أصداء المعارك في سوريا واليمن مُتناقضة في القاهرة وعمان

ثريا عاصي

قرأت عن حملة عسكرية يجري إعدادها في الأردن بقصد اختراق الحدود السورية واحتلال جنوبها وصولا إلى دمشق..
حملة ضخمة؟ ماذا يعني ذلك… هل هناك حشود في الجانب الأردني استعدادا لاختراق الحدود… ام ان هذا الاختراق حدث فعلاً؟ وان الصواريخ أُخرجت من مخابئها… أم ان الحديث يدور حول مشروع محتمل؟ وهذا المشروع محتمل حقاً. يعرف الملك الأردني  انه ليس اللاعب الحقيقي  وإنما هو يحرك الأحجار بحسب الأوامر التي يتلقاها من خلال سماعة في الأُذن… وربما يعرف أيضاً ان اللعبة تتضمن أخطاراً ولكن ما العمل؟
من البديهي ان الاردن موجود في منطقة الاعصار. يعلم  الملك ذلك  وليس مستبعداً انه أمّن لنفسه وعائلته مكاناً يمضي فيه فترة التقاعد…
هذا كله وارد ومحتمل… ان اغتيال الصحافي والكاتب الأردني ناهض حتر لم يكن بسبب رسم كاريكاتوري، بل كان على الأرجح إنذاراً للوطنيين الأردنيين بأن البلاد موضوعة تحت قانون الطوارئ وبالتالي فان الحريات مصادرة والنشاطات أيضاً… اغتيال ناهض حتر يشبه أمراً من الحاكم العسكري…
ولكن اذا كانت هذه الاحتمالات كلها جدية ومطروحة أمام الذين يحتلون مواقع المسؤولية في الجانبين السوري والأردني، فما يهم هو ما هي في المقابل الإجراءات المتخذة  في الجانب السوري.
هنا ينهض سؤال، لماذا توترت العلاقات فجأة بين مصر من جهة وبين السعوديين من جهة ثانية؟ هل لأن مصر صوتت مع فرنسا ومع روسيا في الوقت نفسه، اي انها أعلنت في الواقع حيادها… أو شيئا من هذا؟ أنا لا اعتقد ذلك. لا شك في ان الخلاف سبق جلسة مجلس الأمن وانه أعمق من التصويت على قرار كان لن يمر لا بمصر ولا بدونها. ما طبيعة هذا الخلاف إذاً؟ هل هو على علاقة بالحرب اليمنية؟ أم هو مرتبط بالحرب على سورية؟ ولكن اذا كانت مصر لا توافق على شراء السعودية حرباً جديدة على جنوب سورية انطلاقاً من الأردن فمن المحتمل أن ذلك سوف يعقّد مهمة الحاكم العسكري الأردني ولن يكفي اغتيال ناهض حتر في إزالة جميع العوائق الوطنية التقدمية الأردنية من طريقه. ثم لا مفر في هذا السياق  من السؤال عن الأسباب التي دفعت مصر إلى الاعتراض على السياسة السعودية، علماً ان مصر تحتاج للمعونة السعودية الاقتصادية، لا سيما ان هذه الاخيرة لا تتردد في إشهار سلاح البترول ضد العرب فقط.
ينبني عليه ان الخلاف بين مصر والسعودية ليس مرده إلى الاقتصاد، و إنما الى الأمن القومي، بمعنى ان مصر استشعرت خطراً يهددها في عقر دارها… اي في سيناء… هل عقدت حكومة الاخوان المسلمين في مصر صفقة بشأن سيناء في إطار «الوطن البديل» لسكان قطاع غزة؟ وهل تخشى مصر من إقامة وطن بديل ثان في جنوب سوريا وجنوب شرق العراق وشرقي الأردن؟ لماذا يُطلب من الأردن الهجوم على دمشق، أمن أجل احتلالها أم من أجل تدميرها؟ مملكة الوطن البديل… ستكون أردنية أم سعودية؟
صارت السعودية تزايد في هذا الزمان على مصر في القضية العربية… الصومال والسينغال أقرب إلى  العرب السعوديين من المصريين بحسب الناطق السعودي وهذا صحيح…
تجدر الإشارة هنا، ان هذا كله يجري بموازاة اجتماعات في مدينة  لوزان السويسرية حيث يتناقش المؤتمرون هناك وهم ليسوا سوريين في مسألة سورية وفي غياب السوريين!
وأخيراً إذا كانت عين العثمانيين على حلب، فهل يدعي ولي الولي أحقية تنصيب والي دمشق؟ في الواقع  صار من الصعب علينا في الظروف الراهنة، أن نعرف ما إذا كان المؤتمرون في سويسرا للبحث في المسألة السوريين في غياب الدولة السورية، يريدون مواصلة الأدوار التي يؤدونها أم أنهم  يحاولون إيجاد مخرج لوضع حد لها.
لا شك عندي في ان الدولة السورية تناضل من أجل وحدة سورية ومن أجل سوريّة حلب… وفي المقابل استطيع القول ان المعارضات السورية التي تغطي عملياً تدخّل أميركا وتركيا والسعودية في شؤون سورية.. هذه المعارضات ليست وطنية بل هي متعاونة مع أعداء سورية، يتجسد ذلك في لوزان في موقف عرابينها الذين يرفضون سوريّة حلب.
بمعنى آخر، السوريون ونحن في لبنان معهم طبعاً، أمام خيارين : السلطة السورية الحالية + سورية. اما
الخيار الثاني، فهو معارضات وشراذم إجرامية تعيث في البلاد السورية فساداً.

:::::

“الديار”

  • ·       الآراء الواردة في المقالات تعبر عن رأي أصحابها حصراً ولا تعبر بالضرورة عن رأي نشرة “كنعان” الإلكترونية أو محرريها ولا موقع “كنعان” أو محرريه.