السنة الثالثة والعشرون – العدد 6620
في هذا العدد:
■ البحرين: متابعة الحوار مع عروبيي البحرين، منال محمد وعادل سماره
■ ليبيا: عادل سماره
- شبح القذافي يحوم في سماء إفريقيا
- يا أدوات الغزو: الصدر ليس في ليبيا
■ نابلس: عُبُوَّة ناسفة: أي سمفونية ثورية، عادل سماره
■ قنبلة نووية احرقت اقدام المغرد والكويت كلها! نسرين يسري
■ قراءة في كتاب «رجال من فلسطين كما عرفتهم»: يكشف الجذور التاريخية للقومية العربية لمؤلفه عجاج نويهض، قراءة سمير ناصيف
✺ ✺ ✺
متابعة الحوار مع عروبيي البحرين
(1)
الإعلامي الإيراني محمد غروي لـ “مرآة الجزيرة”: الاتفاق #السعودي_الإيراني لن يتم على حساب الأخوة الشيعة في #الجزيرة_العربية_والبحرين
أكد الإعلامي الإيراني محمد غروي أن النظام السعودي، وتحت غطاء الاتفاق الإيراني-السعودي في الصين، شرع في تبني سياسات إجرامية بحق أبناء الجزيرة العربية والبحرين.
وحول جريمة الإعدام بحق ثلاثة من معتقلي الرأي في الجزيرة العربية، أكد محمد غروي أن السياسة التي اتخذها محمد بن سلمان منذ إعدام الشهيد نمر باقر النمر، وما تشهده الفترة الأخيرة من تصعيد إجرامي تظهر اعتقاده “أنه قادر على استغلال الفترة الزمنية الرمادية السابقة لوصول علاقة بلاده بإيران مستوى الذروة السياسية”.
ورأى الإعلامي غروي أن بن سلمان “يعتقد بأن هذا الوقت الرمادي يسمح له بأن يفعل ما يشاء”، مشددا على عدم صوابية حساباته لناحية تأثير الأفعال الإجرامية المرتكبة سلبيا على المستوى السياسي والنظرة الإيرانية للاتفاق الثنائي.
وأضاف “يخطئ السعوديون إذا ما اعتقدوا أن الاتفاق الإيراني السعودي يشكل غطاءً لأعمالهم الإجرامية وإعدام المعتقلين السياسيين في السجون السعودية”، لافتا إلى أن المضي بهذا النهج الخاطئ سيؤثر سلبا على العلاقة بين الطرفين، من بوابة تكدير صفو العلاقة، “إذا ما كانت صافية”.
وأردف خلال حديثه لـ “مرآة الجزيرة” قائلاً “إن تمادي النظام السعودي في جرائمه يعكس اعتقاده بامتناع الطرف الإيراني عن تسجيل موقف إزاءها حفظا منه للاتفاق”.
وتابع “يجب أن نقولها علانيّة، من غير المقبول أن يتم الاتفاق السعودي- الإيراني على حساب الأخوة الشيعة في الجزيرة العربية والبحرين”.
وشدد على أن طهران لا يمكن أن تقبل تبني الرياض لسياسة الاستغلال، وضربها عرض الحائط كل الممارسات السابقة والرهان على صمت إيران عن الجرائم، سيّما وأن العلاقة بين الطرفين كانت قد انقطعت سابقا نتيجة إعدام الشهيد نمر باقر النمر.
وختم الإعلامي الإيراني محمد غروي حديثه بالتأكيد على مسلّمة إيرانية تقول “بمسؤولية الجمهورية الإسلامية تجاه أبناء الطائفة الشيعة وكل المظلومين في العالم من منطلق الواجب الإنساني والشرعي”.
✺ ✺ ✺
(2)
رد من عادل سماره
صباح الخير، الأخوات والإخوة عروبيي البحرين، أعتقد أن الأفضل رفض وإدانة نظام آل سعود في مجازره ضد العرب الشيعة وليس الشيعة! لأن حصر الأمر في الشيعة يدعم نظام السعودية في مستويين:
1) يبدو وكأنه ديمقراطي مع بقية عرب السعودية وخاصة السنة. و
2) يبدو وكأن النظام لا يقمع السنة بل يقمع حتى بعض اسرة النظام.
كما كان يجب الرد على السيد محمد غروي بأن الشيعة العرب ليسوا رعايا لإيران ومن يعتبرهم رعايا لإيران فهو طائفي فتنوي بل إن شيعة إيران هم امتداد للشيعية العربية كأساس وخاصة في العراق والتي قام نظامها غير العروبي وإن زعم أنه شيعي فهو لا ولاء له إلا لأمريكا، ومع ذلك شيعة إيران احرار هم في قوميتهم كما نحن. وطالما إيران /النظام يعتبر نفسه ولي كل شيعي في العالم، وهذه تخبطات، فهو إذن لا يمثل مواطني إيران غير الشيعة. فليكتفِ ببلاده وله منا الخير. النظام في إيران مثل اي نظام هو نظام لصالح طبقة ولذا مصالحه حتى داخل إيران هي التي تحكمه، وجدير بكل الإخوة الشيعة العرب والباكستان ولبنان…الخ بل ومختلف المذاهب الإسلامية أن يعرفوا أن النظام السياسي الطبقي البرجوازي والدين سياسي، لن يقطع علاقته ومصالحه من نظام المجازر السعودي من أجل شهيد هنا وآخر هناك. أخيرا، استقامة الخطاب أمر هام.
✺ ✺ ✺
ليبيا:
شبح القذافي يحوم في سماء إفريقيا
يا أدوات الغزو: الصدر ليس في ليبيا
د. عادل سماره
✺ ✺ ✺
شبح القذافي يحوم في سماء إفريقيا
مقتبس من البيان الشيوعي لماركس 1848: “إن شبح الشيوعية يحوم في سماء أوروبا”.
قاد هذا الشاب انقلابا ونقل ليبيا من الملكية والقواعد العسكرية الأجنبية إلى الجمهورية والتوجه العروبي.
لم يكن شيوعيا ولا ديمقراطياً بالمعنى الغربي لكنه كان وبقي وطنيا وعروبياً وحدوياً ولذا توجب قتله.
بينما حاول الوحدة مباشرة مع مصر سخر منه السادات ووصفه هيكل ب “البدوي”.
الحكام العرب صوروه للشارع مجنونا! ولم أعرف عنه أفضل إلا حينما سافرت لبريطانيا للدكتوراة لأجد دراسات تؤكد تقدمية الرجل وتضاده مع الإمبريالية وحذره من السوفييت.
حينما كان في السلطة العديد ممن يزعمون القومية كانوا على أبوابه، وكذلك الفصائل الفلسطينية ولذا ذهب الصدر هناك للمساعدة المالية، وحينما قُتل شهيداً قلما رثاه أحد بل ساهمت الطائفيات في قتله أو تدنيس تاريخه.
ما يدور في إفريقيا اليوم هي حالات مشابهة لما بادر هو ورفاقه به في الأول من ايلول قبل ثلاث وخمسين سنة.
حينما أغلق الكام العرب طريقه بجدار التبعية وذبح الجمهوريات توجه إلى إفريقيا وحاول إقامة صندوق نقد إفريقي ووحدة إفريقية، ولذا كان يجب قتله فشارك الناتو في ذلك كثير من الأنظمة العربية والإسلامية وباركت الطائفية السنية والشيعية على حد سواء قتله واحتلال ليبيا.
واليوم فجرت صهينة المنقوش الشارع الليبي فإذا بالقذافي يظهر من تحت الرماد.
وهنا يكون السؤال: ما العمل؟
إذا كان الشارع الليبي مع تراث القذافي فهذا جميل لكنه ليس كافياً. وإذا ما وصلوا السلطة انتخابيا أو انقلابياً، فليس المفروض موقفا ضد الإمبريالية ولكن ايضاً موقفاً حذرا من بريكس بمعنى علاقات وتبادل معها لكن دون تبعية لها. أي فك إرتباط مع السوق الدولية وعلاقات ندية مع بريكس والعودة للمشروع العروبي والإفريقي.
والمشروع العروبي يجب أن يكون في العلاقة مع العروبيين الإشتراكيين بالمعنى والمضمون الماركسي. وهنا يجب ان يعرفوا أن موقف الماركسية هو ضد “الدين السياسي” وليس ضد الدين الإيماني.
قبل ايام طرح الرئيس الجزائري رؤيته لما يجب ان يكون عليه الوضع في إفريقيا/الساحل على ضوء الانقلاب الثوري في النيبجر.
ولكن هذا اقتراح وسطي، وهذا بالطبع أكثر ما وصلت إليه السلطة هناك.
فالحديث عن حصر الشرعية في الدستور غير دقيق ولا ثوري حتى بمستوى ثورية القادة الأفارقة الشباب لأن الدستور تضعه الطبقة الحاكمة/المالكة، وغالباً في المستعرات التي لم تغادر حقا فترة الاستعمار تكون الدساتير بطعم التبعية. لا دستور مقدس إلا ما يراه الشعب في مرحلة محددة. ولذا كان يجب ان تتضمن المبادرة: “هناك إنقلابات هي ثورات ويجب اعتبارها شرعية”.
اما اقتراح الرئيس الجزائري لمؤتمر دولي لتنمية الساحل الإفريقي، فهذا خطير لأن كل دولة في العالم تعمل لمصالحها أولا وأخيراً، وهذا ما حصل ضد الجزائر في مؤتمر بريكس الأخير.
والأهم من هذا، فإن التنمية هي في تبني كل بلد تحكمه سلطة تقدمية ثورية لِ:
1- التنمية بالحماية الشعبية
2- الوصول إلى فك الارتباط بالسوق الدولية.
وهذا يقوم على المبدأ التنموي المركزي وهو أن المال عامل ثانٍ لأن الأساس هو تبني وانتماء الطبقات الشعبية لمشروع التنمية بالحماية الشعبية. فالممول ليس فاعل خير، وبوسع كل مجتمع فرز ما يمول تنميته إذا تم تسخير الثروات الموجودة واسترجاع المنهوب لدى الغرب وخاصة في امريكا ومفسلة أموال الفساد سويسرا إمبريالية المال المسروق.
ملاحظة: لا ادعي أن كل المتحركين في ليبيا هم من مؤيدي العقيد القذافي.
✺ ✺ ✺
يا أدوات الغزو: الصدر ليس في ليبيا
بيت القصيد أن تكون عروبياً. لذا نقول لمن يكذبون بحب ليبيا وهم غزوها في ذيول ال NATO ناتو، إن ليبيا تنهض بروح القذافي ، تحبه أو تكرهه هذا شأنك، انت طائفي شيعي أو سُني، هذا شأنك. دعمت الغزو، واندسست في جيوبه بعد المذبحة بحثا عن موسى الصدر وأكذوبة قتله، العيب عليك والعار فلست سوى عدو للعروبة بادلت وطناً بمجرد شكوك غيبية. وغبية. انظروا الرابط قطر، تركيا، الإمارات، مصر، وغيرها من الأنظمة التابعة شاركت غزو ليبيا كأدوات.
✺ ✺ ✺
نابلس: عُبُوَّة ناسفة: أي سمفونية ثورية
عادل سماره
هذا هو يا نابلس. وهكذا العمليات الفردية.
وليس طخ الأعراس أو طخ من بعيييييد.
وليس الاستعراض بالسلاح والإوفرهولات مما سمح للكيان لوصول قرابة مئتي شهيد ببساطة! كفى كفى انكشافاً ومن اصر على الإنكشاف يعرف أن السرية فقط هي الصحيح، فلماذا فعل الإنكشاف!!!!!
كتبت وأكرر:
مدرسة جيفارا والجزائر وفيتنام وماو: لا قواعد ثابتة إلا إذا يعجز العدو عن وصولها وعدم زج الجماهير في وجه قوات العدو وعدم إطلاق رصاصة واحدة عبثاً
مدرسة التروتسك: زج الجماهير كي تذهب ضحايا وتُهلك إقتصاديا ومعيشيا.
إذن العمل السري وليس غيره.
وإذا كان المقصود بالاستعراضات العلنية بالسلاح والبذخ تفهيم الناس:
– أن الشباب من فصيل كذا وكذا فقد إتضح
– أن إيران تدفع، فقد إتضح ولكن نحن نضيف: أن إيران تربح من العراق وتنفق هنا وفي لبنان وفي اليمن فقد إتضح. ومع ذلك شكرا
بل اصبح واضحا للمخابرات قبل الناس .
وأنصحكم جميعا، أن إيران لم تنفق سوى فلوساً مقارنة بما دفعته ليبيا والعراق، وجرى نسيان كل هذا، اي أن المال ليس عامود حقيقي لاستمرار ثوري. الله معكم.
✺ ✺ ✺
قنبلة نووية احرقت اقدام المغرد والكويت كلها !نسرين يسري
قنبلة نووية فجرتها امرأة سودانية على تغريدة على التويتر احرقت اقدام المغرد والكويت كلها !
ملاحظة من كنعان: من شروط استدخال الهزيمة أن ينهش المهزوم مهزوما آخر ويتعالى عليه. وهذا دارج بين العرب. لبناني يرى انه فينيقي والعرب بدوا، بينما يركع للفرنسي وسعودي يقول لليهود ان لا عرب سوى في الجزيرة، ومصري يتكبر لأن مصر لها حضارة عريقة، وعراقي يرى أنه فارسي، وفلسطيني يرى انه الأكثر تعليما، وسوري غاضب بعد الحروب على سوريا…الخ. لا علاج لهذا بدون تيار عروبي ناضج وجذري وإشتراكي يمسح هذه التفاهات التي كرستها انظمة التبعية.
▪️▪️▪️
قال الكويتي سعود مطلق السبيعي في تغريدة عبر “تويتر”: “ثورة الكسالى في السودان لن تنجح، فالجماعة تعودوا على الانقلابات العسكريه لانها لاتكلف جهدا ومشقه”.
وردت نسرين يسري على المستشار السابق لرئيس مجلس الكويتي سعود مطلق السبيعي بالتالي :
عدنا مجدداً للرد علي إعلامي كويتي تخطي اشكالاته المحلية ومشى علي رؤوس الازمات ليتحدث عن السودان واهله وثورته وإمكانية نجاحها وحتمية فشلها .
والمضحك المبكي ان يصفنا كويتي بالكسالي مع كوننا قد استيقظنا قبله بعقود من الزمان ونهضنا لنترك له نومة اهل الكهف فحينما تم تأسيس جامعة الخرطوم كأول جامعة سودانية في العام 1903 لم تكن الكويت قد تعرفت علي المدارس الابتدائية بعد وحين انطلق بث إذاعة امدرمان في العام 1940 كان الخليجي علي اطلاقه يفر من الراديو معتقداً انه شيطان رجيم .
وحين تواجدت اول إمرأة سودانية تحت قبة البرلمان كأول عضوة برلمانية بالشرق الاوسط،في العام 1956 لم يكن مثقفو الكويت من الرجال يعرفون ماهو البرلمان .
وحين كانت الخرطوم تُغسل بالديتول في اربعينيات القرن الماضي كان لقصر شيخ الصباح مربط لخيل وحمير وزرائه من اعضاء المشيخة .
وحين كانت الخرطوم تهوي إليها الافئدة والابدان في الخمسينات كنت انت ورهطك منهمكين في حملات مكافحة القمل .
فاينا الكسول يرحمك الله ومن الذي سبق باليقظة الحضارية والسياسيه والثقافية .
والمضحك حد الاستلقاء حديثه الممجوج عن الانقلابات العسكرية وكأنه ينتمي الي سويسرا وليس الي دويله تتوارثها اسرة منذ مئات السنين تحميها البنادق المأجورة والجيوش المستلفة وتحررها السواعد المستنفرة .
يصف السودانين بالكسالي وهو لجهله لا يعلم ان السودان هو القطر الوحيد الذي استعصي فتحه حتي علي الصحابه الذين بلغت فتوحاتهم المشرق والمغرب عجزوا عن فتح السودان وانت تستعمرك العراق التي انهكتها حربها مع ايران والتي تشاطرك الانتماء للعالم الثالث لم تمض سوي ساعات قليلة حتي اعلن صدام حسين انه قد تمت كامل سيطرته علي الكويت ليهرع مندوب موسوعه جينيس ليوثقه كأسرع احتلال لدوله علي مر التاريخ يتفوق بفارق مريح علي توقيت احتلال هتلر للنمسا وبلجيكا .
ما علاقتك انت بالعسكرية لتتحدث عن عسكر السودان الذين والي يوم الناس هذا يعلمونك العسكرية واصول الانتماء .
فإن فاتك ان تعلم ان عسكر السودان قد حموك مرتين مرة من المد العراقي واخيرة من المد الايراني فلا تنسي انهم هم لا غيرهم من ارسي دعامات مؤسساتك العسكرية قبل ان تفرق بين الجيش والشرطة .
تتندر علي جيش السودان وانت كالذي حكي عن نفسه فقال :
أرى أني إذا ما الحرب قامت
أرابط خلف ربات الحجال
أحمس في الوغي آبناء قومي
وأحمي ظهرهم عند النزال
فإن ظفروا ظفرت بغير جهدِ
وإن لم يظفروا دبرت حالي
وفي الهيجاء ما جربت نفسي
ولكن في الهزيمة كالغزال
ولي عزم يشق الماء شقا
ويكسر تمرتين على التوالي
ويقطع خيط قطن بعد لأي
إذا ما الخيط كان على انحلالي
✺ ✺ ✺
قراءة في كتاب:
«رجال من فلسطين كما عرفتهم»: يكشف الجذور التاريخية للقومية العربية
لمؤلفه عجاج نويهض
قراءة سمير ناصيف
هل تتواجد جذور القومية العربية المناهضة للاستعمار في بلد عربي محدد أو في أكثر من قطر عربي؟
هذا سؤال يُطرح هذه الأيام بشكل خاص، ليس فقط بسبب انعقاد جلسة هذا العام لـ«المؤتمر القومي العربي» في الأسبوع الأخير من شهر تموز (يوليو) 2023 في بيروت، الذي حضره ممثلون من بلدان إقليمية وعالمية لحركات مقاومة الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين، بل لأنه يتبين من الدراسات والمذكرات التي نُشرت في السنوات والعقود الأخيرة أن القومية العربية انطلقت في فلسطين في مطلع القرن العشرين بفضل مجهود وتضحيات شخصيات عربية ـ فلسطينية كرست نفسها لمنع استيلاء الصهاينة على أرض فلسطين ولاستقطاب الدعم والمجهود العربي في سائر الأقطار العربية في المشروع المقاوم لـ«وعد بلفور» و«اتفاقية سايكس بيكو» منذ مطلع القرن الماضي ولمقاومة المنخرطين في تنفيذهما: الاستعماران البريطاني والفرنسي الناكثين والمتراجعين عن وعودهما واتفاقياتهما مع الجهات القيادية العربية التي انخدعت بتلك الوعود.
في كتاب للمناضل الراحل عجاج نويهض، صديق ورفيق درب بعض كبار قادة النضال العربي ضد استعمار فلسطين جمعته ابنته بيان نويهض الحوت (رفيقة حياة أحد المسؤولين القياديين الفلسطينيين، الراحل شفيق الحوت) ونشرته «مؤسسة الدراسات الفلسطينية» في لبنان بعنوان: «رجال من فلسطين كما عرفتهم» تبرز حقيقة هوية أبطال نشوء القومية العربية بين القادة من أبناء الشعب الفلسطيني منذ عشرينيات القرن الماضي وقبل ذلك.
في طليعتهم، حسب عجاج نويهض، كان موسى كاظم باشا الحسيني ونجله المناضل الشهيد عبد القادر الحسيني الذي استشهد في «معركة القسطل» في عام 1948.
فقد «أشرف موسى كاظم باشا الحسيني على المظاهرات الضخمة التي دعت إليها (اللجنة التنفيذية) في عام 1933 في القدس وبعد ذلك في يافا، والتي قمعتها حكومة الانتداب الإنكليزي بالقوة حائلة دون استمرارها في كل مدينة في فلسطين كل يوم جمعة» وأصيب الشيخ موسى في تظاهرة يافا بهراوة الشرطة ومات بعد ذلك في منزله في السنة التالية 1934 تاركاً فراغاً كبيراً. (ص 187).
موسى كاظم باشا الحسيني (حسب الكتاب) ترأس الحركة الوطنية في فلسطين لمدة 15 سنة وتوفي بعدها وعمره 84 سنة، وهو أحد أربعة دُفنوا بجوار المسجد الأقصى وهم بالإضافة إليه محمد علي، رفيق غاندي ونهرو، والشريف حسين بن علي، وعبد القادر الحسيني، نجل موسى كاظم، الذي استشهد في «موقعة القسطل» المشهورة وكان قد مضى على مثوى أبيه 14 سنة، فدفن عبد القادر الشهيد إلى جانب والده الشيخ الجليل الزعيم ولم يكن عمره أكثر من 42 سنة. (ص 191).
موسى كاظم الحسيني كان شيخ القضية الفلسطينية بلا منازع من 1918 إلى 1934 (بنظر نويهض) فلما اشتعلت التظاهرات العربية في فلسطين ابّان تدفق هجرة يهود ألمانيا إلى فلسطين كان يخرج من بيته في القدس ويافا ويسير على رأس الحشود المتراصة مواجهاً بنادق الإنكليز ورشاشاتهم وهراوي شرطتهم الشرسة وخيولهم ويتحداهم بشجاعة، هذا هو موسى كاظم. (ص 192).
كان موسى كاظم (حسب نويهض) شخصية عربية ممتازة بالإجماع «فهو لم ينشط في فلسطين بل دعم ثورة سلطان الأطرش في سوريا والانتفاضات العربية في سائر الأقطار، ولم يكن زعيم عرب فلسطين فحسب، بل كان زعيماً للأمة والوطن العربي في كل مكان». (ص 199). وذلك برغم الانقسامات بين المؤيدين للمجلس الشرعي الإسلامي ورئيسه الحاج أمين الحسيني ومعارضوه راغب النشاشيبي وأخوانه. وقد كانت حركة فلسطين جزءاً من الحركة العربية في دمشق في عام 1920 «فالحركة الوطنية المنبثقة عن المؤتمرات الوطنية في فلسطين التي رأسها موسى كاظم لم يكن هناك الخلاف على رئاستها ولم يتحزب موسى أو يتجنح إلى فئة من الناس دون أخرى». (ص 201). واستقبل موسى عنف الإنكليز بصدره الفولاذي عندما قامت البلاد تستنكر طغيان الهجرة اليهودية في عهد هتلر. (ص 202). وبعد ذلك ارتفع أحد أبناء موسى كاظم الشهيد البطل عبد القادر الحسيني (1907 إلى 1948) في منزلة البطولة إلى حد كاد أن يكون اسطورياً، وكان استشهاده في «يوم القسطل» في 8 نيسان (ابريل) 1948 في غربي القدس على طريق يافا التي كانت قيمتها استراتيجية من ناحيتي العرب واليهود من وراء الإنكليز فمن يستولي على القسطل يستولي على القدس.
ويقول الكاتب إن استشهاد عبد القادر الحسيني كان استبسالاً للموت بثمن الحياة كاستشهاد يوسف العظمة في ميسلون سنة 1920. (ص 240).
ويعتبر نويهض أن ما سمي بـ«عصبة الأمم» في جنيف آنذاك وركناها بريطانيا وفرنسا مثل دور (حاميها حراميها) فانتشرت في البلاد العربية روح جديدة معارضة لها وكارهة للأجنبي المحتل وذيوله في مدارس فلسطين ودول عربية أخرى، وتجسدت هذه الروح خصوصاً في مصر.
وعندما عاد عبد القادر إلى مصر، كانت فلسطين تواجه أطوافاً من الهجرة اليهودية فنمت في حمى عقيدته نزعة الثورة على «المغتصب الإنكليزي المنتدب وجروه اليهودي «اللجنة الملكية البريطانية» (ص 244) وعندما قررت «اللجنة الملكية البريطانية» أن التقسيم هو الحل (عام 1937) اعتبر قياديون فلسطينيون أن بريطانيا تخدع العرب وتمهد للتوصل إلى ما كان اليهود يعملون له في فلسطين ولندن وواشنطن. فهب عبد القادر الحسيني بمعاونة القائد العروبي القاوقجي الذي جاء من العراق لمواجهة ذلك المشروع التقسيمي وسقط شهداء عديدون في معارك قادها عبد القادر الحسيني في هذا المجال حيث استبسل فيها وجرح وعولج في دمشق، ولكنه لم يتمكن من العودة إلى وطنه برغم انه أدرك «مكر الإنكليز وازدواجية معاييرهم» فقضى سنوات في عدة بلدان عربية ثم ذهب إلى بغداد حيث شارك في ثورة رشيد عالي الكيلاني واعتُقل وأُبعد منفياً إلى تركيا ثم إلى السعودية وبعدها إلى ألمانيا حيث تدرب هناك على صنع المتفجرات والألغام وعاد إلى القاهرة عام 1946 متحضراً للعودة إلى فلسطين والمقاومة ضد الاستعمار.
وعندما اُعلن التقسيم في فلسطين في 29 تشرين الثاني (نوفمبر) 1947 تمكن من التسلل عبر سيناء عائداً إلى وطنه، وأصبح قائداً لمنطقة القدس بينما فوزي القاوقجي قائداً في الشمال وانتشرت شهرته في الأرجاء العربية وتعلقت ثقة الشعب بعبد القادر، وخصوصاً في المنطقة الوسطى، وكان يحصل على السلاح من دمشق لمنازلة اليهود الصهاينة ودحرهم إلى ان استشهد في معركة القسطل وكان له مأتم كبير كيوم أبيه ودُفن إلى جواره بجوار المسجد الأقصى. (ص 247).
يضم كتاب نويهض فصولاً عديدة عن شخصيات عرفها الكاتب وكتبَ عنها وجمعتها ابنته ووضعتها في القسم الثاني من الكتاب وعنوانه «هؤلاء كما عرفتهم» وقد اخترنا الأهم بينهم بالنسبة إلى موضوع القومية العربية، وفي طليعتهم الفصلان عن موسى الحسيني ونجله عبد القادر الحسيني.
في الفصل الرابع من هذا القسم، يتحدث الكتاب عن جورج انطونيوس (1891ـ1942) مؤلف كتاب «اليقظة العربية» The Arab Awakening فيقول نويهض ان هذا الكتاب كتبة انطونيوس بعد اكتشافه حقيقة الغطرسة البريطانية وتحوله إلى المنطق القومي العربي بعدما عمل سابقاً مع الإنكليز واكتشف مساوئ الاستعمار الإنكليزي ـ الفرنسي. وكان انطونيوس (حسب الكتاب) على اتصال بالمستر كرين «ذلك الأمريكي الطيب الخيّر المجواد الذي كان يرأس لجنة الاستفتاء في سوريا ولبنان وفلسطين سنة 1919 المسماة (لجنة كرين) والتي ساعدت جورج انطونيوس في أبحاثه بالإضافة إلى رحلاته الكثيرة إلى مصر وسوريا والعراق ولبنان وإلى الأردن وعمله البحثي في المكتبات العامة فيها وفي الكتب والسجلات القنصلية، علماً ان انطونيوس كان قبل ذلك يعمل في إدارة المعارف في منصب عالٍ يلي فيه مدير المعارف البريطاني في فلسطين وبالتالي تعرّف على عمل البريطانيين عن كثب. ومع انه وُلد في دير القمر في لبنان فإنه قضى حياته في فلسطين وتوفي فيها خلال الحرب العالمية الثانية ودُفن في القدس.
وعن الشيخ المجاهد عز الدين القسام (1871ـ1935) يقول نويهض إن أصله من جبلة قرب اللاذقية في الإقليم الشمالي (سوريا) وهو صاحب الثورة التي قام بها سنة 1935 في فلسطين وعُرفت باسمه وخلّدت ذكره، والتي يعرفُ أي عربي من فلسطين الشيء الكثير عنها.
وقد تخرّج الشيخ القسام من الأزهر الشريف في مصر، ولما دهمت فرنسا سوريا اشترك في الثورات الوطنية المناهضة لفرنسا ثم استقر في حيفا عام 1925 حيث كان يسمع عن (مشروع الوطن القومي اليهودي) ورآه ينمو، وأتته الفرصة عندما نمت «حركة الشبان المسلمين» (فرع حيفا) فوسّع صلاته بالناس وكان من أبرز رجال الجمعية، واشترط على أعضاء الجمعية اقتناء السلاح من مالهم الخاص «ولم يكن يعلم الإنس ولا الجن من أمرها شيئا حتى سنة 1929». (ص 215). فيما كان الصهاينة يستوردون الأسلحة بمقادير كبيرة من بلجيكا في براميل الأسمنت تحت أنظار المندوب السامي البريطاني!
استشهد الشيخ القسام ورفاقه في العشرين من تشرين الثاني (نوفمبر) 1935 في معركة طاحنة مع جند الحكومة الذين فاقوهم عدداً والذين لاحقوهم براً وجواً فقاوموهم ببسالة. «وشكلت حركة القسام هزة عنيفة للعرب أجمعين، فالرجل المجاهد استطاع أن يدل العرب على الطريق (طريق القوة) وقد ذهب وواجه الخصوم المستعمرين بعدد قليل من الرجال ومقدار يسير من السلاح برغم الفرق بين قوته وقوة بريطانيا. ولكنه آثر الاستشهاد عن يقين وعقيده ليحين في النفوس روح المقاومة أحياءً عملياً لا نظرياً فقط… فاستيقظت فلسطين». (ص 223).
وفي الفصل الختامي 21 يتحدث نويهض عن إنجازات الحاج محمد أمين الحسيني (1897 إلى 1974) بالتفصيل. وهذا الفصل يحتاج إلى مراجعة بحد ذاته وخصوصاً الجزء المتعلق ببناء المسجد الأقصى المبارك والمتبرعين الكبار للمشروع والهندسة المعمارية الخارقة له وطلب المندوب السامي هربرت صامويل دخول الحرم الشريف برفقة اللورد آرثر بلفور ورفض المفتي الشيخ الحسيني لهذا الطلب. (ص 452) بالإضافة إلى تنقلات المفتي وإشرافه على المؤتمرات والنشاطات الوطنية.
عجاج نويهض:
«رجال من فلسطين كما عرفتهم».
(جمعت مواده بيان نويهض الحوت)
مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت 2023
558 صفحة.
:::::
“القدس العربي”
________
تابعونا على:
- على موقعنا:
- توتير:
- فيس بوك:
- ملاحظة من “كنعان”:
“كنعان” غير مسؤولة عن الآراء الواردة في المقالات، بل هي تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو محرري نشرة “كنعان” الإلكترونية أو تبنيهم لهذه الآراء والمواقف.
ومن أجل تنوير الناس، وكي يقرر القارئ بنفسه رأيه في الأحداث، ونساهم في بناء وعيً شعبي وجمعي، نحرص على اطلاع القراء على وجهات النظر المختلفة حيال التطورات في العالم. ومن هنا، نحرص على نشر المواد حتى تلك التي تأتي من معسكر الأعداء والثورة المضادة، بما فيها العدو الصهيوني والإمبريالي، وتلك المترجمة من اللغات الأجنبية، دون أن يعبر ذلك بالضرورة عن رأي أو موقف “كنعان”.
- عند الاقتباس أو إعادة النشر، يرجى الاشارة الى نشرة “كنعان” الإلكترونية.
- يرجى ارسال كافة المراسلات والمقالات الى عنوان نشرة “كنعان” الإلكترونية: mail@kanaanonline.org