذا يدعم توقعاتنا بتقاطع إيجابي بين بريكس وبين الثورات في إفريقيا وامريكااللاتينية.
وهذا يفتح على السؤال:كيف سيرد الغرب/المركز على تفاعل الأحداث الثلاثة العالمية هذه!
يمكننا اعتبار هذه الأحداث الثلاثة أحداث تقودها الأنظمة السياسية الاجتماعية الحاكمة في تلكم البلدان بمواقعها الجغرافية الممتدة في عدة قارات.
وهذا يعيدنا إلى ثلاثي آخر هو الثلاثي الشعبي الثورى، ما علاقته وموقفه من ثلاثي الأنظمة؟ وما حدود تقاطع أو/و تناقض الثلاثيين؟
ونقصد هنا بالثلاثي الشعبي الثوري القوى الثورية الإشتراكية بالحد الأدنى في :
· بلدان بريكس وخاصة الصين
· وفي بلدان المحيط عامة
· وفي بلدان المركز ايضاً.
بمعنى أن تحالف الضرورة هو أمر ممكن بين الثلاثيتين في مرحلة معينة كتحالف تاريخي ربما مؤقت لمواجهة أنظمة المركز الرأسمالي الإمبريالي الغربي وصولاً إلى تركيز النظام العالمي الجديد والذي يحمل بذور تناقضاته ايضاً بين:
· أنظمة راسمالية محلياً يُحتمل أن تذهب باتجاه إمبريالي
· وبين قوى ثورية داخل هذه البلدان نفسها وبقية بلدان العالم تدفع باتجاه طريق إشتراكي أممي.
ليس بوسعنا الجزم كيف ستتطور الأمور، ولكن المؤكد أنها تتطور إيجابياً وهذا منوط اساساً بفعل القوى الثورية في هذا الكوكب.
ويبقى السؤال: أين يتموضع الوطن الكبير في خضم تطورات العالم هذه؟
ليس هذا موضع التحليل، ولكن توصيفاً، فإن هذا الوطن مُغيَّب تماماً عن المساهمة التقدمية في تطورات العالم لأنه:
· محكوم بأنظمة هي عدوة الشعب وبالتالي تخدم الإمبريالية وحتى تخدم أنظمة البلدان الإقليمية التي تهيمن أو تطمح للهيمنة على هذا الوطن
· ومحكوم بطغيان أو اختطاف أنظمة وقوى الدين السياسي للوعي الجمعي الشعبي · ومحكوم بعجز حركة التحرر العروبية عن أن تصدع بمشروعها الثوري والإشتراكي ولذا هي بين من يحاول “بقرش الصَوان” وبين من يتبع هنا وهناك مبرراً ذلك ب: “ليس لدينا مشروعاً” وتحت هذا الشعار التفريغي يكرر هؤلاء: لولا ولولا ولولا هذه الدولة أو تلك لانتهت ا.,ل.م.ق.ا.و.م.ة . تباً لتيار أو تنظيم لوْلا! لأنه من التراخي والتحلل عاجز عن تجميع نفسه لنهوض فكري كبداية. وهذا يذكرنا بالإنسان الوجودي الذاتي الذي يشعر انه مفكك المفاصل لا يقوى على تجميع نفسه للنهوض!
· ويضج الوطن بهلوسات مشايخ الدين السياسي السنة والشيعة وحروبهم التي تبدأ من عذاب القبر إلى أن تُعيدنا إلى علي ومعاوية لا ولاء لأي منهما ولكن لتوظيف تشويه التاريخ بزعم تحريره، من أجل ضرب اية بدايات للمشروع العروبي لأن تدمير واجتثاث العروبة هو هدف كل هؤلاء سواء كانوا مثقفين، أحزاباً أو أنظمة حكم عربية أو إقليمية أو أجنبية.
✺ ✺ ✺
أميركا وكوريا الشمالية:
أزمة مرشّحة للتصعيد
د. منذر سليمان وجعفر الجعفري
ليس من العسير استكشاف طبيعة السياسة الخارجية الأميركية وإدراك مراميها بشأن شبه الجزيرة الكورية، جذرها هو العداء المتأصّل بسبب عدم قدرة واشنطن على حسم “الحرب الكورية” ببسط سيطرتها على الكوريتين، في خمسينيات القرن الماضي. والأهم أن واشنطن أحجمت منذ تلك اللحظة عن إبرام اتفاق ينهي “وقف إطلاق النار لعام 1953” بمعاهدة سلام رسمية.
وشهدت المنطقة منذئذ سلسلة تهديدات أميركية، بعضها رفيع المستوى، بغزو كوريا الشمالية التي ما فتئت تُطوّر إمكاناتها الذاتية للدفاع عن نفسها، أبرزها نجاحها في دخول “نادي الدول النووية”، على الرغم من أن القراءة الاستراتيجية الأميركية تتعامل مع السلاح الجديد وكأنه امتداد للمظلة النووية الصينية، بالقرب من النفوذ الأميركي في اليابان بصورة خاصة (نبأ بعنوان “الصين تقول زعيم كوريا الشمالية تعهّد بنزع السلاح النووي”، وكالة “رويترز” للأنباء، 27 آذار/مارس 2018).
الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون تدارس ومستشارية توجيه ضربة عسكرية استباقية، تستهدف المفاعل النووي لكوريا الشمالية في يونغ بيون، في أيلول/سبتمبر 1994، وسارع بعض العقلاء في واشنطن إلى احتواء الأزمة المفتعلة بإيفاد الرئيس الأسبق جيمي كارتر إلى العاصمة بيونغ يانغ، ولقاء الرئيس كيم إيل سونغ. وسُوّي الأمر بتجميد الزعيم الكوري للبرنامج النووي لنحو عقد من الزمن.
وصرّح الرئيس كارتر بعد عودته أنه أدرك تماماً ما يريده الزعيم الكوري متمثّلاً بإنهاء حالة الحرب عوضاً عن “اتفاق وقف إطلاق النار”، وإنهاء الحصار الاقتصادي الأميركي على بلاده، “مقابل تعاونه” المشار إليه (مقابلة أجرتها الاستاذة الجامعية كريستين آن مع الرئيس كارتر في شهر تشرين الثاني/نوفمبر 2018، في مقر مركز كارتر للدراسات بمدينة أتلانتا).
جدير بالذكر ما يردّده صقور السياسة الأميركية، أبرزهم السيناتور اليميني ليندسي غراهام، بأن على كوريا الشمالية التخلّي عن سلاحها النووي قبل توقيع إعلان السلام مع الولايات المتحدة.
وما زاد الأمر تعقيدا هو الدور المطلوب أميركياً من كلا الكوريتين في الحرب الأوكرانية الجارية، إذ تمارس واشنطن أقصى ما لديها من وسائل ضغط على كوريا الجنوبية لتوريد أسلحة وذخائر مدفعية إلى كييف، نظراً لشح الإمدادات الموعودة من ترسانة دول حلف الناتو، ووفرة الأسلحة المطلوبة في ترسانة سيؤول. وبالمقابل تسوق الاتهامات لكوريا الشمالية بأنها توّرد أسلحة ومقاتلين لدعم الجيش الروسي هناك.
وعليه، وجّهت دعوة لرئيس كوريا الجنوبية يون سوك يول للمشاركة في قمة حلف الناتو الأخيرة في فيلنياس، والاطلاع عن كثب على احتياجات الحرب الأوكرانية. وبحسب الخبراء العسكريين فإن المراهنة على دخول ترسانة سيؤول لمجريات الحرب “قد يغيّر نتائجها”، وذلك بخلاف مبدأ البلاد بعدم تسليح أي من أطراف الحرب، وساهمت في إرسال معونات إغاثية إلى كييف بقيمة 200 مليون دولار.
وتزيد اللوحة السياسية تعقيدا بالنسبة لكوريا الجنوبية بعد تخطيها بنجاح حجم تبادل تجاري رفيع المستوى مع روسيا قبل نشوب الحرب الأوكرانية، وليس مستبعداً استغلال واشنطن لتلك الخاصية كي تضغط عبر سيؤول على موسكو. وأقر مسؤول رسمي في سيؤول أن “الجانب الروسي أوضح لنا بشدة بأن (توريد) الأسلحة هو خط أحمر، وفي حال تجاوزناه سنواجه بالرد” (مقابلة مع شبكة “بي بي سي” البريطانية 8 تموز/يوليو 2023)
معالم الاستراتيجية الأميركية في شبه الجزيرة الكورية، وامتداداً بحر الصين الجنوبي، اتضحت منذ بدء ولاية الرئيس جو بايدن بتعزيز “التعاون العسكري والاستخباراتي” بين حلف أميركا واليابان مع كوريا الجنوبية وإجراء مناورات عسكرية مشتركة معها، توّجتها بإدخال قطع بحرية نووية وغوّاصات قادرة على إطلاق صواريخ عابرة للقارات إلى مياهها.
خلفية استراتيجية واشنطن أعلاه ليست بدافع تعزيز سبل “ردع كوريا الشمالية” في جوارها، كما يتردّد في وسائل الإعلام، بل هي رسالة أبعد لاحتواء الصين. وعليه، تجمع النخب الأميركية أن إدراك طبيعة السياسة الأميركية في شبه الجزيرة الكورية ينبغي النظر إليها من زاوية “صعود الصين لتحديها للولايات المتحدة” في شبه الجزيرة الكورية وعموم المنطقة الآسيوية، عبر تطويق سواحلها بمعدات عسكرية متقدمة (دراسة بعنوان “الصين تنظر إلى شبه الجزيرة الكورية: ثنائية التحوّل”، نشرت في دورية “غلوبال بوليتيكس آند ستراتيجي”، 26 تشرين الثاني/نوفمبر 2021).
وحذرت الدراسة إدارة الرئيس بايدن أن سياسة “الاحتواء” المتبعة ترفع منسوب التوتر مع الصين في شبه الجزيرة، بما أن تعزير التعاون بين كوريا الجنوبية والولايات المتحدة يؤدي إلى تحفيز الصين في مواجهة كوريا الجنوبية باتباعها ديبلوماسية القوة القسرية، والتي ستنعكس على صراع أميركا مع الصين”، وقد يؤدي إلى تخفيف مدى تحفّظات الأخيرة على كوريا الشمالية، كما نشهد في “رفع الصين لمعدلات عدم تعاونها مع عقوبات الأمم المتحدة على كوريا الشمالية”.
كوريا الشمالية
شهد مطلع العام الجاري سلسلة تصريحات متبادلة من رئيسي الكوريتين، عقب استئناف الجار الجنوبي لمناورات عسكرية مشتركة مع أميركا، وتعثّر المحادثات الديبلوماسية مع الجار الشمالي. فرئيس كوريا الشمالية كيم جونغ أون استهل العام الجديد بتعهّد بلاده زيادة “هائلة في الترسانة النووية ” بما يشمل الإنتاج الضخم لأسلحة نووية تكتيكية، وصواريخ باليستية عابرة للقارات”، وأن الولايات المتحدة “تُشكّل نسخة آسيوية من حلف الناتو”.
أما رئيس كوريا الجنوبية يون سوك يول فقد حذّر من أن “المظلة النووية الأميركية لم تعد تكفي لطمأنة” بلاده، على خلفية زيارته الرسمية للبيت الأبيض وإعلان الرئيس جو بايدن إرسال بلاده “غواصات محملة بصواريخ باليستية نووية” للرسوّ هناك للمرة الأولى منذ عقود. ونوّه إلى اعتقاده بأن “واشنطن لن تتدخّل لحمايتهم في حال هجوم” من كوريا الشمالية، إذ شهد العام المنصرم إطلاق “بيونغ يانغ عدداً قياسياً من الصواريخ بمعدل اختبار واحد كل شهر تقريباً” (وكالات، 2 كانون الثاني/يناير 2023).
أما بشأن ترسانة الكوريتين العسكرية، فقد عملتا بشكل مستقل على تعزيز مخزوناتهما من الأسلحة والذخائر “والدخول في تحالفات مضادة، تحضيراً لأي عمل عسكري مقبل” منذ انتهاء الاشتباكات المسلحة عام 1953.
وحطّ وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو في بيونغ يانغ، قبل أيام معدودة، والتقى بالرئيس الكوري، وزارا معاً معرضاً للأسلحة الباليستية، ما أثار شكوك واشنطن بأن الجانبين اتفقا على صيغة لتوريد الأسلحة من كوريا الشمالية إلى روسيا، عمادها قذائف المدفعية وأسلحة خفيفة مضادة للدروع مع ذخائرها.
وقبل الزيارة أعلاه بأيام قليلة، أجرت روسيا والصين مناورات عسكرية مشتركة في مياه بحر اليابان “لتعزيز سبل حماية طرق الملاحة البحرية ودمج تكامل عملياتهما العسكرية”.
آفاق المرحلة المقبلة لا تدعو إلى الارتياح، بل إلى توتير متبادل بين الأقطاب الثلاثة الرئيسية: أميركا وروسيا والصين. ولا يلوح في الأفق أي نية أميركية تغاير المسار التقليدي بإدامة حالة الحرب في شبه الجزيرة الكورية.
أما المساعي المتعثّرة التي قامت بها واشنطن باتجاه بيونغ يانغ، بعد انقضاء 3 عقود، كان سقفها الأدنى “نزع السلاح النووي” من كوريا الشمالية، وإصرار رؤسائها المتعاقبين على عدم “التعايش مع بيونغ يانغ النووية”، والتخلّي عن مساعٍ سابقة فرضتها الظروف الدولية لإجراء “حوار رفيع المستوى” مع حكومة كوريا الشمالية.
ومع دخول عنصر استدامة الحرب الأوكرانية، نظراً لعزم واشنطن على إدماء روسيا و”الحاق هزيمة استراتيجية بها”، معطوفاً على اشتداد التصريحات الكلامية في جولة الانتخابات الرئاسية المقبلة، فالأجواء تنذر بمزيد من التوتر وإعلاء الصدام بدلاً من نزع فتيل الانفجار.
وعزز وزير دفاع كوريا الشمالية القراءة السوداوية للأزمة المتدحرجة بقوله: “الولايات المتحدة ستواجه أزمة لا يمكن تصورها ولم يسبق لها مثيل، إذا حاولت توجيه ضربة نووية ضد كوريا الشمالية” (خطاب في احتفال الذكرى السبعين لهدنة الحرب الكورية، 29 تموز/يوليو 2023).
:::::
مركز الدراسات الأميركية والعربية، واشنطن
الموقع الإلكتروني:
✺ ✺ ✺
مثلث مصالح مصري – إيراني – سوري
موفق محادين
29 يوليو 2023
بالنظر إلى العلاقات الوثيقة لدمشق مع طهران، ولعلاقات لم تنقطع مع القاهرة، فإنها المرشحة الموضوعية لحلقة الوصل الضرورية التي تزداد أهمية وراهنية بين طهران والقاهرة.
بقدر ما تبدو العلاقات المصرية – الإيرانية بعيدة عن أي تقارب عادي، فقد يكون العكس هو الصحيح، ويتجاوز الحد الأدنى في العلاقات الدبلوماسية إلى ما هو استراتيجي.
قد يبدو هذا الاستنتاج غريباً ومستهجناً في ضوء ارتباط مصر بـ”كامب ديفيد” وفي ضوء علاقات باردة بين البلدين منذ استقبال القاهرة للشاه المخلوع، لكن الاستنتاج المذكور ليس رغبة أو تقدير موقف راهن على هامش الانفتاح الملموس الذي بدأ يحل بالتدريج محل العلاقات السابقة على مستوى الإقليم كله، بل مقاربة سياسية لمعطيات خطرة تهدد طهران والقاهرة ودمشق، وقد تترجم قريباً في خطوات عملية.
إذا كانت الطبعة الأولى من الشرق الأوسط وصفقة القرن قد سقطتا بفعل الفشل الكبير للعدو الصهيوني أمام حزب الله عام 2006، وكذلك بفضل صمود سوريا بعد العشرية السوداء وتصاعد المقاومة الشعبية في الأرض المحتلة، ثمة طبعة أكثر خطورة من مشاريع الشرق الأوسط المتتالية، بدأت تظهر في مشاريع عملاقة في اتجاهين:
اتجاه يربط العدو الصهيوني بالخليج عبر الأردن، واتجاه يربط الخليج مع تركيا عبر العراق، أما مكامن الخطورة في هذه المشاريع، فهي:
– عزل إيران من خلال عزل مضيق هرمز عن حركة التجارة والنفط العالمية.
– عزل مصر من خلال عزل قناة السويس أو تهميش دورها.
-عزل سوريا من خلال عزل حدودها ومفاتيحها البرية والبحرية نحو أوروبا.
– ربط الاتجاه الأول بين الخليج والعدو بميناء حيفا، حتى إن مقاربات سياسية ذهبت إلى أن ما شهدته سوريا خلال العشرية الإرهابية السوداء ثم تفجير بيروت، تحضير لهذا الاتجاه.
بتفاصيل أكثر، يعبر الشرق الأوسط الجديد عن خرائطه الاقتصادية – السياسية الجديدة من خلال مزيج من السكك الحديدية والموانئ والطرق البرية الدولية، وقنوات مائية، مغلقة ومفتوحة، تستبدل قناة السويس ومضيق هرمز بموانئ على الساحل الفلسطيني المحتل، مثل حيفا وأشدود – عسقلان، وتشكل جميعها شرايين شمالية لمشروع “نيوم” السعودي.
في حين أن مشروع “نيوم” (منطقة البدع وجوارها الجبلي والبحري من الحجاز) قد بدأ منذ سنوات وقد يمتد بتوافقات وأشكال من المناطق الحرة والشركات إلى جنوب الأردن، ويتشابك مع المناطق التي يحتلها الكيان الصهيوني، فإن التمعن في المشاريع الصهيونية المتداولة منذ أواخر القرن التاسع عشر يضيء المحجوب في المقاربة المذكورة ويجد لها مرجعيات تأسيسية لدى المتروبولات الاستعمارية، الفرنسية والبريطانية:
– المشروع الذي تقدم به المفكر الفرنسي شارل فورييه لإحياء منطقة شمال البحر الأحمر، وربطها بالبحر الأبيض المتوسط.
– مشروع أرض مدين الذي تقدم به الصهيوني بول فريدمان عام 1878 بدعم الكولونيالية البريطانية وصندوق اكتشاف فلسطين المموّل من روتشيلد وجمعية “أحباء صهيون”، وتمتد أراضي المشروع بين شمالي الحجاز (أراضي مشروع نيوم) وجنوب الأردن (للمهتمين يمكن العودة إلى كتاب أسعد رزوق، إسرائيل الكبرى، ص 66 – 71، وكتاب عصام السعدي، الأطماع الصهيونية في شرق الأردن، ص 221 – 222).
استهداف إيران
من الزاوية السياسية ومنذ إسقاط حكم الشاه الذي كان يتصرف كشرطي للخليج بالنيابة عن شركات النفط والمصالح الأميركية والبريطانية، وإيران الجديدة المناهضة لهذه المصالح مستهدفة بأشكال مختلفة، وأصبحت أكثر استهدافاً بعد التطور الكبير في علاقاتها مع دول “البريكس” و”شنغهاي”، ودعم سوريا والقوى العراقية المقاومة للإرهاب والجماعات التكفيرية، ناهيك بدعم المقاومة الفلسطينية وفصائلها الجهادية.
بيد أن هذا الجانب السياسي على أهميته الراهنة، ليس السبب الوحيد في استهداف إيران وحصارها، بدءاً من الحصار الاقتصادي وانتهاء بمحاولة إخراج مضيق هرمز من المفاتيح الاستراتيجية للإقليم.
إن إيران المستهدفة اليوم عبر مضيق هرمز والجيوبوليتيك الذي يربطها بالعراق وسوريا، هي إيران المرشحة بتقاليدها وتاريخها الإمبراطوري العريق وحاضرها الراهن، لأن تكون أكبر من قوة إقليمية في هذه المنطقة من شرق شديد الحساسية والأهمية للعالم الجديد الذي يتشكل بين أوراسيا وطريق “الحزام والحرير”.
إن مضيق هرمز بالنسبة إلى إيران وخصومها أيضاً، أكبر من شريان للنفط والناقلات، وأكبر من محطات سابقة على طريق الهند الشرقية، إنه شريان للحضور الإمبراطوري كلاعب ورقم صعب بل أصعب رقم في المنطقة، لما تحوزه إيران من تطور في التكنولوجيا والقوة ومن سياسات لا تقررها مطابخ الاستخبارات الصهيونية والأطلسية.
استهداف مصر
يعود استهداف مصر وإخراجها من تاريخ الشرق الأوسط إلى الواجهة من جديد، كما استهدفت منذ السيناريوهات البريطانية – الصهيونية في مواجهة أي محاولة لتكرار تجربة محمد علي في بناء قوس مصري – شامي، بل إن قراءات تاريخية وازنة ربطت اختلاق الكيان الصهيوني بفكرة رئيس وزراء بريطانيا الأسبق، كامبل بنرمان، وبحيث يشكل هذا الكيان بافر ستيت بين مصر والشرق العربي.
يضاف إلى ذلك القراءات الاستراتيجية الهامة لمصر ومكانتها، سواء في المشروع الناصري أو كتابات جمال حمدان وهيكل.
وقد كان لافتاً للانتباه أنه رغم انخراط مصر بعد الانقلاب الساداتي في “كامب ديفيد”، فإن ذلك لم يجعل منها حالة موثوقة على المدى الاستراتيجي في حسابات التحالف الصهيوني -الأميركي، ما جعلها موضوع استهداف دائم في بعدها الجيوبوليتيكي وموقع قناة السويس في هذا البعد، وهو ما يفسر رفض موسكو الدائم، من العهد السوفياتي إلى بوتين لكل محاولات توريطها في خط شمالي بديل لقناة السويس.
فيما مضى، أجبر محمد علي على فك الحصار عن إسطنبول والانسحاب من الشام، ودخلت مصر في تبعية كاملة بعد رحيله، لكنها ظلت قادرة على النهوض والعودة إلى قلب الأحداث انطلاقاً من مكوناتها الاستراتيجية، ولا سيما في ما يخص الجغرافيا السياسية والاجتماعية، كما لاحظ عبد الناصر وهيكل وجمال حمدان في كتابه “شخصية مصر”.
ولنتذكر هنا أن أحد المعطيات الأساسية في الجغرافيا المذكورة، هو قناة السويس، التي أحدث شقها انقلاباً كبيراً في التجارة العالمية وفي معادلات القوى الدولية، مثل إخراج البرتغاليين والإسبان من المنطقة بعد تراجع أهمية رأس الرجاء الصالح، ومثل إضعاف السلطنة العثمانية والطرق الشمالية بعد شق القناة.
لكل ذلك، فإن الاصطفافات غير الاستراتيجية لمصر كما دشنها الانقلاب الساداتي على الناصرية، لا تحميها من الاستهداف الاستراتيجي في العقل الصهيوني والمزيد من إضعافها بإضعاف الأهمية الكبيرة للقناة.
استهداف سوريا
من المفهوم أن تحاول دمشق كسر الحصار الأطلسي الإجرامي وتداعياته المتوحشة على تفاصيل الحياة اليومية للشعب السوري، وقد نجحت في ذلك في ظروف معروفة بينها استعادة موقعها الطبيعي في الجامعة العربية، أياً كانت القيمة السياسية لهذه المؤسسة المتداعية المختطفة من جانب التحالف الإمبريالي الصهيوني النفطي.
بالمقابل، فإن أهمية سوريا ومكانتها وموقعها الجغرافي وتاريخها السياسي والاجتماعي يجعلها في قلب الاستهداف الدائم مهما أبدت من رغبة في التعايش مع محيطها العربي والإقليمي، وكما سبق وأشرنا، فإن الخلفية العامة لإشعال النار الإرهابية والتكفيرية في ثوبها العريق خلال العشرية السوداء، لا تزال قائمة وقد تزداد شراسة مع التقدم الخطر في الخرائط والسكك والطرق الأفقية والعمودية للطبعة الجديدة من الشرق الأوسط الصهيوني – النفطي المشار إليه.
لهذا السبب بالذات، وبالنظر إلى العلاقات الوثيقة لدمشق مع طهران، ولعلاقات لم تنقطع مع القاهرة، فإنها المرشحة الموضوعية لحلقة الوصل الضرورية التي تزداد أهمية وراهنية بين طهران والقاهرة.
:::::
“الميادين”
________
تابعونا على:
- على موقعنا:
- توتير:
- فيس بوك:
- ملاحظة من “كنعان”:
“كنعان” غير مسؤولة عن الآراء الواردة في المقالات، بل هي تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو محرري نشرة “كنعان” الإلكترونية أو تبنيهم لهذه الآراء والمواقف.
ومن أجل تنوير الناس، وكي يقرر القارئ بنفسه رأيه في الأحداث، ونساهم في بناء وعيً شعبي وجمعي، نحرص على اطلاع القراء على وجهات النظر المختلفة حيال التطورات في العالم. ومن هنا، نحرص على نشر المواد حتى تلك التي تأتي من معسكر الأعداء والثورة المضادة، بما فيها العدو الصهيوني والإمبريالي، وتلك المترجمة من اللغات الأجنبية، دون أن يعبر ذلك بالضرورة عن رأي أو موقف “كنعان”.
- عند الاقتباس أو إعادة النشر، يرجى الاشارة الى نشرة “كنعان” الإلكترونية.
- يرجى ارسال كافة المراسلات والمقالات الى عنوان نشرة “كنعان” الإلكترونية: mail@kanaanonline.org