الملف الأول: في فهم الحرب وأسبابها
- خبير عسكري روسي يحاول الإجابة على سؤال ال “مليون دولار”
- سياسي أوكراني مرموق انضم الى روسيا منذ 2014 يكشف بعض اسرار الحرب
✺ ✺ ✺
(1)
خبير عسكري روسي يحاول الإجابة على سؤال ال “مليون دولار”
ألكسندر ستافير
خبير ومحلل عسكري
كاتب صحفي وناشر روسي
تعريب د. زياد الزبيدي بتصرف
28 يوليو 2023
هل كانت الحرب هي الحل الوحيد للقضية الأوكرانية؟ هل كانت هناك خيارات أخرى للتسوية؟ وماذا ينتظرنا في المستقبل؟
في الآونة الأخيرة، تظهر في الصحافة الغربية بشكل شبه يومي، مواد حول سبب فشل أوكرانيا في هجومها المضاد أمام روسيا! لم أقرأ أي تفسير منطقي لذلك. من نقص المعدات والأسلحة الموردة إلى عدم تدريب الأفراد، من المستوى المتوسط للضباط الأوكران إلى قدرة التعلم السريع للقادة الروس، من اليأس في المجتمع الأوكراني إلى البطولة التي لا يمكن تفسيرها للجنود الروس.
لكن الشيء الأكثر إثارة للاهتمام هو أن الغرب يبث بشكل متزايد وجهة نظر “الحمائم” في السياسة. إذا كان “الصقور” قد سيطروا قبل بدء الهجوم المضاد، فلم يعد لهم شعبية الآن.
ويُنظر إلى عروضهم القليلة بالسخرية أكثر من الاهتمام. نقرأ مثل هذه الخطب ونريد أن نتذكر عبارة إيفان فاسيليفيتش من الفيلم الشهير: “هذا ما يفعله الصليب الواهب للحياة!”
(Ivan Vasilyevich Changes Profession
هو فيلم كوميدي وخيال علمي سوفياتي 1973 “. يحكي الفيلم عن المهندس والمخترع شوريك، الذي ابتكر آلة الزمن التي تفتح الأبواب للقرن السادس عشر – في عهد إيفان فاسيليفيتش الرهيب، ونتيجة لذلك انتهى المطاف بالقيصر في موسكو السوفياتية-المترجم).
في الواقع، التغييرات في العالم شاملة لدرجة أنه من المستحيل بالفعل عدم ملاحظتها. التحولات عالمية، التحولات تتعلق بأساس النظام العالمي الحديث. إنه أمر مخيف حقًا.
رهيب في المقام الأول بالنسبة للغرب. إن عادة العيش على حساب الشعوب “الأقل تحضرًا”، والتي تطورت عبر مئات السنين من الهيمنة، تمنع المجتمع الغربي من تقبل الوضع بشكل مغاير.
إن مقاومة الولايات المتحدة وحلفائها أمر مفهوم. بكل الوسائل من الضروري، بالنسبة لهم، وقف التغيرات. ومن هنا جاء الرهان على أوكرانيا. تحريض القوتين الأوروبيتين الرئيسيتين على أمل استنزاف روسيا وعلى الأقل تأخير الانتقال إلى عالم متعدد الأقطاب. والحصول على الوقت للاستعداد لحرب واسعة النطاق، وكما اتضح فيما بعد، فإن الغرب لم يكن مستعدًا لها.
يدرك السياسيون الغربيون جيدًا أن روسيا تستخدم جزءًا صغيرًا فقط من إمكاناتها العسكرية في الحرب الحالية. لكن حتى في هذه الحالة، من الناحية العسكرية – الفنية، نحن نفوز. سرعان ما تحولت النقاشات الساخنة حول توقيت نفاد ذخيرة الجيش الروسي وصواريخه واستبدلت بالحديث عن قدرة الغرب على تنظيم إنتاج الذخيرة بشكل كافي لتزويد الجيش الأوكراني.
يوجد اليوم بالفعل حديث عن فراغ ترسانات أوروبا من الأسلحة أكثر من الحديث عن عمليات توريدها إلى كييف. علاوة على ذلك، غالبًا ما يتم الحديث والمقارنة. “لقد وصل الروس إلى الطاقة الكاملة لمصنع آخر لإنتاج المنتجات العسكرية، وسنكون (الغرب الجماعي – تقريبًا) قادرين على إطلاق مثل هذا الإنتاج في غضون 2-3 سنوات”…
لماذا لا تعلن روسيا “حربا رسمية” على أوكرانيا؟
من الأسئلة الأكثر شيوعًا التي تم طرحها أكثر من مرة من قبل جميع السياسيين والعسكريين والمحللين والخبراء – حول تحويل العملية العسكرية الخاصة إلى حرب “رسمية”. السؤال في الحقيقة بالغ الأهمية. قد يؤدي التغيير في الوضع إلى تحول كبير في تصرفات قواتنا المسلحة.
سأعبر عن رأيي الخاص في هذه القضية.
لن تتغير حالة العملية العسكرية الخاصة. موسكو لن تعلن رسميا الحرب على أوكرانيا. لماذا؟ نعم، بكل بساطة. نحن شعب واحد.
نحن – شعوب روسيا وأوكرانيا. التاريخ المشترك، والثقافة المشتركة، والتقاليد المشتركة. أنا لا أتحدث عن حقيقة أن العديد من الروس والأوكران لديهم أقارب على الجانب الآخر من خط الجبهة.
نحن لسنا في حالة حرب مع أوكرانيا والأوكرانيين. نحن نحارب النظام النازي في أوكرانيا. مع تلك النخبة العميلة التي نفذت انقلابًا وهي اليوم تدمر ليس فقط الدولة الأوكرانية، ولكن أيضًا الشعب الاوكراني.
وهي تدمر كل شيء بأبشع الطرق. حتى مواطني أوكرانيا أنفسهم يفهمون أن حياتهم بالنسبة لقيادة البلاد لا تساوي شيئا. يتم الحديث عن هذا بشكل علني على وسائل التواصل الاجتماعي. يتحدث الأسرى عن ذلك. يتضح هذا من خلال امتلاء المقابر بسرعة في المدن والقرى الأوكرانية.
بينما كان يتم قصف مدن الدونباس وترويع وقتل سكانها، كانت بقية أوكرانيا صامتة وتظاهرت أنه لم يحدث شيء. ولكن بمجرد أن بدأت روسيا العملية العسكرية الخاصة، ظهرت عبارة “ما ذنبنا نحن ” الشهيرة على الفور في فضاء المعلومات. كما يحدث دائمًا في مثل هذه الحالات، أضحى الأوكرانيون فجأة غير مدركين لما حدث بالفعل على أرضهم.!
في البداية، تم طرح هذا السؤال بحيرة صادقة، ثم بدأ مواطنو “أوكرانيا” في كثير من الأحيان في تشغيل أدمغتهم. لقد تعلموا التأكد من الحقائق التي تخبرهم بها “البروباغاندا الروسية”. هذه هي “لحظة الحقيقة” عندما يبدأ الناس في إدراك ما يحدث…
في الوقت الحالي، أرى أكثر فأكثر الأوكرانيين الذين يحاولون معرفة ما حدث في دونباس طوال السنوات التي مرت قبل بدء الحرب (2014-2022). انه لامر معقد ومؤلم. لا أحد يريد أن يصدق هذا. هذا يدمر صورة السلام الذي كان يعم في أوكرانيا كما حاولت البروباغاندا الأوكرانية تصوير ذلك.
إنه يكسر تمامًا العديد من القناعات التي كانت ثابتة في وقت سابق. على سبيل المثال، مثل الرغبة المزعومة لسكان القرم ودونيتسك في العودة إلى أحضان أوكرانيا. وعدم الرغبة المزعومة لسكان خيرسون وزابوروجي في أن يصبحوا جزءًا من روسيا. بدأوا يفهمون أنه لم تعد هناك أوكرانيا واحدة موحدة، وعلى الأرجح لن تكون كذلك.
في هذا الصدد، فإن رد فعل غالبية هؤلاء “الذين استفاقوا” على الأسئلة غير المريحة هو مؤشر مهم للغاية. معظم الوقت هم يهربون. لديهم الجواب على هذه الأسئلة. لكن هذه الإجابة لا تتناسب مع المعتقدات التي تم زرعها في الوعي على مدى السنوات العشر الماضية تقريبًا لدرجة أن الأوكرانيين أصبحوا خائفين ويخجلون من بلدهم.
اذا اخذنا دونيتسك والمشاهد من “شارع الملائكة” الذي يتعرض للقصف اليومي، على سبيل المثال، ما زالوا يحاولون التحدث عن هراء “قصف الروس” المزعوم لها، لكن بعد أن شعروا بأنفسهم ما هو القصف، فهموا أن أي ساكن في دونباس اليوم يمكن أن يحدد بسهولة الاتجاه الذي يقصفون منه، و أيضًا نوع ذخيرة الناتو. للأسف، هذه المعرفة هي نتيجة لتلك “الهجمات الذاتية” المزعومة…!
(يروج مركز الحرب النفسية والإعلامية التابع لقيادة الجيش الأوكراني ان الجيش الروسي هو المذنب في قصف مدن وقرى دونيتسك لإثارة العواطف ضد الاوكران وتكرر أبواق الدعاية الغربية ذلك-المترجم).
لا توجد خيارات أخرى
هل أتيحت لنا الفرصة لتجنب الصراع العسكري؟
سؤال آخر خطير للغاية يحتاج إلى إجابة. وهم مهم لكل فرد وللجميع، ولمجتمعنا بأسره، وللعالم أجمع.
الحرب، للأسف – ليست انتصارات وهزائم فقط. الحرب – هي الموت، والحزن على الناس، والمصائب، والدم، والمعوقين… الحرب – هي تدمير لكثير من مصائر البشر. من ينجو سيصبح أقوى، على العكس من ذلك، من ينهار، يصبح منبوذا…
هل كانت هناك طريقة لحل المشكلة بدون حرب؟
هل كانت هناك وسيلة كان يمكن ان تجبر كييف ان تتوقف عن قتل المدنيين؟ هل كان هناك خيار يضمن السلام لنا جميعا لفترة طويلة؟
الدبلوماسية؟
للأسف، نتذكر على الفور تنازلاتنا العديدة عندما تم توقيع بعض الاوراق على أعلى مستوى. تحولت عبارة “الأطراف السامية المتعاقدة” إلى كلمة لعنة خلال المفاوضات المختلفة.
كان أي روسي على يقين من أنه قد تم خداعه. وسكان الدونباس، بعد كل توقيع من هذا القبيل، يسبون بغضب في الملاجئ، مدركين أنه غدًا سيتعرضون للقصف مرة أخرى… غدًا سيقتل طفل بريء او إمرأة مرة أخرى… ولم يخطئوا أبدًا. حتى مرة واحدة!
لقد استغرقنا وقتًا طويلاً لندرك أنه ببساطة لا توجد طريقة أخرى لحل النزاع. ابتسم الغرب علانية في وجوهنا نعم لقد خدعناكم، فماذا أنتم فاعلون؟ حسنًا، أخبرونا عن خطوطكم الحمراء التالية. حسنًا، سوف نتخطى هذه الخطوط الخاصة بكم، وماذا أنتم فاعلون؟ وتجاوزوا كل الخطوط الحمراء وضحكوا علينا، ومسحنا الدم والدموع عن وجوهنا وحاولنا التفاوض مرة أخرى…
(تصريحات ميركل واولاند خير دليل على ذلك-المترجم).
وأخيرا أدركنا كل شيء…
أدركنا أن هناك طريقة واحدة فقط للحفاظ على السلام مع أوكرانيا. وهي، اليوم يمكننا التحدث عنها بثقة، تتمثل في تصفية النظام الفاشي في أوكرانيا. في القضاء عليه بالقوة! يجب إبادة الفاشيين. يجب اجتثاثهم من أجل الأوكرانيين أنفسهم.
فقط في هذه الحالة سنتمكن من استعادة علاقات حسن الجوار. كتبت أعلاه أن الشعب “يستيقظ”، والناس يفكرون في الحاضر والمستقبل. هناك توافق وتفاهم على أنه بغض النظر عن كيفية تطور العلاقات في المستقبل، فإن لدى كييف طريق واحد فقط – التعاون مع روسيا وبيلاروسيا والدول المجاورة الأخرى. من حيث المبدأ، هذا ما كان عليه الوضع قبل انقلاب 2014 النازي.
من المشكوك فيه أن يكون هناك من بين الأوكرانيين العقلاء أولئك الذين ما زالوا يؤمنون بالتفوق الأسطوري للأسلحة الغربية، في مساعدة الناتو بجيوشه، في استنزاف الترسانات الروسية… وهناك وعي بأن الروس لم يبدأوا بعد للقتال بجدية.
الوضع هو نفسه تمامًا مع الأوهام حول انضمام أوكرانيا إلى حلف الناتو. لا يحتاج التحالف إلى هذه البلاد. اسمحوا لي أن أذكركم بالبيان الأخير الذي صدر عن قمة الناتو في فيلنيوس. قيل علناً عن “عدم الجهوزية” في قبول انضمام أوكرانيا إلى الحلف.
وبين السطور تقرأ بوضوح عدم الرغبة في مثل هذا الدخول. يكفي إعادة إنتاج شرط واحد فقط مما يسبب الضحك: “على أوكرانيا أن تحارب الفساد…” وهذا في بلد ينخره تمامًا هذا الفساد. وهو ما يعترف به أعضاء التحالف أنفسهم…
يبدو لي أن الناتو قرر “عدم إثارة مشاكل جديدة” مع روسيا. كان لـ “نجاحات”!؟ الهجوم المضاد الأوكراني تأثير واقعي للغاية على أدمغة السياسيين الغربيين. انظر إلى البولنديين الأكثر عدوانية. ما مدى سرعة انتقالهم من “naprzód na wschód” إلى “ocal przed agresywnymi Białorusinami”… ما معناه: من شعار “إلى الامام نحو الشرق” إلى “أنقذونا من هجوم البيلاروس”.
يفهم كل من الرئيس بوتين والمهرج زيلينسكي كل شيء.
حقيقة أن أوكرانيا لم تعد تهم الغرب مفهومة في كل من موسكو وكييف. يكفي الاستماع إلى تصريحات زيلينسكي الهستيرية إلى درجة الوقاحة لفهم ذلك. تسبب الاتصالات العديدة بالقادة الأوروبيين استياءا كبيرا في قيادة أوكرانيا. وعود، وعود، ووعود… بعد عام، سنتان، ثلاثة… هل تملك كييف كل هذا الوقت: عام، اثنان، ثلاثة؟
نعم، ويتفهم “أفضل أصدقاء” زيلينسكي المستقبل الذي يعدونه له. حتى وقت قريب، كان بعضهم يصرخ في كل زاوية حول ضرورة قبول أوكرانيا في التحالف. وفجأة صمتوا. شرح لهم الرئيس الكبير من واشنطن آفاقهم أيضًا إذا انضمت كييف إلى الناتو.
ماذا كان الجديد بالنسبة لي شخصيا؟ لطالما كان واضحًا بالنسبة لي أنه هناك، خلف المحيط، لا يهتم الجميع كثيرًا بمصير أوروبا. على الرغم من أن المزاج الاحتجاجي قد ظهر بين أتباع الولايات المتحدة.
على الأرجح، استوعب الأمريكيون من سيتعين عليه القتال في حالة نشوب صراع مباشر مع روسيا. كل هذه “الجيوش الجرارة” للدول الأوروبية عبارة عن فقاعة صابون كبيرة مرسومة بشكل جميل.
إن الجيش الأمريكي قادر نظريًا على ان يقف أمام الجيش الروسي بجدارة، لكن من الناحية العملية هذه مهمة مستحيلة اليوم. لا تنوي واشنطن السماح بحدوث كارثة متوقعة في حالة الاصطدام المباشر مع روسيا.
يحضر هنا أيضاً تصريح مباشر للرئيس الروسي فلاديمير بوتين مفاده أن أحد أسباب بدء الحرب هو التهديد بانضمام أوكرانيا إلى الناتو. علاوة على ذلك، تحدث الرئيس الروسي أيضًا عن حقيقة أن هذا الخطر لا زال موجودا اليوم.
“أنا متأكد من أن هذا (انضمام أوكرانيا إلى التحالف. – ملاحظة المؤلف) لن يزيد من أمن أوكرانيا نفسها، وبشكل عام سيجعل العالم أكثر عرضة للخطر وسيؤدي إلى مزيد من التوتر على الساحة الدولية.”
بعض الأفكار عن المستقبل
أحاول طوال الوقت تناسي القرار الذي تم اتخاذه ذات مرة بشأن استنتاجاتي الخاصة!. لكن اليوم بدونها أصبح الأمر مستحيلاً بكل بساطة.
أتفق تمامًا مع وزير خارجيتنا سيرغي لافروف بشأن نهاية الهيمنة الغربية. يتوصل العالم بسرعة إلى فهم الحاجة إلى إنشاء نظام عالمي متعدد الأقطاب.
لا يوجد بديل آخر سوى إنشاء نظام عالمي جديد لا يقوم على التفوق العسكري أو السياسي أو الاقتصادي لبعض الدول على البعض الآخر، ولكن على أساس توازن المصالح التي تتفق عليها الدول. وإلا فإن “الشعوب الشابة” في آسيا وأفريقيا سوف تبتلع ببساطة “أوروبا العجوز” وأمريكا “التي تخسر قوتها بسرعة”.
حسنًا، واخيرا حول أشياء حزينة
لا أعرف حدود المواجهة حيث سيتوقف السياسيون الغربيون. يدرك الجميع جيدًا التغييرات التي ستحدث ليس فقط في العلاقات الدولية، ولكن أيضًا داخل البلدان. في أي بلد، هناك نخب لا تستفيد من هذا وستخسر الكثير من مثل هذه التغييرات. وهذه النخب هي التي في السلطة اليوم.
لكن يمكنني القول بثقة أننا مستعدون لأي تطور للوضع. خلال الحرب، قمنا بتغيير الكثير وتصحيح الكثير. ليس كل شيء، ولكن الكثير.
لقد سألنا بعضنا البعض لفترة طويلة عن نوع “الوحش” الذي نواجهه – حرب مختلطة Hybrid war. خلال الحرب، واجهنا العديد من مظاهر هذه الحرب الهجينة.
أوافق، طريقة التعلم من اخطائنا غبية جدًا. لكن لا توجد تجربة أخرى. نحن أول من اختبر كل “مباهج” هذه الحرب الهجينة. نحن اول شعب.
هذا هو السبب في أن التمرين مؤلم بالنسبة لنا. نخسر الكثير، لكننا نكسب الكثير أيضًا. بدأنا نؤمن بأنفسنا.
نحن غدونا روسا مرة أخرى. الجميع! الأوسيتيون الروس، الأوكرانيون الروس، الشيشان الروس، البوريات الروس، الياكوت الروسي… نحن كثيرون كثيرون من الروس من قوميات مختلفة.
روسيا مستعدة لمواجهة التحالف. أي مواجهة…
(2)
سياسي أوكراني مرموق انضم الى روسيا منذ 2014 يكشف بعض اسرار الحرب
غينادي غولييف
كاتب صحفي في جريدة “كومرسانت” الموسكوفية
تعريب د. زياد الزبيدي بتصرف
3 أوغسطس 2023
“عشية العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا، أرست روسيا والولايات المتحدة” قواعد “معينة لنزاع مستقبلي.” المرشح السابق لرئاسة أوكرانيا أوليغ تساريوف – يتحدث في مقابلة صحفية حول خلفية العمليات العسكرية في أوكرانيا.
الصراع في أوكرانيا، وفقًا لبعض الخبراء، مصحوب بالعديد من الأمور الغريبة والشاذة. لم يضرب الجيش الروسي أبدًا الأماكن التي يظهر فيها الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي. أوكرانيا أيضًا انتقائية في تصرفها بشكل غير عادي: فهي لا تهاجم عددًا من المناطق الروسية وتبطئ الهجوم المضاد أثناء تمرد فاغنر. تحدث المرشح الرئاسي الأوكراني السابق أوليغ تساريوف، في مقابلة مع قناة RTVI، عن روايته لخلفية الصراع في أوكرانيا: “الخطوط الحمراء” الغامضة والاتفاقيات مع الولايات المتحدة.
نبذة عن أوليغ تساريوف
ولد أوليغ تساريوف عام 1970 في دنيبروبيتروفسك، وتخرج عام 1992 من معهد موسكو للفيزياء الهندسية. بعد التخرج، عاد إلى مدينته. منذ عام 2002 – نائب في البرلمان الأوكراني، تم انتخابه للدورات السابعة والسادسة والخامسة والرابعة. كان نائب رئيس كتلة حزب المناطق في البرلمان الأوكراني (الحزب الحاكم إبان إنقلاب 2014 النازي-المترجم) ومستشارًا لرئيس وزراء أوكرانيا ميكولا أزاروف. في عام 2014، أعلن ترشحه لرئاسة أوكرانيا. بعد إنقلاب كييف اندلع النزاع المسلح في شرق أوكرانيا، فانضم إلى جانب “ميليشيا دونباس الشعبية”. في نفس العام أصبح اول رئيس لبرلمان نوفوروسيا (اتحاد جمهوريتي لوغانسك ودونيتسك).
سؤال – لسنوات عديدة، كان الكرملين يأمل أولاً في تنفيذ اتفاقيات مينسك وقابلية بوروشنكو وزيلينسكي للتفاوض، ثم راهن على حرب خاطفة ناجحة، وبعد ذلك ستتجمد أوروبا في فصل الشتاء ولن تقدم الدعم لأوكرانيا.
كيف نفهم مثل هذا التغيير الحاد في السياسة؟ لماذا يأملون الآن أن يتوقف الناتو عن دعم أوكرانيا؟
جواب – هناك بعض الأشياء التي يصعب شرحها. الأول – هو رد الفعل الضعيف للولايات المتحدة على التغيير الحاد في خطاب وسلوك روسيا. تذكرون المقابلة مع فلاديمير بوتين، حيث تحدث عن مكالمة تلقاها من الولايات المتحدة وبناء عليها طلب من فيكتور يانوكوفيتش (رئيس أوكرانيا الشرعي إبان إنقلاب كييف النازي 2014-المترجم) عدم تفريق الميدان (الاسم الذي أطلق على تجمع افراد العصابات اليمينية والقومية والنازية الذين نفذوا إنقلاب 2014 – المترجم) وعدم إجراء استفتاء في دونباس؟
ثم كانت هناك ثماني سنوات من اتفاقيات مينسك، كانوا يقصفون دونباس، ونحن التزمنا بالتفاوض. وفجأة، وجهت روسيا إنذارًا صارمًا للغرب. للمراقب كان يبدو أننا نمسك حلف الناتو من حلقه: عليكم أن تفعلوا هذا وذاك، وتخرجوا تقريبًا من أوروبا الشرقية! وفجأة، بدلاً من الابتسام المتعالي بطريقة ما، يبدأ الغرب في مناقشة هذه المقترحات: “نعم، كما تعلمون، هناك منطق معين في هذه المطالب”. بايدن سيلتقي مع بوتين وهلم جرا. بعد ثماني سنوات من الالتزام القوي باتفاقيات مينسك، بدأت عملية عسكرية خاصة في فبراير 2022.
الشيء الثاني غير المعتاد – هو أن الولايات المتحدة، إذا كنتم تتذكرون بداية الحرب، لم تفعل شيئًا. على العكس من ذلك، نقلوا السفارة من كييف إلى لفوف، ثم إلى بولندا بشكل عام، ودعوا جميع المواطنين الأمريكيين إلى مغادرة أوكرانيا. قاموا بتفكيك جميع المعدات الإلكترونية في السفارة. لم تفعل الولايات المتحدة ذلك حتى عندما غادروا كابول، مما يعني أنهم لم يتوقعوا العودة [إلى أوكرانيا]. بعد ذلك، كان عليهم تخصيص الأموال واعادة كل شيء. في الواقع، بدا أنهم يدعون روسيا إلى أوكرانيا. لفترة طويلة بعد بدء الحرب والتصريحات الغاضبة أثناء تطورها، لم تنخرط الولايات المتحدة بأي حال من الأحوال في العملية. وفقط بعد ذلك بدأ توريد الأسلحة.
الشيء الثالث الشاذ – وفي مقابلة مع وسائل إعلام غربية، قال فاليري زالوجني (قائد الجيش الأوكراني – المترجم) ان الولايات المتحدة لم تمنح الإذن بضرب مقرات قيادة روسية مع الجنرالات على أراضي أوكرانيا، تمامًا كما لم تعط الإذن بضرب عدد من المناطق الروسية. هذه المطالب تثير حفيظة كييف. لقد سببت لهم الصدمة. الجيش الأوكراني غاضب: “لماذا يقيدون أيدينا؟ بعد كل شيء، نحن نفهم أنه من أجل هزيمة روسيا، أولاً وقبل كل شيء، من الضروري ضرب أراضيها فقط. الجيش الأوكراني يكره بايدن لهذا السبب.
سؤال – لم يضرب الجيش الروسي أبدًا الأماكن التي يظهر فيها زيلينسكي، فهل هذا، على ما يبدو، جزء من نفس الاتفاقات؟
جواب – هذا جزء من لغز الكلمات المتقاطعة. علاوة على ذلك، انتبه، في كل مرة تحدث فيها عملية تخريبية، او تدخل جماعات إرهابية، او قصف جسر القرم – آلة العلاقات العامة الأوكرانية بأكملها، والشيء المنطقي لتصرفها ان يتباهوا بفعلتهم، ويضربوا على صدرهم: “انظروا، كم نحن رائعين، وكيف ضربناهم”. ولكنهم يقولون: “لا نعرف من فعل ذلك، لكن تم ذلك بشكل صحيح” أو، كما هو الحال مع “فيلق المتطوعين الروس”في منطقة بيلغورود: “هذه ليست مجموعتنا التخريبية، إنهم الروس الذين يحاربون بعضهم البعض”.
سؤال – فكيف تفسر ذلك؟
جواب – ليس لدي إجابة، لكن الحواب هناك في الولايات المتحدة. نُشر مؤخرًا مقال مثير للمحلل العسكري “ويليام أركين” في مجلة Newsweek. يقول المؤلف إنه عشية الحرب، أرست روسيا والولايات المتحدة “قواعد” معينة لنزاع مستقبلي.
يكتب أن الولايات المتحدة وعدت بعدم التدخل في الحرب وعدم العمل على إحداث تغيير في السلطة في روسيا إذا اقتصرت مصالح روسيا على أراضي أوكرانيا فقط وإذا لم تستخدم روسيا الأسلحة النووية.
ومع ذلك، بعد بدء الحرب، تم تعديل هذه الاتفاقات بسبب “فشل الجيش الروسي”، يكتب أركين.
على ما يبدو، كانت الولايات المتحدة تتوقع أن تستولي روسيا على كييف: “إن عجز الجيش الروسي عن أداء المهام الموكلة إليه كان غير متوقع بالنسبة للولايات المتحدة”.
في روسيا، لم تتم ملاحظة هذا المقال، لكنني قمت بترجمته. في هذه الاتفاقيات تكمن العودة المستمرة لبعض الخطوط الحمراء. كتب آركين أن وكالة المخابرات المركزية CIA تعتقد أنه إذا التزمت روسيا بحدود معينة متفق عليها، فإن زيلينسكي وبولندا وبريطانيا يتخطون الخطوط الحمراء التي حددتها الولايات المتحدة.
علاوة على ذلك، فإن تصرفاتهم الغريبة مثل تفجير خط نورد ستريم (تدعي CIA أن الولايات المتحدة لا علاقة لها بهذا)، والهجمات على مطار إنجلز (حيث تتمركز القاذفات الاستراتيجية الروسية-المترجم)، وعلى الكرملين وهجمات المجموعات التخريبية في المناطق الحدودية تسبب استياءًا جديا من قبل القيادة الأمريكية.
في ليلة 26 سبتمبر 2022، تم تفجير ثلاثة من أربعة خطوط نورد ستريم، وهي خطوط لأنابيب الغاز تربط روسيا وألمانيا، في قاع بحر البلطيق. تم تأكيد حقيقة التفجير المتعمد لخطوط الأنابيب خلال الكشف على الموقع. من بين الاحتمالات التي حظيت بأكبر قدر من الانتشار هي ثلاثة: تورط روسيا نفسها في التفجيرات أو الولايات المتحدة أو بعض “الجماعات الموالية لأوكرانيا”. لم تتوصل التحقيقات الرسمية التي أجرتها السلطات الدنماركية والنرويجية والألمانية بحلول بداية عام 2023 إلى استنتاجات بشأن مخطط أو مرتكب الجريمة.
ومن هنا جاءت استقالة بوريس جونسون وبن والاس – فقد ساعد هؤلاء المسؤولون أوكرانيا كثيرًا. بينما كانت المساعدات العسكرية الأمريكية لأوكرانيا هزيلة، بغض النظر عما يكتبه المحللون.
بعد الانتهاء من الحديث عن لغز الكلمات المتقاطعة هذا، سألفت انتباه القراء إلى كيفية تصرف الولايات المتحدة أثناء تمرد فاغنر. إنها مجرد قمامة! إتصل بوتين بزعماء كازاخستان وأوزبكستان وروسيا البيضاء وتركيا. انضم لوكاشينكو إلى المفاوضات على أكمل وجه، بالطبع، فمصيره يعتمد على مصير بوتين. لكن من الذي تورط في الموقف ومن لم يتم الإتصال به؟ الولايات المتحدة الأمريكية. في يوم العطلة! “بيل بيرنز” (مدير CIA) يتصل بسيرغي ناريشكين (سكرتير مجلس الأمن القومي الروسي)، ويدعوه إلى مباحثات عبر الفيديو، ويفيق جميع القادة الغربيين من الفراش، ويدلون ببيانات. يتلخص جوهرها في حقيقة أن الخط الأحمر بشكل عام لكل ما يحدث في هذا الصراع – هو الحفاظ على الاستقرار السياسي في الاتحاد الروسي. هل يمكنك أن تتخيل كيف شعروا في أوكرانيا عندما أجبرتهم الولايات المتحدة على وقف هجومهم أثناء تمرد فاغنر؟ في كييف انهم مصدومون من هذا.
سؤال – حينها تجمد القتال في الجبهة حقًا. ولكن الآن تحث الولايات المتحدة الجيش الأوكراني على هجوم مضاد، لماذا؟
جواب – لم يقدموا أسلحة كافية لأوكرانيا. لقد أرسلوا أوكرانيا إلى الهجوم، وهم يعلمون جيدًا أنه مع مثل هذا التوازن في القوة، يعد هذا انتحارًا. يتم ذلك لتغيير المزاج في أوكرانيا. لأنه قبل الأحداث الأخيرة في الجبهة، كان معظم الأوكرانيين على يقين من أنهم على وشك اختراق الجبهة والوصول إلى شبه جزيرة القرم، ومن ثم ستفي روسيا بالتزاماتها تجاه أوكرانيا مدى الحياة، وهذا كل شيء – ستبدأ حياة مختلفة تمامًا. كان من الضروري بالنسبة لهم أن يفهموا العكس. من أجل اجبارههم للجلوس على طاولة المفاوضات.
سؤال – هل هذ ممكن؟
جواب – يبدو لي أنهم في واشنطن مرة أخرى، كما في فبراير 2022، عندما آمنوا بسقوط كييف في ثلاثة أيام، كانوا مخطئين. تعتقد الولايات المتحدة أنه من الممكن وضع زيلينسكي وبوتين على طاولة المفاوضات. لكنني أعتقد أنه لن يتمكن أي رئيس أوكراني واحد من مبادلة الأراضي بالسلام. فقط لا يستطيع أن يوافق على ذلك.
سؤال – هل هذا يعني أنه لن تكون هناك مفاوضات؟
جواب – أعلم أن المفاوضات جارية بالفعل، لكن بدون مشاركة أوكرانيا. يقول العديد من الفاعلين السياسيين الروس الذين أتواصل معهم: “تريد الولايات المتحدة الآن مفاوضات، وسوف نتفاوض على أوديسا، وخاركوف، والضفة اليسرى لنهر دنيبر”. أقول لهم: “اسمعوا، لكن هذا لن يكون ممكناً. لن يسحب أحد قواته طواعية من هناك. في روسيا رأى الجميع الانسحاب من كييف وخيرسون. صدر الأمر – انسحب الجنود. لن ينجح الأمر على هذا النحو في أوكرانيا “.
سؤال – دعنا نغوص قليلاً في الماضي. قل لي، في موسكو، هل كانوا يأملون حقًا في تنفيذ اتفاقيات مينسك؟ لماذا أسأل هذا – لأن وسائل الإعلام الحكومية أقنعت الناس بأن كييف على وشك الذهاب إلى نظام “فدرالي” في البلاد. لماذا لم تتحقق هذه الأفكار؟
جواب – لا يمكن أن تتحقق، لقد ولدت الاتفاقيات ميتة. والأشخاص الذين أخبروا بوتين أن أوكرانيا على وشك الموافقة على حل كل شيء بالوسائل السياسية، ويجب الاعتراف ببيتيا بوروشينكو، كما يقولون، هذا هو رفيقنا – لقد تم كل شيء، بشكل عام، من قبل نفس الأشخاص، لقد كانوا يحلون مشاكلهم الشخصية.
سؤال – غالبًا ما تسمع أن أوكرانيا تمر بأزمة وستنهار قريبًا…
جواب – نعم، أنت محق، لقد كان خداعًا للذات وعرضًا متحيزًا للمعلومات. لم يكن الوضع في أوكرانيا على الإطلاق بهذا السوء الذي تم تصويره في روسيا.
سؤال – لماذا تخلوا عن فكرة نوفوروسيا الكبيرة في عام 2014، لماذا رفضوا الهجوم على ماريوبول والتقدم أكثر عبر أراضي دونباس؟ كانت هناك إشاعة مفادها أن الرئيس السويسري “ديدييه بورخالتر” ثنى بوتين عن هذه الفكرة تحت التهديد بفرض عقوبات وإغلاق سويفت.
جواب – تم التخلي عن فكرة نوفوروسيا بسبب المصالح الشخصية لمجموعة من الأشخاص الذين نقلوا معلومات إلى القيادة بأن نوفوروسيا ليست ضرورية الآن. لقد تحدثت بالفعل عن هؤلاء الناس من قبل.
سؤال – أشرف على الموضوع الأوكراني في الكرملين لسنوات عديدة فلاديسلاف سوركوف، ثم ديمتري كوزاك. ما الخطأ الذي حدث معهم؟
جواب – كل شيء سار بشكل خاطئ. من بين جميع الخيارات الممكنة، يتم الآن لعب الخيار الأسوأ. ببساطة ليس هناك ما هو أسوأ. الأسوأ عندما يقتل الروس اخوتهم الروس. إنهم يكرهون بعضهم البعض، إنهم يدمرون المدن الروسية، الروسية الأصيلة. لسوء الحظ، في كل مرة يتعين فيها الاختيار بين عدة خيارات، يتم الرهان على أسوأها.
سؤال – هل هناك الآن مثل هذا الشخص المسؤول عن السياسة تجاه أوكرانيا؟ هل تغير الموقف أم أن الجيش وحده هو الذي يقرر كل شيء الآن؟
جواب – لقد تغير الموقف الآن بشكل كبير. لقد كنت أقول على مدى ثماني سنوات: “يا إلهي، حسنًا، اعتنوا بمناطق لوغانسك ودونيتسك التعيسة، حسنًا، ولا ينبغي أن يكون الأمر غير ذلك.” بعد كل شيء، أوكرانيا صغيرة، والجميع أقارب، والجميع يعرف بعضهم البعض، والجميع يعرف ما هو الوضع. بعد كل شيء، كان جنوب شرق أوكرانيا بأكمله يريد العالم الروسي. وخلال هذه السنوات الثماني، وبعد ملاحظة الوضع الصعب والمعاناة، بدأ الناس يقولون: “لا نريد أن نكون مثل دونيتسك ولوغانسك، حيث لا يوجد حق للملكية، والقوانين لا تعمل”. كانوا ينبغي جعل دونيتسك ولوغانسك “فترينة عرض” جذابة أمام كل أوكرانيا، ولكن ذلك لم يحدث…
الآن سيرغي كيرينكو يسافر شخصيًا إلى مناطق جديدة، طوال الوقت. ذهب أندريه تورتشاك ومارات خوسنولين والنواب. (مسؤولون روس كبار-المترجم). لو تم إعطاء عُشر هذا الاهتمام على الأقل إلى دونيتسك ولوغانسك، لو تم إنفاق جزء على الأقل من الأموال التي يتم إنفاقها الآن على الحرب من اجل تطوير منطقتي لوغانسك ودونيتسك – كان يمكن ان نكون الآن في وضع مختلف.
سؤال – لماذا تعتقد أنه لا توجد محاولات للعودة للاستيلاء على منطقة خاركوف؟ تحدث بوتين عن منطقة عازلة لوقف قصف منطقة بيلغورود، ووعد نفس تورشاك سكان منطقة خاركوف بأن روسيا هنا إلى الأبد.،؟!
جواب – الآن هناك مجموعة من مئة ألف جندي بالقرب من منطقة خاركوف. لماذا تتمركز هناك؟ يكتب المراسلون الحربيون الأوكرانيون والروس عن هذا الأمر. من الواضح أنه تم تجميعهم من أجل شن الهجوم، وهناك معارك ناجحة بالقرب من Kupyansk وبالقرب من Kremennaya. وبالفعل فهذا منطقي وصحيح. لأنه بمجرد أن تستقر الجبهة، حيثما أمكن، من الضروري المضي قدما في الهجوم، الشيء الرئيسي هو عدم مواجهة المناطق المحصنة مباشرة.
سؤال – دعنا نعود إلى منطقة دونباس، ما هو الوضع مع النشاط الصناعي في المنطقة الآن وهل من الممكن استعادته بعد مثل هذا الصراع؟
جواب – لماذا تطورت هذه المنطقة بهذه السرعة في روسيا القيصرية؟ لأن هناك العديد من المواد الخام المختلفة على مسافة قريبة نسبيًا. الفحم، وخام الحديد، وما إلى ذلك – ولا حاجة إلى نقل أي شيء عبر المحيط، مثل البلدان الأخرى. واجهت منطقتا دونيتسك ولوغانسك مشاكل، لأن سلاسل الإنتاج معطلة، بقيت مدينة Krivoy Rog مع أوكرانيا. من أجل أن تتطور صناعة دونباس، كان لا بد من أخذ “نوفوروسيا” بالكامل (جنوب وشرق أوكرانيا-المترجم). لكن حتى الآن نرى أن هذا لا يحدث. كان من الممكن احتلال مصنع خام الحديد Zaporozhye – مكان فريد بالقرب من Energodar، حيث يتم تخصيب خام الحديد بشكل كبير – والحصول على الكهرباء اللازمة لدونباس من خلال احتلال محطة Zaporizhzhya للطاقة النووية. بالطبع، كل شيء يحتاج إلى إعادة البناء.
سؤال – ومن سوف يمول ذلك؟
جواب – لا أعرف. من الضروري إما عودة روسيا إلى الاشتراكية، أو الإعتماد على الرأسمالية حتى النهاية.
أود أن أتصل بالأوليجارش الروس المسؤولين عن التعدين وأقول: شئتم أم أبيتم، لديكم متخصصون، لديكم أموال، إذا لزم الأمر، سنمنحكم قروضًا، خذوا هذه المشاريع واعيدوا بناءها بانتظار تقديم تقرير منكم عن مزاولة الإنتاج فيها. هذه هي الطريقة الوحيدة الآن. الشيء الرئيسي هو أنه يجب أن يكون هناك شخص معين مسؤول عن ذلك.
سؤال – لقد قرأت في وسائل الإعلام الأوكرانية تفسيرا مفاده أنك انت، وليس يفغيني مورايف، كان من المفترض أن تصبح زعيمًا لأوكرانيا في مارس 2022، فهل هذا صحيح؟
جواب – دعونا ننهي هذه الخرافات. أعتقد أن زعيم أوكرانيا كان ينبغي أن يكون رئيس الاتحاد الروسي بوتين. حان الوقت للتوقف عن لعب دور الجمهوريات الوطنية.
سؤال – لقد كتبت في قناة Telegram الخاصة بك أنه عندما عبرت الحدود مع أوكرانيا، لم تقابل أي حرس حدود، ولكن أين مررت؟
جواب – بالقرب من تشيرنوبيل، مع أول أفراد عسكريين من الاتحاد الروسي، أمضينا الأيام الثلاثة الأولى في غابة تشيرنوبيل.
سؤال – نفس الغابة الحمراء؟
جواب – نعم، لقد نفد الطعام والماء لدينا لأننا كان يجب أن نكون في مكان آخر.
سؤال- لقد كتبت أنك حفرت الخنادق.
جواب – نعم، في كل مرة توقفنا فيها ليلاً، حفرنا خنادق، وحفرت أنا أيضًا. لأنه منذ اليوم الأول كان لدينا قتلى. أنا دائما أدعم تسليح “الدفاع الذاتي” في روسيا. لا يمكنك التكهن ما يجب عليك القيام به في المناطق الحدودية بنفسك، لنستفيد من تجربة أوكرانيا – لمدة ثماني سنوات كانوا يعتقدون أن هناك حربًا مع روسيا وقاموا بتسليح قوات الدفاع الذاتي. لو لم يحصلوا على أسلحة على الفور، ولو لم تكن بحوزتهم، فعندما دخلنا، لبقوا في بيوتهم. لذا أخذوا الأسلحة وتخفوا في الغابات وهاجمونا من هناك.
سؤال – إذا حكمنا من خلال المنشورات الإعلامية في تلك الأيام، كان هناك توقع بأن يهرب زيلينسكي. هل هذا صحيح؟
جواب – بناء على كل المعلومات التي ذكرتها في الجزء الأول من المقابلة. تمكنت قيادتنا السياسية من الإتفاق مع الولايات المتحدة، وعلى الأرجح مع الصين، مع تأخير لعدة أيام، مراعاة لمواعيد أولمبياد بكين. تمكن بوتين من الاتفاق مع الجميع! أظهر بوتين قدرة سياسية هائلة في الدبلوماسية الدولية. لكن، كما يكتب الأمريكيون، بالإشارة إلى CIA: لم يستطع الجيش الروسي إكمال المهمة، وهو ما لم يكن متوقعًا بالنسبة لهم. وأنا أعلم بالتأكيد انهم في عدد من المدن: دنيبروبيتروفسك وأوديسا وخاركوف ومدن أخرى كانوا ينظرون إلى كييف وانتظروا كيف سيتبلور الوضع هناك. لو تمكنا من دخول كييف، لكان كل شيء يسير بشكل مختلف الآن.
سؤال – أخبرني عن اعتقال أخيك في أوكرانيا. لماذا تم القبض عليه؟ هل كانت هناك محاولة للاتصال بك وهل يمكن ان يخضع لتبادل الأسرى بطريقة ما؟
جواب – لم يتصل بي الجانب الأوكراني. كانت هناك حالة عندما قاموا بتبادل القس، الأب أندريه، الذي رافق الطيار المتوفى. كان في زنزانة واحدة مع أخي. قال إن أخي يعاني صحيا بشكل شديد. أنه يفقد عقله ببطء، إنه يتحدث بصوت عالٍ مع نفسه. تم استجوابه بشراسة. بينما كان القس جالسًا معه طلب من رفاقه في الزنزانة ألا يضربوه لأنه تحدث إلى نفسه وكان يمنعهم من النوم. أُدرج شقيقي في قائمة التبادل، لكن أوكرانيا لم تبادل المدنيين بعد.
تم القبض على أخي فقط بسبب اسم تساريوف. أنا سياسي ما زلت تحت المراقبة في أوكرانيا، في أوكرانيا يعلقون باستمرار على ما أكتبه أو أقوله. اضطرت وسائل الإعلام في كييف إلى قطع الموجة السلبية بعد استسلام فيلق “آزوف” النازي في ماريوبل، فقرروا اعتقال تساريوف. على الأقل هو أخ سياسي معروف. صحيح أننا لم نتواصل كثيرا مع بعض وكبرنا منفصلين، فقد عاش مع والدي من زواج آخر.
سؤال – هل يمكننا أن نعرف تقريبًا عدد الأشخاص الذين تم اعتقالهم الآن بتهم سياسية في أوكرانيا؟
جواب – عدد كبير من الناس في أوكرانيا المستعدين للتضحية بأنفسهم شخصيًا من أجل روسيا، ومن أجل معتقداتهم. لا نعرف حتى عددهم – لا أحد يحتفظ بسجلات، ونحن لا نساعدهم. هذا سيء جدا. سأخبرك كيف سأتصرف إذا أتيحت لي الفرصة: هناك عدد كبير من المنظمات غير الحكومية في العالم. هناك أشخاص لديهم الجدارة والألقاب والسلطة. يمكن تخصيص بعض المنح المالية لهذه المنظمات وستقوم بأنشطة حقوق الإنسان في أوكرانيا تحت العلم الأوروبي أو الأمريكي. لا يمكن لنشطاء حقوق الإنسان الروس السفر، لكن هؤلاء يمكنهم السفر والتعامل مع السجناء السياسيين ومساعدتهم ومنع التعذيب وإعطاءنا معلومات عن عدد السجناء السياسيين في أوكرانيا.
سؤال – لقد ذكرت فيلق آزوف. في الآونة الأخيرة، تم إعادة قادة آزوف من تركيا إلى أوكرانيا. في موسكو، كان هناك رد فعل غريب للغاية على ذلك، رغم أنهم قالوا في البداية إنهم كانوا رهن الإقامة الجبرية هناك حتى نهاية الصراع. لماذا أطلق سراحهم؟
جواب – أعتقد أنه في اللحظة التي حوصروا فيها في مصنع “آزوفستال”، اتفق قادة فيلق “آزوف” حقًا مع الجيش الروسي على أنهم سيخرجون، لكن ليس إلى الأسر، لكن سيتم “إجلاؤهم”. افترضنا أنها الاعيب العلاقات العامة من قبل الجانب الأوكراني أن يطلق على أسر مقاتلي “آزوف” عملية “اخراجهم” من المصنع. ولكن إذا افترضنا أن ذلك لم يكن علاقات عامة، فستكون كل الأحداث الأخرى واضحة.
سوال – لا يسعني إلا أن أسأل عن بريغوجين زعيم فاغنر الذي زحف إلى موسكو. يعتقد الكثيرون أنه لا يستطيع القيام بذلك بدون رعاة. وفي الواقع، أوقفه الرعاة – قالوا له جميعًا، توقف، هذا يكفي. في رأيك، ما الذي ينتظر ببريغوجين نفسه في المستقبل؟
جواب – يوجد في أمريكا الجنوبية بلد يسمى، فنزويلا حيث كان هناك انقلاب عسكري. أحد القادة الذين شاركوا فيه ثم استسلم طواعية، مقابل طلب الوصول إلى التلفزيون، سُمح له بالتحدث. بعد ذلك، تعرف عليه الجميع. مكث في السجن لبعض الوقت. لكن بعد فترة أصبح رئيسًا لفنزويلا. (في الواقع هذه قصة هيوغو تشافيز-المترجم). هنا كانت مثل هذه القصة. هذا سيناريو واحد. وهو عندنا مستبعد جدا. وهناك مجموعة كاملة من السيناريوهات المختلفة.
_________
ملاحظة من “كنعان”: “كنعان” غير مسؤولة عن الآراء الواردة في المقالات، بل هي تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم … تابع القراءة ….