- لا قيمة للرفض بعد القبول
شاهدت مؤخرا لقاء مع الأستاذ القاسم عن فلسطين وأوسلو/التسوية. يتحدث الرجل بهدوء وبعبارات دقيقة ربما لأنه قانوني. يمكنك الالتقاء معه في الكثير، ربما ليس لبراعته، بل لأن القضية أُهلكت فبانت عظامها.
أوضح الرجل أنه بعد الجلسة الثالثة لمدريد ترك دوره في الوفد احتجاجاً.
وهذا موقف يُحسب له، لكن من حقنا نقد مجرد مشاركته في المفاوضات لأنها تقوم على بقاء الكيان في المحتل 1948 اي تنقض حق العودة. ولا يخفى أن الرجل يعرف ذلك، لأن المفاوضات هي بين طرفين يعترف كل طرف بحق للآخر بمعنى أكثر أو اقل والكيان ليس له حقاً. لذا كان ولا يزال بوسع الرجل القول: أنا اعترف بالكيان ولكن كان ممكن أن نحصل في المفاوضات أكثر مما حصلنا باتفاقات أوسلو. وحينها يكون في موقع وفريق آخر هو فريق لا تاريخي.
لفت نظري أنه رفض موقف عرفات مع العراق في تحرير الكويت!
وبدوري أستغرب كيف يمكن لحقوقي أن يعتبر الكويت دولة مستقلة مع انها ولاية عراقية تحكمها عائلة وليست حتى حزبا ولو بائساً. ارتكز القاسم على أن الأمم المتحدة تعترف بالكويت!! وبأن الفلسطينيين كانوا في الف نعمة في الكويت! لكنه نسي أنهم بنوا الكويت، فلم يكونوا ضيوفا في فنادق! ومع ذلك، كيف يغفر لسلطة الكويت طرد 400 ألف فلسطيني فقط لأن قيادة المنظمة وقفت مع العراق لأيام؟ هل يمكن لحقوقي أن يقبل بهذا الانتقام قام به حاكم بدوي والخادم للكيان والغرب! هل يحاسب شعب على كلمة لزعيم! هل هذه الديمقراطية التي يؤمن بها. ربما لو جرى استفتاء للفلسطينيين الذين كانوا في الكويت لوقف معظمهم ضد العراق ولو من باب خطئ التوقيت او على اساس انتهازي نفعي. حبذا لو يتابع السيد القاسم اليوم أن الكويت تقوم باحتلال أراض عراقية! وتتنفس مع ضواري السعودية وإيران على أراض عراقية.
اشاد الأستاذ القاسم بالراحل د. حيدر عبد الشافي الذي ترأس الوفد الفلسطيني في جولات مدريد العشرة وهي جولات تفاوضية اي تقوم على الاعتراف بالكيان. ومرد الإشادة في اعتقاد القاسم أن هذا الفريق كان يمكن أن يحصل من الكيان على أفضل مما حصل عليه فريق أوسلو!
ولنفترض ذلك، ولكن ما هو أقصى ما كان سيحصل عليه/ أم ما هو أقصى ما كان سيقدمه العدو؟ أعتقد الشيء نفسه بغض النظر عن التغليف. وفي أفضل الأحوال كان سيبقى الأمر في نطاق أوسلو أكثر أو اقل.
سقت هذا لأؤكد ما يلي:
أولاً: إن اية مشاركة في المفاوضات هي أولا اعتراف بأن المحتل 1948 هي ارض للكيان.
وثانياً: قناعتي بأن أوسلو ليست موقف رجل واحد ولا فصيل واحد وقد ابانت ذلك الأيام. وما اراد خدمة شعبنا اليوم عليه بالصراحة ونقد الذات. ولذا “مرجلة” كثيرين على عرفات هي بصراحة بلا معنى ولا قيمة بعد أن كانوا مطواعين ومؤيدين وحتى بعد أن فلسفوا التسوية ووضعوا لها نظريات فلماذا يقلبون للرجل، وقد رحل، ظهر المِجن! إن مقتضيات الشرف هي نقد الذات. وإذا كان لأحد أن يقول بأنهم يكتبون للتاريخ، فهناك مؤرخين لم يكونوا في هذا الفريق أو ذاك وهؤلاء الأجدر.
كما انتقد الأستاذ القاسم وقوف صدام مع عون في لبنان؟ ولكن، من الذي ثبتت وطنيته أكثر لاحقاً ميشيل عون أم بقية القوى اللبنانية التي لولا تدخل سوريا لصالحها لتحول لبنان إلى دولة وطنية، وها هم الذين انقذتهم سوريا والمنظمة يشتمون سوريا ليل نهار ويقتلعون حتى أجداث شهداء فلسطين من اي شبر يمكنهم في لبنان! هذا مع أن هذا الاستقطاب في لبنان هو من خطايا الأنظمة العربية في كل الوطن ولذا يتناكفون ويقتتلون والإمبريالية والكيان تسيطر أكثر.
كان يمكن للقاسم القول قلما نجد زعيما عربيا بمستوى المهمات فلا داع لتقديس أحدهم وشيطنة آخرين.
واليوم وبعد ثلاثة عقود على أوسلو، شاهدوا ماذا يقول نتنياهو بوضوح، وأترك لكل شخص استنتاجه الخاص.
_______
ملاحظة من “كنعان”: “كنعان” غير مسؤولة عن الآراء الواردة في المقالات، بل هي تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم … تابع القراءة ….