نفس الادوات ونفس ردات الفعل ونفس العقلية ونفس القوى المعادية ونفس المأجورين، وكأن الدولة لم يخطر على بالها ان القوى المعادية لم تستكن وأنها لم تلقي سلاحها وأنها لم تيأس وأنها لم تغير جلدها.
الا تكفي احدى عشر عاما من الدماء النازفة والحصار القاتل وكل الشباك المسمومة التي حيكت وتحاك؟
الا تكفي كل هذه المعاناة والصبر والصمود والدماء والدموع؟
الا تكفي هذه لكي تكون درسا للتعلم واجتراح الحلول الابداعية لصد الرياح العاتية التي كان يسمع صريرها الطفل السوري قبل الرجل والمرأة والدولة لكي يستميت كل من بقي في سورية لبناء المصدات الكفيلة بصدها؟
الم يكن واضحا لكل من له بصر وبصيرة ان امريكا وكل الغرب وأزلامهم وعملائهم لم ولن يتوقفوا للحظة واحدة عن خلق الصعاب والارضية المناسبة لمعاودة المؤامرات بأشكالها القديمة والجديدة وانهم لن يتوقفوا ولو للحظة عن زرع الفتنة والالغام الموقوتة لمعاودة الكرة من جديد عندما تلوح الفرصة وها هي قد لاحت؟
أنتم من وفر لهم هذه الفرصة عندما ظننتم ان ليوث العملاء العرب التي برزت وكأنها ابتسامات لكم واستقبلتم الرسل وارسلتم الرسل متناسين ما حصل طيلة السنوات الماضية.
نعم نسيتم او تناسيتم ان كل هؤلاء هم مجرد بيادق بأيدي العدو الامريكي وانهم لا يملكون من امرهم سوى الرضوخ للأوامر من سيدهم.
تناسيتم ان شعبكم العظيم سار خلفكم ومعكم وتحمل الصعاب والاهوال التي يعجز البشر وصفها بايمان مطلق بانكم الحق وهم الاعداء والشر بعينه، ولكنكم وللأسف لم تحاولوا تغيير الانماط والعادات السيئة وجلستم على بحور من الاسترخاء وأنكم قد انتصرتم، ونسيتم انهم لم يستكينوا ولم ييأسوا بل كانوا يحيكون الدوائر وينتظرون ان تخطئوا بالتقدير والتعامل، وظلوا يراكمون اخطائكم وتفشي الفساد وتغاضيكم عن أسبابه رغم الظروف والمحن فهي ليست مبررا بل هي حافز نحو التغيير حتى طغى الفساد واصبح هو السمه الغالبة للحياة في سورية.
رفعتم الفاسدين الى اعلى المراتب وتحكموا بالقرار على حساب الطاهرين الاخيار وكانت تاتي لكم التقارير تلو التقارير بان هؤلاء فاسدون وانهم سيكونون اول من يغادر هذه السفينة حاملا ما سرقه تاركا خلفه اوزار جرائمة لكل الخيرين الذين طحنتهم المرارة والحزن الكاسف.
بعد هذة الملحمة الحافلة بالتضحيات والدماء والنبل اشحتم وجوهكم عن الشعب الغارق في آلامه، والذي خاب املة بإحداث تغيير ما بالآليات والشخوص والسياسة وكأن التاريخ قد توقف عند هزيمة هؤلاء المستدخلين الاغراب، ولم تحاولوا استيعاب الدروس والعبر، ولا يعني نظافة يد الرئيس والقلة التي حوله وصمودهم واستماتتهم بتحدي الاعداء ومحاربتهم وثباتكم على موقف ناصع مجلل بانكم ستكسبون المعركة بهذه الأدوات.
استخففتم بحزبكم العظيم الذي ضم خيرة المناضلين والشهداء وحولتموه الى مجرد اسم بلا محتوى ومضمون ووسمتموه بقيادات انتهازية خاوية فاسدة، ولم يخطر ببالكم بان من رفع سورية هو هذا الحزب الذي بني بدماء مناضليه وعذاباتهم منذ البدايات وظننتم انه لا لزوم له طالما استتبت الامور وانه يكفي ان يكون ضيف شرف او صفرا حافظ منزلته ولم يخطر ببالكم او لم تريدوا ان يخطر بان هذا الحزب لو بقيت له روحه التي نزعتموها منه ونظافته وطهارته لكان هو السد المنيع الى جانب الجيش العربي الطاهر وانه هو الذي سيقف مدافعا عن هذه الارض الطاهرة بكل عنفوان، واذكركم بتجربة الحرس القومي الذي حفظ البلد غداة مؤامرة الاعداء ذاتهم الذي تواجهونهم اليوم من الداخل والخارج.
لم يفت الاوان ولو متأخرا كثيرا على تدارك الامر الجلل الذي أنتم فيه والذي يقتضي قراراً حاسماً مهما بلغ الثمن باستئصال الفساد بكل اوجهه وامتداداته لأنه إذا سقطت سورية سقطت فلسطين وسقط العرب وسقطت المقاومة العربية وبذلك يسقط المستقبل العربي في احضان هذه القوى المعادية التي تريد ان تشبع من دماء كل عربي وسوري حر.
انظروا الى هذا الكم الهائل من ذات القنوات واماكن التواصل المعد سلفا الذي برز فجأة والذي يشي بان ما حصل قبل أكثر من عقد من الزمان يتكرر بينما انتم غافلون وكأنكم قد تفاجأتم.
لماذا هذا النقد الاليم في هذه الأوقات؟
فقط بدافع واحد هو الوفاء لسورية كي تعلم باننا كفلسطينيين نعلم جيدا وتماما ما معنى الوطن وما معنى فقدان الوطن، وهو نفسه الدليل الذي به فهمنا باكرا ما الذي يرسم ويدار ضد سورية.
_________
ملاحظة من “كنعان”: “كنعان” غير مسؤولة عن الآراء الواردة في المقالات، بل هي تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم … تابع القراءة ….