في عمان/السور الشرقي للكيان: صراع التسوية والمقاومة

عادل سمارة

كل هذا الحضور… ولم يغب سوى الشعب والأمة!!!

وحدها اجهزة الاستخبارات المشتركة بين الدول والتنظيمات التي خرج منها “لقاء عمان” وحدها التي تعرف تفاصيل محاولات الإجهاز على فلسطين والمشرق العربي. ولكن ما بوسعنا قوله أن هناك خططاً وسيناريوهات للإجهاز. وليس شرطاً أن يتم النجاح في تطبيق واحد منها بحذافيره. فقد تعودنا في سياسات المؤامرات والخطط الإمبريالية أن تعطي مقاوليها ومتعاقديها المحليين فرصة تعديل هنا او هناك أو إدخال سيناريو في آخر. هذا تحليل بالطبع.

شاهِدُنا في هذا هو ما خبرناه منذ زمن سابقينا. ولأن هذه العُجالة ليست تأريخاً، نكتفي ب:

كما كتب الراحل إدوارد سعيد (في كتابه غزة اريحا بالإنجليزية) أن سايروس فانس حمَّله رسالة “سلام” إلى ياسر عرفات 1979 لاحظوا تصالح الثقافة والبندقية والإمبريالية. ولذا فسعيد لاحقا 1991 حمل إلى امريكا ممثل عرفات ياسر عبد ربه!!! والذي بقي عقله وقلبه هناك.

عام 1973 بادر نايف حواتمة برعاية صلاح خلف وابو عمار بطرح السلطة الفلسطينية في المحتل 1973، لاحظوا تطعيم مشروع البرجوازية البيروقراطية والكمبرادورية “بماركسية” من لون خاص!!!

عام 1979 حج السادات إلى القدس المحتلة ولم تقطع منظمة التحرير علاقتها به

في سنواتها الأخيرة في لبنان تحولت منظمة التحرير إلى جهاز دعاوي تمهيدا للخروج من لبنان إلى تونس

جاءت الانتفاضة الأولى كمدخل فلسطيني شعبي للرد على هذا الانهيار فتم احتوائها وتسخيرها كي يكون وليدها الحكم الذاتي أي ضمن بطن الكيان الصهيوني.

حتى خلال الانتفاضة كان مثقفو التسوية والاعتراف المبكر بالكيان (اي التحريفية السوفييتية في فلسطين) يطرحون بواكير ما نراه اليوم (المهندس إبراهيم الدقاق يطرح وحدة بر الشام 1991 أي وحدة سوريا والأردن وإسرائيل والضفة والقطاع ولبنان). (انظر ردي في كتابي التنمية بالحماية الشعبية 1991). هذا السناريو السياسي عاد وكرره كثير من مثقفي الطابور السادس الثقافي من غير اليسار ايضا. رجا الخالدي قدم ورقة في مؤتمر ماس 2004 اقترح وحدة اقتصادية بين (إسرائيل والضفة الغربية وقطاع غزة وفلسطينيي 1948). وهو اليوم بطل النضال ضد النيولبرالية من اجل العودة إلى اللبرالية!!!

تم 1993 اتفاق أوسلو الذي يؤكد تنازل منظمة التحرير عن المحتل 1948 تماماً بلا مواربة. وتشريع سيطرة الكيان على الضفة والقطاع. تبع ذلك وقف الانتفاضة ووقف المقاطعة وتعميم التطبيع.

باختصار، بعد أوسلو أصبحت اية اضافة مجرد تفصيل بمعنى أنه تم الإجهاز على جغرافيا فلسطين، إنه كما يقول الجغرافيون الماركسيون “سحق الحيز” بل إنه صهر وإعادة صهر الحيز الفلسطيني حتى التذويب لصالح الدولة اليهودية الخالصة.

كيف؟

1-    جغرافياً

أولاً: تأكيد حيازة الكيان الصهيوني الإشكنازي على ما اغتصبه 1948 تأكيداً تاماً على يهودية الكيان

ثانياً: ما يُفهم من “لقاء عمان” هو رش بقايا جثمان الحيز الفلسطيني على سيناريوهات جميعها مثابة محيط يهودي للمركز اليهودي اي الكيان في 1948 بمعنى:

·         فدرالية صهيونية اردنية عليها قشرة فلسطينية باسم الضفة الغربية، اي وطن بديل معدَّل.

·         اختبار إمكانية إلحاق قطاع غزة بهذه الفدرالية بالإغواء أوالسحق

·         و توسيع غزة في سيناء او توحيدها مع سيناء سواء برضى الخليط الحاكم في مصر أو رغم أنفه. (وهذا سيناريو الجنرال الصهيوني المتقاعد جيؤورا أولاند 2007. سبق هذا مؤتمرات وابحاث اجراها مركز ابن خلدون في مصر بقيادة سعد الدين إبراهيم وبتمويل وتوجيه امريكي تركز كثير منها على الإثنيات والجهات والطوائف ومنها ان سيناء ليست مصرية!!!

ثانياً: سياسياً: تمثيل سياسي فلسطيني عربي لتمرير هذا المشروع ب:

·         وجود واضح لمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلا في رئيس سلطة الحكم الذاتي ومنظمة التحرير” …وأن تجمعوا ما بين الأختين” ولكن دون إكمال الاية الكريمة: ” إلا ما قد سلف”. وهو وجود سوَّقه عزام الأحمد بحماسة من يعلن تحرير يافا.

·         الغياب الشكلي لبقية الفصائل مما يؤكد حضورها الفعلي. والتحدي هو ولو متأخراً: هل تعلن الخروج من منظمة التحرير كي تتحرر لصالح منظمة فتح؟ لأن منظمة التحرير كما يتضح كل يوم هي فتح.

·         وجود منظمات الأنجزة والتطبيع الفلسطينية ممثلة في مصطفى برغوثي الذي حين يزور مسؤول امريكي الضفة الغربية يلتقيه قبل ابو مازن. ووجود حنان عشراوي ممثلة للأنجزة النسوية والتطبيع مع الصهاينة منذ 1974 (لا أدري متى سراً).

·         تمثيل مؤتمر أريحا في شخصية طاهر المصري (فلسطين/أردني)

·         تمثيل الأردن فايز الطراونة

·         تمثيل الشيعة إياد علاوي، أما السنة فلا حصر لها ويكفي الوهابية

·         تمثيل كامب ديفيد عمرو موسى

·         وغيرهم.

إذا كان المشهد مكتملاً هكذاعلانية، فكيف سراً؟

نضع هذا في ذمة نتنياهو وكيري بل مخابراتهما.

ولكن،

كل هذا في كفة وصمود المقاومة والممانعة في كفة أخرى. إنه صراع المقاومة والتسوية.