- ماذا يعني الكيان كاستثمار إستراتيجي؟
لكن ما هي أسباب استلحام الغرب بأكمله في العدوان/القتال العلني نيابة عن الكيا وهنا لن أكرر ما كتبته عديد المرات كيف عن استهداف الوطن العربي من الغرب منذ ثلاثماية سنة وصولاً إلى طعننا بالكيان وحتى مستقبل قريب قادم وربما ابعد.
وهنا للتوضيح، فإن كل من يزعم أن الغرب منحاز وعديد المعايير ويساعد الكيان، هو زاعم بسيط أو خبيث فالغرب هو القاتل والمقاتل والكيان خلفه، وهذا عكس ما حصل عام 1991 حينما أرسل الحكام العرب جنودهم مقفودين بجيوش ألعدوان الثلاثيني ضد العراق 1991 حيث اسسوا مع الغرب لاجتثاث العراق بل لاجتثاث العروبة نفسها وبأكملها وهو ما إتضح بحرب الاستشراق الإرهابي منذ 2011 ! .
تتكرر وتتوقف العقول السطحية المحشوة بالغيبية بأن الغرب يتبرع للكيان بمليارات الدولارات وتتوقف هناك. وقد أوردنا المعلن من هذه المقادير في عديد المقالات لمن له بصر وبصيرة ونكررها. لكن هؤلاء لم يفهموا بأن دحش وإيلاج الكيان في قلب الوطن هو إستثمار رأسمالي إستراتيجي مربح جداً أي ترليونات مما يجعل الإنفاق على الكيان مثابة مبلغ تافه مقارنة بالثروات التي ينهبها الغرب من هذا الوطن. وهي باختصار كل الثروات العربية وكل الريع النفطي العربي وكل السوق العربية أي أن ما يتبقى بعد النهب للعرب عبر علاقة Trickle-down Economy أي اقتصاد التساقط حيث ان حصة الأنظمة العربية هي فتات ما يقع من الطعام عن الطاولة ومع ذلك هو كبير به يشترون منتجات الغرب فينفقون ولا يُنتجون والإنفاق ليس ترفاً وحسب بل لتمويل إرهاب قوى الدين السياسي لتدمير الجمهوريات العربية وما تم ضد العراق وسوريا وليبيا واليمن لا يحتاج لشرح.
ولتوضيح أهمية السوق العربية لصالح الغرب، فإن القدرة الشرائية لمن يملك سيولة مالية تفوق بأضعاف قدرة البلدان الفقيرة فاستهلاك وحش نفطي متكرِّش وغبي تفوق إستهلاك عشرات آلاف فقراء الصومال أو نيبال أو الكنغو…الخ.(انظر الحلقة التالية)
والأمر ليس مجرد نهب بل ايضا بهدف إستراتيجي أي إحتجاز التطور العربي. وإذا كان ما قاله وزير خارجية قطر السابق بأن أنظمة النفط في الجزيرة انفقت 2 ترليون دولار لتدمير سوريا، فهل يمكن لكم أن تتخيلوا كم غَنِم الغرب حيث أن 2 ترليون هي جزء من اقتصاد التساقط وحده!
إنفاق الغرب مجرد دراهم مقابل ما ينهب
” بلغ مجمل ما قدمته ألمانيا إلى الحكومة والأفراد والمؤسسات الإسرائيلية 31 بليون دولار أو 5345 دولاراً للفرد الواحد، وهذا ما يجعل حصة الفرد الواحد من مجموع المساعدات الأميركية والألمانية 20,000 دولار، حيث بلغت قيمة المساعدات الأميركية 134,800,000,000 دولاراً
( Richard Curtiss, a retired US Foreign Policy officer, is the executive editor of the Washington Report on Middle East Affairs.
مقتطف عادل سمارة، وراء معجزة نمو “إسرائيل”: نهب وطن، إدارة جادة، وإغداق خيالي أميركي، في مجلة التراث والمجتمع، العدد 47 صيف 2007: 53-70).
أنظر ايضا:
أي أن ما تم تقديمه للكيان من المصدرين العدوين الرئيسيين أقل من 170 مليار دولار حتى عام 2007، ولو أضفنا تبرعات الغرب بأجمعه فلن تتجاوز 200 مليار دولار، بينما ما أنفقه الخليج لتدمير سوريا وحدها 2 ترليون دولار، فكم نهب الغرب إذن؟.
وإذا كان هذا جزءاً من حصة الخليج فما هي حصة الغرب سواء الشركات أو الأنظمة ومقادير الصناديق السيادية ناهيك أن ما يأخذه الخليج أو مختلف التوابع يعود عبر التبادل مع الغرب إلى الغرب.
لقد كتبنا عديد المرات بأن تسعير النفط بالدولار كما اتفق كيسنجر مع آل سعود بعد رفع امريكا الغطاء الذهبي عن الدولار عام 1971 هو الذي اسعف الدولار ليبقى العملة المهيمنة على التبادل الدولي ولتقوية سيطرة أمريكا على العالم. صار على كل من يحتاج غرام نفط أن يحصل على دولار للدفع، ولذا، عليه أن يقدم ثروات بلاده ولو شبه مجانية لأمريكا أو لبلدان تشتري منه وتدفع له بالدولار كي يحصل على الدولار الذي اسموه من حينها “البترودولار” أي الدولار المتولد من الحاجة للنفط. أما من اين تأتي امريكا بهذا الدولار الذي تتهافت الدول على شرائه وامتلاكه، فإنه يأتي من طباعة تلك الورقة الخضراء التي لا تساوي كلفة المئة دولار منها بضعة فلسات بينما قيمتها بل سعرها سوقياً وليس مادياً كورقة هي هائلة. وهذا يُظهر الخدمة الهائلة التي قدمها النظام السعودي في الإصرار على بيع النفط بالدولار مما خلق ثقة نفسية وحاجاتية عالمية بالدولار.! هذا دون أن نتطرق، كما كتبنا سابقاً عن دور السعودية كمنتج مُرجِّح لكميات النفط في السوق العالمية.
وهذا خلق حقداً من بلدان المحيط /العالم الثالث على كل العرب لأن ارتفاع سعر النفط أجبر هذه الأمم على الاستدانة من الغرب وتمكن الإعلام الغربي من نسب هذا الإفقار وخاصة جانبه الناجم عن الإستدانة وبالتالي المديونية التي غرقت فيها بلدان المحيط إلى “جشع العرب”.
يا للهول!
ومن اين للغرب هذه الفلوس التي استدانتها بلدان المحيط! إنها التي ينهبها الغرب من العرب!
وعليه، تأصَّل في ذهن هذه الأمم بأن النفط العربي وراء كارثتهم. لذا غرقت هذه الأمم طوال عقد الثمانينات من القرن الماضي في المديونية للغرب وهو العقد الذي اُسمي تنموياً ب “العقد الضائع”. وإذا عرفنا أن الراي العام وخاصة في المحيط قد أُشبع كذباً أن السبب هم العرب وليس الغرب وأدواته العربية، فهذا يُضعف أو ينسف تعاطف بلدان المحيط مع اية قضية عربية! وربما هذا أحد اسباب إستبدال الحضور المصري الناصري في عديد دول من إفريقيا لصالح الكيان.
وما معنى هذا؟
هذا يعني أن فلوس هذه الأمم ذهبت للغرب لشراء النفط وأما نفط العرب فذهب معظم ريعه للغرب الاستعماري الراسمالي الإمبريالي.
وفي غياب ماكينة توعية حقيقية ونظيفة واصل الإعلام الغربي الحديث التحشيد والتحريض ضد ما يسمى “جشع” العرب البدو والمتخلفين!
_________
ملاحظة من “كنعان”: “كنعان” غير مسؤولة عن الآراء الواردة في المقالات، بل هي تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم … تابع القراءة ….