السنة الثالثة والعشرون – العدد 6656
في هذا العدد:
■ من قاعدة إلى محمية: لماذا هرول الغرب إلى الكيان؟ حلقة (4) والأخيرة، عادل سماره
- الاختراق والدروس
■ إعادة المهجرين من أهالى سيناء الى مدنهم، محمد سيف الدولة
■ التحرر من قيود كامب ديفيد المميتة، محمد سيف الدولة
■ جماهير تثور وحكّام يطبعون ويتآمرون على نهوض الأمة العربيّة، رشاد أبوشاور
✺ ✺ ✺
من قاعدة إلى محمية: لماذا هرول الغرب إلى الكيان؟
حلقة (4) والأخيرة
- الاختراق والدروس
عادل سماره
ليس أصعب على الكاتب من تحليل حدث جارٍ، بل هي معضلة المحلل لأنه يقف في برزخ بين القارئ وبين المؤرخ الذي يبحث الأحداث بعد مرورها وربما بعد مرورها بزمان طويل بينما يضطر المحلل للإجابة على كثير من الأسئلة التي تضعه الإجابة عليها في مأزق إما الوقوع في الخطأ أو الخطأ بقرار ووعي. ومما يزيد مشكلة المحلل أن “الطبق ساخن” والتعبير لأحد ضواري الإمبريالية الذي قال “الطبق البارد لا يستدعي التدخل بعكس الطبق الساخن”
قبيل 7 تشرين، كان التساؤل المزدوج للأعداء محيِّراً:
· إما ان يعتدوا ويخسروا كثيرا
· أو لا يعتدون ويخسرون لأن المحور يقوى أكثر.
ها قد حصل الاختراق وصار العدو في حيرة أخرى:
· إما أن يدخل براً ويخسر ما لا يطيق
· أو لا يدخل براً ويخسر معنوياً
ولأن الأمور رهينة الميدان فيمكن للمرء ترك ما سيحصل للميدان نفسه. وعليه، يتبقى لنا قراءة النتائج لما حصل من وقائع حتى لو لم تنضج بعد.
اتضح للكوكب أن جوهر الصراع كامن في كونه تناقض تناحري لا وسطية فيه، هذا رغم أن الرسميين الدوليين يصرون على لملمة الحلول لنفي حتمية التناقض.
وبعد أن ساد في الإعلام والسطح السياسي موت البعد الشعبي العروبي للصراع ووصل كثيرون إلى المجادلة بفخر بأن هذا البعد لا يمكن إعادة بنائه، اتضح ان العروبة شعبياً لم تمت بل عاد حتى من نظَّروا ضدها ليٌقروا بها.
لكن الحراك والإقرار، وهو استفتاء واضح، لكنه انحصر في المستوى الديمقراطي الشكلي بمعنى أنه طاقة هائلة لم تجد القوة الثورية لتفعيلها في حرب الشعب وخاصة تفكيك مفاصل مؤسسات الأعداء ومؤسسات أمن السلطة القطرية القمعية والصهيونية. إذن فالحراك العربي تعبير ديمقراطي لكن بلا أسنان بعد، حقيقي ولكن ليست كل حقيقة فاعلة.
وهذا يعني غياب الحركة الثورية أو عدم كنس القشرة القيادية المساومة والمدجنة لهذه الحركة.
وعليه تكرر ما حصل تجاه الربيع الخريفي العربي اي عدم قدرة القوى الثورية على إسترداد الشارع من:
· الرعب والتخويف الرسمي الصهيوني العربي
· وقوى الدين السياسي.
وها قد حصل الاختراق على حين غرَّة قبل أن يتم تجاوز السببين أعلاه، فحصلت الجرأة على المبادأة دون توفر الجاهزية لاستثمارها اللحظي وربما يعود هذا فيما يعود إلى هشاشة الدعوة للمقاطعة ومناهضة التطبيع حيث لم تُراكم هذه الدعوات سوى لغة.
ومع ذلك فقد تأكد تثبيت الف باء هي التحرير وسقط الشعار الإنهزامي الرسمي العربي “إنقاذ ما يمكن إنقاذه” وأُعيدت إلى الرأي العام العالمي بديهية القناعة الشعبية بأن الصراع ليس على المحتل 1967 بل على كل فلسطين وهذا يتضمن بوضوح سقوط القيْد القطري رغم تغييب الخيار القومي إلى ما يقارب اغتياله بدءاً من تدمير العراق 1991 ومن ثم احتلاله 2003 ثم إرهاب الدين السياسي والاستشراق الإرهابي عام 2011.وعليه، اثبت الاختراق حتمية النهوض من الكبوات بانكشاف الرسمي أمام الشعبي العربي عارياً هكذا!
وهذا كشف ضعف الإعلام سواء الإعلام العربي المتصهين أو الإعلام المرتبط بالمحور حيث عجز عن أن يقول للعروبة: فوراً إلى حرب الشعب!
بل إن هذا الإعلام بتضخيمه للنضال الفلسطيني وخاصة في العامين الأخيرين كان مثابة لغم ينسف العمق القومي، سوءا شاء أم عجز عن الرؤية. كما إتضح أن هذا الإعلام كان مصاباً، وإن لم يُعلن بالطائفية المزدوجة والتي ما أن حصل الاختراق حتى جرى لجم عمامات الفتنة من الطائفتين ويكون الهمُّ بعد: كيف تُلجم هذه العمامات وليس كل العمامات، بل كيف تتحول عمامات الفتنة وهدم التاريخ. ذات يوم قال ماركس: “إن محمد علي هو الذي حوَّل العمامة المفتخرة إلى راس حقيقي”.
لقد اتضح أن العرب فرادى ليسوا سوى غثاء كغثاء السيل.
وأخيراً طبعاً حتى اللحظة، فقد تسلل الطابور السادس الثقافي إلى جحوره وطوى عرائضه النتنة بما عليها من توقيعات وأخصُها دُعاة دولة مع المستوطنين والذين لم يبق لديهم سوى رفع درجة البغاء السياسي للقول بدولة مع جيش الكيان!
في جانب الأعداء
لقد أسقط الاختراق مقولة الجيش الذي لا يُقهر وأوضح لكل جاهل أو ناكرٍ بأن صراعنا هو م.ق.ا.و.م.ة غُزاة منذ ثلاثماية سنة لأن هذا الوطن الأكثر والأشد استهدافا من قِبًل الرأسمالية الإمبريالية ثم تحالفها مع الصهيونية وتحالف الصهيونية العربية معهما. واتضح هذا بتدفق كل الغرب وكل ما لدى الغرب بوقاحة واستهانة بنا لحماية الكيان مما نقله من قاعدة إلى محمية.
كما سقطت مقولة “عبقرية” استخبارات الأعداء حيث ثبت بأن أخطر أدوات الاستخبارات هم العملاء اي الذين إما عجزوا عن الاختراق أو أن البنية كانت قد نظفت نفسها وبالتالي اتضح بأن الجاسوس أخطر من التكنولوجيا خالصة القدرة.
في عالم راس المال بل الثورة المضادة لا أخلاق في الحرب، كم هي أكذوبة بحجم الكوكب.
ولا قانون دولي إنساني ولا اسرة دولية قط وبأن ديمقراطية الغرب أخطر أكذوبة وأقبح ديكتاتورية في التاريخ.
✺ ✺ ✺
إعادة المهجرين من أهالى سيناء الى مدنهم
محمد سيف الدولة
فى مواجهة جرائم الابادة الصهيونية لاهالى غزة ومخطط تهجيرهم قسريا الى سيناء، بقتلهم وقصفهم وهدم منازلهم ومطالبة من ينجو منهم بالنزوح فورا من شمال غزة الى جنوبها تمهيدا لدفعهم دفعا الى اختراق الحدود الدولية واجتياح سيناء خوفا من القتل بقنابل الطائرات الاسرائيلية.
نقول فى مواجهة جرائم الابادة والتهجير القسرى والعدوان الخطير على السيادة والامن القومى المصرى، فإن هناك عديد من المهام والقرارت والاجراءات الواجب اتخاذها على وجه السرعة مثل:
1) الدفع الفورى باكبر عدد من القوات المسلحة المصرية الى الحدود الدولية بدون الالتزام بأى قيود او موافقات مفروضة علينا فى اتفاقيات كامب ديفيد وملحقاتها.
2) إطلاق حق المصريين فى تنظيم مسيرات واعتصامات مليونية حاشدة الى المعبر.
3) وقيام الدولة باعداد مخيمات على الحدود والمعبر وتوفير وسائل النقل اللازمة لنقل الاف المصريين الى هناك.
4) فتح معبر رفح بقرار مصرى بدون انتظار لموافقة (اسرائيل) لادخال المساعدات لغزة.
5) مع اللجوء الى كل البدائل الأخرى لادخال المساعدات مثل الأنفاق.
6) التلويح بفتح الحدود من الجانب المصرى لكل من يريد الانضمام الى المقاومة الفلسطينية دفاعا عن غزة، مع اطلاق مسيرات العودة من لبنان والاردن وسوريا.
7)إطلاق حملة اعلامية واسعة، واستدعاء وحشد كل وسائل الاعلام العالمية امام معبر رفح.
8) ضرورة العمل فورا على اعادة آلاف الاهالى الى مدن وقرى رفح والشيخ زويد وأكنافهم الذين قامت السلطات المصرية بتهجيرهم قسريا وهدم منازلهم فى السنوات الماضية من أجل انشاء منطقة عازلة على الحدود المصرية الفلسطينية.
وهذه النقطة الأخيرة تحديدا هى التى ساتناولها بالتفصيل فى هذه الورقة:
***
ان اخلاء اهالى سيناء لانشاء منطقة عازلة على الحدود الدولية هو بالأساس مشروع (اسرائيلى) قديم، طالبت به (اسرائيل) وامريكا الادارة المصرية منذ سنوات طويلة، ولكن مبارك وطنطاوى رفضوه رفضا قاطعا، الى ان تم قبوله به وتنفيذه فى السنوات الأخيرة.
وخلاصة المشروع هو ان يتم انشاء منطقة عازلة أو حزام أمنى بموازاة الحدود الدولية بين مصر و(اسرائيل) بعمق 5 كيلومتر وبطول الحدود مع قطاع غزة البالغة 13 كم، على أن يحظر على المدنيين من السكان والاهالى التواجد فيها، فهى تقتصر على القوات المصرية بالإضافة الى قوات MFO وهى القوات الأجنبية الموجودة فى سيناء لمراقبتنا والتى تخضع للإدارة الامريكية وليس للأمم المتحدة،
ان (اسرائيل) التى تعتبر سيناء منذ عقود طويلة منطقة عازلة بينها وبين مصر أكثر منها جزءًا لا يجزأ من مصر، لم تكتفِ فى اتفاقيات كامب ديفيد بإكراه النظام المصرى وإجباره على تجريد ثلثى سيناء من السلاح والقوات، بل طالبت منذ سنوات بإخلاء الحدود من السكان، بذريعة حماية أمنها.
لنفاجأ بها اليوم تستهدف تهجير اهالى غزة اليها. وكأنها تعتبر أن سيناء ارض فارغة ليس لها صاحب تمثل احتياطى استراتيجى لمشروعاتها المستقبلية.
ان تعداد محافظة شمال سيناء لا يتعدى 400 ألف نسمة، وكان فى مقدور مشروعات التنمية زيادة تعداد كل سيناء الى ثلاثة مليون نسمة. ولكن بدلا من ذلك اتخذت السلطات قرارا بتقليص أعداد الأهالى على الحدود بتهجير سكان رفح والشيخ زويد.
مع العلم أن عدد الثلاثة ملايين نسمة المذكور، هو ذات العدد الذى حدده مناحم بيجين عام 1979، حين سألوه عن سبب خروجه من سيناء، فأجاب ((سنضطر إلى الإنسحاب من سيناء لعدم توافر طاقة بشرية قادرة على الاحتفاظ بهذه المساحة المترامية الأطراف. سيناء تحتاج إلى ثلاثة ملايين يهودى على الأقل لاستيطانها والدفاع عنها. وعندما يهاجر مثل هذا العدد من الإتحاد السوفيتى أو الأمريكتين إلى إسرائيل سنعود إليها وستجدونها فى حوزتنا))
هذه هى العقلية الصهيونية، التى ترى فى سيناء منطقة خالية عازلة ومعزولة، تحتاج لمن يستوطنها، فجئنا نحن وبدلا من تعميرها قمنا باخلائها من السكان، ويا للعجب امام عدو وكيان متخصص فى احتلال واستيطان الأراضى الفارغة!
ان موازين القوى العسكرية يمكن أن تتسبب فى هزيمة الجيوش، ولكن لا يمكنها الاستيلاء واستيطان الاراضى كثيفة السكان، ولنتذكر كيف انسحبت (اسرائيل) من جنوب لبنان عام 2000 ومن غزة عام 2005، وكيف كيف تصدى أهالى السويس لاسرائيل فى 1973 وقبلهم اهالى بورسعيد للعدوان الثلاثى فى 1956.
ان الشعب والسكان والاهالى، سواء كانوا حضرا أو بدوا هم خط الدفاع الحاسم والأخير عن الأوطان حين تنهزم الجيوش او تتقهقر أو تختل موازين القوى الاقليمية والدولية.
لقد انطلق قرار اخلاء الحدود من فرضية شديدة الخطأ بان مصدر الخطر هم الفلسطينيين فى غزة، ليتأكد ويثبت للجميع اليوم أن (اسرائيل) هى مصدر الخطر الأكبر على مصر.
كما انطلق من فرضية اشد خطأ وهى أن اهالينا فى سيناء ايضا يمثلون خطرا على الامن القومى، بادعاء انهم يشكلون حاضنة شعبية للارهابيين، ليثبت اليوم أنهم حائط الصد الأول ضد كل مشروعات التهجير والتوطين القسرى.
ان القوى الوطنية المصرية طالما طالبت منذ عقود طويلة بضرورة تحرير سيناء من قيود كامب ديفيد، وحذرت من ان بقاء هذا الوضع سيعرضها الى كافة انواع الاخطار والشرور والأشرار، بدءا بالاختراق الصهيونى والإرهاب والتهريب وتجارة العبيد والأعضاء البشرية وغيرها.
فاذا بمخطط التهجير القسرى ينفجر فى وجوهنا جميعا، ليؤكد مخاوف وتحذيرات القوى الوطنية على امتداد 45 عاما.
ان الصدمة الكبيرة والغضب العارم والقلق الشديد من التهديدات الاسرائيلية الأخيرة، فتح الابواب لتسرب شكوك خطيرة لدى قطاعات واسعة من المصريين، بأن ما تم من عملية اخلاء لسكان رفح والشيخ زويد، كان به شبهة تواطؤ وتمهيد للأرض لتنفيذ صفقة القرن وتهجير الفلسطينيين الى سيناء، ولما لا وقد سبق أن حدث فى صفقة التنازل عن جزيرتى تيران وصنافير المصريتين للسعودية. هكذا يتساءل البعض.
وهى شكوك خطيرة ومدمرة، تتطلب المسارعة بطمأنة المصريين بردود قوية وحاسمة من قبل السلطات، والرد المقنع والحاسم الوحيد القادر على درء كل هذه الشكوك هو الاعادة الفورية لآلاف المصريين المهجرين الى مدنهم على الحدود الدولية مع فلسطين.
***
أعيدوا أهالينا الى اراضيهم ومنازلهم ومدنهم عند الحدود الدولية مع فلسطين، ليكونوا حصنا وسدا منيعا ضد قوات الاحتلال فيما لو تجرأت على اقتحام الحدود المصرية لتنفيذ مخططها بالقوة والاكراه.
القاهرة
✺ ✺ ✺
التحرر من قيود كامب ديفيد المميتة
محمد سيف الدولة
اخشى أن تكون الدولة المصرية فى وضع لا تحسد عليه بعد ان تأكدت حقيقة المخطط الاسرائيلى الشيطانى لتهجير اهالى غزة قسريا الى سيناء، والذى يقومون بتنفيذه الآن على قدم وساق بارتكابهم اليومى لجرائم الابادة اليومية لمئات الآلاف من الاهالى بشمال غزة وانذارهم بضرورة نزوحهم الى الجنوب، كمقدمة لاجبارهم لاحقا على اختراق الحدود المصرية فى عدوان مميت على السيادة المصرية وعصف بامنها القومى، وتجاهل تام للرفض الرسمى المصرى الذى عبرت عنه فى الايام الماضية عبر كل القنوات.
وما اقترن بذلك من القصف الاسرائيلى لمعبر رفح، لمنع دخول أى مساعدات مصرية الى غزة، وتجاهل وتخطى قنوات وآليات التنسيق الأمنى والدبلوماسى القائمة بين الطرفين منذ سنوات طويلة، مع صدور تصريحات من وزير الدفاع الاسرائيلى بان للجيش الحرية الكاملة فى العمل فى اى مكان فى الشرق الاوسط لضمان امن (اسرائيل). وكل ذلك فى حماية القوات وحاملة الطائرات الامريكية القابعة بالقرب من شواطئ (اسرائيل).
أضف الى ذلك خضوع معبر رفح المصرى/الفلسطينى للسيادة الاسرائيلية وليس للسيادة المصرية الفلسطينية المشتركة منذ توقيع اتفاقية فيلادلفيا بين مصر واسرائيل عام 2005، حيث لا تملك الادارة المصرية امكانية التصرف فى حركة المعبر بدون الرجوع الى (اسرائيل)، وهو ما ظهر للعيان فى الايام الاخيرة حين عجزت مصر عن ادخال مساعداتها الى غزة رغم أن الاهمية العظمى لهذه المساعدات فى اجهاض مخطط التهجير القسرى للفلسطينيين.
***
فبعد 45 عاما من توقيع اتفاقيات كامب ديفيد، وبعد 9 سنوات من حكم عبد الفتاح السيسى الذى أطلق عبارته الشهيرة عام 2014 بان السلام فى وجدان المصريين وبان الاقتراب من السلام خط احمر وما بذله من سياسات وجهود حثيثة لتعميق العلاقات المصرية الاسرائيلية..
نقول بعد كل هذا تجد الدولة المصرية نفسها اليوم امام الحقيقة التى حاولت انكارها وتجنبها لأربعة عقود ، من أن القيود العسكرية المفروضة على قواتنا وتسليحنا فى سيناء منذ 1979 تضعنا فى موقف شديد الصعوبة فيما لو قررت (اسرائيل) اجتياح الحدود بالقوة لتهجير مليون فلسطينى الى ارض سيناء، فى حماية ما يسمى بقوات حفظ السلام MFO والخاضعة تماما لادارة وقيادة الولايات المتحدة وليس للامم المتحدة.
وهو التحدى الأخطر منذ 1967، والذى دفع رئيس الدولة الى التهديد اليوم الاربعاء 18 اكتوبر فى مؤتمره الصحفى مع المستشار الالمانى بانه سيطلب من ملايين المصريين النزول الى التظاهر دفاعا عن سيادة سيناء وحدود مصر الدولية، بالاضافة الى تلميحه “الأخطر” بان تنفيذ مخطط التهجير القسرى الى سيناء سيؤدى الى انهاء عملية السلام بين مصر و(اسرائيل)، فى تصريح غير مسبوق من اى رئيس مصرى منذ 1979. وعلى الأخص من السيسى الذى طالما كان يقدم نفسه للخارج بأنه التلميذ النجيب خليفة انور السادات وتلميذه النجيب فى انحيازه وتقديره للسلام، بل كان هو اول من دعى من الحكام العرب الى ضرورة توسيع السلام ودمج (اسرائيل) فى المنطقة. ناهيك عما ظهر فى كلمته اليوم من تماهى مع الموقف الاسرائيلى فيما يتعلق بموقفها من المقاومة الفلسطينية وعدم رفضه لمبدأ التهجير القسرى للفلسطينيين بشرط أن يكون الى صحراء النقب وليس الى سيناء، وفقا لقاعدة ((افعلوا ما تريدونه ولكن بعيدا عن سيناء)).
***
لقد آن الأوان أن يتضامن الجميع فى مصر وراء مطلب وهدف تحرير سيناء واعتاق الارادة المصرية من القيود المفروضة علينا فى المعاهدة، خاصة تلك الواردة فى المادة الرابعة وملحقها الامنى الذى تم بموجبه تجريد ثلثى سيناء من القوات والسلاح الا بإذن (اسرائيل).
وهى الترتيبات التى قال عنها آفى ديختر وزير الأمن الداخلى الاسرائيلى الاسبق فى احدى محاضراته ((بان اسرائيل انسحبت من سيناء بضمانات امريكية للعودة اليها فيما لو تغير النظام فى مصر لغير صالح اسرائيل.. وان أهم هذه الضمانات هى خلو 150 كيلومتر من سيناء من القوات المسلحة بالاضافة الى ان القوات الامريكية الحليفة لاسرائيل هى التى تراقب المصريين هناك))
✺ ✺ ✺
جماهير تثور
وحكّام يطبعون ويتآمرون على نهوض الأمة العربيّة
رشاد أبوشاور
فتحت معركة (طوفان الأقصى) الطريق واسعا أمام هدفين متداخلين: تحرير فلسطين ، ونهوض الأمة العربية وخروجها من التبعية لأمريكا، وأخذ دور يليق بها بعد زمن امتّد طويلاً وثقيلاً، زمن تمزيق الوطن العربي، وزرع الفُرقة، وبخاصة منذ اكتشاف النفط، وإعلان تشرشل البريطاني: سأزرع علما عند كل بئر نفط، وهذا ما حصل، فقد بلغ تعداد دول العرب ال22، وكانت أثناء نكبة ال48 سبع دول هُزمت جوشها وغادرت فلسطين منكسرة مهانة أمام (عصابات) صهيونية زرعتها بريطانيا المجرمة المنتدبة على فلسطين في قلب الوطن العربي، والتي باتت خنجرا _كما وصفها الصحفي الهندي كارنجيا في كتابه ( خنجر إسرائيل)_ مغروسا في قلب الوطن العربي الكبير، مزّقت وحدة وتواصل مشرق ومغرب الوطن العربي الكبير، لتتكرس تبعية الدول كثيرة العدد التي لا تجمعها أهداف مشتركة، بل تنطوي في عزلة وقلق على مصالح حكامها الخائفين والمحتاجين لحماية رعاتهم الإنقليز، ومن بعد حماية ورعاية أميركا مقابل التمتع بشئ من مردود ثروة النفط الذي رُزقت به فجأة، وبفضل قدرات الشركات التي اكتشفته وتدفق بعد التنقيب في حقولها.
تحوّلت الحقول إلى دل لها (أعلام) حرصها الأساس وشغلها وهمها يتجسّد في ما امتلكت من ثروات نقلتها من البداوة إلى دول، وإن كانت متجاورة وتجمعها وحدة الدم والهوية فقد باعدت بينها الثروات وأطماع من أوجدوها لهم!.
كل دولة أو دويلة آبار نفط ضعيفة وحدها، وترى في ضعفها مبررا لعزلتها، وأنانية حكامها هم غالبا أقارب يرون أن (غيرهم) يحسدهم على النعمة التي تفجرت من (تحتهم) صدفة والفضل يعود لمكتشفيها، ولذا فالولاء لهم وليس للأمة وتاريخها وقضاياها، وفي مقدمتها القضية الفلسطينيّة التي أوجدتها بريطانيا برعايتها للحركة الصهيونية، وزرعها للكيان الصهيوني الذي بات دولة استباحت أرض فلسطين وانغرست في قلب الوطن العربي، وفصلت المشرق العربي عن المغرب العربي، فتكرّست (قاعدة) عسكرية في قلب الوطن العربي تحارب كل من يرفع رأسه متحديا أمريكا التي ورثت الهيمنة في الوطن العربي من بريطانيا بعد الحرب العالمية الثانية، وقد تجلّى هذا الأمر في التآمر على جمال عبد الناصر وطموحات مصر الناصرية، والعمل على إفشال وحدة مصر وسورية، أول وحدة عربية في العصر الحديث، وإلحاق الهزيمة بالعرب بقيادة مصر في حرب حزيران 1967.
معركة طوفان الأقصى ليست مجرد معركة كبيرة باغتت العدو الصهيوني وجيشه المتغطرس بجنرالاته المغرورين المنتفخين غرورا، وألحقت به هزيمة ثأراً من هزيمة العرب في حزيران 67 تلك الهزيمة المخزية المرّة التي ألحقها جيش الاحتلال بجيوش مصر والأردن وسورية في ساعات واحتل كامل فلسطين وصحراء سينا حتى قناة السويس والجولان السورية.
طوفان الأقصى احتضن عنوانا كبيرا ستراتيجيا: الثورة الكبرى، وهكذا فالأقصى هو الحافز للفعل الموّحد للعرب في معركة كبرى تجمعهم، لأن الأقصى في خطر حقيقي من وضع يد الصهاينة عليه وتحويله إلى ( الهيكل) الثالث..ولذا انتفضت حماس وذراعها العسكري في هذه العلمية العبقرية عسكريا، وضربت جيش الاحتلال وتجاوزت كل حواجزه الإلكتروني، والحقت به هزيمة أذهلته وأذلته وأصابته في مقتل وقزّمته ووضعت كيانه الصهيوني في حجمه الطبيعي ككيان وظيفي مع اندفاع رموز الإدارة الأمريكية عمليا لإنقاذ (كيانهم) المغروس في قلب الوطن العربي، فحضر وزير خارجية أميركا الذي صرح وهو يرتجف أنا أحضر كيهودي قبل أن أكون وزيرا للخارجية، وتبعه رئيسه الذي يردد باستمرار مباهيا أنا صهيوني، وتبعهم وزير الدفاع الأمريكي، وهكذا افتضح أن الكيان الصهيوني هو بالتأكيد كيان وظيفي يحتاج لحماية من يدعمونه ويرعونه تسليحا وتمويلاً بعد أن تكشّف ضعف جيشه الذي هزمته حركة المقاومة (حماس) بألف ومئتي مقاتل، وتجاوز أبطال( القسّام) التكنولوجيا التي زرعها الاحتلال فوق الأرض وتحتها بحواجز تمنع مجرد التفكير لدى الفلسطينيين بتخطيها، فهي رادعة قاهرة..وكان تاريخ 7 تشرين/ أكتوبر حدثا تاريخيا أذّل المشروع الصهيوني وأفقده دوره ونقله من (بلطجي) الغرب الإمبريالي إلى (محمية) أمريكية!
طوفان الأقصى الذي أذهل العدو والصديق، وابهر العالم، فتح الطريق أمام الأمة العربية، جماهير الأمة العربية، ملايين العرب _ وين الملايين_ و..ها هي الجماهير العربية تستجيب، وها هي الملايين تصرخ بملء الصوت: نحن هنا..ولكن: من الذي يغيب؟ النظام العربي الإقليمي العاجز بإرادته، لأنه في الجوهر يتناقض مع الهم العربي الجامع: القضية الفلسطينية قضية العرب المصيرية، قضية الوجود وليست صراعا افلسطينيا – (إسرائيليا) ، أي تُصغّر القضية وتؤقلم و..يتخلصون منها..ومن بعد يُطبعون، لأن الدول التي اخترعت في زمن النفط لا يُفكّر القائمون عليها المنتفعون بثرواتها..بغير مصالحهم التي تدفعهم للتآمر على القضية الفلسطينية بالتطبيع العلني الوقح المستهتر المحتمي أمريكيا وصهيونيا،وهي التي تآمرت على سورية بتمويلها لعصابات الإرهاب التي اجتاحت سورية وعاثت بها خرابا ودمارا، ولا غرابة أن الإرهابيين عنوا بتدمير المخيمات الفلسطينية في سورية/ مخيم اليرموك، مخيم درعا، مخيمات حلب، وبشكل متعمد..والهدف تحطيم سورية العروبة والقضية الفلسطينيّة التني تُحرج أنظمة التبعيّة والعمالة.
الجماهير العربيّة ترفع علم فلسطين، وتهتف لها، وتعلن انحيازها لمواجهة الكيان الصهيوني، فقد خرجت من حالة اليأس والإحباط فخورة ب 7تشرين / أكتوبر، هادرة بأنها مع طوفان الأقصى والثورة الكبرى، في حين يفجر قطاع غزة الذي بات بؤرة الثورة العربيّة الكبرى، والذي جُنّ الكيان الصهيوني المهزوم والمذّل والمهان وأخذ يصب على أهله العرب الفلسطينيين حمما تزوده بهاأمريكا علنا بجسر جوي لا ينقطع، ويشرف جنرالات أمريكا على إدارة معركته علّهم ينقذونه من هزيمته التي نقلته من حال إلى حال!
(دول) العرب تتفرّج، ويصرّح حكامها، وهي في الحقيقة محرجة ومأزومة، ومرتعبة من إمكانية أن تشتعل الثورة العربيّة الكبرى وليدة طوفان الأقصى وتكتسح كياناتهم الهزيلة التابعة المطبعة علنا والمطبعة سّرا، والتي تتمنى أن تنتهي المعركة بسرعة و..يعود الوضع الفلسطيني ضعيفا ممزقا تائها وتنتهي القضيّة الفلسطينيّة نهائيا، فيغسر المطبعون أيديهم، ويرتاح الحكام التابعون، وتتنفس جامعة ( أبوالغيط) الصعداء…
نحن كأمة عربيّة في وضع مفصلي تاريخي فتحت طريقه لنا معركة طوفان الأقصى_ الثورة الكبرى، فإما أن تتطور التظاهرات الحاشدة وتحاصر المطبعين والتابعين والمتصالحين مع الكيان الصهيوني والمحميين بالهيمنة الأمريكيّة والقواعد الأمريكية التي (تحتل) بلادا نُصبوا عليه، وتشتبك مع الاحتلال الأمريكي حامي الكيان الصهيوني المهيمن في العراق، والمحتل لشمال شرق سورية، والمتآمر على اليمن الثائر العنيد، وبهذا ينفجر الطوفان العربي ويضيف زخما للقوى العالمية التي تشتبك معه، والتي تبشّر بنظام عالمي عادل إنساني يُنهي الهيمنة الأمريكية وقاعدتها الصهيونية في فلسطين..ويأخذ العرب كأمة دورهم في صنع مستقبل إنساني بدون هيمنة واحتلال ونهب، وهكذا تتحقق نبوء المفكر العربي نجيب عازوري في كتابه ( يقظة الأمة العربيّة) الذي نشره في باريس عام 1904 وقال فيه: هناك حركتان تتصارعان في المشرق هما حركة القومية العربية والحركة الصهيونية وعلى ضوء انتصار إحداهما سيتحدد مصير العالم!
هل ستحقق جماهير أمتنا العربيّة انتصارها وانتصار العالم بهزيمتها للمشروع الصهيوني الأمريكي وهيمنته على وطننا العربي الكبير ونهب ثرواته ووضع اليّد على موقعه الاستراتيجي..بانتقالها من تظاهرات الغضب إلى الثورة العربيّة الكبرى؟!
هذا هو دورها وقدرها وبهذا الدور يتحدد مصيرها وموقعها بين الأمم.
________
تابعونا على:
- على موقعنا:
- توتير:
- فيس بوك:
https://www.facebook.com/kanaanonline/
- ملاحظة من “كنعان”:
“كنعان” غير مسؤولة عن الآراء الواردة في المقالات، بل هي تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو محرري نشرة “كنعان” الإلكترونية أو تبنيهم لهذه الآراء والمواقف.
ومن أجل تنوير الناس، وكي يقرر القارئ بنفسه رأيه في الأحداث، ونساهم في بناء وعيً شعبي وجمعي، نحرص على اطلاع القراء على وجهات النظر المختلفة حيال التطورات في العالم. ومن هنا، نحرص على نشر المواد حتى تلك التي تأتي من معسكر الأعداء والثورة المضادة، بما فيها العدو الصهيوني والإمبريالي، وتلك المترجمة من اللغات الأجنبية، دون أن يعبر ذلك بالضرورة عن رأي أو موقف “كنعان”.
- عند الاقتباس أو إعادة النشر، يرجى الاشارة الى نشرة “كنعان” الإلكترونية.
- يرجى ارسال كافة المراسلات والمقالات الى عنوان نشرة “كنعان” الإلكترونية: mail@kanaanonline.org