قراءة مختلفة: من بغداد لطرابلس الغرب إلى نيامي … هل اختلفت الظروف والتحالفات؟ عادل سماره

لنختصر دور الغرب عالميا:

أولاً: بدأ الغزو الاستعماري للمحيط عسكريا وبسهولة نظراً للتفوق التسليحي حيث كان المدفع أمام الاقتصاد.

ثانيا: بعد ثورات المحيط خرج الاستعمار وأحل محله الاستعمار الجديد وخاصة بتنصيب أنظمة تقوم بما يخدمه ويريد في الاقتصاد والثقافة والسياسة …الخ.

ثالثاً: في حالة الانتفاض ضد مصالح الاستعمار الجديد اتخذ الاستعمار نهجين:

إما عدوان مزدوج غربي وعربي كما في العراق وليبيا

أو استخدام وكلاء له من أنظمة تابعة او عصابات إرهاب الدين السياسي كما هو ضد سوريا.

يهمنا التركيز على العراق وليبيا حيث كان دور انظمة عربية وجامعة الدول العربية ومثقفين عرباً دور تمهيدي للعزو الغربي للعراق بعد استعادة الكويت.

صحيح أن توقيت العراق لم يكن صحيحاً، وهو ما ذكرناه في مقال سابق. ولكن تغوُّل الكويت وبقية انظمة الخليج على العراق سواء بتخفيض سعر النفط بالضخ الهائل، كما كان يُدعى دور السعودية ب “المنتِج المرجِّح” ومطالبة العراق بما دفعوه لها في حربها مع إيران كان دافعا للحرب.

المهم أن دور هؤلاء العرب مهد الطريق للغزو وإنهاء العراق بمعنى أنه حتى 2003 كان فقط بانتظار الطلقة الأخيرة.

في حالة العراق كان السوفييت متواطئين مع الغرب إبان سلطة جورباتشوف. ورغم استعداد العراق للخروج من الكويت إلا أن انظمة عربية وخاصة مصر مبارك وكذلك الغرب كانوا بصدد تدمير العراق حتى بدون مشكلة الكويت، كيف لا، وقد حانت الفرصة. ولعل مشروع الحروب المعولمة المتعددة ضد سوريا شاهد واضح حيث أن سوريا لم تعتدي على أحد بل حتى خرجت من لبنان رغم أن دخولها كان بموافقة أمريكية 1977!!!

ثم كانت حالة ليبيا حيث لعبت أنظمة عربية ومثقفون عرب والجامعة العربية وإرهابيو الدين السياسي دور التمهيد للغرب لاحتلال ليبيا وايضاً لم تكن ليبيا قد اعتدت على أحد.

كما وافقت روسيا بقيادة مدفيدف على ضرب ليبيا إذا ضرب النظام المتظاهرين، ولم يضرب المدنيين المتظاهرين، ولكن العدوان أخذ المنحى الذي يريده الغرب . أما روسيا فلا تزال تبرر خطيئتها بأنها خُدعت!

النيجر حالة أخرى

تقع النيجر في منطقة سيطرة فرنسية متراجعة وهي مخزون هائل من الثروات للغرب وخاصة فرنسا. لذا فإن صمود النظام الجديد يعني تقويض مصالح فرنسا واتساع توجه اقتلاع الاستعمار الجديد في عديد البلدان الإفريقية.

وعليه، فأمام الغرب عدة سيناريوهات للتطبيق.

أولاً: حتى الآن يحرك الغرب أدواته الإفريقية للتدخل عسكرياً أي منظمة إيكوس المكونة من 15 دولة. وهذه إن تدخلت فهي كأنما تدافع عن نفسها من خطر شبيه قادم.

ثانياً: إذا تدخلت إيكوس فلا شك أن الغرب سوف يساهم معها بالتدمير من الجو ضد النظام الجديد.

ثالثاً: إذا لم تتدخل إيكوس فربما يُناط بها إرسال إرهابيين على الأرض بينما يتعهد الغرب بالقصف الجوي كما حصل في ليبيا.

رابعاً: قد يضطر الغرب للتدخل بالمُشاة، وهذا مستبعد جدا وخاصة لأن البلد واسع جدا ولأن أمريكا خاصة ذاقت الطعم المر للتدخل البري كما حصل في الصومال سابقاً. ومع ذلك يبقى هذا أمر مفتوحاً.

ماذا عن روسيا

حتى اللحظة تعترض روسيا على مختلف التهديدات ضد النيجر مؤكدة أن هذه مسألة داخلية ومنددة بالتاريخ الطويل للغزو الاستعمار للأمم الأخرى تحت ذرائع: تثبيت الديمقراطية، مواجهة الإرهاب…الخ.

ولكن يبقى السؤال: في حال حصل العدوان على النيجر، ماذا لدى روسيا؟

لا يستطيع أحد التكهن بشيء محدد، فربما تكتفي روسيا بتوفير السلاح والاستخبارات وقد تساعد الصين في ذلك، ولكن يبقى تدخل روسيا مستبعدا، وقد توكل ل فاغنر الدور مما يعني شكلاً جديداً من الحرب.

وإذا حصل العدوان بأيٍ من الأشكال أعلاه، هل ستدخل الدول الجارات والحليفات للنيجر تلك الحرب؟ إن حصل، فالعالم أمام زلزال على مستوى إفريقيا.

نختم بالقول بان هدف هذه المقالة ليس مشكلة النيجر وحدها بل تذكير العروبيين بما فعله اللاعروبيون: أنظمة ودين سياسي ومثقفون وجامعة الدول العربية ضد العراق وليبيا، كما نتمنى ان لا يوجد من طراز هؤلاء اللاعروبيين لا في النيجر ولا في جوارها. نتمنى أن لا يوجد في النيجر ولا في جاراتها طوبيرا من طراز هؤلاء.

_________

ملاحظة من “كنعان”: “كنعان” غير مسؤولة عن الآراء الواردة في المقالات، بل هي تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم … تابع القراءة ….