نشرة “كنعان”، 2 نوفمبر 2023

السنة الثالثة والعشرون – العدد 6662

في هذا العدد:

المقارنة المحرَّمة بينما التاريخ طازج! د. عادل سماره

  • حتمية حرب الشعب ضد الأنظمة
  • تجاوزوا الصغائر

ثلاثون سببا للتحرر من كامب ديفيد، محمد سيف الدولة

إردوغان وفلسطين والكيان الصهيوني .. زائد ناقص، حسني محلي

✺ ✺ ✺

المقارنة المحرَّمة بينما التاريخ طازج!

  • حتمية حرب الشعب ضد الأنظمة
  • تجاوزوا الصغائر

 د. عادل سماره

1) المقارنة المحرمة

إلى جانب زلزال الاقتحام غير المسبوق، يكاد من المستحيل أن ترفع عينك عن مذبحة غزة لتفكر خارجها في مطلق شيء! ألمٌ وقلق لا يشبع ولا يتزحزح. حُنُق حيناً ووجوب ضبط الأعصاب لقراءة أدق حيناً آخر، وبين هذا وذاك يتأكد اختلاط الرؤية لضبابية المشهد باستثناء بقعة الوضوح: وضوح الدم وحتى هذا مختلط فهل هو فلسطيني فقط أم عربي!

ولكن، على ضخامة عدد الشهداء والجرحى هل نسينا الضحايا العرب بالملايين! ألم نعتد! بلى. ولكن لا تقليل من كبرياء الشهداء، ولكن الحرب هي الحرب.

وتسأل نفسك: هل هذه المذبحة هي الأولى؟ أم هي تفاقم لما بُني على  ما سبقها ومن نوعها دون أن يلتقطها وعينا؟

قد يبدو السؤال خارج المنطق الجاري والسائد.

لكن هذ المرة: لا كبيرة.

لم يكن اغتصاب فلسطين لأجل فلسطين وحدها أبداً، ولكن كان دوماً استخدام هذا الاغتصاب لتغطية المشروع العدواني التاريخي الذي هو: لا عروبة بعد، وإلاَّ لا ثروات تتدفق إلى الغرب.

كتبنا كثيرا عن الاستهداف الغربي لوطننا منذ ثلاثة قرون. فماذا عن دور الأنظمة العربية في هذا؟ لن نعود عميقا في الزمن. كان ولا يزال المشروع: تفكيك وتشتيت وإهلاك العروبة.

مثلاً: ألم تكن مذبحة ايلول 1970:

·       تعبيداً لمسار الدفاع عن الكيان

·       ولجم الشارع العربي

·       وتكريس قبول الأنظمة بهذا.

لم يتحرك للدفاع حينها سوى يسار البعث السوري، أما بعث العراق فلم يفعل شيئاً!  والنتيجة أن الثورة المضادة قد أرست مدماكاً في مشروعها الاجتثاثي للعروبة.

كانت حرب تشرين 1973 مثابة استرجاع لعزيمة الجيوش العربية في سوريا ومصر وحتى الجزائر والعراق ودخول المحتل 1967 واستعادة جزء منه. ولكن ما لبث النظام الساداتي المصري حتى فتك بهذا التماسك وأخرج مصر من الصراع وهذا كان مدماكاً آخر في تفكيك العروبة. وبدل تحديد أن السبب هو تبعية البرجوازية المصرية كان التفسير المهزوم “عبقرية كيسنجر”!.

  أرسى هذا النظام بإملاء أمريكي: أن كل قطر عربي يحل مشاكله بمفرده! وهذا تضمّن اجتثاث ان فلسطين هي القضية المركزية للعرب ومن حينها بدأ رهن وإلقاء القضية على الفلسطينيين وحدهم لإخراجها من الوجدان الشعبي طالما الواقع الرسمي قد غادرها وغاب وإلى زمن تبلور الدولة المركزية.

خطورة هذا في تكريس تصوُّر وتثقيف بذلك التصور بأن كل قطر عربي اصبح “رسميا” على الأقل يرى انه جار لآخر فقط بحكم الصدفة الجغرافية. وبالتالي لا يعنيه سوى مشاكله الداخلية والتي كان ولا يزال يجري توليدها بمتوالية هندسية.

تبع هذا تطبيق جديد لمذابح ايلول بالغزو الصهيوني للبنان 1982، حيث طبَّقت الأنظمة درساً بأنَّ الجوار الجغرافي هو بالصدفة ولم يُسارع في الدفاع حينها سوى الجيش العربي السوري الذي كان اساساً في لبنان. وهذا الإحجام الرسمي العربي عن الدفاع عن عاصمة عربية أرسى مدماكاً آخر في اجتثاث شأفة العروبة.

ثم كانت العشرية السوداء في الجزائر والتي تضمنت ما هو أخطر حيث كانت الحرب على الجزائر ثلاثية:

·       قوى الدين السياسي الإرهابية

·       التخطيط الإمبريالي والصهيوني

·       ومشاركة أنظمة عربية في الدعم والتمويل، أنظر كتابنا

,2023 Arab’s Regime Arab’s Enemy, p.p. 89-97

 حيث اتضح دور الكيان في الإرهاب ضد الجزائر وشرط وقفها الاعتراف بالكيان.

أهمية بل خطورة هذا المدماك الضد عروبة في الإعلان الأول عن التحالف الثلاثي ضد العروبة اي الإمبريالية والصهيونية والأنظمة الصهيونية العربية وحليفتها قوى الدين السياسي.

ثم كان المدماك الأشد خطورة عدوان عام 1991  ضد العراق ليس لأنه ثلاثيني بل لأن معظم الأنظمة العربية والإسلامية شاركت علانية في ذلك العدوان وشارك معها مثقفون كُثر. صحيح أن الشارع العربي تحرك إلى حد ما لصالح العراق، ولكن ذلك لم يصل حد التصدي والصد ولم يتألم أحد على ربما مليون شهيد عراقي! ومضى الأمر كأن حافلة ركاب سقطت في وادي! ولم يحاسب أحد أحداً. وكما في سابقاتها لم نشاهد حتى دهشة لعدد الضحايا!

لكن المدماك الخطير هنا لم يكن فقط في تدمير العراق بل في وصول ثلاثي الثورة المضادة مرحلة العلنية بلا مواربة عام 2003 وخاصة استخدام بل قيام نظام عربي بالعدوان ضد آخر خدمة للإمبريالية ونيابة عنها وهذه كانت الضربة الكبرى للعروبة بالمعنى القومي.

قد يعترض البعض بأن العراق هو الذي أرسى هذا بدخوله الكويت. لهذا نقاش آخر، لكن الخلل كان في التوقيت العراقي وليس في المبدأ كون الكويت جزء من العراق، وها هي سلطة الكويت اليوم تستأسد على سلطة بريمر في العراق في رسم الحدود بينهما والتهام أراض عراقية!

كان احتلال العراق 2003 مثابة دق جرس الخطر حيث أدرك الذين وقفوا ضد العراق 1991 بأن العدو الثلاثي لن يتوقف عند سقوط بغداد ودماء العراقيين بل اجتثاث قطر عربي مركزي وأيضاً مشاركة عربا رسميين ومسلمين في إهلاك العراق. ومع ذلك لم يكن تألُّماً لدم مليون عراقي آخرين! ولم تحصل صدمة الوعي الكافية وكأن ما نتج عن ذلك هو تكريس مشروع الثورة المضادة بقتل العرب بالعرب والمسلمين.

هذا إلى أن كان “الربيع/الخريفي العربي” الذي أكد أن الثورة المضادة هي تحت الجلد، لذا ما أن حصلت بدايات الاحتجاج الشعبي الإصلاحي حتى امتطته الثورة المضادة لتتحرك بتسونامي إتضح أنه كان جاهزا في ما نسميه الاستشراق الإرهابي أي تخطيط إستراتيجي إمبريالي صهيوني وتمويل وتحشيد أنظمة الصهيونية العربية وتنفيذ قوى الدين السياسي العربية والإسلامية.

وكانت دماء أكثر من مليون بين عراقي وسوري وليبي ويمني، وتدمير حواضر عربية ومحاولة اجتثاث جيوش جمهورية عربية، ومرة أخرى، كأن الدماء لم تسيل!

وهنا يبرز السؤال عن المقارنة المحرمة:

لماذا وكيف قُضي على هذه الأعداد الهائلة في هذه البلدان، وشاركت في ذلك أنظمة عربية علانية ومع ذلك لم يتم يرى معظمنا أنهار الدم وعلى حراب إرهابيين عرباً ومسلمين ولم نشهد حراكاً شعبياً عربيا بحجم وهول المذبحة.

هل هذا ما اسَّس لمذبحة غزة دون تحرك رسمي عربي، بل بمشاركة بعضه، هذا وإن كان ولا يزال تحرك شعبي مظاهراتي جيد وواسع لكنه ضمن نطاق التضامن!؟

نقول نعم، لم يكن الحراك الشعبي كما حجم المذبحة في غزة لا سيما وأن الذبح في غزة يُطلق على الهواء وبتفصيل مميت!

نعم كان الجانب الإيجابي غير المتوقع من معظم القوى حتى التقدمية وهو الانفجار الشعبي العربي ضد العدوان وهو معنويا ووجدانيا ضد الأنظمة لكن ينقصه التفعيل القووي او النووي الشعبي.

فقط عدد محدود هم العروبيون الذين كانوا يصرخون في وادي لا ينقل الصدى والصوت بأن العمق العروبي والمشروع العربي ممكنين.

2) سيناريوهات اللحظة وسيناريو الما بعد

حتى اللحظة، غزة صامدة، وبالتالي الساعات بانتظار:

·       هل ستطلب المشاركة في القتال؟

·       هل سيحصل؟

·       هل سيوسع العدو عدوانه؟

·       هل ستلجم امريكا والغرب شبق الكيان للدم لأنه لا يشبع؟

·       هل سيكتفي بالقتل والقضم التدريجي كي لا تحصل حرب موسعة؟

تحدث كثيرون عن السيناريوهات، ولكن بما أن العدوان ثلاثي: الغرب والكيان والصهيونية العربية، فإن لكل طرف في مجريات العدوان دوره كما له دور في العدوان:

كتبتُ تغريدة في الأسبوع الأول للعدوان بأنه: ليس من مصلحة امريكا فلتان العدو كما يريد أخذاً بالاعتبار أن امريكا هنا اساساً لمصالحها والكيان جزء وليس كل مصالحها حتى حينما كان قاعدة فكيف وقد اصبح محمية! وامريكا والغرب يعلمون بأن استمرار المذبحة يزيد عزلة الأنظمة العربية ويُراكم الحراك الشعبي والذي سيصل يوماً إلى الحسم. وبالتالي سيكون الغرب ومصالحه في مواجهة مباشرة مع كامل العروبة. وهذا لا شك يدركه استراتيجيو أمريكا حتى بمعزل عن تورط كل الغرب في أكثر من حرب وخاصة مع روسيا والتحضير ضد الصين.

هذه الاعتبارات قد تدفع الغرب والصهيونية العربية للقول للكيان: هناك مسافة هائلة بين شبقكم للدم وبين رد الاعتبار النسبي الذي حصلتم عليه عسكريا وخاصة مدنيا، فلنفتح باب التهدئة والتفاوض.

ليس هذا بالمؤكد ولكنه الأقرب كما يبدو. وهذا إن حصل يحفظ للتاريخ قدرة المقاتل الفلسطيني العربي الهائلة والشكر لكل من ساعد وموَّل وسلَّح. ولكن اياً كانت السيناريوهات فإن هذه الجولة سوف تنتهي يوماً ما، ولذا يبقى التساؤل: ما العمل في مواجهة الثلاثي للثلاثي؟

فالحرب مع ثلاثي الإمبريالية والكيان والصهيونية هي دائمة، فماذا عاملٌ هو ثلاثي: ال.م.ق.ا.و.م.ة والجيش والشعب العربي ؟

كيف يجب تطوير الحراك الشعبي العربي لرتق الفجوة الهائلة التي حُفرت بين القضية المركزية والدولة المركزية؟ أو هزيمة هذه الأنظمة بلا مواربة، وهذا إن حصل سيوسع الفجوة بين الشارع الأممي والأنظمة الرسمية المعادية؟

ما حصل حتى الآن خطوة استراتيجية، لكنها تكشف بوضوح بأن دخول الشعب في المواجهة هو الحاسم، سواء بالمقاطعة واقتلاع مصالح الإمبريالية والكيان ووقف التطبيع، وتفكيك مفاصل السلطات الأمنية وصولا إلى العصيان المدني و/أو حرب المدن حتى إسقاط هذه الأنظمة.

إنه بالحتم تغيير النظام الرسمي بالنظام الشعبي العروبي وهذا يعني اقتلاع الوجود والمصالح الإمبريالية في هذا الوطن، وحينها وعلى ضوء تحرير الأرض والثروات وعلى ضوء أن العالم مصالح اقتصادية فهي تحكم وتحسم بمعنى أن سلاح تحرير الثروة وبراجماتية مختلف الأمم لمصالحها سوف تُحوِّل إجماع العالم الذي حصل ضدنا1948 أي:

·       الكتلة الشرقية

·       الغرب الإمبريالي

·       الاشتراكية الدولية

·       الرجعية العربية

ليصبح إلى جانبنا، خاصة وأن الفريق الرابع يكن قد إنتهى.

وحينها يصبح الصراع بوضوح ذي شقين:

الأول: مواصلة الكفاح ضد الإمبريالية والصهيونية

والثاني: وضع كل الأمم أمام خيارين إثنين: إما مصلحتكم معنا أو مع الكيان والغرب.

وحينها أيضاً، فإن مصالح الأمم تدفعها لصالحنا مما يعني أننا قد لا نحتاج النووي ولا غيره للتحرير، وسيهز كثيرون أكتافهم استسلاماً. ولهذا حديث آخر كتبناه بإيجاز عام 2010 في كتابنا “التطبيع يسري في دمك” ص ص 154-163.

3) الصغار والصغائر

في اللحظة ولاحقاً، هناك الكثير من الشوائب التي يثرثر بها من اعتادوا على التشكيك والتحشيد والفتنة والعصبية. فهم إما خُلقوا هكذا أو جرت تربيتهم هكذا كموظفين. فمتى يتم لجمهم:

ينقنق هؤلاء ب: شتم الجيوش العربية، شتم العروبة، نفي أن الفلسطينيين حملوا السلاح قبل الثورة الإيرانية، الزعم أن طائفة تقاتل وأخرى لا، خلط الشعب العربي بالأنظمة، عدم الفصل بين أنظمة جمهورية وطنية أي مصر الناصرية، سوريا، الجزائر، وبين أنظمة جمهورية تصهينت، نشر فيديوهات الفتنة والكراهية والشك بين العرب سنة ضد شيعة وشيعة ضد سُنة! وهي بالمئات حتى خلال هذه المذبحة! مشايخ يتعيشون على هذه السموم. إدانة ذي العمامة أنه لم يدخل كليا الحرب، والتشكيك في المحور بأنه يناور على الهامش، دون أن يفهم هؤلاء بأن كل طرف مشكور بما ساهم وضمن قدراته والحاجة إليها.

هذا ناهيك عن التورط في ما يكرره الإعلام الغربي بأن الحرب ضد حماس، أو حرباً إسلامية، و قيام كل فصيل بالتركيز على دوره وإهمال تضحيات غيره الحالية فما بالك التي امتدت على مدار عشرات السنين.

وهنا أقول لهؤلاء: هل شاهدتم لدى الكيان أية كلمة غير “جيش الدفاع الإسرائيلي”!

هل شاهدتم بيانات خاصة لكل من التالية:

كتائب الليكود، كتائب حزب العمل، كتائب المفدال، كتائب كاخ، كتائب راكاح، كتائب المستوطنين الروس، المغاربة، الأمريكيين …الخ.

ألا ترتقون عن الصغائر!

فالزمن، نعم الزمن وليس الوقت مبكراً على الانتخابات لأن الصراع مديد.

✺ ✺ ✺

ثلاثون سببا للتحرر من كامب ديفيد

محمد سيف الدولة


Seif_eldawla@hotmail.com

1)   ادى انسحاب مصر من الصراع الى حدوث اختلال هائل فى ميزان القوى، والى تحول (اسرائيل) الى قوى اقليمية عظمى تعربد فى المنطقة كما تشاء بدون ردع أو حساب فتعتدى على لبنان وسوريا وتونس والعراق والسودان وتبتلع الجولان وتستوطن ما تبقى من فلسطين، وتشن سلسلة من حروب الابادة والتهجير على الفلسطينيين وآخرها المذبحة الجارية الآن فى غزة.

2)   تجريد ثلثى سيناء من القوات والسلاح الا بإذن (اسرائيل)، مما يجعلها عارية تماما أمام اى عدوان اسرائيلى مستقبلى مماثل لعدوانى 1956 و1967، أو لتنفيذ المخطط الشيطانى لاسرائيل بتهجير الفلسطينيين قسريا الى سيناء.

2)   الانحياز الى الأمن القومى الاسرائيلى على حساب الأمن القومى المصرى.

3)   نشر قوات أمريكية وحليفة لاسرائيل فى سيناء لا تخضع للأمم المتحدة، تراقب القوات المصرية، ولا تملك مصر حق المطالبة بانسحابها.

4)   اختراق سيناء وانتشار اعمال التجسس والإرهاب والتهريب وكل انواع الجرائم فيها، بسبب غياب سيادة الدولة المصرية هناك.

5)   زرع الخوف من امريكا و(اسرائيل)، بحجة التهديد العسكرى الامريكى لمصر الوارد فى مذكرة التفاهم الامريكية الاسرائيلية الموقعة فى 25 مارس 1979، والذى يتخذ النظام منه ذريعة لعدم المطالبة بإلغاء او تعديل المعاهدة.

6)   احتكار امريكى لغالبية التسليح المصرى من خلال المعونة العسكرية الأمريكية لضمان التفوق الدائم للجيش الاسرائيلى.

7)   ضرب وتفكيك الاقتصاد الوطنى وتصفية القطاع العام بسبب دوره فى دعم المجهود الحربى قبل بعد حرب 1967، وتأسيس اقتصاد بديل وتابع.

8)   تم بأموال المعونة الاقتصادية الأمريكية تصنيع طبقة رأسمالية مصرية وكيلة وموالية للأمريكان ومطبعة مع (اسرائيل)، تستأثر اليوم بالثروة والسلطة والنفوذ. 

9)   أصبح الاعتراف باسرائيل والالتزام بكامب ديفيد والحفاظ على أمن (اسرائيل) شرط امريكى اسرائيلى اوروبى فى كل من يحكم مصر.

10)   حصار وحظر وطرد كل من يعادى (اسرائيل) أو يرفض المعاهدة او يناصر فلسطين من شرعية نظام كامب ديفيد.

11)    كما ألزمت المعاهدة مصر بتقديم كل من يحرض ضد (اسرائيل) الى المحاكمة.

12)    تزييف الوعى الشعبى وتضليل الراى العام، لتصبح (اسرائيل) هى الصديق وفلسطين هى العدو.

13)   دخلت أمريكا بمعونتها وخبرائها واستخباراتها وأجندتها إلي أعماق المجتمع المصري تراقبه وترصده وتحلله وتوجهه وتستقطب منه وتفرخ فيه مؤسسات خادمة لتفعيل مشروعها في مصر.

14)   أصبح للمعاهدة الأولوية على اتفاقيات الدفاع العربى المشترك الموقعة عام 1950، بموجب نص صريح فى المعاهدة،

15)  وتم تقييد حق مصر فى توقيع اى اتفاقيات مستقبلية مع اى دولة، تخالف أحكام المعاهدة.

16)  الاعتراف بشرعية دولة (اسرائيل) أدى الى التفريط فى ارض فلسطين التاريخية، فى أول سابقة عربية على مر التاريخ، وهو ما فتح الباب بعد ذلك لسيل من التنازلات العربية الرسمية.

18)  نصت المعاهدة على ضرورة قيام مصر بدمج (اسرائيل) فى المنطقة والترويج للسلام والتطبيع معها، والتحالف ضد كل من يرفضه والمشاركة فى حصار المقاومة الفلسطينية.

19)  تم إضعاف كبير للمقاطعة الدولية، بعد أن قامت 80 دولة بالاعتراف باسرائيل والتطبيع معها بعد توقيع المعاهدة مباشرة.

20)  أدى ضرب قضية العرب المركزية (فلسطين)، الى ضرب وحدة الصف العربى، وتفشى الانقسام والاقتتال الداخلى، وتحول منذئذ الصراع العربى الصهيونى الى صراعات عربية/عربية.

21)   أدى انسحاب مصر من مواجهة المشروع الامريكى فى المنطقة، الى نجاح وتعميق الهيمنة الأمريكية على الوطن العربى واحتلال العراق وتقسيم السودان، وتراجع الدور والمكانة المصرية فى المنطقة وانتقالها الى المحميات الأمريكية فى السعودية والخليج.

22)   ناهيك على أن المعاهدة باطلة دستوريا بسبب مخالفتها للمادة الاولى من الدستور التى تنص على أن الشعب المصري جزء من الأمة العربية يعمل على تكاملها ووحدتها.

23)   وبسبب مخالفتها للمادة الرابعة من الدستور التى تنص على ان السيادة للشعب وحده، بعد أن انتقصت القيود العسكرية المفروضة علينا فى الاتفاقية من السيادة المصرية على سيناء.

24)  وبسبب مخالفتها المادة الثانية من الدستور وأحكام الشريعة الاسلامية التى تحض على قتال كل من يعتدى على أوطاننا (ديارنا).

25)  وبسبب   تزوير الارادة الشعبية فى الاستفتاء الذى تم على المعاهدة فى ابريل 1979.

26)  والمعاهدة باطلة دوليا أيضا، وفقا لاتفاقية فيينا للمعاهدات، بسبب “إكراه” مصر على السلام مع (إسرائيل)، بعد أن تم احتلال أراضيها بالقوة بالمخالفة لميثاق الأمم المتحدة، وعدم تدخل مجلس الامن لإخراج القوات المعتدية، وما تلى ذلك من انضمام أمريكا الى اسرائيل فى حرب 1973.

27)  كما ان اعتراف مصر بدولة عدوانية عنصرية وطائفية كإسرائيل، فتح الباب أمام القوى الطائفية الانفصالية فى المنطقة، لتأسيس دويلاتها المماثلة للنموذج الصهيوني، ومثل دعما كبيرا لمشروعات التفتيت العربى.

28)   ضربت المعاهدة روح الانتماء الوطني لدى الشعب المصري، بعد أن تم ضرب كل ثوابته الوطنية والتاريخية والعقائدية.

29)  وتسببت فى الانشقاق الوطنى وضرب الوحدة الوطنية بين الشعب والسلطة الحاكمة، بعد ان تصالحت مع عدو الأمة، ففقدت شرعيتها الوطنية، وحكمت البلاد منذئذ بالقمع والردع.

30)   كان لعداء (اسرائيل) لثورة يناير دورا كبيرا فى إجهاض الثورة المصرية واحتواءها وإعادة إنتاج نظام مبارك، فكما صرح د. مصطفى الفقى عام 2010 بأن رئيس مصر يجب ان توافق عليه أمريكا وتقبل به (اسرائيل)، أو كما قال آفى ديخيتر وزير الأمن الداخلى الاسرائيلى الأسبق”بأن اسرائيل انسحبت من سيناء بضمانات أمريكية أن تعود اليها اذا تغير النظام فى مصر لغير صالح اسرائيل”.

*****

القاهرة فى 2 نوفمبر 2023

✺ ✺ ✺

إردوغان وفلسطين والكيان الصهيوني .. زائد ناقص

حسني محلي

الحلقة الأولى

22 أكتوبر 2023

تركيا على الرغم من رفضها قرار التقسيم في الأمم المتحدة عام 1947، لم تتأخر في الاعتراف بالكيان الصهيوني بعد أشهر عدة من الإعلان عنه في أيار/مايو 1948.

تشهد علاقات أنقرة مع “تل أبيب” سلسلة من التناقضات التي تحظى باهتمام الجميع في الداخل والخارج، وقد فشلوا في إيجاد تفسير منطقي لها، إذ إنها لم تنتهِ وفق المعطيات الإقليمية والدولية التي نجح إردوغان في استغلالها خدمة لحساباته ومخططاته مع استمرار الفشل العربي في مواجهة هذه المعطيات بسبب تواطؤ البعض من الأنظمة العربية.

وللاطلاع على هذه التناقضات، علينا أن نذكّر بمرحلة ما قبل إردوغان، ولكن من دون العودة إلى تاريخ العلاقات بين الدولة العثمانية واليهود الذين منحهم السلطان سليمان القانوني أول قطعة أرض قرب طبريا عام 1553؛ لأن والدته كانت يهودية، وكذلك زوجته. 

فتركيا على الرغم من رفضها قرار التقسيم في الأمم المتحدة عام 1947، لم تتأخر في الاعتراف بالكيان الصهيوني بعد أشهر عدة من الإعلان عنه في أيار/مايو 1948. وجاء ذلك كنتاج للتوجه التركي صوب أميركا بعد زيارة المدمرة الأميركية مسيوري إلى إسطنبول في نيسان/أبريل 1946 أي بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية.

وجاء فوز الحزب الديمقراطي بزعامة الثنائي عدنان مندرس / جلال بايار في انتخابات أيار/ مايو 1950 ليدفع أنقرة إلى مزيد من التقارب، وبالتالي التحالف مع واشنطن التي فتحت أبواب الحلف الأطلسي لتركيا عام 1952، بعد أن أثبتت تركيا ولاءها لأميركا بإرسال جيشها إلى كوريا للقتال جنباً إلى جنب مع الجيش الأميركي. وفتحت أنقرة بعد ذلك أراضيها للقواعد الأميركية والأطلسية، ووصل عددها في أواخر الخمسينيات إلى أكثر من مئة قاعدة، كما كانت تركيا من بين مؤسسي حلف بغداد مع العراق وإيران وبريطانيا عام 1955.

ولعبت تركيا آنذاك ومعها الحلف دوراً مهماً في مواجهة المدّ القومي العربي الناصري، خاصة قبل قيام الجمهورية العربية المتحدة عام 1958 وبعده، فحشدت قواتها على الحدود مع سوريا، وسمحت باستخدام القواعد الأميركية خلال حرب السويس عام 1956.

وجاءت زيارة رئيس وزراء الكيان الصهيوني بن غوريون سراً إلى تركيا في آب/ أغسطس 1958 لتفتح صفحة جديدة في العلاقات السرية منها والعلنية بين “تل أبيب” وأنقرة، التي حرصت على استمرار هذه العلاقات حتى في حالات الفتور والتوتر بين الطرفين لأي سبب كان، ولطالما كانت علاقات تركيا ذات طابع “عدائي” مع الدول العربية لأي سبب كان، وبصرف النظر عمن يحكمها.

فعلى سبيل المثال، شهدت علاقات أنقرة مع الدول العربية مرحلة إيجابية في عهد حكومة الثاني بولنت اجويت / نجم الدين اربكان بعد 1974 و1977 حيث وافق أجويت على فتح مكتب رسمي لمنظمة التحرير الفلسطينية في أنقرة عام 1979بحضور ياسر عرفات.

وعلى سبيل المثال أيضاً: عندما اقترح الرئيس الراحل تورغوت أوزال أواخر الثمانينيات بعد أن أصبح رئيساً للحكومة بفضل الانقلاب العسكري المدعوم أميركياً (1980) مدّ أنابيب للمياه من تركيا إلى الدول العربية كان جلّ همّه إيصال هذه المياه إلى الكيان الصهيوني. وبدليل أنه عندما فشل المشروع بسبب الرفض السوري، اقترح أوزال نقل المياه التركية إلى ميناء حيفا بواسطة السفن الضخمة، وهو ما لم يوافق عليه حاخامات الكيان الصهيوني؛ بحجة أن المياه التركية ليست نقية؛ لأنها ليست من نهر الفرات المقدس بالنسبة لهم.

وجاءت المفاجأة الأهم في علاقات أنقرة مع “تل أبيب” عندما وقعت الحكومة التركية على اتفاق للتعاون العسكري مع الكيان الصهيوني عام 1995-1996، تحت ضغوط الجنرالات الذين أجبروا رئيس الوزراء نجم الدين اربكان ووزير خارجيته تانصو تشيلر على المصادقة على هذه الاتفاقية، التي شملت العديد من مجالات التنسيق والتعاون العسكري والاستخباري، بما في ذلك تحديث الطائرات والدبابات التركية في “إسرائيل”.

وماذا عن ما بعد استلام إردوغان للسلطة؟

بعد فوز “العدالة والتنمية” في انتخابات تشرين الثاني/نوفمبر 2002 حيث حصل على 34٪؜ من الأصوات، وسيطر على 66٪؜ من مقاعد البرلمان بفضل قانون الانتخابات، كانت دمشق المحطة الأولى في انفتاح رئيس الوزراء عبد الله غول على المنطقة العربية التي زارها في 5كانون الأول/ ديسمبر 2003 في إطار جولته في المنطقة لمنع الغزو الأميركي للعراق.

وفشل زعيم الحزب إردوغان الذي لم يكن رئيساً للحكومة بسبب الحظر المفروض عليه من ممارسة العمل السياسي، في إقناع البرلمان بالموافقة على نشر القوات الأميركية في تركيا قبل هذا الغزو، وهو ما أغضبه جداً إذ أجبر البرلمان بعد أن أصبح رئيساً للحكومة في 9 آذار/مارس 2003 للموافقة على فتح المجال الجوي التركي أمام الطائرات والصواريخ الأميركية التي انطلقت من الأبيض المتوسط في اتجاه العراق.

وبعد ذلك، يمكن لنا أن نلخص سياسات المد والجزر في مواقف إردوغان تجاه الكيان الصهيوني في النقاط الآتية، من دون الدخول في تفاصيلها، تاركين للقارئ التقييم والحكم على مقولات إردوغان ومواقفه وسياساته طوال 21 عاماً من حكمه لتركيا.

• بعد أن أصبح رئيساً للوزراء، قام إردوغان بأول زيارة خارجية له إلى السعودية، ليوازن بذلك ما قام به عبد الله غول الذي قام بأولى زياراته العربية إلى سوريا بداية 2003.

• بعد أن فاز حزب “العدالة والتنمية” في انتخابات تشرين الثاني/ نوفمبر 2002 ، توجه إردوغان فوراً إلى واشنطن في 10 كانون الأول/ديسمبر، ولم يكن آنذاك رئيساً للحكومة، والتقى الرئيس بوش وقيادات اللوبي اليهودي في أميركا، واتفق وإياهم على تطوير العلاقات في جميع المجالات وعلى جميع المستويات مع واشنطن و”تل أبيب”.

• في كانون الثاني/يناير 2004، منحت اللجنة اليهودية الأميركية   (AJC)إردوغان “وسام الشجاعة السياسية” لمواقفه المتضامنة مع “إسرائيل”، وهو الوسام الذي يمنح لأول مرة لزعيم دولة مسلمة.

• في الأول من أيار/مايو 2005، زار إردوغان “إسرائيل” واستقبله شارون في القدس، وقال له “أهلاً بك في عاصمة إسرائيل الأبدية والتاريخية والدينية”، ومن دون أن يعترض إردوغان على ذلك.

• في حزيران/يونيو 2005، منحت منظمة مناهضة المعادين لليهود ADL إردوغان وساماً جديداً لدور الأتراك دائماً في التعاطف والتضامن مع اليهود.

• في إطار علاقاته الوطيدة مع سوريا، بدأ إردوغان وبتوصية من مستشاره أحمد داود أوغلو حواراً مباشراً مع حماس، وهو ما أزعج “تل أبيب”، على الرغم من علاقاته الوطيدة مع الدوحة، حليفة إردوغان وحماس، هذا بالطبع إن لم يكن الجميع يمثل في مسرحية المضحك المبكي الشرق أوسطية.

• جاءت زيارة رئيس المكتب السياسي لحماس خالد مشعل إلى أنقرة في 15 شباط /فبراير 2016 لتفتح صفحة جديدة في الدور التركي في القضية الفلسطينية عندما طلب الأتراك من مشعل التخلي عن النضال المسلح (هذا ما قاله مشعل لي آنذاك).

وبعد أن تهرب إردوغان من لقاء مشعل بسبب ردود الفعل الإسرائيلية والأميركية والأوروبية ما دفع وزير الخارجية عبد الله غول إلى الاجتماع به في مقر الحزب وليس في مكتبه بوزارة الخارجية، ليكون داود أوغلو، وكان مستشاراً للحكومة، هو الوحيد الذي التقى مشعل بعيداً من الكاميرات.

وكانت هذه الزيارة بداية الحوار والتعاون بين أنقرة وقيادات حماس “الإخوانية” التي حظيت باهتمام إردوغان وداود أوغلو وغول، ليكون ذلك ورقة مهمة تساعدهم لموازنة الدور الإيراني في المنطقة عبر القضية الفلسطينية.

الحلقة الثانية

26 تشرين الأول 2023

وضع إردوغان النقاط على الحروف في حربه النفسية مع الكيان الصهيوني، إذ وصف “إسرائيل بأنها تتصرَّف كتنظيم إرهابي يقوم بعمليات قتل وإجرام وإبادة جماعية”، بعدما اعتبر حماس “حركة تحررية جهادية”.

في صيف 2008، وعندما كانت علاقات إردوغان بالرئيس الأسد وطيدة جداً، قرر الوساطة بين “تل أبيب” ودمشق، ودعا وفدي البلدين إلى إسطنبول، وجرت بينهما مباحثات غير مباشرة نتج منها اتفاق سلام شامل، إلا أن رئيس الوزراء الإسرائيلي أولمرت غدر بإردوغان بعد 3 أيام من اتفاقه معه في 24 كانون الأول/أكتوبر 2008، فشنّ هجومه الغادر على غزة بعد 3 أيام.

كان هذا الهجوم والمواقف الإسرائيلية العدوانية والهمجية ضد الشعب الفلسطيني سبباً لفتور، ثم توتر جديد، بين أنقرة و”تل أبيب” مع استمرار التصعيد والعدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني في غزة والضفة، وهو ما دفع إردوغان إلى مواجهة كلامية عنيفة مع الرئيس الإسرائيلي بيريز في دافوس في 29 كانون الثاني/يناير 2009، عندما قال له: “إنكم تتقنون قتل الأطفال جيداً”، مع التذكير بأن إردوغان هو الذي استضاف بيريز في أنقرة وسمح له بأن يخطب في البرلمان التركي في 13 تشرين الثاني/نوفمبر 2007، وهو ما حدث لأول مرة في دولة إسلامية.

وكان العدوان الهمجي على غزة بداية التوتر في العلاقات بين البلدين بعد سحب السفراء من الطرفين، ليكون العدوان الإسرائيلي على سفينة الإغاثة مرمرة خلال مسيرها إلى غزة نهاية أيار/مايو 2010 ومقتل 10 مواطنين أتراك على متنها العنصر الأكثر تأثيراً في العلاقات بين الطرفين، التي شهدت مراحل مثيرة ومتناقضة بعد هذا التاريخ.

ومن هذه التناقضات أنَّ تركيا لم تستخدم حق الفيتو ضد انضمام “إسرائيل” إلى منظمة التنمية والتعاون OECD في 10 أيار/مايو، أي قبل العدوان على مرمرة بعشرين يوماً.

وجاء ما يسمى “الربيع العربي” ليجمد الفتور والتوتر في العلاقات بينهما بعدما أصبحت تركيا طرفاً أساسياً في سوريا؛ أكبر وأهم عدو بالنسبة إلى الكيان الصهيوني الذي كان يدعم الإرهابيين فيها ويشجعهم على القتال “ضد الرئيس السوري العلوي وحلفائه من حزب الله وإيران الشيعية”، وهو ما كان الرئيس إردوغان يردده في السنوات الأولى من الحرب. وقد دفعه ذلك مع قطر والسعودية إلى إقناع قيادات حماس بإغلاق مكاتبها ومخيماتها في سوريا ومغادرتها، ثم القتال مع المسلحين ضد الجيش السوري.

وربما لهذا السبب لم تستخدم تركيا مرة أخرى حق الفيتو ضد انضمام “إسرائيل” إلى الحلف الأطلسي بصفة مراقب في أيار/مايو 2016، أي في ذروة الأحداث الدموية في سوريا.

ويفسر ذلك المباحثات السرية بين “تل أبيب” وأنقرة، إذ اتفق الطرفان على إغلاق ملف سفينة مرمرة بعدما تبرعت “إسرائيل” بمبلغ 20 مليون دولار لضحاياها، على أن تلغى كل الدعاوى القضائية المرفوعة ضد “الجيش” الإسرائيلي في المحاكم التركية والدولية.

وكان هذا الاتفاق بداية الحوار الساخن بين الطرفين، على الرغم من الهجمات العنيفة التي كان الرئيس إردوغان يشنها بين الحين والحين ضد “تل أبيب”، ونتنياهو بالذات، الذي قال عنه أكثر من مرة إنه “مجرم وقاتل وإرهابي”.

اكتسبت هذه الهجمات الكلامية طابعاً عنيفاً مع اعتراف الرئيس ترامب بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني في كانون الأول/ديسمبر 2017، إذ هدد إردوغان وتوعد “تل أبيب” وواشنطن، ولكنه لم يستطع أن يفعل شيئاً بعدما فشل في جمع زعماء الدول العربية والإسلامية في قمتين متتاليتين دعا إليهما آنذاك بصفته رئيس منظمة التعاون الإسلامي.

قد يكون هذا الفشل من أهم الأسباب التي دفعت إردوغان إلى العودة إلى الحوار مع “تل أبيب”، وعبر منظمات اللوبي اليهودي في أميركا، وخصوصاً بعد سقوط حكومة نتنياهو وتشكيل حكومة جديدة برئاسة بانيت ولابيد. 

واعتبر إردوغان زيارة نتنياهو لسلطنة عمان، ثم التوقيع على ما يسمى بالاتفاقيات “الإبراهيمية| بين كل من الإمارات والبحرين والمغرب والسودان والكيان الصهيوني، ذريعته للمصالحة مع “تل أبيب”، فالتقى العام الماضي رئيس الوزراء لابيد في نيويورك على هامش أعمال الجمعية بعد سلسلة من الزيارات المتبادلة على مستوى الوزراء، وأثمرت بالزيارة التي قام بها الرئيس إسحاق هرتسوغ إلى أنقرة في 9 آذار/مارس العام الماضي.

وكان من المتوقع لنتنياهو أن يزور أنقرة في 27 آب/أغسطس الماضي، إلا أنه قام بتأجيلها بسبب دعوة إردوغان كلاً من إسماعيل هنية ومحمود عباس للقائه في إسطنبول قبل زيارة نتنياهو بيومين.

لم يمنع هذا الإلغاء كلاً من إردوغان ونتنياهو من اللقاء (20 أيلول/سبتمبر الماضي) في نيويورك على هامش أعمال الجمعية العامة، وفي أجواء ودية ساخنة، إذ كانا يرتديان القميص الأزرق نفسه وربطة العنق الحمراء، وهو ما اعتبره نتنياهو “رمزاً للمصالح المشتركة المتينة في العلاقات بين البلدين”. وقد بحث تفاصيلها إردوغان بعد يوم مع قيادات المنظمات اليهودية في أميركا وفي جلسة مغلقة شارك فيها أكثر من 50 قيادياً من هذه القيادات.

وجاءت العمليات الأخيرة في السابع من الشهر الجاري لتعيد علاقات أنقرة بـ”تل أبيب” إلى نقطة الصفر من التناقضات بعدما تهرب إردوغان في البداية من استهداف “تل أبيب” في انتقاداته التي زاد من شدتها مع التصعيد الصهيوني، وهو ما اعتبره نوعاً من أنواع إرهاب الدولة، وهو ما قالته ابنته سمية وزوجها سلجوك بيرقدار الذي يملك مصنع المسيرات التركية. 

وقد تعرض بيرقدار بدوره لهجوم عنيف من المعارضة التي اتهمته بالتناقض حاله حال إردوغان، لأن سلجوق كان قد زار الشهر الماضي حاملة الطائرات الأميركية “جيرالد فورد” عندما كانت في ميناء أنطاليا، والتقط العديد من الصور مع قائد السفينة التي هاجمها إردوغان بشدة، إذ قال: “لماذا جاءت هذه السفينة إلى قبالة الساحل الفلسطيني الإسرائيلي؟ وما الذي تسعى إليه واشنطن في المنطقة؟”، ناسياً أنها كانت في تركيا.

تناقضات إردوغان كثيرة في مجمل علاقاته الخارجية، كما هي الحال مع حكام مصر والامارات والسعودية وعدد من زعماء الغرب، بمن فيهم ترامب وبايدن وميركل وماكرون وغيرهم، إذ هددهم إردوغان جميعاً وتوعّدهم، ثم عاد وتوسل إليهم كي يصالحوه، كما هي الحال مع نتنياهو، ولا يدري أحد كيف سيكون رده على موقف إردوغان العنيف ضد العدوان الصهيوني على قطاع غزة والشعب الفلسطيني عموماً، إذ أعلن الحداد الرسمي لمدة 3 أيام، وهو ما لا تفعله تركيا إلا في حالات نادرة، ومنها وفاة العاهل السعودي عبد الله.

وكان موقف إردوغان هذا كافياً لتأجيج رد الفعل والعداء التقليدي التركي لليهود (بالنسبة إلى الإسلاميين) والكيان الصهيوني الذي كان قد اشترط على إردوغان قطع علاقاته بحماس وإغلاق مكاتبها في تركيا كشرط أساسي للمصالحة مع الرئيس إردوغان.

ويبدو أن “تل أبيب” لن تثق به بعد الآن بسهولة، مع التذكير بأن الزعيم الإسلامي الراحل نجم الدين أربكان قال عنها إنها، ومعها أميركا، تقف وراء تأسيس حزب العدالة والتنمية، وإلا لما قال أربكان أكثر من مرة إن “من يصوت لإردوغان، إنما يصوت لأميركا وإسرائيل والصهيونية العالمية”.

العلاقات الاقتصادية والتجارية (يقال إن السفن التي يملكها نجل إردوغان ورئيس الوزراء السابق بن علي يلدرم هي التي تنقل البضائع التركية إلى حيفا) بين “تل أبيب” وأنقرة لم تتأثر أبداً بسير العلاقات بين الطرفين، سلباً كان أو إيجاباً، وحققت أرقاماً قياسية استفاد منها الكيان الصهيوني دائماً، كما استفاد، وما زال، من قاعدة مالاطيا الأميركية/الأطلسية التي أقيمت شرق البلاد بداية 2012، ومهمتها التجسس على التحركات العسكرية الإيرانية ورصد الصواريخ الإيرانية التي قد تستهدف الكيان الصهيوني كي يتسنى لـ”تل أبيب” التصدي لها قبل وصولها إلى أهدافها الاستراتيجية التي تحميها القواعد الأميركية في الدول العربية أيضاً، وحكامها متواطئون مع الكيان الصهيوني.

وقال رئيس إدارة المخابرات السابق في رئاسة الأركان التركية إسماعيل حقي باكين إن رادارات قاعدة مالاطيا هي التي رصدت الصواريخ التي انطلقت من اليمن باتجاه الكيان الصهيوني وأسقطتها الدفاعات الجوية الأميركية.

وجاء خطاب الرئيس إردوغان العنيف في اجتماع الكتلة البرلمانية لحزبه ليذكر الجميع بمقولاته السابقة التي استهدف فيها الكيان الصهيوني وحكامها بأعنف وأشد العبارات التي اعتبرته وحكامه شلة من الإرهابيين، وهو ما كرره إردوغان في خطابه الأخير، الذي جاء بعدما كذب المتحدث باسم القصر الرئاسي المعلومات التي تحدثت عن طرد إسماعيل هنية وبعض قيادات حماس من تركيا.

ووضع إردوغان النقاط على الحروف في حربه النفسية مع الكيان الصهيوني، إذ وصف “إسرائيل بأنها تتصرف كتنظيم إرهابي يقوم بعمليات قتل وإجرام وإبادة جماعية”، بعدما اعتبر حماس “حركة تحررية جهادية تناضل من أجل تحرير أراضيها وشعبها”.

وجاء كل ذلك بعد المواقف الشنيعة لمعظم الأنظمة العربية مع تزايد حجم التضامن الشعبي الكبير مع الفلسطينيين في تركيا. وقد دفع ذلك إردوغان إلى الدعوة إلى تظاهرة كبيرة يوم السبت. ومن المتوقع أن يشارك في هذه التظاهرة مئات الآلاف من المواطنيين الأتراك. وتقول المعارضة إن إردوغان لا يريد لها أن تشارك في فعاليات الذكرى المئوية لقيام الجمهورية التركية العلمانية، التي كان من المقرر أن تكون يومي السبت والأحد المقبلين.

::::::

“الميادين”

________

تابعونا على:

  • على موقعنا:
  • توتير:
  • فيس بوك:

https://www.facebook.com/kanaanonline/

  • ملاحظة من “كنعان”:

“كنعان” غير مسؤولة عن الآراء الواردة في المقالات، بل هي تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو محرري نشرة “كنعان” الإلكترونية أو تبنيهم لهذه الآراء والمواقف.

ومن أجل تنوير الناس، وكي يقرر القارئ بنفسه رأيه في الأحداث، ونساهم في بناء وعيً شعبي وجمعي، نحرص على اطلاع القراء على وجهات النظر المختلفة حيال التطورات في العالم. ومن هنا، نحرص على نشر المواد حتى تلك التي تأتي من معسكر الأعداء والثورة المضادة، بما فيها العدو الصهيوني والإمبريالي، وتلك المترجمة من اللغات الأجنبية، دون أن يعبر ذلك بالضرورة عن رأي أو موقف “كنعان”.

  • عند الاقتباس أو إعادة النشر، يرجى الاشارة الى نشرة “كنعان” الإلكترونية.
  • يرجى ارسال كافة المراسلات والمقالات الى عنوان نشرة “كنعان” الإلكترونية: mail@kanaanonline.org