نشرة “كنعان”، 6 سبتمبر 2023

السنة الثالثة والعشرون – العدد 6623

في هذا العدد:

من يحاكم نبيه بري! د. عادل سماره

الشعب الليبي عصي على التطبيع رغم اندلاق حكومة طرابلس على الكيان الصهيوني، عليان عليان

انقلاب الغابون: نموذج سياق تحرري: إفريقيا أمام امتحان نزع التبعية للغرب، د. منذر سليمان وجعفر الجعفري

✺ ✺ ✺

من يحاكم نبيه بري!

ويخرق قشرة الطائفيين

د. عادل سماره

بعد يوم أو يومين، سيمتد نبيه بري على الشاشات منتحباً متفجعاً على موسى الصدر ورفيقيه. فهذا الاختفاء هو آخر رصيد لهذا الفاسد.

لكن هذا لبنان، حيث كل طائفة تجمُّع مغلق على نفسه “أمة بذاتها في ذاتها” تحمي القاتل قبل المناضل. لذا يقوم المحامي ورئيس البرلمان بعمل إرهابي فيختطف هنيبعل القذافي من سوريا، إهانة لسوريا بتهمة معرفته مصير الصدر بينما كان عمره حينها عامين!

لعل مسألة الصدر هي الأعجوبة الثامنة في العالم فما من اغتيال حصل إلا وكُشف سوى اختفاء الصدر! مما يؤكد ان هذا صنع الموساد والمخابرات الأمريكية. لكن نبيه بري يعيش على أكذوبة اختفاء الرجل في ليبيا ويحميه ويغطي عليه تكتل طائفي.

أُرفق هنا بيان للمحامية بشرى الخليل تتحدى نبيه بري وتهدد بأكثر مما يوحي بأنها تعرف مَن فعلها بالصدر أي ليس الشهيد القذافي.

وأُرفق هنا وثيقة أمريكية تؤكد حسن العلاقة بين الصدر وأمريكا وبأنه طلب منها مالاً.

قد يقول البعض ربما هذه تزويراً،ونقول ربما،

لكن لماذا تصدقوا أمريكا بزعمها أن صدام أمريكياً!

الدعاية االتي تشوه صدام هي طائفية بغيضة لكن العيب في العرب التابعين والخّنَّع لهؤلاء فهم بين مرتشي،وبين متورط في الدين الطائفي وبين مثقف رانخ في الهزيمة فيعبد من لديه مجرد مسدس أويدعي ا.ل.م.ق.ا.و.م.ة..قاتل الله المفلس نضاليا، وليته لايقرأ ولا يكتب.

وارفق صورة غلاف كتاب المناضل نجاح واكيم حيث نبيه بري في الصف الأول للفاسدين.

■ ■ ■

بيان صادر عن المحامية بشرى الخليل:

“رداً على البيان الصادر عن عائلة سماحة السيد موسى الصدر والذي يستهدفني بالمباشر،  ورغم أنني لا أود الدخول بسجال مع العائلة المصابة إلا أنني أجدني مضطرة للرد على المغالطات الكثيرة التي إحتواها هذا البيان،

وعليه أدلي بما يلي :

أولاً: إن كل ما أدليت به في جميع المناسبات هو صحيح وقطعي،  وكما هو معروف عني وثابت في وجدان الناس أنني لا يمكن أن أتطرق إلى أي أمر إن لم يكن مصدره موثوقٌ لدي..

وإذا كانت العائلة الكريمة مهتمة بأن تصل إلى الحقيقة فقبل أن تَرْدَّ مسبقا ما آتي على ذكره من معلومات بإمكانها أن تتواصل معي في أي وقت لتسألني عن صحته لعلَّه يقرَّبها من الحقيقة ..

ثانياً : أما بخصوص أنني لم أكن يوما صديقة للعائلة فمن المؤكد أنني على المستوى الشخصي لست صديقة للعائلة ولا أعرف أي منهم سوى السيدة رباب التي نلتقيها بالمناسبات العامة فقط وفي بعض المناسبات العائلية،

أما عن العلاقات العائلية بين البيوت الدينية في الجنوب وهو ما أشير إليه أحياناً وأن بيت أهل والدتي وهم آل الفقيه .. سواء منهم أخوالي المراجع الكبار، أم خالاتي وبينهم خالتي المرحومة زوجة سماحة الشيخ عبد الأمير قبلان .. و الشيخ عبد الأمير شخصياً فهو ما أقصده بالعلاقات العائلية،

وفي كل الأحوال فإن علاقات عائلة الفقيه هي التي تشرَّف وتضيف إلى من هم على علاقة معها وليس العكس،

ثالثاً : أنا بكل إعتزاز وإعتداد وشرف محامية المرحوم الشهيد صدام حسين الذي إستشهد على يد جيش الإحتلال الأميركي وبأمر شخصي من رئيس الولايات المتحدة الأميركية جورج بوش،

ولكن بالنسبة لسماحة الشهيد العلامة المرجع سماحة السيد محمد باقر الصدر الذي إستشهد في العراق فأنا قطعا لا أعرفه ولم ألتق به يوما وإن كنت أحتفظ بجميع مؤلفاته التي إقتنيتها منذ كنت لا أزال تلميذة وكنت أدخر ثمنها من “خرجيتي” .. فالعلاقة كانت تحديدا مع المرحوم الشهيد سماحة الشيخ يوسف الفقيه إبن حجة الإسلام والمسلمين المرحوم سماحة الشيخ علي الفقيه ــ أي مع إبن خالي ــ ولا تستطيع العائلة أو أيٍ من معارف السيد محمد باقر الصدر أن تُنكر أنه كان من أقرب المقربين إليه..

وأنا إنما وأستشهد به لأنه كان معه عندما وصل الوفد الذي كان يترأسه المرحوم سماحة الشيخ محمد مهدي شمس الدين إلى العراق وأخبره حينها سماحة السيد الشهيد عن مصير سماحة السيد موسى ورفيقيه .. أعني الحديث الذي أدليتُ به عندما كنت وكيلة عن المعتقل المظلوم السيد هانبيال القذافي عندما إتهمتموه بأنه بعد ستة عشر سنة من إختفاء سماحة السيد موسى،  وبعد أن بلغ الثامنة عشرة من عمره شارك بخطف سماحة السيد !!!!.. وذلك إستنادا منكم إلى دليل وحيد وهو أنه إبن الرئيس المرحوم معمر القذافي ..على أساس أن الرؤساء عادة يحدثون زوجاتهم وأطفالهم بأسرار الدولة العليا وينشرون أخبارها أمامهم!!!!!…

رابعاً : أنني،  وخلافا لما تزعمون لم أخسر أمام القضاء في دعوى “رد المحقق العدلي” القاضي زاهر حمادة بل “ربحتها” بقرار صدر عن رئيس محكمة التمييز الجزائية القاضي جوزيف سماحة المرجع القانوني الضخم والشريف والنزية.. والذي بعد أن إقتنع بأسبابنا للإرتياب المشروع إتخذ قراره الشهير بردَّه .. وهو بحسب القانون اللبناني قرار مبرم لا يقبل لا الطعن ولا أي طريق من طرق المراجعة ..

ويومها وكلاؤكم وزعوا بيانا عبر وسائل التواصل شتموا فيه القاضي .. ــ وهو طبعا الأسلوب المعتاد من تلاميذكم ــ وبتدخل بالقضاء من دولة رئيس السلطة التشريعية.. وبضغط مارسه كعادته على مجلس القضاء الأعلى في حينه جرى “إبطال القرار” بالقوة.. وحينها طبعا لم أكن وكيلة السيد هانبيال الذي كان قد عزلني نزولا عند طلب دولة الرئيس بري بعد أن وعدوه بإخلاء سبيله إن عزلني،

أما عن دعوى قضاء العجلة فحريٌ بكم أن لا تذكروها لأنها شكلت إعتداءً صارخا على الحريات العامة .. إلا أن الضغط السياسي والوعد بمنصب محترم كان سبب صدور القرار الذي إستنكره معظم القضاة الكبار ..

وأعتذرمن أطفال السرطان عن أنكم لم “توفقوا” ولا مرة بتدفيعي “مبلغ الخمسين مليون ليرة لتتبرعوا بها لهم ..

خامساً: أما عن علاقتي بعشيرة الرئيس القذافي فهذا أمرٌ لا شأن لكم به خاصة أن علاقتي بهم جاءت بعد أن أصبحوا خارج السلطة وبعد أن لم يعد لديهم هبات وخِلَع يوزعوها على “زوارهم”،

سادساً: وأنصحكم بدل ترجي نقابة المحامين لفصل محامية رفعت رأس نقابتها عاليا بأدائها المهني الراقي وبالقضايا الكبيرة التي تصدت لها ونالت عليها سمعة عالمية،  بإمكانكم دعوتي لإظهار أدلتي على ما أقول ..

وأتفاجأ بأنكم غير مهتمين بالوصول إلى الحقيقة .. أو ربما تعرفونها ولكن تنكروها لتستمروا ظلماً بإعتقال طفل كان في عمر السنتين عند وقوع جريمة إخفاء سماحة السيد ورفيقيه..

وختاما أنصح العائلة الكريمة بتوخي الجدية في البحث عن الحقيقة لأن القضية كبيرة وتستحق بذل الجهود كافة،  خاصة أن الحكومة الشرعية في ليبيا ومنذ سنوات مدت يدها إليكم عارضة فتح المرافق الليبية كلها أمامكم للبحث والتقصي ولكنكم فضلتم البحث عند عبد الحكيم بلحاج (أمير القاعدة) الذي لم يوصلكم إلى أية نتيجة منذ سنوات وحتى الآن .. وأرجو أن لا تضطروني لكشف ما لم أكشفه بعد .. إحتراما مني لسماحة السيد .”

بيروت في : 28/8/2023 المحامية بشرى الخليل

رابط الوثيقة الأمريكية عن علاقة موسى الصدر بأمريكا

✺ ✺ ✺

الشعب الليبي عصي على التطبيع رغم اندلاق حكومة طرابلس على الكيان الصهيوني

عليان عليان

بوابة الهدف

01 سبتمبر 2023

استحضرت وأنا أكتب هذا المقال، ما قاله “مصطفى الفقي” رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشعب المصري، إبان حكم الرئيس البائد حسني مبارك “، بأن الوصول إلى قلب أمريكا يمر من بوابة (إسرائيل)”.

اللقاء التطبيعي بين نجلاء المنقوش- وزيرة خارجية حكومة الوحدة الوطنية (طرابلس) برئاسة عبد الحميد الدبيبة – وبين وزير الخارجية الصهيوني إيلي كوهين، جاءت لتؤكد ما ذهب إليه “مصطفى الفقي”، فحكومة الدبيبة حتى تحصل على الدعم الغربي، وخاصةً الأمريكي في معركة الشرعية من أجل البقاء في السلطة، في مواجهة حكومة الشرق الليبي المدعومة من الجنرال حفتر، عملت على نقل التطبيع السري مع الكيان إلى الحالة شبه العلنية، ولا يغير من واقع الأمر تنصل الدبيبة من واقعة التطبيع، بزعم أن لقاء المنقوش مع الوزير الصهيوني هو تصرف فردي ويعكس عدم النضج الدبلوماسي.

الدبيبة – حسب العديد من المصادر -كان يعلم علم اليقين بأن خبر اللقاء سيتسرب من قبل أكثر من طرف، وكان مستعداً لذلك، وأراد من هذه النقلة الفاقعة في التطبيع، أن تكون بالون اختبار لقياس ردة فعل الشارع الليبي حيال التطبيع مع الكيان الصهيوني، فإذا كانت ردة الفعل باهتة يمضي بها، ويبني عليها لاحقاً بإقامة سفارات وقنصليات متبادلة، في إطار مسلسل التطبيع الإبراهيمي وإذا كانت ردة الفعل صاخبة يتنصل منها الدبيبة ويجعل من وزيرته “كبش فداء”، لكن تعليق مكتب المنقوش على قرار إيقافها جاء ليفضح طابق حكومة الدبيبة، عبر تصريح محدد “بإنّ اللقاء مع كوهين كان بإذن من الدبيبة، وجاء بعد أن اجتمع الأخير في روما مع رئيسة حكومة إيطاليا، جورجا ملوني الشهر الماضي، واتفق معها على ترتيب اللقاء مع الإسرائيليين.

فعملية التطبيع الرسمية لحكومة طرابلس مع الكيان الصهيوني تمت بشكل مبرمج ومنسق في إطار خطوات متدرجة، برعاية أمريكية وتحديداً من قبل رئيس وكالة الاستخبارات الأمريكية ” وليام بيرنز ” تمثلت فيما عدة لقاءات يلي:

1–لقاء رودس، الذي جمع وزير الإعلام والثقافة والآثار الليبي السابق عمر القويري، مع وفد إسرائيلي ضم وزير الاتصالات الإسرائيلي، أيوب قرّة، ووزيرة المساواة الاجتماعية آنذاك، جيلا جمليئيل والتي تنحدر والدتها من ليبيا ، واللواء المتقاعد، يوم توف سامية، وهو أيضاً من أصلٍ ليبي، ورئيس اتحاد اليهود الليبيين رافاييل لوزون في حزيران/يونيو 2017 والذي رتبه الأخير برعاية أمريكية، وأسفر اللقاء عن متابعة عملية التطبيع والبحث في عودة اليهود الليبيين إلى ليبيا، حيث أكد المسؤول الليبي على حق اليهود الليبيين العودة إلى وطنهم الأم “ليبيا”، ووفق وسائل الإعلام الإسرائيلية، فإن لوزون عمل على طبخ عملية التطبيع مع الحكومة الليبية منذ ست سنوات.

2-زيارة وزير العمل الليبي علي العابد إلى رام الله، قادماً من الأردن بتأشيرة إسرائيلية كانت بمثابة أول تمهيد لتطبيع علني ليبي مع الكيان الصهيوني عبر البوابة الفلسطينية وإن كان قد بررها بلقاء الدكتور نصري أبو جيش، في اجتماع الشركاء لدعم تنفيذ الاستراتيجية الوطنية الفلسطينية للتشغيل، ولم يكتف بزيارة رام الله بل توجه إلى القدس بذريعة الصلاة في المسجد الأقصى، حيث تسربت أنباء عن إجراء لقاءات مع مسؤولين صهاينة في المدينة.

3-وحسب وكانت وكالة “نوفا” الإيطالية، فإن الدبيبة يسعى لتطبيع العلاقات بـ”إسرائيل” بشكل علني في مقابل البقاء في السلطة، وأن هناك عملية تجري منذ مدة لجسّ النبض بين “تل أبيب” وطرابلس برعاية أمير​كية، وأن هذه العملية كانت إحدى مطالب وليام بيرنز رئيس الاستخبارات الأميركية، أثناء زيارته للعاصمة الليبية في كانون الثاني/يناير 2023.

ولفتت الوكالة إلى أن أحد المقرّبين إلى الدبيبة التقى ممثلين عن الموساد، وطلب دعم الولايات المتحدة لبقائه في السلطة، وأن الأخير طلب تأجيل الانتخابات الرئاسية بحجّة عدم توافر الظروف الملائمة لإجرائها، في مقابل تطبيع العلاقات بـ”تل أبيب”..

الشعب الليبي عصي على التطبيع

ردة فعل الشارع الليبي كانت فوق المتوقع، من خلال المظاهرات الصاخبة في مختلف المدن الليبية التي أحرقت فيها الأعلام الإسرائيلية، وطالبت بمحاكمة الوزيرة ” نجلاء المنقوش، وتحميل الدبيبة مسؤولية ما حدث، والتي ترافق معها موقف دار الإفتاء وموقف المجلس الرئاسي، وموقف المجلس النيابي في الشرق، حيث أدانت مختلف الأطراف الخطوة التطبيعية، معلنة أن التطبيع خط حمر بالنسبة لمختلف أطياف الشعب الليبي وأنها في خندق الشعب الفلسطيني في مواجهة الكيان الصهيوني الغاصب.

وهذا الموقف من الشعب الليبي يؤكد للمرة الألف، أن الشعوب العربية ضد التطبيع مع العدو الصهيوني، وأنها تعتبر الصراع معه صراع وجود، ولا يغير من واقع الصورة التدليس الذي تقوم به الحكومات المطبعة، لتزوير إرادة شعوبها، ناهيك أنه يوجه رسالة للبيادق العميلة وللكيان الصهيوني وللإدارة الأمريكية ولدول الغرب الرأسمالي عموماً أن قضية فلسطين هي قضية الشعب الليبي المركزية، رغم ما يمر به من صعوبات جراء صراعات السلطة بين مختلف الأطراف في البلاد.

كما أن هذا الموقف من الشعب الليبي، يكشف ويؤكد على ما يلي:

1- حقيقة ثورات الريع العربي المزعوم، بأنها في التحليل النهائي في خدمة الغرب والمشروع الصهيو أميركي.

2- أن لشعب الليبي عصي على التطبيع، كما هو الحال بالنسبة للشعب المصري والشعب الأردني والشعب التونسي وبقية الشعوب العربية.

3- أن هذا التطبيع كشف وبأثر رجعي الأبعاد والاستهدافات الخاصة، من إسقاط نظام العقيد معمر القذافي المعروف بتوجهاته القومية، بدعم فرنسي وأمريكي ومن دول خليجية تدور في فلك واشنطن.

اللواء حفتر والتطبيع مع الكيان الصهيوني

ما يجب الإشارة إليه هنا أيضاً، أن عراب حكومة حكومة بنغازي، اللواء “خليفة حتر” في الشرق الليبي، هو الآخر دخل في سياق تطبيعي سري مع الكيان الصهيوني، عبر إرسال ابنه “صدام” في زيارات إلى تل أبيب، أكثر من مرة، وكشفت عنها وسائل الإعلام الصهيونية، وذلك بهدف كسب الرضا الغربي والأمريكي في إطار منافسته مع حكومة طرابلسٍ.

وكانت وسائل إعلام إسرائيلية، قد كشفت في تشرين الثاني/نوفمبر 2021، أنّ صدّام خليفة حفتر حمل من أبيه رسالة إلى “إسرائيل” يطلب فيها مساعدة إسرائيلية، سياسياً وعسكرياً، في مقابل تعهده إقامة علاقات دبلوماسية مستقبلية بين الطرفين.

وذهبت صحيفة “إسرائيل هيوم” إلى الادعاء بأن حفتر سيعمل على تحقيق هذا التطبيع بعد الانتخابات الرئاسية الليبية، والتي كانت ستعقد في 24 كانون الثاني (يناير) 2022، وأن حفتر – وفق مسؤول حملته الانتخابية – لم يجهر بهذا الموقف، خشية من أن يلحق ضرراً باحتمالات فوزه في الانتخابات..

استياء إسرائيلي وأمريكي من تسريب خبر اللقاء التطبيعي

لقد وجهت أطراف في المعارضة الصهيونية انتقادات كبيرة لوزير خارجية الكيان إيلي كوهين، لتسريب اللقاء مع المنقوش لوسائل الإعلام الإسرائيلية، ورأت في سلوك كوهين محاولة بائسة ومكشوف لتعزيز موقف “الليكود” في إطار الائتلاف الحكومة ولأغراض انتخابية.

وكشفت القناة (12) الإسرائيلية بأن قادة جهاز “الموساد” استشاطوا غضباً من تسريب خبر اللقاء، لأنه ضرب في الصميم جهود الجهاز في هذا المجال، ورأوا أن هذا الكشف يصعب إصلاحه، بل يعرض حياة أشخاص للخطر.

لكن الاستياء الأكبر جاء من إدارة الرئيس الأمريكي “جو بايدن” بعد الكشف عن الاجتماع مع الوزيرة نجلاء المنقوش، حيث كشف موقع “والاه” الإسرائيلي أن مسؤولين أمريكيين كباراً قالوا: أنه تم نقل رسائل قاسية اللهجة لوزير الخارجية الإسرائيلي “إيلي كوهين” وكبار المسؤولين في وزارة الخارجية مفادها: “أن كشف ( إسرائيل) للاجتماع أضر بالجهود الأمريكية، في تعزيز التطبيع بين (إسرائيل) وليبيا ودول عربية أخرى وزعزع استقرار ليبيا، وأضر بالمصالح الأمنية الأمريكية”، وأوضح المسؤولون الأمريكيون أن إدارة بايدن، عملت على مدى العاميين الماضيين، على تعزيز انضمام ليبيا إلى اتفاقيات التطبيع مع (إسرائيل)، مشددين على أن تسريب أمر الاجتماع، يقوض بشدة هذه الجهود، ويعرقل انضمام دول عربية أخرى إلى عملية التطبيع.

لماذا التطبيع مع ليبيا؟

وحسب العديد من الباحثين فإن الكيان الصهيوني، سعى إلى توثيق العلاقة مع كل من رئيس وزراء حكومة طرابلس “عبد الحميد الدبيبة” ومع منافسه اللواء خليفة حفتر، وأنه في المحصلة سيكون مع الحصان الفائز، لعدة اعتبارات أبرزها:

1-موقع ليبيا الجيوسياسي والاستراتيجي الممتد على مسافة 1850 كم على ساحل البحر المتوسط، والتي تعد رابع دولة في أفريقيا من حيث المساحة 1,760,000 كيلومتر خاصةً وأن (إسرائيل) تبحث عن بوابة شرقية في المتوسط، لتمكينها من احتواء المغرب العربي، خاصة بعد توقيع اتفاق التطبيع مع المملكة المغربية في 10 ديسمبر (كانون أول) 2020 ، وبعد محاولاتها الجادة لمعاودة التطبيع مع موريتانيا، والأهم من ذلك أن تطبيعها مع ليبيا يقربها من الجزائر التي تشكل صداعاً للكيان الصهيوني في القارة الإفريقية، خاصةً بعد أن حالت دون حصولها على عضوية مراقب في الاتحاد الإفريقي، ونظراً لدورها المركزي في دعم القضية الفلسطينية.

2-البعد الاقتصادي بحكم أن ليبيا دولة غنية بالنفط ، إذ يبلغ إنتاجها من النفط ي 1.2 مليون برميل يومياً، من خلال استخراجه من (7) حقول، وحسب “حسني عبيدي”، مدير مركز الدراسات والبحوث بشأن العالم العربي ودول المتوسط في جنيف، فإن “إسرائيل” تسعى لمدّ أنابيب غاز تحت سطح البحر، كجزء من مشروع “إيست ميد” الهادف إلى نقل الغاز الإسرائيلي إلى أوروبا (عبر اليونان وإيطاليا في الأساس)، وهذا يقتضي موافقة أنقرة، التي يصعب الحصول عليها نظراً ما يمثله المشروع الإسرائيلي من تقويض لطموحات تركيا بشأن التحوّل إلى مركز طاقة إقليمي، كونه ينافسه في الأساس المشروع التركي المُسمى “ممر الغاز الجنوبي” لنقل 31 مليار متر مكعب من غاز أذربيجان إلى أوروبا، من ناحية أخرى.

3-للحيلولة دون استمرار توريد السلاح من ليبيا إلى حركات المقاومة، وتحديداً إلى قطاع غزة، خاصةً وأن ليبيا قد شكلت مصدراً هاما لتوريد السلاح الذي امتلكته بشكل هائل في عهد العقيد القذافي.

✺ ✺ ✺

انقلاب الغابون: نموذج سياق تحرري
إفريقيا أمام امتحان نزع التبعية للغرب

د. منذر سليمان وجعفر الجعفري

 
            اقترنت ظاهرة الانقلابات العسكرية في الدول النامية، بدور أميركي بارز في أغلبها، سواء لناحية التخطيط المسبق أو لجني مكاسب اقتصادية وسياسية ودعم الصفوف الأولى للانقلابات المتعددة، نظراً لتمثيلها شرائح اجتماعية واقتصادية محلية وثيقة الصلة بالغرب، وتحديداً مؤسستي البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، كمنفذ إجباري لتكريس تبعية البلاد للهيمنة الغربية.
            الميول السياسية لمعظم قادة تلك الانقلابات في القارات النامية الثلاث، آسيا وإفريقيا وأميركا اللاتينية، تميّزت بإجراءات أمنية مفرطة القسوة داخلياً، وحكم استبدادي فاشي الطابع، وافتتاح سجون ومعتقلات لكل فئات الشعب المتنوّرة، واكبه تراجع ملحوظ في عملية التنمية المحلية وفتح أسواقها أمام المؤسسات الاقتصادية والمالية الغربية، والأميركية بشكل مباشر.
في أوج الحرب الباردة، خصوصاً في الفترة التي تلت نهاية الحرب العالمية الثانية، برزت انقلابات “مموّلة” أميركيا، وامتداداً بريطانياُ، مثل تركيا واليونان وإيران واندونيسيا، ودعمها نماذج الحكم الأشد يمينية وتطرفاً في كل من البرتغال وإسبانيا، في ظل معادلة الصراع الكوني على النفوذ العالمي في مقابل الكتلة الاشتراكية والاتحاد السوفياتي السابق.
الولايات المتحدة في عموم القارة الإفريقية، وخصوصاً جنوب الصحراء الكبرى، ناصبت العداء لمعظم مجتمعاتها القبلية وحركات التحرر والاستقلال الوطني الوليدة، وفاقمت سياساتها بدعمها نظامي التفرقة العنصرية في كل من جنوب إفريقيا وروديسيا (زمبابوي) امتد لمرحلة متأخرة بعد نهاية الحرب الباردة.
وبعد استتاب نسبي للأمن الداخلي في دول أواسط إفريقيا، هي 7 دول منها الغابون، بحسب تعريف بنك التنمية الإفريقي، سارعت واشنطن إلى تكبيل تلك الدول بمعاهدات أمنية وعسكرية، ونيل موافقتها لإنشاء قواعد عسكرية أميركية متعددة المهام والبنى التحتية، وتوسيع رقعة انتشارها امتداداً من القرن الإفريقي إلى معظم الدول الإفريقية الأخرى.
شهدنا في الآونة الأخيرة بزوغ نزعة تحررية في بعض دول غربي إفريقيا، عنوانها الانفكاك من تبعية فرنسا، وإلغاء الاتفاقات السابقة التي تمنحها قواعد عسكرية، والتوجه نحو تصويب بوصلة التنمية المحلية التي لن يكتب لها النجاح من دون القضاء على النفوذ الفرنسي، سياسياً واقتصادياً، في المرحلة الأولى.
راقبت واشنطن انتكاسات فرنسا المتتالية في “مستعمراتها السابقة”، مالي وبوركينا فاسو والنيجر، ونسجت علاقات وثيقة بالمقابل مع معظم البنى العسكرية في تلك الدول، تدريباً وتسليحاً، ولم يسجّل استهداف مباشر لحضورها حتى الآن.
كما أخذت علماً لتباين الموقف الفرنسي الذي دان بشدّة حالة انقلاب النيجر في مقابل عدم تعرّضه سلباً لمجموعة ضباط انقلاب الغابون، ورفضت باريس طلب الضباط مغادرة السفير الفرنسي أراضي البلاد، ما اضطر المحكمة العليا إلى اتخاذ قرار بترحيله عنوة ونزع حصانته الديبلوماسية.
وعبّرت النخب السياسية والاقتصادية الأميركية عن رضاها لما حلّ بالوجود الفرنسي في دول الساحل الإفريقي، إذ شكّل “الانقلاب ضربة جديدة للمصالح الفرنسية في إفريقيا. وحظر قادة الغابون تصدير الخشب الخام ما يعني إلغاء فرص عمل في فرنسا” (صحيفة “نيويورك تايمز” 30 آب/ أغسطس 2023).
موقف واشنطن الرسمي من انقلاب الغابون تحديداً  كان “مهذّباً” ديبلوماسياً بإعراب الناطق باسم مجلس الأمن القومي جون كيربي عن “قلق” بلاده العميق من قادة الانقلاب. وفي موقف موازٍ أُطلق العنان لتصريحات بعض مسؤوليها لتسجيل “تحفظات” رسمية على نتائج الانتخابات الأخيرة في الغابون، وكذلك عدم رضاها عن رفض الرئيس المخلوع علي بانغو إشراف فرق أممية على سير الانتخابات التي كانت نتائجها سبباً مباشراً لتوقيت الانقلاب.
أوفدت واشنطن نائبة وزير الخارجية فيكتوريا نولاند إلى جنوب إفريقيا لبحث عدد من الملفات المشتركة، ومنها حشد دعم بريتوريا لمساندتها في الغابون، وقد قوبلت باهتمام متواضع وتقييم ينبئ بجهلها أوضاع القارة السمراء وإرهاصاتها.
وقال مسؤول في حكومة جنوب إفريقيا: “عملت مع الأميركيين أكثر من 20 عاماً، ولم ألمس ردود أفعال مستميتة (مثل نولاند)، وفوجئت تماماً برياح التغيير التي تعصف بالمنطقة”.
للدلالة على تكيّف واشنطن، وربما تحضيراً لدور ما هناك، أفاد “معهد السلام الأميركي”، التابع لوزارة الخارجية، بضرورة “مبادرة المجتمع الدولي إلى إيلاء أولوية دعمه لتأييد إجراءات إصلاحية في مؤسسات الغابون الرسمية، والتي لا زالت ضعيفة، ودورها التاريخي كان في خدمة النخب” الحاكمة (“معهد السلام الأميركي”، 31 آب/أغسطس 2023).
تثير الولايات المتحدة تنامي حضور كلِّ من روسيا والصين في القارة الإفريقية، وتبني عليه خطابها السياسي وتوجهاتها “لتقويض” نفوذ منافسيها هناك.
يشار إلى حجم الاستثمارات الاقتصادية الضخمة، خصوصاً من الصين، والتي بلغت نحو 155 مليار دولار في الدول الإفريقية جنوب الصحراء الكبرى في السنوات القليلة الماضية. في المقابل، كبّلت الولايات المتحدة العديد من الدول الإفريقية بقواعد عسكرية بذريعة مناهضة التيارات والمجموعات المتشددة، وإبرام اتفاقيات تمنحها حصانة من تطبيق السيادة الوطنية.
في المقابل، استضافت روسيا مؤتمراً لزعماء الدول الإفريقية أو من ينوب عنهم، أسفر عن اتفاقيات لزيادة التبادل التجاري، ووعود من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بتصدير الحبوب الروسية إلى إفريقيا مجاناً لإعانتها على تجاوز حالات المجاعة المتعددة.
اللافت في تداعيات انقلاب الغابون هو تعزيز بعض القادة الأفارقة المحليين أمنهم الشخصي، وبالتالي استدامة نظام الحكم. وقد خطا رئيس رواندا بول كيغامي على عجل بهذا الاتجاه بإقالته نحو 100 من كبار الضباط لتحصين موقعه الرئاسي من تحديات مفترضة.
من المبكّر حالياَ إصدار أحكام عن توجهات قادة الانقلاب محلياً ودولياً، نظراً إلى شح المعلومات الموثقة، باستثناءا ما يتم تداوله بأن “الغابون بلد غني بالنفط”، ولضبابية الأوضاع الانتقالية، التي أدى على أثرها رئيس مجموعة الضباط “ضمن لجنة المرحلة الانتقالية”، بريس أوليغي نغيما، اليمين الدستورية كرئيس مؤقت للبلاد، معرباً على الفور عن عزم مجموعة الضباط على التصدي لأي تدخل عسكري، وخصوصاً من رؤساء دول المجموعة الاقتصادية لغرب إفريقيا “إيكواس”.

:::::

مركز الدراسات الأميركية والعربية، واشنطن

الموقع الإلكتروني:

http://thinktankmonitor.org/

________

تابعونا على:

  • على موقعنا:
  • توتير:
  • فيس بوك:

https://www.facebook.com/kanaanonline/

  • ملاحظة من “كنعان”:

“كنعان” غير مسؤولة عن الآراء الواردة في المقالات، بل هي تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو محرري نشرة “كنعان” الإلكترونية أو تبنيهم لهذه الآراء والمواقف.

ومن أجل تنوير الناس، وكي يقرر القارئ بنفسه رأيه في الأحداث، ونساهم في بناء وعيً شعبي وجمعي، نحرص على اطلاع القراء على وجهات النظر المختلفة حيال التطورات في العالم. ومن هنا، نحرص على نشر المواد حتى تلك التي تأتي من معسكر الأعداء والثورة المضادة، بما فيها العدو الصهيوني والإمبريالي، وتلك المترجمة من اللغات الأجنبية، دون أن يعبر ذلك بالضرورة عن رأي أو موقف “كنعان”.

  • عند الاقتباس أو إعادة النشر، يرجى الاشارة الى نشرة “كنعان” الإلكترونية.
  • يرجى ارسال كافة المراسلات والمقالات الى عنوان نشرة “كنعان” الإلكترونية: mail@kanaanonline.org