السنة الثالثة والعشرون – العدد 6611
في هذا العدد:
■ حروب وتحالفات زلقة: دروس الأزمة الأوكرانية (حلقة 1-2)، د. عادل سماره
■ مخيّم عقبة جبر … جيل مقاوم جديد، رشاد أبوشاور
■ العراق والكويت .. تحرّرَ الكويت وبقي العراق يعاني من الفصل السابع وترسيم الحدود، السفير الدكتور جواد الهنداوي
■ من تحليلات العدو:
كيف تقرأ إسرائيل الصفقة الأميركية الإيرانية بشأن الأسرى والأرصدة؟ عاموس يادلين وأفنير غولوب
✺ ✺ ✺
حروب وتحالفات زلقة
دروس الأزمة الأوكرانية
(حلقة 1-2)
د. عادل سماره
أصبحت مقولة بالمرستون أحد ضواري الإمبريالية في اربعينيات القرن التاسع عشر بأن: “لا صداقة دائمة بل مصالح دائمة” أي لا تحالفات دائمة كإحدى مسلمات التحليل السياسي/الاقتصادي وحتى في سياق تاريخي طويل وليس لحدث ما في وقت ما.
لكن علينا التنبه لأمر آخر هو أن علاقات الدول هي علاقات قوة أيضاً وليست فقط علاقات مصالح بمعنى أن الأقوى يمكن أن يحقق مصالحه أحيانا بالتلويح بها اي يمكنه ترجمة القوة إلى مصلحة مادية عموما واقتصادية على نطاق أضيق. كما أن بوسع المتبوع أن يحقق مصالحه على حساب شعب التابع حين تتقاطع مصالح نظام تابع متهالك عميل مع مصالح المتبوع وهذا حال معظم الأنظمة العربية، كما أنه كثيرا ما تتعادل المصالح نظراً لتعادل القوة.
على مستوى الغرب الرأسمالي/الناتو
تعجُّ المسألة الأوكرانية بدروس ربما لم تحصل في حدث واحد بعينه بل في عدة احداث وتجارب. فهي:
· اوضحت طبيعة العلاقة المصلحية بين مختلف بلدان الغرب الرأسمالي بمعنى تماسك محور راس المال/الإمبريالية رغم تناقضاته الداخلية، أي “تآخي اللصوص_ماركس”.
· أوضحت مدى ارتشاء الشارع الغربي عموما من النهب التاريخي والجاري لبلدان المحيط لذا استقبل اللجوء الأوكراني بينما تصرف عنصريا مع اللجوء العربي والإفريقي والأفغاني…الخ
· وأوضحت أن الشارع الغربي أخذ في التململ بعد أن قدم لأوكرانيا الأسلحة والذخائر كما أضطر لدفع فواتير عالية ثمناً لمقاطعة المنتجات الروسية وشرائها من يدٍ ثانية بأسعار أعلى وكذلك شراء الطاقة من أمريكا بأسعار أعلى ايضا حيث اجبرته امريكا على الركوع.
· وهنا تداخلت مصالح الأولغارشية الأوروبية مع الأمريكية ، وهي بين تابع وشريك للأمريكية، على حساب الطبقات الشعبية والعاملة في أوروبا.
لاحظنا في هذا اعلاه تقاطع المصلحي مع القوة أي المصلحي مع القووي داخل البلد الواحد أو بين بلد وآخر.
ويبقى السؤال، هل شدة الضغط على الحياة اليومية في أوروبا سوف تدفع الشارع للتمرد على هذا التحالف الإخضاعي! هذا برسم القوى التقدمية هناك.
روسيا تقلبات تحالفات/التناقض
أولاً: مع تركيا
رغم ميل كثيرين لوضع كتلة بريكس مقابل كتلة السبعة الكبار G7 فإن حدود تحالف بريكس أقل بكثير من تحالف الطرف الآخر، حتى الآن على الأقل، بل إن العلاقات بين الصين والهند وهما عضوان في بريكس هي علاقات حذرة وحتى هشة ويمكن أن تصبح زلقة.
بوسعك الجزم بأن الصين داعمة لروسيا في الحرب الجارية، لكن درجة ذلك لا ترقى إلى المشاركة الفعلية العسكرية أو حتى التسليحية مقارنة بالحلف الغربي ودور ناتو.
وإذا كانت صورة العلاقة الروسية الصينية واضحة إلى حد ما، فإن تحالفات روسيا مع بلدان أخرى يشوبها الكثير من الضباب والغباش والتقدم وحتى التناقض.
ففي العلاقات الروسية التركية تحاول روسيا جاهدة استمالة تركيا لصالحها وفي هذا المجال قدمت روسيا الكثير:
· تمرير إسقاط طائرة روسية
· الدور القيادي للعدوان التركي ضد سوريا رغم أن سوريا تشكل واقع الحضور الروسي في المياه الدافئة
· تمرير الطاقة إلى أوروبا عبر تركيا
· تدفق السياحة الروسية على تركيا
· بيع اس 400 لتركيا
· مساعدة اردوغان حينما حصلت محاولة الانقلاب الأمريكي ضده بقيادة “غولين” هذا مع الشك بأن ذلك الانقلاب كان لفرك اذن أردوغان وليس إسقاط حكمه.
· لا ندري إن كانت روسيا دعمت أردوغان في الانتخابات الرئاسية الأخيرة مع ان ذلك متوقعاً حيث أعلنت المعارضة التركية انحيازها للغرب، إضافة إلى معرفة روسيا، وهنا المفارقة، أن أردوغان غربي في النهاية.
· وهنا لا بد من ذكر معترضة وهي أن العديد من الأنظمة العربية وقوى الدين السياسي قد اصطفت خلف أردوغان رغم احتلاله أراض سورية وعراقية وعدم إخفائه إعادة الاستعمار التركي ضد الوطن العربي بمجموعه. ومؤخراً منحت سلطة الدين السياسي الليبية أردوغان ميناء وقاعدة عسكرية على أراضيها.
· كما وقفت مع أردوغان العديد من مؤسسات إعلام الأنظمة العربية.
· وإيران كذلك دعمت أردوغان
ورغم ذلك:
· واصلت تركيا احتلال أراض سورية رغم موقف روسيا ضد ذلك، ولو شكليا على الأقل.
· واصلت الإصرار على شراء طائرات إف35 من أمريكا
· أرسلت مسيرات تركية إلى أوكرانيا والتي يجري استخدامها ضد الجيش الروسي.
· واصلت دعم نظام اذربيجان لخلق إشكال لروسيا في منطقة تشكل إزعاجاً لها.
· واصلت تمرير تهريب النفط السوري ومنها إلى كردستان العراق وصولا إلى السوق الدولي والكيان الصهيوني وهذا أخطر مساهمة في حصار أمريكا لسوريا.
· رغم وجود التفتيش والرقابة المشتركة بين تركيا والأمم المتحدة على شحنات الحبوب عند مضيق البوسفور، إلا أنّ المسؤولين الروس صرّحوا مراراً بأنه يجري تمرير أسلحة إلى أوكرانيا تحت ستار صفقة الحبوب، وتحت ستار الخط الإنساني للمساعدات عبر البحر الأسود. وإذا افترضنا أنّ تركيا والأمم المتحدة تقومان بدور نزيه في عمليات التفتيش، فإنّ ذلك لا يلغي احتمالات شحن أسلحة بعد مضيق البوسفور!
✺ ✺ ✺
مخيّم عقبة جبر
جيل مقاوم جديد
رشاد أبوشاور
مُخيّم عقبة جبر عنوان لمخيّم مقاوم يتردد اسمه منذ فترة في مقدمة الأخبار، ويبدو كأنه بعث من النسيان، واستعاد لنفسه اسما ومكانة كانت له في زمن مضى يبدو بعيدا، ومجهولا حتى من الأجيال الفلسطينيّة التي توالدت بعد حقبة الخمسينات، تلك الفترة التي احتشدت بالأحداث والعناوين، والصراعات، وانفجار الوعي السياسي بكل ما يحدث في الوطن العربي والعالم، من ثورات، وانقلابات، وبروز ثورة مصر الناصرية، وثورة الجزائر المُلهمة، والعدوان الثلاثي على مصر: البريطاني الفرنسي والكيان الصهيوني…
في تلك الفترة كنّا أطفالاً ولدنا في فلسطين، وطردنا منها اقتلاعا، ورمينا مع ذوينا تحت الخيام في العراء وعشنا بالجوع والأمراض، وبدأنا نعي من دروس تتلاحق على عقولنا ونفوسنا، وهكذا نشأنا في زمن تحتشد فيه الأحداث، وينمو فيه الوعي والغضب على كل من تسببوا لنا كشعب فلسطيني بالمهانة التي نعانيها، والرمي بنا تحت الخيام للعيش في ظروف قاسية أججت غضبنا وقهرنا وعرّفتنا بأعدائنا مُبكرّا.
مخيم عقبة جبر أكبر مخيمات أريحا، يقع غير بعيد عن أريحا على طريق القدس جنوبا، وغير بعيد عن مبنى المقاطعة الذي بناه الإنقليز، وأورثوه للسلطة الأردنية التي جعلته سجنا_أبي كان سجينه عام 1953..وياما زرته فيه_ ومركزا يضم (الفرسان) ناهيك عن الشرطة.
مخيّم عين السلطان ثاني مخيمات أريحا حجما وعًدداً يمتد من تلّة عين السلطان التي تحوي بيوت أريحا التاريخية التي سكنها الكنعانيون وفيها عرفوا الاستقرار والزراعة والأسرة، وشرقي التلّة يتدفق نبع ماء منذ ألوف السنين، ويصل امتداد عين السلطان حتى مسيل المياه الجاف شمالاً، الذي تتدفق فيه مياه الشتاء لفترة، وتمضي من تحت جسر تمر عليه السيارات الذاهبة والآيبة من وإلى نابلس ومنطقتها، وغير بعيد يمتد مخيّم النويعمة الذي عشت فيه حتى لحاقي بوالدي اللاجئ السياسي في سورية بعد الانقلاب على حكومة سليمان النابلسي عام 1957 وزّج حزبيين كثيرين في السجون، ولجوء من نجو من المطاردة والاعتقال إلى سورية التي استقبلتهم ومنحتهم حق اللجوء السياسي حتى العام 1965..إلى أن صدر عفو من الحكومة الأردنية فعدت مع أبي إلى مخيم النويعمة لنستأنف العيش لفترة قصيرة قرب أريحا حتى نكبة حزيران 1967.
مخيم العوجا شمالي أريحا، غير بعيد عن مخيم النويعمة، وهو أصغر مخيمات أريحا، وهذه المخيمات الأربعة اشتهرت جدا أثناء مظاهرات عام ال55ضد حلف بغداد، وكنّا نحن الصغار نشارك فيها، ونهتف بسقوط الحلف الذي يفضحه (صوت العرب) بصوت أحمد سعيد رحمه الله مديره ومعلقه المتميّز بصوته العنيف المُحرّض.
مخيم عقبة جبر أكبر مخيمات أريحا، ولذا عُرف بأنه عندما يتحرّك فإنه يضخ الوف اللاجئين الغاضبين ويقطع الطريق للقدس ونابلس وشرقا إلى الأردن.
كانت الحركات الحزبية قد باتت قوية الحضور شعبيا: الشيوعيون _أبي كان شيوعيا_ والبعثيون، والقوميون العرب والناصريون، والحزب الوطني الاشتراكي..والأخوان المسلمون كان لهم مركز(البّر بأبناء الشهداء) ولم يكونوا يشاركون في التظاهرات، وعقبة جبر ضمّ كثيرين من الحزبيين، ويمكن القول بأن مخيمات أريحا كانت واسطة العقد بين الحراك الشعبي في فلسطين( الضفّة الغربيّة) والأردن ( الضفّة الشرقية).
مخيم عقبة جبر الذي ناهز عدد سكانه الأربعين الفا كان قائد الحراكات وزخمها والفاعل فيها، وكان ناسه لتجاوز المقاطعة وفرسانها وشرطتها يتجهون شرقا إلى السهول ثم يلتفون ليدخلوا عبر شوارعه وبساتين أريحا المنتشرة حولها، ثم يتجهون إلى قلب أريحا، وهناك تلتقي جموع المتظاهرين في ساحتها وتشتعل الهتافات وتكون الاشتباكات…
سقط حلف بغداد، وكان للجماهير في الضفتين دور كبير في سقوطه، ولمخيمات أريحا دور بارز مشهود، وانتعشت القوى الحزبية وتشكلّت حكومة السيد سليمان النابلسي البرلمانية التي لم تعمّر طويلاً فقد تم الانقضاض عليها عام 1957 وأنهيت التجربة البرلمانية قصيرة العمر والتي لم تتجاوز الستة أشهر.
حرب حزيران الصادمة والتي وقعت على رؤوس سكان مخيمات أريحا دفعت أغلبية سكان المخيمات للرحيل السريع، حتى إن مخيم النويعمة لم تبق فيه سوى ثلاث عائلات، وعين السلطان بضع عائلات، وقد جمعت وشحنت إلى مخيم عقبة جبر الذي بقي فيه القليل من سكانه…
الجيل الذي يشكّل مفاجأة، وما هو بمفاجأة، هو جيل ما بعد (أوسلو) الذي اكتشف أكاذيب وأوهام (سلام الشجعان)، والذي فتح عيونه على الموت اليومي، وتدمير البيوت، والمطاردات المتواصلة، ونهب المياه، ومصادرة الأراضي الموعودة بأن تكون (للدولة الفلسطينية) التي تضيق يوميا، وتتحوّل إلى (معازل)، وتمزّق (بالمحاسيم) الحواجز!..وسجون تأكل اعمار ألوف الفلسطينيين والفلسطينيّات ولا تستثني الأطفال!.
كبّر فتية عقبة جبر، وعرفوا أنه ليس لهم سوى خيار واحد: المقاومة بكّل ما تجده أيديهم من الحجر حتى البندقيّة، ولم يخافوا من مستوطنة (فيردت يريحو) المشرفة على تلّة غربي المخيم تراقب كل حركة، وعلى حاجز كبير جنوبي المخيم، ناهيك عن أساليب معروفة يلجأ لها العدو..ونزلوا إلى الميدان بعنفوان واستلهموا تراث شعبهم ومخيماتهم الثوري المقاوم..وبات عقبة جبر عنوانا في أخبار مقاومة شعبنا، وقدّم ويقدّم الشهداء..ويقتل من الأعداء برصاص أبطاله الذين يبرهنون على أن نار الثورة لن تنطفئ في المخيمات الفلسطينيّة حتى تتحقق العودة لفلسطين المحررّة.
ولأن المخيمات نبع المقاومة الفلسطينية في الضفة والقطاع وسورية ولبنان فإن نارها لن تخمد مهما جرى من تآمر..فها هو ذا (مخيم اليرموك) ينهض من تحت الدمار، وها هو (عين الحلوة) يهزم العملاء..وها هي المخيمات مخيمات مقاومين بواسل وليس لاجئين منسيين وادعين مروّضين!
الرحمة لروحي آخر شهيدين قدمهما مخيم عقبة جبر: قصي عمر الولجي، و محمد ربحي ..وإلى أرواح كل أبطالنا الذين بدمائهم يرسمون طريق تحرير فلسطين.
✺ ✺ ✺
العراق والكويت .. تحرّرَ الكويت وبقي العراق يعاني من الفصل السابع وترسيم الحدود السفير الدكتور جواد الهنداوي
لمْ يدمْ احتلال العراق للكويت اكثر من بضعة شهور (من تاريخ ١٩٩٠/٨/٢ ولغاية ١٩٩١/٢/٢٥)، ولكن لاتزال مُعاناة العراق، ليس فقط من جرائم واخطاء و تهّورات النظام السابق ، وانما ايضاً مِنْ حصار اممي و احتلال دولي، وحزمة قرارات أُمميّة مُجحفة ، ويشوبها عيبٌ قانوني ،بحق سيادة و وحدة اراضي ومياه العراق ،اصدّرها و نفّذها مجلس الامن بموجب قراراته رقم ٦٨٧ في عام ١٩٩١ ، و٨٣٣ في عام ١٩٩٣ .
مَنْ يقرأ، وبتمعّن، القرارات المذكورة ومرفقاتها من الوثائق والملحقات ومحاضر جلسات اللجان، التي شُكّلت بموجب القرارات، و قرارات اللجان، سيطّلعُ على تحيّزُ غير مسبوق من الامم المتحدة و من مجلس الامن ومن اللجان المُشكّلة وبعض الخبراء الذين انتدبوا من قبل مجلس الامن لتنفيذ القرارات المذكورة، وخاصة فيما يتعلق بترسيم الحدود، وسيطّلع كذلك على تجاوز لمجلس الامن للصلاحيات الممنوحة له، بموجب ميثاق الامم المتحدة.
ليس للمرّة الاولى، أكتبُ عن الموضوع (العراق والفصل السابع) ، سبقَ و إنْ تناولته ، اكثر من مرّة ومنذ عام ٢٠٠٤ ،في تقارير وظيفية خاصة، وفي مقالات منشورة في اكثر من مصدر .
واكتبُ الآن أهّمُ ما اورتهُ من الآراء والملاحظات:
١- كان ينبغي اخراج العراق من الفصل السابع منذ تاريخ تشكيل مجلس الحكم العراقي و وضع العراق قانونياً تحت سلطة الاحتلال الامريكي ، حيث لم يعُدْ آنذاك بلداً يهدّد الامن والسلم العالميّن . وكان بالامكان وضعه فقط تحت الفصل السادس من اجل المستحقات والتعويضات الكويتية و الدولية .
كيف يمكن تفسير استمرار وضع العراق ، تحت الفصل السابع، ومصنف مُهدّداً للأمن والسلم العالميّن ، و هو ، في ذات الوقت ،مُحتلاً من قبل امريكا ؟
كيف يمكن قبول الوصف القانوني للعراق كبلد يهدّد الامن والسلم العالميّن ، وهو مُحتلاً من قبل امريكا ؟ و أصبحَ ، بعد انهاء احتلاله قانونياً عام ٢٠١١، مرتبطاً بإتفاق استراتيجي مشترك مع أمريكا ؟
استفهامات مشروعة و ذكرناها ، في وقتها ، ولكن الاهتمام السياسي للدولة وللمؤسسات الدستورية كان منصّباً على ادراة البلاد و محاربة الارهاب وعدم الدخول في سجال قانوني وسياسي ( قد يكون عقيم ، حسب رأيهم ،مع الادارة الامريكية ) ، وكان ربما لبعض القوى السياسية مصلحة في ان يبقى العراق ضعيفاً وتحت الفصل السابع و منقوص السيادة .
الآن ،من حق المواطن والمسؤول ان يتساءل ،هل خرج العراق عملياً و قانونياً من احكام الفصل السابع ؟
عملياً ، نعم .
قانونياً ، هنالك رأيان: الاولُ مبنيٌ على استمرار او على انهاء التدابير المُتخذة وفقاً لاحكام الفصل السابع .حسب هذا الرأي ،انهاء كافة العقوبات والتدابير القسرية المتخذه بموجب احكام الفصل السابع ، و وفقا لقرارات صادرة تباعاً من مجلس الامن ،يعني ذلك خروج العراق من الفصل السابع . اصحاب هذا الراي يعتبرون ان اعلان خروج العراق من الفصل السابع ، ومن قبل مجلس الامن هو اعلان اعلامي وسياسي اكثر مما هو قانوني .
والرأي الثاني يرى بضرورة قيام مجلس الامن بأصدار قرار واضح وصريح بخروج العراق من الفصل السابع ، اصحاب هذا الرأي ، و اغلبهم من المدرسة القانونية الفرانكفونية ،الكلاسيكية ، يتبنون الفكرة التالية ” مثلما وُضِعَ العراق تحت احكام الفصل السابع بموجب قرار واضح وصريح ،على مجلس الامن اصدار ايضاً قرار واضح وصريح بتحرير العراق من احكام الفصل السابع ، وبخلافه ،يكون استمرار او تحرر العراق من احكام الفصل السابع موضوع جدل وقابل للتفسير و للتأويل ،وومكن ان يكون فرصة ابتزاز وضغط سياسي من قبل احدى الدول الكبرى .
القرار الاخير الصادر من مجلس الامن برقم 2622 والمؤرخ في 2/2/2022، يعلن صراحة بأنَّ العراق انهى كافة التزاماته المالية و الاجرائية مع لجنة التعويضات ، وبالتالي انهاء كافة الاجراءات المتخذة ،من قبل مجلس الامن ،استناداً الى الفصل السابع ، فيما يتعلق بملف التعويضات ، القرار لم يعلن صراحة و بوضوح تحرّر العراق و خروجه من احكام الفصل السابع .
٢- في القرار رقم 660 لعام ١٩٩٠ , دعا مجلس الامن كل من العراق والكويت العمل من اجل حّلْ خلافاتهما ، و مِنْ بينها ترسيم الحدود ، ولكن في القرارات التي تلت القرار المذكور اعلاه ، تبنى مجلس الامن موقفاً يتناقض مع دعوته الى العراق و الى الكويت بالسعي لحل خلافاتهما ،حيث حّلَ محلهما في ترسيم الحدود .
فالقرار رقم 687 لعام 1991 ، القسم ( أ) منه ، فرض مجلس الامن بموجبه أُسس و اسلوب ترسيم الحدود ، وهي سابقة اممية ،لم تحصلْ من قبل ، وتجاوز واضح لصلاحيات مجلس الامن ،حيث لم يعهد ميثاق الامم المتحدة ايّة صلاحية لمجلس الامن للقيام بمهام ترسيم حدود بين دولتيّن ذات سيادة . ترسيم الحدود بين دولتيّن يتم بإرادة الدولتيّن وباعتبار الموضوع امر سيادي ، وفي حال خلاف او اختلاف بينهما يحق لاي طرف الاستعانة بمحكمة العدل الدولية في لاهاي .
٣- اعتمدَ الامين العام للأمم المتحدة ، وتنفيذا لقرار مجلس الامن المذكور اعلاه ، على خارطة بريطانية مرسومة عام 1989-1990،من قبل مدير عام المساحة العسكرية في المملكة المتحدة ،وتم تداولها كوثيقة من وثائق الامم المتحدة ، وبناءاً على طلب الممثل الدائم للمملكة المتحدة في الامم المتحدة ،في رسالته المؤرخة في 1991/3/28اي خمسة ايام قبل اعتماد القرار 687في 1991 . وقد اعترض العراق حينها على ذلك وبشكل رسمي ومعزّز بوثائق . كما اعترض العراق ايضاً على تركيبة اللجنة الدولية المشكلّة من قبل الامين العام للامم المتحدة ، والمؤلفة من خمسة اعضاء ،عضو يمثل العراق وعضو يمثل الكويت وثلاثة خبراء يختارهم الامين العام للأمم المتحدة .
٤- استقالة رئيس لجنة ترسيم الحدود ، السيد مختار كوسوما ، وزير خارجية اندنوسيا الاسبق ، وبعد فترة وجيزة من عمله . وقد اشار صراحة الى اسباب الاستقالة : الاول شخصي والثاني هو اعتراضه على عمل اللجنة في ما يخص الحدود الشرقية ،اي الجزء البحري وخور عبد الله .
الاستقالة تدلُ على وجود جدل وتجاوزات من قبل خبراء اللجنة ، و ضغوطات من قبل الامين العام للامم المتحدة ،من اجل الاسراع في ترسيم الحدود البحرية .
كاتب عراقي
✺ ✺ ✺
من تحليلات العدو:
كيف تقرأ إسرائيل الصفقة الأميركية الإيرانية بشأن الأسرى والأرصدة؟
عاموس يادلين وأفنير غولوب
14 أغسطس، 2023
يُحذّر كل من عاموس يادلين وأفنير غولوب في مقالة مشتركة في موقع قناة التلفزة الإسرائيلية (N12) من مضامين التفاهمات التي توصلت إليها الولايات المتحدة وإيران بشأن صفقة تبادل أسرى أميركيين اعتُقلوا في إيران، في مقابل تحرير إيرانيين اعتُقلوا في الولايات المتحدة، والإفراج عن 6 مليارات دولار من الأموال الإيرانية.
ماذا تضمنت المقالة التي ترجمتها “مؤسسة الدراسات الفلسطينية” من العبرية إلى العربية؟
“الحديث يدور عن تفاهمات واتفاقات، وليس عن اتفاق رسمي، ولا عودة إلى اتفاق 2015. تطبيق التفاهمات بشأن الأسرى، بالإضافة إلى تسريبات إعلامية بشأن خطوات إيرانية لخفض تخصيب اليورانيوم وتراجُع في عدد الضربات التي تنفّذها أذرع إيران ضد الولايات المتحدة في المنطقة، كلها أمور تشير إلى تفاهمات غير رسمية وواسعة أكثر بين إدارة بايدن وإيران: امتناع أميركي من فرض عقوبات جديدة على إيران، في مقابل إبطاء التقدم الإيراني في المجال النووي، والامتناع من الوصول إلى درجة 90% من تخصيب اليورانيوم – أي تخطّي الخط الأحمر الذي سيؤدي إلى الضغط على الرئيس الأميركي للعمل.
فشل حكومة إسرائيل استراتيجياً:
أولاً؛ إسرائيل لم تؤثر قط في سياسة الولايات المتحدة، وذلك يعود، إما إلى وضع العلاقات مع واشنطن وانعدام الإصغاء السياسي بسبب التركيز على الوضع الداخلي في إسرائيل، وإما إلى عدم وجود خيار موثوق به لوقف التقدم الإيراني النووي.
ثانياً؛ الهدف الإسرائيلي كان منع إيران من التمركز كدولة على عتبة النووي، لكن إيران قامت بذلك، وعملياً، الاتفاق يعترف بذلك، ويكتفي بالالتزام بعدم التقدم إلى درجة تخصيب 90%، من دون التنازل عن القدرات التي تملكها أصلاً. وفي حال لم تتضمن التفاهمات خفضاً جدياً في كمية المواد المخصبة التي تملكها إيران اليوم، فإن هذه الأخيرة ستبقى على مسافة أسبوعين من إنتاج المواد الانشطارية الجاهزة على مستوى عسكري، والتي تكفيها لصنع عدة قنابل.
ثالثاً؛ إيران ستستطيع التقدم في برنامجها النووي، من دون خرق الخط الأحمر الذي وضعه الغرب والولايات المتحدة. إذا أرادت إسرائيل العمل ضد البرنامج النووي الإيراني، فستقوم بذلك وهي معزولة، من دون دعم من حلفائها، وفي مقابل برنامج نووي متقدم ومحمي.
رابعاً؛ بايدن أشار إلى أنه لا يريد التصعيد ضد إيران، وهو جاهز لتقديم التنازلات من أجل تركيز جهوده على الصين وروسيا، وهذا بحد ذاته رسالة معاكسة لخيار تهديد عسكري موثوق به، كانت إسرائيل تريد من الولايات المتحدة طرحه.
* حتى في ظل الأخبار المتتالية عن قيام الولايات المتحدة بتعزيز قواتها في المنطقة بطائرات حربية وسفن وآلاف الجنود من “المارينز”، بهدف ردع إيران عن الاستمرار في مهاجمة السفن التجارية والحاويات في مقابل مضيق هرمز، يمكن الافتراض أن احتكاكات موضعية لن تؤدي إلى تحول استراتيجي في العلاقات ما بين الولايات المتحدة وإيران، ومن المؤكد أن هذا لن يحدث خلال سنة الانتخابات في واشنطن.
في ضوء هذا كله، على رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو أن يفهم أن الاستراتيجيا الإسرائيلية التي يقودها – كبح إيران قبل تحوُّلها إلى دولة على عتبة النووي، ومعارضة كل اتفاق – حتى لو كان “أطول زمنياً وأفضل”، وعدم الرغبة في تنسيق السياسات مع الولايات المتحدة- فشلت.
المطلوب الملائمة مع الواقع الجديد: السعي لتفاهمات بين إسرائيل والولايات المتحدة في مقابل التفاهمات بين الولايات المتحدة وإيران:
أولاً؛ على نتنياهو أن يتذكر ما كان بارعاً في القيام به سابقاً: إزاحة جميع المواضيع الأُخرى عن الطاولة وإعادة الموضوع الإيراني إلى رأس سلّم الأولويات بين الدول. حتى الآن، سلوك وزرائه المتطرفين في الضفة والتركيز على الانقلاب القضائي، يعرقلان لقاءاته مع الرئيس الأميركي، ومع قيادات المنطقة، ويسرقان الوقت من لقاءات المسؤولين الإسرائيليين والأميركيين، على حساب القضايا الاستراتيجية.
ثانياً؛ على رئيس الحكومة السعي ليعلن الرئيس الأميركي بايدن أن الولايات المتحدة لا تزال ملتزمة باتفاق “أطول وأفضل”، كهدف دبلوماسي وحيد في مقابل إيران، وأنه لا يزال ملتزماً بعدم امتلاك إيران سلاحاً نووياً، كجميع الرؤساء قبله. هذه التصريحات المهمة ستعزز التزام الحزب الديمقراطي بالصراع ضد النووي الإيراني، وبصورة خاصة في الوقت الذي تهمّش التفاهمات مع إيران القضية وتقلل من أهميتها، على الأقل حتى انتخابات 2024.
ثالثاً؛ التغيير في السياسة الإسرائيلية، من نهج المواجهات المنفردة إلى التنسيق والتفاهمات، هو ثمن معقول جداً، على الحكومة تقديمه بهدف صوغ إطار تفاهمات استراتيجية، وحتى تنسيق عملياتي مع إدارة بايدن بشأن الخطة لمنع إيران من الوصول إلى النووي. من المؤكد أن الحديث يدور عن بديل استراتيجي أفضل لإسرائيل من السماح لإيران بالتمركز في العتبة النووية، حيث تستطيع تخطّي هذه العتبة حين تريد، ويشجعها على ذلك أن الولايات المتحدة وإسرائيل لا تمثلان جبهة واحدة. * كيف ستبدو هذه التفاهمات بين إسرائيل والولايات المتحدة؟ أولاً؛ الاتفاق على خطط دبلوماسية وسرية تتمكن من منع إيران من الوصول إلى سلاح نووي بطريقة فاعلة – من خلال تجديد الالتزام الأميركي باتفاق “أطول وأفضل”، كهدف دبلوماسي لهذه الحملة. إقرأ على موقع 180 خرق سيبراني كبير لشركات أمنية أميركية وإسرائيلية! ثانياً؛ خطة استخباراتية منسّقة لتقوية القدرات المشتركة والإسراع في تشخيص القرار الإيراني بتخطي العتبة النووية.
ثالثاً؛ الاتفاق على مؤشرات من شأنها التدليل على أن إيران تتقدم، تكنولوجياً وعملياتياً، نحو القنبلة النووية، وعلى الردود على هذه المؤشرات.
رابعاً؛ تجهيز مشترك لبدائل إضافية لوقف إيران، في حال قررت الانزياح عن المسار الدبلوماسي.
خامساً؛ جهود مشتركة، الهدف منها وضع تهديد عسكري علني وصادق، إسرائيلي- أميركي، يتضمن تنسيقاً وتدريبات على تنفيذ ضربة ضد المفاعلات النووية في إيران.
سادساً؛ الاتفاق على التعاون وتوزيع المسؤوليات عندما يتخطى الإيرانيون الخط الأحمر – وحجم المساعدة والدعم المتبادل لضربة كهذه.
سابعاً؛ التنسيق بين الدول بشكل يضمن للإدارة الأميركية ألا تتفاجأ استراتيجياً من إسرائيل، وفي السياق نفسه، مطالبة الرئيس الأميركي بالتزام مكتوب بأن حرية الحركة الإسرائيلية ضد إيران لن تتضرر.
ثامناً؛ تقوية قدرات إسرائيل الدفاعية والقوات الأميركية في المنطقة والتنسيق فيما بينهما.
تاسعاً؛ تنسيق الجهود لردع إيران وتقليل حجم ردها على هجوم عليها، إذا حدث. واستعمال أدوات الضغط الموجودة لدى الدولتين لوقف المواجهة، في حال بدأت.
عاشراً؛ التزام أميركي بمنع إيران من ترميم خطتها النووية بعد الضربة، إذا حدثت.
ختاماً، على رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو الاعتراف بالقيود وعدم نجاعة سياسته الحالية في مقابل إيران. حتى لو كان على قناعة بأن الأميركيين تصالحوا مع إيران النووية، وأنهم في حالة “استراتيجيا احتواء”، عليه أن يحرج الإدارة باستعمال تصريحات الرؤساء الأربعة السابقين، التي تتضمن التزاماً باستراتيجيا “المنع”، وأن يحسّن الظروف لعملية إسرائيلية عسكرية أكثر ما يمكن، هذا في حال اضطرت إسرائيل إلى التحرك. من الأفضل الآن اختيار خطوة مبادرة، تهدف إلى التوصل إلى تفاهمات مع الولايات المتحدة بشأن الاستراتيجيا والخطة العملياتية المشتركة لمنع وإحباط تزوُّد إيران بسلاح نووي”.
ترجمة مؤسسة الدراسات الفلسطينية
________
تابعونا على:
- على موقعنا:
- توتير:
- فيس بوك:
https://www.facebook.com/kanaanonline/
- ملاحظة من “كنعان”:
“كنعان” غير مسؤولة عن الآراء الواردة في المقالات، بل هي تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو محرري نشرة “كنعان” الإلكترونية أو تبنيهم لهذه الآراء والمواقف.
ومن أجل تنوير الناس، وكي يقرر القارئ بنفسه رأيه في الأحداث، ونساهم في بناء وعيً شعبي وجمعي، نحرص على اطلاع القراء على وجهات النظر المختلفة حيال التطورات في العالم. ومن هنا، نحرص على نشر المواد حتى تلك التي تأتي من معسكر الأعداء والثورة المضادة، بما فيها العدو الصهيوني والإمبريالي، وتلك المترجمة من اللغات الأجنبية، دون أن يعبر ذلك بالضرورة عن رأي أو موقف “كنعان”.
- عند الاقتباس أو إعادة النشر، يرجى الاشارة الى نشرة “كنعان” الإلكترونية.
- يرجى ارسال كافة المراسلات والمقالات الى عنوان نشرة “كنعان” الإلكترونية: mail@kanaanonline.org