نشرة “كنعان”، 10 أغسطس 2023

السنة الثالثة والعشرون – العدد 6606

في هذا العدد:

د. عادل سماره:

  • محاكمتي ليست كقضية دريفوس!
  • كي لا نكون كرةً
  • غنج الغرب وغنج مثقفين عرب
  • إعلام وحكام ومثقفون: يا ليتكم صهاينة عقلياً

روسيا تتحدى “الناتو” غرباً والحلف يكرّس البلطيق “بحيرة الناتو”، د. منذر سليمان وجعفر الجعفري

وثائقي “انقلاب 53” يتعرّض لحصار بريطانيّ، لكنّ الإيرانيّين استوعبوا درس التاريخ جيّداً، سعيد محمّد

ما لم يعرفه الجميع عن بن بلّة

✺ ✺ ✺

د. عادل سماره:

  • محاكمتي ليست كقضية دريفوس!
  • كي لا نكون كرةً
  • غنج الغرب وغنج مثقفين عرب
  • إعلام وحكام ومثقفون: يا ليتكم صهاينة عقلياً

✺ ✺ ✺

(1)

محاكمتي ليست كقضية دريفوس!

دخلت محاكمتي ضد “دولة مع المستوطنين” عامها الثامن. لم تنقصني القدرة على التقاط اساس القضية حيث اكتشفت بأن ما يُسمى “التجمع العربي والإسلامي لدعم خيار المقاومة” ثم غير اسمه بعد الفضيحة إلى “التجمع العالمي لدعم المقاومة” الذي نادى بدولة مع المستوطنين هو تجمع سياسي تابع لإيران كي تخلق تيار دين سياسي طائفي في الوطن العربي يكون جزءاً من ادواتها لهيمنة على هذا الوطن واقتلاع عروبته وبالطبع يكون منافسا أو موازيا لتيار الدين السياسي السني…فأهلا وسهلاً! وهذا يطرح السؤال: هل دعم إيران لفصائل من الفلسطينيين هو على اساس ديني؟ لا. هو على اساس قومي بغطاء ديني وخدمة هيمنة إيران. وبالمناسبة، لها الحق في ذلك وهكذا تفعل تركيا وغيرهما وهذا شأن اية دولة لأن السؤال: لماذا نحن بلا مشروع عروبي. فالمطية تُغرب بالامتطاء.
بعد براءتي لثلاث مرات في محاكم محلية هناك محاكمة رابعة لتقييم قرارات القضاء الذي برّئني لوجه الحق.

في نقد النيابة العامة لقرارات السادة القضاة بأن القضاء لم يطلب شهادة المباحث.
انا بدوري أتمنى فتح المحاكمة من الصفر للمواجهة.

وهنا اسأل أي طرف في السلطة له علاقة بجلب الشهود حيث أن المعروف أن على الشاهد أن يحضر أو أن يُحضر. ولمدة خمس سنوات هناك شاهد معروف الاسم والسكن والهاتف…الخ ولم يتم لا حضوره ولا إحضاره مع أن زميله الذي أتى معه لمكتبتي “القرمطية” للتعارف معي قبل القضية وأخبراني ما تشيب له شعور الأطفال، هذا الزميل أتى وشهد وطلب مني عدم ذكر بعض الأمور!!! . جَلْب الشاهد هذا برسم إجابة النيابة العامة.
لست دريفوس: مكثت قضية دريفوس 12 عاما، وهي حسب ويكيبيديا:
“قضية دريفوس (بالفرنسية: L’affaire Dreyfus)‏ هي صراع اجتماعي وسياسي حدث في نهاية القرن التاسع عشر في عهد الجمهورية الفرنسية الثالثة. اتهم بالخيانة في هذه القضية النقيب ألفريد دريفوس، وهو فرنسي الجنسية يهودي الديانة. هزت هذه القضية المجتمع الفرنسي خلال اثني عشر عامًا من 1894 وحتى 1906 وقسمته إلى فريقين: المؤيدين لدريفوس مقتنعين ببراءته (الدريفوسيين les dreyfusards) والمعارضين له معتقدين أنه مذنب (les antidreyfus).
تجريد ألفريد دريفوس من رتبته في 5 يناير 1895، للرسام هنري مير
أُتهم النقيب دريفوس في نهاية 1894 بأنه أرسل ملفات فرنسية سرية إلى ألمانيا. ولكن هذا يعد خطأ قضائي حيث أن القضاء الفرنسي كان يُعرف بمعاداته للجاسوسية والسامية (اليهود) وقد أثبتت بعد ذلك براءة هذا النقيب. كان المجتمع الفرنسي في ذلك الوقت يعادي السامية ويكن كراهية للإمبراطورية الألمانية بعد ضم ألزاس ولورين إليها عام 1871.”
لكن أنا أُحاكم على موقفي الوطني والنقدي. ومن حيث السامية أنا لا أعرف سوى أنني عربي ولا ثقافة لدي في حجم الجمجمة وطول الأنف….الخ. أما فرنسا التي كانت كغيرها ضد ما يسمى السامية فأصبحت أهم داعم للكيان بعد امريكا. ويبقى لي ان أقول: و إذا لم يقتلعنا الكيان من الضفة الغربية فإن محكمتي كما يبدو ستطول بأطول من قضية دريفوس.

(2)

كي لا نكون كرةً

متى نتوقف عن التحول إلى كرة من مليار ونصف شخص يركلها شاذ!

هذا قول أقصد به من يهيجون ويُهيِّجون حينما يتم حرق المصحف الشريف.

يبدو ان الغرب أخذ يتسلى بنا كي نتلهى عن اي فعل ذي قيمة إقرأ:

“عبّرت سبعة أحزاب معارضة دنماركية، اليوم الخميس، عن اعتراضها على جهود الحكومة لجعل إحراق المصاحف مخالفا للقانون، معتبرة أن سن تشريع بهذا الخصوص سيكون تقييداً غير مقبول لحرية التعبير”.

ألا تستغربون هذا! فمنذ أن فتحت فتوى الخميني بقتل سلمان رشدي باب تشغيلنا في أمر لا يستحق أي اهتمام إلتقط الغرب هذا الخلل فشجع أفراداً تافهون على حرق المصحف، ومن حينها وحتى اليوم يقوم أحد الشواذ بحرق المصحف ليهيج عربا ومسلمين فيكونوا مثابة فيلم بالألوان يتمتع به الغرب ثم نعود نشتري منهم كل ما يصنعون ويزرعون، اي نمولهم!

فمتى يتوقف من ينفخون في هذه القربة المثقوبة يطالبون بالرد؟

ولو افترضنا شاباً عربيا مسلما قام بقتل أحد هؤلاء: من الذي سيحميه أو يدافع عنه؟ ماذا ستفعلون غير تسميته شهيداً.

ما هكذا تورد الإبل ايها المشايخ!

توجهوا للشعوب بأن تقاطع هؤلاء، وقاتلوا الأنظمة كي تقوم بالتنمية، وحينها

1- ستجدون ما تنشغلون به فتنظرون للشاذ على حقيقته

2- وسيأتي ضواري الغرب وليس فقط بُغاثه كالدنمارك صاغرين.

للعلم، الدنمارك شاركت مع عرب في العدوان على العراق 1991 و 2003 وشاركت في قصف ليبيا 2011 وبارك ذلك عرب سنة وشيعة ومسلمين سنة وشيعة وشارك بعضهم.

ألم يستفزكم هذا؟ أم طربتم للتدمير بلدين عربيين عزيزين!

(3)

غنج الغرب وغنج مثقفين عرب

الشارع الأوروبي الذي تحمس لأوكرانيا واستقبل هاربيها واغتبط لتقديم حكامه السلاح لها معتقداً أن الحرب لن تطول وبالتالي سيبقى هذا الشارع على انتهازيته في العيش على خيرات العالم، بات يتشكى لأن الحرب استطالت ووصلت كلفتها جيوبه!

إعتاد الغرب على نهب العالم مجانا او بكلفة ضئيلة.

العالم يتغبر وأنتم مكانكم. لا بأس، فهل يفهم هذا حكام العرب والنفطين خاصة الذين فرَّخوا إرهاب الدين السياسي لتكريس النهب الغربي والصهيونية..

لعل المطلوب أن يفهم هذا الشارع العربي.

لكن الشارع كي يسمع يحتاج حركة عروبية ولائها عروبي لا ولاء متخارجاً لينقذنا أحدا. أقول هذا للذين يُحبطون الأمة بقولهم”ليس لدينا مشروعاً”.

تباً لك، فلماذا لا نخلق مشروعاً!

هؤلاء ينقلوننا من الولاء للغرب إلى ولاءات لأمم قامتنا اعلى منها تاريخياً.

(4)

إعلام وحكام ومثقفون: يا ليتكم صهاينة عقلياً

بعد أن وصلت وثائق تحالف الصهيونية النازية لتوطين المستوطنين في فلسطين إلى اربعة أرجاء الكوكب،يتذاكى هؤلاء في زعم انهم يفضحون الصهيوينة!.
نعم، الصهيونية استخدمت النازية ولو على حساب يهود لتقيم مستوطنة في فلسطين جرى دعمها بالمال والتكنولوجيا والمنتجات الألمانية وطبعا تهجير مستوطنين من المانيا وخاصة من بافاريا موطنهم القومي ليتم توطينهم في فلسطين.

لعل هذا يثبت لكم وللصهيونية والغرب أن المانيا لم تكن حليفة للحاج أمين الحسيني بل وألمانيا اليوم اشد عداء للعرب من امريكا وبريطانياوفرنسا والصغيرة جدا سويسرا بيت غسيل الأموال.
الإعلام الشاطر إعلام المحور يثرثر لإدانة الصهيونية في علاقتها مع النازية معتقداً أن هذا يثير أحدا ضد الصهيونية.
لا يا عباقرة، كل العالم يعرف ذلك قبلكم لكنه يفهم المعادلة ويسخر منكم لأنه يعرف ان الصهيونية قدمت ثمنا وقبضت اضعافه أما أنتم وحكامكم فذبحتم الوطن والشعب والثروة وقبضتم بقائكم في السلطة. وأكثر، فإن مشايخكم سنة وشيعة يدمرون تاريخ العرب خدمة لطائفية بغيضة أو لمقاصد وضيعة بأن يواصلوا مناكفاتهم ويقبضون رواتبهم من السلاطين.

ضرركم اشد من فاشية النازية وعسف الصهيونية.

✺ ✺ ✺

روسيا تتحدى “الناتو” غرباً

والحلف يكرّس البلطيق “بحيرة الناتو”

 د. منذر سليمان وجعفر الجعفري

       استكملت روسيا مناوراتها البحرية الأخيرة، درع المحيط 2023، في مياه بحر البلطيق، بمشاركة نحو 30 سفينة حربية وأسطول دعم عماده 20 قطعة و 6،000 عنصر. وأعلنت  وزارة الدفاع الروسية أن من بين مهام المناورة “تحريك قوات إلى منطقة البلطيق”، وضمناً إلى جيب كالينينغراد، ما سجّل ارتفاعاً في منسوب التوتر لدى قادة حلف “الناتو” والقلق أيضاً، خصوصاً بعد إقراره عضوية كل من فنلندا والسويد المتشاطئتين عليه، واعتباره المناورات تحدياً لسيطرته نظراً لاعتباره المنطقة “بحيرة للناتو”.

            تفاقمت الأوضاع مجدداً عقب اتهام بولندا لجارتها بيلاروسيا بانتهاك طائراتها المروحية أجواءها، والتي لم تسجّل أجهزة راداراتها للأجسام الطائرة استشعارها بالسرعة المطلوبة. كما أرسلت بولندا “تحذيراً” لمجموعة “فاغنر”، المرابطة في أراضي جارتها، من السعي لاختراق حدودها متنكّرين “بزيّ مهاجرين مدنيين أو هيئة حرس حدود بيلاروسيين”، بحسب تصريح رئيس وزراء بولندا ماتيوز موراويكي، 28 تموز/يوليو 2023.

            في واشنطن، نفى المتحدث باسم مجلس الأمن القومي جون كيربي عِلم واشنطن بأي تهديد يشكله وجود قوات “فاغنر” في بيلاروسيا على بولندا أو أعضاء آخرين في حلف “الناتو”، مستطرداً أن الإدارة الأميركية “تراقب الوضع من كثب”، بالتزامن مع بدء بولندا نشر أكثر من 1000 جندي بالقرب من الحدود المشتركة مع بيلاروسيا. (وكالة “رويترز”، 1 آب/أغسطس 2023).

            أنظار طرفي الصراع، روسيا وحلف الناتو، مشدودة نحو  ممر “سوفالكي” الاستراتيجي، الفاصل بين دول البلطيق وأوروبا، والذي تم انتزاعه من ألمانيا بعد هزيمتها في الحرب العالمية الأولى ومنح الحلفاء جزءاً منه إلى بولندا، ولا يزال مصدر توتر العلاقات البلدين إلى الآن.

ويشكّل الممر مصدر قلق إضافياً لأطراف الحرب الدائرة في أوكرانيا، إذ ستعزل السيطرة عليه دول البلطيق الثلاث، بولندا وليتوانيا وبيلاروسيا، عن بقية دول الناتو. كما يفصل الممر بيلاروسيا عن مقر اسطول بحر البلطيق الروسي في كالينينغراد. أما السيطرة عليه فتمنح القوات الروسية وحليفتها البيلاروسية ميزة استهداف وعرقلة أي امدادات عسكرية تتحرك براً من بولندا إلى ليتوانيا.

سعت بولندا لاستغلال مكانتها الفريدة لدى حلف الناتو بمطالبته إنشاء قاعدة عسكرية قوامها فرقة مدرّعة، وأرجأ الحلف قراراً بهذا الشأن لخشيته من تمدد رقعة انتشاره وصعوبة الدفاع عنها لاحقاً، واستعاض عنها بإجراء مناورات عسكرية متتالية بالقرب من الممر.

لدى حلف “الناتو” وجود عسكري دائم في محيط الممر الاستراتيجي، يضم: لواء الذئب المدرّع الميكانيكي، والفوج 185 من سلاح المشاة الأميركي، يعاونهم نحو 400 عنصر من سلاح الفرسان الملكي البريطاني. وفي المحيط القريب، يرابط نحو 40،000 عسكري تابع لقيادة حلف “الناتو” بالإضافة إلى عدد من الوحدات العسكرية البولندية التابعة لقيادة الحلف. كما “وعد” رئيس الحلف يانس ستولتنبيرغ بتعزيز القوات العسكرية بنحو 300 ألف عنصر كجزء من “قوات رد الحلف” على المخاطر.

وأشد ما يخشاه صنّاع القرار في واشنطن مطالبة روسيا بممرّ مباشر من بيلاروسيا إلى كالينينغراد، الأمر الذي “قد يفك ارتباط دول البلطيق بحلف شمال الأطلسي” (مقالة بقلم أحد أعمدة المحافظين الجدد روبرت كايغان في “واشنطن بوست”، 21 شباط/فبراير 2022).

            تتضاعف أهمية ممر سوفالكي الضيق، وطوله 60 ميلاً، بوجود “المنتجعات الصحية والبحيرات الساحرة والتاريخ العنيف”، وفيه قضى الزعيم النازي هتلر معظم سنوات الحرب العالمية الثانية متحصناً في أحد مخابئه. وتزخر الأدبيات الأميركية بشكل خاص بالإشارة إلى “وجود نحو 30 ألف جندي روسي في بيلاروسيا”، مزودين بأسلحة هجومية وبطاريات صواريخ أس-400، للدلالة على “إحدى أبرز أوراق الضغط التي يملكها الرئيس الروسي” ضد الغرب بشكل عام في حال اندلاع مواجهة مع حلف “الناتو.”

            تحضيراً للمعركة المقبلة بشأن ممر سوفالكي، نظرياً على الأقل، تكشف الدوائر العسكرية الأميركية نيّاتها بتعالٍ وعنجهية مطالبة الإدارة  بـ “ضمان الوجود الدائم للدروع والطيران القتالي والحرب الإلكترونية والطائرات المسيّرة والمهندسين ووحدات الدفاع الجوي. كما يجب على إيطاليا وإسبانيا وفرنسا – نظرا لحجمها العسكري وأهميتها في التحالف – الالتزام بتركيز وحدات قابلة للتشغيل المتبادل بحجم كتيبة قوامها 800 جندي في قواعد دائمة في بولندا أو ليتوانيا أيضًا” (دراسة صادرة عن “كلية الحرب التابعة لسلاح الجيش الأميركي”، 19 تموز/يوليو 2020).

            كما تعوّل أيضاً على “استمرار وحدة حلف الناتو” في مواجهة روسيا، على الرغم من التصدع داخل دول الحلف بدرجات متفاوتة، وبروز تحديات أكثر جرأة للنفوذ الأميركي والغربي بشكل عام، خصوصاً في إفريقيا.

            يوضح الخبير في الشؤون الروسية ومدير برنامج “أوراسيا” في معهد “كوينسي”، أناتول ليفين، عوامل أربعة لاستمرار “وحدة” الناتو: حالة الاقتصاد الأوروبي؛ مخاطر التصعيد إلى حرب نووية؛ تراجع الثقة بانتصار أوكرانيا؛ إقدام روسيا على وقف إطلاق النار (وكالة “دوتشي فيلي” الألمانية، 25 شباط/فبراير 2023).

            بيد أن التحركات الأخيرة لروسيا باتجاه تعزيز مواقعها في كالينينغراد ومواردها العسكرية أيضاً ستعرقل  قدرة حلف الناتو على فتح جبهة استنزاف جديدة طويلة الأمد، على غرار أوكرانيا، وذلك بالرغم من الدعوات الرغائبية في واشنطن تحديداً لـ ” التحسين السريع للبنية التحتية ذات الصلة عسكريًا في منطقة سوفالكي، وتعزيز صفوف قوات الحلفاء بشكل كبير ودائم في شمال شرق أوروبا، كما يجب على التحالف أن يأخذ في الاعتبار مستويات القوة الروسية والقدرات العسكرية المزعزعة للاستقرار الموجودة في كالينينغراد وبيلاروسيا، وأن يقترب من مطابقتها على الأقل من الناحية النوعية من أجل ردع موسكو” (نشرة “فورين بوليسي”، 3 آذار/مارس 2022).

:::::

مركز الدراسات الأميركية والعربية، واشنطن

الموقع الإلكتروني:

http://thinktankmonitor.org/

✺ ✺ ✺

وثائقي “انقلاب 53” يتعرّض لحصار بريطانيّ، لكنّ الإيرانيّين استوعبوا درس التاريخ جيّداً

سعيد محمّد

August 5, 2023

يخطأ كثيرون باعتقادهم أن العداء الأمريكيّ – البريطانيّ لإيران مرتبط ببنية النّظام الحالي وسياساته في المنطقة، أو أنّه نتاجٌ لحرص الإمبراطوريّة على تمتّع الشعب الإيراني بالديمقراطيّة وسعياً لتحريره من الدّيكتاتوريّة المزعومة. يعرف الإيرانيّون ذلك تماماً، وهم تعلمّوا من درس التّاريخ البليغ في 1953 عندما تواطئت المخابرات الأمريكيّة والبريطانيّة مع عملائها في الدّاخل على تنفيذ انقلاب أطاح بحكومة مصدّق المنتخبة ديمقراطيّاً. تفاصيل ذلك الانقلاب لم تعد سرّاً، فقد أفرجت المخابرات الأمريكيّة عن وثائق من تلك الفترة، ودوّنت عنها عدّة كتب ممتازة، لكّن وثائقي “إنقلاب 53” الذي يحاول البريطانيوّن منع عرضه يمنح جيلنا الذي لا يقرأ كثيراً فرصة استعادة تلك المرحلة من خلال عمل بصريّ مشغول بكثير من العناية والشغف.

سعيد محمّد – لندن

تفتقد التغطية الإعلاميّة التي تهيمن عليها الأجنحة الفكريّة للنخب الرأسماليّة الحاكمة وبشكل متعمّد إلى أي عمق تاريخي، فتقّدم الأحداث على صيغة جزر منعزلة، منفصلة عن سياقاتها والعناصر الفاعلة فيها، وتصاغ بخطاب مجتزأ ومزدوج المعاني – كلمات أو صوراً سيّان -، فيما تستذكر اللّحظات التاريخيّة – عند الحاجة – غريبة مبسترة، كأنها من كوكب آخر حيث فعل أناس غريبو الأطوار الأشياء بشكل مختلف. وتتظافر تلك التغطيّة بالضرورة مع جهود ممنهجة لمختلف الجهات المعنيّة بالتعليم والتنشئة الإجتماعيّة تستهدف تشجيع الجمهور على عدم التفكير بعالمنا تاريخيّاً، والاكتفاء بعيش اللحظة الآن – هنا، لا على حقيقتها بل دائماً كما يُراد لهم أن يروها. كثيرون مثلاً يعتقدون بأن العداء الأمريكيّ – البريطانيّ لإيران مرتبط ببنية النّظام الحالي وسياساته في المنطقة، أو أنّه تَرِكة مرحلة ثورة 1979 وأزمة رهائن السفارة الأمريكيّة بطهران التي استمرت 444 يوماً، أو أنّه نتاجٌ لحرص الإمبراطوريّة على تمتّع الشعب الإيراني بالديمقراطيّة وسعياً لتحريره من “الاستبداد” والدّيكتاتوريّة وحكم “ولاية الفقيه”، ومنح شعوب منطقة الشرق الأوسط الفرصة للتعايش بسلام يقض مضجعه حصراً التسلّح الإيرانيّ.  لكن التاريخ – كما يعلّمنا ماركس – سيرورة دائمة لا تتوقف، وتترابط فيه الأحداث بين الماضي والحاضر وتتشابك الأسباب والنتائج في أنساق تحكمها علاقات وتفاعلات يمكن القبض عليها وتحليلها وإجراء المقارنات بشأنها والبناء عليها لإدارة المستقبل. والحقيقة أنّه تجنّ على الذّات في العالم العربيّ قبل الآخرين أن نقع فريسة سهلة للتغطية المغرضة – أمريكيّة أو متأمركة – عن إيران وشعبها دون بذل ولو أقلّ الجهد لوضع المسألة في سياقها الكليّ – التاريخي -.

وثائقي “إنقلاب 53 – 2019، 120 دقيقة” للمخرج البريطاني / الإيرانيّ الأصل تاجي أميراني يمنح جيلنا الذي لا يقرأ كثيراً فرصة نادرة لفهم لحظتنا الإيرانيّة المعاصرة – إن جاز التعبير – عبر استعادة مرحلة مفصليّة هامّة في تاريخ إيران والمنطقة جاءت ضمن مسار تراكمي مستمرّ للعدوان الإمبريالي الغربيّ إلى لحظتنا الرّاهنة، وإن تغيّرت اليوم بعض تفاصيله الفرعيّة: أي الانقلاب على حكومة رئيس وزراء إيران محمّد مصدّق صيف 1953، ما يعرف في أروقة المخابرات بعمليّة أجاكس Ajax Operation.

انقلاب 53: الحدث

رغم انتصارها، خرجت بريطانيا محطمّة من الحرب العالميّة الثانية (1939 – 1945)، ولذا ازدادت أهميّة الدّخل الذي كان تتحصّل عليه من نفط مستعمراتها في الخليج الفارسيّ لا سيّما إيران التي يهيمن موقعها الإستراتيجي على خطوط الشحن البحري لنقل النفط الرخيص من المنطقة إلى العالم. جنّ جنون الحكومة البريطانيّة عندما أعلن محمّد مصدّق رئيس الحكومة الإيرانيّة المنتخبة ديمقراطيّاً في 1951 عن تأميم صناعة النفط الإيرانيّة. فامتلاك الشعب الإيراني لثروته كان يعني حتماً تدنٍ إضافياً في مستوى عيش الناخبين البريطانيين (في العام 1950 كانت حصّة حكومة صاحبة الجلالة من عوائد شركة النفط الأنغلو-إيرانية حوالي 51 مليون جنيه إسترليني مقابل 16 مليون جنيه تلقتها الحكومة الإيرانيّة هذا سوى خط سريّ لسرقة النفط الإيراني من خلال إرساله إلى مصاف في العراق، والتلاعب بحسابات الشركة لتقليل عوائد أهل البلاد)، ناهيك عن السّابقة التاريخيّة المقلقة التي قد يشكلها انتصار الإيرانيين إن تحقق، وانعكاسات ذلك على مصالحها الإمبراطوريّة الأخرى – وأقربها مصر قناة السويس حيث مفتاح الملاحة العالميّة -. الأمريكيّون المنتشون بانتصارهم السّهل في الحرب العالميّة كانوا بدورهم شرعوا بتعزيز موقعهم المكرّس حديثاً بحكم الواقع الموضوعيّ كقوّة هيمنة إمبريالية عالمية، ووراثة النفوذ البريطاني المتراجع في الشرق الأوسط – وغيره –. وهم عمدوا إلى فرض تواجد لهم على الساحة الإيرانيّة منذ 1945 كجزء من استراتيجيّة كبرى للسيطرة على موارد النفط العالميّة ومنع شعوب المستعمرات الأوروبيّة من التحالف مع الاتحاد السوفياتي في معارك التحرر الوطنيّ، وقد كان تقييمهم سلبياً بشأن وجود مصدّق وحكومته في موقع السلطة بطهران.

لم يكن مصدق شيوعياً ولا معمماً ولا ديكتاتوراً ولا حتى معادياً للغرب. ولكن كما تكرر الأمر مع الرئيس عبد الناصر وتأميم قناة السويس في عام 1956، فإن الإمبريالية العالميّة أقلقتها شعبيته الضخمة وتوجهاته اليساريّة، وتصميمه غير القابل للإفساد على ضمان استخدام موارد بلاده لرفع مستوى معيشة الشعب الإيراني بعد طول هوان على يد المستعمر. وهكذا تقرر إزاحته من السلطة عبر تقنيات انقلابية من إبداع المخابرات البريطانيّة، أصبحت مألوفة اليوم بعدما احتضنتها وعززتها المخابرات المركزيّة الأمريكيّة – حديثة التأسيس -، وخصصت لدعمها ميزانيّات ضخمة، وحوّلتها إلى منهج عمل لإسقاط الانظمة المعادية لهيمنة الولايات المتحدة حول العالم.

كانت أوّل الخطوات بعد تأميم مصدّق صناعة النفط أن سحبت بريطانيا كافة كوادرها الهندسيّة والفنيّة من إيران، وأوقفت تصدير قطع الغيار للمعدات، وفرضت حظراً دوليّاً على النفط الإيراني، فتراجع الإنتاج إلى مستوى 4% فقط من مستويات العام السابق. وقد نجحت من الأزمة الاقتصادية الخانقة الناجمة عن ذلك في هدفها بإضعاف مصدق من خلال التسبب بمعاناة كبيرة للناس العاديين، ونشر عدم الاستقرار في البلاد. ودبّرت تالياً عمليّة اغتيال الجنرال محمود أفسهارث، قائد الأمن الإيرانيّ الذي عينه مصدق، وكلّفت شقيقة الشاه بتشجيع شقيقها المُتردد للموافقة على خطة الانقلاب ومنح قادته شرعية دستورية. كما تمت رشوة رؤساء تحرير الصحف الإيرانيّة لنشر مقالات وأكاذيب بالغة الضرر بسمعة مصدق وحكومته أعدّت نصوصها وكالة الاستخبارات المركزية، وكانت تنشر يوميّاً بحرفيّتها كما تصل دون أي تعديلات. وطوال ربيع وصيف عام 1953 لم يمر ولا حتى يوم واحد دون أن يندد أحد العملاء صحفيّاً، أو معلقاً إخبارياً، أو سياسياً برئيس الوزراء مصدّق.

البريطانيون والأمريكيون كانوا أسسوا نواة صلبة من النشطاء الإيرانيين ذوي الخبرة والكفاءة العالية الذين أمضوا سنوات في تجميع شبكة سرية من السياسيين اليمينيين المتعاطفين مع الاستعمار وضباط الجيش الطموحين ورجال الدين ومحرري الصحف وقادة عصابات الشوارع والعاهرات كانت مخابرات البلدين تدفع لهم شهريّاً عشرات الآلاف من الدولارات في الشهر. وشملت الرشاوى أيضاً العديد من أعضاء البرلمان، والوجهاء الأثرياء وشخصيات دينية مستقلة ظاهرياً مثل آية الله كاشاني النّافذ (الذي أطلق تصريحات ضد رئيس الوزراء، اتهمه فيها بالخيانة وانتهاك الدستور وعدم طاعة الشاه بعدما تلقى مقابلها 10 آلاف دولار نقداً). وكُلّف عملاء ايرانيون تظاهروا بأنهم شيوعيون مؤيدون لمصدّق بتوجيه إهانات لرجال الدّين وبتهديدهم بعقاب وحشي إن هم عارضوا مصدق، وتعرّض منزل أحد هؤلاء بالفعل لاعتداء، فيما تفجرّت موجة احتجاجات جماهيرية كانت تنظمها مافيات الشوارع وتقودها العاهرات ويتورّط فيها الجهلة والمغفلون، ثم تقدّم للعالم الخارجي على أنّها “ثورة” شعبيّة، و”ربيع” طهران.

بالطبع لم يكن سقوط مصدّق حتمياً، إذ أن أغلبيّة الإيرانيين كانت تثق به والعديد من القطاعات العسكريّة كانت موالية للبلاد لكنّه لم يتصرّف بشكل حاسم، ولم يصدر أوامر لمؤيديه بعزل الانقلابيين، بل ونصحهم بعد تنفيذ الانقلاب العسكريّ بيوم واحد بالعودة إلى منازلهم لتجنّب سفك الدّماء. وهكذا سقطت حكومته، وتعرّض أنصاره للقمع والتصفية والإعدامات وفق قوائم معدّة مسبقاً.

بالطبع لم يكن الانقلاب مجرّد عمل استخباراتي محض، بل شارك فيه بفاعليّة قتلة آخرون: الرئيس الأمريكي دوايت دي أيزنهاور، ورئيس الوزراء البريطاني ونستون تشرشل، ومصالح النفط والشركات، وهيئة الإذاعة البريطانية وغيرها من الجهات الشائنة. دون شكّ كان عملاء المخابرات البريطانيّة الأكثر فخراً بالنتيجة الباهرة لأجاكس (التي اُستوحي اسمها من ماركة سائل التنظيف الشهير)، لكن المخابرات الأمريكيّة حوّلتها إلى دليل عمل تم تطبيق تعليماته بنجاح تالياً في غواتيمالا 1954، وتباهى حينها كيرميت روزفلت – أحد متخصصي هندسة الانقلابات في وكالة المخابرات الأمريكيّة – علناً بأن نظام هوشي منه الشيوعي في فيتنام هو التالي على القائمة.

لكن الفيتناميين لم يكونوا بلهاء، إذ تعلّموا من دروس إيران 53 وغواتيمالا 54 وكسروا العدوان الأمريكي العسكريّ بعد أن أفشلوا تقنيّات المخابرات الانقلابيّة وتصدوا للعملاء، وكذلك فعلت كوبا. ومن المؤسف أن هذه التّقنيات التي لم تعد سريّة، كما تطبيقاتها الأحدث بالاستفادة من التكنولوجيات الحديثة في الاتصال والإعلام لا تزال فاعلة ومستخدمة للإطاحة بالحكومات الوطنيّة كما أظهرت الأحداث الأقرب في ليبيا وسوريا والعراق ولبنان وهونغ كونغ وفنزويلا وبوليفيا وحاليّاً في روسيا، ولا تزال قادرة على التأثير في جمهور عريض يعتقد كسلاً أن أيّ وصف لما يجري أمامه بالعمل الاستخباراتيّ المدبّر “نظريّة مؤامرة”. لكن الإيرانيين استوعبوا دروس انقلاب 1953 جيّداً، وخبروا كذبة الديمقراطيّة التي يغلّف بها الغرب طموحاته الإمبرياليّة، وهم سددوا الحساب للأمريكي والبريطاني بإسقاطهم حكم الشاه ربيبهم في 1979 وتأسيسهم جمهوريّة مستقلّة صار عمرها اليوم أربعين عاماً ونيّف، وتزداد صموداً منعة كلّ يوم حتى صارت عقدة المشروع الأمريكيّ في الشرق الأوسط برمته.

انقلاب 53: الوثائقيّ

هاجر والد أميراني إثر انقلاب 1953 إلى المملكة المتحدة حيث كبر ابنه تاجي ودرس الفيزياء بالجامعة. وقد دفعه هوسه بالسينما لاحتراف صناعة الوثائقيّات لكّن بقي عالقاُ في ذهنه دائماً ذلك الحدث المفصليّ الهائل الذي على نحو ما صنع قدره الشخصي كما أقدار بلاده الاصليّة، وحتماً انتهى إلى تتويج مهنته بعمل وثائقي عنه مشغول بكثير من العناية والشغف أنفق في إنتاجه 13 عاماً كاملة.

يستند الشريط إلى مادة أرشيفيّة كثيفة وأفلام وثائقيّة سابقة لسرد الحكاية، لكنّه يضيف ملمساً شخصّاً ذاتياً أيضاً عبر حضور صانع الفيلم كراو رئيس، كما وشهادات إيرانيين عاصروا مرحلة الانقلاب من الدائرة المقرّبة لمصدّق، وخبراء أمريكيّين وبريطانيين متخصصين مثل ستيفن كينزر مؤلف كتاب “كل رجال الشاه – عام 2003″، وكذلك عملاء سابقين في المخابرات البريطانيّة والأمريكيّة عثر أميراني على سلسلة مقابلات منهم أعدت لمصلحة فيلم وثائقي تلفزيونيّ قبل 35 عاماً “نهاية الإمبراطوريّة – 1985” وكانت مدفونة في أرشيف معهد السينما بمن فيهم الجاسوس البريطاني الرّاحل نورمان داربيشاير – يؤدي دوره في الشريط الممثل رالف فينيس الذي كان قدّم دور مدير المخابرات البريطانيّة في سلسلة أفلام جيمس بوند -. ويعتقد أنّ داربيشاير نسّق المساهمة البريطانيّة في الانقلاب، وأكّدّ في شهادته – عثر أميراني على نسخة مكتوبة مهملة منها لم تنشر بالكامل سابقاً – على تورط مخابرات بلاده، رغم صمت الاخيرة الرسميّ المطبق بشأن دورها إلى اليوم – بينما سمحت المخابرات الأمريكيّة بنشر بعض الوثائق بشكل جزئي ونشرت تفاصيل الانقلاب صحيفة نيو يورك تايمز وتحدّث بشأنه الرئيس أوباما علناً -. ثروة المقابلات والغرافيكس المذهلة، مع الاهتمام غير العادي بالتفاصيل شارك في صنعها والتر مورتش، الذي فاز بجائزة أوسكار تحرير الصوت عن فيلم “القيامة الآن”، وتحرير الصوت والأفلام عن فيلم “المريض الإنجليزي” ، ولذا كانت النتيجة مثيرة للإعجاب.

انقلاب 53: الحصار  

لقي الفيلم لدى تقديمه في مهرجانات سينمائيّة عالميّة مع نهاية ترحيباً واسعاً من النقّاد واعتبره كثيرون بمثابة عمل أساسي لفهم علاقة بريطانيا بالشرق الأوسط وتاريخ إيران والمنطقة. لكّن جهات في بريطانيا تحرّكت نهاية العام الماضي قانونياً لمنع عرض الفيلم بعدما اشتكى صانعو وثائقي “نهاية الإمبراطوريّة” بأن ادعاءات الشريط تقوّض سمعتهم باقتراح أنهم تآمروا مع الحكومة البريطانيّة لإخفاء شهادة داربيشاير، في الوقت الذي سارع تلفزيون آي تي في، مالك حقوق المادة إلى سحب إذنه بعرض الأجزاء التي استعارها “انقلاب 53″، وهو مما قد يعني منع الفيلم من التّداول ما لم يتم التوصل إلى اتفاق قريب، ويضع أميراني وموريش أمام خيار خوض معركة قانونية طويلة أو تعديل الفيلم بشكل جذري. 

وكان باحثون من طاقم وثائقي “نهاية الإمبراطوريّة” أجروا في 1985 مقابلة مع نورمان داربيشاير وهو ضابط استخبارات بريطاني سابق ادعى إدارته للانقلاب وقدّم تفاصيل ومنها أنّه  كجزء من “عملية التمهيد” أنفق “مبالغ طائلة من المال أكثر بكثير من مليون ونصف جنيه استرليني” لشراء الذمم، وكان شخصياً “يعطي الأوامر ويوجه انتفاضة الشارع” واعترف بمسؤولية مخابرات بلاده عن حادثة خطف قائد الامن الإيراني وقتله. ولم يوافق وقتها داربيشاير على تصويره بحسب الباحثين لكن أميراني يعتقد أن المقابلة صوّرت بالفعل لكنّها أُخفيت. ومع ذلك، فقد تم تسجيل نصّها في نسخة مكتوبة وجدت طريقها إلى الصحفي في الأوبزرفر نايجل هوكس قبل أسبوع من بث الحلقة في عام 1985، الذي نشر معطياتها دون الإشارة إلى اسم داربيشاير، لكن السلطات البريطانيّة فرضت طوقاً حديداً غير معلن لمنع إعادة نشرها، وفرضت تعديل حلقة “نهاية الإمبراطوريّة” لإسقاط مقابلة داربيشاير حتى نسيت تماماً. وقد توفي داربيشاير في 1993.

وبعض النظر عن نتيجة المفاوضات، فمن الواضح أن البريطانيين يبذلون جهوداً من وراء الكواليس لمنع عرض الفيلم على نطاق جماهيري، ولم تتقدّم أيّ من شركات الستريمنغ الأمريكيّة أو البريطانية بأيّة عروض لشرائه حتى الآن. ويبدو أن هذه النوعيّة من الأفلام لا يتوقعها الغرب من مخرج إيراني في الاغتراب، إذ هم يفضلون أفلاماً تغمز من طرف النظام الإيراني الحالي، وتخفي دور الغرب المتأصل التآمر على الشعب الإيراني في المئة سنة الأخيرة.

قد ينجح البريطانيّون في مسعاهم، لكن إخفاء الفيلم لن يكون كافياً الآن لتجميل الوجه البشع للإمبرياليات الغربيّة الذي صارت تعرفه شعوب الجنوب جيّداً، وعلى رأسهم الإيرانيّون الذين لا يسمحوا للتاريخ بإعادة نفسه، ولن يكون هناك انقلاب 53 في بلادهم مرّة أخرى. 

نشر هذا المقال في صفحة الثقافة بجريدة الأخبار اللبنانية عدد الخميس 4 شباط 2021

:::::

موقع “الثقافة المضادة”

✺ ✺ ✺

ما لم يعرفه الجميع عن بن بلّة

لسانه خانه في العراق فكاد يبكي .. القرآن يسعف أحمد بن بلة في سجنه (فيديو)

لسانه خانه في العراق فكاد يبكي .. القرآن يسعف أحمد بن بلة في سجنه (فيديو)

AFP/أحمد بن بلة وزوجته

روت مهدية بن بلة، ابنة أحمد بن بلة أول رئيس جزائري بعد الاستقلال، تفاصيل غير معروفة عن حياة والدها، ومنها كيف تعلم اللغة العربية، وظروف سجنه.

فيديو:

ما لم يعرفه الجميع عن بن بلّة

لسانه خانه في العراق فكاد يبكي .. القرآن يسعف أحمد بن بلة في سجنه (فيديو)

ما لم يعرفه الجميع عن بن بلّة

وفي حديث إلى برنامج “قصارى القول” الذي يعرض عبر RT، استرجع الزميل سلام مسافر واقعة تركت بصمة غائرة في نفس أحمد بن بلة، وقال إن الأخير زار العراق بعد الاستقلال، وحاول أن يلقي أمام كلمة أمام حشد جماهيري هائل، لكن اللغة العربية خانته وكاد يبكي، وهي حادثة سجلتها الكاميرات، لكنه بعد ذلك أصبح يتحدث العربية بشكل ممتاز.. وكأنه كان يجهل سابقا اللغة العربية وتعلمها بصعوبة.. وتوجه بالسؤال إلى مهدية بن بلة طالبا التعليق.

 بدورها ردت مهدية بن بلة بالقول إنه “في الجزائر لم يكن هناك مدارس عربية، العربية كانت فقط في فترة الكتّاب الذين تعلموا القرآن، أما الابتدائي والثانوي فكان باللغة الفرنسية، لذلك هو لم يتعلم العربية لحد ما سجن”، مبينة أنه “في أول سبع سنوات سجن، والتي كانت في سجن انفرادي في ثكنة عسكرية الكتاب الوحيد الذي كان مسموحا له هو القرآن، فكان يقرأه بصوت عال وحفظه، وحسّن لغته العربية بهذه الطريقة، وحسّن من فهمه أيضا”.

وأوضحت أن والدها “سجن في غرفة في ثكنة عسكرية في الجزائر في منطقة الدويرة، ولم يكن مسموحا له بالخروج من الغرفة، وبعد سنوات سمح له بالخروج لمدة نصف ساعة”، مؤكدة أن “الوالد كان متدينا جدا وإيمانه بالله كان قويا وكان دائما لديه أمل حتى آخر أيامه”.

وأضافت: “الوالد تزوج وهو موجود في السجن الجزائري، وكان فوق الـ50 عاما. كان يحق له بالزيارات مرة في الشهر فزاره صديق مع زوجته، وهذه الزوجة قالت له سأبحث لك عن عروس، وهي كانت صديقة لوالدتي”، كاشفة أن والدتها كانت ضده سياسيا.

وذكرت أنه “عندما ذهبت والدته لزيارة والدي في الثكنة، تكلموا مع بعض وحصل إعجاب وبعد 3 زيارات طلبوا إذن الزواج. وبعدها أقامت معه في الثكنة كان يسمح لها بالخروج من السجن مرة بالشهر، وعندها أعطوه غرفة ثانية، وعندما ولدت أعطونا غرفة ثالثة. وأنا عشت في الثكنة لعمر 5 سنوات ونصف، كان مسموحا لي بالتجول”.

وأشارت إلى أنه “بعد ذلك خرجنا من الثكنة وعشنا سنة إقامة جبرية في منزل، حيث لم يكن مسموحا لوالدي بالخروج، ولكن كل يوم كان يزوره بين 5 و6 آلاف شخص”، موضحة أنه “بعدها بسنة سافرنا إلى فرنسا، وأسس الحركة الديمقراطية من أجل الجزائر ومجلة البديل، وقرر عدم العودة إلى الجزائر.

المصدر: RT

rtarabic.com

________

تابعونا على:

  • على موقعنا:
  • توتير:
  • فيس بوك:

https://www.facebook.com/kanaanonline/

  • ملاحظة من “كنعان”:

“كنعان” غير مسؤولة عن الآراء الواردة في المقالات، بل هي تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو محرري نشرة “كنعان” الإلكترونية أو تبنيهم لهذه الآراء والمواقف.

ومن أجل تنوير الناس، وكي يقرر القارئ بنفسه رأيه في الأحداث، ونساهم في بناء وعيً شعبي وجمعي، نحرص على اطلاع القراء على وجهات النظر المختلفة حيال التطورات في العالم. ومن هنا، نحرص على نشر المواد حتى تلك التي تأتي من معسكر الأعداء والثورة المضادة، بما فيها العدو الصهيوني والإمبريالي، وتلك المترجمة من اللغات الأجنبية، دون أن يعبر ذلك بالضرورة عن رأي أو موقف “كنعان”.

  • عند الاقتباس أو إعادة النشر، يرجى الاشارة الى نشرة “كنعان” الإلكترونية.
  • يرجى ارسال كافة المراسلات والمقالات الى عنوان نشرة “كنعان” الإلكترونية: mail@kanaanonline.org