الفشل المخابراتي أم انتصار البنية، عادل سماره

متى نكّف عن تصوير العدو بل الأعداء بأنهم فائقو القدرة! حتى في الاستخبارات. وليس هذا سوى إحدى نتائج الهيمنة الثقافية والسياسية والفكرية والنفسية من الغرب ضدنا وضد العالم بأسره. من الغريب استمرار هذا التأثير حتى بعد الانكشاف الغربي في الحرب الدفاعية الروسية في أوكرانيا حيث بانت عيوب الإعلام بل الهرم الثقافي الفكري  الغربي وطبعاً الصهيوني.

المخابرات ليست مجرد ماكينات ومخترعات فائقة التقنية، ولا مجرد التقاط إشارات وفك شيفرات وتصوير تحركات…الخ. بل هي اساساً بشرية، العنصر البشري هو الأهم، فوجود عميل هو الاختراق الهائل والبقايا، رغم تعقيد التكنولوجيا، تفاصيل. أي لنقل بأن الجاسوس لا يزال متقدم على التكنولوجيا بخلاف قطاعات عديدة أخرى في حياة الأمم بل وخاصة في صراعاتها، بمعنى أن حلول الآلة أو الأدوات اللوجستية محل العنصر البشري لا يزال لم يُحسم بعد.

ارفعوا معنويات الشارع العربي كي تستردوه، تسترجعوه من ايدي الأنظمة وقوى الدين السياسي الإرهابية بالقول بان الحذر والسرية كانا سيد الموقف وبأن البنية التي شاركت في المعركة نظيفة.

إن تضخيم قدرات العدو على يدنا أمر يجب أن يتغير. فتجرية هذه المعركة الرائعة توجب القول بأن تنقية دقيقة للبنية قد حصلت، جرى تقليم الشجرة، تنظيف العفن وصولاً غلى بنية سليمة وقوية؟  ذلك لأن تضخيم قدرة العدو تفترض استحالة تنظيف البنية!

لماذا تبخلوا على أنفسكم بالنصر المعنوي والعلمي؟

الأمر ببساطة، لم يعد للعدو عيونا محلية، وعيونه الخاصة عمياء. لذا، يمكن القول: ليس العدو خارق القدرة بل إن الصف ليس مخروقاً. كيف لا! وما من أحدٍ يعلم الغيب، فكيف يتم التخيُّل أن العدو يعلمه؟ فليست للعدو، بل الأعداء قوة عقلية خارقة بخلاف كل البشر.

هل كانت حدود غزة مليئة بالدبابات والمجنزرات حتى نقول لم ترصدها عيون العدو وأقمار التجسس الأمريكية والغربية وحتى أجهزة ومخترعات الكيان، والتي بعد هذه الحرب سوف تخسر مساحة كبيرة من سوقها ولا سيما سوق السعودية والإمارات والمغرب.

تذكروا جيداً: ألم تكن هزيمة 1948 بخيانة الحكام؟ الم يقد الجيش العربي الأردني جنرال إنجليزي هو جلوب/أبو حنيك؟

الم يقم الحسن الثاني بوضع مخابرات العدو في غرفة ملاصقة لمؤتمر القمة العربي 1965؟

ألم يعلن الكيان عن خدمات ملك الأردن 1973 بل قالها الملك بنفسه عن تلك السنة وما قبلها وما بعدها؟

أليس التطبيع إخباريات علنية ثقافية نفسية معنوية للعدو بل ومعلوماتية؟

لكن إذا كان اختراق نظام أمر سهل، فليس سهلاً اختراق منظمات غِوارية.

 دعونا نتذكر مثال محمد فارح عيديد الجنرال الصومالي الذي رصدت أمريكا عام 1991 الملايين للوشاية به بعد أن سحل جنوده جنود أمريكا على الرمال كما حصل في طوفان الأقصى حيث تم سحل جنود الكيان. وحين استعصى أمر معرفة مكانه كتبت إحدى الصحف الأمريكية (ربما واشنطن بوست):

“…  بوسع طائرات التجسس واقمار التجسس التقاط صورة سيارة او بيت ولكن لا يمكنها التقاط شخص، فالتقاط الشخص يحتاج افرادا يراقبونه ويخبرون عنه، ولكن لا يوجد في الصومال مثقفين؟ مفهوم هذا بالطبع، وليست الخيانة محصورة في مثقفين.

تفيد قراءة تاريخ الجاسوسية بأنها لم تكن عِلما للغيب بل اشخاص بعينهم هم عيون للعدو.

اسألونا نحن هنا: هل هناك فلسطيني واحد/ة لم يبتزه العدو كي يصبح عميلاً، سواء تم اعتقاله أم لا؟

لم يكن الانتصار على تكنولوجيا التجسس بل كان أساسا انتصار على الذات بتنقية الذات. 

_________

ملاحظة من “كنعان”: “كنعان” غير مسؤولة عن الآراء الواردة في المقالات، بل هي تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم … تابع القراءة ….https://kanaanonline.org/2022/10/27/%d9%85%d9%84%d8%a7%d8%ad%d8%b8%d8%a9-%d9%85%d9%86-%d9%83%d9%86%d8%b9%d8%a7%d9%86-3/