بحبك يا لبنان !

ثريا عاصي

صورة في حديقة منزل سفير آل سعود في بيروت. يبدو أن الأخير أقام مأدبة طعام حضرها أصحاب الشأن على الساحة اللبنانية جميعاً، باستثناء ممثلين عن حزب الله. الذي من المرجح أنه لم يدع، فآل سعود يعتبرونه «منظمة إرهابية» . هذا لم يمنع شركاء الحكم في لبنان من تلبية دعوة سفير آل سعود .. المبادئ مطاطة في لبنان، الضرورات تبيح المحظورات!
تذكرنا هذه المأدبة السعودية، بمأدبة أقامتها الوزيرة الأميركية أثناء الحرب الإسرائيلية على لبنان في تموز 2006، في سفارة بلادها في بيروت، دعت إليها أنذاك أقطاب الحكم الذين قادوا «ثورة الارز» عقب اغتيال الرئيس رفيق الحريري في 14 شباط 2005. شرح الخطة وأمر مهمة!
وتذكرنا هذه المأدبة أيضاً، بمؤتمر مدينة الطائف. الذي دعا إليه آل سعود، جميع أعضاء المجلس النيابي اللبناني باستثناء النواب ريمون إدة، ألبير مخيبر، وأميل روحانا. (تغيّب الثلاثة لأن المجلس النيابي يخون رسالته عندما ينعقد تحت رعاية آل سعود). كان ذلك في أيلول 1989، حيث تمخض المؤتمر عن «اتفاقية الطائف» المشهور التي يمكن اعتبارها، إلى درجة ما، حلاً وسطاً، أو صفقة، بدل اتفاقية 17 أيار 1983 بين الحكومة اللبنانية (الرئيس شفيق الوزان) في عهد الرئيس أمين جميل من جهة وبين الحكومة الإسرائيلية التي كانت قواتها تسرح وتمرح في بيروت!.. يحسن التذكير هنا بأن المجلس النيابي اللبناني اجتمع، في العاصمة اللبنانية عندما كان الإسرئيليون يحتلونها، وانتخب الشيخ بشير الجميل رئيساً للجمهورية، ثم انتخب بعد إغتياله، أخاه الشيخ أمين الجميل خلفاً له.
ما أود قوله في هذا السياق هو أن الرأي عندي ان اتفاقية الطائف جعلت لبنان دولة تابعة بالكامل لآل سعود، لولا إعتراض شكلي من جانب حزب الله، المدعوم من ايران وسورية، كون هذين الطرفين وافقا على» صفقة « الطائف. ربما كان مرد ذلك إلى ذكاء وحنكة الرئيس رفيق الحريري! دفع هذا الأخير الثمن سنة 2005، ولا تزال سورية منذ 2011، تسدد فاتورة إفلاتها من المصيدة التي لم ينج منها العراق !
أصل بعد هذه التوطئة إلى السؤال الجوهري: ماذا يعني إجتماع شركاء الحكم في لبنان، جميعهم، أو أغلبيتهم، حول طاولة وزير أميركي، أو حاكم أميركي، أو حاكم إسرائيلي، أو سفير آل سعود؟ نتج في الماضي عن مثل هذه الندوات إتفاقيات ودساتير معروفة وتوكيل أو «أمر مهمة « كما جرى في حرب تموز 2006 .. أو توافق على رئيس جمهورية (في لبنان ديمقراطية توافقية: يتم الإتفاق على اسم أو اسماء الفائزين، قبل الإنتخابات. هذه تكون عادة شكلية من أجل تأكيد ما اتفق عليه) . ينجم عنه أنه يحق لنا أن نتساءل عن الإتفاقية التي تدل مأدبة سفير آل سعود على أنها توشك أن تنضج .. هل هي على شكل «خيَالٍ» يـُنصّب رئيسا للجمهورية أم على وسيلة من أجل لف الحبل حول عنق حزب الله؟! بحبك يا لبنان، يا وطني بحبك!