من يحكم أمريكا وما الرد على غزوها لسوريا؟ عادل سمارة

تنتقل امريكا من قيادة الحروب أدواتها في  وضد سوريا إلى دس اصابعها على الأرض. وكعادة الإمبريالية تتحدث بوقاحة عن منع الجيش العربي السوري من الاقتراب من مواقع قواتها الغازية المباشرة. هذا التطور يدفع إلى التذكير بثلاثة ملاحظات:

الأولى: من الذي يحكم أمريكا؟  طبعا بعيدا عن التحليلات العاطفية البسيطة بان الصهيونية و/أو اليهود يحكمون امريكا والتي لا تأخذ بالاعتبار أن الكيان (أو إسرائيل الثلاثية)

(إسرائيل الاستيطانية في فلسطين،

 و(اسرائيل) المخزون الديمغرافي من أتباع الديانة اليهودية في العالم مرشحي الاستيطان

 و (إسرائيل) القوة المالية أي حصة اليهود في رأس المال المالي المعولم.

الثلاثية هذه هي جزء من منظومة راس المال المعولمة وليست ابدا رأسها او قيادتها وهذا سر المبالغات في التحكم المالي لليهود بامريكا وهي مبالغة تنتهي إلى عدم إبصار حقيقة أن الكيان بكل ما لديه من دعم وإمكانات هو كيان وظيفي من العملاء للإمبريالية من رئيس الوزراء وحتى آذن المدرسة.

المهم ان من يحكم أمريكا هي الشرائح/ النخب التالية وهي التي تشكل الدولة العميقة التي بعمقها لا تتغير من رئيس لآخر سوى شكلانيا:

شريحة الإدارة السياسية في البيت الأبيض والكونجرس وهم بين مالكين ومساهمين وممولين من الشركات الكبرى.

شريحة المجمع الصناعي العسكري التسليحي (الشركات طبعا)

شريحة الرأسمالية الصناعية المدنية (الشركات)

شريحة قوى الدين السياسي (اليهو سيحية)

شريحة النخب الفكرية والثقافية والأكاديمية  Think Tanks وواجهتها شركات الإعلام.

بكلام موجز الدولة محكومة من وفي خدمة الشركات الكبرى.

الثانية: من هي النخب التي تقود سياسات امريكا الخارجية؟  هي الجزء الأساسي من الشرائح أو النخب أعلاه وهي تحديداً:

إدارات الشركات مدنية وتسليحية

القيادات العسكرية العليا

وكلتيهما مندغمتين معا، وبنسبة أقل تندغم معهما الشرائح الأخرى.

وهنا يجدر الانتباه إلى أن امريكا عبر ملكيتها معظم كبريات الشركات في العالم تمثل:

قيادة وقرار رأس المال المعولم

موقع تركز رأس المال المعولم في امريكا نفسها. وهذا التركز من مهامه توفير فوائض مالية للخدمات الاجتماعية والتأمينات مما يقود إلى تخدير الطبقات الشعبية حتى وقت ارتفاع نسبة البطالة.

هذه النخبة الثانية هي التي تفجر الحروب وتقودها على الصعيد العالمي ومن ضمنها غزو العراق، تدمير ليبيا وتدمير سوريا.

واليوم، وها هي امريكا توسع من غزوها لسوريا، يجدر التذكر بأن ترامبو هو من الحزب الجمهوري الذي يمثل صفوة تفكير ومصالح راس المال بشقيه التسليحي والمدني حيث الحروب هي ليست فقط المخرج من الأزمة الاقتصادية الداخلية، بل الحروب هي صناعة وشغل راس المال وصولا للهدف الأساس لراس المال وهو الربح بلا سقف. أي ليست الحرب لأجل الحرب ولا التوسع الجغرافي وسحق حيز وسيادات وثقافات الدول بل كل هذه يتم سحقها لأجل ذلك الربح اللاسقف له. من المهم التذكير هنا بامرين:

*    الأول: أن غزو أمريكا ضد العراق في الكويت 1991 كان للشركات التسليحية مراسلين في الدبابات ألأولى للغزو كي يقدموا تقاريرا عن فعالية الأسلحة.

* والثاني: أن امريكا ترامبو  التي تطالب توابعها النفطيين ب 18 مليار دولار كأتاوة مفروضة علي هاتيك التوابع  مقابل إعادة احتلال امريكا للكويت، كانت أمريكا قد فرضت على اليابان دفع نفس المبلغ لأنها لم تشارك عسكريا في الغزو (طبقا لأكذوبة دستورية أن اليابان لا ترسل جيوشا خارج أرضها)

والثالثة: ما هي قوى الرد العربي؟

وهذه هي القضية الشائكة. طبعا أول ما يتبادر لذهن القارءى بأن الجيش العربي السوري وحلفائه حزب الله والقومي السوري والحرس العربي الثوري وطبعا إيران وروسيا، طبقاً لدرجات العلاقة، مثلا حزب الله شريكا لأنه من سوريا الكبرى، إيران حليفا وروسيا صديقا…الخ. نعم إن ما يتبادر للذهن صحيحاً.

ولكن، أعتقد ان موقف ماوتسي تونغ شديد الحضور هنا، إنها حرب الشعب طويلة الأمد. صحيح ان ماو كان يقصد حرب الغوار التي ترتكز على الفلاحين في الأرياف وإن كانت تقوده طليعة الطبقة العاملة. لكن هذه الأطروحة لا بد من توسيعها بل السماح لمدياتها بأن تأخذ طريقها.

لا بد من القدرة على استعادة الجماهير من ايدي الثورة المضادة وذلك على صعيد عربي وليس سوري وحسب. والاستعادة تعني الحماية الشعبية للوطن والتنمية والثقافة. ذلك لأن حرب الشعب ليست فقط في الميدان القتالي، بل في كل مستويات الحياة.

في اللحظة يصبح المطلوب من الشارع العربي الاشتباك مع مفاصل مصالح (مستعمرات) الثورة المضادة الكيان،  والأنظمة العربية المعادية للعروبة،  والدول الداعمة للكيان. يكون هذا بالمقاطعة ومناهضة التطبيع وتصفية تلك المصالح. وهذه حرب على مستوى خطير آخر هو مرض الاستهلاكية والتقليد والاستعراض.

بإيجاز، فإن رمي العبء على المقاومة وحدها هو أمر خطير وهو هدية للثورة المضادة. صحيح أن هذه المهمة صعبة وقاسية، ولكن التصدي للأعداء لتعددهم يجب أن يمتد من المحيط إلى الخليج وفي الحياة اليومية للناس.وصحيح أن استعادة الشارع وخاصة الطبقات الشعبية أمر صعب ولكن لا خياراً سوى هذا الخيار.

ربما نختم بقضية مفصلية وهي أن معظم الأنظمة العربية معادية للوطن، ولذا، لا بد من الشغل على فك الشعبي عن الرسمي لحصول الطلاق الشامل والذي يعني التناقض التناحري مع الأنظمة/الطبقات الحاكمة.

_________

الآراء الواردة في المقالات تعبر عن رأي أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو محرري نشرة “كنعان” الإلكترونية.