القرار للميدان المتعدد وليحكم غزة أهلها، عادل سماره

  • وللحرب بعدها الطبقي

تسائل كثيرون قبيل 7 تشرين الأول: لماذا العدوان على سوريا وبشكل متكرر بينما سوريا لم تضرب قبل ولا بعد؟ وكان جوابنا بأن العدوان لا يكون إلا ضد الميدان الذي كان حينها هو الضفة المحتلة وسوريا. أما بقية أطراف المحور فهي عوامل مساعدة، وهذا اغضب كثيرين فيهم من الحماسة والتحميس الكثير خاصة وأنهم كانوا يزعمون بأن تماسك المحور وقوته بدرجة تماسك ثلاثي الثورة المضادة (كل الغرب والكيان والصهيونية العربية) وقوتها بل وأكثر. وكانوا يهزئون بمجرد ذكر المشروع العروبي.

هذا إلى أن فوجئنا ب 7 تشرين ولا تزال الأسئلة عالقة ما هو وأين العامل الحاسم أي اين الميدان؟

صحيح أن العامل الحاسم هو الميدان، ولكنه مستويات من حيث الفعل ونوعيته:

أولاً: ميدان غزة المزدوج/وهو الأساس: وينقسم إلى قسمين مترابطين تربطهما الأرض تشدهما إلى بعضهما: مقاتلون في رحمها ومدنيون فوق جلدها. والذين في رحمها هم أبناء الذين على جلدها وهم الذين يقاتلون بالدم بينما على ظهرها أهلهم يُسفك دمهم ولا يرحلون ويتركون أبنائهم. هذا الميدان المزدوج الذي لا يفهمه حكام أل 57   لأنهم على ظهر الأرض كطفيليات ولأنهم يعيشون ترف الحياة على حساب الشعوب. كما ترفض أن تفهمه بقية الثورة المضادة أو تفهمه بخبث. وللأسف بقيت غزة الميدان الأساس.

ثانياً: الميدان اللبناني: وخاصة جماعة ذو العمامة بغض النظر إن كان دورهم مهارشة للتخفيف أو تجهيز لما هو أوسع طبقاً لتطورات الميدان المزدوج. وللأسف هذا الميدان ليس جبهوياً فهو لبناني لوحده وفلسطيني لوحده، وشيعي لوحده وسني لوحده بينما جبهة الثورة المضادة تديرها السفارة الأمريكية بتعددها من كتائب، قوات، داعش، قاعدة، …الخ.

ثالثاً: ميدان المجاملات/اليمن والعراق: بداية باليمن التي لا نشك في إخلاصها شعبا ومقاتلين، ولكن لو ووجهنا بالسؤال التالي: لماذا تشارك اليمن الآن وليس قبل 7 تشرين؟ أي لماذا المشاركة مشروط توقفها بتوقف العدوان؟ أو لماذا لا تضرب اليمن من يمروا من باب المندب ولو مرة واحدة! إن لم يكن بوسع اليمن إغلاق باب المندب ولو لساعة لنرى ما سيحصل لبورصة النفط؟

وفي حين أن ميدان اليمن متضافر شعبا ومقاتلين فإن ميدان العراق يثير الشكوك: فهو سلطة تابعة بشكل مزدوج لخصمين: امريكا دمرت العراق وخلقت وعينت السلطة العميلة، وإيران باركتها! ومن يتابع تغريدات خامنئي عن سلطة العراق حيث يباركها كما سلطة إيران! ومقابل سلطة بغداد هناك قوى وتيارات سواء الحشد أو غيره والتي تتعايش مع الاحتلال الأمريكي وتنسى التركي كلياً وتربط مشاركتها البسيطة بمواصلة العدوان ضد غزة وليس ضد الضفة مع أن الضفة في الاشتباك الحاد منذ سنتين وفلسطين تحت الاحتلال منذ ثمانية عقود. وهذه القوى مختلفة بين قيادة مرجعية النجف ومرجعية قم وفي كل طرف تباين مرجعيات! ما يجب أن يكون في العراق هي قوى تقاتل لتحرير العراق ليكون مؤهلاً للمشاركة في تحرير فلسطين وليس عراقاً يقاتل بعضا منه موسمياً مع فلسطين.

رابعاً: الميدان السوري: ولا ندري؟ هل يقاتل بصمت؟ ولذا يتعرض دائماً للعدوان؟ وهل العدوان هو كي يستعيد العدو اعتباره بعد هزائمه وإخفاقاته في العشرين سنة الماضية؟ ولماذا يواصل العدوان ضد سوريا مع أن إعادة الاعتبار تتحداه في غزة. هل تقاتل سوريا بصمت إلى جانب صبرها على كيانين صهيونيين على ارضها الكرصهاينة وإرهابيي إدلب ناهيك عن العدو التركي وتقود كل هؤلاء البنتاغون. تخيلوا أن يكون في مؤتمر الرياض العدو التركي ويكون الرئيس السوري!!! ماذا سينتج عن هذا غير سفاح مرفوع لقوة 57 ! وإذا كان العدو يضرب قوات إيرانية في سوريا، فالرد يجب أن يكون من البلدين! ومع ذلك إن ضرب مواقع العدو في سوريا والعراق ومن سوريا والعراق هو نهج صحيح تماماً ولكن يجب أن يتواصل حتى التحرير.

رابعاً الميدان الإيراني: من يتابع تصريحات وزير خارجية إيران التي تؤكد بالإنجليزية أن إيران لم تدرب ولم تسلح ولم تمول اية م.ق.ا.و.م.ة. أما تغريدات خامنئي منذ 7 تشرين وكذلك ما تنشره صحيفة كايهان فهي دعوات عامة بأن ينتصر المسلمون لفلسطين وهو أقرب للابتهال.

بينما قبيل 7 تشرين كان الحديث عن قوة المحور وقدراته وامتلاك اسلحة كذا وكذا وخاصة صاروخ قاسم سليماني المخصص ضد الكيان…الخ.

طبعاً هذا لا ينفي أن إيران قدمت السلاح بالمشاركة مع سوريا وقدمت التمويل للمقاتلين، هذا وإن كانت تربح الكثير من العراق على الأقل في ما نسميه التبادل اللامتكافىء.  ومع ذلك هي متقدمة على الصهاينة العرب، ولكن دون تضخيم لدورها وخاصة من المهرجين. وليس واجب إيران تحرير اي شبر عربي.

خامساً: الميدان الشعبي العربي: لقد اثبت الشارع العربي أنه إذا ما تمكَّن من القول فهو مع فلسطين ومع وحدة عروبية. ولكن التجمع في الساحات لم يعد مجديا لأنه ضمن سقف تسمح به الأنظمة العدوة للأمة ولأن تناقض الشعب مع السلطات تناحرياً، فإن هذا النشاط يخدم الأنظمة وإن كان هدفه خدمة فلسطين. أي أن على الشارع أن يستمر هكذا لكن عليه خلق مفارز ضرب مصالح الأعداء بكل وسيلة وضمن ذلك يضرب مفاصل سلطة الدولة القطرية اي حرب الشعب الدائمة وليس الموسمية.

صحيح أن الشارع بلا قيادة، ولكن هذا لا يعني استحالة فرزها. والتاريخ حافل بمبادرات ولن نذكر سوى خالد بن الوليد في معركة مؤتة (سيف الله المسلول).

سادساً: الميدان الشعبي العالمي والذي انتصر للحق بشكل رائع مما يؤكد أن الإنسان بلا مصالح هو الحقيقي وبأن الحرب على فلسطين هي حرب الطبقات حرب راس المال. هذا الحراك يؤكد تناقض الشعبي والرسمي على صعيد معولم.

الميدان والعدوان المضاد

وهذا يشرح نفسه حيث أتى الغرب بقضه وقضيضه وفتحت له الأنظمة الصهيوعربية قواعدها وأجوائها واختتمت ذلك يوم 11 تشرين حيث حصرت دورها في الترجي والتذلل وكان هذا مثابة إهداء نصر للكيان في مواجهة وضد نصر 7 تشرين. فقد أوضح 7 تشرين أن هذه الأنظمة تخشى تمدد هذه الظاهرة إلى الوطن الكبير تماماً كما خشيت تمدد انتفاضة 1987.

الأساس الحقيقي لهذا الموقف “الموحد على الخذلان” هو الأساس المصلحي الطبقي. خليط طبقات رأسمالية كمبرادورية وطفيلية وتابعة وبعضها شبه تنموي. هذا ما يوحدها اي مصالحها الطبقية في السلطة والسلطان مما أكد أنها تستخدم الشعارات القومية وحتى الطائفية أو حتى الدين لتغطية أساس موقفها الطبقي الرأسمالي.

قد يكون هذا الانكشاف، بل هو حقا، أمر هام لقادم الأيام بغض النظر عن مصير الحرب وعن فرز من يقود حرب الشعب ذات زمن ليس ببعيد ضد ثلاثي الثورة المضادة بدءاً بالأنظمة والتي يعني سقوطها سقوط الاستعمار/الإمبريالي الذي يتجدد في الوطن العربي خاصة وحين يتم الانتصار على الأنظمة الرأسمالية وعلى الإمبريالية يستسلم الكيان ربما دون قتال حيث يكتشف نفسه عاريا بين قلعتي الحماية وقد انهارتا كأية بناية يهدمها الكيان في غزة في لحظات.

متى هذا؟ لن يُجيب عليه سوى من يفهم التاريخ.

من يحكم غزة؟

سؤال وقح بلا شك، وهو حتى الآن على الأقل أقرب إلى الحرب النفسية يمارسها الأعداء بزعم أنهم سيكسبون الحرب! فلم تُحسم الحرب، وربما لم تبدأ الحرب الفعلية لأن ما يدور في أغلبه طائرات وصواريخ ضد أجساد عارية حتى من الملابس فهذه ليست حربا بل إبادة ومع ذلك يتمسك الدم فوق الأرض بأبنائه في رحمها.

وباختصار، مهما كانت النتائج، لن يحكم غزة غير أهلها حتى لو بقايا أهلها وكل ما يجب أن يكون هو: أن لا يفعلها فلسطيني فيقع في إغواء الثورة المضادة.

_________

ملاحظة من “كنعان”: “كنعان” غير مسؤولة عن الآراء الواردة في المقالات، بل هي تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم … تابع القراءة ….