السعودية تعود لدور المنتج المرجِّح بعد نقل البرميل إلى الكتف الأخرى! عادل سماره

ركزت الصحافة الغربية على قرار روسيا والسعودية تمديدهما خفض الإنتاج والتصدير الطوعي للنفط حتى نهاية هذا العام مما ادى ارتفاع أسعار النفط لأكثر من 90 دولاراً للبرميل. وهذا معاكس لقرار الغرب أن لا يتجاوز سعر البرميل من النفط الروسي 60 دولارا.

وصل التخفيض إلى مليون برميل يومياً، إضافة إلى تخفيض خاص من جانب روسيا ب 300 ألف برميل يوميا حتى نهاية العام.

المثير أن الغرب يتدخل في اسعار النفط ليس فقط خشية التضخم على صعيد عالمي بل بذريعة أن النفط سلعة عالمية يُمنع تحكُّم أحد بها حتى لو كان المنتج.

وكان اشد جدل في هذا الصدد عام 1991 قبيل غزو الغرب للكويت لإخراج العراق منها.​

وبالطبع دار الجدل حينها من جانب الاقتصاديين التقدميين من باب: أليست التكنولوجيا سلعة عالمية تهم كل الأمم؟ فلماذا النفط فقط يجب أن يكون سعره محدد عالمياً وليس من المنتجين؟

في ذلك الحين كان السوفييت وقد تفكك وبالتالي كانت القطبية الواحدة في عزها.

قبيل تفكك السوفييت وحتى حينه لعبت السعودية دوراً هائلا في إهلاك اقتصاد الدول النامية/المحيط، وفي عام 1990 لعبت دورا أكبر في إهلاك الاقتصاد العراقي حيت كانت تلعب دور ” المنتج المرجِّح” بمعنى أنها تنتج أكثر أو اقل كي تحافظ، كما تزعم، على توازن السوق العالمية، وهي في الحقيقة كانت تعمل بموجب تعليمات أمريكا.

حينها كان الجدل بأن السعودية حين تتحكم في سعر النفط وطبعا بعد تحكمها في مقادير الضخ، بأن المهم أن لا تُصاب أسواق النفط بما اسموه حينها “تثاقُل” السوق.

أما اليوم، فالسعودية تلعب إضافة لروسيا دور المنتج المرجح ولكن تنسيقاً، سواء مباشرة أو لا مباشرة، مع كتلة أخرى غير الغرب هي البريكس.

وعليه تكون السعودية قد نقلت برميل النفط من كتف إلى أخرى.

كان هذا مثار الغضب الأمريكي الحقيقي والمصطنع:

– الحقيقي لأن ارتفاع اسعار النفط والغاز يؤذي المستهلك الأمريكي في البلد وهذا يؤثر على الناخبين لا سيما وأن الانتخابات الرئاسية ليست ببعيدة بمعنى أن الناخب الأمريكي رغم عدوانية دولته على صعيد عالمي فاهتمامه الحقيقي هو في حياته هو نفسها.

– والمصطنع لأن ارتفاع اسعار النفط يحقق للشركات الأمريكية ارباحا إضافية لأنها تحكمت بالسوق الأوروبية، وهذا ريع فرقي نتيجة التلاعب السياسي في السوق وليس بناء على تخفيض كلفة الإنتاج مع ان النفط حالة ريعية اصلا.

وهذا يعني غضب الشارع في الطرفين ولكن ارباحا مضاعفة للأولغارشية في الطرفين ايضاً.

يعتقد البعض أن بن سلمان يُجامل بوتين في هذا المجال لأنه يتمنى عودة ترامب للسلطة على أرضية أن ترامب على علاقة جيدة مع السعودية وحتى مع روسيا، ومتشدد جدا ضد إيران والصين. وبن سلمان لن يغادر موقفه المضاد لإيران رغم التوافق. وهنا لنتذكر كيف كان ترامب يسخر من ملك السعودية علانية!

وطبعاً فإن الصين لن تناكف بن سلمان لأنها تعتمد على النفط السعودي أكثر من اي مصدر آخر وهذه مصلحة أكثر حتى من براجماتية.

لعله ظرف سياسي سيئ ان تكون سلطات السعودية لاعب اساسي في سوق النفط، على حيويته، وهي الأشد ظلامية في العصر الحديث.

أما على الصعيد العربي، فالوطن العربي هو الأكثر خسارة من دور السلطات السعودية باعتبارها ذات قناعة مكينة بالإقرار والاعتراف بالكيان الصهيوني أي التطبيع الفعلي ولا ينقصه سوى الطربوش العلني.

هي لعبة ازدواجية العلاقة بين الشرق، إن جاز التعبير، وبين الغرب ولكن بالسالب أي خدمة للكيان، تعميقاً للتفكك العربي، وتمكيناً لنظام يحتل محافظات يمنية، وقام بمحاولة تفكيك سوريا ما استطاع إلى ذلك سبيلا.

من هنا، لا بد دوماً من توجيه القارىء لقراءة سياسة اي بلد عربي بمعنى هل هي إضرار أو خدمة للوطن العربي كمجموع وليس لأي قطر على حدة.

_________

ملاحظة من “كنعان”: “كنعان” غير مسؤولة عن الآراء الواردة في المقالات، بل هي تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم … تابع القراءة ….