إردوغان وفلسطين والكيان الصهيوني .. زائد ناقص، حسني محلي

الحلقة الأولى

22 أكتوبر 2023

تركيا على الرغم من رفضها قرار التقسيم في الأمم المتحدة عام 1947، لم تتأخر في الاعتراف بالكيان الصهيوني بعد أشهر عدة من الإعلان عنه في أيار/مايو 1948.

تشهد علاقات أنقرة مع “تل أبيب” سلسلة من التناقضات التي تحظى باهتمام الجميع في الداخل والخارج، وقد فشلوا في إيجاد تفسير منطقي لها، إذ إنها لم تنتهِ وفق المعطيات الإقليمية والدولية التي نجح إردوغان في استغلالها خدمة لحساباته ومخططاته مع استمرار الفشل العربي في مواجهة هذه المعطيات بسبب تواطؤ البعض من الأنظمة العربية.

وللاطلاع على هذه التناقضات، علينا أن نذكّر بمرحلة ما قبل إردوغان، ولكن من دون العودة إلى تاريخ العلاقات بين الدولة العثمانية واليهود الذين منحهم السلطان سليمان القانوني أول قطعة أرض قرب طبريا عام 1553؛ لأن والدته كانت يهودية، وكذلك زوجته. 

فتركيا على الرغم من رفضها قرار التقسيم في الأمم المتحدة عام 1947، لم تتأخر في الاعتراف بالكيان الصهيوني بعد أشهر عدة من الإعلان عنه في أيار/مايو 1948. وجاء ذلك كنتاج للتوجه التركي صوب أميركا بعد زيارة المدمرة الأميركية مسيوري إلى إسطنبول في نيسان/أبريل 1946 أي بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية.

وجاء فوز الحزب الديمقراطي بزعامة الثنائي عدنان مندرس / جلال بايار في انتخابات أيار/ مايو 1950 ليدفع أنقرة إلى مزيد من التقارب، وبالتالي التحالف مع واشنطن التي فتحت أبواب الحلف الأطلسي لتركيا عام 1952، بعد أن أثبتت تركيا ولاءها لأميركا بإرسال جيشها إلى كوريا للقتال جنباً إلى جنب مع الجيش الأميركي. وفتحت أنقرة بعد ذلك أراضيها للقواعد الأميركية والأطلسية، ووصل عددها في أواخر الخمسينيات إلى أكثر من مئة قاعدة، كما كانت تركيا من بين مؤسسي حلف بغداد مع العراق وإيران وبريطانيا عام 1955.

ولعبت تركيا آنذاك ومعها الحلف دوراً مهماً في مواجهة المدّ القومي العربي الناصري، خاصة قبل قيام الجمهورية العربية المتحدة عام 1958 وبعده، فحشدت قواتها على الحدود مع سوريا، وسمحت باستخدام القواعد الأميركية خلال حرب السويس عام 1956.

وجاءت زيارة رئيس وزراء الكيان الصهيوني بن غوريون سراً إلى تركيا في آب/ أغسطس 1958 لتفتح صفحة جديدة في العلاقات السرية منها والعلنية بين “تل أبيب” وأنقرة، التي حرصت على استمرار هذه العلاقات حتى في حالات الفتور والتوتر بين الطرفين لأي سبب كان، ولطالما كانت علاقات تركيا ذات طابع “عدائي” مع الدول العربية لأي سبب كان، وبصرف النظر عمن يحكمها.

فعلى سبيل المثال، شهدت علاقات أنقرة مع الدول العربية مرحلة إيجابية في عهد حكومة الثاني بولنت اجويت / نجم الدين اربكان بعد 1974 و1977 حيث وافق أجويت على فتح مكتب رسمي لمنظمة التحرير الفلسطينية في أنقرة عام 1979بحضور ياسر عرفات.

وعلى سبيل المثال أيضاً: عندما اقترح الرئيس الراحل تورغوت أوزال أواخر الثمانينيات بعد أن أصبح رئيساً للحكومة بفضل الانقلاب العسكري المدعوم أميركياً (1980) مدّ أنابيب للمياه من تركيا إلى الدول العربية كان جلّ همّه إيصال هذه المياه إلى الكيان الصهيوني. وبدليل أنه عندما فشل المشروع بسبب الرفض السوري، اقترح أوزال نقل المياه التركية إلى ميناء حيفا بواسطة السفن الضخمة، وهو ما لم يوافق عليه حاخامات الكيان الصهيوني؛ بحجة أن المياه التركية ليست نقية؛ لأنها ليست من نهر الفرات المقدس بالنسبة لهم.

وجاءت المفاجأة الأهم في علاقات أنقرة مع “تل أبيب” عندما وقعت الحكومة التركية على اتفاق للتعاون العسكري مع الكيان الصهيوني عام 1995-1996، تحت ضغوط الجنرالات الذين أجبروا رئيس الوزراء نجم الدين اربكان ووزير خارجيته تانصو تشيلر على المصادقة على هذه الاتفاقية، التي شملت العديد من مجالات التنسيق والتعاون العسكري والاستخباري، بما في ذلك تحديث الطائرات والدبابات التركية في “إسرائيل”.

وماذا عن ما بعد استلام إردوغان للسلطة؟

بعد فوز “العدالة والتنمية” في انتخابات تشرين الثاني/نوفمبر 2002 حيث حصل على 34٪؜ من الأصوات، وسيطر على 66٪؜ من مقاعد البرلمان بفضل قانون الانتخابات، كانت دمشق المحطة الأولى في انفتاح رئيس الوزراء عبد الله غول على المنطقة العربية التي زارها في 5كانون الأول/ ديسمبر 2003 في إطار جولته في المنطقة لمنع الغزو الأميركي للعراق.

وفشل زعيم الحزب إردوغان الذي لم يكن رئيساً للحكومة بسبب الحظر المفروض عليه من ممارسة العمل السياسي، في إقناع البرلمان بالموافقة على نشر القوات الأميركية في تركيا قبل هذا الغزو، وهو ما أغضبه جداً إذ أجبر البرلمان بعد أن أصبح رئيساً للحكومة في 9 آذار/مارس 2003 للموافقة على فتح المجال الجوي التركي أمام الطائرات والصواريخ الأميركية التي انطلقت من الأبيض المتوسط في اتجاه العراق.

وبعد ذلك، يمكن لنا أن نلخص سياسات المد والجزر في مواقف إردوغان تجاه الكيان الصهيوني في النقاط الآتية، من دون الدخول في تفاصيلها، تاركين للقارئ التقييم والحكم على مقولات إردوغان ومواقفه وسياساته طوال 21 عاماً من حكمه لتركيا.

• بعد أن أصبح رئيساً للوزراء، قام إردوغان بأول زيارة خارجية له إلى السعودية، ليوازن بذلك ما قام به عبد الله غول الذي قام بأولى زياراته العربية إلى سوريا بداية 2003.

• بعد أن فاز حزب “العدالة والتنمية” في انتخابات تشرين الثاني/ نوفمبر 2002 ، توجه إردوغان فوراً إلى واشنطن في 10 كانون الأول/ديسمبر، ولم يكن آنذاك رئيساً للحكومة، والتقى الرئيس بوش وقيادات اللوبي اليهودي في أميركا، واتفق وإياهم على تطوير العلاقات في جميع المجالات وعلى جميع المستويات مع واشنطن و”تل أبيب”.

• في كانون الثاني/يناير 2004، منحت اللجنة اليهودية الأميركية   (AJC)إردوغان “وسام الشجاعة السياسية” لمواقفه المتضامنة مع “إسرائيل”، وهو الوسام الذي يمنح لأول مرة لزعيم دولة مسلمة.

• في الأول من أيار/مايو 2005، زار إردوغان “إسرائيل” واستقبله شارون في القدس، وقال له “أهلاً بك في عاصمة إسرائيل الأبدية والتاريخية والدينية”، ومن دون أن يعترض إردوغان على ذلك.

• في حزيران/يونيو 2005، منحت منظمة مناهضة المعادين لليهود ADL إردوغان وساماً جديداً لدور الأتراك دائماً في التعاطف والتضامن مع اليهود.

• في إطار علاقاته الوطيدة مع سوريا، بدأ إردوغان وبتوصية من مستشاره أحمد داود أوغلو حواراً مباشراً مع حماس، وهو ما أزعج “تل أبيب”، على الرغم من علاقاته الوطيدة مع الدوحة، حليفة إردوغان وحماس، هذا بالطبع إن لم يكن الجميع يمثل في مسرحية المضحك المبكي الشرق أوسطية.

• جاءت زيارة رئيس المكتب السياسي لحماس خالد مشعل إلى أنقرة في 15 شباط /فبراير 2016 لتفتح صفحة جديدة في الدور التركي في القضية الفلسطينية عندما طلب الأتراك من مشعل التخلي عن النضال المسلح (هذا ما قاله مشعل لي آنذاك).

وبعد أن تهرب إردوغان من لقاء مشعل بسبب ردود الفعل الإسرائيلية والأميركية والأوروبية ما دفع وزير الخارجية عبد الله غول إلى الاجتماع به في مقر الحزب وليس في مكتبه بوزارة الخارجية، ليكون داود أوغلو، وكان مستشاراً للحكومة، هو الوحيد الذي التقى مشعل بعيداً من الكاميرات.

وكانت هذه الزيارة بداية الحوار والتعاون بين أنقرة وقيادات حماس “الإخوانية” التي حظيت باهتمام إردوغان وداود أوغلو وغول، ليكون ذلك ورقة مهمة تساعدهم لموازنة الدور الإيراني في المنطقة عبر القضية الفلسطينية.

الحلقة الثانية

26 تشرين الأول 2023

وضع إردوغان النقاط على الحروف في حربه النفسية مع الكيان الصهيوني، إذ وصف “إسرائيل بأنها تتصرَّف كتنظيم إرهابي يقوم بعمليات قتل وإجرام وإبادة جماعية”، بعدما اعتبر حماس “حركة تحررية جهادية”.

في صيف 2008، وعندما كانت علاقات إردوغان بالرئيس الأسد وطيدة جداً، قرر الوساطة بين “تل أبيب” ودمشق، ودعا وفدي البلدين إلى إسطنبول، وجرت بينهما مباحثات غير مباشرة نتج منها اتفاق سلام شامل، إلا أن رئيس الوزراء الإسرائيلي أولمرت غدر بإردوغان بعد 3 أيام من اتفاقه معه في 24 كانون الأول/أكتوبر 2008، فشنّ هجومه الغادر على غزة بعد 3 أيام.

كان هذا الهجوم والمواقف الإسرائيلية العدوانية والهمجية ضد الشعب الفلسطيني سبباً لفتور، ثم توتر جديد، بين أنقرة و”تل أبيب” مع استمرار التصعيد والعدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني في غزة والضفة، وهو ما دفع إردوغان إلى مواجهة كلامية عنيفة مع الرئيس الإسرائيلي بيريز في دافوس في 29 كانون الثاني/يناير 2009، عندما قال له: “إنكم تتقنون قتل الأطفال جيداً”، مع التذكير بأن إردوغان هو الذي استضاف بيريز في أنقرة وسمح له بأن يخطب في البرلمان التركي في 13 تشرين الثاني/نوفمبر 2007، وهو ما حدث لأول مرة في دولة إسلامية.

وكان العدوان الهمجي على غزة بداية التوتر في العلاقات بين البلدين بعد سحب السفراء من الطرفين، ليكون العدوان الإسرائيلي على سفينة الإغاثة مرمرة خلال مسيرها إلى غزة نهاية أيار/مايو 2010 ومقتل 10 مواطنين أتراك على متنها العنصر الأكثر تأثيراً في العلاقات بين الطرفين، التي شهدت مراحل مثيرة ومتناقضة بعد هذا التاريخ.

ومن هذه التناقضات أنَّ تركيا لم تستخدم حق الفيتو ضد انضمام “إسرائيل” إلى منظمة التنمية والتعاون OECD في 10 أيار/مايو، أي قبل العدوان على مرمرة بعشرين يوماً.

وجاء ما يسمى “الربيع العربي” ليجمد الفتور والتوتر في العلاقات بينهما بعدما أصبحت تركيا طرفاً أساسياً في سوريا؛ أكبر وأهم عدو بالنسبة إلى الكيان الصهيوني الذي كان يدعم الإرهابيين فيها ويشجعهم على القتال “ضد الرئيس السوري العلوي وحلفائه من حزب الله وإيران الشيعية”، وهو ما كان الرئيس إردوغان يردده في السنوات الأولى من الحرب. وقد دفعه ذلك مع قطر والسعودية إلى إقناع قيادات حماس بإغلاق مكاتبها ومخيماتها في سوريا ومغادرتها، ثم القتال مع المسلحين ضد الجيش السوري.

وربما لهذا السبب لم تستخدم تركيا مرة أخرى حق الفيتو ضد انضمام “إسرائيل” إلى الحلف الأطلسي بصفة مراقب في أيار/مايو 2016، أي في ذروة الأحداث الدموية في سوريا.

ويفسر ذلك المباحثات السرية بين “تل أبيب” وأنقرة، إذ اتفق الطرفان على إغلاق ملف سفينة مرمرة بعدما تبرعت “إسرائيل” بمبلغ 20 مليون دولار لضحاياها، على أن تلغى كل الدعاوى القضائية المرفوعة ضد “الجيش” الإسرائيلي في المحاكم التركية والدولية.

وكان هذا الاتفاق بداية الحوار الساخن بين الطرفين، على الرغم من الهجمات العنيفة التي كان الرئيس إردوغان يشنها بين الحين والحين ضد “تل أبيب”، ونتنياهو بالذات، الذي قال عنه أكثر من مرة إنه “مجرم وقاتل وإرهابي”.

اكتسبت هذه الهجمات الكلامية طابعاً عنيفاً مع اعتراف الرئيس ترامب بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني في كانون الأول/ديسمبر 2017، إذ هدد إردوغان وتوعد “تل أبيب” وواشنطن، ولكنه لم يستطع أن يفعل شيئاً بعدما فشل في جمع زعماء الدول العربية والإسلامية في قمتين متتاليتين دعا إليهما آنذاك بصفته رئيس منظمة التعاون الإسلامي.

قد يكون هذا الفشل من أهم الأسباب التي دفعت إردوغان إلى العودة إلى الحوار مع “تل أبيب”، وعبر منظمات اللوبي اليهودي في أميركا، وخصوصاً بعد سقوط حكومة نتنياهو وتشكيل حكومة جديدة برئاسة بانيت ولابيد. 

واعتبر إردوغان زيارة نتنياهو لسلطنة عمان، ثم التوقيع على ما يسمى بالاتفاقيات “الإبراهيمية| بين كل من الإمارات والبحرين والمغرب والسودان والكيان الصهيوني، ذريعته للمصالحة مع “تل أبيب”، فالتقى العام الماضي رئيس الوزراء لابيد في نيويورك على هامش أعمال الجمعية بعد سلسلة من الزيارات المتبادلة على مستوى الوزراء، وأثمرت بالزيارة التي قام بها الرئيس إسحاق هرتسوغ إلى أنقرة في 9 آذار/مارس العام الماضي.

وكان من المتوقع لنتنياهو أن يزور أنقرة في 27 آب/أغسطس الماضي، إلا أنه قام بتأجيلها بسبب دعوة إردوغان كلاً من إسماعيل هنية ومحمود عباس للقائه في إسطنبول قبل زيارة نتنياهو بيومين.

لم يمنع هذا الإلغاء كلاً من إردوغان ونتنياهو من اللقاء (20 أيلول/سبتمبر الماضي) في نيويورك على هامش أعمال الجمعية العامة، وفي أجواء ودية ساخنة، إذ كانا يرتديان القميص الأزرق نفسه وربطة العنق الحمراء، وهو ما اعتبره نتنياهو “رمزاً للمصالح المشتركة المتينة في العلاقات بين البلدين”. وقد بحث تفاصيلها إردوغان بعد يوم مع قيادات المنظمات اليهودية في أميركا وفي جلسة مغلقة شارك فيها أكثر من 50 قيادياً من هذه القيادات.

وجاءت العمليات الأخيرة في السابع من الشهر الجاري لتعيد علاقات أنقرة بـ”تل أبيب” إلى نقطة الصفر من التناقضات بعدما تهرب إردوغان في البداية من استهداف “تل أبيب” في انتقاداته التي زاد من شدتها مع التصعيد الصهيوني، وهو ما اعتبره نوعاً من أنواع إرهاب الدولة، وهو ما قالته ابنته سمية وزوجها سلجوك بيرقدار الذي يملك مصنع المسيرات التركية. 

وقد تعرض بيرقدار بدوره لهجوم عنيف من المعارضة التي اتهمته بالتناقض حاله حال إردوغان، لأن سلجوق كان قد زار الشهر الماضي حاملة الطائرات الأميركية “جيرالد فورد” عندما كانت في ميناء أنطاليا، والتقط العديد من الصور مع قائد السفينة التي هاجمها إردوغان بشدة، إذ قال: “لماذا جاءت هذه السفينة إلى قبالة الساحل الفلسطيني الإسرائيلي؟ وما الذي تسعى إليه واشنطن في المنطقة؟”، ناسياً أنها كانت في تركيا.

تناقضات إردوغان كثيرة في مجمل علاقاته الخارجية، كما هي الحال مع حكام مصر والامارات والسعودية وعدد من زعماء الغرب، بمن فيهم ترامب وبايدن وميركل وماكرون وغيرهم، إذ هددهم إردوغان جميعاً وتوعّدهم، ثم عاد وتوسل إليهم كي يصالحوه، كما هي الحال مع نتنياهو، ولا يدري أحد كيف سيكون رده على موقف إردوغان العنيف ضد العدوان الصهيوني على قطاع غزة والشعب الفلسطيني عموماً، إذ أعلن الحداد الرسمي لمدة 3 أيام، وهو ما لا تفعله تركيا إلا في حالات نادرة، ومنها وفاة العاهل السعودي عبد الله.

وكان موقف إردوغان هذا كافياً لتأجيج رد الفعل والعداء التقليدي التركي لليهود (بالنسبة إلى الإسلاميين) والكيان الصهيوني الذي كان قد اشترط على إردوغان قطع علاقاته بحماس وإغلاق مكاتبها في تركيا كشرط أساسي للمصالحة مع الرئيس إردوغان.

ويبدو أن “تل أبيب” لن تثق به بعد الآن بسهولة، مع التذكير بأن الزعيم الإسلامي الراحل نجم الدين أربكان قال عنها إنها، ومعها أميركا، تقف وراء تأسيس حزب العدالة والتنمية، وإلا لما قال أربكان أكثر من مرة إن “من يصوت لإردوغان، إنما يصوت لأميركا وإسرائيل والصهيونية العالمية”.

العلاقات الاقتصادية والتجارية (يقال إن السفن التي يملكها نجل إردوغان ورئيس الوزراء السابق بن علي يلدرم هي التي تنقل البضائع التركية إلى حيفا) بين “تل أبيب” وأنقرة لم تتأثر أبداً بسير العلاقات بين الطرفين، سلباً كان أو إيجاباً، وحققت أرقاماً قياسية استفاد منها الكيان الصهيوني دائماً، كما استفاد، وما زال، من قاعدة مالاطيا الأميركية/الأطلسية التي أقيمت شرق البلاد بداية 2012، ومهمتها التجسس على التحركات العسكرية الإيرانية ورصد الصواريخ الإيرانية التي قد تستهدف الكيان الصهيوني كي يتسنى لـ”تل أبيب” التصدي لها قبل وصولها إلى أهدافها الاستراتيجية التي تحميها القواعد الأميركية في الدول العربية أيضاً، وحكامها متواطئون مع الكيان الصهيوني.

وقال رئيس إدارة المخابرات السابق في رئاسة الأركان التركية إسماعيل حقي باكين إن رادارات قاعدة مالاطيا هي التي رصدت الصواريخ التي انطلقت من اليمن باتجاه الكيان الصهيوني وأسقطتها الدفاعات الجوية الأميركية.

وجاء خطاب الرئيس إردوغان العنيف في اجتماع الكتلة البرلمانية لحزبه ليذكر الجميع بمقولاته السابقة التي استهدف فيها الكيان الصهيوني وحكامها بأعنف وأشد العبارات التي اعتبرته وحكامه شلة من الإرهابيين، وهو ما كرره إردوغان في خطابه الأخير، الذي جاء بعدما كذب المتحدث باسم القصر الرئاسي المعلومات التي تحدثت عن طرد إسماعيل هنية وبعض قيادات حماس من تركيا.

ووضع إردوغان النقاط على الحروف في حربه النفسية مع الكيان الصهيوني، إذ وصف “إسرائيل بأنها تتصرف كتنظيم إرهابي يقوم بعمليات قتل وإجرام وإبادة جماعية”، بعدما اعتبر حماس “حركة تحررية جهادية تناضل من أجل تحرير أراضيها وشعبها”.

وجاء كل ذلك بعد المواقف الشنيعة لمعظم الأنظمة العربية مع تزايد حجم التضامن الشعبي الكبير مع الفلسطينيين في تركيا. وقد دفع ذلك إردوغان إلى الدعوة إلى تظاهرة كبيرة يوم السبت. ومن المتوقع أن يشارك في هذه التظاهرة مئات الآلاف من المواطنيين الأتراك. وتقول المعارضة إن إردوغان لا يريد لها أن تشارك في فعاليات الذكرى المئوية لقيام الجمهورية التركية العلمانية، التي كان من المقرر أن تكون يومي السبت والأحد المقبلين.

::::::

“الميادين”

_________

ملاحظة من “كنعان”: “كنعان” غير مسؤولة عن الآراء الواردة في المقالات، بل هي تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم … تابع القراءة ….