- بيان مثقفي التخارج
أصدرت منذ بضعة ايام مجموعة فلسطينيين من أكاديميين، كتابا فنانين وناشطين
Palestinian Open Letter
We the undersigned, Palestinian academics, writers, artists, activists
يحتجون على تصريحات لرئيس السلطة الفلسطينية فيما يخص الهولوكوست وما يسمى اللاسامية.
لن أُناقش هنا ما كتبوه ولا ما ردُّوا عليه. لكنني أعود إلى طبيعة ورؤية وأماني وأين يبيت هؤلاء في نهاية النهار.
ليس هذا بالطبع أول بيان من نوعه، كما أن هذه المجموعة ليست تماماً من أصدرت بيانات أخرى، بل كانت في العادة تضيف شخصا وتنزع آخر وتتضمن معهم بياناتهم عربا ويهودا، إنما غالباً هي نفس التوجه والذي يمكن تلخيصه في:
· لا للكفاح المسلح بل م.ق.ا.و.م.ة. .ا.ل.م.ق.ا.و.م.ة (كما كتب قبل عشرين سنة ردا على حديث عميدهم رشيد خالدي، في مؤتمر لهم في فندق جراند بارك برام الله)
· لا للعروبة
· لا للقومية العربية خاصة
· نعم للاعتراف بالكيان الصهيوني
· نعم للحوار مع المثقفين الصهاينة/اليهود
· نعم للمفاوضات
· نعم لأوسلو
· نعم لعدون 1991 بإعادة احتلال الكويت
· نعم لاحتلال العراق 2003
· نعم “لثورة” الدين السياسي الإرهابي ضد سوريا
· نعم لإسقاط ليبيا القذافي.
الروح الحلقية لهؤلاء
في زمانه وصف لينين المثقفين الذين يرون أنفسهم صفوة أعلى من الجمهور بمجموعة “الروح الحلقية” حيث يتحلَّقون/يلتفون على ذاتهم ويشعرون بأنهم الأحق في قيادة المجتمع لأنهم يحملون شهادات ولديهم ثقافة وبأن النضال هو شغل أبناء الفقراء والمخيمات…الخ.
تعرفت إليهم في عام 1973 بعد خروجي من السجنة الأولى لدى الاحتلال.
كانت لدي خبرة كتابة المقالات السياسية والاقتصادية من تجربة السجن حيث حصلنا على الكتب والأقلام والدفاتر بعد إضرابي الفردي لأسبوع عن الطعام تموز 1968 حيث استلمت في زنازين مشفى الرملة أول كتاب وهو بالإنجليزية The Political Parties للفرنسي موريس دوفريه (ورد هذه باكراً د. اسعد عبد الرحمن في كتابه أوراق سجين ) ولذا أخذنا نصدر بخط اليد مجلة “الشرارة” وفيها أدب وسياسة واقتصاد وكاريكاتير…الخ.
بدأت اكتب في جريدة الفجر 1973 احيانا باسم مستعار وأحيانا بإسمي، وحينها جرى اتصال معي من إحدى الفصائل وتعرفت خلال ذلك على مثقفين وأكاديميين من خريجي الغرب.
ما لاحظته أن لدى هؤلاء الوهم أنهم وحدهم الذين يفهمون، وبأنني أنا بالصدفة مثلهم! ولكنهم كانوا يُصرون على العلاقة بي. وأذكر بدأ الطلاق معهم عام 1974 حين دعوني للقاء في رام الله في بيت (م.ه) مع أكاديميين من الكيان من حزب العمل الصهيوني. قلت لكن هؤلاء يمثلون سلطة الاحتلال. وقلت لهم مثلاً لماذا لا تلتقون مع حركة الأرض، أو الحزب الشيوعي في الكيان (راكاح) أو مع ماتسبين كيسار تروتسكي. والمهم رفضت اللقاء.
من حينها بدأت أكتب وضمن ذلك نقداً على هذا الاتجاه وضمن ذلك نقد أمور معينة في الجامعات وهذا ما خلق “فيتو” حتى ضد أن أكمل دراستي وخاصة في جامعة بيرزيت حي قال د. سليم تماري ل، د. ألكسندر فلوريس : عادل سماره ممنوع يدخل جامعة بر زيت، لاحقاً صار المنع من كل الجامعات..
طبعاً واصل هؤلاء علاقاتهم سواء بأكاديميي الكيان أو بأمريكيين أو بريطانيين….الخ. ولا ننسى أن كثيرين منهم مستقرون في الغرب وخاصة أمريكا. وكثيرون منهم اليوم في قطر، والباقي عند القارىء/ة حيث تعتبت من تكراري إسم ذلك الشخص الذي لم يفعل الكيان ثقافيا كما فعل.
أذكر حينما سافرت إلى لندن لإكمال الدراسة 1984 وجدت أوساط الأكاديميا هناك تحتفي بهؤلاء بشكل لافت وبالطبع واصلت نقدي لهم هناك ما أمكنني ذلك وخاصة في جريدة العرب وكانت كلفة ذلك تحريض اول مشرف على بحثي “سامي زبيدة” يهودي عراقي الأصل. لذا قررت الانتقال من جامعة لندن إلى جامعة إكزتر.
ومن المضحك أنني تعرفت على أكاديمي ثوري ماوي كان سيتزوج واحدة من هؤلاء فحرضته إلى أن اتت هنا وتزوجت أحد كبار المطبعين والأنجزة. ليتني لم أفعل!
حين عدت من بريطانيا 4 أكتوبر 1987 فوجئت بالرفاق القدامى في الجبهة الشعبية ينادونني دكتور! لم تدخل دماغي من رفاق كنا ننام في السجن والحذاء مثابة مخدة! قد تفهمها من شخص لا يعرفك! وقلت لهم، يا رفاق هذا اللقب أردو عدم وصفي به على الأقل منكم.
طبعاً فوجئت أن لدى كثير من اليسار اندهاشا او حتى شعور بالضعف امام “دكتوراة” فوجدت من واجبي تحطيم هذا التوهيم من باب ان كل شخص بوسعه الحصول على هذا اللقب ومن الغرب ايضاً، وهذا أفقد هؤلاء المتخارجين “ميزة” طالما تفاخروا بها.
لكن هؤلاء لم يتخلوا ابداً عن المرارة في داخلهم والتي مفادها، وكما قالها لي العديد منهم وخاصة دكتورة راحلة: “بأنهم الأجدر لقيادة الشعب الفلسطيني”، فقط لأن لديهم شهادات وثقافة. وبقدر ما أن هذا غريب وينم عن شعور بالنقص النضالي الحقيقي إلى جانب الشهادات الجامعية، أن الكثير من الفصائل دفعت كوادرها للحصول على شهادات “اي كلام” لإكمال ما ليس لديهم!
هنا أستذكر ما كتبه زبنغيو بريجنسكي مستشار الأمن القومي للحزب الديمقراطي الأمريكي:”علينا التقاط مثقفي العالم الثالث لأننا بهذا نسحب من الجماهير موتورها الفكري الثقافي”.
أختم بالقول بأن هذه المجموعة أو الفريق لم يتخلوا عن شبقهم للقيادة السياسية، وحيث لم يجدوها من الجماهير واصلوها بِ:
· استمرار التخارج
· واستمرار حرب البيانات!
_________
ملاحظة من “كنعان”: “كنعان” غير مسؤولة عن الآراء الواردة في المقالات، بل هي تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم … تابع القراءة ….