مستوطنة “يفتاح”
وثأر لأبطال العودة
اليوم أُطلق صاروخ من لبنان طال مستوطنة “يفتاح” قرب عكا هل هو من العمامة أم الكوفية:اليوم لا فرق ودائماً لا فرق.
هل تعرفونها؟
هناك في 19 أكتوبر 1966 كانت معركة أبطال العودة مع الكيان حيث أستشهد الرفاق: أبو نظام محمد رفيق عساف وهو أصلا من قرية كفر لاقف/طولكرم وسعيد العبد سعيد وهو أصلاً من قرية دير عمار/رام الله ومحمد اليماني وهو اصلا من سحماتا المحتلة1948 وشقيق أبو ماهر اليماني وجُرح سكران محمد سكران وهو من عرب الهيب قرب عكا ايضاً وحُرِّر في صفقات التبادل مع العدو.
وفي نعي الشهداء الثلاثة في “فلسطين” ملحق صحيفة المحرر اللبنانية كُتب:
أنا إن سقطت فخُذ مكاني يا رفيقي في الكفاح
واحمل سلاحي لا يُخفكَ دمي يسيل من الجراح
وانظر إلى شَفَتَيِّ أطبقتا على وهج الرياح
أنا لم أمت أنا لم أزل أدعوك من خلف الجراح”
كان مقرهم الأربعة في شُقة في حارة حريك/بيروت. وحين حُرّرت من سجون النظام الهاشمي في بداية أكتوبر 1966 عُدت إلى لبنان 29 أكتوبر 1966 ، وصلت مساءً وذهبت إلى مقرهم حيث كنت انزل عندهم فلم أجد أحداً. مشيت إلى مخيم برج البراجنة إلى بيت الرفيق أحمد الأسمر أسأله اين الرفاق.
دُهش أحمد:
قال: كيف نفدت!
قلت: من ماذا؟
قال: المكتب الثاني لايُغادر المكان (أي مكتب المخابرات اللبناني الذي كان يقمع الفلسطينيين بقسوة) ويعتقل من يصل المكان.
ألم تعرف أنهم اُستشهِدوا!
قضيت كل تلك اللية جالساً على الفراش دون أن أتمكن حتى من التفكير.
بعد أوسلو 1993، ذهبت يوماً إلى مكتب جبهة التحرير العربية القريبة من العراق لحديث مع الرفيق راكاد سالم في رام الله .
دخل رجل بلباس عسكري، وقدمه راكاد:
الرفيق أحمد الأسمر.
قلت: هل أنت الرفيق الذي اعرفه من برج البراجنة وكنت انت في حركة القوميين العرب؟
قال:نعم.
فاية صدفة لقاء وصدفة قصف!
■ ■ ■
العدوان أمريكي، ويستقبلهم الحكام!
لم يشهد العالم هذا المستوى من الذل الرسمي واللجم الشعبي. الطيران الذي يقصف فلسطينيي غزة صناعة أمريكية. وحاملة الطائرات فورد على شاطىء فلسطين، فلماذا لا يقود الطائرات الأمريكية المعتدية طيارين أمريكيين وغربيين؟وقد ذكرنا هذا منذ 1948 في مقال واضح من مصادرهم! والوزراء الأمريكيين يقودون الحرب النفسية في العواصم العربية، ومع ذلك الإعلام العربي يقول: امريكا والغرب مزدوج المعايير!
هل اصبح جزء من الصدق على الناس مخيفاً لكم! الغرب هو العدو في المقدمة، هو المقاتل المعتدي الفعلي أما جيش الكيان فيقتل المدنيين الفلسططينيين على الأرض في الضفة الغربية، جيش في وضعية شرطة وميليشيات نازية.
■ ■ ■
لتكن حربا دائمة
بمعزل عن توسبع الدفاع عن غزة والضفة ومشاركة المحور او عدم مشاركته وبمعزل عن محاولة العدو تدمير معظم غزة او حتى محاولة دخولها بشريا لاجتثاث المقاومة وما سيكلفه وحتى احتمال فشله وهزيمته وبغض النظر عن ان عدوانه امريكي غربي تابع عربي بامتياز وبغض النظر عن خيانة اي نظام عربي لم يقاتل بل بعضها في صف الاعداء .يبقى العبور نصرا يحفظه التاريخ ويُذكر بدور الغرب في إسعاف الكيان في تشرين 1973 بل وبأن حربنا منذ وعد بلفور حتى اليوم هي مع الغرب وليس فقط مع الكيان. نصر يجب البناء عليه بالانتقال الى التخريب الشعبي عربيا بتفكيك مفاصل الدولة القطرية وتخريب واجتثاث كل ما للغرب في الوطن الكبير.وهذا التفكيك والتخريب هي حرب دائمة.
ملاحظة ربما هناك مفاجئة لا نعرفها؟
■ ■ ■
خيام تبديل
سألني صديق عن مصير المستوطنين حين النصر على اعتبار أن اقتحام 7 تشرين /أكتوبر هو نموذج مصغَّر للتحرير فما مصير من يتبقى في فلسطين من المستوطنين ممن ليست لديه جنسية أجنبية رغم أنه ليس من فلسطين اصلاً؟
. وكتبت في الرد الموجز أن الأرض والبيوت الفلسطينية يجب أن تُعاد للشعب العائد بعد التحرير، وهذا حق طبيعي ولا جدال فيه باي منطق.
وهنا أُكمل بوضوح، كما أُسكن شعبنا منذ 1948 في خيام، فلماذا لا يسكنوا في خيام إلى أن نحل لهم مشكلة السكن كرعايا.
ليسوا أعلى من شعبنا، فلماذا لا يسكنوا الخيام، وهنا استذكر قول عنترة بن شداد:
“فشككتُ بالرمح الأصمِّ ثيابه…ليس الكريمُ على القنا بمحرِّمِ”.
وبالمناسبة، فإن السلوك الراقي لأبطال 7 أكتوبر يؤكد أننا لسنا حاقدين، ولذا
ليس صحيحاً أن ابطال 7 تشرين قتلوا نساء وأطفالاً، أو قطعوا رؤوس حتى العسكر الأسرى.
وعلى كل حال، فإن الإعلام الغربي فقد الهالة الكاذبة التي سيطر بها على العالم.
■ ■ ■
عاد الفدائيون:
صباح اليوم الثاني
هكذا بدؤوا فور اغتصاب فلسطين 1948، طلائع اصرت على العودة بأسلحة شديدة البساطة هوشكس، طومبسون، بارودة فرنساوي، الماني، كندية صواري إنجليزي، مسدس كرداغ، وساطور ايضاً…الخ ، أفرادا ومفارزاً .
جددوا العودة عام 1956 بقيادة عبد الحميد السراج من سوريا ومصطفى حافظ من مصر عبر غزة. ثم كانت مسيرة ا.ل.م.ق.ا.و.م.ة فور نكسة 1967 التي وصلت التطور القتالي الأقصى منذصباح أمس 7 تشرين 2023.
يعودون اليوم ليعبروا باسلحة خفيفة وتقنيات ولوجستيات، ولكن مرة أخرى فدائيون في مجموعات ولكن بنفس الروح الأولى التي لم تنطفىء.
حتى 1948 كانوا يُدعون المجاهدين لأنهم كانوا في الأرض، وبعد 1948 اصبح اسمهم هم أنفسهم الفدائيين لأن من يدخل الوطن يعلم تماماً أنه مشروع شهيد، شهيد فاعل مشتبك بالضرورة مشتبك ثلاثيا:
1-مشتبك بروح الاشتباك
2-مشتبك بأعصاب تقاتل لساعات وايام، وليس لثوانٍ معدودة.
3-مشتبك بالسلاح
من ثقافة الفدائي كنا نقول دائماً بأن حرب الأعصاب حاسمة في هذاالنضال المديد الاشتباك المديد، كل تضحية هي عالية من الاستشهادي إلى ضارب/ةالحجر، ولكن الفدائي مختلفاً فهو يدخل لقلب الوطن ويواجه الترسانة بأعصاب لا يقرأها سوى الراسخون في الاشتباك.
هو قادر على الاستشهاد في لحظات، ولكن روح الصبر والمجالدة والامتداد والاشتداد هي الحاسمة.
حتى اللحظة، هو/هم هناك في قلب المعركة، والعدو يناور ويهارش ولا يجرؤ على الإقتحام.
لقد استلهم روح الدوريات التي تدفقت بعد هزيمة 1967 إلى الضفة ومنها إلى غزة، عبور هذه الدوريات النهر، وغرق الكثير منهم واستشهاد الكثيرين.
“يا شباب المية عالية هالليلة؟ خففوا الأواعي والسباح الماهر يخلي جنبه سباح مش ولا بد”
(م.ج) إبن شهيد في 1948 من بيت إعطاء، خلع معظم ملابسه وحافظ على الكلشن قفز في النهر يروح الغطاس في الماء المقدس كما كان للمسيح، التيار قوي، انخلع الحذاء، وقاوم التيار ووصل الضفة الغربية. مشى حافيا من النهر حتى مخيم قلندية كانت قدماه قد انتعلت حذاء من الأشواك وانتفختا ولكن الكلاشن لم يسقط. هكذا جاء، وعاد للضفةالشرقية، وعاد مع آخرين مجدداً، وحين اعتقلنا، كان ومفرزته كلما أتوا يزورون أمهاتنا.
ماذا اقول لكم اكثر.
والله لا أدري، المهم عادوا اليوم.
ملاحظة: لم تبرح ذاكرتي فرق الصاعقة المصريين الذين دخلوا المحتل 1948 مساء 5 حزيران وعادوا في الصباح ليشتبكوا مع دبابات العدو في سهل يالو وبيت نوبا وعمواس (لذا سمحهن العدو تماما بعد ايام من الحرب)، كانوا يقتحمون الدبابة ويستشهدون كما اقتحموها واقتحموا المستوطنات منذ 24 ساعة وإلى اللحظة كل ساعة منها بقرن. هذ يكفي ليتم حزم الحقائب، وبعض المستوطنين قد يقفز بلا حقائب. وتبقى الأرض عربية.
_________
ملاحظة من “كنعان”: “كنعان” غير مسؤولة عن الآراء الواردة في المقالات، بل هي تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم … تابع القراءة ….