الجيش الذي لا يُقهر أم جيش يتكئ على جيش معولم! د. عادل سماره

  • لا تبخسوا العبور الثالث

كيان معولم بشريا مستجلب استيطانيا من عشرات الأمم كنموذج على الأمم المتحدة، مشروع استيطاني يرتبط من جرى تصديرهم لفلسطين ببلدانهم الأم وتدعمهم تلكم البلدان.

كيان معولم عسكرياً حيث يُدعم ويُحمى بجيوش كل بلدان الغرب منذ تأسيس عصاباته وتحوله إلى جيش. وإذا كانت تسميته جيش الدفاع هي أكذوبة حتى يوم 7 تشرين 2023، فإن نصر تشرين 2023 أثبت أنه جيش للدفاع عن ما أُغتصب. وهذه أهمية هذا النصر أن الكيان ضُرب في داخله وعمقه.

كيان معولم اقتصاديا حيث يعتمد على مساعدات واستثمارات من مختلف بلدان الغرب.​

وهذا يطرح السؤال على من يعتبرونه الجيش الذي لا يُقهر!

على ماذا تعتمدون  في تكرار هذه العبارة المهزومة، هذه العبارة التي تُحبط العربي المقاتل عسكريا، غِوارياً ، فكرياً ثقافياً، تنظيريا، أو حتى مواطن عادي!

هذه العبارة التي تبرر للحكام خنوعهم وتغسلهم ليبدو استدخال الهزيمة “ناصعاً ومنطقياً”.!

هذه العبارة التي تكرس مزاعم بن غوريون في “خلق اليهودي الجديد”.

يجدر إرسال خطاب له إلى قبره في مستوطنة “سيدي بوكر” في صحراء النقب الفلسطينية، بأنه يشاهد اليوم نفس اليهودي القديم وهو يهرب في صحراء النقب، بينما يشاهد نتنياهو  نصر اليوم و هو الذي قال دوما: “في النهاية العربي يركع”.

منذ سنين كتبنا أن هذا الكيان نموذج عن الأمم المتحدة، من كل أمة أتى أو جُلب مستوطنين، ولأنه معولم بشرياً، فكل بلد أرسل أو سمح بإرسال مستوطنين سيحاول دعمهم وحتى القتال لصالحهم، لذا نحن قيد استهداف موسع، فلماذا لا يكون الرد والقتال عربيا موسعاً ومن كل الأمم التي تدعمنا، يجب أن نجعله واقعاً.

منذ اليوم الأول للعبور الثالث هذا عبور غلاف غزة، حيث كان العبور الأول حرب تشرين 1973 والعبور الثاني نفق جلبوع على يد الفدائيين الستة،  تخوفت بولندا على المستوطنين البولنديين فطالبت بسحبهم من جيش العدو! بينما يرفض الكيان لأنه يعلم بأنه إذا ما سحب كل بلد رعاياه  وخاصة المجندين، فستكون الكارثة. إذن هي جيوش وليس جيش الكيان.

لم نعد بحاجة لإثبات بأن كل الغرب دائماً في جاهزية أيضاً لحماية الكيان وهذا وحده تأكيد أن هذا جيش معولم.

وحتى النظرية  العسكرية لجيش الكيان المعولم هي معولمة  فليست من تطويره أو تصميمه بل من تطوير قائد سابق لسلاح الجو الأمريكي قبل ثلاثين سنة وأكثر اثناء الغزو الأمريكي لإخراج العراق من أرضه في الكويت عام 1991  والتي تنص على أن تقاتل أمريكا من الجو وليس على الأرض، بل تاجيل الأرض حتى حرقها، وهذا بمعزل عن “حرب النجوم” في فترة إدارة رونالد ريجان.

قد يقول البعض: لا باس ولكن هذه الأمم لن تسحب مستوطنيها المدنيين ولا العسكريين على الأقل لحماية مصالحها في الوطن العربي واستثماراتها الاقتصادية المعولمة في الكيان وبالتالي يبقى جيش الكيان قوياً.

لكن ليس هذا نقاشنا، بل جدالنا بأن التضخيم الإعلامي بأنه جيش لا يُقهر جرى نفيه في تشرين 1973 وتشرين 2023 وكيف هبت أمريكا خاصة لإنقاذه رغم أنه جيش معولم.

أما عن سحب المستوطنين مدنيين وعسكراً إلى بلدانهم الأم فهذا ليس مسؤولية النضال الفلسطيني وحده، ولا حاجة لإثبات أن الكيان زُرع ضد الوطن العربي بجميع مكوناته مما يؤكد ما تقوله  مدرسة العروبة بأن الصراع عربي صهيوني/معولم وليس فلسطيني صهيوني فقط. وهذا الذي يكشف دور عديد الأنظمة العربية في خلق ودعم الكيان حتى قبل الطبعات الجديدة والمفضوحة للتطبيع. وعليه، لكي يقف الصراع على راسه، فإن تحرير الوطن العربي هو الشرط الحقيقي ليسحب كل بلد مستوطنية من فلسطين هذا إلى جانب من يخرجون من الكيان حتى دون حرب فكيف بعد العبور الحالي.

وكنموذج بالموجب وليس بالسالب على سحب المقاتلين نورد المعترضة التالية: حينما دعى الرئيس عبد الناصر الجبهة القومية لتحرير الجنوب اليمني قبيل لحظة الانتصار بأن تتحالف مع جماعة عبد القوي مكاوي وعبد الله الأصنج، اي اللبراليين الإصلاحيين المساومين، قالت الجبهة لعبد الناصر:”دعم المخابرات المصرية لهم من ورائكم وعدم دعمنا أجبرنا على تسريب كثير من مقاتلينا إلى صفوفهم لقلة الإمكانات” وحينها قررت الجبهة القومية سحب مقاتليها فاستسلم المساومون واستسلمت الإمبريالية البريطانية وخضعت للجبهة في مفاوضات الاستقلال. أنظروا الجنوب اليمني تحتله الإمارات الصهيونية المتحدة!

عولمة جيش الكيان بالتوثيق:

في المستوى المالي لا احد يعرف بشكل دقيق مقادير تمويل المركز الراسمالي الإمبريالي للكيان، ولا حتى حجم الاستثمارات الاقتصادية التي يُفترض أن تكون معلنة، فما بالك بالدعم التمويلي للجيش. ولننظر التالي:

” بلغ مجمل ما قدمته ألمانيا إلى الحكومة والأفراد والمؤسسات الإسرائيلية 31 بليون دولار أو 5345 دولاراً للفرد الواحد، وهذا ما يجعل حصة الفرد الواحد من مجموع المساعدات الأميركية والألمانية مجتمعة 20,000 دولار، حيث بلغت قيمة المساعدات الأميركية 134,800,000,000 دولاراً”( Richard Curtiss, a retired US Foreign Policy officer, is the executive editor of the Washington Report on Middle East Affairs.

مقتطف عادل سمارة، وراء معجزة نمو “إسرائيل”: نهب وطن، إدارة جادة، وإغداق خيالي أميركي، في مجلة التراث والمجتمع، العدد 47 صيف 2007: 53-70.)

أما عن العولمة العسكرية  فلننظر التالي:

“فبعد الحرب الثانية (بين 1945-1948)  قام اميركيون وكنديون بتهريب 60 ألفاً من اليهود بالسفن إلى فلسطين التي منها عشرة سفن أميركية. كان ذلك بعد زيارة قام بها بن غوريون لأميركا، لكن طواقم هذه السفن عملت لاحقاً في قوة ماخال، وهو الإسم الذي أُطلق على اليهود وغير اليهود الذين تطوعوا من الخارج للخدمة في الجيش الإسرائيلي والبحرية والقوة الجوية. أنهم تلك المجموعة التي استجابت لدعوة الخدمة في القوات المسلحة الفعلية التي أسميت ماخال، وهو الإسم المركب للتسمية العبرية “متندافي شوتز لآرتص- أي متطوعون من خارج إسرائيل”.( Article submitted courtesy of Dr. Fenton.  )

 وهذا يثير تساؤلاً، لماذا يتطوع هؤلاء المرتزقة القَتَلة للخدمة مع قوات  مستوطنين يحتلون ارض غيرهم? هل ذلك جهلاً بالحقائق أم تعبئة فكرية وثقافية وتربوية عنصرية ومركزانية أوروبية؟ (Article submitted courtesy of Dr. Fenton )

والتالي عن حرب عام 1948:

“هناك ما مجموعه 1,000 من الأميركيين الكنديين الذين خدموا في مختلف فروع  القوات الإسرائيلية المسلحة، منضمين إلى 3,500 متطوعين من وراء البحار من 29 دولة. إن قرابة نصف الأميركيين والكنديين قد خدموا في القوات الجوية. بالطبع، لم تكن هناك قوة جوية تذكر لمختلف الدول العربية، فما بالك بالفلسطينيين. كيف يمكن لمستوطنين تحت “ما اسموه” الإستعمار البريطاني بنظرهم، أن يقيموا قواعد جوية ويمتلكوا طائرات قاذفة مقاتلة” (See also Machal-Volunteers in Israel’s War of Independence. The American and Canadian Contribution to Aliyah Bet Facing the British Blockade with Rusty Ships By Elihu Bergman. 

وهنا يجدر التوضيح بأنه  بعد كل ما فعله الإستعمار البريطاني للمستوطنين اليهود، يوصف بأنه قام بحصارهم عام 1947.

“إن معظم المتطوعين الغربيين كانوا من الناطقين بالإنجليزية –أو “أنجلو ساكسزم” حسب التسمية التي نحتها “الإسرائيليون”- فقد كانوا تواَّقين لوضع خبراتهم الحربية في الحرب العالمية الثانية عملياً للمساعدة في “الدفاع” عن الدولة اليهودية. وقد وفر هؤلاء خبراء متطوعين في القوات الجوية حيث شكل هؤلاء مركز او نواة الطيارين اصحاب التجربة القتالية القاسية لأولى الأجنحة المقاتلة والقاذفة في طيران “إسرائيل”… وإضافة إلى ذلك، فإن الطيارين من اميركا الشمالية، الطواقم الأرضية والجوية هي التي أنشأت قوة النقل الجوي التي نقلت ال “ميسيرشميتس” والأسلحة من مطار قرب براغ إلى قاعدة تل نوف في إسرائيل. ورغم انها اثارت سخط بعض الرتب العليا في قوات الجو الإسرائيلية، آنذاك، فإن اللغة العملية لقوات الجو الإسرائيلية خلال الحرب، كانت بالضرورة الإنجليزية….لا بد ان نعرف ونتذكر انه ما بين 1947 و 1948 فإن قرابة 3600 ميخالينكس – المتطوعون من خارج إسرائيل، لنستخدم المصطلح العبري والمتطوعين من خارج إسرائيل، لنستخدم الترجمة الإنجليزية-  قد تدفقوا إلى “إسرائيل” وقاتلوا ببراعة بداية مع البالماخ والهجناة، وبعدإعلان دولة “إسرائيل” عام 1948 – في جيش الدفاع “الإسرائيلي”. لا يعرف بالضبط عدد المتطوعين من كل دولة على حدة، ولكن تشير أفضل التقديرات إلى أن 1000 من الولايات المتحدة، و  250من كندا، و 800 من جنوب إفريقيا، و 600 من بريطانيا، و 250 من شمال إفريقيا، و 250 من أميركا اللاتينية، وهناك فرقاً أخرى  من فرنسا وبلجيكا. وهناك على الأغلب البعض من استراليا ومن الكنغو البلجيكية، وروديسيا، وفنلندا وروسيا. وقد أطلق على هؤلاء جميعاً متطوعين، اليهود منهم وغير اليهود، الرجال والنساء، حيث اتوا من 37 دولة لدعم الدولة اليهودية الجديدة في ساعة الحاجة العظمى إليهم “.

(Article submitted courtesy of Dr. Fenton. See also Machal-Volunteers in Israel’s War of Independence. The American and Canadian Contribution to Aliyah Bet Facing the British Blockade with Rusty Ships By Elihu Bergman.   )

  والسؤال: هل توقف هذا الدعم بل هذه المشاركة مع الكيان منذ الأربعينات حتى اليوم؟ ألا تعلن امريكا وكل الغرب أنهم يُصرون على حماية الكيان وبقاء جيشه الأقوى  من كل الجيوش العربية؟ أما وهذا هو الحال، فهل هو جيش الكيان؟ أم جيش معولم.

وبدون لغة الخطاب، هذا الجيش المعولم يؤكد أن اي عربي لا يرى الأمر بكل وضوحه هذا فإنه يصطف ضد فلسطين والوطن باتساعه. إن الحروب التي خيضت سواء ضد وجود الكيان أو عدوانات الكيان هي حروب معولمة ضد الوطن الكبير. وهذا يشترط أمر هو الأصعب من تحرير فلسطين هو تحرير الوطن العربي. وهذه المهمة التي تعني وجوب ردف ا.ل.م.ا.ق.ا.وم.ة والجيوش العربية بالشعب وحرب الشعب.

أثبت العبور الثالث  أن هذا الجيش المعولم قد هُزم وهرب أمام أقل من ألف فدائي الذين اخترقوا عمق الكيان ولم يتوقف قتالهم له من بيت لبيت حتى اليوم الرابع.

نأمل بعد الموقف الغربي أوروبي وأمريكي الداعم للكيان والتوجه الأمريكي لدخول الحرب بالجيش الأمريكي نفسه إلى جانب الجيش الصهيوني المعولم أن تخلع هذه الحقائق الخلل الإعلامي الذي طالما دعى الشعب العربي للوقوف على الحياد أو التسمُّر أمام الشاشات لأن الفلسطينيين وحدهم سيحرروا الوطن المغتصب.

عظمة الفلسطينيين في عدم الاستسلام ومواصلة القتال وليس في هزيمة الثورة المضادة أي الغرب والصهيونية والتوابع التطبيعيين العرب/الصهاينة العرب. وهذا يعيدنا مجددا ودائما إلى أن الصراع عربي ضد الثورة المضادة بأسرها.

ولذا، فإن هزيمة الثورة المضادة في وطننا هي مشروع التحرير الشامل.

منذ قرن يتجلى بعد نظر كارل كاوتسكي في ما كتبه: ” أحذركم لأنكم ستنتهون بنهاية السيطرة الإنجليزية والفرنسية على هذه المنطقة، وبالتالي فوجودكم   فيها قصير قصر وجود هؤلاء أو محدود بوجودهم  [1] الماركسية  والصهيونية، ندوة خالد البلشي، في أدب ونقد، العدد 153 أيار 1998.)”.

هذا فهم مبكر لعولمة الكيان عسكريا وبشريا وماليا وثقافيا ونفسياً، وهذا يؤكد استراتيجية العروبة بأن العدوان ضد كل العرب وبأن حرب الشعب هي التي يجب أن تُعتمد وهي متعددة وطويلة الأمد، هي حرب ا.ل.م.ق.ا.و.م.ة يردفها الشعب حرب الشعب أي اجتثاث التطبيع، وحرب المقاطعة وحرب تفكيك الدولة القطرية. وهذا لا يقلل من عظمة العبور الثالث ابداً. 

_________

ملاحظة من “كنعان”: “كنعان” غير مسؤولة عن الآراء الواردة في المقالات، بل هي تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم … تابع القراءة ….